حوار في مؤلقات الأستاذ الجابري رحمه الله

إنضم
27/04/2006
المشاركات
751
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
مكة المكرمة
مؤلفات الأستاذ الجابري رحمه الله حسب تاريخ صدورها


تشهد الإنسانية اليوم ثورة الاتصالات الكبرى التي انبثقت في العقد الأخير من القرن العشرين الميلادي،
ومعروف أن عملية التواصل هي أهم أسباب التغير الاجتماعي. ومن حسناتها بروز اتجاه نحو الضمير العالمي الموحد الذي يتفق مع مبادئ الإسلام حيث قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله شهدت في بيت عبدالله بن جدعان حلفا ما أحبّ أن لي به حمر النَّعم ولو دعي إليه في الإسلام لأجبتُ.
كما تشهد البشرية اليوم عملية تصالح بين الشعوب وانتشارا للأمانة وللثقة. فالناس تشتري من الباعة عبر آلاف الأميال دون غش أو تزوير. وتشهد تصالحا بين الإنسان وتاريخه.
ومن حسن حظ الأمة أن قيّض الله لها مفكرا عاصر ثورة الاتصال وقدم لها تحليلا لواقعها وأبرز تيارات تاريخها، وواجب مثقفي الأمة اليوم مناقشة أفكاره ونقدها وتمحيصها (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
من أجل الاستفادة القصوى من ثورة الجابري الفكرية وبسبب رحيله المفاجئ جاء هذا المقال:

نُكِبت الأمة بتاريخ 03-05-2010 بوفاة مفكّرها الكبير ، وعالمها النحرير
الذي وقف حياته على تحليل العقل الإسلامي واكتشاف الأسباب التاريخية
الموضوعية لخموله، وتشخيص الداء هو أول خطوة صائبة للعلاج.
وكان رحمه الله قد جلب على نفسه لوم الناس بمؤلفه عن تاريخ القرآن، وهو
من أضعف ما كتبـ عفا لله عنه.
ورحم الله القائل

ومن دعا الناس إلى ذمه * ذمّوه بالحق وبالباطل
مقالة السوء إلى أهلها * أسرع من منحدر سائل

لكن التاريخ شهد له وسيشهد بأنه مجدد كبير
للعقل العربي لا يمكن تجاوزه.
ويمكن تصنيف الناس في موقفهم من منتوجه الفكري إلى خمسة أصناف رئيسة:

- الأساتذة المتخصصون في الفلسفة الذين حسدوه شرفه. حيث اعتاد هؤلاء أن
يلوذوا بصمت مريب يُغطون به عجزهم. وبعضهم بسط لسانه بالنكير عليه لأنه ألف
في موضوع كتبوا فيه فجاء بما لم يحوموا حوله. مثلما حصل للدكتور حسام
الآلوسي الذي كتب عن الكندي. وبعضهم غضبوا منه حين أسكتهم في
إحدى الندوات وكشف ضعفهم كما حصل لجورج طرابيشي الذي أثنى على
مشروع المغفور له في نقد العقل العربي أول صدوره ثم حضر ندوة عنه فحاوره
الأستاذ فكشف عن سوء فهمه لقضية من قضايا التراث فحنق على الأستاذ
وألف ما أسماه نقدنقد العقل العربي. وقد تجاهله الأستاذ فيما بعد. وغيرهما كثير.

- الإخوة خريجو المؤسسات الإسلامية الكلاسيكية السنية والشيعية، وهؤلاء في مجملهم
قد وقفوا وقفة المنبهر أن يأتي أستاذ أكاديمي من قسم الفلسفة فيحلل العقل الإسلامي
البياني ويكتشف دور الشافعي وينتقد العقل لأصولي ويكتشف أسباب انغلاق باب
الاجتهاد الحتمية. لقد عاداه قسم منهم لأنهم اعتادوا على طريقة تقليدية مغلقة
خارج التاريخ. لكن قسما من نبهائهم قد استفادوا منه بصمت.
أما المؤسسة الشيعية فقد استفادت منه على طريقتها في توظيف كل شيء
لخدمة ثوابتها البنيوية(القائمة على اغتيال العقل) وشغلها الدائب في ما أسماه
الجابري بـ(عقلنة اللامعقول). فالأستاذ الراحل وهو سليل مدرسة
ابن حزم وابن رشد وابن باجة وابن خلدون والعقلانية العربية الأندلسية المغربية
قد وقف ضد غنوص ابن سينا والفكر الهرمسي الشيعي والصوفي، بل قال بالحرف
الواحد إن الشرط التاريخي لنهوض العقل العربي هو كسر بنية الفكر السينوي ،
أي الرمي بالعقل الغنوصي الشيعي الفارسي في البحر. لكن بعض مثقفي
الشيعة حاول الاستفادة من تحليلاته.

-لكن أكثر من وجه إليه سهام النقد وبسط لسانه بالنكير(بسبب الانترنت طبعا لا قدرتهم
على النشر) هم الذين لم يعبأ بهم الأستاذ ولا يعبأ بهم التاريخ،
لأنهم في نظره مجرد غوغاء ، لكنهم يمثلون شريحة كبيرة من الجماهير
يقلّ مثلهم في الأمم الأخرى. فهم الدليل الواقعي والمظهر الملموس للتخلف العربي.

- القسم الرابع ناس لم يقرءوه ولم يتأثروا لا بأقوال محبيه ولا شانئيه، وهؤلاء قسم
من العقلاء(أي المؤدبين) الهادئين الذي يمثلون شريحة معتبرة.

-القسم الخامس قسم ردوا عليه بعقلانية وتتبعوا مصادره وانتقدوا طريقة استخدامه
للمصادر وطريقة اختياره للنصوص الداعمة لاستنتاجاته أصابوا في بعضها وجانفهم
الصواب في بعض كما فعل أحد الإخوة من الجزائر ، ولكن هذا القسم قليل مع الأسف.

حين تقف في محطة الباص بألمانيا تجد في كل موقف صورةً لمفكر أو فيلسوف
حيث تفخر الأمم بمفكريها ومجددي طرق تفكيرها، ومكتوب عند كل صورة
(الأفكار الكبيرة تحتاج واحدا نبيها يستثيرها)، أما عندنا فهو "مبتدع ضال"
فمن انتقد توريث معاوية لابنه رغم أنف المسلمين، لا يقولون هو
يدافع عن العدال والحق والشرعية بل يقولون عنه "ينتقد الصحابة"!
وكأن منتقديه من الصحابة كعبدالله بن عمر ليسوا صحابة! أو أن أحمد بن حتبل
أولى بالطاعة من الصحابة الذين لم يوافقهم. على الرغم من قول النبي صلى الله
عليه وسلم "ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة"
وحين قال أحد كتاب مصر بين الحربين "يجب أن لا يكون رأينا في الصحابة
أفضل من رأيهم في بعضهم"، عُدّ قوله مخالفا لطريقة تفكير مجموعة من علماء
الحديث في القرن الثالث صاروا بجرة قلم الممثلين الحقّ للسلف الصالح.
الفكر سلاح ذو حدين ولذلك قال عمرو بن عبيد رحمه الله "اللهم إني أعوذ بك
من طول الغفلة وإقراط الفطنة" ، لكن حاجة أمتنا إلى العقل التحليلي هي حاجة
الظمآن إلى الماء. وإذا كان الدعاة يخاطبون القلوب فإن تنوير العقول أمر
لا محيص عنه ولا مفيص.
ويبدو أن أحمد شوقي كان محقا حين قال :

إن الشجاعة في القلوب كثيرة * ووجدت شجعان العقول قليلا

نحن لا نريد من الإخوة الكرام أن ينزلوا عن قناعاتهم ولا عن أفكارهم،
ولكن أن يكونوا أكثر مرونة وموضوعية وشجاعة وفي نفس الوقت أن لا يُنيبوا
أحدا في التفكير عنهم. فلا يسوغ اغتيال العقل في سبيل الحفاظ على الإيمان
بل يجب الاتباع على بصيرة والله تعالى يحبُّ "الحلم والأناة"



وبدلا من أن نختلف في الهواء كما يفعل غير المتعلمين، فقد عنّت لي فكرة ، وهي أن نتناقش قي أي موضوع أو فكرة طرحها الأستاذ الراحل ، فنتحاور فيها تأييدا أو تفنيدا. ونحن نعلم أن الأستاذ قد كتب في قضايا كثيرة، لكنا ممن يؤمن أن (العلم للحياة)، وعليه فكل ما يفيد المسلمين من أفكار جدير أن نسلط عليه الضوء.

أدعو الإخوة قراءالجابري أن يطرحوا فكرة حالفوا فيها الراحل أو خالفوه للنقاش هنا، وأتمنى أن تكون من القضايا العلمية والفكرية في التراث الإسلامي ، أو قضية معاصرة ذات أصل في التراث.
فإن كانت الفكرة حقا أيدناها وربحنا أجر نشر الحق. وإن كانت باطلا فندناها وربحنا أجر دمغ الباطل ، وإن كانت من المختلف فيه ربحنا أجر الاجتهاد وبذل الوسع، ولعلنا نستثير من يهتدي فيها إلى بيان الصواب، وبالجملة فهو خير ما نفعل.


وهذه قائمة بمؤلفات ناقد العقل العربي الأستاذ الكبير والمثقف الحقيقي الحامل لهموم أمته محمد عابد الجابري رحمه الله وتجاوز عن سيئاته، بحسب ترتيب تاريخ صدورها. وأهمها بلا شك
نحن والتراث
تكوين العقل العربي
بنية العقل العربي
(وفي علم تحليل العقل) – مدخل إلى فلسفة العلوم : جزآن 1976
- الأول: تطور الفكر الرياضي والعقلانية المعاصرة.
- الثاني : المنهاج التجريبي وتطور الفكر العلمي)
الذي ما زال منذ صدوره قبل أزيد من 34 عاما لانظير له في منطق المعرفة العلمية باستثناء
مؤلفات الراحل ياسين خليل رحمه الله. وهذه القائمة من وضع الأستاذ نفسه، أضعها بين أيدي
الإخوة ،:


1- العصبية والدولة: معالم نظرية خلدونية في التاريخ الإسلامي 1971. وهو نص أطروحته لدكتوراه الدولة في الفلسفة والفكر الإسلامي، كلية الآداب جامعة محمد الخامس- الرباط 1970، وكانت بعنوان : "علم العمران الخلدوني: معالم نظرية خلدونية في التاريخ الإسلامي"
2- أضواء على مشكل التعليم بالمغرب 1973. *
3– مدخل إلى فلسفة العلوم : جزآن 1976
- الأول: تطور الفكر الرياضي والعقلانية المعاصرة.
- الثاني : المنهاج التجريبي وتطور الفكر العلمي)
4- من أجل رؤية تقدمية لبعض مشكلاتنا الفكرية والتربوية 1977. *
5- نحن والتراث: قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي 1980. (ترجم إلى الإسبانية). طبعة جديدة (العاشرة) مع إضافة 2006
6- الخطاب العربي المعاصر: دراسة تحليلية نقدية 1982 (ترجم إلى التركية)
7- تكوين العقل العربي. 1984. (ترجم إلى التركية، وتحت الترجمة إلى الفرنسية).
8- بنية العقل العربي: 1986. (ترجم إلى التركية وتحت الترجمة إلى الفرنسية).
9- السياسات التعليمية في المغرب العربي 1988. *
10- إشكاليات الفكر العربي المعاصر 1988.
11- المغرب المعاصر: الخصوصية والهوية.. الحداثة والتنمية 1988. *
12- العقل السياسي العربي : 1990 (ترجم إلى التركية والفرنسية والإندونيسية).
13- حوار المغرب والمشرق : حوار مع د. حسن حنفي 1990 *
14- التراث والحداثة: دراسات ومـناقشات 1991.
15- مقدمة لنقد العقل العربي نصوص مترجمة إلى اللغة الفرنسية تحت عنوان:
Introduction à la critique de la Raison arabe* : traduit de l’arabe et présenté par Ahmed Mahfoud et Marc Geoffroy, éd. La Découverte. Paris. 1994 (ترجم إلى الإيطالية والإنجليزية والبرتغالية، والإسبانية والترجمة إلى اليابانية والإندونيسية).
16- المسألة الثقافية 1994.
17- المثقفون في الحضارة العربية الإسلامية، محنة ابن حنبل و نكبة ابن رشد 1995.
18- مسألة الهوية : العروبة والإسلام ... والغرب 1995.
19- الدين والدولة وتطبيق الشريعة 1996. (ترجم إلى الكردية، كردستان العراق. الترجمة اإنجليزية تحت الطبع).
20- المشروع النهضوي العربي 1996.
21- الديموقراطية وحقوق الإنسان 1997.
22- قضايا في الفكر المعاصر 1997.:(العولمة، صراع الحضارات، العودة إلى الأخلاق، التسامح، الديموقراطية ونظام القيم، الفلسفة والمدينة)
23- التنمية البشرية والخصوصية السوسيوثقافية : العالم العربي نموذجا. 1997 (نشر الأمم المتحدة، الإيسكوا، ترجم إلى الإنجليزية) *
24- وجهة نظر : نحو إعادة بناء قضايا الفكر العربي المعاصر 1997.
25- حفريات في الذاكرة، من بعيد (سيرة ذاتية من الصبا إلى سن العشرين) 1997.
26- الإشراف على نشر جديد لأعمال ابن رشد الأصيلة مع مداخل ومقدمات تحليلية وشروح الخ 1997 - 1998
- فصل المقال في تقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال.
- الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة.
- تهافت التهافت.
- كتاب الكليات في الطب.
- الضروري في السياسة: مختصر سياسة أفلاطون
27- ابن رشد: سيرة وفكر 1998.
28- العقل الأخلاقي العربي: دراسة تحليلية نقدية لنظم القيم في الثقافة العربية. 2001.
29- سلسلة مواقف * (سلسلة كتب في حجم كتاب الجيب: انظر الصفحة الأولى)
30 - في نقد الحاجة إلى الإصلاح سبتمبر 2005
31- مدخل إلى القرآن. سبتمبر 2006
32- فهم القرآن: التفسير الواضح حسب ترتيب النزول القسم الأول مارس 2008، القسم الثاني أكتوبر من نفس السنة. القسم الثالث مارس 2009
ملاحظة:
تطلب هذه الكتب من مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت (ما عدا الكتب التي عليها علامة *).
 
يا عبد الرحمن الصالح !



لم تجد ما تمثّل به إلاّ الصحابة ..

وما يدريك لعل الله اطّلع عليهم .. فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لهم !!


