حكم الراء تفخيماً وترقيقاً في الوقف على {فرق}

إنضم
10/04/2005
المشاركات
1,122
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
الجزائر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

قيّد أحد أعلام هذا العصر وهو شيخنا أيمن رشدي سويد حفظه الله تعالى قولَ ابنَ الجزريّ رحمه الله تعالى : " والخلف في فرق لكسر يوجد " بالوصل دون الوقف أيّ أنّ إجراء الوجهين في راء {فرق} يكون عند الوصل فقط. أمّا في الوقف فيتعيّن التفخيم لزوال الكسر الذي من أجله رقّقت الراء ، وهو ظاهر كلام ابن الجزري في قوله "والخلف في فرق لكسر يوجد" أي كسرة القاف التي قلّلت من قوّت التفخيم مما أدى إلى جواز ترقيق الراء وصلاً.

وقد اعترضت في البداية على هذا القول في بحث وضعته في المنتدى ضمن مسائل : "الخلاف عند علماء التجويد والقراءات" فقلتُ :​

أوّلاً : حتّى ولو زال الكسر الذي من أجله رُقّقت الراء وحلّ محلّها الساكن الموجب للتفخيم وقفاً إلاّ أنّ ذلك الساكن عارض للوقف . والاعتداد بالأصل هو الأصل كما هو صنيع أئمّتنا عليهم رحمة الله تعالى في توجيه المسائل كتوجيههم تغليظ اللام لورش في الوقف على {فَصَلَ } كما قال الشاطبيّ "وعندما يُسكّنُ وقفاً والمفّخم فُضّلا " فوجه التفخيم كان باعتبار أصل حركة اللام وهي الفتحة الموجبة للتغليظ ، والأمثلة كثيرة أكتفي بما ذكرت ، ويُستثنى من ذلك ما إذا كان الاعتداد بالعارض أكثر شهرة واستفاضة على غيره ففي هذه الحالة يقدّم الاعتداد بالعارض على الاعتداد بالأصل كما في المدّ العارض للسكون حيث قُدّم المدّ على القصر مع عروض السكون.​

ثانياً : لم يقيّد ابن الجزريّ الخلاف في ترقيق راء {فرق} بوصل أو بوقف ولم يُقيّده إمامنا الشاطبيّ عليه رحمة الله عند قوله " وخلفهم بفرق جرى بين المشايخ سلسلا ". فهذه نصوص مطلقة لا يمكن تقييدها بالقياس والرأي لأنّ ذلك يُفضي إلى تعطيل مضمون النصّ بالرأي والاجتهاد وهذا ممنوع. لذا فأنّ تقييد المطلق لا يتأتّى إلاّ بوجود نصّ مقيّد لذلك المطلق ، وما استُثنيّ لفظ {إسرائيل} و { يواخذ} وغيرها من تمكين مدّ البدل لورش إلاّ بنصوص ثابتة.

ثالثاً : نحن نعلم أنّ ورشاً رقق الراء الأولى في { بشرَر}. وقد علّل أئمّتنا هذا الترقيق بالمتابعة أي أنّ الراء الأولى رُقّقت تبعاً للثانية المرققة لأجل كسرتها في الوصل. السؤال : إن وقفتا على الكلمة فإنّ السبب الذي من أجله رُقّقت الراء الثانية والراء الأولى قد زال وبالتالي فإنّهما يفخّمان على رأي من أوجب التفخيم في راء { فرق } وقفاً لزوال السبب. مع أنّ الراء الأولى والثانية ترققان في الوقف والوصل عند ورش اعتداداً بالأصل. فكما رققنا الرائين في { بشرر } لورش في الوقف اعتداداً بالأصل ، فإننا نُجري الوجهين في { فرق} وصلاً ووقفاً كذلك اعتداداً بالأصل.

نستفيد من هذه الجزئية ومن صنيع أئمّتنا عليهم رحمة الله تعالى قاعدة مهمّة وهي : إذا أطلق الأئمّة الوجهين في مسألة ما ، فيجب إعمالهما في الوصل والوقف معاً إلاّ إذا قُيّد الإطلاق بحالة من الحالتين أي بوصل أو بوقف فيجوز حينئذ تقييد المطلق قي تلك الحالة حتّى لا نُعطّل إعمال النصّ بالاجتهاد والقياس.
انتهى الاعتراض.

وقبل أيّام اطّلعت على كتاب : "معجم مؤلّفات الحافظ أبي عمرو الداني إمام القراء بالأندلس والمغرب وبيان الموجود منها والمفقود." تأليف الشيخ الدكتور عبد الهادي حميتو حفظه الله تعالى ص9. فتعرّض حفظه الله تعالى إلى كتاب الإبانة في الراءات واللامات لورش للإمام الداني ، ونقل عن أبي زيد عبد الرحمن بن القاضي ت1082 في كتابه : أيضاح ما ينبهم على الورى في قراءة عالم أمّ القرى مذهب الداني في كتابه الإبانة في الوقف على {فرق} فقال : - أي أبو زيد- :

والوصلُ في فرق بترقيق شهر.............والوقف بالتفخيم للكلّ ذكر
نصّ عليه الداني في الإبانة ..............حجّته السكون خذ بؤهانه.

أقول : وحتّى إن كان السكون عارضاً فلا يليق بي إعمال الرأي على حساب قول إمام مثل الداني عليه رحمة الله تعالى. فقد عللّ التفخيم بالسكون الموجب له وعلّل ابن الجزري الترقيق بكسر القاق الموجب له وكلا القولين يكمّل ويؤيّد بعضه بعضاً.

