حول خصوصية النهي في قوله تعالى:(ولاتمنن تستكثرُ) للنبي عليه الصلاة والسلام

إنضم
01/06/2007
المشاركات
73
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد:

*معنى قول الله تعالى: (ولاتمنن تستكثرُ):
أي:لاتعط عطية تلتمس أكثر منها.
قال به: عكرمة ومجاهد وعطاء وطاوس وأبو الأحوص وإبراهيم النخعي والضحاك وقتادة والسدي ومقاتل واختاره القرطبي وابن كثير. وذكره البغوي وقال: وهذا قول أكثر المفسرين .

*معنى قول الله تعالى: (وماآتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله .. ):
قال ابن كثير رحمه الله: (أي: من أعطى عطية يريد أن يرد عليه الناس أكثر مما أهدى لهم فهذا لاثواب له عند الله،بهذا فسره ابن عباس مجاهد والضحاك وعكرمة ومحمد بن كعب والشعبي، وهذا الصنيع مباح وإن كان لاثواب فيه إلا أنه قد نهي عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة،قاله الضحاك واستدل بقوله تعالى: (ولاتمنن تستكثر) أي:لاتعط العطاء تريد أكثر منه)

*ممن قال بخصوصية النهي للنبي صلى الله عليه وسلم:
الضحاك وذكر ابن كثير والبغوي والقرطبي وقال به عكرمة.
قال القرطبي في علة التخصيص:
(لأنه مأمور بأشرف الآداب وأجل الأخلاق..[إلى أن قال:]فكأنه أمر بأن تكون عطاياه لله لا لارتقاب ثواب من الخلق عليها لأنه عليه السلام ماكان يجمع الدنيا[وقال:]وقد عصمه الله تعالى عن الرغبة في شيء من الدنيا ولذلك حرمت عليه الصدقة وأبيحت له الهدية فكان يقبلها ويثيب عليها وقال: (لو دعيت إلى كراع لأجبت ولو أهدي إلي ذراع لقبلت)قال ابن العربي:وكان يقبلها سنة ولايستكثرها شرعة، وإذا كان لايعطي عطية يستكثر بها فالأغنياء أولى بالاجتناب،لأنها باب من أبواب المذلة،وكذلك قول من قال:إن معناها لاتعطي عطية تنتظر ثوابها فإن الانتظار متعلق بالأطماع وذلك في حيزه بحكم الامتناع وقد قال الله تعالى له: (ولاتمدن عينيك إلى مامتعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى) وذلك جائز لسائر الخلق،لأنه من متاع الدنيا وطلب الكسب والتكاثر بها)


السؤال:

هل القول بخصوصية النهي للنبي صلى الله عليه وسلم قول ناهض ؟
 
السياق في اعداد الداع نفسه لتحمل الدعوة
فلو أعطي عطية تأليفا للقلوب واستكثارا للاتباع فلا شيء فيه
ولكن هل المن يكون استكثارا في مثل هذا ؟لا، سينفر المدعوين
ولا يقال أن المن يكون استكثارا للأجر
ولكن قد يكون المن أن تمن علي نفسك أن علمت ودعوت فتستعجل وتستكثر –تطلب مزيدا –من الوحي ولذلك جاء بعدها " ولربك فاصبر "
والله أعلم
 
الأخ الفاضل الشثري حياه الله أقول: القول بخصوصيته ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهذا النهي يرجحه السياق ، حيث إن الآيات من أول السورة تخاطب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " يا أيها المدثر....... ولا تمنن تستكثر، وكلام القرطبي واضح في هذا الترجيح ، حيث إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مأمور بأشرف الآداب وأجل الأخلاق، ومن هنا كان عطاؤه ـ صلى الله عليه وسلم ـ يباين عطاء غيره ، فغيره من الناس يعطي ونفسه طامحة ليس للأخذ فحسب، بل للأخذ مع الزيادة،أما عطاؤه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلوجه الله تعالى، إذن فمجيء النهي هنا لخصوصيته صلوات الله وسلامه عليه، وقد أكد هذا المعنى شيخ القرطبي الإمام ابن العربي في قوله عن الهدية في حقه ـ صلى الله عليه وسلم وقبوله إياها : "كان يقبلها سنة ولايستكثرها شرعة" ، ومضمون الآية يبين أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ليس للدنيا خُلق بل لإصلاحها وإصلاح أهلها ، ومن إصلاح أهلها احتساب العطاء لوجه الله الكريم، ومن هنا ندب للأغنياء أن يتخلقوا بأخلاقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما نص العلامة القرطبي.

وعلى قراءة الحسن : ولا تَمُن وتستكثر مرفوع منصوب المحل على الحال ، أي: لا تعط مستكثراً رائياً لما تعطيه كثيراً، فإن الأمر يختلف حيث إن النهي عن المنّ والأذى في القرآن الكريم بصفة عامة منهي عنه يدخل في ذلك النهي عموم الأمة وبهذه القراءة يكون النهي للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لفظاً ، والمراد أمته. والعلم عند الله تعالى.
 
عودة
أعلى