أو أنك أغير على دين الله من عمر !!
الأخ أبا تيماء

شكرا على مرورك ولكن أرجو أن تعيد قراءة النصّ وإذا بقي في صدرك شيء فناقشني تكرُّماً على الخاص


تحياتي
 
الحوار الأول/ موضوع الولاء والبراء، أو العلاقة مع المِلل والنِّحَل

الحوار الأول/ موضوع الولاء والبراء، أو العلاقة مع المِلل والنِّحَل

ورد هذا المقال في موقع الأستاذ الجابري، وقد ارتأيت اقتباسه هنا لنتحاور في الأفكار
الواردة فيه لما للموضوع من أهمية تمس كل واحد منا. قال رحمه الله:​


ومن جهة أخرى أبرزنا أن القرآن الكريم يتحرك، على مسار ترتيب النزول، من موقف المساواة بين الأغيار، مؤكدا أن أمْر التفاضل بينهم، أعني بيان الموقف الصحيح من غير الصحيح يرجع إلى الله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا (المسلمون)، وَالَّذِينَ هَادُوا (اليهود)، وَالصَّابِئِينَ، وَالنَّصَارَى، وَالْمَجُوسَ، وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا، إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (الحج 17). وما ينبغي لفت النظر إليه هنا أن سورة الحج التي منها هذه الآية، هي آخر سورة نزلت بمكة، أو أنها نزلت بينما كان الرسول عليه السلام في الطريق مهاجرا إلى المدينة. ونزولها في هذا التوقيت بالذات مرتبط بالوضعية الجديدة التي كانت سائدة في المدينة من حيث تعدد المرتبطين، بشكل ما، بالديانات السماوية وغير السماوية؛ ومن هذا الاعتبار تكون الآية المذكورة بمثابة تنبيه للمسلمين إلى عدم الدخول في منازعات، حول صحة أو عدم صحة هذا الاعتقاد أو ذلك، وبالتالي تطلب منهم ترك الأمر إلى الله الذي وحده سيفصل يوم القيامة بين الدين السماوي الصحيح وبين الأديان التي داخلها تحريف. ومما يزكي هذا الفهم أن سورة العنكبوت، التي نزلت والنبي وصحبه يتهيأ للهجرة، توصي بالتعامل مع أهل الكتاب بالتي هي أحسن. قال تعالى: "وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ، وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ، وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (العنكبوت 46).
واضح إذن أن "الغيرية" في القرآن لا تعني أكثر من مجرد الاختلاف، وأنه من حيث المبدأ، لا شيء هنا يقرر الكراهية لـ"الغير" أو النفور منه أو احتقاره أو اعتباره على خطأ، بل كل ما يقرره القرآن، انطلاقا من هذا المبدأ، هو الدعوة إلى الحوار، إلى الجدال بالتي هي أحسن، إلى إفهام أهل الديانات السماوية الأخرى أن الدين المنزل من عند الله واحد، يوحد ولا يفرق : "وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ، وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (العنكبوت 46). وهذا هو منتهى التسامح في الدين، التسامح مع من ينتمون إلى الديانات السماوية المختلفة؛ إنه تسامح يتجاوز الحوار والاعتراف المتبادل إلى التماهي في القضية الأساسية قضية التوحيد.
أما الذين يتظاهرون بالإسلام وفي نفس الوقت يتواطئون مع خصومه فيتولونهم (ينصرونهم) ويتآمرون معهم لإيذاء المسلمين، (وهم بتعبيرنا المعاصر الجواسيس والخونة)، فالقرآن يدعو إلى أخذ الحيطة منهم، وعدم الثقة فيهم، ولكن دون التنصيص على عقوبة دنيوية ضدهم، فعقوبتهم هي عقوبة حلفائهم الكافرين، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (التحريم 9)، والمعنى، كما يقول المفسرون: "جَاهِدِ الْكُفَّار بالسيفَ، وَالْمُنَافِقِينَ بالوعيد واللسان"، ولم يأمر القرآن لا بتكفيرهم ولا بنبذهم، ولم يعلن البراءة منهم، لأنهم حصَّـنوا أنفسهم بإظهار الإسلام.
وتبقى البراءة خاصة بالمشركين الذين هم في حالة حرب معلنة مع الرسول ونقضوا عهودا أبرموها معه. وهذه البراءة جاءت على سبيل المعاملة بالمثل، مع إعلانها على الملأ في الحج حتى يعلم بها الجميع، فتنتفي تهمة الخداع أو الأخذ على غرة. وأكثر من ذلك منحتهم مدة معينة يتحركون خلالها دون أن يتعرضوا لشن الحرب عليهم. وصنفهم صنفين: فالذين نقضوا المعاهدة التي أبرمها الرسول معهم أمهلوا أربعة أشهر فإن تابوا قبل انصرافها فهو خير لهم، وإلا عرَّضوا أنفسهم للحرب. أما الصنف الثاني فهم المشركون الذين حافظوا على المعاهدة التي أبرمها معهم الرسول لأجل معين، فهؤلاء أمر القرآن المسلمين بأن يتركوهم حتى ينقضي ذلك الأجل. "وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلّم والمؤمنين بالاستقامة لهم في عهدهم ما استقاموا لهم بترك نقض صلحهم وترك مظاهرة عدوّهم عليهم" (الطبري).
يتضح مما تقدم أنه لا أصل في القرآن لبعض الآراء المنتشرة اليوم في بعض الأوساط والتي تتحدث عن هذين المفهومين الإسلاميين الأصيلين، المبنيين على روح التسامح كما رأينا، حديثا يقع خارج السياق الذي وردا فيه في الذكر الحكيم. من هذه الآراء قول بعضهم : "معنى الولاء : هو حُب الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين ونصرتهم. والبراء : هو بُغض من خالف الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين، من الكافرينوالمشركين والمنافقين والمبتدعين والفساق".ومع أن مجمل معنى هذا القول يمكن إسناده بآيات قرآنية وأحاديث نبوية وردت في سياقات مختلفة فإن استعمال لفظ "الحب" والبغض" هنا، مقرونا بـ"المبتدعة"، يفسح المجال لصرف معنى الولاء إلى صاحب "الرأي الموافق" ومعنى البغض إلى صاحب "الرأي المخالف"، داخل الدائرة الإسلامية نفسها. الشيء الذي قد يتسبب في فتنة. وفي التاريخ الإسلامي فتن كثيرة تستظل بمثل هذا الفهم للولاء والبراء، الفهم "المطلق" غير المقيد لا بسياق الآيات التي تحدثت عنهما ولا بظروف نزول هذه الآيات. وبعبارة أخرى إن مثل هذا الفهم "المطلق" لمسألة الولاء والبراء يتجاهل تماما ما تنطوي عليه تلك الآيات من روح التسامح الذي أبرزناه أعلاه.
أما إدخال بعضهم في معنى الولاء للكفار أمورا لا علاقة لها بالموضوع أصلا فشيء لا يقبله النص القرآني ولا التأويل الصحيح. من هذه الأمور التي يقحمونها إقحاما في معنى الولاء للأعداء قولهم: "التشبه بهم في اللباس والكلام، والإقامة في بلادهم، وعدم الانتقالمنها إلى بلاد المسلمين لأجل الفرار بالدين، والسفر إلى بلادهم لغرض النزهة ومتعة النفس، واتخاذهم بطانة ومستشارين، والتأريخ بتاريخهم خصوصًا التاريخ الذي يعبر عن طقوسهم وأعيادهم كالتاريخالميلادي، والتسمي بأسمائهم ومشاركتهم في أعيادهم أو مساعدتهم في إقامتها أو تهنئتهم بمناسبتها أو حضورإقامتها، ومدحهم والإشادة بما هم عليه من المدنية والحضارة، والإعجاب بأخلاقهمومهاراتهم دون النظر إلى عقائدهم الباطلة ودينهم الفاسد" الخ.
وبعد، فهاهنا خلط بين ما هو من العادات وما هو من العبادات، بين ما هو من قواعد السلوك المتعارف عليه بين الدول والشعوب، وهو من ميدان المباح من جهة، وبين ما هو سلوك ديني، وجهُ التحريم واضحٌ فيه من جهة أخرى. لنرفع هذا الخلط بقراءة قوله تعالى: "قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا، وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (الأعراف 32-33)
 
محاولة توزيع المقال على نقاط وتساؤلات

محاولة توزيع المقال على نقاط وتساؤلات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



وبعد: فهذه محاولة لتوزيع هذا المقال للدكتور الجابري رحمه الله إلى نقاط وتساؤلات، ربما تعين من أراد أن يحاور أستاذنا الصالح في محتويات المقال، وهذه النقاط التي كتبتها عند قراءة المقال:
  1. هل سورة الحج آخر سورة نزلت بمكة، وهل نزلت في الطريق بين مكة والمدينة؟ وهل قال بهذا الرأي أحد!( بحث محله ترتيب النزول ).
  2. مناسبة نزول السورة في ذلك الوقت؟ ما هو قول المفسرين عموما؟ وهل ما قاله الجابري تدل عليه السورة عموما أو هو استدلال بآية واحدة وحمل السورة كاملة عليها؟ ( المناسبات القرآنية، وطرائق الاستدلال)
  3. الآية الكريمة "إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا (المسلمون)، وَالَّذِينَ هَادُوا (اليهود)، وَالصَّابِئِينَ، وَالنَّصَارَى، وَالْمَجُوسَ، وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا، إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (الحج 17). هل هي: بمثابة تنبيه للمسلمين إلى عدم الدخول في منازعات، حول صحة أو عدم صحة هذا الاعتقاد أو ذلك، وبالتالي تطلب منهم ترك الأمر إلى الله الذي وحده سيفصل يوم القيامة بين الدين السماوي الصحيح وبين الأديان التي داخلها تحريف؟ وما هي أقوال المفسرين فيها؟ ( تفسير الآية)
  4. هل نزلت سورة العنكبوت والنبي صلى الله عليه وسلم يتهيأ للهجرة؟ ( أسباب النزول)
  5. هل العلاقة بالغير في القرآن لا تعني أكثر من مجرد الاختلاف، وأنه من حيث المبدأ، لا شيء هنا يقرر الكراهية لـ"الغير" أو النفور منه أو احتقاره أو اعتباره على خطأ؟ ( بحث عقدي باعتبار، وقرآني باعتبار منهج القرآن في العلاقة مع الغير)
  6. ( الذين يتظاهرون بالإسلام وفي نفس الوقت يتواطئون مع خصومه فيتولونهم (ينصرونهم) ويتآمرون معهم لإيذاء المسلمين، وهم بتعبيرنا المعاصر الجواسيس والخونة) هل يطلق هذا المصطلح على المنافقين؟ أو هناك فرق ( بحث عقدي فقهي ).
  7. قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (التحريم 9)، والمعنى، كما يقول المفسرون: "جَاهِدِ الْكُفَّار بالسيفَ، وَالْمُنَافِقِينَ بالوعيد واللسان"....هل هذا المعنى هو قول المفسرين فعلاً؟ ( محل بحثه كتب التفسير ).
  8. هل البراءة من المشركين خاصة بالحربي معاملة بالمثل؟ ( عقدي فقهي )
  9. ( يتضح مما تقدم أنه لا أصل في القرآن لبعض الآراء المنتشرة اليوم في بعض الأوساط والتي تتحدث عن هذين المفهومين الإسلاميين الأصيلين) سبق الحديث عن البراء، فأين سبق الحديث في المقال عن الولاء؟ ( ملحظ فني).
  10. هل قول بعضهم : "معنى الولاء : هو حُب الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين ونصرتهم. والبراء : هو بُغض من خالف الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين، من الكافرينوالمشركين والمنافقين والمبتدعين والفساق" هو حديث خارج السياق الذي وردا فيه في الذكر الحكيم ولا أصل له في القرآن؟ ( بحث عقدي، قرآني ).
  11. هل ( ومع أن مجمل معنى هذا القول يمكن إسناده بآيات قرآنية وأحاديث نبوية وردت في سياقات مختلفة ) رجوع عما سبق من كونهما وردا خارج السياقات القرآنية ؟ ( منهجية الباحث في التأليف ).
  12. هل إدخال لفظ المبتدعة في تعريف الولاء والبراء يتجاهل ما تنطوي عليه النصوص من تسامح؟ ( عقدي)
  13. هل الأمور الواردة في المقال على أنها مقحمة في تعريف الولاء والبراء مقحمة فعلا أو أن منها ما هو مقحم، ومنها ما ليس كذلك؟ ومن هو الذي أقحمها تحديدا ( مطالبة بالمصدر لكل نقطة منها).
  14. هل الاستدلال في خاتمة المقال مناسب للمستدل عليه؟
ليست هذه بلا شك مناقشة لمحتويات المقال أستاذنا الصالح ولكنها كما ذكرت في بداية مشاركتي محاولة لعنصرة ( إن صح هذا التعبير ) المقال، ولعل مشايخنا في الملتقى يعلقون.
وفقك الله ونفع بك وزادك من فضله
 
هذا والله العلم

هذا والله العلم

شكر الله تعالى للأخ الفاضل محمود البعداني صنيعه

وإن ما قام به هو خير ما يُفتتح به مناقشة الموضوع ، وعسى أن يكون قد سنّ لنا سنة حسنة

في مناقشة الموضوعات الفكرية والمتعلقة بأصول الدين

وبصدد الملحظ الفني الذي ذكره وهو من مسؤوليتي فأقول موضحاً[ومعتذراً] بأن المقال الذي أوردته

كان في الأصل حلقة من سلسلة مقالات ألقى فيها الأستاذ الضوء على هذا الموضوع، فقمت باقتظاف

الحلقة التي ناقش فيها البراء لما رأيته من الأهمية بمكان أن نناقش هذا الموضوع.

وأرجو من الإخوة الكرام الذين يرون أن الأفكار الواردة في المقال قمن أن تناقش وتضاء جنباتها

أن يُدلوا بدلائهم. فلو أجاب كل أخ على تساؤل من التساؤلات التي صنفها الأخ البعداني لأثري

الموضوع ولعاد بنفع كبير على من تستوقفهم هذه القضايا

والله من وراء القصد

 
أستاذنا الصالح وفقكم الله
أخشى أن يطول بقاء المقال دون مشاركات فيختفي هذا الموضوع المهم، ويذهب إلى الصفحة الثانية.
وفي ظني أن مناقشة تلك التساؤلات المدونة على المقال لو نوقشت لأذهبت الهدف المرجو من الموضوع، وهو الحوار في مؤلفات الدكتور الجابري لا في مقال واحد فحسب!
ولذا أعرض عليكم مقترحا في هذا، وهو أن يكون التدارس والحوار في المؤلفات لا في المقالات، وقد قرأت لكم أن من أضعف ما كتب الجابري كتبه الأخيرة عن تاريخ القرآن، فإن كان المراد كتابه: مدخل إلى القرآن الكريم دون تفسيره فهم القرآن الحكيم فإنه يمكن التحاور حول التفسير نفسه خاصة وهذا الملتقى هو ملتقى أهل التفسير.
وإن كان رأيكم أن التفسير يلحقه ما قلتم في كتابه مدخل إلى القرآن الكريم فإني أقترح عليكم اختيار كتاب لموضوعاته تعلق بالملتقى وما يدور فيه، وفيما أزعم فإن كتاب: المثقفون في الحضارة العربية محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد هو من ألصق كتب الجابري بغرض الملتقى - وقد تيسر لي الاطلاع على عدد لا بأس به من مؤلفات الدكتور الجابري -
لذا أقترح عليكم أن يكون هذا الكتاب هو محل الحوار، وهو في ثلاثة فصول تتضمن واحدا وثلاثين عنوانا جانبياً في ( 156 ) صفحة، فهو من حيث الحجم مناسب، ويمكن أن يكون الحوار فيه كالتالي:
يقرأ الدكتور الصالح مع من يرغب في الحوار حول الكتاب فصلا من الفصول في أسبوع ويكتب ثلاثة أمور: أهم أفكار الفصل ( بما لا يزيد عن 10 أسطر مثلا )، وأهم الإيجابيات إن وجدت، وأهم السلبيات والأخطاء إن وجدت
وفي نهاية الأسبوع ( أو أثنائه لمن انتهى من القراءة ) يضيف الدكتور الصالح ما عنده على المنهج السابق ويضيف الأخ أو الأخوة ما عندهم
وإذا انتهينا من الكتاب سألنا هذا الكتاب هل أضفت جديدا مفيدا أم لا؟ وذلك من خلال ما تمت كتابته
وغير خاف على أمثالكم أن مثل هذا يضبط الأمر في موضوع الحوار، وفي حال اتحاد وجهات النظر أو اختلافها فإننا لا نستغني عن ملاحظات المشرفين وسائر الكرام من مشايخنا في الملتقى.
فإن رأيتم أن مثل هذا المنهج في المحاورة مجدٍ فيشرفني أستاذنا الصالح أن أكون أول مستفيد من قراءة الكتاب معكم، ولكم أن تحددوا الكتاب المناسب إما المثقفون أو التفسير أو غيره مما يناسب الملتقى وتبلغ فهمه مداركي
وفقكم الله ونفع بكم
 
ورد هذا المقال في موقع الأستاذ الجابري، وقد ارتأيت اقتباسه هنا لنتحاور في الأفكار

الواردة فيه لما للموضوع من أهمية تمس كل واحد منا. قال رحمه الله:​


ومن جهة أخرى أبرزنا أن القرآن الكريم يتحرك، على مسار ترتيب النزول، من موقف المساواة بين الأغيار، مؤكدا أن أمْر التفاضل بينهم، أعني بيان الموقف الصحيح من غير الصحيح يرجع إلى الله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا (المسلمون)، وَالَّذِينَ هَادُوا (اليهود)، وَالصَّابِئِينَ، وَالنَّصَارَى، وَالْمَجُوسَ، وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا، إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (الحج 17). وما ينبغي لفت النظر إليه هنا أن سورة الحج التي منها هذه الآية، هي آخر سورة نزلت بمكة، أو أنها نزلت بينما كان الرسول عليه السلام في الطريق مهاجرا إلى المدينة. ونزولها في هذا التوقيت بالذات مرتبط بالوضعية الجديدة التي كانت سائدة في المدينة من حيث تعدد المرتبطين، بشكل ما، بالديانات السماوية وغير السماوية؛ ومن هذا الاعتبار تكون الآية المذكورة بمثابة تنبيه للمسلمين إلى عدم الدخول في منازعات، حول صحة أو عدم صحة هذا الاعتقاد أو ذلك، وبالتالي تطلب منهم ترك الأمر إلى الله الذي وحده سيفصل يوم القيامة بين الدين السماوي الصحيح وبين الأديان التي داخلها تحريف. ومما يزكي هذا الفهم أن سورة العنكبوت، التي نزلت والنبي وصحبه يتهيأ للهجرة، توصي بالتعامل مع أهل الكتاب بالتي هي أحسن. قال تعالى: "وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ، وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ، وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (العنكبوت 46).

