حول قوله تعالى { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى }

عمر احمد

New member
إنضم
20/02/2013
المشاركات
707
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
العمر
59
الإقامة
الامارات
{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260) } (سورة البقرة )

عند الابتلاء قد يقع الحزن والخوف على الانبياء عليهم السلام فهم اشد الناس ابتلاء، ولكن ايمانهم عليهم السلام ، ايمان لايعلم قدرة إلا الله سبحانه وتعالى ، ايمانهم عليهم السلام ، ايمان عظيم راسخ ، ولا أعلم دليلا صريحا واحدا يخبر عن نقص او زيادة ايمان الانبياء عليهم السلام ، وإن تفاضلوا في الرتب ، فالله وحده سبحانه وتعالى من يخلق ويختار ، ولكن خوفهم وحزنهم أخبرالقران عنه في اكثر من اية ..

1- { وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84) } (سورة يوسف )
2- { وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88) } (سورة الحجر )
3-{ وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ (33) } (سورة العنْكبوت)
4-{ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ (70)} (سورة هود)
5- { قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21) } (سورة طه )
6-{ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) } (سورة النمل )

اذن ماطلبه ابراهيم عليه السلام ، هو السكينه والطمانينة التي تذهب حزن القلب وخوفه ، فهو لتوه خرج من مناظرة ، مع الملك الظالم ، فاصابته شده وحزن لإمر ما .. فطلب من الله سبحانه وتعالى هذه الاية ، للسكينة المنافيه للخوف والحزن وليس لزيادة الايمان ، فايمانه عليه السلام ، ايمان عظيم فيه كل اليقين لقوله تعالى { وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) } (سورة الأَنعام ) وهذه كانت اول شي وهو في قومه .
طلب عليه السلام سكينة وطمانينة كقوله تعالى { وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) } (سورة آل عمران ). وفي المعارك يظهر الخوف والحزن ، الان أنتبه لختام الاية السابقة كانت باسمين من اسماء الله الحسنى وهما ( العزيز الحكيم ) نفس الاسمان ختم بهما اية 260 (البقرة) ، عند استجابته سبحانه وتعالى لطلب ابراهيم عليه السلام ( وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260) وقوله تعالى ({ وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (65) } (سورة يونس ) ، والخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام ولكن لاحظ ارتباط مجاهدة النفس ومسكها عن الحزن ، بالعلم أن العزة لله جميعا .


ملاحظة :
وقوله سبحانه وتعالى لابراهيم عليه السلام ( اولم تؤمن ) سؤال إستفهامي، والله سبحانه وتعالى أعلم بحاله ، كقوله لموسى عليه السلام { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) } (سورة طه )

وان قال قائل ماتقول في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام في الصحيح (نحنُ أحقُّ بالشكِّ من إبراهيمَ ) ، اقول : يفهم من حديث رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام ، أن طلب ابراهيمعليه السلام لإية احياء الموتى ، لم تكن شك أبدا ، فالحديث ينفى الشك عن ابراهيم عليه السلام مطلقا ، والمعروف أن الشك يتعلق بالايمان واليقين فدلنا ذلك على أن طلبه عليه السلام كان يتعلق بامر أخر وهو إسكات ما اصابه من الحزن أو الخوف .


والله اعلم
 
يبقى سؤال : ماهو السبب الذي جعل ابراهيم عليه السلام يسأل ربه أن يريه كيف يحيي الموت إبتداء ؟ في المشاركة السابقة عرفنا أن اية احياء الموتى كانت لإبراهيم عليه السلام بمثابة طمأنينة تضاد الحزن الذي الم به، ولكن لماذا حزن ابراهيم عليه السلام هذا الحزن الشديد الذي جعله يسأل مثل هذه الاية التي لها علاقة بالموت والحياة ، هل لانه فقد شخص عزيز عليه ، لا استبعد هذا السبب .. ولكن لماذا ..
اولا : نرى يعقوب عليه السلام (ابراهيم عليه السلام هو جده )، يكن محبة شديده لابنه يوسف عليه السلام ، لدرجة أن الحزن على فراق ابنه ، اذهبت بصره ، بمعنى أن رقة القلب والحب الشديد للاهل والاقارب غير بعيدة من خليل الله ، ابراهيم عليه السلام .
ثانيا : نجد قصة ابراهيم عليه السلام معطوفه على قصة (الذي مر على قرية )
ونجد الشبه في هذا السؤال ؟ ماهو اول شي يشعر به المار على قرية خاليه من اهلها ومهدمة الجدار، هو الحزن (وما تثيره الاطلال في النفوس أمر فطري ونجده كثيرا في اشعار العرب ) ، وهناك أحتمال أخر يبرر الحزن الشديد وهو أن (الذي مر على هذه القرية ) كان يعرف أهلها ...فاصابته رقة ولمكانته عند ربه ، سأل الله أن يحيهم بسؤال الكيف والتأدب كذلك مع الله في طريقة الطلب ، قائلا كما ذكر الله سبحانه وتعالى عنه ..
{ قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا } (سورة البقرة 259)
{ قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ } (سورة آل عمران 40)
فهذه ليست شكا من زكريا عليه السلام في قدرة الله ، ولكنه سؤال عجب من إزالة للمتعارف عليه من الاسباب ومعرفة الكيف بمعنى الرغبة في العلم كيف ينجز مثل هذا الامرويتم .
{ قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ } (سورة آل عمران 47)
وهذه ايضا ليست شكا من مريم رضى الله عنها ولكنه كالسابق .

