الجكني
مشارك نشيط
بسم الله الرحمن الرحيم
تلقينا بكل فرح وسرور العدد الأول من "مجلة معهد الإمام الشاطبي للدراسات القرآنية " وهي تبشر بالخير إن شاء الله تعالى 0
وأول ما وقع العدد في يدي وتصفحت فهرسها بدأت بقراءة البحثين الأكثر لصوقاً بتخصصي وهما :
1- علوم القرآن :تاريخه 00وتصنيف أنواعه ، للدكتور :مساعد بن سليمان الطيار0
2- توجيه الإمام ابن القيم رحمه الله للقراءات ، للدكتور عبد العزيزبن حميد الجهني 0
ولا شك أن كلاً منهما أجاد في بحثه وأضاف لبنة من لبنات الصرح العلمي للدراسات القرآنية ،وهما غنيان عن مدحي لهما بعلمهما وفضلهما 0
إلا أنه لما كان المعروف أن من عرض علمه على الناس أول مرة كان كمن يقول لهم "أعرضه عليكم لتنقحوه وتصححوه وتبدوا مرئياتكم حوله " فمن هذا الباب تراءت لي على كل بحث من البحثين ملحوظات أعرضها هنا لتصويبها وتقييمها0
أولاً : بحث "علوم القرآن " :
استوقفني التعليق الذي ذكره د/ مساعد ص :122حيث قال حفظه الله :
" إن لفظ الحديث القدسي ومعناه من الله سبحانه وتعالى ؛لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول فيه "قال الله 00" فالأصل أن يكون من قول الله ابتداء ،ولا يخرج عن هذا الأصل إلا بدليل 0
ويقع عند بعضهم شبهة ،وهي كيف يكون الفرق بين القرآن والحديث القدسي إذا كان كذلك في مسألة الإعجاز؟
وهذه الشبهة فيها نظر ؛لأنه يلزم منها أن يكون كل كلام الله معجزاً ،وهذا ما لا يدل عليه نص أبداً ،وإنما وقع التحدي بالقرآن فقط ،فكان معجزاً ،أما سائر كلام الله فلم يقع فيه تحد 0انتهى بنصه
وهنا أقول :
1- إذا سلمنا بصدق القضية التي ذكرها الدكتور وهي "فالأصل أن يكون من قول الله ابتداء ولا يخرج عن هذا الأصل إلا بدليل " فإن هذا يعني :أن الحديث القدسي هو مثل القرآن في كل شيء ،لأن القرآن أيضاً (قول )- جدلاً- الله تعالى ،وعليه فينتفي الإلزام الذي ذكره بعد ذلك ،وهذا لا أعلم أحداً يقول به ،خاصة وأن هناك فرق كبير بين (القول ) و( الكلام ) ولهذا – والله أعلم –قال الزبيدي رحمه الله :ومن أدل الدليل على الفرق بين الكلام والقول إجماع الناس على أن يقولوا القرآن كلام الله ولا يقولون القرآن قول الله وذلك أن هذا موضع متحجر لا يمكن تحريفه ولا يجوز تبديل شيء من حروفه 0(التاج :كلم )
وأما مسألة أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه "قال الله " فهذا ليس نصاً صريحاً – فيما أرى – لما ذهب إليه الشيخ الفاضل لاحتمال "المجاز" فمعلوم أن "القول " في لغة العرب يجيء بمعنى : تكلم وضرب وغلب ومات واستراح وأقبل " أفاده ابن الأنبا ري كما في القاموس ( قول ) 0
2- أما الشبهة المطروحة فإن الجواب المذكور عليها ،لاحظت فيه دمج قضيتين مع بعضهما ،وهما :" الإعجاز " و " التحدي "
فالقرآن الكريم "معجز" وهذا عرفته العرب الذين نزل بلسانهم ،وهو أيضاً "تحدي " به ،فليس إعجازه بسبب التحدي ،هذا شيء وذاك شيء آخر 0
أما الحديث القدسي – إذا سلمنا أن لفظه من الله تعالى – فلا بد أن يكون معجزاً ،ولا يكون "متحدًى "به لعدم وجود الدليل على ذلك 0
