حكم السلام على النساء

إنضم
11/01/2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
67
الإقامة
الدوحة - قطر
روى الترمذي عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتَ يَزِيدَ - رضي الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمًا وَعُصْبَةٌ مِنْ النِّسَاءِ قُعُودٌ ، فَأَلْوَى بِيَدِهِ بِالتَّسْلِيمِ . ورواه أبو داود وابن ماجة بلفظ : مَرَّ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي نِسْوَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا .
وَمَعْنَى ( فَأَلْوَى بِيَدِهِ بِالتَّسْلِيمِ ) : أَشَارَ بِيَدِهِ بِالتَّسْلِيمِ ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْإِشَارَةِ ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا رواية أَبِي دَاوُدَ وابن ماجة ، وفيها : ( فَسَلَّمَ عَلَيْنَا ) . وفيه دليل مشروعية سلام الرّجل على جماعة النّساء ؛ وأما إن كانت واحدة ؛ فإن كانت زوجةً أو من المحارم فسلامه عليها وسلامها عليه سنّة ، وردّ السّلام منها وعليها واجب ؛ وإن كانت تلك المرأة أجنبيّةً فإن كانت عجوزًا أو امرأةً لا تشتهى فالسّلام عليها مشروع ، وردُّ السّلام منها على من سلَّم عليها لفظًا واجب ؛ لما رواه البخاري عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ رضي الله عنه قَالَ : كُنَّا نَفْرَحُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ؛ قُلْتُ : وَلِمَ ؟ قَالَ : كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ تُرْسِلُ إِلَى بُضَاعَةَ - قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ : نَخْلٍ بِالْمَدِينَةِ - فَتَأْخُذُ مِنْ أُصُولِ السِّلْقِ فَتَطْرَحُهُ فِي قِدْرٍ ، وَتُكَرْكِرُ [ تطحن ] حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ ؛ فَإِذَا صَلَّيْنَا الْجُمُعَةَ انْصَرَفْنَا وَنُسَلِّمُ عَلَيْهَا ، فَتُقَدِّمُهُ إِلَيْنَا ، فَنَفْرَحُ مِنْ أَجْلِهِ ؛ وَمَا كُنَّا نَقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إِلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ .
قال البيهقي - رحمه الله - في ( شعب الإيمان ) : والحديث ورد في العجوز التي هي من القواعد .ا.هـ . وقال - أيضا - في كتاب ( الآداب ) : قال الإمام أحمد - رحمه الله : وهذا فيمن يأمن على نفسه من الافتتان بهن ، أو في القواعد من النساء ، فأما إذا كان لا يأمن على نفسه ، وكانت المرأة شابة فلا يسلم ؛ وروينا معناه عن عطاء وقتادة .ا.هـ . قلت : روى عبد الرزاق عن قتادة أنه كان يقول : أما امرأة من القواعد فلا بأس أن يسلم عليها ، وأما الثانية فلا . وفي مصنف ابن ابن أبي شيبة عن أبي ذر قال : سألت عطاء عن السلام على النساء فقال : إن كن شواب فلا . وسُئِلَ مَالِك – رحمه الله : هَلْ يُسَلَّمُ عَلَى الْمَرْأَةِ ؟ فَقَالَ أَمَّا الْمُتَجَالَّةُ فَلَا أَكْرَهُ ذَلِكَ ؛ وَأَمَّا الشَّابَّةُ فَلَا أُحِبُّ ذَلِكَ ، والمتجالة هي العجوز التي انقطع أرب الرجال منها .
قال ابن القيم رحمه الله في ( زاد المعاد ) : وَهَذَا هُوَ الصّوَابُ فِي مَسْأَلَةِ السّلَامِ عَلَى النّسَاءِ يُسَلَّمُ عَلَى الْعَجُوزِ وَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ دُونَ غَيْرِهِنّ .ا.هـ .
وَقَدْ عَقَدَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بَابًا سماه ( تَسْلِيمِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ وَالنِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ ) وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ : الْأَوَّلُ حَدِيثُ سَهْلٍ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ تَسْلِيمِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم عَلَى الْعَجُوزِ الَّتِي كَانَتْ تُقَدِّمُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ طَعَامًا فِيهِ سَلْقٌ ، وَالثَّانِي حَدِيثُ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " يَا عَائِشَةَ هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْك السَّلَامَ " وتقدما ؛ وَالْمُرَادُ بِجَوَازِهِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ ؛ قال الحليمي - رحمه الله : يحتمل أن يقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يخشى الفتنة ، فلذلك سلم عليهن ؛ فمن وثق من نفسه بالتماسك فليسلم ، ومن لم يأمن نفسه فلا يسلم ، فإن الحديث ربما جر بعضه بعضا ، والصمت أسلم .
وَفِي سلام المرأة على الرجل ما جاء في الصحيحين عن أُمِّ هَانِئٍ - رضي الله عنها - قالت : ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ ، قَالَتْ : فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ .
وَجمع النَّوَوِيُّ - رحمه الله - أحكام السلام على النساء ، قال : إِنْ كُنَّ النِّسَاءُ جَمْعًا سَلَّمَ عَلَيْهِنَّ ، وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً سَلَّمَ عَلَيْهَا النِّسَاءُ وَزَوْجُهَا وَسَيِّدُهَا وَمَحْرَمُهَا ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ جَمِيلَةً أَوْ غَيْرَهَا ، وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَإِنْ كَانَتْ عَجُوزًا لَا تُشْتَهِى اُسْتُحِبَّ السَّلَامُ عَلَيْهَا ، وَاسْتُحِبَّ لَهَا السَّلَامُ عَلَيْهِ ، وَمَنْ سَلَّمَ مِنْهُمَا لَزِمَ الْآخَرَ رَدُّ السَّلَامِ عَلَيْهِ ؛ وَإِنْ كَانَتْ شَابَّةً أَوْ عَجُوزًا تُشْتَهِى لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهَا الْأَجْنَبِيُّ وَلَمْ تُسَلِّمْ عَلَيْهِ ؛ وَمَنْ سَلَّمَ مِنْهُمَا لَمْ يَسْتَحِقَّ جَوَابًا وَيُكْرَهُ رَدُّ جَوَابِهِ ، هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ ؛ وَقَالَ رَبِيعَةُ : لَا يُسَلِّمُ الرِّجَالُ عَلَى النِّسَاءِ وَلَا النِّسَاءُ عَلَى الرِّجَالِ ؛ وَهَذَا غَلَطٌ ، وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ : لَا يُسَلِّمُ الرِّجَالُ عَلَى النِّسَاءِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِنَّ مَحْرَمٌ . ا.هـ .
وحكم النساء مع النساء كحكم الرجال مع الرجال في السلام ؛ فيسلم بعضهن على بعض .
 
عودة
أعلى