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين ، وبعد:
إن الله تعالى قد وصف كتابه بقوله:
(الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ) سورة هود(1)
وقال تبارك تعالى:
(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) سورة النساء(82)

وكلام الجابري ينفي الإحكام عن الكتاب ويثبت التناقض والاختلاف وهذا لا أدري ما سببه هل هو قصور في فهم الجابري ، أم هو تلبيس وتدليس ؟
وربما كان الثاني هو الأرجح لأن من له أدنى بصيرة بفهم كتاب الله لا يمكن أن يقع في هذه الورطة الكبيرة حيث إن هذه المقوله الخطيرة يترتب عليها قضيتان خطيرتان:
الأولى: وصم القرآن بالتناقض.
الثاني: إلغاء الغاية من الرسالة الخاتمة التي أرسل بها النبي صلى الله عليه وسلم.
ولن أطيل في الاستدلال على بطلان كلام الجابري فسقوطه ظاهر ، ولا أدل على سقوط كلامه من سورة العنكبوت التي استدل بآية منها لتزكية فهمه وأنى له ذلك والله تعالى يقدم لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم خليله إبراهيم مثالاً كي يسير على طريقته في دعوة أهل الباطل ونسف معتقداتهم وبيان عوارهم :
(وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (16) إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17) وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (18))
كيف يزكو فهم الجابري والله يقول في نفس السورة:
(مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43))

لقد كان على النبي صلى الله عليه وسلم ـ حسب فهم الجابري ـ أن يحتفظ بهذا الكتاب لنفسه ولا يتلوه ولا يبلغه ولا يجاهد من أجل تبليغه.
إن الله لم يسو بين الأغيار كم زعم الجابري بل قد فصل ومايز بينهم ، وبين من هو على الحق ومن هو على الباطل ، وبين الصحيح من غير الصحيح وهذا لا يتعارض مع كون الله يفصل بينهم يوم القيامة.

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد.
 
ورد هذا المقال في موقع الأستاذ الجابري، وقد ارتأيت اقتباسه هنا لنتحاور في الأفكار

الواردة فيه لما للموضوع من أهمية تمس كل واحد منا. قال رحمه الله:​

واضح إذن أن "الغيرية" في القرآن لا تعني أكثر من مجرد الاختلاف، وأنه من حيث المبدأ، لا شيء هنا يقرر الكراهية لـ"الغير" أو النفور منه أو احتقاره أو اعتباره على خطأ، بل كل ما يقرره القرآن، انطلاقا من هذا المبدأ، هو الدعوة إلى الحوار، إلى الجدال بالتي هي أحسن، إلى إفهام أهل الديانات السماوية الأخرى أن الدين المنزل من عند الله واحد، يوحد ولا يفرق : "وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ، وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (العنكبوت 46). وهذا هو منتهى التسامح في الدين، التسامح مع من ينتمون إلى الديانات السماوية المختلفة؛ إنه تسامح يتجاوز الحوار والاعتراف المتبادل إلى التماهي في القضية الأساسية قضية التوحيد.

كلام يتناقض مع ما قرره في فقرته السابقة ومتناقض مع نفسه فآخر كلامه ينقض أوله ثم هومصادم لما قرره القرآن:
( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) سورة الممتحنة(4)
(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) سورة التوبة(68)

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد.
 
ورد هذا المقال في موقع الأستاذ الجابري، وقد ارتأيت اقتباسه هنا لنتحاور في الأفكار

الواردة فيه لما للموضوع من أهمية تمس كل واحد منا. قال رحمه الله:​

أما الذين يتظاهرون بالإسلام وفي نفس الوقت يتواطئون مع خصومه فيتولونهم (ينصرونهم) ويتآمرون معهم لإيذاء المسلمين، (وهم بتعبيرنا المعاصر الجواسيس والخونة)، فالقرآن يدعو إلى أخذ الحيطة منهم، وعدم الثقة فيهم، ولكن دون التنصيص على عقوبة دنيوية ضدهم، فعقوبتهم هي عقوبة حلفائهم الكافرين، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (التحريم 9)، والمعنى، كما يقول المفسرون: "جَاهِدِ الْكُفَّار بالسيفَ، وَالْمُنَافِقِينَ بالوعيد واللسان"، ولم يأمر القرآن لا بتكفيرهم ولا بنبذهم، ولم يعلن البراءة منهم، لأنهم حصَّـنوا أنفسهم بإظهار الإسلام.

أليس هذا تناقضا يا عباد الله ؟
ألم يسو بين المسلمين وغيرهم في أول مقاله ؟
ألم يقل إن حكم الجميع موقوف على فصل الله بينهم يوم القيامة ؟
ثم هو يذكر هنا أن الإسلام له أعداء وخصوم وفيه منافقون فمن أين جاءت هذه العداوة والخصومة والنفاق وما سببها؟

ثم لما التقول على القرآن ؟
ألم يقل الله:
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63)) سورة النساء

(فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (88) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89))سورة النساء

(بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140)) سورة النساء

لا يكفي هذا في تكفيرهم ونبذهم والبراءة منهم ؟
سيقول البعض إنه يريد عدم تكفير الأعيان .
أقول نعم هذا في حقنا وحقهم كأفراد ، ولكن لا يضرب القرآن بعضه ببعض كما فعل الجابري في مقالته وبالذات في هذه الفقرة فهو يحكم على المنافقين بنفس حكم حلفائهم ثم بعد ذلك يخرجهم من تحت ذلك الحكم ثم يمنع تكفيرهم ونبذهم والبراءة منهم.
فأي تناقض أكبر من هذا التناقض؟
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد
 
كلمة عامة في حوارات الأخ أبي سعد

كلمة عامة في حوارات الأخ أبي سعد

الأخ أبا سعد الغامدي
شرفنا مروركم ونقاشكم
ولكن بدوتم تنطلقون من تشكيك مسبّق في النوايا وانتقادات لشخص الكاتب وتصوير صِدام بين
الفكر الكلي للقرآن وبين الكاتب، لا مجرد سوء فهم لدى الجابري لم نتيقنه بعدُ لأن الأسئلة التي
تضمنها المقال والتي صنفها أخونا البعداني لم يُجب عليها بعد.
هكذا بدوتم لي تنطلقون ، إن صدق نظري القاصر ، وعلى فرض صدقه أقول
نحن هنا ننطلق من غير منطلقاتكم.
من أن الكاتب الجابري رحمه الله ، وهو من أهل التفسير، ما دام قد ألف تفسيرا من 3 أجزاء، مسلم
مجتهد.وما ننكر أن لديه ميلا للعقلانية العالمية المعاصرة ، وقد صرّح بأنه ينتصر لها بل وقف حياته
على الدعوة لها، بل ميزته أنه حاول تجديد التراث من داخله بأدوات عقلانية عالمية معاصرة.، وأنه لكلّ
ذلك ليس بمأمن من أن يقع في إسقاط وأن يحاول صرف النص القرآني إلى احتمال لا ينتصر له سياقه
التاريخي والديني الذي مثله تجربة الرسول وصحابته الكرام. ونحن إنما نريد أن نكتشف فقط هل أصاب
أم أنه وقع في إسقاط فجانف الصواب.
وهو لدينا على درجة واحدة مع من يتطرفون في الاتجاه المعاكس في فهم النص فيتجاهلون الواقع والعقلانية والمخاطَب بالقرآن والرسالة الإلهية أي الإنسان.أعني في هذه القضية بالذات.
ولذلك وددت من أخوّتكم أن تشاركونا الحوار في الخطوات التي وُضعت لنحلها واحدة واحدة.
فقد علّمنا الأستاذ الراحل أن الرفض من الخارج هو رفض المتعصبين المنغلقين الذين هم بما هم كذلك
خارج العلم والتاريخ.أما الرفض من الداخل أي أن نقوم بتحليل الفكرة ونكتشف تناقضها الداخلي أو مع
ما هو مجمع عليه معلوم من الدين بالضرورة فهذا هو رفض العلماء وهو ما نبذل وسعنا أن نصل إليه.
نتشرف بك أخي أبا سعد أخاً في الحوار والنقاش وعسى أن تنجح هذه السطور من أخيك المتحدث في
إقناعك بصحة ما قصدنا إليه
، فإن لم تقنعك فعسى أن نتحاور في غيره من مواضيع إن نسأ الله تعالى في الأجل وكان في العمر بقية.
وللحديث بقية عما قريب إن شاء الله. وسنمرّ على ما أثرتموه من مسائل .
 

نتشرف بك أخي أبا سعد أخاً في الحوار والنقاش وعسى أن تنجح هذه السطور من أخيك المتحدث في
إقناعك بصحة ما قصدنا إليه
، فإن لم تقنعك فعسى أن نتحاور في غيره من مواضيع إن نسأ الله تعالى في الأجل وكان في العمر بقية.

وللحديث بقية عما قريب إن شاء الله. وسنمرّ على ما أثرتموه من مسائل .

الدكتور الفاضل عبد الرحمن
لست في حاجة إلى إقناعي في صحة مقصدكم لأنني لم أشكك في مقصدكم ، وإنما شاركت بناء على طلبكم حيث نقلتم مقال الجابري وطلبتم الحوار حول ما يحمله من أفكار.
وأنا لم أزد على أن أدليت بما أرى أنه الحق في أهم ما في المقال.
وأما قضية التشكيك فلست ممن ينطلق من هذه المنطلقات ولكن القضية التي تناولها الجابري في أول مقاله من الوضوح في تصادمها مع غاية الرسالة الكبرى ـ وهي تغيير واقع البشرية ـ بحيث لا يمكن أن تفسر إلا بأحد التفسيرين التي ذكرتهما ورجحت التفسير الثاني لأن القضية من الوضوح بحيث لا تحتمل التفسير الأول مع أنه أشنع في حق الجابري لو حملنا حاله عليه.
ومع هذا مشاركتي لا تحول بينكم وبين ما ترمون إليه من طرح الحوار حول مقال الجابري وغيره مما كتبه.
هناك الكثير من النقاط التي أود الكلام حولها في تعقيبكم على مشاركتي ولعل الله أن ييسر ذلك في وقت لاحق.
شكر الله لكم ووفقنا وإياكم للحق فما نقول ونفعل.
 
الدكتور الفاضل عبد الرحمن
لست في حاجة إلى إقناعي في صحة مقصدكم لأنني لم أشكك في مقصدكم ،
وإنما شاركت بناء على طلبكم حيث نقلتم مقال الجابري وطلبتم الحوار حول ما
يحمله من أفكار.
يبدو أنني قد خانني التعبير. لا ومعاذ الله أن أظن أنكم قد شككتم في نية اخيكم
بل أردت أن أقول مقصدي في ضرورة الإجابة على التساؤلات كما قد رتبت من قبل
الأخ البعداني لأنها بدت لي أكثر ملاءمة للإحاطة بجنبات الموضوع.
ولا شك أني لم أصرحّ بل إني لأجهل أن يكون ما توصلتم إليه هو الصواب ، لأني
أرى أنكم قد ذكرتم النتائج قبل أن نمر على الخطوات اللازمة للوصول إليها، وهذا
لا يعني صحة النتائج من عدمه.
وأشارككم الرأي في أن في المقال ما يتناقض مع ما ربينا عليه وتلقيناه مما نحسبه
معلوما من الدين بالضرورة، والسبب في إيرادنا للمقال أصلا ما فيه من الصدام مع
ما ربينا عليه لأنه سيجعلنا نفكر ونمحص ونصحح أو نثبت.
والسبب في صعوبة الموضوع كما تبدو لنا امتزاج ما هو ديني بما هو سياسي في فترة تشكل
الدولة الإسلامية في عصر النبي علي الصلاة والسلام.
ونحن ـ أخي أبا سعدـ نريد فقط أن نفهم ونتعلم، وما قلته لكم في تعليقي على مشاركاتكم
لا يعني ردا على نتائجكم لا تأييدا ولا تفنيدا ولا أن لدينا علماليس لديكم. معاذ الله بل
إن وصولكم السريع إلى النتائج هو ما حملني على القول أو على الظن أنكم تنطلقون من تشكيك
في نوايا الكاتب أقصد الجابري عفا الله عنه
وأنا لم أزد على أن أدليت بما أرى أنه الحق في أهمّ ما في المقال.
وأما قضية التشكيك فلست ممن ينطلق من هذه المنطلقات ولكن القضية التي تناولها
الجابري في أول مقاله من الوضوح في تصادمها مع غاية الرسالة الكبرى ـ وهي تغيير
واقع البشرية ـ بحيث لا يمكن أن تفسر إلا بأحد التفسيرين التي ذكرتهما ورجحت
التفسير الثاني لأن القضية من الوضوح بحيث لا تحتمل التفسير الأول مع أنه أشنع في
حق الجابري لو حملنا حاله عليه.
ومع هذا مشاركتي لا تحول بينكم وبين ما ترمون إليه من طرح الحوار حول مقال الجابري
وغيره مما كتبه. هناك الكثير من النقاط التي أود الكلام حولها في تعقيبكم على مشاركتي
ولعل الله أن ييسر ذلك في وقت لاحق.
شكر الله لكم ووفقنا وإياكم للحق فما نقول ونفعل.
سنتوصل معا إلى التحليل العلمي للمقال بإذن الله، ونحن نطلب منكم أن تشرفونا بالمشاركة في النقاش بترتيب القضايا لنصل في النهاية إلى ما نطمئن جميعا إلى أنه الحق. ونحن مؤمنون والحمد لله برسالة الإسلام ولكن لا نمزج بين التاريخ وبين الدين بل إنّ فهوم المسلمين للدين عمل بشري يصيب ويخظئ، أما الدين الحق فهو رسالة الله تعالى إلى الإنسانية كما بلغها الرسول ومصدرها هو القرآن والسيرة النبوية، هي في فهمنا المتواضع بنية متكاملة لا يفهم جزء منها إلا داخل الكل. والكل له زمان هو 23 سنة ومكان هو مكة والمدينة ومجال حياة الرسول.
والأفكار التي ناقشت وجود الإنسان في الكون من خلال الجماعة الإسلامية المتشكلة، منها ماهو سياسي واجتماعي وأخلاقي . والسبب في صعوبة الرؤية هو تفكك الجماعة الإسلامية سياسيا منذ عهود طويلة ، وبقي الفرد يواجه الوجود مسلحا بأفكار الدين ولكن دون جماعة. إنّ انفصال السياسي عن الديني في حياة المسلم المعاصر تجعل من الصعوبة بمكان عليه أن يفهم الأفكار الدينية على حقيقتها في فترة تشكلها. لأنها قد نشأت في بنية سياسية واجتماعية لم تعد موجودة.
فمقال الجابري الذي أكد على عدة أمور منها أن البراء من المجتمعات الأخرى غير الاسلامية سببه ابتسار النصوص من أسيقتها أمر لا نسلمه له بسهوله، بل سنناقشه بتفصيل ونرجو أن يوفقنا الله تعالى للوصول معا إلى الفهم الأصوب. وما ننكر أنه يتناقض مع الفهم المتشكل في التاريخ الإسلامي للقضية ولكن ما نريد أن نكتشفه هو هل يتناقض مع بنية الفكر الديني المتشكل في عصر الرسالة لأن هذا هو ما يهمنا. وما نتفق عليه مسلمين ومؤمنين. ولا نستبق الأحداث بل سنتعاون على الفهم. بإذن الله، ودمتم بودّ
 
طردة مبطّنة لمن لا يوافق هواه ..