الشاهد هو الحزن الشديد والرقه التي أصابت (الذي مر على القريه ) ، فطلب هذه الاية من الله سبحانه وتعالى ، والاختلاف في نظري بينه وبين قصة ابراهيم عليه السلام في التحديد ، ابراهيم عليه السلام اطلق ولم يحدد ويختار الطريقه ، ولكن ( الذي مر على القرية ) اختار أهل هذه القرية أن يكونوا الاية ، ولكنه لم يكن يعلم حقيقة ما اصاب أهل هذه القرية ، أو يعلم وطلب لهم هذه الفرصة الثانية ،والظاهر من الايات أن هلاكهم كان بسبب أختلافهم على نبيهم، و بدليل مفرده ( خاوية ) لم تقع في القران إلا لعذاب الهلاك . ، فبين له سبحانه وتعالى هذا الكيف وقدرته على الاحياء ، بإماتته مائه عام والقصة ولم يجب دعوته الاولى ..

ملاحظة :
اولا : يقول المفسرون أن (الذي مر على قريه ) هو عزير ، وبعضهم قال ارميا نقل هذا الاختلاف الطبري رحمه الله ، ورجح أن لافائده ترجو من تحديد الاسم .
ثانيا :وجدت في القران الكريم اية واحده فقط تبين سبب عدم إجابة دعوته الاولى وهي إحياء اهل القرية وهذه اجتهاد مني (والله أعلم ) ..
هي قوله تعالى في سورة الانبياء ({ وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95) } (سورة الأنبياء ) . حرام بمعنى : وجب ، كقوم نوح وعاد وثمود فلا عود لهم للحياة الدنيا


والله اعلم
 
السلام عليكم
رؤية إبراهيم عليه السلام كيفية إحياء الموتى زادته هدى، فمصدر الطمأنينة هو الهدى، فكلما زاد الهدى زادت الطمأنينة ، فبعد أن كان إيمان إبراهيم إيمان غيب أصبح إيمان شهادة ، فأصحاب الكهف كان إيمانهم إيمان غيب فزادهم الله هدى بأن أراهم آية في أنفسهم شبيهة بآية إحياء الموتى ، فتحول إيمانهم من إيمان الغيب إلى إيمان الشهادة.
إذا فالطمأنينة هي نتاج الهدى، مثال على ذلك قوله تعالى:
ما أنزلنا عليك القرءان لتشقى. = طمأنينة
إلا تذكرة لمن يخشى. = ه​دى
 
الآيات من آية الكرسي إلى هذه الآية هي من سورة البقرة كمثل بعض اللحم من بقرة بني إسرائيل الذي ضرب به قتيل بني إسرائيل فأعاده الله إلى الحياة، لقد سميت هذه السورة بالبقرة لتشابه القصد، فبنوا إسرائيل طلبوا الهدى إلى الحق في قضية القتيل، فكانت البقرة هي وسيلة الهدى بعد ذبحها وضرب القتيل ببعضها، كذلك الكتاب العزيز افتتح بطلب الهدى إلى الحق في سورة الفاتحة، فجاءت بعدها مباشرة سورة الهدى (البقرة) التي تضمنت آية الكرسي التي هي أعظم آية في القرءان بدليل الآية التي جاءت بعدها (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) ، فلا إكراه بعد البينة، فآية الكرسي هي البينة الحكيمة التي يضرب لها المثل بما يناسبها في العظمة من البينات الحسية ، وهي آية إحياء الموتى، لذلك جاءت بعدها ثلاث حالات لإحياء الموتى، وتلك هي الفرضيات الثلاث الممكنة لردود أفعال الناس حين تأتيهم البينة:
1 إما أن ينكرها ويجحدها ظلما وعدوانا بعدما استيقنتها نفسه، وضرب المثل بالذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت...
2 أو يؤمن بها بعد أن جاءه من العلم ما لم يكن عنده قبلها فيزيل من قلبه الشك ويعلم أن الله على كل شيء قدير، وضرب المثل بالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها....
3 أو يكون مؤمنا إيمان غيب فتأتي البينة لتثبت صحة اعتقاده فيرتقي إيمانه من الغيب إلى إيمان الشهادة، وضرب المثل بإبراهيم إذ قال رب أرني كيف تحيي الموتى..
 
