حلقات وهاجة من تاريخ الانتصار للقرآن

إنضم
05/01/2013
المشاركات
579
مستوى التفاعل
6
النقاط
18
العمر
63
الإقامة
تارودانت المغرب
الانتصار للقرآن في مواجهة المرجفين و أهل الشبه له تاريخ حافل طويل؛بتقليب صفحاته نظفر بعدد من الأعلام الذين عز نظيرهم في الذوذ عن القرآن ينتظمون في سلسلة ممتدة عبر تاريخ القرآن.
1- من أشهر هؤلاء خطيب أهل السنة ابن قتيبة الدينوري تـ276هـ،عاش في عصر اشرأبت فيه ألوية القدرية فنذر نفسه للتأليف في الانتصار للقرآن وكان من ثمرات ذلك تصنيف كتابيه:
- تأويل مشكل القرآن
- تأويل مختلف الحديث.
ففي سبب تأليف الكتاب الأول قال ص 22:" وقد اعترض كتاب الله بالطعن ملحدون ولغوا فيه وهجروا،واتبعوا (ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله) بأفهام كليلة وأبصار عليلة ونظر مدخول،فحرفوا الكلام عن مواضعه وعدلوه عن سبله،ثم قضوا عليه بالتناقض والاستحالة واللحن،وفساد النظم والاختلاف
وأدلوا في ذلك بعلل ربما أمالت الضعيف الغمر،والحدث الغر،واعترضت بالشبه في القلوب وقدحت بالشكوك في الصدور...
فأحببت أن أنضح عن كتاب الله،وأرمي من ورائه بالحجج النيرة،والبراهين البينة وأكشف للناس ما يلبسون...فألفت هذا الكتاب..."
أما في الكتاب الثاني فنجده ص76 قال بأسلوب بليغ عز نظيره:" وقد تدبرت مقالة أهل الكلام فوجدتهم يقولون على الله ما لا يعلمون،ويعيبون الناس بما يأتون،ويبصرون القذى في عيون الناس وعيونهم تطرف على الأجذاع،ويتهمون غيرهم في النقل ولا يتهمون آراءهم في التأويل.
ومعاني الكتاب والحديث وما أودعاه من لطائف الحكمة وغرائب اللغة لايدرك بالطفرة والتولد والعرض والجوهر والكيفية والكمية والأبنية.
ولو ردوا المشكل منهما الى أهل العلم بهما وضح لهم المنهج،واتسع لهم المخرج،ولكن يمنع من ذلك طلب الرئاسة وحب الأتباع واعتقاد الاخوان بالمقالات،والناس أسراب طير يتبع بعضها بعضا،ولو ظهر لهم من يدعي النبوة مع معرفتهم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء،أو من يدعي الربوبية،لوجد على ذلك أتباعا وأشياعا..."
 
2- أبو بكر الباقلاني تـ403هـ امام الانتصار للقرآن:
كان الباقلاني في زمنه وبعده من أفذاذ الأصوليين في دقة الفهم والذكاء الحاد وسرعة البديهة العلمية.
كما قدر له أن يكون سيفا مسلطا على:
- طوائف الملل الدينية حتى خارج حدود الدولة العباسية (مطارنة بلاد الروم).
- قطعان النحل المارقة من الباطنية بفرقها ومن منتحلي التشيع والقول ببدعة القدر...
القسم الكبير من مؤلفاته ضاع،لكن ما بقي منها يدل على صاحبه،وأهمها في هذا الموضوع كتاب:
"الانتصار لصحة القرآن والرد على من نحله الفساد بزيادة أو نقصان"
أما قصة تأليف (الانتصار) وهو أول كتاب في الموضوع بهذا العنوان فيما أذكر -والله أعلم- فقد خصصه كما ظهر من عنوانه لفضح طوائف من أهل التشيع ممن انتحل مقالة للطعن في القرآن بالكذب على الصحابة رضي الله عنهم انهم لما جمعوه زمن أبي بكر ثم عمر ثم عثمان أسقطوا منه سورا أو آيات؟؟؟ ولبئس ما يرجفون.
وأصل هذه الفرية عند الشيعة ما صنعه زنادقتهم وعزوه الى امامهم أبي جعفر أنه قال: (ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل الا كذاب،وما جمعه وحفظه كما نزله الله تعالى الا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده) وهذا البهتان صدر به كذابهم الكليني أحد أبواب كتاب (الأصول من الكافي).

وقد اشرأبت هذه البدعة الاعتقادية زمن الباقلاني لأن الخلافة في الدولة العباسية خلال عصره كان أمرها في عدد من أقاليمها بأيدي الديلم من البويهيين وهم فرقة من أهل الرفض مثل (الصفويين) في أيامنا هذه...،فما كان من أبي بكر الا أن صنف (الانتصار لصحة نقل القرآن) ابطالا لهذه الفرية التي اغتر بها الجهلة الذين يجوز في (أحلامهم الضالة) أن يحفظ القرآن من يسمونهم "الأئمة" الذين كانوا زمن نزول القرآن في أصلاب آبائهم وأجدادهم ولا يجوز أن يحفظه أبوبكر وعثمان وزيد وأبي وغيرهم ممن عاصروا زمن الرسالة وكانت لهم فضيلة صحبة من انزل عليه القرآن صلى الله عليه وسلم.

قال الباقلاني في مقدمة كتابه:
" أما بعد فقد وقفت -تولى الله عصمتكم وأحسن هدايتكم وتوفيقكم- على ما ذكرتموه من شدة حاجتكم الى الكلام في نقل القرآن،واقامة البرهان على استفاضة أمره واحاطة السلف بعلمه وانقطاع العذر في نقله،وقيام الحجة على الخلق به،وابطال ما يدعيه أهل الضلال من تحريفه وتغييره ودخول الخلل فيه،وذهاب شيء كثير منه وزيادة أمور فيه وخلو بعضه من الفائدة...وعرفت ما وصفتموه من كثرة استضرار الضعفاء بتمويههم وعظم موقع الاستبصار والانتفاع بنقض شبههم،ونحن بحول الله وعونه نأتني في كل ذلك بجمل تزيل الريب والشبهة وتوفق على الواضحة."
 
3- ابن العربي المعافري تـ 543هـ أكبر نظار الأندلس خلال القرن السادس للهجرة،قدر له أن يعيش في فترة اشرأبت فيها مختلف البدع في العالم الاسلامي لما وجدت الوضع السياسي مناسبا لتكاثرها.
فالأندلس مزقها ملوك الطوائف،ثم اقتسموها مع نصارى قشتالة.
ومصر والشام اقتسمهما العبيديون الرافضة مع الصليبيين...
وفي مطلع شباب ابن العربي خرج من اشبيلبية طالب علم وحج وفي طريق رحلته قدر له أن يناظر رؤساء مختلف النحل والملل بدءا من الرافضة العبيديين في مصر الى أحبار اليهود في القدس الى الكرامية والمعتزلة والاسماعيلية والمشبهة... في عكا وحوران وطبرية اذ كانت فلسطين حررها الله آنذاك بأيدي نصارى الصليبيين.
كان ابن العربي يرى أن علم الكلام وأصول الفقه ومسائل الخلاف هي عمدة الدين، فأورثه ذلك دربة على الاحتجاج والانتصارللكتاب والسنة كما يعرف ذلك من أمعن النظر في كتبه.
وقد قص جزءا مما تقدم في كتابه (العواصم من القواصم) فقال عن مصر أيام العبيديين:"...فلبثت فيهم ثمانية أشهر لم يبق باطل الا سمعته ولا كفر الا شوفهت به ووعيته (تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا)وهم لم يدعوا لله ولدا ولكنهم جاؤوا بأعظم من ذلك كفرا...ثم خرجت عنهم الى الشام فوردت بيت المقدس طهره الله...ثم نزلت الساحل وكان مملوءا من هذه النحل الملحدة والمذاهب الباطنية والامامية فطوفت في مدن الساحل لأجل تلك الأغراض الدينية نحوا من خمسة أشهر..."؛وبعد بضع سنوات في المشرق رجع الى الأندلس فوجد بدعا لنحل أخرى هناك.
أما أهم كتبه في الانتصار للقرآن فهو "قانون التأويل" الذي أراده - كما قال-منهاجا للعالم المستبصر انتصر فيه للقرآن في مواجهة مختلف النحل في زمنه كالباطنية والقدرية،ثم خصص من تلك النحل نحلة أشربت في قلبها الفلسفة المشائية بالأندلس فأرادت أن تنظر من مرآتها الى علوم الشرع فأدى بها ذلك النظر الى أن تهوي على أم رأسها.
قال في باب (ذكر المعنى الذي أوجب العثور في النظر):"أما انه نبعث طائفة أرادوا أن يلفقوا بين موارد الشرع وأغراض الفلاسفة،وادعوا أنها متلائمة،وأن كلام النبي مع كلام الفيلسوف يخرج من مشكاة واحدة،ومن ها هنا دخلت المطاعن في التنزيل،ودرست على السالكين السبيل وحار الناظرون في الدليل.وهذا باطل فان القوم تكلموا بعقول قاصرة في معان خفية،وذلك بين من كتاب الله بالكلام في مجادلة الكفار للأنبياء،فما من أمة الا والرد عليهم في كتاب الله".
 
موضوع خطير ومهم
لذلك استاذنا الكريم تجد محمد اركون صب جام سخصه العلماني على ابن قتيبة الدينوري تـ276هـ، رحمه الله
 
قال جابر عصفور في مقال له بجريدة الاهرام بعنوان جمعية جبهة علماء الأزهر

عن ابن قتيبة رحمه الله:"... ابن قتيبة الدينوري في كتابه عيون الأخبار الذي هو من كتب الأدب بمعناه القديم الذي يشير إلي الأخذ من كل شيء بطرف وكان الرجل أحد أئمة المذهب السلفي, ونصير أحمد بن حنبل في القرن الثالث للهجرة, ومؤلف تأويل مشكل القرآن وتأويل مختلف الحديث وعدو العقلانية اللدود الذي هاجم الجاحظ والنظام وأقرانهما من المعتزلة أقسي هجوم ورغم ذلك, ذكر في كتابه عيون الأخبار ما نصه سينتهي بك كتابنا هذا إلي باب المزاح والفكاهة وما روي عن الأشراف والأئمة فيهما, فإذا مر بك, أيها المتزمت, حديث تستخفه فاعرف المذهب فيه وما أردنا به واعلم أنك إن كنت مستغنيا عنه بتنسكك فإن غيرك ممن يترخص فيما تشددت فيه محتاج إليه, وإن الكتاب لم يعمل لك دون غيرك فيهيأ علي ظاهر محبتك, ولو وقع فيه توقي المتزمتين لذهب شطر بهائه وشطر مائه, ولأعرض عنه من أحببنا أن يقبل إليه معك, وإنما مثل هذا الكتاب مثل المائدة تختلف فيها مذاقات الطعوم لاختلاف شهوات الآكلين وإذا مر بك حديث فيه إفصاح بذكر عورة أو فرج أو وصف فاحشة فلا يحملنك الخشوع أو التخاشع علي أن تصعر خدك وتعرض بوجهك, فإن أسماء الأعضاء لا تؤثم, وإنما المأثم في شتم الأعراض وقول الزور والكذب وأكل لحوم الناس بالغيب.
ويمضي ابن قتيبة في مخاطبة أسلاف جبهة علماء( ؟!) الأزهر, مجادلا إياهم بالمعقول والمنقول, مستشهدا بأحاديث للرسول صـلي الله علـيه وسـلم وأقـوال أبي بكـر الصـديق وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما ولا أستطيع أن أنقل هذه الأحاديث, فمن المؤكد أن تحرير هذه الجريدة سوف يحذفها, خوفا من متطرفي هذا العصر المتمسحين بالدين, أو أدعياء الوصاية علينا, لا لأنهم أكثر تدينا, وإنما لأنهم أكثر تشددا وتطرفا وتزمتا إلي أن وصل خطابهم إلي أقصي درجات الإسفاف. ولا أدري إلي متي سنظل نسمح بهذا وأمثاله بدعوي الحرية, فالحرية تنتهي عند إيذاء الآخرين ولا أعرف أية حكومة تلك التي تسمح لجمعية مرخصة من إحدي وزاراتها بوصف المدافعين عن ألف ليلة بأنهم صبيان المواخير أو يصفون الليالي بأنها أدب مراحيض, وأرجو من الوزارة المعنية بالجمعيات الأهلية أن تراجع بيانات الجمعيات التي تحت إشرافها, ومنها جمعية جبهة علماء الأزهر التي أظنها تخرق كل القوانين, وأن تتولي التحقيق في مثل هذا البيان وغيره الذي هو اعتداء علي الحريات والتراث وتقاليد الأزهر المستنير, فضلا عن التحقير من مكانة أنصار الدولة المدنية الذين توصف كتاباتهم بأنها قاذورات الأقلام الفاجرة ويوصف فيه الكاتب الكبير حلمي النمنم بكلمات بشعة مثل لو أن سفيها ذهب فأكل فخلط متضلعا من قمامات القاهرة التي ملأت فجاجها ثم نام مستقلا فحلم فهذي لم يأت بأقبح مما فاه به هذا النمنم علي رؤوس الأشهاد وأمثال هذا كثير "
 
موضوع متميز، بارك الله فيك. حبذا لو تمت السلسلة بالمد والجزر (الإنتقال في الزمن) بدل التسلسل التاريخي، ففي ذلك متعة بنكهة خاصة.
 
رغبة باتصال الحديث في الموضوع المطروح؛ تم نقل المشاركات الخاصة بقبة الصخرة إلى الموضوع الخاص بها هنا: http://vb.tafsir.net/tafsir33633/#.VVGf7_lVhBf
أشكر للجميع تعاونهم وسعة صدورهم.
 
عودة
أعلى