وعلى ضوء ما سبق فإنّ كلام الشيخ أيمن حفظه الله تعالى هو الأصوب عندي وهو إجراء الوجهين وصلاً والتفخيم وقفاً والعلم عند الله تعالى.
 
جزاك الله خيرًا على هذا التوضيح ونفع به
 
تصحيح خطأ في النقل.

نصّ عليه الداني في الإبانة ..............حجّته السكون خذ بؤهانه
الصواب : حجّته السكون خذ برهانه
 
جزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ المقرئ العلامة محمد يحيى شريف، على هذه الفوائد العلمية المهمة، وعلى هذا الموقف الذي ينبئ عن روح علمية وورع ووقوف مع الحق.
من المثير للانتباه صعوبة تحديد موقف الإمام الداني من المقدم أداء في (فرق) إذا قورن بين أقواله في كتبه المختلفة، وقد جمع الإمام المنتوري في شرحه على الدرر اللوامع أقوال الإمام الداني في هذه المسألة، فقال عند قول ابن بري: "والخلف في فرق لفرق سهل" (شرح المنتوري على الدرر اللوامع: 2/590 – 591):
"قال الداني في جامع البيان: "وقد اختلف أهل الأداء في قوله تعالى: (كل فرق) في الشعراء؛ فمنهم من يفخم الراء فيه لأجل حرف الاستعلاء، ومنهم من يرققها لوقوعها بين حرفين مكسورين" قال: "والأول أقيس على مذهب ورش في (الصراط) و(الاشراق)". وقال في إيجاز البيان: "فإن كان الحرف المستعلي مكسورا نحو قوله تعالى: (كل فرق) فالراء رقيقة لوقوعها بين كسرتين، وقد فخمها بعض أهل الأداء لأجل حرف الاستعلاء" قال: "والوجهان فيها جيدان". وذكر في التلخيص الترقيق خاصة، وقال في الإبانة: "فإن أهل الأداء من أصحاب ابن خيرون وغيرهم، مختلفون في ترقيقها وتفخيمها فيه" قال: "والاختيار في ذلك عندي التفخيم، كما أجمع عليه في قوله تعالى: (الاشراق) و(إلى صراط العزيز) و(إلى صراط مستقيم صراط الله) وشبهه لذلك، ولا أمنع من الترقيق لوقوع الراء في ذلك بين كسرتين، لا حائل بينها ويبنهما". قال: "والنص في كلا الوجهين معدوم، ومثله يضبط أداء عن من يوثق بنقله وفهمه، وقليل ما هم، على أن الوجهين من التفخيم والترقيق في ذلك إنما يكونان في حال الوصل لا غير، فأما إذا وقف على ذلك ولم يشر إلى جرة القاف ولا قدرت، وسكنت وعومل سكونها [كذا بالأصل، ولعل الصواب: "وكُمِّل سكونها"] – وهو الاختيار في مذهب نافع – فخمت الراء ولم ترقق رأسا كما فخمت ولم ترقق في قوله تعالى: (فرقة) و(فطرت الله) لانفتاح حرف الاستعلاء، كذلك حكمه إذا سكن سواء، يوجب التفخيم ويمنع من الترقيق". وظاهر الاقتصاد والتيسير والتمهيد وإرشاد المتمسكين والموجز والموضح التفخيم في (فرق)".
فالإمام الداني – حسب ما نقله المنتوري عنه – في جامع البيان رجح التفخيم، ولم يصرح بتفريق بين وصل ولا وقف. وذلك ظاهر الاقتصاد والتيسير والتمهيد وإرشاد المتمسكين والموجز والموضح.
وفي إيجاز البيان نص على أن الوجهين جيدان، ولم يصرح بتفريق بين وصل ولا وقف ولم يصرح بترجيح، لكن يفهم من كلامه أن الجمهور على الترقيق.
وفي الإبانة رجح التفخيم وصلا، وجعله في الوقف وجها واحدا إذا وقف القارئ بالسكون الخالص ولم يقدر الكسر.
وفي التلخيص اقتصر على الترقيق ولم يفرق بين وصل ولا وقف.
ومن الملاحظ أن الداني في الإبانة جعل التفخيم وجها واحدا في الوقف، لكنه قيده بقوله: "فأما إذا وقف على ذلك ولم يشر إلى جرة القاف ولا قدرت"؛ فإذا وقف القارئ بالروم كان الوجهان في الكلمة كالوصل، وكذلك يكون الوجهان في الكلمة أيضا إذا وقف بالسكون الخالص وقدر وجود الكسر الموجود وصلا؛ فرجع إذن حكم المسألة إلى حكم الاعتداد بالعارض وعدمه، كما في (فَصَلَ) لورش؛ فمن قدر وقفا وجود الكسر الموجود وصلا (أي: لم يعتد بالعارض) كان له الوجهان، ومن لم يقدره (أي: اعتد بالعارض) كان له التفخيم فقط.
ولعل صعوبة تحديد موقف الإمام الداني من المقدم أداء في هذه الكلمة، هو الذي سبب الخلاف فيها بين مقرئي الغرب الإسلامي؛ فمن المعروف أن المقدم أداء عندهم هو ما جرى به العمل، وقد أخذ المتأخرون منهم بطريقة الإمام ابن القاضي، لكن ابن القاضي لما بحث عن ما جرى به العمل عند الفاسيين في هذه المسألة لم يجد جوابا شافيا، لكنه استظهر أنه الترقيق وصلا ووقفا، كما قال في كتابه بيان الخلاف والتشهير (مخطوط): "(فرق): الأخذ بترقيق الراء للجميع" ثم قال: "تنبيه: والوقف بالتفخيم لأجل سكون القاف، قاله الداني في الإبانة، وجرى الأخذ بالترقيق، وإلى حكمه أشرنا:
والوصل في (فرق) بترقيق شهر=والوقف بالتفخيم للكل ذكر
ذكره الداني في الإبانه=حجته السكون خذ برهانه
ولم أجد نصا لأهل فاس=كيف رووا لنا بلا التباس
والظاهر الترقيق عندهم جرى=كذا حكاه بعض من تأخرا"
وقد أخذ أتباع ابن القاضي بالترقيق في الحالين.
وإذا كان متأخرو مقرئي الغرب الإسلامي مجمعين على الأخذ بطريقة ابن القاضي، فإن الشناقطة لم يخالفوه إلا في الوقف على هذه الكلمة، فقد أخذوا بتفخيمها وقفا، وفاقا لمذهب الداني في الإبانة، كما يقول الشيخ الإيدوعيشي في نظم ما به الأخذ:
والأخذ بالترقيق في الوصل فقط=والوقف بالتفخيم دونما شطط
ويقول الشيخ الإيدوعيشي أيضا (إرشاد القارئ والسامع لكتاب الدرر اللوامع: 72 - 73): "قلت: ما رأيت في كتاب الخلاف والتشهير لابن القاضي ولا في كتاب الإرداف أخذا بخلاف ما كنت أسمعه من مشايخنا إلا في هذا الموضع، مع أن ابن القاضي إمام، وأيضا طرق القرآن بأرضنا تجتمع عند الشيخ سيدي، وهو أخذ عن الشيخ سيدي أحمد الحبيب الفلالي، عن سيدي إبراهيم الأسكوري، عن ابن القاضي، فلا أدري من أين لنا مخالفته". ويقول (إرشاد القارئ والسامع لكتاب الدرر اللوامع: 189): "وليعلم الواقف عليه أني كلما قلت في هذا التعليق: "والمأخوذ به عندنا كذا" أو "الذي جرى به العمل كذا" وشبه ذلك، فإنما أقوله تقليدا لابن القاضي أو لصاحب كتاب الإرداف أو لهما معا، وليعلم الواقف عليه أيضا أني لم أجد في الكتابين المذكورين عملا بخلاف ما كنا نسمعه من أشياخنا إلا في قوله تعالى: (فكان كل فرق)، كما بينته في محله فانظره",
والله أعلم.
 
