حول تعدد السبب و النازل واحد، و هل لذلك مثال واقع

محمد رشيد

New member
إنضم
04/04/2003
المشاركات
308
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته

أما بعد ، فقد ذكر الزرقاني في ( مناهل العرفان ) في مبحث أسباب النزول ، مسألة حول ما لو تعدد السبب المصرّح بسببيته ـ أي تعدد المروي في السبب كما أفهم من كلامه ـ و كان النازل واحدا ، فذكر أن لذلك أربع حالات :
* الأولى / أن تكون إحدى الروايتين ضعيفة فتطرح و يعمل بالصحيحة .
* الثانية / أن تكونا صحيحتين و إحداهما مرجح ، فيعمل بالمرجح .
* الثالثة / أن تكونا صحيحتين وليس لإحداهما مرجح ، و لكن يمكن الأخذ بهما معا ، فنقول بأن كل منهما سبب للنزول ، فنأخذ بهما معا .
* الرابع / أن تكونا صحيحتين و ليس لإحداهما مرجح ، ولا يمكن الأخذ بهما معا ، و في هذه الحالة نقول بتعدد النزول بتعدد الأسباب .
السؤال : ما توجيهكم لهذا التقسيم ، و هل يمكن القول بتعدد النزول و النازل واحدا ، فنقول بأن الآية نزلت مرة في كذا ، ثم نزلت مرة أخرى في كذا ؟ و هل ثم أمثلة على ذلك ؟ أم أن هذا التقسيم نظري عقلي يدور بحثه في حدود الجواز العقلي و لم يعتضد بالواقع ؟
السلام عليكم
 
أخي الكريم محمد يوسف
لقد أمطرتنا بأسئلتك ، والوقت في هذه العشر ضيق ـ كما قال أخي أبو مجاهد العبيدي ـ لكن أذكر لك ما لاحظته على الزرقاني في بعض مباحث علوم القرآن أنه يتجه إلى الأسلوب العقلي في السبر والتقسيم ، لذا تراه لا يذكر أمثلةً لما يقول ، بل هي مجرد افتراضات عقلية بحتة .
ومسائل علوم القرآن يُنطلق بها من الأمثلة ، وهي التي تشكِّل المسائل ، وليس العكس كما هو حاصل في بعض مسائل علوم القرآن التي تجدها عند المصنفين في هذا العلم ، والموضوع له باب آخر لعل الله ييسر طرحه .
أما تعدد السبب والنازل واحد ، فلك أن ترجع إلى آية ( نساؤكم حرث لكم ) فقد صح في سبب نزولها أثران عن جابر وابن عباس ، والله الموفق .
 
تكرار النزول

تكرار النزول

أخي الكريم

هذا التقسيم عقلي وواقعي ، وقد ذكر السيوطي والزرقاني والشيخ مناع القطان وغيرهم ممن كتب في مباحث علوم القرآن ( أسباب النزول ) أمثلة لذلك .
أما قضية تكرار نزول الآية ففيها بحث طرح على هذا الرابط :
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?threadid=223



عبد الله إبراهيم
 
كاتب الرسالة الأصلية : مساعد الطيار
فلك أن ترجع إلى آية ( ونساؤكم حرث لكم ) فقد صح في سبب نزولها أثران عن جابر وابن عباس ، والله الموفق .

الدكتور مساعد لعل هذه زلة قلم منكم، فإن الأثران الصحيحان هما عن ابن عمر وعن جابر.
 
نعم أخي محمد
الأثران عن جابر وابن عمر رضي الله عنهم ، كما ذكرت .
كما اني لا أرى التمثيل بآية ( نساؤكم حرث لكم ) - بدون واو - موافقاً للحالة التي ذكرت ، وإنما ينطبق هذا المثال على ورود صيغتين للسبب إحداهما صريحة والأخرى غير صريحة فتقدم الصريحة وهي رواية جابر رضي الله عنه .
والأوْلى التمثيل لما تعدد سببه والنازل واحد بخواتيم سورة النحل ، أو ( ويسألونك عن الروح ) ...
لكن ألا ترى يا أخي أن الشيخ مساعد كانت إجابته سريعة جداً ، و عذره في ذلك القيام بحق العشر الأواخر - تقبل الله منا ومنكم - وهذا ما اعتذر به للأخ محمد يوسف ، ولعله في وقت لاحق يتطرق لهذه المسألة - كما وعد - .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى - واقبلوا تطفلي .


عبد الله إبراهيم
 
الأخ عبد الله

الروايتين كلاهما صريحتين جداً، ولا مانع من تعدد الأسباب

أخرج البخاري عن جابر  قال: «كانت اليهود تقول إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول. فنزلت نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم».

أخرج البخاري (كما في الفتح 8\190) وإسحاق ابن راهُوْيَه في مسنده وتفسيره وابن جرير الطبري في تفسيره (2\391) عن نافع قال: قرأت ذات يوم {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}. قال: ابن عمر أتدري فيم أنزلت هذه الآية؟ قلت: لا. قال: نزلت في إتيان النساء في أدبارهن.

وأخرج النسائي وابن جرير عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم (ثقة) عن أبي بكر بن أبي أويس (عبد الحميد بن عبد الله، ثقة) عن سليمان بن بلال (ثقة) عن زيد بن أسلم (ثقة) عن ابن عمر : أن رجلاً أتى امرأته في دبرها، فوجد في نفسه من ذلك وجداً شديداً، فأنزل الله {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}.

وأخرج الدارقطني ودعلج كلاهما في غرائب مالك من طريق أبي مصعب واسحق بن محمد القروي كلاهما عن نافع عن ابن عمر أنه قال: «يا نافع أمسك على المصحف». فقرأ حتى بلغ {نساؤكم حرث لكم...} الآية. فقال: «يا نافع أتدري فيم أنزلت هذه الآية؟». قلت: «لا». قال: «نزلت في رجل من الأنصار، أصاب امرأته في دبرها فوجد في نفسه من ذلك، فسأل النبي ، فأنزل الله الآية». قال الدارقطني: «هذا ثابت عن مالك». وقال ابن عبد البر: «الرواية عن ابن عمر بهذا المعنى صحيحة معروفة عنه مشهورة».

على أن الجمع بين الروايتين ممكن، فإن جابراً كان يتحدث عما كان يقوله اليهود، وابن عمر يتحدث عن حادثةٍ معينة حدثت لرجل من الأنصار، لم يسمِّه طبعاً للسبب الواضح. وإلا فإن إصراره على هذا التفسير وكثرة تحديثه للمقربين منه بذلك، هو دليل تيقنه مما يعرف، والمثبت مقدَّمٌ على النافي.
 
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
بارك الله تعالى فيكم مشايخي الكرام
و أسأل الله تعالى أن تكونوا من الذين غفر لهم في شهر رمضان،،،
و أعتذر عن طرح الأسئلة بهذا الكم ، و لكن في الحقيقة أصبح دخولي على الشبكة قليلا جدا لظروف خاصة ، وأنا أقوم بعملية تجميع لكل ما يشكل أثناء دراستي ، فأطرحه بعد ذلك فقد يكون كثيرا نوعا ما ، و أنا كنت أنتظر الإجابة بعد رمضان ، ولم أتوقع أن يرد أحد في العشر الأواخر و لكن وضعت الأسئلة لتكون أول الاهتمام بعد عود النشاط بعد العيد ، فجزاكم الله تعالى خير الجزاء على اهتمامكم ، و أكرر اعتذاري لمشايخي الكرام ،،،،، وهذه ستكون طريقتي في طرح الأسئلة ، و إن شاء الله تعالى لن تكون كثيرة لأني خصصت يوم الجمعة فقط من برنامجي ليكون في علوم القرآن ، و في دخول الشبكة ،،، والله تعالى المستعان ،،،،،،،
**********************
بارك الله تعالى فيكم على إفادتكم شيخنا الطيار
و أنت أخي عبدالله ،، جزاك الله خيرا ، و الأمر واضح
**********************
و جزاك الله تعالى خير الجزاء على تنبيهكم شيخ محمد الأمين
 