يا أخي ! البدايات دليلٌ على النهايات

{ أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير


أم من أسس بنيانه على شفا جرف هارٍ فانهار به .. } الآية

غير زعلان منك

وآمل أن تصدقني إذا أخبرتك أني أجهل النتائج التي سنصل إليها. ولا علم لي مسبق ولا نية في إيصال جواب معين عن الإشكالية المطروحة اللهم إلا ما أحسّه من أهميتها. وبعد الانتهاء من مناقشة المقال سنتجه إلى مناقشة الكتب ذات العلاقة بمقصد الملتقى كما اقترح الأخ البعداني . فكتاب المثقفون في الحضارة العربية محنة بن حنبل ونكبة ابن رشد قد كشف النقاب عن الأسباب السياسية لمحنة خلق القرآن. وسوف نعرّج على معنى مخلوق هل قُصد به مُحدث، فإن كان لفظ مخلوق يعني (محدث) فقط فقد انتصر شيخ الإسلام ابن تيمية للقول بأنه محدث. إذا ثبت ذلك فسيكون الخلاف الذي امتص طاقات الأمة لألف سنة سببه إساءة فهم فقط ولعبة مصطلحات.
 
وأشارككم الرأي في أن في المقال ما يتناقض مع ما ربينا عليه وتلقيناه مما نحسبه
معلوما من الدين بالضرورة، والسبب في إيرادنا للمقال أصلا ما فيه من الصدام مع
ما ربينا عليه لأنه سيجعلنا نفكر ونمحص ونصحح أو نثبت.
كيف وصلت إلى هذا الحكم ؟

وهل أنت في شك مما ربيت عليه وتلقيته ؟
وهل قناعتك السابقة بما تحمله من علم كان مبني على تقليد جهة التلقي التي أخذت عنها ؟
أم كانت بناء على مدى موافقتها لدلالة النصوص؟
كلام أستغربه من مثلك يا دكتور عبد الرحمن!

والسبب في صعوبة الموضوع كما تبدو لنا امتزاج ما هو ديني بما هو سياسي في فترة تشكل
الدولة الإسلامية في عصر النبي علي الصلاة والسلام.



أنا لا أرى أي صعوبة في الموضوع
ثم هل كان امتزاج ما هو ديني بما هو سياسي في فترة تشكل الدولة الإسلامية مقصودا للنبي صلى الله عليه وسلم وهذه هي طبيعة رسالته؟
أم أن الأمور جرت هكذا وترك الأمر لمن بعده ليعملوا عقولهم ويميزوا بين ما هو ديني واجب الاتباع وبين ما هو سياسي ؟ وهذا الأخير لا أدري لمن يترك الأمر في الحكم عليه "الجانب السياسي"؟

ونحن ـ أخي أبا سعدـ نريد فقط أن نفهم ونتعلم، وما قلته لكم في تعليقي على مشاركاتكم
لا يعني ردا على نتائجكم لا تأييدا ولا تفنيدا ولا أن لدينا علماليس لديكم. معاذ الله بل
إن وصولكم السريع إلى النتائج هو ما حملني على القول أو على الظن أنكم تنطلقون من تشكيك
في نوايا الكاتب أقصد الجابري عفا الله عنه

إرادة الفهم والتعلم هو كذلك ما أكتب من أجله.
أما بخصوص وصولي السريع إلى النتائج فهو لوضوحها حتى لمن يختلفون مع أحقية هذا الدين في السيادة والظهور على الدين كله
وهذا هو الذي جعلني أتطرق إلى نوايا الجابري لأني لم أجد تفسيرا آخر.

سنتوصل معا إلى التحليل العلمي للمقال بإذن الله، ونحن نطلب منكم أن تشرفونا بالمشاركة في النقاش بترتيب القضايا لنصل في النهاية إلى ما نطمئن جميعا إلى أنه الحق.

لا مانع عندي مما تدعو إليه
لكن المشكلة هو أن طرح الواضحات والمسلمات للنقاش العلمي ضرب من التشكيك في الحقائق.

ونحن مؤمنون والحمد لله برسالة الإسلام ولكن لا نمزج بين التاريخ وبين الدين بل إنّ فهوم المسلمين للدين عمل بشري يصيب ويخظئ، أما الدين الحق فهو رسالة الله تعالى إلى الإنسانية كما بلغها الرسول ومصدرها هو القرآن والسيرة النبوية، هي في فهمنا المتواضع بنية متكاملة لا يفهم جزء منها إلا داخل الكل. والكل له زمان هو 23 سنة ومكان هو مكة والمدينة ومجال حياة الرسول.

وهذا لا أختلف معك فيه إطلاقا
بشرط أن نتفق أن فهمي وفهمك مسبوق بفهوم وتطبيقات عمليه يجب أن نضعها في الحسبان.

والأفكار التي ناقشت وجود الإنسان في الكون من خلال الجماعة الإسلامية المتشكلة، منها ماهو سياسي واجتماعي وأخلاقي . والسبب في صعوبة الرؤية هو تفكك الجماعة الإسلامية سياسيا منذ عهود طويلة ، وبقي الفرد يواجه الوجود مسلحا بأفكار الدين ولكن دون جماعة. إنّ انفصال السياسي عن الديني في حياة المسلم المعاصر تجعل من الصعوبة بمكان عليه أن يفهم الأفكار الدينية على حقيقتها في فترة تشكلها. لأنها قد نشأت في بنية سياسية واجتماعية لم تعد موجودة.

حل هذه المعضلة هو مناقشة " الأفكار الدينية" من خلال مدى صلاحيتها لحل مشكلات المسلم المعاصر في بنيته السياسية والاجتماعية التي يعيشها.

فمقال الجابري الذي أكد على عدة أمور منها أن البراء من المجتمعات الأخرى غير الاسلامية سببه ابتسار النصوص من أسيقتها أمر لا نسلمه له بسهوله، بل سنناقشه بتفصيل ونرجو أن يوفقنا الله تعالى للوصول معا إلى الفهم الأصوب. وما ننكر أنه يتناقض مع الفهم المتشكل في التاريخ الإسلامي للقضية ولكن ما نريد أن نكتشفه هو هل يتناقض مع بنية الفكر الديني المتشكل في عصر الرسالة لأن هذا هو ما يهمنا. وما نتفق عليه مسلمين ومؤمنين. ولا نستبق الأحداث بل سنتعاون على الفهم. بإذن الله، ودمتم بودّ

في انتظاركم
وفقكم الله
 
سعادة الدكتور عبدالرحمن الصالح - جمَّلكَ اللهُ بما أحبَّ - .
إعجابُكَ بالجابري - تولاَّهُ اللهُ - شيءٌ اخترتَه لنفسِكَ ؛ لأمورٍ تراها ، ولم أرُمْ سجالاً معك حول شخصهِ في موضوعِ نعيهِ ذاك .
فأنتَ وما ترى .


ومن حسن حظ الأمة أن قيّض الله لها مفكرا عاصر ثورة الاتصال.

نُكِبت الأمة بتاريخ 03-05-2010 بوفاة مفكّرها الكبير ، وعالمها النحرير
أمَّا أن تجعلَ الجابريَّ مِنَّةً على الأمَّةِ ، وإكراماً لها ؛ وتقييضاً من اللهِ = فهذا ما لا أظنُّك ستجدُ عالماً باللهِ ، وبأمرهِ ، وبما حوته كتب هذا الرجل يوافقك عليه. فلستَ الوحيدَ الذي قرأ ما ألَّف وأتَلَف!
ثمَّ تجعلُ موتَه نكبةً للأمَّةِ؟!! حنانيك .. هبها نكبةً لكَ ؛ فلا إشكالَ عندنا في ذلك ..
أما أن ننتكبَ جميعاً لموتِ هذا الرَّجل ؛ فننتظرُ الاستباناتِ فيمن نُكِبَ به ، ومن لم ينكبْ!
فليتَك لم تحشرنا معك في التماوتِ على هذا الرجلِ .
ولعلَّ القلمَ أصابَ إذْ أخطأ ؛ فكتبَ : ( مؤلقات) .. ولم يكتبْ : (مؤلَّفات) !
تحيَّتي العطرة لك .
 
الأخ خليل

الأخ خليل

حياك الله وبياك

قد رأيت أن مؤلفات أصبحت مؤلقات فعددتها فألا حسنا

فهي كما قال الشاعر

امنحيني يا نجوم الألقا * وهبيني يا زهور العبقا

وأما ما ذكرته من نعي المغفور له فنحن مأمورون أن ننصح الأمة بما ندين الله أنه الحق،
وإن خالفنا في ذلك فضلاء من أمثالكم
فأنا أدين الله بأن المرحوم محمد عابد الجابري هو البداية الصحيحة لمسيرة الأمة التاريخية.
وهو قال عن نفسه إنه متأخر الظهور لأن عمله كان لابد أن يكون قد ظهر منذ مئة سنة
على الأقل ، لكن عليه أن يتحمل نقد البداية، وأنا أربأ بالفضلاء أن يكونوا من الصادين للأمة عن
الوعي بذاتها الذي جاء لها به فيلسوفها الراحل.

وهذا لا يعني بالضرورة أن يوافقني عليه كل الناس، وما أحب الخوض في المراء فقد سبق وأن
اعترض عليّ بعض الإخوة منذ 3 سنين ولكن من الأمور ما لا بد أن يكتشفها الإنسان بنفسه.
وكنا قد دعوناه عام 2003 أنا وأحد أصدقائي الفضلاء إلى أن يلبس العمامة ويتصدر للدعوة
ويعود إلى حظيرة الفقهاء فاعتذر برسالة طويلة قال فيها

"الأخ عبدالرحمن أشكر لك ولصديقك الاهتمام بشخصي المتواضع، ودعوتكم لي ولوج باب الدعوة،
لكني لا أجد نفسي مهيّئاً له ثم إن ساحته ليست خاليه فقد دب إليه من يصلح ومن لا يصلح،، ...
وأنا مشغول بقضايا فكرية وأكاديمية تأخذ عليّ كل وقتي. وعسى أن نلتقي قريبا إبان سنوح الفرصة .
وتفضلوا بقبول شكري وتقديري
. محمد عابد الجابري"

مما لا أنساه فيما يشبه موضوعنا هذا حوار دار بيني وبين مهندس(اصبح صديقا لي فيما بعد)
كان يعمل عملا إضافيا في مطعم! وجاء طارئ أبي العلاء المعري فقال (هذا الرجل لو مثّل
على البشرية قليلا لكان قبره الآن مزارا) ولكن صدقه جعل الناس تبسط لسانها عليه بالنكير،
فذكرني بقول المعري

يزورني القوم هذا داره يمــنٌ * من الديار وهذا أرضُهُ الطبــسُ
قالوا سمعنا حديثاً عنك قلتُ لهم * لا يبعد الله إلا معشرا لبــسوا
ماذا تريدون لا مال تيسّر لي * فيُستماحُ ولا علم فيقتبسُ
أتسألون جهولا أن يُفيدكم * وتحلبون سفيا ضرعها يبس
ما يعجب الناس إلا قول مختدع * كأن قوما إذا ما شريوا أبسوا
قد أنفقوا في ضياع كل ما عمروا * فكان مثل جلال البدن ما لبسوا

ومثله الأستاذ الجابري في ردّه السابق عليّ وفي حياته، فقد آثر أن يظل صادقا مع نفسه، مخلصا لرسالته
، ولو مثّل قليلا على الناس أو سايرهم أو شاء مدحا لا يرتضيه لقبل على الأقل دعوتنا له، ولكنه آثر
أن لا ينزل عن مبدئه في عدّ التدين مسألة شخصية بين العبد وبين ربه لا دخل لأحد فيها ، وكون رسالة
العلم هي سبيله ، وأن ما قرره فيلسوف العلم كارل بوبر من أن "كل حقيقة موضوعية هي نسبية وكل
حقيقة مطلقة هي ذاتية والعكس صحيح" قول يصح في مجمله، فأدى رسالته للتاريخ .
وأنا لا أقف موقف المدافع عنه فقد أفضى إلى ما قدم، ولا أزعم أنه ولي من الصالحين، ولكنه
عظيم النفع للأمة فيما صنف وكتب وحلل بقدر ما يتعلق الأمر بإدراكي المحدود وتكويني الثقافي.
ونحن هنا قد عزمنا على أن نتناقش في مؤلفات الراحل ونحاول تحليل ما توصل إليه في قضايا
خلافية كثيرة نؤيد بعضها ونفند بعضا آخر. ولا تحسب أن علما الإسلام والعربية كانوا كلهم أتقياء
ورعين وأنا أذكرك بما قاله أبو حيان التوحيدي عن معاصريه من العلماء ! على انا لا نقدح في اخلاق
فقيدنا الراحل ولا في سلوكه.

وقديما قال إبراهيم ابن سيار النظام ونسبت أيضا إلى أبي يوسف "إن العلم لا يُعطيك بعضه حتى تعطيه
كلك"رحم الله فقيد أمة الإسلام ومفكرها الفذ، وفيلسوفها المخلص محمد الجابري وأسكنه فسيح جناته

وهدى الله عباده لما اختلف فيه من الحق بإذنه
وشكرا لكم على مروركم
والله من وراء القصد
 
أستاذنا الصالح وفقكم الله
أخشى أن يطول بقاء المقال دون مشاركات فيختفي هذا الموضوع المهم، ويذهب إلى الصفحة الثانية.
وفي ظني أن مناقشة تلك التساؤلات المدونة على المقال لو نوقشت لأذهبت الهدف المرجو من الموضوع، وهو الحوار في مؤلفات الدكتور الجابري لا في مقال واحد فحسب!
ولذا أعرض عليكم مقترحا في هذا، وهو أن يكون التدارس والحوار في المؤلفات لا في المقالات، وقد قرأت لكم أن من أضعف ما كتب الجابري كتبه الأخيرة عن تاريخ القرآن، فإن كان المراد كتابه: مدخل إلى القرآن الكريم دون تفسيره فهم القرآن الحكيم فإنه يمكن التحاور حول التفسير نفسه خاصة وهذا الملتقى هو ملتقى أهل التفسير.
وإن كان رأيكم أن التفسير يلحقه ما قلتم في كتابه مدخل إلى القرآن الكريم فإني أقترح عليكم اختيار كتاب لموضوعاته تعلق بالملتقى وما يدور فيه، وفيما أزعم فإن كتاب: المثقفون في الحضارة العربية محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد هو من ألصق كتب الجابري بغرض الملتقى - وقد تيسر لي الاطلاع على عدد لا بأس به من مؤلفات الدكتور الجابري -
لذا أقترح عليكم أن يكون هذا الكتاب هو محل الحوار، وهو في ثلاثة فصول تتضمن واحدا وثلاثين عنوانا جانبياً في ( 156 ) صفحة، فهو من حيث الحجم مناسب، ويمكن أن يكون الحوار فيه كالتالي:
يقرأ الدكتور الصالح مع من يرغب في الحوار حول الكتاب فصلا من الفصول في أسبوع ويكتب ثلاثة أمور: أهم أفكار الفصل ( بما لا يزيد عن 10 أسطر مثلا )، وأهم الإيجابيات إن وجدت، وأهم السلبيات والأخطاء إن وجدت
وفي نهاية الأسبوع ( أو أثنائه لمن انتهى من القراءة ) يضيف الدكتور الصالح ما عنده على المنهج السابق ويضيف الأخ أو الأخوة ما عندهم
وإذا انتهينا من الكتاب سألنا هذا الكتاب هل أضفت جديدا مفيدا أم لا؟ وذلك من خلال ما تمت كتابته
وغير خاف على أمثالكم أن مثل هذا يضبط الأمر في موضوع الحوار، وفي حال اتحاد وجهات النظر أو اختلافها فإننا لا نستغني عن ملاحظات المشرفين وسائر الكرام من مشايخنا في الملتقى.
فإن رأيتم أن مثل هذا المنهج في المحاورة مجدٍ فيشرفني أستاذنا الصالح أن أكون أول مستفيد من قراءة الكتاب معكم، ولكم أن تحددوا الكتاب المناسب إما المثقفون أو التفسير أو غيره مما يناسب الملتقى وتبلغ فهمه مداركي
وفقكم الله ونفع بكم

اقتراح سديد بارك الله فيكم
وسوف نتجه إلى فتح حوار في المؤلفات بعد انتهائنا من مناقشة هذا المقال ، فلا بدّ من إكمال ما بدأناه.
وأود التنويه باقتراحكم كتاب "المثقفون في الحضارة العربية محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد" فهو من أنفع الكتب وألصقها
بموضوع الملتقى.
وأما عن تفسير الجابري فقد قرأت الجزء الأول منه فقط فوجدته نافعا حسن العرض ولا سيما أنه انتهج ترتيب السور
بحسب أسباب النزول وهو إجراء نافع لفهم المعنى. لكن كان لي عليه ملاحظات وتصويبات لغوية أرسلتها إلى المؤلف
فأجابني برسالة موجزة في [Sat, Jun 28, 2008 at 9:52 AM]
<الأخ عبد الرحمان
تحياتي الكثيرة مع الدعاء بالصحة والعافية
أشكركم جزيل الشكر على رسالتكم الأخيرة، وأنا معتز بتنويهكم بالكتاب، شاكرا لكم ما بذلتم من جهد وعناية لتصويب ما تسرب إليه من أخطاء، سأستفيد من ذلك في الطبعات الجديدة.
أكرر شكري مع خالص التقدير.
محمد عابد الجابري>

وعسى أن تتم مناقشته في ملتقى أهل التفسير بعد أن ننتهي من مناقشة المثقفون
في الحضارة العربية


أما الآن فأنا أدعو الإخوة الكرام لتدارس المقال السابق عسى أن ينفعنا الله تعالى بتسليط الضوء

على ما تطرق له من موضوعات

والله الموفق
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد: فهذه محاولة لتوزيع هذا المقال للدكتور الجابري رحمه الله إلى نقاط وتساؤلات، ربما تعين من أراد أن يحاور أستاذنا الصالح في محتويات المقال، وهذه النقاط التي كتبتها عند قراءة المقال:
  1. هل سورة الحج آخر سورة نزلت بمكة، وهل نزلت في الطريق بين مكة والمدينة؟ وهل قال بهذا الرأي أحد!( بحث محله ترتيب النزول ).