جزاك الله خيرًا على هذه الفوائد الثمينة.
وقد نقلت كلامكم إلى هذا الرابط:
عضو جديد وفائدة
ونسبتُه إلى ""ملتقى أهل التفسير" ولن يصعب على مَن أراد التوثيق البحث في "الملتقى".
 
جزاك الله خيراً فضيلة الشيخ أحمد كوري على هذا التفصيل.

وقد أشكل عليّ منذ زمن تقديم وجه الترقيق في الوصل وما يزال ، وكلّما عزمت على البحث في المسألة وجدتّ تفسي منصدماً بجدارين متينين متضآدّين الأوّل توافر أقوال الأئمّة المتأخرين في تقديم وجه الترقيق من جهة ، و ورود وجه التفخيم في أكثر مصادر النشر بمنظور المخالفة مقارنة مع المثبتين لوجه الترقيق. ومن أراد صورة واضحة لما اقول فعليه بكتاب صريح النصّ في الكلمات المختلف فيها عن حفص لشيخ شيوخنا العلامة الضباع عليه رحمة الله عند تغرّضه لكلمة {فرق}.
ولعلّ ما أثاره فضيلة الشيخ يجعلني أخرج عن هذا الصمت المزمن.

السؤال المطروح : هل سكوت أكثر الأئمّة في كتبهم عن هذه المسألة يدلّ على أنّ مذهبهم هو التفخيم ؟ الذي يظهر أنّ سكوتهم يدلّ على التفخيم لاتّفاق كلمة {فرق} مع {فرقة} ، و {قرطاس} , {لبالمرصاد} و {إرصاداً} بوجود الحرف المستعلي بعد الراء ولعدم استثنائها من المجموعة , وعلى ذلك يكون وجه التفخيم أكثر شهرة أداءً لوروده في أكثر المصادر. فقولي أكثر شهرة أداءً لافتقار النصّ في ذلك عند متقدّمي الداني عليه رحمة الله.

سؤال : فإن كان كذلك فعلى أيّ أساس صرّح بعض الأئمّة المتأخرين على تقديم الترقيق ؟ الذي يظهر هو القياس لأنّه لو اشتهر الترقيق نصاً وأداءً عند أئمّة ما قبل الداني لاتّضح ذلك في كتب الداني ومن على طبقته ، ولفُكّ الإشكال بداية. وقد يكون السبب هو اتّباعهم للداني الذي أعمل القياس في المسألة.

سؤال : فإن كان القياس هو مصدر التقديم فعلى أيّ أساس أُعمل هذا القياس ؟ فإنّ التفخيم في {الإشراق} هو الثابت في أكثر المصادر ، وكذا {إلى صراط العزيز} و{إلى صراط مستقيم صراط الله} وشبهه المتفق على تفخيمه.

