عمر احمد
New member
بسم1
الحمد والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم اما بعد ..
قوله تعالى ( أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) الملك (19)
في كتب التفسير قوله ( صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ) تجد علماؤنا فسروها بمعنى عام كقول الامام مكي - رحمه الله - في الهداية (أو لم ير هؤلاء المشركون إلى قدرة الله فوقهم في الهواء صافات أجنحتهن أحيانا ويقبضنها أحيانا) وهناك من خص ..كالفخر الرازي قال :
1- { صافات } أي باسطات أجنحتهن في الجو عند طيرانها { ويقبضن } ويضممنها إذا ضربن بها جنوبهن . انتهي . قلت سوف يكون موضوع بحثي حول هذه النقطه ، مع بعض الفوائد.
2- فإن قيل لم قال : { ويقبضن } ولم يقل وقابضات ، قلنا : لأن الطيران في الهواء كالسباحة في الماء ، والأصل في السباحة مد الأطراف وبسطها وأما القبض فطارئ على البسط للاستظهار به على التحرك ، فجيء بما هو طارئ غير أصلي بلفظ الفعل على معنى أنهن صافات ، ويكون منهن القبض تارة بعد تارة ، كما يكون من السابح . انتهى .
قلت : ما ذكره الرازي رائع، فالفرق بين الاسم والفعل له مدلولاته ، فالاسم وهو هنا ( صافات ) يدل عل الثبوت والاستقرار ، والفعل وهو هنا ( يقبضن) يدل على الحدوث وعدم الاستقرار .
___
الاعراب
اخترت في اعرابها ما قاله - ابوالبقاء العكبري - رحمه الله قوله ( يقبضن ) معطوفه عل اسم الفاعل (صافات ) حملا على المعنى أي : يَصْفِفْنَ ويَقْبِضْنَ ، ومفعولُ " يَقْبِضْنَ " محذوفٌ أي : ويَقْبِضْنَ أجنحتَهُنَّ ، " صافَّاتٍ " ليس لها مفعول ، كأنه قال أنَّ الاصطفافَ في أنفسِها أي : مصطفَّةً .
- نقلا من الدر المصون ( بتصرف !!) ، للسمين الحلبي - رحمه الله
___
معاني بعض المفردات
من مقاييس اللغة لابن فارسالصف : (صَفَّ) الصَّادُ وَالْفَاءُ يَدُلُّ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ اسْتِوَاءٌ فِي الشَّيْءِ وَتَسَاوٍ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فِي الْمَقَرِّ. مِنْ ذَلِكَ الصَّفُّ، يُقَالُ وَقَفَا صَفًّا، إِذَا وَقَفَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى جَنْبِ صَاحِبِهِ. وَاصْطَفَّ الْقَوْمُ وَتَصَافُّوا. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الصَّفْصَفُ، وَهُوَ الْمُسْتَوِي مِنَ الْأَرْضِ، فَيُقَالُ لِلْمَوْقِفِ فِي الْحَرْبِ إِذَا اصْطَفَّ الْقَوْمُ: مَصَفٌّ، وَالْجَمْعُ: الْمَصَافُّ. وَالصَّفُوفُ: النَّاقَةُ الَّتِي تَصُفُّ، أَيْ تَجْمَعُ بَيْنَ مِحْلَبَيْنِ فِي حَلْبَةٍ. وَالصَّفُوفُ أَيْضًا: الَّتِي تَصُفُّ يَدَيْهَا عِنْدَ الْحَلَبِ.
