د. جمال القرش
Member
حكم الوقف على قوله تعالى : [فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ]
قال تعالى: [فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيّدَهُ بِجُنُودٍ لّمْ تَرَوْهَا وجعلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا..][التوبة: 40]
في هاء(عَلَيْهِ ) ثلاثة أوجه:
القول الأول: أنها ترجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويؤيد كون الضمير في [عَلَيْهِ]للنبي صلى الله عليه وسلم الضمير في [وَأَيّدَهُ بِجُنُودٍ لّمْ تَرَوْهَا]لأنه المؤيد بهذه الجنود التي هي الملائكة كما كان في يوم بدر (1)
وعلى هذا التأويل: فلا وقف على (عَلَيْهِ) لتعلقه بما بعده، فالكلام مازال متصلا بشأن النبي صلى الله عليه وسلم .
القول الثاني: أنها ترجع إلى أبي بكر، واحتج من نصر هذا القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مطمئنا لم تزل معه السكينة.
قال العلامة ابن عطية: قال حبيب بن أبي ثابت الضمير في [عَلَيْهِ]عائد على أبي بكر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل ساكن النفس ثقة بالله عز وجل، قال القاضي أبو محمد: وهذا قول من لم ير السكينة إلا سكون النفس والجأش (1).
قال الشوكاني: أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر في تاريخه عن ابن عباس في قوله: [فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ]قال: على أبي بكر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم تزل معه السكينة (1).
وعلى هذا التأويل: يوقف على(عَلَيْهِ) لعدم تعلقه بما بعده، حيث الانتقال من كلام أبي بكر، ثم انتقل إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
(1) فتح القدير: ( 2/526).
(1) المحرر الوجيز 3/ 40
القول الثالث: أن الهاء هاهنا في معنى تثنية والتقدير: فأنزل الله سكينته عليهما فاكتفى بإعادة الذكر على أحدهما من إعادته عليهما كقوله: [وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ][التوبة: 62] أي: يرضوهما، ذكره ابن الانباري (3).
قال أبو حيان الأندلسي: الضمير في عليه عائد على صاحبه، قاله حبيب بن أبي ثابت، أو على الرسول قاله الجمهور، أو عليهما. وأفرده لتلازمهما، ويؤيده أنّ في مصحف حفصة: فأنزل الله سكينته عليهما وأيدهما. والجنود: الملائكة يوم بدر، والأحزاب (4)
(1) فتح القدير: ( 2/526).
(3) زاد المسير في علم التفسير: ( 3/429).
(4) البحر المحيط: ( 5/45).
رأي أهل الوقف:
قال الداني: (( الوقف على [سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ]
كاف: إن جعلت الهاء في [عَلَيْه]لأبي بكر الصدِّيق وهو الاختيار.
وعن سعيد بن جبير قال على [سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ]قال: على أبي بكر الصديق ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم تنزل السكينة معه، فإن جعلت الهاء للنبي صلى الله عليه وسلم لم يكف الوقف على [عَلَيْهِ، وأما الهاء في [.. وَأَيّدَهُ بِجُنُودٍ لّمْ تَرَوْهَا..]فللنبي عليه الصلاة والسلام )) اهـ (1).
وذكر شيخ الإسلام زكريا الأنصاري، والأشموني نفس ما ذكره الإمام الداني ورأوا أن الضمير لأبي بكر الصديق هو المختار (1).
الراجح في المسألة:
الراجح: القول الأول وهو عود الضمير على النبي صلى الله عليه وسلم مع احتمالية أن يعود على أبي بكر الصديق
قال أبو جعفر الطبري: فأنزل الله طمأنينته وسكونه على رسوله، وقد قيل: على أبي بكر [وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا]، وقوّاه بجنودٍ من عنده من الملائكة، لم تروها أنتم [وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ]، وهي كلمة الشرك [السُّفْلَى]، لأنها قُهِرَت وأذِلَّت، وأبطلها الله تعالى، ومحق أهلها، وكل مقهور ومغلوب فهو أسفل من الغالب، والغالب هو الأعلى [وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا]، ودين الله وتوحيده وقولُ لا إله إلا الله، وهي كلمتُه [العليا]، على الشرك وأهله، الغالبة (3).
(1) انظر: المكتفى: ص: 293.
(1) انظر: المنار: 337
(3) تفسير جامع البيان ( 14/261).
قال ابن عطية: قال جمهور الناس: الضمير عائد على النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا أقوى، والسكينة عندي إنما هي ما ينزله الله على أنبيائه من الحياطة لهم والخصائص التي لا تصلح إلا لهم، كقوله تعالى: [فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ][البقرة: 248] (1)
قال ابن كثير: قال تعالى: [فَأَنزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْه]أي: تأييده ونصره عليه، أي: على الرسول في أشهر القولين، وقيل: على أبي بكر، وروي عن ابن عباس وغيره، قالوا: لأن الرسول لم تزل معه سكينة، وهذا لا ينافي تجدد سكينة خاصة بتلك الحال؛ ولهذا قال: [وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا]أي: الملائكة (3)
رموز المصاحف: عموم المصاحف لم تشر بعلامة وقف على (سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ) إشارة إلى ترجيح الرأي الأول.
(1) تفسير القرآن العظيم: ( 3/40).
