حكم الوقف على: (وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا) النحل: 5

إنضم
22/05/2006
المشاركات
2,552
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
59
الإقامة
الرياض
الوقف على قوله: (وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا) النحل: 5

قوله تعالى: {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ }النحل5

التوجيه النحوي:
توجيه الوقف يكون بالنظر إلى إعراب (لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ) والمشهور فيها ثلاثة اقوال:
الأول : حالية .
الثاني : مستأنفة.
الثالث: جواز الوجهين.
فعلى القول الأول : جُمْلَة (لكم فيها ..) فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ وهو الهاء في «خلقها، والجار «فيها» متعلق بحال من «دفء» [1].
وعلى القول الثاني : فالجملة: لا محلّ لها استئناف بيانيّ، باعتبار أن دفء مبتدأ والخبر لكم. [2]
أقوال المفسرين:
القول الأول: باعتبار أن الجملة حالية، يكون المعنى ما خلقها إلا لكم ولمصالحكم، ولمنافعِكم.كقوله: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) وعلى ذلك يوقف على ( لكم)[3].
وهو قول: البيضاوي ت685هـ، وابن عاشور1393 هـ، والسعدي1376هـ [4]
قال البيضاوي ت685هـ: (خلقها لكم) بيان ما خلقت لأجله وما بعده تفصيل له. (فِيها دِفْءٌ) ما يدفأ به فيقي البرد. وَمَنافِعُ نسلها ودرها وظهورها، وإنما عبر عنها بالمنافع ليتناول عوضها[5]
قال السعدي 1376هـ: {وَالأنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ} أي: لأجلكم، ولأجل منافعكم ومصالحكم، من جملة منافعها العظيمة أن لكم {فِيهَا دِفْءٌ} مما تتخذون من أصوافها وأوبارها، وأشعارها..[6].
.القول الثاني: باعتبار الاستئناف يكون المعنى : هو خلقها، ثم أخبر أنه خلق لنا فيها منافع يذكر أنواع المنافع والنعم التي أنعم علينا، وعلى ذلك يكون الوقف على (خلقها) [7].
وهو قول الخازن:741هـ وأبو حيان754، والشنقيطي1393هـ. [8]
قال أبو حيان (754« وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ اسْتِئْنَافٌ لِذَكَرِ مَا يُنْتَفَعُ بِهَا مِنْ جِهَتِهَا، وَدِفْءٌ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ لَكُمْ، وَيَتَعَلَّقُ فِيهَا بِمَا فِي لَكُمْ مِنْ مَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ ». 4/ 125[9]
وقال الشنقيطي (ت: 1393هـ) : (( وَأَظْهَرُ أَوْجُهِ الْإِعْرَابِ فِي قَوْلِهِ: لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ أَنَّ قَوْلَهُ: دِفْءٌ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ لَكُمْ فِيهَا، وَسَوَّغَ الِابْتِدَاءَ بِالنَّكِرَةِ ; اعْتِمَادُهَا عَلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ قَبْلَهَا وَهُوَ الْخَبَرُ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ [10]
القول الثالث: وهو قول : الزمخشري، وابن عطية، والواحدي[11]
َقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ، وَابْنُ عَطِيَّةَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ عُطِفَ عَلَى الْبَيَانِ، وعلى هذا يكون لَكُمْ اسْتِئْنَافٌ، أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِخَلَقَهَا». ».[12]
قال الواجدي468هـ : {والأنعام خلقها} يعني الإبل والبقر والغنم، ثم ابتدأ فقال: {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ} [النحل: 5] ويجوز أن يكون تمام الكلام عند قوله: {لكم} ثم يبتدئ فيقول: فيها دفء[13]
توجيه الوقف والابتداء :
الأول: تام.
الثاني: كاف.
الثالث: جائز.
مناقشة الأقوال:
الأول : هو قول : عند نافع، والقتبي، وابي عبد الله. [14]
وذلك باعتبار أن جملة ( لكم فيها دفء ) جملة مستأنفة وانقطع المعنى، حيث انتقل من الكلام عن الامتنان بخلق الأنعام، ثم الامتنان بذكر منافعها لكم.
الثاني: وهو قول : يعقوب، والداني، و الأنصاري[15]
وذلك باعتبار أن جملة ( لكم فيها دفء ) جملة مستأنفة والمعنى مازال متصلا عن الأنعام.
الثالث: جائز، وهو قول : السجاوندي[16]
وذلك باعتبار جواز الوقف والاستئناف.