قال بن الجوزي رحمه الله في تفسيره "زاد المسير":
فصل في نزولها
روى أبو صالح عن ابن عباس أنها مكية كلُّها ، غير آيتين نزلتا بالمدينة : قوله تعالى : { ومن الناس من يعبد الله على حرف } والتي تليها [ الحج : 13 ، 12 ] . وفي رواية أخرى عن ابن عباس أنها مدنية إِلا أربع آيات نزلت بمكة ، وهي قوله تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول . . . } إِلى آخر الأربع [ الحج : 53 - 57 ] . وقال عطاء بن يسار : نزلت بمكة إِلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة : { هذان خصمان } واللتان بعدها [ الحج : 20 - 22 ] . وقال أبو سليمان الدمشقي : أولها مدني إِلى قوله تعالى : { وبشر المحسنين } [ الحج : 38 ] وسائرها مكي . وقال الثعلبي : هي مكية غير ست آيات نزلت بالمدينة ، وهي قوله تعالى : { هذان خصمان } [ الحج : 20 ] إِلى قوله تعالى : { الحميد } [ الحج : 25 ] . وقال هبة الله بن سلامة : هي من أعاجيب سور القرآن ، لأن فيها مكياً ، ومدنياً ، وحضرياً ، وسفرياً ، وحربياً ، وسلمياً ، وليلياً ، ونهارياً ، وناسخاً ، ومنسوخاً .
فأما المكي ، فمن رأس الثلاثين منها إِلى آخرها .
وأما المدني ، فمن رأس خمس وعشرين إِلى رأس ثلاثين .
وأما الليليُّ ، فمن أولها إِلى آخر خمس آيات .
وأما النهاريُّ ، فمن رأس خمس [ آيات ] إِلى رأس تسع .
وأما السفري ، فمن رأس تسع إِلى اثنتي عشرة .
وأما الحضري ، فإلى رأس العشرين [ منها ] ، نسب إِلى المدينة ، لقرب مدَّته .

وهذه الأقوال تحتاج إلى نظر في أسانيدها وهل يصح منها شيء أو لا يصح.

قال الشوكاني في تفسيره:
"وقد أخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد ، والترمذي وصححه ، والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه من طرق عن الحسن وغيره عن عمران بن حصين قال : لما نزلت { ياأيها الناس اتقوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ الساعة شَيْء عَظِيمٌ } إلى قوله : { ولكن عَذَابَ الله شَدِيدٌ } أنزلت عليه هذه وهو في سفر...."
قال الألباني:
"ضعيف الإسناد"
وصححه من طريق آخر لكن بلفظ:
"قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فتفاوت بين أصحابه في السير فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته بهاتين الآيتين ( يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ) إلى قوله ( عذاب الله شديد )..."

وعلى فرض صحة الطريق الضعيفة التي تثبت أن السورة أنزلت عليه وهو في السفر فبالتأكيد لن يكون سفر الهجرة وفي نفس الوقت ينفي أن تكون السورة مكية كما زعم الجابري.

روى البخاري:
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ
{ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ }
قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يَقْدَمُ الْمَدِينَةَ فَإِنْ وَلَدَتْ امْرَأَتُهُ غُلَامًا وَنُتِجَتْ خَيْلُهُ قَالَ هَذَا دِينٌ صَالِحٌ وَإِنْ لَمْ تَلِدْ امْرَأَتُهُ وَلَمْ تُنْتَجْ خَيْلُهُ قَالَ هَذَا دِينُ سُوءٍ.
وروى البخاري أيضا:
عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَنَّهُ كَانَ يُقْسِمُ قَسَمًا إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ
{ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ }
نَزَلَتْ فِي حَمْزَةَ وَصَاحِبَيْهِ وَعُتْبَةَ وَصَاحِبَيْهِ يَوْمَ بَرَزُوا فِي يَوْمِ بَدْرٍ

وهذه الروايات الصحيحة تؤكد أن بعض هذه السورة نزلت بالمدينة وإذا أضفنا إلى هذا خطاب الله تعالى للمؤمنين في آخر السورة وأمره لهم بالجهاد ربما قوى هذا قول من قال إنها مدنية.

وقد ذكر بن عاشور رحمه الله في أول تفسير سورة الحج كلاما يعد الزبدة في هذا الموضع فإليكموه:

"واختلف في هذه السورة هل هي مكية أو مدنية . أو كثير منها مكي وكثير منها مدني .

فعن ابن عباس ومجاهد وعطاء : هي مكية إلا ثلاث آيات من قوله هذان خصمان إلى وذوقوا عذاب الحريق . قال ابن عطية : وعد النقاش ما نزل منها بالمدينة عشر آيات .

وعن ابن عباس أيضا والضحاك وقتادة والحسن : هي مدنية إلا آيات ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ) إلى قوله تعالى أو يأتيهم عذاب يوم عقيم فهن مكيات .

وعن مجاهد ، عن ابن الزبير : أنها مدنية . ورواه العوفي عن ابن عباس . وقال الجمهور هذه السورة بعضها مكي وبعضها مدني وهي مختلطة ، أي لا يعرف المكي بعينه ، والمدني بعينه . قال ابن عطية : وهو الأصح .

وأقول : ليس هذا القول مثل ما يكثر أن يقولوه في بضع آيات من عدة سور : أنها نزلت في غير البلد الذي نزل فيه أكثر السورة المستثنى منها ، بل أرادوا أن كثيرا منها مكي وأن مثله أو يقاربه مدني ، وأنه لا يتعين ما هو مكي منها وما هو مدني ولذلك عبروا بقولهم : هي مختلطة . قال ابن عطية : روي عن أنس بن مالك أنه قال : نزل أول السورة في السفر فنادى رسول الله بها فاجتمع إليه الناس وساق الحديث الذي سيأتي . يريد ابن عطية أن نزولها في السفر يقتضي أنها نزلت بعد الهجرة . ويشبه أن يكون أولها نزل بمكة فإن افتتاحها بـ ( يا أيها الناس ) جار على سنن فواتح السور المكية . وفي أساليب نظم كثير من آياتها ما يلائم أسلوب القرآن النازل بمكة . ومع هذا فليس الافتتاح بـ ( يا أيها الناس ) بمعين أن تكون مكية ، وإنما قال ابن عباس ( يا أيها الناس ) يراد به المشركون . ولذا فيجوز أن يوجه الخطاب به إلى المشركين في المدينة في أول مدة حلول النبيء - صلى الله عليه وسلم - بها ، فإن قوله إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام يناسب أنه نزل بالمدينة حيث صد المشركون النبيء والمؤمنين عن البقاء معهم بمكة . وكذلك قوله أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق فإنه صريح في أنه نزل في شأن الهجرة .

روى الترمذي بسنده عن ابن عباس قال : لما أخرج النبيء من مكة قال أبو بكر : أخرجوا نبيئهم ليهلكن فأنزل الله أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ، وكذلك قوله والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا ففيه ذكر الهجرة وذكر من يقتل من المهاجرين وذلك مؤذن بجهاد متوقع كما سيجيء هنالك .

وأحسب أنه لم تتعين طائفة منها متوالية نزلت بمكة ونزل ما بعدها بالمدينة بل نزلت آياتها متفرقة . ولعل ترتيبها كان بتوقيف من النبيء - صلى الله عليه وسلم - ومثل ذلك كثير . وقد قيل في قوله تعالى هذان خصمان اختصموا في ربهم أنه نزل في وقعة بدر ، لما في الصحيح عن علي وأبي ذر : أنها نزلت في مبارزة حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث مع شيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة يوم بدر وكان أبو ذر يقسم على ذلك . ولذلك فأنا أحسب هذه السورة نازلا بعضها آخر مدة مقام النبيء - صلى الله عليه وسلم - بمكة كما يقتضيه افتتاحها بـ ( يا أيها الناس ) فقد تقرر أن ذلك الغالب في أساليب القرآن المكي ، وأن بقيتها نزلت في مدة مقام النبيء - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة . وروى الترمذي وحسنه وصححه عن ابن أبي عمر ، عن سفيان عن ابن جدعان ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين أنه لما نزلت على النبيء - صلى الله عليه وسلم - يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم إلى قوله ولكن عذاب الله شديد . قال : أنزلت عليه هذه وهو في سفر ؟ فقال : " أتدرون ؟ " وساق حديثا طويلا . فاقتضى قوله : أنزلت عليه وهو في سفر ، أن هذه السورة أنزلت على النبيء - صلى الله عليه وسلم - بعد الهجرة فإن أسفاره كانت في الغزوات ونحوها بعد الهجرة . وفي رواية عنه أن ذلك السفر في غزوة بني المصطلق من خزاعة وتلك الغزوة في سنة أربع أو خمس ، فالظاهر من قوله " أنزلت وهو في سفر " أن عمران بن حصين لم يسمع الآية إلا يومئذ فظنها أنزلت يومئذ فإن عمران بن حصين ما أسلم إلا عام خيبر وهو عام سبعة ، أو أن أحد رواة الحديث أدرج كلمة أنزلت عليه وهو في سفر في كلام عمران بن حصين ولم يقله عمران . ولذلك لا يوجد هذا اللفظ فيما روى الترمذي وحسنه وصححه أيضا عن محمد ابن بشار ، عن يحيى بن سعيد عن هشام بن أبي عبد الله عن قتادة ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين قال : كنا مع النبيء في سفر فرفع صوته بهاتين الآيتين يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم إلى قوله ولكن عذاب الله شديد إلى آخره . فرواية قتادة عن الحسن أثبت من رواية ابن جدعان عن الحسن ، لأن ابن جدعان واسمه علي بن زيد قال فيه أحمد وأبو زرعة : ليس بالقوي . وقال فيه ابن خزيمة : سيء الحفظ ، وقد كان اختلط فينبغي عدم اعتماد ما انفرد به من الزيادة . وروى ابن عطية عن أنس بن مالك أنه قال : أنزل أول هذه السورة على رسول الله في سفر . ولم يسنده ابن عطية ."

ونخلص من هذا إلى أن الجابري قد بنى حكمه على أمر محتمل من أول الطريق ، بل على أمر هو أقرب إلى الوهم من غيره.

 
حوار ممتع ، وفكرة الموضوع قيمة أشكر أخي الدكتور عبدالرحمن الصالح عليها ، وهي فرصة طيبة لمناقشة الأفكار التي كتبها الدكتور محمد الجابري ، والخروج بنتائج مفيدة في هدوء . وقد أعجبني طرح الدكتور عبدالرحمن الصالح وتعقيبات الزملاء الفضلاء وخاصة الأخ محمود البعداني الذي يكتب رسالته للدكتوراه في موضوع ذي صلة بالجابري . وأرجو أن نستمتع بالحوار إن شاء الله ونستفيد أدباً وعلماً ، وأرجو أن يخلو الحوار من المفاجآت والحدة التي تذهب بهاء الحوارات .
أسأل الله لكم التوفيق والسداد ، وأن يهدينا جميعاً للحق .
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد: فهذه محاولة لتوزيع هذا المقال للدكتور الجابري رحمه الله إلى نقاط وتساؤلات، ربما تعين من أراد أن يحاور أستاذنا الصالح في محتويات المقال، وهذه النقاط التي كتبتها عند قراءة المقال:
  1. مناسبة نزول السورة في ذلك الوقت؟ ما هو قول المفسرين عموما؟ وهل ما قاله الجابري تدل عليه السورة عموما أو هو استدلال بآية واحدة وحمل السورة كاملة عليها؟ ( المناسبات القرآنية، وطرائق الاستدلال)
  2. الآية الكريمة "إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا (المسلمون)، وَالَّذِينَ هَادُوا (اليهود)، وَالصَّابِئِينَ، وَالنَّصَارَى، وَالْمَجُوسَ، وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا، إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (الحج 17). هل هي: بمثابة تنبيه للمسلمين إلى عدم الدخول في منازعات، حول صحة أو عدم صحة هذا الاعتقاد أو ذلك، وبالتالي تطلب منهم ترك الأمر إلى الله الذي وحده سيفصل يوم القيامة بين الدين السماوي الصحيح وبين الأديان التي داخلها تحريف؟ وما هي أقوال المفسرين فيها؟ ( تفسير الآية)

الذي استشفه من السياق العام للسورة هو أن السورة نزلت في مرحلة تهيئة الفئة المؤمنة لمرحلة جديدة وهي مرحلة الجهاد، وهي مرحلة لا شك أنها تعني المزيد من التضحية والبذل، ولهذا نرى المزج الكبير في السورة بين الإيمان بالغيبيات وبين الأحكام العملية، والحث على الثبات والترغيب فيه والتحذير من التراجع والنكوص والترهيب من عواقبه ، وتأملوا قول الله تعالى:

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11) يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (12) يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (13) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (14) مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (15))

وقول الله تعالى:
(هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ )(19)

وقوله تعالى:
(إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41))

وقوله تعالى:

(وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59) ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60))

وقوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78))

ومن هنا نعلم أن سياق السورة لا يمكن أن يسند قول الجابري بحال ، وكيف تسند السورة قوله والسورة في نزاع عقدي وعملي مع المخالفين :
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (48) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (49) فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (50) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (51))

(لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ )(67)

(وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )(72)

بل إن الآية :
(إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )(17)
لا تسند ما ذهب إليه الجابري من أن فيها تنبيه إلى عدم الدخول في منازعات.

قال الطبري رحمه الله:
"يقول تعالى ذكره : إن الفصل بين هؤلاء المنافقين الذين يعبدون الله على حرف ، والذين أشركوا بالله فعبدوا الأوثان والأصنام ، والذين هادوا ، وهم اليهود والصابئون والنصارى والمجوس الذي عظموا النيران وخدموها ، وبين الذين آمنوا بالله ورسله إلى الله ، وسيفصل بينهم يوم القيامة بعدل من القضاء ، وفصله بينهم إدخاله النار الأحزاب كلهم والجنة المؤمنين به وبرسله ، فذلك هو الفصل من الله بينهم ."

