حكم صلاة "أهل الكراسي" الشيخ د/ ذياب بن سعد الغامدي

إنضم
11/08/2014
المشاركات
95
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
المملكه العربية
صلاة أهل الكراسي
س/ ماحكم صلاة الفريضة على الكراسي وما صفتها ؟
ج/ الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين .
وبعد: فإن الجواب عن هذه المسألة، كما يلي باختصار : قلت: لقد أجمع أهل العلم على أن للصلاة أركاناً لا تصح إلا بها: مثل القيام والركوع والسجود وغيرها من الأركان، فمن ترك منها ركناً قادراً عليه عالماً به مختاراً لفعله: فصلاته باطلةٌ بالإجماع. وقد دل على ذلك قول الله تعالى(واركعوا مع الركعين) وقوله تعالى(وقوموا لله قٰنتبن) وقوله تعالى(يأيها الذين ءامنوا اركعوا واسجدواواعبدوا ربكم) وقوله صلى الله عليه وسلم(صلوا كما رأيتموني أصلي) وقوله(صلِّ قائماً) أخرجهما البخاري، وهذا في صلاة الفريضة أما صلاة النافلة فيجوز فيها ما لا يجوز في غيرها ولا سيما في القيام.
كما أجمع أهل العلم أيضاً على أن تحقيق أركان الصلاة متوقف على الاستطاعة والقدرة، فكل مسلم عاجز عن القيام بأحد أركان الصلاة، فهو معذور شرعاً وعقلاً، لقوله تعالى(لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) وقوله(فاتقواالله ما استطعتم) وقوله صلى الله عليه وسلم(إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)متفق عليه، وقوله(صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب) البخاري، وتحقيقاً أيضاً للقاعدة الفقهية: المشقة تجلب التيسير، وقاعدة: لا واجب مع العجز.
يوضحه؛ أن من عجز عن القيام في الصلاة صلى جالساً، ومن عجز عن الركوع أومأ برأسه حال قيامه، ومن عجز عن السجود أومأ برأسه حال جلوسه، ويكون سجوده أخفض من ركوعه وجوباً، ويكون في جلوسه مفترشاً أو متوركاً، وقيل يجلس متربعاً لقول عائشة رضى الله عنها:(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي متربعاً) النسائي ورجاله ثقات.
ومن عجز أيضاً عن القيام والركوع والسجود، صلى على جنبه، وقيل: مستلقياً على ظهره، ووجهه ورجلاه إلى القبلة ليكون إيماؤه إليها، والأول أصح لظاهر السنة.
وأما إن عجز المسلم أن يصلي على جنبه: صلى على أي حال، سواءٌ على ظهره أو على الكرسي، كما سيأتي بيانه.
وكذا فإن كل من عجز عن الإتيان بركن من أركان الصلاة أو غيرها من العبادات الشرعية، فإن له أجر الصحيح القادر، لقوله صلى الله عليه وسلم(إذا مرض العبد أو سافر كتب له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحاً مقيماً) البخاري.
أما صلاة الفريضة على الكراسي فلا تخلو من أربع صور :
الصورة الأولى: من يصلي الفريضة على الكراسي وهو قادر على السجود بحجة أنه إذا صلى جالساً لن يستطيع على القيام سواءٌ في أول صلاته أو في أثنائها.
قلت: من هذه حاله فصلاته باطلة بالإجماع لأنه ترك ركناً قادراً عليه شرعاً وطبعاً وتكلف ركناً هو معذور فيه شرعاً وذلك لكونه قد ترك كثيراً من أركان الصلاة مع قدرته عليها وهي السجود، والجلسة بين السجدتين، والجلوس للتشهد وغيرها وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين أنه صلى جالساً حينما سقط عن فرسه ولم يتكلف حينها الصلاة على الكرسي !