ولم يذكر ابن الأنباري وقفا .
القول الراجح :
بعد استعراض الأقوال يظهر أن الوجهين جائزان مع أولوية القول الثاني، وهو اعتبار أن جملة ( لكم فيها دفء) جملة مستأنفة.
فالوجه الأول: يؤيده قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا)
والقول الثاني: يؤيده مُقَابَلَة قوله ( لكم فيها دفء) بِقَوْلِهِ: وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ، فَقَابَلَ الْمَنْفَعَةَ الضَّرُورِيَّةَ بِالْمَنْفَعَةِ غَيْرِ الضَّرُورِيَّةِ [17] ويكون التفاضل بينهما لما يلي:
1. أكثر العلماء على ترجيح الاستئناف كالخازن، وأبو حيان، والشنقيطي.
2. أكثر علماء الوقف على ترجيح الاستئناف كنافع، والقتبي، والنحاس، والداني، و الأنصاري[18] واختلفوا في التفصيل بين الكاف والتام، وأولى الأقوال عندي أن يكون الوقف كاف، لاستمرار الحديث عن الأنعام وامتنان الله على عباده، ودل على ذلك عودة الضمير في ( لكم فيها) فالهاء تعود على الأنعام، وهو قول : يعقوب، والداني، و الأنصاري.
3. أكثر المصاحف أشارت في المصحف بعلامة ( صلى) والمقترح أن يوضع علامة (قلى) دليل على جواز الوقف على ( خلقها) مع أولوية الوقف، وأقد أشار إذا ذلك مصحف التهجد.
4. قال الخازن (ت:741هـ): « قال صَاحِبُ النَّظم أحسَن الوجهَينِ أنْ يكون الوقف عندَ قولِه خَلَقها ثُم يبتدأ بقوله لكُم فيها دِفء، والدَّليل عليه أنَّه عطف عليه قوله، (( ولكُم فيها جمال)) والتقدير لكم فيها دفء ولكم فيها جمال. ». [19]
5. وقال أبو حيان (754« وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ اسْتِئْنَافٌ لِذَكَرِ مَا يُنْتَفَعُ بِهَا مِنْ جِهَتِهَا، وَدِفْءٌ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ لَكُمْ، وَيَتَعَلَّقُ فِيهَا بِمَا فِي لَكُمْ مِنْ مَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ ». 4/ 125[20]
6. قال الشيخ إبراهيم الأخضر: فحين تقف على (لَكُمْ) يصير المعنى وكأنها ]خَلَقَهَا لَكُمْ[، والصواب: أن الأنعام خلقها لكم ولغيركم، فيبتدأ ، لكم منها >>كذا وكذا، فهذا هو الوقف الصحيح [21]
[1] وَجَوَّزَ أَبُو الْبَقَاءِ أَنْ يَكُونَ لَكُمْ حَالا مِنْ دِفْءٍ وَفِيهَا الْخَبَرُ، وتعقبه أبو حيان، بأن َهَذَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْحَالَ إِذَا كَانَ الْعَامِلُ فِيهَا مَعْنًى فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمهَا عَلَى الْجُمْلَةِ بِأَسْرِهَا، لَا يَجُوزُ: قَائِمًا فِي الدَّارِ زَيْدٌ، فَإِنْ تَأَخَّرَتِ الْحَالُ عَنِ الْجُمْلَةِ جَازَتْ بِلَا خِلَافٍ، أَوْ تَوَسَّطتْ فَأَجَازَ ذَلِكَ الأَخْفَشُ، وَمَنَعَهُ الْجُمهورُ .
وجوز أبو البقاء أيضا أن يرتفع دِفْءٌ- بلكم- أو- بفيها- والجملة كلها حال من الضمير المنصوب، وتعقبه أبو حيان أيضا بأن ذلك لا يعد من قبيل الجملة بل هو من قبيل المفرد ». البحر المحيط: 4/125. المجتبى من مشكل القرآن : 2/ 570،
[2] الجدول: 14/284، و التبيان في إعراب القرآن : 2 /790،
[3] تفسير الماتريدي: 6/ 475
[4] تفسير البيضاوي: 3/ 220 و التحرير والتنوير: 14/104، و تفسير السعدي : 1/435.
[5] تفسير البيضاوي: 3/ 220
[6] تفسير السعدي : 1/435.
[7] تفسير الماتريدي: 6/ 475
[8] لباب التأويل في معاني التنزيل: 3 / 67، و البحر المحيط: 4/125، و أضواء البيان: 2 /333.
[9] البحر المحيط: 6 / 507
[10] أضواء البيان: 2 /333
[11] البحر المحيط: 4/ 125، والتفسير الوسيط: 3 / 56 .
[12] البحر المحيط: 4/ 125
[13] التفسير الوسيط: 3 / 56 ». البحر المحيط: 4/125.
[14] القطع والائتناف: 360، و المكتفى: 1/115
[15] القطع والإتناف، المكتفى: 1/115، والمنار بتخليص المرشد: 429
[16] علل الوقوف: 635
[17] البحر المحيط: 6 / 507
[18] القطع والإتناف، المكتفى: 1/115، والمنار بتخليص المرشد: 429
[19] لباب التأويل في معاني التنزيل: 3 / 67
[20] البحر المحيط: 6 / 507
[21] اسلسلة زاد المقرئين ، رسالة أضواء البيان في معرفة الوقف والابتداء ص : 136.
البحث : من كتاب (مسلك الختام في معرفة الوقف والابتداء، ومشكل الوقف والابتداء) لـ جمال القرش
 