وقال بن كثير:
"يخبر تعالى عن أهل هذه الأديان المختلفة من المؤمنين ، ومن سواهم من اليهود والصابئين - وقد قدمنا في سورة " البقرة " التعريف بهم ، واختلاف الناس فيهم - والنصارى والمجوس ، والذين أشركوا فعبدوا غير الله معه; فإنه تعالى ( يفصل بينهم يوم القيامة ) ، ويحكم بينهم بالعدل ، فيدخل من آمن به الجنة ، ومن كفر به النار ، فإنه تعالى شهيد على أفعالهم ، حفيظ لأقوالهم ، عليم بسرائرهم ، وما تكن ضمائرهم ."
وإذا كان للجابري شبهة في اليهود والصابئة والنصارى في عدم الدخول في نزاع معهم فأين الشبهة مع المجوس عبدة النار ومع المشركين ؟

إن المسألة أوضح من الشمس في رابعة النهار.
 
لمن لا يعرف من هو الجابري!

لمن لا يعرف من هو الجابري!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
لاشك أن كل كاتب ومؤلف وبالذات الذين خرجوا عن منهج أهل السنة والجماعة تجد لهم كلاما يدل على حقيقة مناهجهم وبيان أصولها وقواعدها... وتجد لهم كلاما ربما وافقوا به أهل الحق، أو اقتربوا منهم...
والجابري من هؤلاء... ولكي أختصر الطريق على الأساتذة الأفاضل، فإني أستميحهم عذرا لكي أطرح لهم مقالا ربما أعطانا مجالا آخر للنقاش، بل أظن أنه سيضيق هوة الخلاف في هذا الموضوع إن لم يكن سبب الاتفاق حوله والله المستعان ودونكم المقال متظرين تعلقاتكم وإفاداتكم جزاكم الله خيرا:

[gdwl][/gdwl][gdwl]

ما قيل إنه "رُفع" أو "سقط" من القرآن!*



د. محمد عابد الجابري
موضوع الزيادة والنقصان في القرآن موضوع قديم كثر فيه القيل والقال. وقد تحدثت المصادر، السُّنية منها والشيعية، عن التحريف في القرآن، نذكر هنا ملخصاً لما ورد في الأولى على أن نخصص المقال المقبل لما ورد في المصادر الشيعية.

تميز المصادر السُّنية بين الأصناف التالية من التحريف في القرآن:
- صنف يقع بالتأويل بمعنى "نقل معنى الشيء من أصله وتحويله إلى غيره"، أو بالنقص أو الزيادة في الحروف أو الحركات، وذلك كاختلاف القراءات، أو بـ"الزيادة والنقصان في الآية والسورة مع التحفظ على القرآن والتسالم (عدم التنازع) على قراءة النبي صلى الله عليه وسلم إياها"، وهذا مثل تسالم المسلمين في البسملة على أن النبي قرأها قبل كل سورة غير سورة التوبة مع اختلافهم هل هي من القرآن أم لا. وهذه الأنواع من التحريف واقعة في القرآن ومعترف بها بصورة أو أخرى من طرف علماء الإسلام تحت العناوين التالية: التأويل، الأحرف السبع، القراءات، مسألة البسملة... الخ.
- وصنف يراد به القول بأن "بعض المصحف الذي بين أيدينا ليس من الكلام المنزل"، وهذا مرفوض بإجماع المسلمين (ينسب إلى فرقة العجاردة من الخوارج أنهم رفضوا أن تكون سورة يوسف من القرآن، زاعمين أنها قصة من القصص).
وهذان الصنفان من التحريف لا يدخلان في موضوعنا هنا. إن ما يهمنا هنا هو ما يتصل بمسألة "جمع القرآن"، أعني ما يدخل في نطاق السؤال التالي: هل "المصحف الإمام" -الذي جمع زمن عثمان والذي بين أيدينا الآن- يضم جميع ما نزل من آيات وسور، أم أنه رفعت (أو سقطت) منه أشياء أثناء جمعه؟
الجواب عن هذا السؤال، من الناحية المبدئية، هو أن جميع علماء الإسلام، من مفسِّرين ورواة حديث وغيرهم، يعترفون بأن ثمة آيات، وربما سوراً، قد "سقطت" أو "رُفعت" ولم تدرج في نص المصحف. وفي ما يلي أنواع النقص التي ذكرتها المصادر السُّنية.
1- يقول القرطبي عند تفسيره لسورة الأحزاب، وعدد آياتها 73 آية: "كانت هذه السورة تعدل سورة البقرة (وعدد آياتها 286). وكانت فيها آية الرجم. وبعد أن يشير إلى أن هذا روي عن أُبيّ بن كعب، أحد كتاب الوحي وجامعي القرآن، يضيف قائلاً: "وهذا يحمله أهل العلم على أن الله تعالى رفع من (سورة) الأحزاب إليه ما يزيد على ما في أيدينا (منها), وأن آية الرجم رفع لفظها" (وبقي حكمهاً سائراً). وروي أنّ عمر بن الخطاب، قال: (إيّاكم أن تهلكوا عن آية الرجم. والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله لكتبتها، [ونصها]: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة، نكالاً من الله، والله عزيز حكيم"، فإنّا قد قرأناها). وقيل إن عمر أتى بهذه الآية إلى زيد بن ثابت حين كان يجمع القرآن فلم يأخذها منه لأنه –أعني عمر- كان وحده، وزيد كان قد اشترط شهادة رجلين فيما يأخذ من الآيات.
وفي رواية عن عائشة أنها قالت: "كانت سورة الأحزاب تعدل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مائتي آية, فلما كتب المصحف لم يُقْدَر منها إلا على ما هي الآن". وفي رواية أخرى أنها قالت: "نزلت آية الرجم ورضاع الكبير عشراً، ولقد كانت في صحيفة تحت سريري، فلمّا مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتشاغلنا بموته دخل داجن (شاة) فأكلها".
2- ويذكر القرطبي أيضاً في بداية تفسيره لسورة براءة (التوبة وعدد آياتها 130)، وفي سياق عرضه للروايات التي تتناول عدم وجود البسملة في أولها، رواية جاء فيها: "إنه لما سقط أولها، سقط (بسم الله الرحمن الرحيم) معه. وفي رواية أخرى عن حذيفة أنه قال‏:‏ ما تقرؤون ربعها‏:‏ يعني براءة".
3- وذكر السيوطي وغيره أن دعاء القنوت كان سورتين، كل سورة ببسملة وفواصل، إحداهما تسمى سورة الخلع، والأخرى تسمى سورة الحفد. غير أن علماء السُّنة قد اعتبروهما ضرباً من الدعاء لا قرآنا منزلاً. وهما بالتتابع: أ) "اللّهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك"، ب) "اللّهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك، ونخشى عذابك، إنّ عذابك بالكافرين ملحق".
4- ورُوي أنّ عمر قال لعبدالرحمن بن عوف: "ألم تجد فيما أُنزل علينا: "أن جاهدوا كما جاهدتم أوّل مرّة"، فأنا لا أجدها؟ قال: أُسقِطت فيما أسقِط من القرآن".
5- كما روي عن حميدة بنت أبي يونس أنها قالت: "قرأ عليَّ أبي، وهو ابن ثمانين سنة، في مصحف عائشة: إنّ الله وملائكته يصلّون على النبيّ يا أيُّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلّموا تسليماً وعلى الذين يصلون في الصفوف الأولى". قالت: "قبل أن يغيّر عثمان المصاحف".
6- وذكر السيوطي في باب الناسخ والمنسوخ عن ابن عمر أنه قال‏:‏ ليقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله! قد ذهب قرآن كثير، ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر"‏.
‏7- ورووا عن أبيّ بن كعب قال‏:‏ "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن فقرأ سورة‏: "‏لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين‏"،‏ ومن بقيتها‏ -وهذا غير موجود في المصحف-‏ "لو أن ابن آدم سأل وادياً من مال فأعطيه سأل ثانياً، وإن سأل ثانياً فأعطيه سأل ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب، وإن ذات الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية ولا النصرانية ومن يعمل خيراً فلن يكفره".
8- وفي رواية عن أبي موسى الأشعري أنه قال: "نزلت سورة نحو براءة ثم رفعت وحفظ منها‏:‏ إن الله سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ولو أن لابن آدم واديين من مال لتمنى وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب".
9- وعنه أيضاً أنه قال‏:‏ "كنا نقرأ سورة نُشبهها بإحدى المسبحات (السور التي تبدأ بـ"سبح" و"يسبح") نسيناها، غير أني حفظت منها‏:‏ "يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا ما لا تفعلون‏‏ فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة".
10- كما يروون عن عمر أنه قال: كنا نقرأ‏:‏ "لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم‏".‏
11- وروي أن مسلمة بن مخلد الأنصاري قال ذات يوم‏:‏ "أخبروني بآيتين في القرآن لم تكتبا في المصحف فلم يخبروه فقال، الأولى: "إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ألا أبشروا أنتم المفلحون‏".‏ والثانية "والذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الذين غضب الله عليهم أولئك لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون"‏.‏
12- وفي الصحيحين عن أنس أنه قال: نزل قرآن في الذين قتلوا في موقعة بئر معونة، ‏قرأناه حتى رفع‏ وفيه:‏ "أن بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا‏".‏
13- وروى الطبري في تفسيره عن الحسن أنه قال في قوله تعالى: "مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أوْ نُنْسِها نأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا"، قال: إن نبيّكم صلى الله عليه وسلم أُقرئ قرآناً ثم نسيَه فلا يكن شيئاً, ومن القرآن ما قد نسخ وأنتم تقرؤونه. وفي لفظ آخر: "قال: إِن نبيكم صلى الله عليه وسلم, قرأ علينا قرآناً ثم نسيَه". وعن ابن عباس قال: كان مما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم, الوحي بالليل وينساه بالنهار, فأنزل الله عز وجل: "ما ننسخ من آية أو ننسها نأتِ بخير منها أو مثلها".
هذا ويعلل بعض علماء الإسلام من أهل السُّنة ظاهرة سقوط آيات من القرآن، بكونها داخلة في معنى النسخ. غير أن علماء آخرين أنكروا أن يكون ذلك من النسخ، وقالوا إن ما ذكر من الزيادة والنقصان في القرآن يرجع إلى خبر الآحاد، والقرآن لا يثبت بها وإنما يثبت بالتواتر.
* صحيفة "الاتحاد" الإماراتية نقلا عن موقع قناة العربية.
[/gdwl]
http://www.alarabiya.net/views/2006/09/26/27781.html
 
موقف الجابري من النسخ في القرآن الكريم

موقف الجابري من النسخ في القرآن الكريم

وهذا مقال ذو صلة وثيقة بسابقه أضعه هنا لكي يُؤخذ بعين الاعتبار ويستعان به في مهم مقاصد النص السابق زالله والموفق:
[gdwl]
تصنيفات وتفريعات ... هي "تخريفات"



