محمد بن جماعة
New member
- إنضم
- 23/01/2007
- المشاركات
- 1,211
- مستوى التفاعل
- 2
- النقاط
- 38
- الإقامة
- كندا
- الموقع الالكتروني
- www.muslimdiversity.net
ذكر أحد أصدقائي على الفايسبوك كلاما عن عدم الحاجة لتعلم لغة غير العربية للإبداع في التخصص..
فقال:
"اسمع كثيراً عن أهمية اكتساب الباحث للغات الأجنبية .. وأنه يمنح للكاتب انفتاحاً معرفياً جديداً لم يكن في حسبانه ..
أدرك هذا جيداً .. ولا مجال للتشكيك في هذا كمسلمة ..
لكنني ومن خلال مطالعتي لكثير من انتاج من امتلك ناصية اللغات الأخرى .. لا أجد إلا في القليل جداً منهم من تعكس معرفته باللغات الأخرى هذا النوع من الأهمية .. وتشعر معهم بالفرق بين من يمتلك لغات ومن لا يمتلكها ..
أما البقية فكثير من إنتاجهم هو لا يتجاوز انتاج غيرهم ممن لايحمل أي لغة أخرى .. كلاهما ينتج أفكار تدور في فلك متقارب .. ونتائج أبحاثهم متقاربة .. وطبيعة تعاطيهم مع الموضوعات متقاربة .. يعني كأن اللغة لم تضف شيئاً جديداً لهم ..
من لا يستطيع أن يبدع جديداً داخل محيط لغته .. لا يمكنه أن يبدع هذا الجديد حتى لو اكتسب لغة جديدة ..
نعم .. ستمنحه اللغة الجديدة القدرة على الاطلاع على إنتاج أكبر .. لكنها لن تمنحه بمفردها القدرة على الإبداع .. وحسن التوظيف لهذا الاطلاع واستثماره ..
المبدع داخل محيط لغته .. سيزيده امتلاكه لناصية اللغات الأخرى إبداعاً .. وسيضيف لديه افاقاً جديدة .."
فعلقت على كلامه بما يلي:
"اللغة أداة للاطلاع وللتواصل.. وليست هي وسيلة التفكير والإبداع.
الإبداع يحتاج لعقل مقارن، ومرونة في الفكر، وهذه ليس لها علاقة باللغة إلا من حيث أنها أداة..
الإبداع يحتاج خصائص عقلية: الحساسية في تلمس المشكلات، وطلاقة الفكر والكلمات والتعبير، والمرونة، والقدرة على إنتاج الأفكار الجديدة..
ويحتاج لخصائص نفسية مساعدة: الثقة بالنفس في غير غرور، وقوة العزيمة، والقدرة العالية على تحمل المسؤوليات، وتعدد الميول والاهتمامات، وعدم التعصب، والقدرة على نقد الذات..
ورغم كل هذا أقول: لا مجال للإبداع الحقيقي والمتقدم سوى بامتلاك ناصية اللغات. والحد الأدنى هو تعلّم الانجليزية مع اللغة الأم. لأن غزارة الإنتاج المعرفي بالانجليزية، والضعف الفادح في حركة الترجمة، تجعل الهوة المعرفية متسعة جدا.
وأعطيك مثالا بسيطا يشغلني هذه الأيام في دراسة المخطوطات القرآنية القديمة: لا تتصور كمية البحوث والدراسات والكتب التي نشرت خلال العقود الثلاثة الأخيرة بالفرنسية والألمانية والانجليزية. وكلها تعتمد تجديدا كبيرا في أدوات البحث العلمي، باعتماد نظريات حديثة في علم الفيلولوجي (علم فقه اللغة) والباليوجرافي (علم الكتابات القديمة). وهي بحوث لمتخصصين ينقد بعضهم بعضا.. وفي المقابل، لا تتصور حجم الفراغ العلمي باللغة العربية في هذا الميدان.