كما أنه بصلاته على الكرسي قد خالف تسوية الصفوف وذلك من خلال تقدمه أو تأخره على أهل الصف سواءٌ بصدره أو برجله وكلاهما فيه مخالفةٌ شرعيةٌ لقوله صلى الله عليه وسلم عندما رأى رجلاً بادياً صدره:(لتسون صفوفكم، أوليخالفن الله بين وجوهكم) متفق عليه.
ثم إن العبرة في تسوية الصفوف: هي اصطفاف الأقدام، وتسويتها بمحاذاة الأكعب لا بتسوية أطراف الأصابع كما هو فعل كثير من المصلين، أما من جاز له الصلاة على الكراسي فالعبرة بتسوية الصدر والمنكب مع المصلين من خلال تسوية مقعدته في الصف الذي يقف فيه كما هو ظاهر السنة وحال جلوسنا في الصلاة.
لذا كان واجباً على من هذه حاله أن يصلي الصلاة بحسب الاستطاعة والقدرة فكل ركن يستطيعه أتى به، وما لا يستطيعه فهو معذور فيه شرعاً !
الصورة الثانية: من يعجز عن السجود فقط بحجة أن في سجوده ضرراً يشق عليه .
فمن هذه حاله فصلاته باطلة اتفاقاً لأنه ترك ركن القيام والركوع والجلوس بين السجدتين والجلوس للتشهد !
لذا كان عليه شرعاً أن يصلي قائماً حتى إذا أراد السجود جلس على الأرض ثم أومأ للسجود برأسه وهكذا يفعل في جميع صلاته .
الصور الثالثة: من يعجز عن الجلوس رأساً بحجة أن في جلوسه ضرراً يشق عليه.
فهذا أيضاً صلاته باطلة اتفافاً لأنه ترك ركن القيام والركوع لذا كان عليه شرعاً أن يصلي قائماً حتى إذا أراد السجود جلس على الكرسي أخذاً باستشارة الطبيب الثقة لقوله تعالى(فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) وأومأ عند السجود برأسه وهكذا في جميع صلاته.
الصورة الرابعة: من يصلي متوكئاً على العصا حتى إذا أراد الركوع أو السجود صلى على الكرسي .
فمن هذه حاله فصلاته غير صحيحة لأنه ترك ركن الركوع والسجود والجلوس عمداً لذا كان عليه شرعاً أن يصلي متوكئً على العصا حال قيامه وركوعه وجوباً دون الجلوس على الكرسي حتى إذا أراد السجود جلس على الأرض وسجد وهكذا يفعل في صلاته.
وأما بطلان صلاة أهل الكراسي ممن جاء ذكرهم في الصور الأربع فهو متوقف على كون المصلي منهم عالماً ذاكرا مختاراً في صلاته وإلا فصلاتهم صحيحة بعذر الجهل أو النسيان أو الإكراه .
أما الصور التي تصح فيها الصلاة على الكراسي فهي صورتان :
الأولى: من ضعفت قواه عن حمله قائماً وجالساً على حدٍّ سواء وهو أشبه اليوم بحال مرضى العظام أو المصابين بالشلل أو غيرهم ممن يعجزون عن القيام والجلوس فمن هذه حالهم فعليهم شرعاً أن يصلوا على الكراسي ابتداءً ويومئون برؤوسهم عند الركوع والسجود ومن كان منهم لا يستطيع الإيماء برأسه نوى بقلبه عند كل ركن .
الثانية: من كان يعجز عن الجلوس فقط لخوف مرض أو لرجاء برء بعد استشارة طبيبٍ ثقة فمثل هذا عليه شرعاً أن يصلي قائماً وراكعاً حتى إذا أراد السجود جلس على الكرسي وأومأ برأسه بنية السجود ثم ينوي الجلوس بين السجدتين وهكذا يفعل في صلاته .
أخيراً؛ فإننا قد فصلنا الحديث عن حكم صلاة أهل الكراسي في رسالة مختصرة تحت عنوان(تنبيه الناسي بحكم صلاة أهل الكراسي) فمن أراد زيادة تفصيل فلينظرها مشكوراً، والله تعالى أعلم .

الشيخ د/ ذياب بن سعد الغامدي .
تنبيه الناسي بحكم
صلاة أهل الكراسي
ص ٤٣
 
جزاك الله خير وهل تتكرم بارسال الرسالة التي اشرتم اليها في هذا التقرير الموجز وبوركتم
 
عودة
أعلى