أقول : من خلال مايلي :
- إن كان القياس في تقديم الترقيق لم يُبن على أصل وثيق متين من جهة والذي في نظري هو مصدر القائلين بتقديم وجه الترقيق.
- شهرة وجه التفخيم أداءً لثبوته في أكثر المصادر.
- عدم وجود نصّ للمتقدّمين على طبقة الداني في تقديم أحد الوجهين.

يظهر أنّ وجه التفخيم هو الذي ينبغي أن يقدّم في الأداء. وهذا مجرّد رأي للعبد الضعيف ، والمسألة تحتاج إلى استقراء أكثر.

والعلم عند الله تعالى.

جزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ المقرئ العلامة محمد يحيى شريف،

عبارة لا يمكنني التغافل وغض الطرف عنها ، أسأل الله تعالى أن أكون على حسن ظنّك بي بعد خمسين سنة من البحث والتنقيب بلا انقطاع من اليوم.
 
وقد أشكل عليّ منذ زمن تقديم وجه الترقيق في الوصل وما يزال ، وكلّما عزمت على البحث في المسألة وجدتّ تفسي منصدماً بجدارين متينين متضآدّين :
الأوّل : توافر أقوال الأئمّة المتأخرين في تقديم وجه الترقيق من جهة ، و ورود وجه التفخيم في أكثر مصادر النشر بمنظور المخالفة مقارنة مع المثبتين لوجه الترقيق. ومن أراد صورة واضحة لما اقول فعليه بكتاب صريح النصّ في الكلمات المختلف فيها عن حفص لشيخ شيوخنا العلامة الضباع عليه رحمة الله عند تغرّضه لكلمة {فرق}.
ولعلّ ما أثاره فضيلة الشيخ يجعلني أخرج عن هذا الصمت المزمن..
السلام عليكم
معذرة يا شيخ محمد ((( قلتُ : أدخل بعد الفطار عشان متفطرنيش علي الصبح .)))
وجه الترقيق في الوقف يحتاج بحث واستقراء ولعل القول بالتفخيم مذهب الداني ومن أخذوا عنه .لأن باب الراءات قلما يتفق القراء فيه .
أما تقديم وجه الترقيق في الوصل فهذا ظاهر وواضح ..قال في النشر :
(واختلفوا في (فرق) من سورة الشعراء من أجل كسر حرف الاستعلاء وهو القاف فذهب جمهور المغاربة والمصريين إلى ترقيقه وهو الذي قطع به في التبصرة والهداية والهادي والكافي والتجريد وغيرها وذهب سائر أهل الأداء إلى التفخيم وهو الذي يظهر من نص التيسير وظاهر العنوان والتلخيصين وغيرها وهو القياس ونص على الوجهين صاحب جامع البيان والشاطبية والإعلان وغيرها. والوجهان صحيحان إلا أن النصوص متواترة على الترقيق.
وحكى غير واحد عليه الإجماع وذكر الداني في غير التيسير والجامع أن من الناس من يفخم راء (فرق) من أجل حرف الاستعلاء قال والمأخوذ به الترقيق لأن حرف الاستعلاء قد انكسرت صولته لتحركه بالكسر انتهى. والقياس إجراء الوجهين في (فرقة) حالة الوقف لمن أمال هاء التأنيث ولا أعلم فيها نصاً والله أعلم.)
ولاحظ كلمة النصوص متواترة علي الترقيق ..( يعني هنستريح من قضية النصوص واتباع النصوص )
والسلام عليكم
 
قرأت كلام ابن الجزري في النشر وتقريب النشر عشرات المرات. فأردتّ أن أتأكّد من كلامه بالرجوع إلى مصادر النشر والتأكّد هل الترقيق هو مذهب جمهور المغاربة حقيقة أم لا. وهل النصوص المتواترة على الترقيق مع أنّ الداني نفى وجود نصوص للمتقدمين في المسألة إلاّ أن يكون المراد من النصوص في كلام ابن الجزري أقوال المتأخرين أي من طبقة الداني وما بعدها وهي لا شك ناتجة إمّا عن الأداء أم القياس. فإن كان عن قياس فالمسألة تحتاج إلى نظر وتحقيق ، وإن كان عن أداء فمصادر النشر هي الفاصلة في ذلك. ولا ننس قول ابن الجزري : وذهب سائر أهل الأداء إلى التفخيم. أقول : ألا تدلّ هذه العبارة أنّ وجه التفخيم هو المشهور.
أفهمت يا شيخ عبد الحكيم المراد من كلامي.
ولكنّك أردت أن تُرجعني إلى الصفر بنقلك لكلام ابن الجزري ، وأنا أردتّ التأكّد من كلامه بالرجوع إلى المصادر كما هو صنيع المحررين.
فإن أردتّ أن نقف على كلام ابن الجزري وبس ، فلنفعل ، ولا نتعدّى ذلك ن ولنتوقّف عن البحث والنقاش.
 
قرأت كلام ابن الجزري في النشر وتقريب النشر عشرات المرات. فأردتّ أن أتأكّد من كلامه بالرجوع إلى مصادر النشر والتأكّد هل الترقيق هو مذهب جمهور المغاربة حقيقة أم لا. وهل النصوص المتواترة على الترقيق مع أنّ الداني نفى وجود نصوص للمتقدمين في المسألة إلاّ أن يكون المراد من النصوص في كلام ابن الجزري أقوال المتأخرين أي من طبقة الداني وما بعدها وهي لا شك ناتجة إمّا عن الأداء أم القياس. فإن كان عن قياس فالمسألة تحتاج إلى نظر وتحقيق ، وإن كان عن أداء فمصادر النشر هي الفاصلة في ذلك. ولا ننس قول ابن الجزري : وذهب سائر أهل الأداء إلى التفخيم. أقول : ألا تدلّ هذه العبارة أنّ وجه التفخيم هو المشهور.
أفهمت يا شيخ عبد الحكيم المراد من كلامي.
ولكنّك أردت أن تُرجعني إلى الصفر بنقلك لكلام ابن الجزري ، وأنا أردتّ التأكّد من كلامه بالرجوع إلى المصادر كما هو صنيع المحررين.
فإن أردتّ أن نقف على كلام ابن الجزري وبس ، فلنفعل ، ولا نتعدّى ذلك ن ولنتوقّف عن البحث والنقاش.
السلام عليكم
يا شيخ محمد (( صفر إيه وواحد إيه بس ..الله يهديك))
قال ابن الجزري : (وذهب سائر أهل الأداء إلى التفخيم. أقول : ألا تدلّ هذه العبارة أنّ وجه التفخيم هو المشهور.)
وقال أيضا : (والوجهان صحيحان إلا أن النصوص متواترة على الترقيق وحكى غير واحد عليه الإجماع )
وقال أيضا : ((وذكر الداني في غير التيسير والجامع أن من الناس من يفخم راء (فرق) من أجل حرف الاستعلاء قال والمأخوذ به الترقيق لأن حرف الاستعلاء قد انكسرت صولته لتحركه بالكسر انتهى.)
يا شيخنا العلامة ابن الجزري قال بتواتر النصوص بالنسبة للترقيق ، ونقل عن الداني في غير الجامع والتيسير القول بالترقيق فأقوال الداني ـ رحمه الله ـ لا استقرار فيها وراجع ما كتبه د/ أحمد كوري ـ حفظه الله ـ في صعوبة تحديد مذهب الداني .
والسلام عليكم
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اللهوعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

أخي الشيخ عبد الحكيم : الصفر عندي هو الرجوع إلى نقطة البداية ، ونقطتها كلام ابن الجزري الذي بأقواله تنطلق الأبحاث في الجملة. فلا تغضب عليّ ، يبدوا أنك مانمتش اليومين دول عشان شبيبة القبائل. )ابتسامة(.

قال ابن الجزري في تقريب النشر : »وقد اختُلف في {فرق} في الشعراء ، فذهب جمهور المغاربة والمصريين إلى ترقيقه من أجل كسر القاف ، وذهب الأكثرون إلى تفخيمه ، وقرأنا بالوجهين. «وقال في النشر :وذهب سائر أهل الأداء إلى التفخيم.

أقول : يظهر جلياً من كلامه أنّ وجه التفخيم هو المشهور عند أهل الأداء. بالإضافة إلى تصريح الداني بأنّه لا نصّ في المسألة عند متقدّميه من أهل الأداء ، لذا فإنّ قول ابن الجزري :"إلا أن النصوص متواترة على الترقيق وحكى غير واحد عليه الإجماع "ينبغي أن يحمل على المتأخرين لا المتقدّمين إمّا على أساس الأداء الذي تلقّوه وهو لا يمثّل الأغلبيّة كما سبق أعلاه. وإمّا أن يكون على أساس القياس وهذا لا يضاهي الشهرة في الأداء لقول الداني في جامع البيان :مع الإعلام بأنّ القراءة ليست بالقياس دون الأثر.
وأستغرب كيف حكم غير واحد من الأئمّة بالإجماع وهو مخالف لمذهب الجمهور ؟
هذه الملاحظات تجعلنا نتوقّف عند كلام ابن الجزري من غير تسليم لمقتضاه ، فإن كان وجه التفخيم هو المشهور عند أهل الأداء فلماذا إهماله في التقديم ؟
هذا الإشكال ورد عليّ منذ أكثر من عشر سنوات ، ولعلّها الفرصة لإفراز ما في الجعبة.
والعلم عند الله تعالى.
 
مشايخنا الكرام، بارك الله في علمكم.
كونوا على ذكر من أنَّ معنى سائر أهل الأداء: باقي أهل الأداء.
لأن هناك خطأ شائعًا في استعمال هذه اللفظة (سائر).
والباقي قد يكون قليلا أو كثيرًا.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيراً أخي المليجي على التنبيه.
ولكن لا أظنّ أنّ واحداً يعتقد ما تتصوّره فكن مرتاحاً ، وإنّما سياق الكلام هو الفاصل في القضيّة. فأهل الأداء ليسوا محصورين في مصر والمغرب بل هما جزء يسير من أقطار المسلمين فبقي بلاد الحرمين ، والشام والعراق وبلدان جنوب أسيا ، ولا شكّ أنّ هذا يمثّل الجزء الكبير. بالإضافة إلى ذلك لو كان نسبة المغاربة من أهل الأداء القائلين بتقديم الترقيق تقدّر ب 51 بالمائة لجاز أن يطلق على هذه النسبة بأنها تمثّل الأغلبيّة أي مذهب الجمهور.
ومن تعامل مع كتاب النشر كثيراً يدرك مراد ابن الجزري من هذه العبارات.
وكان باستطاعتي الاكتفاء بعبارة تقريب النشر لأنّها الأدقّ في التعبير.
 