الأخ الفاضل محمد الأمين – أمّنه الله
رواية ابن عمر التي فيها : ( نزلت في إتيان النساء في أدبارهن )
ورواية جابر التي فيها : ( فنزلت : } نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ { )
رواية جابر صريحة في السببية ، ورواية ابن عمر محتملة للسببية ولغيرها .
قال ابن تيمية رحمه الله : " قولهم : نزلت هذه الآية في كذا ، يراد به تارة أنه سبب النزول ، ويراد به تارة أن ذلك داخل في الآية ، وإن لم يكن السبب ، كما تقول : عني بهذه الآية كذا ... " (1).
فالمعول عليه في بيان السبب هو رواية جابر ، لأنها صريحة في الدلالة على السبب ، وأما رواية ابن عمر فتحمل على أنها تفسير وبيان لحكم إتيان النساء في أدبارهن وهو التحريم استنباطاً منه (2).
قال الحافظ ابن حجر : ... وإذا تعارض المجمل والمفسر قدّم المفسر ، وحديث جابر مفسر فهو أولى أن يعمل به من حديث ابن عمر (3).
والله ولي التوفيق
ـــــــــــــــــــــ
(1) مجموعة فتاوى ابن تيمية ( مقدمة التفسير ) 13 / 339 ـ 340 . وانظر : الإتقان في علوم القرآن للسيوطي 1 /100 .
(2) الإتقان للسيوطي 1 / 102 .
(3) فتح الباري 8 / 192.
 
الأخ عبد الله

أخرج النسائي وابن جرير عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم (ثقة) عن أبي بكر بن أبي أويس (عبد الحميد بن عبد الله، ثقة) عن سليمان بن بلال (ثقة) عن زيد بن أسلم (ثقة) عن ابن عمر : أن رجلاً أتى امرأته في دبرها، فوجد في نفسه من ذلك وجداً شديداً، فأنزل الله {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}.

لاحظ: ذكر القصة ثم قال: فأنزل الله {نساؤكم ...}.

فرواية ابن عمر صريحة في السببية مثلها مثل رواية جابر.
 
بسم الله

أنبه الإخوة الكرام طلبة العلم إلى أن تقسيم صيغ سبب النزول إلى صريحة وغير صريحة إنما هو اصطلاح متأخر .
ولذلك نجد أن السلف يذكرون صيغاً صريحة لسبب نزول آية مع أن الآية لم تنزل لذلك السبب ، وإنما نزلت فيه .
والمثال الذي ذكره الأخ محمد الأمين يدل على ذلك ، ففي رواية : اللفظ صريح في السببية ، وفي أخرى : ليس كذلك ؛ مما يدل على أنهم لا يلتزمون ما ألزمهم به المتأخرون .

وهناك أمثلة أخرى تدل على ذلك ، وأذكر أنالشيخ مساعد الطياروفقه الله له اهتمام بذلك ، ومنه أفدت هذه المشاركة ، فلعله يبينها بتفصيل أكثر .
 