اخي . ابوعلي ..
فيرتقي إيمانه من الغيب إلى إيمان الشهادة
تقصد يرتقي ايمانه من الشهادة الي الغيب ، ولكني لا ارى صحة مثل هذا الكلام لذلك كانت ، المشاركة الاولى مني ردا على من فصل وتكلم في ايمان الرسل والنبيين عليهم السلام وانه يرتقي من الشهادة الي الغيب ، وان قال به بعض المفسرين رحمهم الله تعالى
فالسؤال عن الايات التي يراد منها التثبت لجهة الايمان والتصديق فيها وعيد شديد لعامة الناس فما بالك بالرسل عليهم السلام ، وهم اشد الناس ابتلاء ،وقد كان معظم هلاك الامم السابقة من هذه الجهة ، وهو سؤال اية للتثبت ثم الكفر بها ، وهناك مثال اخر (ولله المثل الاعلى ) من القران الكريم
{ إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (115) } (سورة المائدة )

فالرسل عليهم السلام عندهم ايمان كامل (شهادة وغيب ) لايفصل فيه بغير دليل صريح وقد تكلمت في المشاركة الاولى في المقصود (بالاطمئنان القلبي وقد وجهته بالادلة للسكون المنافي للحزن أو الخوف ) ، وجواب ابراهيم عليه السلام لربه سبحانه وتعالى ، ب(بلا )، تضمن ذلك جميع شعب الايمان الظاهرة والباطنه ، الشهادة والغيب والاستدراك (بلكن ) لبيان حقيقة مقصده من رؤية اية احياء الموتى ، وقد كان كما تقدم لتثبيت وسكن القلب من جهة الحزن .

والله اعلم
 
أخي عمر أحمد
قبل الرسالة الخاتمة كانت الآيات حسية يكون الإيمان بها إيمان شهادة للسلف المعاصرين للرسل ثم تنسخ في كتاب للخلف، فيكون إيمان الخلف إيمان غيب لهم لأن الآيات وصلتهم أنباء غيبية لم يشهدوها هم وإنما شهدها أسلافهم.
أما الرسالة الخاتمة فهي عكس الرسالات السابقة آياتها ليست حسية تدرك بالأبصار كآيات موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام، فالإيمان ابتدأ إيمان غيب ثم يأتي تأويله في المستقبل فيصبح إيمان شهادة، ولقد ضرب الله المثل للوحي القرءاني بقصة يوسف (نحن نقص عليك آحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرءان)، فأحسن وأنسب قصة من ضمن قصص الأنبياء في القرءان تناسب أن تضرب مثلا لما يؤول إليه الوحي القرءاني هي قصة يوسف، فيوسف عليه السلام ابتدأ الوحي إليه بنبأ غيبي رآه في المنام ثم بعد ذلك تتوالى الآحداث ولما بلغ يوسف أشده آتاه الله حكما وعلما ومكن الله له في الأرض وتحقق تأويل رؤياه ، فقبل أن يأتي تأويلها واقعا كان الإيمان بالنبأ إيمانا بالغيب، فلما تحققت الرؤيا واقعا أصبح النبأ خبرا مشاهدا بعد أن كان غيبا.
قبل أن يري الله إبراهيم كيفية إحياء الموتى كان إيمانه بإحياء الله للموتى إيمان غيب، فلما أراه الله كيفية إحياء الموتى تحول الغيب إلى مشهد مرئي (شهادة).
 
قلت ماعندي يا ابوعلي ..
والشكر لك على المرور والتعقيب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

والله أعلم
 
تصويب لخطا في الطباعة (المشاركة 5 ) .
وجواب ابراهيم عليه السلام لربه سبحانه وتعالى ، ب(بلا )، تضمن ذلك جميع شعب الايمان الظاهرة والباطنه

والصواب : بلى



 
عودة
أعلى