مشايخنا الكرام، بارك الله في علمكم.
كونوا على ذكر من أنَّ معنى سائر أهل الأداء: باقي أهل الأداء.
لأن هناك خطأ شائعًا في استعمال هذه اللفظة (سائر).
والباقي قد يكون قليلا أو كثيرًا.

المسألة فيها قولان لأئمة اللغة ، يقول الزبيدي في تاج العروس : (... أَن في السّائِر قَوْلَيْنِ : الأوّل وهو قول الجمهور من أئمّة اللُّغَة وأرباب الاشتقاق أنه بمعنَى الباقِي ولا نِزاعَ فيه بينهم واشتقاقُه من السُّؤْر وهو البَقِيّة . والثاني أَنه بمعنَى الجَمِيع وقد أثبتهَ جماعةٌ وصَوَّبوه وإليه ذَهَب الجوهريّ والجواليقيّ وحقَّقه ابن بَرِّيّ في حواشي الدُّرَّة وأَنشد عليه شَواهِدَ كثيرةً وأَدِلَّة ظاهِرَةً وانتَصر لهم الشيخُ النَّوَوِيّ في مواضِعَ من مُصنَّفاته . وسَبَقَهم إِمامُ العربيّة أبو عَلِيٍّ الفارِسِيّ ونقلَه بعضٌ عن تلميذِه ابنِ جِنِّي) .

على كل ، مع وجود هذا الخلاف القوي بين العلماء لا يمكن الجزم بأن استعمال (سائر) بمعنى الجميع خطأ .

يقول الرازي في مختار الصحاح (وسائِرُ الناس جميعهم) .

فالمقصود : أن الفاصل في تعيين أحد المعنين لعبارة ابن الجزري هو السياق كما ذكر الشيخ محمد ، والله أعلم .
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيراً أخي المليجي على التنبيه.
وإياك يا شيخنا/ محمد.
ولكن لا أظنّ أنّ واحداً يعتقد ما تتصوّره فكن مرتاحاً ، وإنّما سياق الكلام هو الفاصل في القضيّة. فأهل الأداء ليسوا محصورين في مصر والمغرب بل هما جزء يسير من أقطار المسلمين فبقي بلاد الحرمين ، والشام والعراق وبلدان جنوب أسيا ، ولا شكّ أنّ هذا يمثّل الجزء الكبير. بالإضافة إلى ذلك لو كان نسبة المغاربة من أهل الأداء القائلين بتقديم الترقيق تقدّر ب 51 بالمائة لجاز أن يطلق على هذه النسبة بأنها تمثّل الأغلبيّة أي مذهب الجمهور.
ومن تعامل مع كتاب النشر كثيراً يدرك مراد ابن الجزري من هذه العبارات.
وكان باستطاعتي الاكتفاء بعبارة تقريب النشر لأنّها الأدقّ في التعبير.
اسمح لي بمراجعتك يا شيخ محمد، مراجعة التلميذ لشيخه.
الذي أفهمه حين يذكر ابن الجزري جمهور المغاربة والمصريين ثم يذكر سائر أهل الأداء أنه لا يقصد بقي بلاد الحرمين ، والشام والعراق وبلدان جنوب أسيا ، بل هو على شرطه في ذِكرِ الطرق حيثُ قال:
واقْتَصَرْتُ عَنْ كُلِّ إمَامٍ بِرَاوِيَيْنِ، وعَنْ كُلِّ راوٍ بِطَرِيقَيْنِ، وعَنْ كُلِّ طَرِيقٍ بِطَرِيقَيْنِ: مَغْرِبِيَّةٍ وَمَشْرِقِيَّةٍ، مِصْرِيَّةٍ وعِرَاقِيَّةٍ.
 
المسألة فيها قولان لأئمة اللغة ، يقول الزبيدي في تاج العروس : (... أَن في السّائِر قَوْلَيْنِ : الأوّل وهو قول الجمهور من أئمّة اللُّغَة وأرباب الاشتقاق أنه بمعنَى الباقِي ولا نِزاعَ فيه بينهم واشتقاقُه من السُّؤْر وهو البَقِيّة . والثاني أَنه بمعنَى الجَمِيع وقد أثبتهَ جماعةٌ وصَوَّبوه وإليه ذَهَب الجوهريّ والجواليقيّ وحقَّقه ابن بَرِّيّ في حواشي الدُّرَّة وأَنشد عليه شَواهِدَ كثيرةً وأَدِلَّة ظاهِرَةً وانتَصر لهم الشيخُ النَّوَوِيّ في مواضِعَ من مُصنَّفاته . وسَبَقَهم إِمامُ العربيّة أبو عَلِيٍّ الفارِسِيّ ونقلَه بعضٌ عن تلميذِه ابنِ جِنِّي) .
على كل ، مع وجود هذا الخلاف القوي بين العلماء لا يمكن الجزم بأن استعمال (سائر) بمعنى الجميع خطأ .
يقول الرازي في مختار الصحاح (وسائِرُ الناس جميعهم) .
فالمقصود : أن الفاصل في تعيين أحد المعنين لعبارة ابن الجزري هو السياق كما ذكر الشيخ محمد ، والله أعلم .
جزاكم الله خيرًا على الفائدة.
لكن لو أراد المتكلم استخدام (سائر) بمعنى (جميع) فهل يأتي بجزء من هذا "الجميع" ثم يقول: وسائره كذا ...
بل تستخدم كلمة (سائر) بمعنى جميع - عند مَن صحَّحها - بدون ذكر جزءٍ من المجموع، والإشارة لما عداه.
والله أعلم.
 