و هذا التقسيم المتأخر ـ شيخنا العبيدي ـ هل كان له واقع عملي ؟
لأنه لا يخفى عدم التعارض بين كونه تقسيم اصطلح عليه المتأخرون و بين كونه مما جرى العمل عليه عند المتقدمين
بل كثيرا ما يكون الغرض من اصطلاح المتأخرين ، هو سبك و ضبط عمل المتقدمين
فأظن ـ و الله أعلم ـ أن المتقدمين يفرقون عند التعارض بين من يقول ( نزلت في كذا ) و بين من يقول ( سبب نزولها كذا ) و أما عمل المتأخرين فهو فقط حصر لعملهم في صورة قاعدة أو اصطلاح
إلا أن يكون المقصود من الاصطلاح هو ذات العمل ـ فالله أعلم ـ
و إن شاء الله يوضح لنا شيخنا الطيار
 
الإخوة الكرام
أشكركم على مشاركتكم ومتابعتكم ، وكم يُفرِح المرء مثل هذه المشاركة العلمية المفيدة البعيدة عن الجدل العقيم ، والكلام الذي لا خير فيه , أدخل معكم في تصحيحين :
الأول : الآية (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ )(البقرة : 223) بدون واو ، وقد عدلتها في المشاركة السابقة .
الثاني : الذي أقصده بأثر ابن عباس ما رواه أبو داود من استدراكه على أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر ، ولست أقصد أثر ابن عمر ، وأثر ابن عباس رواه أبو داود ، قال : حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ حدثني محمد يعني بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد عن بن عباس قال إن بن عمر والله يغفر له أوهم إنما كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب وكانوا يرون لهم فضلا عليهم في العلم فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم وكان من أمر أهل الكتاب أن لا يأتوا النساء إلا على حرف وذلك أستر ما تكون المرأة فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحا منكرا ويتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه وقالت إنما كنا نؤتى على حرف فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني حتى شري أمرهما فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل : (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) أي مقبلات ومدبرات ومستلقيات يعني بذلك موضع الولد )) سنن أبي داود ج: 2 ص: 249
وأما ما يتعلق بصيغ النُّزول ، فلعلي أطرحها مرة أخرى ، ولكم من الله الجزاء الأوفى .
 
تتمة

تتمة

تقدم الكلام عن رواية ابن عمر وجابر رضي الله عنهم ، أما رواية ابن عمر الأخرى الصريحة ، والتي أخرجها النسائي ، فإن رواية جابر تقدم عليها ، لقوتها فهي من رواية البخاري ، وقد رجح السيوطي رواية ابن مسعود في نزول آية } وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ { [ الإسراء : 85 ] التي في الصحيحين – والتي تفيد نزولها بالمدينة ، على رواية ابن عباس التي صححها الترمذي والتي تفيد أنها نزلت بمكة ، وذلك لأن رواية ابن مسعود من رواية الصحيحين ، ورواية ابن عباس من رواية الترمذي ، ولأن ابن مسعود كان حاضراً نزول الآية .

ويبقى كلام اليهود في هذه القضية ، هو المؤثر الأول في أذهان من جاورهم من العرب ( أهل المدينة ) بأن من أتى امرأته في قبلها من دبرها جاء الولد أحول ، حتى أصبح معتقداً – أو قريباً من ذلك - وهذا كان سبب الإنكار من تلك الأنصارية التي تزوجها أحد المهاجرين ، وراح يفعل بها ما اعتادوه من إتيان النساء في البيئة القرشية حتى شري أمرهما وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله الآية رداً على اليهود وإرشاداً للمؤمنين .
انظر أصل الرواية عند أبي داود في كتاب النكاح 2164.

أما تصرف الرواي في عبارة سبب النزول فيحصل ، وتكمن المشكلة فيما لو استبدل الراوي مثلاً كلمة ( تلا ) بكلمة ( نزل ) أو ( أنزل ) ، فيُدخل في أسباب النزول ما ليس منها . وعندئذ يحتاج الباحث إلى التنقيب عن الروايات الأخرى والتدقيق في صيغها .

عبد الله إبراهيم .
 