وقلت "لابد أن يكون معجزاً " بدليل من القرآن الكريم وهو قوله تعالى"ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " فهذا نص عام لا يخرج منه شيء من أفراده إلا بالدليل الصريح 0
فالله أعلم :إن القول بأن الحديث القدسي "لفظه " من الله تعالى يحتاج إلى إعادة نظر ،أو زيادة توضيح وبيان ،إن سمح وقت الشيخ بذلك 0
وأما البحث الثاني :
فإني لاحظت ملاحظة لم أر فضيلة د/ عبد العزيز أشار إليها وهي :
1- لم يقف ويناقش ما ذكره الإمام في ترجيحه بين القراءات ترجيحاً ربما يفهمه من ليس من أهل القراءات أن الإمام يرد بعض القراءات وذلك نحو:
أ- والوجه هو الكسر ،وقوله : الكسر (أحسن) من الفتح :221
ب- قوله :" هذا يرجح قراءة الجمهور وأنها أفصح وأحسن :223
والاعتراض على "أحسن " وليس على "أفصح "
ج- قوله : وقراءة الجمهور أحسن وأوضح وأفخم معنى ،وبها تقوم الدلالة وتم الإلزام بتحقق كفر فرعون وعناده :230
د- قوله "قراءة الجمهور أحسن وأبلغ :236
يضاف إلى هذا عبارة " اختلف القراء في إعراب (غير ) 000والمعروف هو اختلافهم في "قراءتها " لا في إعرابها 0
فهذه ألفاظ هي عند أهل القراءات محسوبة في باب "رد القراءة " وهو ما لا يقولون به ،فمن باب "المحافظة " على مكانة الإمام ابن القيم رحمه الله كان الأولى الاعتذار عنه حتى لا يفهم خطأً 0
وبعد : فهذه ملحوظات واضحة جلية عند المتخصص في القراءات ،أما غيره فقد يفهم منها ما قدمته في أول هذا الكلام 0
وختاماً : هذه ملحوظات تحتمل الصواب وغيره أعرضها لتقويمها،مع اعترافي بأن كل من يكتب بحثاً هو في دقائقه وخفاياه أعرف به من غيره ،ولكن من حق التلميذ أن يقول لشيخه " ما فهمت هذا "0
والله من وراء القصد
تلقينا بكل فرح وسرور العدد الأول من "مجلة معهد الإمام الشاطبي للدراسات القرآنية " وهي تبشر بالخير إن شاء الله تعالى 0
وأول ما وقع العدد في يدي وتصفحت فهرسها بدأت بقراءة البحثين الأكثر لصوقاً بتخصصي وهما :
1- علوم القرآن :تاريخه 00وتصنيف أنواعه ، للدكتور :مساعد بن سليمان الطيار0
2- توجيه الإمام ابن القيم رحمه الله للقراءات ، للدكتور عبد العزيزبن حميد الجهني 0
ولا شك أن كلاً منهما أجاد في بحثه وأضاف لبنة من لبنات الصرح العلمي للدراسات القرآنية ،وهما غنيان عن مدحي لهما بعلمهما وفضلهما 0
إلا أنه لما كان المعروف أن من عرض علمه على الناس أول مرة كان كمن يقول لهم "أعرضه عليكم لتنقحوه وتصححوه وتبدوا مرئياتكم حوله " فمن هذا الباب تراءت لي على كل بحث من البحثين ملحوظات أعرضها هنا لتصويبها وتقييمها0
أولاً : بحث "علوم القرآن " :
استوقفني التعليق الذي ذكره د/ مساعد ص :122حيث قال حفظه الله :
" إن لفظ الحديث القدسي ومعناه من الله سبحانه وتعالى ؛لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول فيه "قال الله 00" فالأصل أن يكون من قول الله ابتداء ،ولا يخرج عن هذا الأصل إلا بدليل 0
ويقع عند بعضهم شبهة ،وهي كيف يكون الفرق بين القرآن والحديث القدسي إذا كان كذلك في مسألة الإعجاز؟
وهذه الشبهة فيها نظر ؛لأنه يلزم منها أن يكون كل كلام الله معجزاً ،وهذا ما لا يدل عليه نص أبداً ،وإنما وقع التحدي بالقرآن فقط ،فكان معجزاً ،أما سائر كلام الله فلم يقع فيه تحد 0انتهى بنصه
وهنا أقول :