واقْتَصَرْتُ عَنْ كُلِّ إمَامٍ بِرَاوِيَيْنِ، وعَنْ كُلِّ راوٍ بِطَرِيقَيْنِ، وعَنْ كُلِّ طَرِيقٍ بِطْرِيقَيْنِ: مَغْرِبِيَّةٍ وَمَشْرِقِيَّةٍ، مِصْرِيَّةٍ وعِرَاقِيَّةٍ
دعنا في مسألة {فرق} بارك الله فيك ،
التقسيم الذي ذكرت كان بحسب مؤلفّي القراءات الذين أسند إليهم ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى. نأخذ على سبيل المثال :
- أبو العلاء الهمذاني الذي روى عنه كتاب الغاية أليس من همذان.
- أبو الكرم الشهرزوري الذي روى عنه كتاب المصباح من شهرزور.
وكلتا البلدتين ليستا من العراق أصلاً بل من جنوب آسياالغربية.
فهو خلاف في المسمى فقط. لا يستحقّ هذا التحذير منك لا سيما فيمن تعتبره من مشايخك ولو مجازاً .
عف الله عنا جميعاً.
 
قولهم: طرق مشرقية ومغربية.
أو عراقية وشامية.
أو العراقيين والمصريين.
المعنى واحد.
كأنهما مذهبان.
وهو اصطلاح درج عليه مَن أخذ بطرق العراقيين أو الواسطيين مثل "الإرشاد" لأبي العز، ثم أضاف إلى ذلك الشاطبية والتيسير وكتب الأندلسيين والمغاربة.
وليس المقصود ذكر البلد بعينها، وإلا لاحتاج إلى ذكر الأندلس مع المغرب.
راجع طرق كتاب "الكنز" لابن عبد المؤمن.
وقال نظيره الديواني في نظمه:
رأيت عند العراقيين في طرق * * * خلاف ما نقل الشامي واعتقدا
يقصد بالشامي: التيسير والشاطبية.
وابن الجزري مقلد لهؤلاء في اصطلاحهم.
 

فهو خلاف في المسمى فقط. لا يستحقّ هذا التحذير منك لا سيما فيمن تعتبره من مشايخك ولو مجازاً .
بل على الحقيقة يا شيخ وليس المجاز.
لكن أحيانًا يحبُّ المُهر الصغير أن يثب وثباتٍ بجوار الفرس الكبير.
إنه يشعر بالأريحية ....
فلا عليك ... المقامات محفوظة.
مع أني في أيام المدرسة كنت طالبًا ذكيًّا، ولم أكن طالبا هادئًا أو وديعًا...
فهل تقبلني على ما فيَّ؟
 
أهدي أخي محمد شريف هذا النص من كتاب شبخنا عبد الرازق موسى رحمه الله ، حيث قال :
" تنبيه :
قال العلّامة المسعدي في شرحه المخطوط على الجزرية : " ما تقرر في راء " فرق " إنما هو في الوصل ، والوقف بالروم كالوصل ، وأما الوقف :
فهل يكون فيه الوجهان كالوصل ؟ أو يقال : من فخم وصلاً مع حرف الاستعلاء( يعني وهو مكسور) فخم وقفاً مع سكونه بالأولى ؟ ومن رقق وصلا أجرى ( الوجهين ) حال الوقف بالسكون فالتفخيم لعدم كسر حرف الاستعلاء ، والترقيق نظراً إلى كسره في الأصل لعدم كسر حرف الاستعلاء ؟
فالجواب :
كل محتمل ، ولم أر فيذلك نقلاً ، وحيث لم يكن نقل فالذي يميل إليه القلب إجراء الوجهين في الوقف كالوصل لأنه ظاهر إطلاق عباراتهم ، فإنهم لم يقيدوا الوجهين لا بوصل ولا بوقف ، والعلم عند الله تعالى ." اهـ ( الفوائد التجويدية في شرح المقدمة الجزرية : 70)
وتقبلوا كامل التحية والتقدير .
 
فالذي يميل إليه القلب إجراء الوجهين في الوقف كالوصل لأنه ظاهر إطلاق عباراتهم

وهذا هو الذي نص عليه الإمام ملا علي القاري في شرح الشاطبية (2/819) حيث ذكر أن الخلاف في كلمة (فرقٍ) ثابت وقفاً ووصلاً .
 
نعم الكلّ محتمل فلا ينبغي التعصّب لأحد الأقوال. ولكنّي لمّا رأيت ما نقل عن الداني في تعيين التفخيم وقفاً اطمأنّت إليه النفس لا سيما وأنّ الأئمّة عللوا إجراء الوجهين بكسر الحرف المستعلي وفقدانه بذلك قوّته وصولته ، وكلّ ذلك متعذرٌ عند الوقف.
والعلم عند الله تعالى.
 