أخرج ابن جرير الطبري وأبو داود (2\249) والطبراني (11\77) والحاكم (2\213) والبيهقي في سننه (7\195)، كلهم من طريق محمد بن إسحاق (مدلّس حسن الحديث) عن أبان بن صالح عن مجاهد عن ابن عباس قال: إن ابن عمر –والله يغفر له– أوهم إنما كان هذا الحي من الأنصار، وهم أهل وثن مع هذا الحي من اليهود، وهم أهل كتاب كانوا يرون لهم فضلا عليهم في العلم، فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم. فكان من أمر أهل الكتاب لا يأتون النساء إلا على حرف وذلك استر ما تكون المرأة. فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم. وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحاً (أي ينزعون عنهن الثياب) ويتلذذون منهن مقبلات مدبرات ومستلقيات. فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم (أي من المهاجرين، بعكس قصة ابن عمر) امرأة من الأنصار. فذهب يصنع بها ذلك، فأنكرته عليه. وقالت: إنما كنا نؤتى على حرف واحد فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني. فسرى أمرهما فبلغ رسول الله ، فأنزل الله {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}. يقول: مقبلات ومدبرات بعد أن يكون في الفرج، وإنما كانت من قبل دبرها في قبلها. زاد الطبراني قال ابن عباس: «قال ابن عمر: في دبرها. فأوهم ابن عمر، والله يغفر له. وإنما كان الحديث على هذا».

أقول: هذا إسنادٌ ضعيفٌ –ليس بالحسن– بسبب عنعنة محمد بن إسحاق. وما زعمه البيهقي من أن عبد الرحمن بن محمد المحاربي رواه عن ابن إسحاق بالتحديث فلا يصح. فإن المحاربي هذا مدلّسٌ وقد عنعن. وقد رواه الطبراني عنه بالعنعنة أيضاً عن ابن إسحاق وليس بالتحديث! أما المتن الذي أخرجه الحاكم (2\307) فليس فيه ذكر ابن عمر أصلاً. ولذلك ذكر البيهقي الإسناد ولم يذكر المتن، لأنه يعلم أنه حجة عليه وليس له.



وقد روى أبو يعلى وابن مردويه في تفسيره، وابن جرير الطبري (2\395) والطحاوي (3\40) من طرق، عن هشام بن سعد (حسن الحديث)، عن زيد بن أسلم (ثقة)، عن عطاء بن يسار (ثقة)، عن أبي سعيد الخدري: «أن رجلا أصاب امرأة في دبرها، فأنكر الناس ذلك عليه، وقالوا: أثفرها. فأنزل الله عز وجل {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}». مع اختلاف يسيرٍ في اللفظ دون المعنى.

أقول: هذا حديث حسن من رواية هشام بن سعد، وهو أحسن حالاً من محمد بن إسحاق صاحب الحديث الذي وهّم به ابن عباس ابن عمر. ونحن لا نحتج أصلاً بالحديث الحسن ولا بالضعيف، فلا نقبل لا هذا ولا ذاك. ولكن من كان يقبل بالحديث الحسن فيلزمه الاحتجاج بهذا الحديث من بابٍ أولى من الحديث الأول، لأنه ليس فيه مدلّس كما حال الأول. قال ابن حجر: «وهذا السبب في نزول هذه الآية مشهور. وكأن حديث أبي سعيد لم يبلغ ابن عباس، وبلغه حديث ابن عمر فوهَّمّه فيه».

وهذا التوهيم يُشَكُّ في صدوره من ابن عباس. إذ هو يعلم أنه ليس من حقه النفي ما لم يعلم يقيناً بالواقعة، والأمر مشكوك فيه بالنسبة لابن عباس لصغر سنه. فقد مات رسول الله  وابن عباس عمره ثلاث عشرة سنوات كما في الإصابة (4\141)، فكان عمره أصغر عند نزول الآية. وهذا عمرٌ لا يساعد على حضور الواقعة، فلا بد من وجود واسطة لشهود الحدث وهو لم يذكر تلك الواسطة. لكن معنى الآية في اللغة يشهد لابن عباس .
 
عودة
أعلى