(3) تفسير القرآن العظيم: ( 4/155).
قال تعالى: [فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيّدَهُ بِجُنُودٍ لّمْ تَرَوْهَا وجعلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا..][التوبة: 40]
في هاء(عَلَيْهِ ) ثلاثة أوجه:
القول الأول: أنها ترجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويؤيد كون الضمير في [عَلَيْهِ]للنبي صلى الله عليه وسلم الضمير في [وَأَيّدَهُ بِجُنُودٍ لّمْ تَرَوْهَا]لأنه المؤيد بهذه الجنود التي هي الملائكة كما كان في يوم بدر (1)
وعلى هذا التأويل: فلا وقف على (عَلَيْهِ) لتعلقه بما بعده، فالكلام مازال متصلا بشأن النبي صلى الله عليه وسلم .
القول الثاني: أنها ترجع إلى أبي بكر، واحتج من نصر هذا القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مطمئنا لم تزل معه السكينة.
قال العلامة ابن عطية: قال حبيب بن أبي ثابت الضمير في [عَلَيْهِ]عائد على أبي بكر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل ساكن النفس ثقة بالله عز وجل، قال القاضي أبو محمد: وهذا قول من لم ير السكينة إلا سكون النفس والجأش (1).
قال الشوكاني: أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر في تاريخه عن ابن عباس في قوله: [فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ]قال: على أبي بكر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم تزل معه السكينة (1).
وعلى هذا التأويل: يوقف على(عَلَيْهِ) لعدم تعلقه بما بعده، حيث الانتقال من كلام أبي بكر، ثم انتقل إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
(1) فتح القدير: ( 2/526).
(1) المحرر الوجيز 3/ 40
القول الثالث: أن الهاء هاهنا في معنى تثنية والتقدير: فأنزل الله سكينته عليهما فاكتفى بإعادة الذكر على أحدهما من إعادته عليهما كقوله: [وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ][التوبة: 62] أي: يرضوهما، ذكره ابن الانباري (3).
قال أبو حيان الأندلسي: الضمير في عليه عائد على صاحبه، قاله حبيب بن أبي ثابت، أو على الرسول قاله الجمهور، أو عليهما. وأفرده لتلازمهما، ويؤيده أنّ في مصحف حفصة: فأنزل الله سكينته عليهما وأيدهما. والجنود: الملائكة يوم بدر، والأحزاب (4)
(1) فتح القدير: ( 2/526).
(3) زاد المسير في علم التفسير: ( 3/429).
(4) البحر المحيط: ( 5/45).
رأي أهل الوقف:
قال الداني: (( الوقف على [سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ]
كاف: إن جعلت الهاء في [عَلَيْه]لأبي بكر الصدِّيق وهو الاختيار.
وعن سعيد بن جبير قال على [سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ]قال: على أبي بكر الصديق ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم تنزل السكينة معه، فإن جعلت الهاء للنبي صلى الله عليه وسلم لم يكف الوقف على [عَلَيْهِ، وأما الهاء في [.. وَأَيّدَهُ بِجُنُودٍ لّمْ تَرَوْهَا..]فللنبي عليه الصلاة والسلام )) اهـ (1).
وذكر شيخ الإسلام زكريا الأنصاري، والأشموني نفس ما ذكره الإمام الداني ورأوا أن الضمير لأبي بكر الصديق هو المختار (1).
الراجح في المسألة:
الراجح: القول الأول وهو عود الضمير على النبي صلى الله عليه وسلم مع احتمالية أن يعود على أبي بكر الصديق
قال أبو جعفر الطبري: فأنزل الله طمأنينته وسكونه على رسوله، وقد قيل: على أبي بكر [وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا]، وقوّاه بجنودٍ من عنده من الملائكة، لم تروها أنتم [وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ]، وهي كلمة الشرك [السُّفْلَى]، لأنها قُهِرَت وأذِلَّت، وأبطلها الله تعالى، ومحق أهلها، وكل مقهور ومغلوب فهو أسفل من الغالب، والغالب هو الأعلى [وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا]، ودين الله وتوحيده وقولُ لا إله إلا الله، وهي كلمتُه [العليا]، على الشرك وأهله، الغالبة (3).
(1) انظر: المكتفى: ص: 293.
(1) انظر: المنار: 337
(3) تفسير جامع البيان ( 14/261).
قال ابن عطية: قال جمهور الناس: الضمير عائد على النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا أقوى، والسكينة عندي إنما هي ما ينزله الله على أنبيائه من الحياطة لهم والخصائص التي لا تصلح إلا لهم، كقوله تعالى: [فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ][البقرة: 248] (1)
قال ابن كثير: قال تعالى: [فَأَنزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْه]أي: تأييده ونصره عليه، أي: على الرسول في أشهر القولين، وقيل: على أبي بكر، وروي عن ابن عباس وغيره، قالوا: لأن الرسول لم تزل معه سكينة، وهذا لا ينافي تجدد سكينة خاصة بتلك الحال؛ ولهذا قال: [وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا]أي: الملائكة (3)
رموز المصاحف: عموم المصاحف لم تشر بعلامة وقف على (سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ) إشارة إلى ترجيح الرأي الأول.
(1) تفسير القرآن العظيم: ( 3/40).
(3) تفسير القرآن العظيم: ( 4/155).