محمد عابد الجابري

أوضحنا في المقال السابق كيف أن موضوع النسخ كان وما يزال فضاء للخلاف بامتياز بين علماء الإسلام، بمعنى أن المسألة لا تتعلق فقط بالاختلاف بين القائلين بالنسخ، بل هي تتعدى الاختلاف إلى الخلاف لأنها تطرح –كما بينا- "إشكالا يطال جواز أو عدم جواز القول به. إذ هناك من يقول بوقوعه مطلقا وهناك من ينكر ذلك، وهناك من يقول بوجوده في القرآن ومن ينكر ذلك". والمواقف التي من هذا النوع، أعني التي يلغي بعضها بعضا، تندرج تحت مقولة الخلاف، فهي من جنس الخلاف بين الوعد والوعيد، مثلا. أما الاختلاف فهو يندرج تحت مقولة التعدد داخل الموقف الواحد. على أن الاختلاف بين القائلين بالنسخ يرقى في بعض الحالات إلى درجة الخلاف، وهذا مدار مقال اليوم.
ذلك أن القائلين بوجود النسخ في القرآن قد ذهبوا مذهبا قصيا في العمل به فوضعوا تصنيفات هي عبارة عن قوالب منطقية فارغة، ثم راحوا يبحثون لها عما يملؤها، الشيء الذي جعلهم يمعنون في التجزيء وينزلقون مع افتراضات لا فائدة من ورائها غير اصطناع أوضاع ونوازل أثقلت وتثقل كاهل الفقه الإسلامي.
من ذلك مثلا تقسيمهم النسخ في القرآن إلى الأقسام التالية:
- فالقسم الأول، هو ما عبروا عنه بقولهم "ما نسخت تلاوته وحكمه معًا". وهذا ليس له من نتيجة إلا إثبات "الفراغ" في المصحف نصا ومضمونا. وعبثا حاول بعضهم تجنب هذه النتيجة! لقد انتهوا إلى القول إن هذا القسم الذي فيه المنسوخ غير متلو والناسخ أيضًا غير متلو ليس له نظير في القرآن.
- أما القسم الثاني من تصنيفهم للنسخ في القرآن فهو ما أطلقوا عليه "ما نسخ حكمه دون تلاوته"، وهو جل ما ينصرف إليه معنى النسخ عندهم لوجود آيات تقرره في نظرهم. وسنفحص هذه الدعوى لاحقا. لنكتف الآن بالتنبيه إلى أن القول بوجود شيء من القرآن "نسخ حكمه دون تلاوته" قول يحمل تناقضا لا حل له. إذ كيف يمكن أن يكون هناك قرآن للتلاوة فقط، وهو يحمل معنى مفهوما واضحا؟ نحن نقول: إن ما يمكن أن يقال عنه في القرآن "إنه للتلاوة فقط" هو الحروف المقطعة التي في أوائل بعض السور مثل "ن"، "ق، "ص"، "يس،"طه"، "طس"، "طسم"، كهيعص"، "الم"، "المص" الر" المر". أما ما عدا ذلك، وهو القرآن كله، فهو محكم لأنه يحمل معنى، سواء على مستوى الحقيقة أو على مستوى المجاز. أما مسألة هل يعمل به مطلقا أم أن العمل به قد قيده القرآن في وقت لاحق أو أجله أو أوقفه لاعتبار من الاعتبارات، فهذا شيء آخر. وهو محل اجتهاد.
أما القسم الثالث، والذي عبروا عنه بقولهم "ما نسخت تلاوته دون حكمه"، فهو ليس من القرآن. أما استشهادهم بأقوال بعض الصحابة التي تشير إلى خلو المصحف من آيات قالوا إنها كانت من القرآن فقد سبق لنا أن أوضحنا فيه رأينا في مقالات سابقة. لقد بينا كيف أن ذلك لا يجوز اعتباره من القرآن. ذلك لأننا عندما نتحدث عن "القرآن"، فنحن نتحدث عن القرآن كما هو في المصحف منذ أن جُمع زمن عثمان. أما غير ذاك مما يتصل بمناسبات نزوله ومراحل جمعه فهي أمور تنتمي إلى التاريخ، إلى مجال التعريف بالقرآن، وليس إلى فهم نص القرآن.
ومن مبالغات القائلين بالنسخ تصنيفهم سور القرآن حسب "وجود" النسخ فيها أو عدم وجوده إلى الأصناف التالية:
- سور تضمنت الناسخ والمنسوخ وعدوها خمسا وعشرين هي: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنفال والتوبة وإبراهيم والنحل ومريم والأنبياء والحج والنور والفرقان والشعراء والأحزاب وسبأ والمؤمن والشورى والذاريات والطور والواقعة والمجادلة والمزمل والتكوير والعصر.
- وسور دخلها المنسوخ دون الناسخ، وهي عندهم أربعون: الأنعام والأعراف ويونس وهود والرعد والحجر والإسراء والكهف وطه والمؤمنون والنمل والقصص والعنكبوت والروم ولقمان والسجدة والملائكة والصافات وص والزمر والمصابيح والزخرف والدخان والجاثية والأحقاف وسورة محمد و"ق" والنجم والقمر والممتحنة و"ن" والمعارج والمدثر والقيامة والإنسان وعبس والطارق والغاشية والتين والكافرون.
- وسور اشتملت على الناسخ دون المنسوخ، وعدوها ستا وهي: الفتح والحشر والمنافقون والتغابن والطلاق والأعلى.
- وسور خاليات من ناسخ ومنسوخ، وهي عندهم ثلاث وأربعون هي: الفاتحة ويوسف ويس والحجرات والرحمن والحديد والصف والجمعة والتحريم والملك والحاقة ونوح والجن والمرسلات والنبأ والنازعات والانفطار والمطففين والانشقاق والبروج والفجر والبلد والشمس والليل والضحى والشرح والقلم والقدر والانفكاك والزلزلة والعاديات والقارعة والتكاثر والهمزة والفيل وقريش والكافرون والكوثر والنصر والمسد والإخلاص والفلق والناس.
وفي مقابل هذا الغلو في توظيف مقولة النسخ حاول علماء مبرزون حصر النسخ في حدود. منهم الفقيه ابن الجوزي الذي ألف كتابا في النسخ سماه : "نواسخ القرآن" عرض فيه تلك التصانيف وعلق عليها بقوله: "قلت: واضح بأن التحقيق في الناسخ والمنسوخ يظهر أن هذا الحصر تخريف من الذين حصروه". ثم أخذ يستعرض الآيات التي ادُّعِي فيها النسخ وانتهى إلى حصر "المنسوخة" في آيات قليلة العدد والتمس للباقي تفسيرا باعتماد مقولة العام والخاص الخ.
أما الشاطبي فهو وإن كان لا يضرب صفحا عن مقولة "النسخ" كليا فإنه يقلص مفعولها ومداها إلى مستوى "النادر" من الأشياء. وذلك لعدة اعتبارات يذكرها:
- منها "أن غالب ما ادعي فيه النسخ إذا تأمل وجدته متنازعا فيه ومحتملا، وقريبا من التأويل بالجمع بين الدليلين على وجه من كون الثاني بيانا لمجمل أو تخصيصا لعموم أو تقييدا لمطلق وما أشبه ذلك من وجوه الجمع، مع البقاء على الأصل من الإحكام في الأول والثاني".
- ومنها "أن تحريم ما هو مباح بحكم الأصل ليس بنسخ عند الأصوليين كالخمر والربا فإن تحريمهما بعد ما كانا على حكم الأصل لا يعد نسخا لحكم الإباحة الأصلية". ومن هذا القبيل أنهم "قد كانوا في الصلاة يكلم بعضهم بعضا إلى أن نزل "وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ" (البقرة 238)، وأنهم كانوا يلتفتون في الصلاة إلى أن نزل "الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (المؤمنون 2). قالوا (يعني المفسرين والأصوليين) وهذا إنما نسخ أمرا كانوا عليه. وأكثر القرآن على ذلك. معنى هذا أنهم كانوا يفعلون ذلك بحكم الأصل من الإباحة، فهو مما لا يعد نسخا، وهكذا كل ما أبطله الشرع من أحكام الجاهلية". ويضيف الشاطبي قائلا: "فإذا اجتمعت هذه الأمور ونظرت إلى الأدلة من الكتاب والسنة لم يتخلص في يدك من منسوخها إلا ما هو نادر".
هذا من جهة، ومن جهة أخرى يقرر الشاطبي أن القواعد الكلية من الضروريات والحاجيات والتحسينيات لم يقع فيها نسخ، وإنما وقع النسخ في أمور جزئية بدليل الاستقراء، فإن كل ما يعود بالحفظ على الأمور الخمسة (النفس والعقل والنسل والمال والدين) ثابت. وإن فرض نسخ بعض جزئياتها فذلك لا يكون إلا بوجه آخر من الحفظ، وإن فرض النسخ في بعضها إلى غير بَدَل فأصل الحفظ باق، إذ لا يلزم من رفع بعض أنواع الجنس رفع الجنس".
هذا وقد تتبع السيوطي ما قالوا عنه إنه منسوخ وهو أكثر من 500 آية، وانتهى إلى أن عدد المنسوخ هو 21 آية فقط. وجاء بعد، من المحدثين والمعاصرين، من راجع لائحة السيوطي، فبعضهم حصر النسخ في خمس آيات فقط، بينما أثبت آخرون أن تلك الآيات الخمس نفسها لا نسخ فيها.
على أن هذه الآراء التي تُقلص من عدد الناسخ والمنسوخ في القرآن إلى درجة "الصفر" تعترف –ضمنيا على الأقل- بوقوع أو إمكانية وقوع النسخ في القرآن. ذلك لأنها إنما تعتمد في ما تقرره على نوع من التأويل للآيات التي وضعها آخرون تحت طائلة النسخ. وواضح أن تأويل مضمون آية من الآيات على نحو يحررها من طائلة النسخ لا يغلق الباب أمام تأويلات أخرى تجعلها ناسخة أو منسوخة. إن حل مشكلة "النسخ" لا يكون نهائيا ما لم ينطلق من القرآن نفسه. فإذا نحن استطعنا إثبات أن لا دليل في القرآن على وقوع النسخ في نصوصه، صار بإمكاننا حل المشكل من أساسه.
نحن ندرك أن هذا لن يكون سهلا على الذين لا زاد لهم إلا الأفكار المتلقاة، ومع ذلك فأملنا أن لا يسارعوا إلى ارتكاب الأخطاء.
[/gdwl]
 
وهذا مقال ذو صلة وثيقة بسابقه أضعه هنا لكي يُؤخذ بعين الاعتبار ويستعان به في مهم مقاصد النص السابق زالله والموفق:
[gdwl]
تصنيفات وتفريعات ... هي "تخريفات"



محمد عابد الجابري

أوضحنا في المقال السابق كيف أن موضوع النسخ كان وما يزال فضاء للخلاف بامتياز بين علماء الإسلام، بمعنى أن المسألة لا تتعلق فقط بالاختلاف بين القائلين بالنسخ، بل هي تتعدى الاختلاف إلى الخلاف لأنها تطرح –كما بينا- "إشكالا يطال جواز أو عدم جواز القول به. إذ هناك من يقول بوقوعه مطلقا وهناك من ينكر ذلك، وهناك من يقول بوجوده في القرآن ومن ينكر ذلك". والمواقف التي من هذا النوع، أعني التي يلغي بعضها بعضا، تندرج تحت مقولة الخلاف، فهي من جنس الخلاف بين الوعد والوعيد، مثلا. أما الاختلاف فهو يندرج تحت مقولة التعدد داخل الموقف الواحد. على أن الاختلاف بين القائلين بالنسخ يرقى في بعض الحالات إلى درجة الخلاف، وهذا مدار مقال اليوم.
ذلك أن القائلين بوجود النسخ في القرآن قد ذهبوا مذهبا قصيا في العمل به فوضعوا تصنيفات هي عبارة عن قوالب منطقية فارغة، ثم راحوا يبحثون لها عما يملؤها، الشيء الذي جعلهم يمعنون في التجزيء وينزلقون مع افتراضات لا فائدة من ورائها غير اصطناع أوضاع ونوازل أثقلت وتثقل كاهل الفقه الإسلامي.
من ذلك مثلا تقسيمهم النسخ في القرآن إلى الأقسام التالية:
- فالقسم الأول، هو ما عبروا عنه بقولهم "ما نسخت تلاوته وحكمه معًا". وهذا ليس له من نتيجة إلا إثبات "الفراغ" في المصحف نصا ومضمونا. وعبثا حاول بعضهم تجنب هذه النتيجة! لقد انتهوا إلى القول إن هذا القسم الذي فيه المنسوخ غير متلو والناسخ أيضًا غير متلو ليس له نظير في القرآن.
- أما القسم الثاني من تصنيفهم للنسخ في القرآن فهو ما أطلقوا عليه "ما نسخ حكمه دون تلاوته"، وهو جل ما ينصرف إليه معنى النسخ عندهم لوجود آيات تقرره في نظرهم. وسنفحص هذه الدعوى لاحقا. لنكتف الآن بالتنبيه إلى أن القول بوجود شيء من القرآن "نسخ حكمه دون تلاوته" قول يحمل تناقضا لا حل له. إذ كيف يمكن أن يكون هناك قرآن للتلاوة فقط، وهو يحمل معنى مفهوما واضحا؟ نحن نقول: إن ما يمكن أن يقال عنه في القرآن "إنه للتلاوة فقط" هو الحروف المقطعة التي في أوائل بعض السور مثل "ن"، "ق، "ص"، "يس،"طه"، "طس"، "طسم"، كهيعص"، "الم"، "المص" الر" المر". أما ما عدا ذلك، وهو القرآن كله، فهو محكم لأنه يحمل معنى، سواء على مستوى الحقيقة أو على مستوى المجاز. أما مسألة هل يعمل به مطلقا أم أن العمل به قد قيده القرآن في وقت لاحق أو أجله أو أوقفه لاعتبار من الاعتبارات، فهذا شيء آخر. وهو محل اجتهاد.
أما القسم الثالث، والذي عبروا عنه بقولهم "ما نسخت تلاوته دون حكمه"، فهو ليس من القرآن. أما استشهادهم بأقوال بعض الصحابة التي تشير إلى خلو المصحف من آيات قالوا إنها كانت من القرآن فقد سبق لنا أن أوضحنا فيه رأينا في مقالات سابقة. لقد بينا كيف أن ذلك لا يجوز اعتباره من القرآن. ذلك لأننا عندما نتحدث عن "القرآن"، فنحن نتحدث عن القرآن كما هو في المصحف منذ أن جُمع زمن عثمان. أما غير ذاك مما يتصل بمناسبات نزوله ومراحل جمعه فهي أمور تنتمي إلى التاريخ، إلى مجال التعريف بالقرآن، وليس إلى فهم نص القرآن.
ومن مبالغات القائلين بالنسخ تصنيفهم سور القرآن حسب "وجود" النسخ فيها أو عدم وجوده إلى الأصناف التالية:
- سور تضمنت الناسخ والمنسوخ وعدوها خمسا وعشرين هي: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنفال والتوبة وإبراهيم والنحل ومريم والأنبياء والحج والنور والفرقان والشعراء والأحزاب وسبأ والمؤمن والشورى والذاريات والطور والواقعة والمجادلة والمزمل والتكوير والعصر.
- وسور دخلها المنسوخ دون الناسخ، وهي عندهم أربعون: الأنعام والأعراف ويونس وهود والرعد والحجر والإسراء والكهف وطه والمؤمنون والنمل والقصص والعنكبوت والروم ولقمان والسجدة والملائكة والصافات وص والزمر والمصابيح والزخرف والدخان والجاثية والأحقاف وسورة محمد و"ق" والنجم والقمر والممتحنة و"ن" والمعارج والمدثر والقيامة والإنسان وعبس والطارق والغاشية والتين والكافرون.
- وسور اشتملت على الناسخ دون المنسوخ، وعدوها ستا وهي: الفتح والحشر والمنافقون والتغابن والطلاق والأعلى.
- وسور خاليات من ناسخ ومنسوخ، وهي عندهم ثلاث وأربعون هي: الفاتحة ويوسف ويس والحجرات والرحمن والحديد والصف والجمعة والتحريم والملك والحاقة ونوح والجن والمرسلات والنبأ والنازعات والانفطار والمطففين والانشقاق والبروج والفجر والبلد والشمس والليل والضحى والشرح والقلم والقدر والانفكاك والزلزلة والعاديات والقارعة والتكاثر والهمزة والفيل وقريش والكافرون والكوثر والنصر والمسد والإخلاص والفلق والناس.
وفي مقابل هذا الغلو في توظيف مقولة النسخ حاول علماء مبرزون حصر النسخ في حدود. منهم الفقيه ابن الجوزي الذي ألف كتابا في النسخ سماه : "نواسخ القرآن" عرض فيه تلك التصانيف وعلق عليها بقوله: "قلت: واضح بأن التحقيق في الناسخ والمنسوخ يظهر أن هذا الحصر تخريف من الذين حصروه". ثم أخذ يستعرض الآيات التي ادُّعِي فيها النسخ وانتهى إلى حصر "المنسوخة" في آيات قليلة العدد والتمس للباقي تفسيرا باعتماد مقولة العام والخاص الخ.
أما الشاطبي فهو وإن كان لا يضرب صفحا عن مقولة "النسخ" كليا فإنه يقلص مفعولها ومداها إلى مستوى "النادر" من الأشياء. وذلك لعدة اعتبارات يذكرها:
- منها "أن غالب ما ادعي فيه النسخ إذا تأمل وجدته متنازعا فيه ومحتملا، وقريبا من التأويل بالجمع بين الدليلين على وجه من كون الثاني بيانا لمجمل أو تخصيصا لعموم أو تقييدا لمطلق وما أشبه ذلك من وجوه الجمع، مع البقاء على الأصل من الإحكام في الأول والثاني".
- ومنها "أن تحريم ما هو مباح بحكم الأصل ليس بنسخ عند الأصوليين كالخمر والربا فإن تحريمهما بعد ما كانا على حكم الأصل لا يعد نسخا لحكم الإباحة الأصلية". ومن هذا القبيل أنهم "قد كانوا في الصلاة يكلم بعضهم بعضا إلى أن نزل "وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ" (البقرة 238)، وأنهم كانوا يلتفتون في الصلاة إلى أن نزل "الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (المؤمنون 2). قالوا (يعني المفسرين والأصوليين) وهذا إنما نسخ أمرا كانوا عليه. وأكثر القرآن على ذلك. معنى هذا أنهم كانوا يفعلون ذلك بحكم الأصل من الإباحة، فهو مما لا يعد نسخا، وهكذا كل ما أبطله الشرع من أحكام الجاهلية". ويضيف الشاطبي قائلا: "فإذا اجتمعت هذه الأمور ونظرت إلى الأدلة من الكتاب والسنة لم يتخلص في يدك من منسوخها إلا ما هو نادر".
هذا من جهة، ومن جهة أخرى يقرر الشاطبي أن القواعد الكلية من الضروريات والحاجيات والتحسينيات لم يقع فيها نسخ، وإنما وقع النسخ في أمور جزئية بدليل الاستقراء، فإن كل ما يعود بالحفظ على الأمور الخمسة (النفس والعقل والنسل والمال والدين) ثابت. وإن فرض نسخ بعض جزئياتها فذلك لا يكون إلا بوجه آخر من الحفظ، وإن فرض النسخ في بعضها إلى غير بَدَل فأصل الحفظ باق، إذ لا يلزم من رفع بعض أنواع الجنس رفع الجنس".
هذا وقد تتبع السيوطي ما قالوا عنه إنه منسوخ وهو أكثر من 500 آية، وانتهى إلى أن عدد المنسوخ هو 21 آية فقط. وجاء بعد، من المحدثين والمعاصرين، من راجع لائحة السيوطي، فبعضهم حصر النسخ في خمس آيات فقط، بينما أثبت آخرون أن تلك الآيات الخمس نفسها لا نسخ فيها.
على أن هذه الآراء التي تُقلص من عدد الناسخ والمنسوخ في القرآن إلى درجة "الصفر" تعترف –ضمنيا على الأقل- بوقوع أو إمكانية وقوع النسخ في القرآن. ذلك لأنها إنما تعتمد في ما تقرره على نوع من التأويل للآيات التي وضعها آخرون تحت طائلة النسخ. وواضح أن تأويل مضمون آية من الآيات على نحو يحررها من طائلة النسخ لا يغلق الباب أمام تأويلات أخرى تجعلها ناسخة أو منسوخة. إن حل مشكلة "النسخ" لا يكون نهائيا ما لم ينطلق من القرآن نفسه. فإذا نحن استطعنا إثبات أن لا دليل في القرآن على وقوع النسخ في نصوصه، صار بإمكاننا حل المشكل من أساسه.
نحن ندرك أن هذا لن يكون سهلا على الذين لا زاد لهم إلا الأفكار المتلقاة، ومع ذلك فأملنا أن لا يسارعوا إلى ارتكاب الأخطاء.
[/gdwl]


الأخ الكريم نور الدين نوّرتم المجلس بحضوركم الكريم

ونشكر لكم إيراد النص أعلاه ، فهو يُدحِض ما وقع فيه بعضُ الناس من سوء فهم لطرح المغفور
له، ولا سيما النص الأحمر فهو يبيّن أن المغفور له يعدّ الروايات التي تدّعي أو توحي بوقوع النقص
في القرآن من التاريخ الذي لا يثق به الأستاذ كثيراً، فهو يقول إنها من التاريخ وليست من القرآن
الكامل المحفوظ بين دفتي المصحف. وأما ما صدّرتم به المقال من قولكم (خارجين عن منهج
أهل السنة) فهذا في نظرنا ليس سُبة لأن الأستاذ قد بين في كتبه أن الحديث عن أهل سنة في القرن
الثاني قول يحتاج تحقيقا لأن العلماء والفقهاء كانوا منتمين إلى اتجاهات سياسية مختلفة ، وأنهم
تيار بدأ يتشكل على الزمان، وقد سبق لأخيك أن بين أن من المضحك أو اللامنطقي أن نريد من
أستاذ متمرس في الفلسفة أن يكون سُنيًّا فقط، بل نكتفي منه أن يكون مسلما. وبوحيٍ من ابن حزم
الكبير ومن تحليلات الجابري دعا أخوك كاتب هذه السطور إلى (مذهب الأمة) الذي يشمل أهل السنة
والمعتزلة والزيدية والإباضية، أي جميع المسلمين الذين يقصرون الاتصال بالملأ الأعلى على (رسول الله)
فقط، لأن هذا هو الأصلح لنا ولعصر الاتصالات،التي سهلت فهم الناس لبعضهم. وعسى أن يُصبح
صُنّاع القرار بمستوى المثقفين كالجابري فيتبنوا مذهب الأمة وهو ما اتفق عليه المسلمون من
(أهل السنة والمعتزلة والزيدية ) ويكون الخارج عن مذهب الأمة مخالفاً للقانون، وإذا تم ذلك أصبح
للأمة مستقبل لأن أحادية النظرة التي يقودها التجزيئيون بحجة "الفرقة الناجية" أو "العقيدة الصحيحة"
أمر أثبت أنه يثير من المشاكل أكثر مما يحُلّ. كما أنه يصبُّ في صالح المذاهب والفرق المستقلة عن
الأمة والتي بدأت تكشر عن أنيابها ثقافيا وسياسيا.