حكم الوقف على قوله: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا) البقرة: 9
http://vb.tafsir.net/tafsir45416/#.WFnvFBJGTUI
حكم الوقف على:
qos1.png
مَثَلاً
qos2.png
[ البقرة: 26 ].
http://vb.tafsir.net/tafsir45528/#.WFnuUxJGTUI
حكم الوقف على قوله: (أحرص الناس على حياة) والابتداء بـ ( ومن الذين أشركوا..)
http://vb.tafsir.net/tafsir45778/#.WFntMhJGTUI

حكم الوقف على قوله : ( وما يعلم تأويله إلا الله )
http://vb.tafsir.net/tafsir47080/#.WFntgBJGTUI
حكم الوقف على الوقف على: {من خيرٍ مُّحْضَراً }[ آل عمران: 30 ].
http://vb.tafsir.net/tafsir45610/#.WFnrlBJGTUI
حكم الوقف على: (وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا) النحل: 5
http://vb.tafsir.net/tafsir45834/#post265200

(الوقف على قوله: (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ) التحريم:4
http://vb.tafsir.net/tafsir45811/#.WFnspRJGTUI
الوقف على ( ملوكا) من قوله تعالى (وَجَعَلَكُمْ مّلُوكاً وَآتَاكُمْ مّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مّن الْعَالَمِينَ [ المائدة: 30].
http://vb.tafsir.net/tafsir45416/#.WFnvFBJGTUI
الوقف على قوله: (شَهَادَةً أَبَداً) النور: 4
http://vb.tafsir.net/tafsir47209/#.WFnvzhJGTUI




 
خلاصة ما سبق
ما حكم الوقف على قوله: (وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا) النحل: 5
قوله تعالى: {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ }النحل5
تفسير الآية:
بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم
قبل أن نشرع في بيان حكم الوقف نعطي إطلالة حول المعنى العام
يمتن الله سبحانه وتعالى على عباده ليشكروه حق شكره فقال سبحانه :
{وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ }النحل5
والأنعامَ من الإبل والبقر والغنم خلقها الله لكم -أيها الناس- أي: لأجلكم، ولأجل منافعكم ومصالحكم، ومن جملة منافعها أن جعل في أصوافها وأوبارها الدفء, ومنافع أُخر في ألبانها وجلودها وركوبها, ومنها ما تأكلون
التوجيه النحوي:
توجيه الوقف يكون بالنظر إلى إعراب (لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ..)
والمشهور فيها قولان:
الأول : أنها مستأنفة.
الثاني : أنها حالية .
فعلى القول الأول وهو الاستئناف: فالوقف كاف
ويكون المعنى : هو خلقها، ثم أخبر أنه خلق لنا فيها منافع.
ويؤيده قوله تعالى: وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ }النحل6 ( فَقَابَلَ الْمَنْفَعَةَ الضَّرُورِيَّةَ بِالْمَنْفَعَةِ غَيْرِ الضَّرُورِيَّةِ
وعلى القول الثاني وهي أن تكون حالية: فلا وقف على ( خلقها) لأن جُمْلَة (لكم فيها) فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ وهو الهاء في «خلقها، والتقدير : أي: خلقها لأجلِكم ولمنافعِكم
ويؤيده قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا)
القول الراجح والله تعالى أعلى وأعلم أن الوجهين جائزان فلكل قول وجه مصدق في القرآن مع أولوية القول الأول وهو قول أكثر المفسرين وعلماء الوقف والابتداء، وقد أشارت أكثر المصاحف أشارت في المصحف بعلامة ( صلى) وبعضهم علامة (قلى) كما في مصحف التهجد دلالة على تأييد القول الأول :
قال أبو حيان « وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ اسْتِئْنَافٌ لِذَكَرِ مَا يُنْتَفَعُ بِهَا مِنْ جِهَتِهَا »
وقال الشنقيطي ه : (( وَأَظْهَرُ أَوْجُهِ الْإِعْرَابِ فِي قَوْلِهِ: لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ أَنَّ قَوْلَهُ: دِفْءٌ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ لَكُمْ فِيهَا، وَسَوَّغَ الِابْتِدَاءَ بِالنَّكِرَةِ ; اعْتِمَادُهَا عَلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ قَبْلَهَا وَهُوَ الْخَبَرُ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ [1]
وقال الشيخ إبراهيم الأخضر: فحين تقف على (لَكُمْ) يصير المعنى وكأنها ]خَلَقَهَا لَكُمْ[، والصواب: أن الأنعام خلقها لكم ولغيركم، فيبتدأ، لكم منها كذا وكذا، فهذا هو الوقف الصحيح
البحث من كتاب ( نفائس الوقف والابتداء) لـ جمال القرش
 
عودة
أعلى