جزاكم الله خيرا يا أصحاب الفضيلة على هذه الفوائد العلمية الماتعة؛ فقد أفدتم وأجدتم، فشكرا جزيلا لكم.
المنهج المعتمد في تحديد المقدم أداء، غير متفق عليه بين المشارقة والمغاربة.
فالمقدم عند المغاربة هو الوجه المشهور الذي رواه الجمهور وجرى به العمل، كما يقول ابن يالوشة الشريف التونسي (الرسالة المتضمنة للمقدم أداء في أوجه الخلاف، بهامش النجوم الطوالع للمارغني: 32 – 33. ط. التونسية): "ومن جملة الخلاف الواجب خلاف الرواة في ما رووه عن الأئمة، كالتسهيل والتحقيق والفتح والإمالة والغيب والخطاب ونحو ذلك. والغالب أن يكون أحد الوجهين أو الوجوه أشهر عند الراوي؛ فينبغي الاعتناء بتقديمه في الأداء عند الجمع، والاقتصار عليه عند التلاوة". والمقدم أداء عند المغاربة هو مطلق، أي: أن الوجه إذا جرى به العمل يكون مقدما من جميع الطرق.
أما سبب تقديم الترقيق في (فرق) عند المغاربة فهو أن المتأخرين منهم تبعوا ابن القاضي في تشهيره، وإن كان ابن القاضي - كما صرح بذلك - لم يجد نصا واضحا يدل على ما جرى به العمل في فاس في هذه المسألة، فاستظهر ترجيح بعض المتأخرين لهذا الوجه، كما تقدم في أبياته المذكورة أعلاه.
أما المشارقة فالمقدم أداء عند المتأخرين منهم هو الوجه الموافق للطريق طبقا لمنهج التحريرات، سواء أَجَرَى به العمل أم لا، وسواء أَرُوِيَ عن الشيوخ أم لا. فالأزميري والمتولي لا يقيمان وزنا لما جرى به العمل إذا خالف التحريرات، وقد حرر المتولي وجوها لم يأخذها عن شيوخه ولم يسبقه إليها أحد، كما ذكر في الروض النضير. والمقدم أداء عند المحررين هو نسبي؛ فقد نجد وجها مقدما من طريق التيسير مثلا، وعكسه مقدم من طريق أخرى.
فإذا اعتمدنا منهج التحريرات في هذه المسألة، وأخذنا بما ذكره الشيخ علي الضباع في جداوله في "صريح النص في الكلمات المختلف فيها عن حفص"، نجد أن المقدم لحفص من طريق التجريد هو الترقيق، وله وجهان من طريق الشاطبية ومن طريق الداني لزرعان، والمقدم له من باقي طرق النشر هو التفخيم.
والله أعلم.
 
إنّ مسألة تقديم الأوجه تحتاج إلى تأصيل وذلك على ضوء ما انتهجه المتقدّمون من المغاربة والمشارقة دون متأخريهم بمختلف اجتهاداتهم ، إلا أنّ الشهرة تبقى العنصر الأساسي في تقديم الوجه مع وقوع الخلاف في كيفيّة إعمال هذه الشهرة.
لو أخذنا مثالاً بسيطاً وهو أوجه البدل لورش. نلاحظ أنّ تمكينه لم يرد إلاّ عن الأزرق وهو المشهور من طريقه عن ورش بينما نجد سائر الرواة عن ورش وغيره من القراء لا يمكنونه. فهل يقدّم تمكين البدل لشهرته عن الأزرق أم يقدّم قصره لاتفاق باقي الرواة عليه ؟
المغاربة يقدّمون تمكينه لاشتهاره عندهم وعن الداني حثث روى تمكينه عن ابن الخاقان وفارس ابن أحمد بينما لم يرو القصر إلاّ من قراءته على أبي الحسن فقط. بينما نجد الإمام الشاطبيّ يُقدّم القصر لثبوته عن غير الأزرق ويظهر ذلك في قوله : فقصرٌ وقد يُروى لورش مطوّلاًووسّطه قوم. فظهر خلاف بين الداني والشاطبي في تقديم وجه من أوجه البدل مع أنّهما من المغاربة.
وقد ذكر الإمام المارغني قاعدة أخرى وهو تقديم ما اشتهر عند أهل الحجاز ثمّ أهل البصرة ثم أهل الشام ثمّ أهل الكوفة على حسب ترتيب القراء والرواة فقدّمت رواية قالون عن نافع لأنّها من رواية المدني عن المدني ، وجُعلت رواية ورش هي الثانية في الترتيب لأنّها من رواية غير المدني عن المدني وهكذا. وهو السبب الذي حمله على تقديم التسهيل على التحقيق في نحو {ءأنذرتهم} لهشام لأنّ التسهيل هو مذهب أهل سما أي نافع والمكي والبصري والتي تقدّم قراءتهم في الترتيب على غيرهم. وقد وقع الخلاف حتّى في الترتيب إذ جعل مكّي القيسي قراءة عاصم مكان قراءة البصري أي بعد قراءة المدني والمكي.
وإن كان ما ذكره العلامة المارغني عليه رحمة الله وجيهاً إلاّ أنّ هذه المنهجيّة تجتاج إلى دعم من نصوص المتقدّمين ومنهجهم في تقديم الأوجه. فالإمام المارغني لا يمثّل مذهب المغاربة لأنّه من المتأخرين من جهة وتأصيله يحتاج إلى دعم من أقوال متقدّميه من المغاربة وهذا يقال في الأزميري بالنسبة للمشارقة.
فالحلّ هو دراسة منهجيّة المتقدّمين كالداني ومكي القيسي ومن المتأخرين ابن الجزري عليه رحمة الله ثمّ نستخرج على ضوء ذلك الفوائد والقواعد مع محاولة تأصيلها وتقعيدها تقعيداً علميّاً بحيث لا تخرج عن طريقة المتقدّمين. والعلم عند الله تعالى.
 
عودة
أعلى