حكم التفسير بمجرد الرأي

إنضم
11/01/2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
10
النقاط
38
العمر
67
الإقامة
الدوحة - قطر
التفسير بالرأي المجرد محرم لا يجوز ؛ قال الله I : ] وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [ [ الإسراء : 36 ] ، وقال U : ] قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [ [ الأعراف : 33 ] .
وروى أحمد والترمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e : " مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ " [SUP][1] [/SUP].
ولذا تحرج كثير من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به ؛ قال أبو بكر الصديق t : أي أرض تقلني ، وأي سماء تظلني ، إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم[SUP] [2] [/SUP]؛ وعن سعيد بن المسيب أنه كان إذا سئل عن تفسير آية من القرآن قال : إنا لا نقول في القرآن شيئًا ؛ وكان - رحمه الله - لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن[SUP] [3] [/SUP].
قال ابن جرير - رحمه الله : ما كان من تأويل آي القرآن الذي لا يدرك علمه إلا بنصِّ بيان رسول اللّه e ، أو بنصبه الدلالة عليه ، فغير جائز لأحد القيل فيه برأيه ، بل القائل في ذلك برأيه - وإن أصاب الحقَّ فيه - فمخطئ فيما كان من فعله بقيلهِ فيه برأيه ، لأن إصابته ليست إصابة موقن أنه محق ، وإنما هو إصابة خارص وظان ، والقائل في دين الله بالظن قائل على الله ما لا يعلم ، وقد حرَّم الله - جلّ ثناؤه - ذلك في كتابه على عباده ، فقال : ] قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ والإثمَ والبَغْيَ بغَيْرِ الحَقّ وَأنْ تُشْرِكُوا بِاللّه مَا لمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأنْ تَقُولُوا عَلى اللّه ما لا تَعْلَمُونَ [ فالقائل في تأويل كتاب الله الذي لا يُدرَك علمُه إلا ببيان رسول اللّه e ، الذي جعل الله إليه بيانه ، قائل بما لا يعلم ، وإن وافق قيله ذلك في تأويله ما أراد الله به من معناه ، لأن القائل فيه بغير علم ، قائل على الله ما لا علم له به ؛ وهذا هو معنى الخبر - ثم ساق إسناده - عن جندب أن رسول الله e قال : " مَنْ قالَ في القُرآنِ برأيهِ فأصَابَ ، فَقَدْ أخْطَأ " يعني e أنه أخطأ في فعله بقيله فيه برأيه ، وإن وافق قيله ذلك عين الصواب عند الله ، لأن قيله فيه برأيه ليس بقيل عالم أن الذي قال فيه من قول حقٍّ وصواب ، فهو قائل على الله ما لا يعلم ، آثم بفعله ما قد نُهي عنه وحظر عليه[SUP] [4] [/SUP].
وأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعًا ، فلا حرج عليه ؛ وقد روي عن السلف من هذا الكثير ؛ ولا منافاة فإنهم تكلموا فيما علموه وسكتوا عن ما لم يعلموه ؛ وهذا هو الواجب .
ومن مصادر التفسير بالمعقول ؛ تفسير ( الكشاف ) ، للزمخشري ؛ و ( مدارك التنزيل وحقائق التأويل ) ؛ المعروف بتفسير النسفي ؛ وهو مختصر للكشاف ؛ وتفسير الرازي المسمى ( مفاتيح الغيب ) ؛ و ( البحر المحيط ) ، لأبي حيان ؛ و ( أنوار التنزيل وأسرار التأويل ) ؛ المعروف بتفسير البيضاوي .
تنبيه مهم :
ذكر بعض من كتب في علوم القرآن ، كالزرقاني في ( مناهل العرفان )، والقطان في ( مباحث في علوم القرآن ) نوعًا ثالثًا سماه : التفسير الإشاري[SUP] [5] [/SUP]؛ والحق أنه ليس قسمًا ثالثًا ، إنما هو تفسير بالرأي يجري عليه ما يجري على قسميه من القبول والرد ؛ وسمعت شيخنا د. محمد عبد المنعم القيعي – رحمه الله – ينكر أن يُعدَّ هذا نوعًا من أنواع التفسير ، ويقول : إنها مواجيد ، أي : معان يجدها قائلها في نفسه ، يحاول أن ينزلها على آيات القرآن .
ولذلك قال ابن القيم - رحمه الله : وتفسير الناس يدور على ثلاثة أصول : تفسير على اللفظ ، وهو الذي ينحو إليه المتأخرون ؛ وتفسير على المعنى ، وهو الذي يذكره السلف ؛ وتفسير على الإشارة والقياس ؛ وهو الذي ينحو إليه كثير من الصوفية وغيرهم ، وهذا لا بأس به بأربعة شرائط :
1 - أن لا يناقض معنى الآية .
2 - وأن يكون معنى صحيحًا في نفسه .
3 - وأن يكون في اللفظ إشعار به .
4 - وأن يكون بينه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم .
فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة كان استنباطًا حسنًا[SUP] [6] [/SUP].
[1] أحمد : 1 / 233 ، والترمذي ( 2950 ) وقال : حسن صحيح .
[2] ابن أبي شيبة ( 30103 ) ، وابن جرير : 1 / 27 .
[3] ذكرهما ابن كثير في مقدمة تفسيره .
[4] انظر ( تفسير ابن جرير ) : 1 / 78 ، 79 .
[5] انظر ( مناهل العرفان ) : 2 / 10 ، و ( مباحث في علوم القرآن ) ص 367 .
[6] انظر أقسام القرآن ص 50 .
 
عودة
أعلى