ويطيب لي أن ألتمس منكم هنا أن نرجئ الحديث عن قضية جمع القرآن االتي كتب فيها الأستاذ
وأتى فيها بآراء جيدة لكنها ضاعت في حومة حساسية الموضوع الذي جلب عليه سخط الناس ،
بل أقول إنه صنع حاجزا نفسيا بين كثير من إخوتنا طلبة العلم وبين كتابات المغفور له التي ــ من
وجهة نظرنا المتواضعة ــ لا غنى عنها لطالب علم في مراحله المتقدمة إذا كان يريد أن يكون
ابن عصره وليس منزويا خارج التاريخ والتفكير المفيد.

نحن هنا قد اتفقنا على أن نناقش آراء المغفور له في كتبه ذات الصلة بقضايا هي من صميم مقاصد
ملتقى أهل التفسير كتفسيره الذي ختم بنشره حياته العلمية، وكالكتاب الذي كشف فيه عن الأسباب
السياسية لمحنة خلق القرآن التي امتصت طاقات الأمة لألف سنة مما تعدون، أعني "المثقفون في
الحضارة العربية". وإن كان شيخ الإسلام ابن تيمية قد سبقه إلى ذلك بتقريب الهوة بين أهل السنة
والمعتزلة حين قرر أن "القرآن محدث" ، وإذا كان المعتزلة يعنون بمخلوق "محدث"، فقد أصبحت
المسألة خلافا لفظيا، وقديما قالوا "لا مشاحة في الاصطلاح".

وعسى أن تراجعوا الحوارات السالفة لتشاركونا التفكير حسب الخطة في مناقشة آراء المغفور له، ،
ونحن الآن نناقش مقالا له عن الولاء والبراء ، حيث قرر فيه أن الحكم الشرعي للعلاقة مع الغير هو
على غير ما سار عليه التاريخ من المفاصلة والعداء بل إنه يفرق بين الواء السياسي والانفتاح الفكري
للإسلام الذي يتماهى مع الغير في قضية التوحيد، ويشرفنا أن تعيدوا معنا قراءة الموضوع لنتفق أو
نختلف مع الكاتب فيما قرره. فهل أسقط عقلانيته المنفتحة ، ونزعته الإنسانية على النص أم أنّ
هذا فعلا هو مراد النص؟

وتعلمون أن الوحدة الكبرى لنقل المعنى كانت هي الجملة في النحو القديم والفكر القديم على السواء،
على حين أنه في العصر الحديث ـــ وكما قررته البنيوية فيما بعد ــ أن الوحدة الكبرى للمعنى هي النص
بكامله وأن الأجزاء هي مكونات للمعنى سواء كانت جملا أو فقرات...وإن كان أبو القاسم الزمخشري
رحمه الله يعدُّ أول من فصل القول بأن النص هو وحدة المعنى الحقيقية وذلك بتأكيده على العلاقات
بين الجمل وعد الروابط بينها ذات أهمية في تشكيل المعنى كأهمية الجمل ذاتها. وهذا سبق عالمي
للزمخشري ما نشك فيه. ولعل هذا ما حدا بالأستاذ الجابري أن يقرر أن مصدري علم التفسير الرئيسين
هما تفسير الطبري والزمخشري حصراً.

والسلام عليكم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد: فهذه محاولة لتوزيع هذا المقال للدكتور الجابري رحمه الله إلى نقاط وتساؤلات، ربما تعين من أراد أن يحاور أستاذنا الصالح في محتويات المقال، وهذه النقاط التي كتبتها عند قراءة المقال:
4. هل نزلت سورة العنكبوت والنبي صلى الله عليه وسلم يتهيأ للهجرة؟ ( أسباب النزول)

لقد كفانا عناء البحث والتتبع الطاهر بن عاشور في مقدمة تفسير سورة العنكبوت حيث قال:
"وهي مكية كلها في قول الجمهور ، ومدنية كلها في أحد قولي ابن عباس وقتادة ، وقيل : بعضها مدني . روى الطبري ، والواحدي في " أسباب النزول " عن الشعبي أن الآيتين الأوليين منها أي إلى قوله : وليعلمن الكاذبين - نزلتا بعد الهجرة في أناس من أهل مكة أسلموا فكتب إليهم أصحاب النبيء - صلى الله عليه وسلم - من المدينة أن لا يقبل منهم إسلام حتى يهاجروا إلى المدينة ، فخرجوا مهاجرين ، فاتبعهم المشركون فردوهم .

وروى الطبري عن عكرمة عن ابن عباس أن قوله تعالى : ومن الناس من يقول آمنا بالله إلى قوله : " وليعلمن المنافقين " نزلت في قوم بمكة ، وذكر قريبا مما روي عن الشعبي .

وفي " أسباب النزول " للواحدي عن مقاتل : نزلت الآيتان الأوليان في مهجع مولى عمر بن الخطاب ، خرج في جيش المسلمين إلى بدر فرماه عامر بن الحضرمي من المشركين بسهم فقتله ، فجزع عليه أبوه وامرأته ، فأنزل الله هاتين الآيتين . وعن علي بن أبي طالب أن السورة كلها نزلت بين مكة والمدينة . وقيل : إن آية ومن الناس من يقول آمنا بالله نزلت في ناس من ضعفة المسلمين بمكة ، كانوا إذا مسهم أذى من الكفار وافقوهم في باطن الأمر وأظهروا للمسلمين أنهم لم يزالوا على إسلامهم كما سيأتي عند تفسيرها .

وقال في " الإتقان " : ويضم إلى ما استثني من المكي فيها قوله تعالى : وكأين من دابة لا تحمل رزقها ؛ لما أخرجه ابن أبي حاتم أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - أمر المؤمنين الذين كانوا بمكة بالمهاجرة إلى المدينة ، فقالوا : كيف نقدم بلدا ليست لنا فيه معيشة ، فنزلت وكأين من دابة لا تحمل رزقها .

وقيل : هذه السورة آخر ما نزل بمكة ، وهو يناكد بظاهره جعلهم هذه السورة نازلة قبل سورة المطففين ، وسورة المطففين آخر السور المكية . ويمكن الجمع بأن ابتداء نزول سورة العنكبوت قبل ابتداء نزول سورة المطففين ، ثم نزلت سورة المطففين كلها في المدة التي كانت تنزل فيها سورة العنكبوت ، ثم تم بعد ذلك جميع هذه السورة .

وهذه السورة هي السورة الخامسة والثمانون في ترتيب نزول سور القرآن ، نزلت بعد سورة الروم وقبل سورة المطففين ، وسيأتي عند ذكر سورة الروم ما يقتضي أن العنكبوت نزلت في أواخر سنة إحدى عشرة قبل الهجرة ، فتكون من أخريات السور المكية بحيث لم ينزل بعدها بمكة إلا سورة المطففين ."

وهنا نرى أن الرويات مختلفة ، ولنرجح أن السورة مكية ، ولنرجح أنها نزلت والنبي صلى الله عليه وسلم وصحبه يتهيأ للهجرة كما زعم الجابري ، فهل هذا يزكي فهم الجابري ؟

الذي أجزم به أن هذا الأمر لا علاقة له بفهم الجابري فضل عن أن يزكيه.
 
توزيع جديد للنقاط

توزيع جديد للنقاط



قام الأخ الكريم محمود البعداني بتقسيم مقال الجابري إلى نقاط هي بلا شك وكما هي
أمام عين القاري مهمة وتفصيل القول فيها هو عين العلم، والإخوة الفضلاء مدعوون أن
يُدلوا بدلائهم وتشغيل البواحث الإلكترونية كالجامع الكبير أو الشاملة وتلخيص أقوال العلماء
ولا سيما أهل المئة الخامسة وما قبلها.

لكن بدا لي أننا بحاجة هنا إلى تركيز التفكير على بؤرة الموضوع.
ما الذي أراد الكاتب أن يوصله إلى القارئ وما حججه أو ستراجيات خطابه؟
أعني أننا سنبدأ بذلك ثم نتتبع النقاط الأخرى التي ساهمت في تشكيل معناه.
ويمكن أن نرجئ ذلك إلى ما بعد تفصيل القول في النقاط أدناه ، لكن بيان بؤرة
الموضوع وفكرته الكبرى الرئيسة يكتسي بأهمية خاصة


أما المسألة الأخرى وهي خارج النص فهي ما مدى ثورية هذا الفهم الذي قدمه الكاتب
وما مدى نفعه وضرره؟
هل يمكن تسليط الضوء عليه أم أن ذلك نوع يُترك للتاريخ(المستقبل).


أكتفي حاليا بهذه اللمحة علها تجتذب اهتمام بعض الإخوان




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


وبعد: فهذه محاولة لتوزيع هذا المقال للدكتور الجابري رحمه الله إلى نقاط وتساؤلات، ربما تعين من أراد أن يحاور أستاذنا الصالح في محتويات المقال، وهذه النقاط التي كتبتها عند قراءة المقال:
  1. هل سورة الحج آخر سورة نزلت بمكة، وهل نزلت في الطريق بين مكة والمدينة؟ وهل قال بهذا الرأي أحد!( بحث محله ترتيب النزول ).
  2. مناسبة نزول السورة في ذلك الوقت؟ ما هو قول المفسرين عموما؟ وهل ما قاله الجابري تدل عليه السورة عموما أو هو استدلال بآية واحدة وحمل السورة كاملة عليها؟ ( المناسبات القرآنية، وطرائق الاستدلال)
  3. الآية الكريمة "إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا (المسلمون)، وَالَّذِينَ هَادُوا (اليهود)، وَالصَّابِئِينَ، وَالنَّصَارَى، وَالْمَجُوسَ، وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا، إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (الحج 17). هل هي: بمثابة تنبيه للمسلمين إلى عدم الدخول في منازعات، حول صحة أو عدم صحة هذا الاعتقاد أو ذلك، وبالتالي تطلب منهم ترك الأمر إلى الله الذي وحده سيفصل يوم القيامة بين الدين السماوي الصحيح وبين الأديان التي داخلها تحريف؟ وما هي أقوال المفسرين فيها؟ ( تفسير الآية)
  4. هل نزلت سورة العنكبوت والنبي صلى الله عليه وسلم يتهيأ للهجرة؟ ( أسباب النزول)
  5. هل العلاقة بالغير في القرآن لا تعني أكثر من مجرد الاختلاف، وأنه من حيث المبدأ، لا شيء هنا يقرر الكراهية لـ"الغير" أو النفور منه أو احتقاره أو اعتباره على خطأ؟ ( بحث عقدي باعتبار، وقرآني باعتبار منهج القرآن في العلاقة مع الغير)
  6. ( الذين يتظاهرون بالإسلام وفي نفس الوقت يتواطئون مع خصومه فيتولونهم (ينصرونهم) ويتآمرون معهم لإيذاء المسلمين، وهم بتعبيرنا المعاصر الجواسيس والخونة) هل يطلق هذا المصطلح على المنافقين؟ أو هناك فرق ( بحث عقدي فقهي ).
  7. قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (التحريم 9)، والمعنى، كما يقول المفسرون: "جَاهِدِ الْكُفَّار بالسيفَ، وَالْمُنَافِقِينَ بالوعيد واللسان"....هل هذا المعنى هو قول المفسرين فعلاً؟ ( محل بحثه كتب التفسير ).
  8. هل البراءة من المشركين خاصة بالحربي معاملة بالمثل؟ ( عقدي فقهي )
  9. ( يتضح مما تقدم أنه لا أصل في القرآن لبعض الآراء المنتشرة اليوم في بعض الأوساط والتي تتحدث عن هذين المفهومين الإسلاميين الأصيلين) سبق الحديث عن البراء، فأين سبق الحديث في المقال عن الولاء؟ ( ملحظ فني).
  10. هل قول بعضهم : "معنى الولاء : هو حُب الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين ونصرتهم. والبراء : هو بُغض من خالف الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين، من الكافرينوالمشركين والمنافقين والمبتدعين والفساق" هو حديث خارج السياق الذي وردا فيه في الذكر الحكيم ولا أصل له في القرآن؟ ( بحث عقدي، قرآني ).
  11. هل ( ومع أن مجمل معنى هذا القول يمكن إسناده بآيات قرآنية وأحاديث نبوية وردت في سياقات مختلفة ) رجوع عما سبق من كونهما وردا خارج السياقات القرآنية ؟ ( منهجية الباحث في التأليف ).
  12. هل إدخال لفظ المبتدعة في تعريف الولاء والبراء يتجاهل ما تنطوي عليه النصوص من تسامح؟ ( عقدي)
  13. هل الأمور الواردة في المقال على أنها مقحمة في تعريف الولاء والبراء مقحمة فعلا أو أن منها ما هو مقحم، ومنها ما ليس كذلك؟ ومن هو الذي أقحمها تحديدا ( مطالبة بالمصدر لكل نقطة منها).
  14. هل الاستدلال في خاتمة المقال مناسب للمستدل عليه؟
ليست هذه بلا شك مناقشة لمحتويات المقال أستاذنا الصالح ولكنها كما ذكرت في بداية مشاركتي محاولة لعنصرة ( إن صح هذا التعبير ) المقال، ولعل مشايخنا في الملتقى يعلقون.
وفقك الله ونفع بك وزادك من فضله
 
استاذنا الصالح افتح الباب لندخل!

استاذنا الصالح افتح الباب لندخل!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أؤيد ما تفضل الأخ أبو سعد الغامدي وفقنا الله وإياه به من أن يفتح أستاذنا الفاضل الصالح الباب للحوار بإجابته عن التساؤلات التي طرحها هو في آخر مشاركاته، وحبذا أن يكون الجواب من خلال المقال، إذ كثيرا ما تجر التساؤلات التي من قبيل ماذا أراد الكاتب؟ ونحوها إلى الخوض في النيات من جانب، وإلى الانتقال عن المقال الذي بين أيدينا إلى مقالات أخرى.
لذا أقترح أن يبدأ أستاذنا الصالح بالجواب عن الأسئلة المهمة التي طرحها داعيا الله تعالى لنا وله وسائر إخواننا بالتوفيق في القول.
 
عودة
أعلى