دراسة المصاحف القديمة تخصص دقيق مرتبط أساس بالتكنولوجيا أساسا.. كيف يمكن لمتخصص عربي في الدراسات القرآنية مثلا أن يفيد أو أن يكتب فضلا عن أن يبدع إن لم يطلع على هذه الكتابات ويهضمها معرفيا، في ظل جهل تام باللغات الأخرى؟
الإبداع يعني توليد المعرفة وإعادة ترتيب لما هو موجود. وطالما أن العربية لا توفر لك كل ما تحتاجه من أدوات توليد، فلا سبيل سوى تعلم اللغات الأخرى.
وحول مثال مخطوطات المصاحف: صدر سنة 2014 عن مؤسسة بريل كتاب بالانجليزية لأحد أهم المستشرقين على قيد الحياة وهو الفرنسي فرانسوا ديروش.. وكتابه الجديد بعنوان "مصاحف الأمويين.. نظرة أولية".. ودهشت لمنهجية الرجل العلمية، وسعة اطلاعه بالعربية والانجليزية والألمانية. ووجدته في المقدمة فقط يشير لاطلاعه على كتب متخصصة بالعربية، سواء لمعاصرين مثل صلاح المنجّد أو قدامى مثل ابن النديم والصنعاني والداني، وابن أبي شيبة والمقريزي والطبري. واطلاعه على ما كتب حتى في السنوات الأخيرة، وحتى على بحوث مكتوبة بالألمانية لم تنشر بعد رسميا..
وهذا مؤشر على أن الباحث المبدع في التخصصات الدقيقة لا يمكنه الاكتفاء بما ينشر في لغته الأولى، ولا يمكنه الانتظار طويل حتى تترجم أعمال اللغات الأخرى إلى لغته، إن أراد البناء سريعا. وهذا هو ما نحتاج إليه في عالمنا العربي."
وأضيف هنا:
إن لم يتيسرتعلم اللغات الأخرى، فلا أقل من الانخراط في خطة مؤسساتية لترجمة أهم الأعمال باللغات الأخرى، من خلال إنشاء وحدة رصد علمي للإنتاج العلمي المتعلق بالتخصص، والتعاقد مع مؤسسة ترجمة والاتصال بالباحثين الغربيين لتسهيل ترجمة أعمالهم، مثلما يفعل حاليا المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في ميدان العلوم الاجتماعية والعلوم السياسية.
فقال:
"اسمع كثيراً عن أهمية اكتساب الباحث للغات الأجنبية .. وأنه يمنح للكاتب انفتاحاً معرفياً جديداً لم يكن في حسبانه ..
أدرك هذا جيداً .. ولا مجال للتشكيك في هذا كمسلمة ..
لكنني ومن خلال مطالعتي لكثير من انتاج من امتلك ناصية اللغات الأخرى .. لا أجد إلا في القليل جداً منهم من تعكس معرفته باللغات الأخرى هذا النوع من الأهمية .. وتشعر معهم بالفرق بين من يمتلك لغات ومن لا يمتلكها ..
أما البقية فكثير من إنتاجهم هو لا يتجاوز انتاج غيرهم ممن لايحمل أي لغة أخرى .. كلاهما ينتج أفكار تدور في فلك متقارب .. ونتائج أبحاثهم متقاربة .. وطبيعة تعاطيهم مع الموضوعات متقاربة .. يعني كأن اللغة لم تضف شيئاً جديداً لهم ..
من لا يستطيع أن يبدع جديداً داخل محيط لغته .. لا يمكنه أن يبدع هذا الجديد حتى لو اكتسب لغة جديدة ..
نعم .. ستمنحه اللغة الجديدة القدرة على الاطلاع على إنتاج أكبر .. لكنها لن تمنحه بمفردها القدرة على الإبداع .. وحسن التوظيف لهذا الاطلاع واستثماره ..
المبدع داخل محيط لغته .. سيزيده امتلاكه لناصية اللغات الأخرى إبداعاً .. وسيضيف لديه افاقاً جديدة .."
فعلقت على كلامه بما يلي:
"اللغة أداة للاطلاع وللتواصل.. وليست هي وسيلة التفكير والإبداع.
الإبداع يحتاج لعقل مقارن، ومرونة في الفكر، وهذه ليس لها علاقة باللغة إلا من حيث أنها أداة..
الإبداع يحتاج خصائص عقلية: الحساسية في تلمس المشكلات، وطلاقة الفكر والكلمات والتعبير، والمرونة، والقدرة على إنتاج الأفكار الجديدة..
ويحتاج لخصائص نفسية مساعدة: الثقة بالنفس في غير غرور، وقوة العزيمة، والقدرة العالية على تحمل المسؤوليات، وتعدد الميول والاهتمامات، وعدم التعصب، والقدرة على نقد الذات..
ورغم كل هذا أقول: لا مجال للإبداع الحقيقي والمتقدم سوى بامتلاك ناصية اللغات. والحد الأدنى هو تعلّم الانجليزية مع اللغة الأم. لأن غزارة الإنتاج المعرفي بالانجليزية، والضعف الفادح في حركة الترجمة، تجعل الهوة المعرفية متسعة جدا.
وأعطيك مثالا بسيطا يشغلني هذه الأيام في دراسة المخطوطات القرآنية القديمة: لا تتصور كمية البحوث والدراسات والكتب التي نشرت خلال العقود الثلاثة الأخيرة بالفرنسية والألمانية والانجليزية. وكلها تعتمد تجديدا كبيرا في أدوات البحث العلمي، باعتماد نظريات حديثة في علم الفيلولوجي (علم فقه اللغة) والباليوجرافي (علم الكتابات القديمة). وهي بحوث لمتخصصين ينقد بعضهم بعضا.. وفي المقابل، لا تتصور حجم الفراغ العلمي باللغة العربية في هذا الميدان.
دراسة المصاحف القديمة تخصص دقيق مرتبط أساس بالتكنولوجيا أساسا.. كيف يمكن لمتخصص عربي في الدراسات القرآنية مثلا أن يفيد أو أن يكتب فضلا عن أن يبدع إن لم يطلع على هذه الكتابات ويهضمها معرفيا، في ظل جهل تام باللغات الأخرى؟
الإبداع يعني توليد المعرفة وإعادة ترتيب لما هو موجود. وطالما أن العربية لا توفر لك كل ما تحتاجه من أدوات توليد، فلا سبيل سوى تعلم اللغات الأخرى.
وحول مثال مخطوطات المصاحف: صدر سنة 2014 عن مؤسسة بريل كتاب بالانجليزية لأحد أهم المستشرقين على قيد الحياة وهو الفرنسي فرانسوا ديروش.. وكتابه الجديد بعنوان "مصاحف الأمويين.. نظرة أولية".. ودهشت لمنهجية الرجل العلمية، وسعة اطلاعه بالعربية والانجليزية والألمانية. ووجدته في المقدمة فقط يشير لاطلاعه على كتب متخصصة بالعربية، سواء لمعاصرين مثل صلاح المنجّد أو قدامى مثل ابن النديم والصنعاني والداني، وابن أبي شيبة والمقريزي والطبري. واطلاعه على ما كتب حتى في السنوات الأخيرة، وحتى على بحوث مكتوبة بالألمانية لم تنشر بعد رسميا..
وهذا مؤشر على أن الباحث المبدع في التخصصات الدقيقة لا يمكنه الاكتفاء بما ينشر في لغته الأولى، ولا يمكنه الانتظار طويل حتى تترجم أعمال اللغات الأخرى إلى لغته، إن أراد البناء سريعا. وهذا هو ما نحتاج إليه في عالمنا العربي."
وأضيف هنا:
إن لم يتيسرتعلم اللغات الأخرى، فلا أقل من الانخراط في خطة مؤسساتية لترجمة أهم الأعمال باللغات الأخرى، من خلال إنشاء وحدة رصد علمي للإنتاج العلمي المتعلق بالتخصص، والتعاقد مع مؤسسة ترجمة والاتصال بالباحثين الغربيين لتسهيل ترجمة أعمالهم، مثلما يفعل حاليا المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في ميدان العلوم الاجتماعية والعلوم السياسية.