1- إذا سلمنا بصدق القضية التي ذكرها الدكتور وهي "فالأصل أن يكون من قول الله ابتداء ولا يخرج عن هذا الأصل إلا بدليل " فإن هذا يعني :أن الحديث القدسي هو مثل القرآن في كل شيء ،لأن القرآن أيضاً (قول )- جدلاً- الله تعالى ،وعليه فينتفي الإلزام الذي ذكره بعد ذلك ،وهذا لا أعلم أحداً يقول به ،خاصة وأن هناك فرق كبير بين (القول ) و( الكلام ) ولهذا – والله أعلم –قال الزبيدي رحمه الله :ومن أدل الدليل على الفرق بين الكلام والقول إجماع الناس على أن يقولوا القرآن كلام الله ولا يقولون القرآن قول الله وذلك أن هذا موضع متحجر لا يمكن تحريفه ولا يجوز تبديل شيء من حروفه 0(التاج :كلم )
وأما مسألة أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه "قال الله " فهذا ليس نصاً صريحاً – فيما أرى – لما ذهب إليه الشيخ الفاضل لاحتمال "المجاز" فمعلوم أن "القول " في لغة العرب يجيء بمعنى : تكلم وضرب وغلب ومات واستراح وأقبل " أفاده ابن الأنبا ري كما في القاموس ( قول ) 0
2- أما الشبهة المطروحة فإن الجواب المذكور عليها ،لاحظت فيه دمج قضيتين مع بعضهما ،وهما :" الإعجاز " و " التحدي "
فالقرآن الكريم "معجز" وهذا عرفته العرب الذين نزل بلسانهم ،وهو أيضاً "تحدي " به ،فليس إعجازه بسبب التحدي ،هذا شيء وذاك شيء آخر 0
أما الحديث القدسي – إذا سلمنا أن لفظه من الله تعالى – فلا بد أن يكون معجزاً ،ولا يكون "متحدًى "به لعدم وجود الدليل على ذلك 0
وقلت "لابد أن يكون معجزاً " بدليل من القرآن الكريم وهو قوله تعالى"ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " فهذا نص عام لا يخرج منه شيء من أفراده إلا بالدليل الصريح 0
فالله أعلم :إن القول بأن الحديث القدسي "لفظه " من الله تعالى يحتاج إلى إعادة نظر ،أو زيادة توضيح وبيان ،إن سمح وقت الشيخ بذلك 0
وأما البحث الثاني :
فإني لاحظت ملاحظة لم أر فضيلة د/ عبد العزيز أشار إليها وهي :
1- لم يقف ويناقش ما ذكره الإمام في ترجيحه بين القراءات ترجيحاً ربما يفهمه من ليس من أهل القراءات أن الإمام يرد بعض القراءات وذلك نحو:
أ- والوجه هو الكسر ،وقوله : الكسر (أحسن) من الفتح :221
ب- قوله :" هذا يرجح قراءة الجمهور وأنها أفصح وأحسن :223
والاعتراض على "أحسن " وليس على "أفصح "
ج- قوله : وقراءة الجمهور أحسن وأوضح وأفخم معنى ،وبها تقوم الدلالة وتم الإلزام بتحقق كفر فرعون وعناده :230
د- قوله "قراءة الجمهور أحسن وأبلغ :236
يضاف إلى هذا عبارة " اختلف القراء في إعراب (غير ) 000والمعروف هو اختلافهم في "قراءتها " لا في إعرابها 0
فهذه ألفاظ هي عند أهل القراءات محسوبة في باب "رد القراءة " وهو ما لا يقولون به ،فمن باب "المحافظة " على مكانة الإمام ابن القيم رحمه الله كان الأولى الاعتذار عنه حتى لا يفهم خطأً 0
وبعد : فهذه ملحوظات واضحة جلية عند المتخصص في القراءات ،أما غيره فقد يفهم منها ما قدمته في أول هذا الكلام 0
وختاماً : هذه ملحوظات تحتمل الصواب وغيره أعرضها لتقويمها،مع اعترافي بأن كل من يكتب بحثاً هو في دقائقه وخفاياه أعرف به من غيره ،ولكن من حق التلميذ أن يقول لشيخه " ما فهمت هذا "0
والله من وراء القصد
التعديل الأخير: