حول عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم وموقف القرآن من العصمة

ماهر زين

New member
إنضم
12/02/2014
المشاركات
518
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
العمر
34
الإقامة
مصر
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:






هناك من لا يعترفون بأن الرسول معصوم عن الخطأ، ويقدمون الأدلة على ذلك بسورة [عبس وتولى] وكذلك عندما جامل الرسول -صلى الله عليه وسلم-، زوجاته، ونزلت الآية الكريمة التي تنهاه عن ذلك (انتهى).






الرد على الشبهة:


إن عصمة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك عصمة كل الرسل -عليهم السلام- يجب أن تفهم في نطاق مكانة الرسول.. ومهمة الرسالة.. فالرسول: بشر يُوحَى إليه.. أى أنه -مع بشريته- له خصوصية الاتصال بالسماء، بواسطة الوحى.. ولذلك فإن هذه المهمة تقتضى صفات يصنعها الله على عينه فيمن يصطفيه، كى تكون هناك مناسبة بين هذه الصفات وبين هذه المكانة والمهام الخاصة الموكولة إلى صاحبها.


والرسول مكلف بتبليغ الرسالة، والدعوة [ ] إليها، والجهاد [ ] في سبيل إقامتها وتطبيقها.. وله على الناس طاعة هي جزء من طاعة الله -سبحانه وتعالى- (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول)(1) (قل أطيعوا الله والرسول)(2) (من يطع الرسول فقد أطاع الله)(3) (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله)(4) ولذلك كانت عصمة الرسل فيما يبلغونه عن الله ضرورة من ضرورات صدقهم والثقة في هذا البلاغ الإلهى الذى اختيروا ليقوموا به بين الناس.. وبداهة العقل -فضلاً عن النقل- تحكم بأن مُرسِل الرسالة إذا لم يتخير الرسول الذى يضفى الصدق [ ] على رسالته، كان عابثًا.. وهو ما يستحيل على الله، الذى يصطفى من الناس رسلاً تؤهلهم العصمة لإضفاء الثقة والصدق [ ] على البلاغ الإلهى.. والحُجة على الناس بصدق هذا الذى يبلغون.


وفى التعبير عن إجماع الأمة على ضرورة العصمة للرسول فيما يبلغ عن الله، يقول الإمام محمد عبده عن عصمة الرسل -كل الرسل-: ".. ومن لوازم ذلك بالضرورة: وجوب الاعتقاد بعلو فطرتهم، وصحة عقولهم، وصدقهم في أقوالهم، وأمانتهم في تبليغ ما عهد إليهم أن يبلغوه، وعصمتهم من كل ما يشوه السيرة البشرية، وسلامة أبدانهم مما تنبو عنه الأبصار وتنفر منه الأذواق السليمة، وأنهم منزهون عما يضاد شيئًا من هذه الصفات، وأن أرواحهم ممدودة من الجلال الإلهى بما لا يمكن معه لنفس إنسانية أن تسطو عليها سطوة روحانية.. إن من حكمة الصانع الحكيم -الذى أقام الإنسان على قاعدة الإرشاد والتعليم- أن يجعل من مراتب الأنفس البشرية مرتبة يُعدٌّ لها، بمحض فضله، بعض مَن يصطفيه من خلقه، وهو أعلم حيث يجعل رسالته، يميزهم بالفطرة السليمة، ويبلغ بأرواحهم من الكمال ما يليقون معه للاستشراق بأنوار علمه، والأمانة على مكنون سره، مما لو انكشف لغيرهم انكشافه لهم لفاضت له نفسه، أو ذهبت بعقله جلالته وعظمته، فيشرفون على الغيب بإذنه، ويعلمون ما سيكون من شأن الناس فيه، ويكونون في مراتبهم العلوية على نسبة من العالمين، نهاية الشاهد وبداية الغائب، فهم في الدنيا [ ] كأنهم ليسو من أهلها، هم وفد الآخرة في لباس من ليس من سكانها.. أما فيما عدا ذلك -[أى الاتصال بالسماء والتبليغ عنها]- فهم بشر يعتريهم ما يعترى سائر أفراده، يأكلون ويشربون وينامون ويسهون وينسون فيما لا علاقة له بتبليغ الأحكام، ويمرضون وتمتد إليهم أيدى الظلمة، وينالهم [ ] الاضطهاد، وقد يقتلون"(5).




لمتابعة المقال أضغط على الصورة
 
عودة
أعلى