القبض (قَبَضَ) الْقَافُ وَالْبَاءُ وَالضَّادُ أَصْلٌ وَاحِدٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مَأْخُوذٍ، وَتَجَمُّعٍ فِي شَيْءٍ)تَقُولُ: قَبَضْتُ الشَّيْءَ مِنَ الْمَالِ وَغَيْرِهِ قَبْضًا. وَمَقْبِضُ السَّيْفِ وَمَقْبَضُهُ: حَيْثُ تَقْبِضُ عَلَيْهِ. وَالْقَبَضُ، بِفَتْحِ الْبَاءِ: مَا جُمِعَ مِنَ الْغَنَائِمِ وَحُصِّلَ. يُقَالُ: اطْرَحْ هَذَا فِي الْقَبَضِ، أَيْ فِي سَائِرِ مَا قُبِضَ مِنَ الْمَغْنَمِ. وَأَمَّا الْقَبْضُ الَّذِي هُوَ الْإِسْرَاعُ، فَمِنْ هَذَا أَيْضًا، لِأَنَّهُ إِذَا أَسْرَعَ جَمَعَ نَفْسَهُ وَأَطْرَافَهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ} [الملك: 19] ، قَالُوا: يُسْرِعْنَ فِي الطَّيَرَانِ. وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ مِنْ قَوْلِهِمْ: رَاعٍ قُبَضَةٌ، إِذَا كَانَ لَا يَتَفَسَّحُ فِي مَرْعَى غَنَمِهِ. يُقَالُ: هُوَ قُبَضَةٌ رُفَضَةٌ، أَيْ يَقْبِضُهَا حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْمَكَانَ يَؤُمُّهُ رَفَضَهَا. وَيَقُولُونَ لِلسَّائِقِ الْعَنِيفِ: قَبَّاضَةٌ وَقَابِضٌ.
الخلاصه
1 - الطير صف - فهو مستو في الجو، مستو الخلقه، له القدره على الصف واستخدامه للجناحين معا بتساوي وبدقه عالية
صافات - كلمة واحده ولكنها منظومه متكاملة - يدخل تحتها الآليات الأساسية لطيران الطيور ،الاقلاع - الانزلاق - الخفقان - السحب ، لمزيد من معلومات حول هذه الاليات مراجعة موقع ويكيبديا العربي - كلها تحت مسمى واحد ( صافات ) ، فتجد بعض الطيور كالصقور مثلا تميل الي الانزلاق وبعض الطيور الي الخفقان ولكن كلها ( صافات) من حيث الطيران وبسطها لاجنحتها ، فكل الطيور( صافات) ولكن القدرة على ( القبض) ليست لكل الطيور
قوله تعالى ( ) الم تر ان الله يسبح له من في السماوات والارض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون( النور(41)
2 -الطير قبض - في الكلمة معاني الجمع، السرعة والعنف ،فهذا فقط لنوع معين من الطيور العنيفه ، وهي الطيور الجارحه ، فهى تجمع جناحيها بمعنى تعطل عمليه (الصف ) تماما لاكتساب السرعة، فكما ترى هي عكس الصف . وهي لاتحدث الا لانواع معينه من فصائل الطيور وحتى هذه الانواع لاتلجأ لعملية ( القبض ) دائما لذلك جاء - الفعل - ليدل على عدم الاطراد والثبوت، وكما قال الفخر الرازي ( القبض طارئ على البسط للاستظهار به على التحرك ) انتهى .
هل هذه الصورة يعرفها العرب ؟
نعم .. لقوله تعالى ( يسالونك ماذا احل لهم قل احل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما امسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله ان الله سريع الحساب) المائده (4)يقول ابن كثير ( أي أحل لكم الذبائح التي ذكر اسم الله عليها والطيبات من الرزق وأحل لكم ما صدتموه بالجوارح وهي من الكلاب والفهود والصقور وأشباهها كما هو مذهب الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة )انتهي.
فائده في قوله ( فوقهم )
فوق فيها معنى : الحصر للطيور التي لديها القدرة على الاقلاع والطيران فقط ، ومعاني اخرى تجدها في كتب التفسير.خاتمه
ارى - والعلم عند الله - عدم صحه قول القائل (ان الرفرفه او الخفقان بمعنى القبض) ، فالخفقان للجميع ، لماذا ؟؟ لانه احد مكملات كلمة ( صافات) والقبض خاص لبعض فصائل الطيور، فلاتستطيع كل الطيور اتخاذ هذه الوضعية .وتامل قول ابو البقاء ( صافَّاتٍ " ليس لها مفعول ، كأنه قال أنَّ الاصطفافَ في أنفسِها أي : مصطفَّةً .شكرا .. وكل عام وانتم بخير - انشاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله