حكم قضاء الصلاة الفائتة لمن تركها متعمداً وأقوال العلماء في ذلك

إنضم
12/01/2006
المشاركات
372
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
المدينة النبوية
حكم قضاء الصلاة الفائتة لمن تركها متعمداً وأقوال العلماء في ذلك
بسم الله الرحمن الرحيم
قضاء الصلاة الفائتة واجب باتفاق الأئمة الأربعة بل وحكى عليه ابن قدامة وغيره الإجماع ، وإذا كان النائم والناسي المرفوع عنهما القلم مأموران بالقضاء بالإجماع فما بالك بالذي تركها متهوراً أو متكاسلاً ، وإليك أقوال العلماء في حكم القضاء على من ترك الصلاة متعمداً
قال ابن قدامة : لا نعلم بين المسلمين خلافاً في أن تارك الصلاة يجب عليه قضاؤها ولو كان مرتداً لم يجب عليه قضاء صلاة ولا صيام ( ) .
قال ابن عبد البر : قال تعالى حاكياً عن إبراهيم نبيه عليه الصلاة والسلام أنه قال لابنه إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر الصافات 102 ونومه عليه السلام في سفره من باب قوله إني لأنسى أو أنسى لأسن فخرق نومه ذلك عادته عليه السلام ليسن لأمته ألا ترى إلى قوله في حديث العلاء بن خباب لو شاء الله لأيقظنا ولكنه أراد أن تكون سنة لمن بعدكم وذكر أبو بكر بن أبي شيبة عن عبيدة بن حميد عن يزيد بن أبي زياد عن تميم بن أبي سلمة عن مسروق عن بن عباس قال ما يسرني أن لي الدنيا بما فيها بصلاة النبي عليه الصلاة والسلام الصبح بعد طلوع الشمس وكان مسروق يقول ذلك أيضاً قرأت على عبد الوارث أن قاسما حدثهم قال حدثنا أحمد بن زهير حدثنا بن الأصبهاني قال حدثنا عبيدة بن حميد عن يزيد بن أبي زياد عن تميم عن أبي سلمة عن مسروق عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فعرسوا من الليل فلم يستيقظوا حتى طلعت الشمس قال فأمر فأذن ثم صلى ركعتين قال بن عباس فما يسرني بهما الدنيا وما فيها يعني الرخصة قال أبو عمر : وذلك عندي والله أعلم لأنه كان سبباً إلى أن علم أصحابه المبلغون عنه إلى سائر أمته أن مراد الله من عباده الصلاة وإن كانت مؤقتة أن من لم يصلها في وقتها فإنه يقضيها أبدا متى ما ذكرها ناسيا كان لها أو نائما عنها أو متعمدا لتركها ألا ترى أن حديث مالك في هذا الباب عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها والنسيان في لسان العرب يكون الترك عمدا ويكون ضد الذكر قال الله تعالى نسوا الله فنسيهم التوبة 67 أي تركوا طاعة الله تعالى والإيمان بما جاء به رسوله فتركهم الله من رحمته وهذا مما لا خلاف فيه ولا يجهله من له أقل علم بتأويل القرآن فإن قيل فلم خص النائم والناسي بالذكر في قوله في غير هذا الحديث من نام عن الصلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها قيل خص النائم والناسي ليرتفع التوهم والظن فيهما لرفع القلم في سقوط المأثم عنهما بالنوم والنسيان فأبان رسول الله صلى الله عليه وسلم أن سقوط الإثم عنهما غير مسقط لما لزمهما من فرض الصلاة وأنها واجبة عليهما عند الذكر لها يقضيها كل واحد منهما بعد خروج وقتها إذا ذكرها ولم يحتج إلى ذكر العامد معهما لأن العلة المتوهمة في الناسي والنائم ليست فيه ولا عذر له في ترك فرض قد وجب عليه من صلاته إذا كان ذاكراً له وسوى الله تعالى في حكمه على لسان نبيه بين حكم والصلاة الموقوتة والصيام الموقوت في شهر رمضان بأن كل واحد منهما يقضى بعد خروج وقته فنص على النائم والناسي في الصلاة لما وصفنا ونص على المريض والمسافر في الصوم وأجمعت الأمة ونقلت الكافة فيمن لم يصم رمضان عامدا وهو مؤمن بفرضه وإنما تركه أشراً وبطراً تعمد ذلك ثم تاب عنه أن عليه قضاءه فكذلك من ترك الصلاة عامداً فالعامد والناسي في القضاء للصلاة والصيام سواء وإن اختلفا في الإثم كالجاني على الأموال المتلف لها عامدا وناسيا إلا في الإثم وكان الحكم في هذا الشرع بخلاف رمي الجمار في الحج التي لا تقضى في غير وقتها لعامد ولا لناس فوجوب الدم فيها ينوب عنها وبخلاف الضحايا أيضا لأن الضحايا ليست بواجبة فرضا والصلاة والصيام كلاهما فرض واجب ودين ثابت يؤدى أبدا وإن خرج الوقت المؤجل لهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دين الله أحق أن يقضى وإذا كان النائم والناسي للصلاة وهما معذوران يقضيانها بعد خروج وقتها كان المتعمد لتركها المأثوم في فعله ذلك أولى بالا يسقط عنه فرض الصلاة وأن يحكم عليه بالإتيان بها لأن التوبة من عصيانه في تعمد تركها هي أداؤها وإقامة تركها مع الندم على ما سلف من تركه لها في وقتها وقد شذ بعض أهل الظاهر وأقدم على خلاف جمهور علماء المسلمين وسبيل المؤمنين فقال ليس على المتعمد لترك الصلاة في وقتها أن يأتي بها في غير وقتها لأنه غير نائم ولا ناس وإنما قال رسول الله من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها قال والمتعمد غير الناسي والنائم قال وقياسه عليهما غير جائز عندنا كما أن من قتل الصيد ناسيا لا يجزئه عندنا فخالفه في المسألة جمهور العلماء وظن أنه يستتر في ذلك برواية جاءت عن بعض التابعين شذ فيها عن جماعة المسلمين وهو محجوج بهم مأمور باتباعهم فخالف هذا الظاهر عن طريق النظر والاعتبار وشذ عن جماعة علماء الأمصار ولم يأت فيما ذهب إليه من ذلك بدليل يصح في العقول ومن الدليل على أن الصلاة تصلي وتقضى بعد خروج وقتها كالصائم سواء وإن كان إجماع الأمة الذين أمر من شذ منهم بالرجوع إليهم وترك الخروج عن سبيلهم يغني عن الدليل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ومن أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ولم يخص متعمدا من ناس ونقلت الكافة عنه عليه الصلاة السلام أن من أدرك ركعة من صلاة العصر قبل الغروب صلى تمام صلاته بعد الغروب وذلك بعد خروج الوقت عند الجميع ولا فرق بين عمل صلاة العصر كلها لمن تعمد أو نسي أو فرط وبين عمل بعضها في نظر ولا اعتبار ودليل آخر وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل هو ولا أصحابه يوم الخندق صلاة الظهر والعصر حتى غربت الشمس لشغله بما نصبه المشركون له من الحرب ولم يكن يومئذ ناسياً ولا نائما ولا كانت بين المسلمين والمشركين يومئذ حرب قائمة ملتحمة وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر في الليل ( ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) انظر: المغني لابن قدامة 2 / 158 .
الاستذكار لابن عبد البر 1 / 76 – 78 .
ومن أراد التوسع في مذاهب العلماء في حكم تارك الصلاة وأدلتهم وترجيح ما هو الراجح بالأدلة فليرجع إلى بحث الفوائد المهداة في حكم تارك الصلاة
وهو موجود على هذا الرابط : http://www.mktaba.org/vb/showthread.php?t=961
 
عودة
أعلى