حكم التغنّي وتجويد الاستعاذة

إنضم
10/04/2005
المشاركات
1,122
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
الجزائر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد
أتشرّف بنقل فتوى لشيخنا العلامة الدكتور الأستاذ الفقيه الأصولي محمد علي فركوس حفظه الله تعالى في حكم التجويد والتغنّي في الاستعاذة.

السؤال:
نحن مجموعة من الطلبة نتلقى القرآن مشافهة بطريقة التحقيق من شيخ مقرئ مجاز، يشترط علينا عند بدء عرض القرآن تجويد الاستعاذة، وعند التلقين نردد بعده الآيات جميعا بصوت واحد. فهل الاستعاذة من القرآن؟ وهل تجود مثل آيات القرآن؟ وهل الترديد الجماعي جائز شرعا ؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على منْ أرسلهُ الله رحمةً للعالمينَ، وعلى آلهِ وصحبهِ وإخوانهِ إلى يومِ الدينِ أما بعد:
فالمعلومُ أنّ التعبدَ بتحسينِ الصوتِ وترتيلهِ إنما يكون لخصوص القرآن الكريم دونما سواه لقوله تعالى: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً﴾ [المزمل: 4] وقوله تعالى: ﴿وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً﴾ [الإسراء: 106]، ولقولهِ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «زَيِّنُوا القُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ»(١- أخرجه أبو داود كتاب «الصلاة»، باب استحباب الترتيل في القراءة: (1467)، والنسائي كتاب «صفة الصلاة»، تزيين القرآن بالصوت: (1015)، وابن ماجه كتاب «إقامة الصلاة والسنة فيها»، باب في حسن الصوت بالقرآن: (1342)، وأحمد في «مسنده»: (4/ 283)، من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (2/ 401)) وقولِه صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا أَذِنَ الله لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَوْتِ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ»(٢- أخرجه البخاري كتاب «التوحيد»، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة»: (3/ 586)، ومسلم كتاب «صلاة المسافرين وقصرها»: (1/ 356) رقم: (792)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه).
ومما لا يخفَى أنّ الاستعاذةَ شُرعت لابتداءِ القرآن صيانةً للقراءة عن وساوس الشيطان لقوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل: 98]، قال ابنُ حزم -رحمه الله-: «قد صحَّ إجماعُ جميع قراء أهل الإسلام جيلاً بعد جيلٍ على الابتداء بالتعوّذ متصلاً بالقراءة قبل الأخذ في القراءة»(٣- «المحلى» لابن حزم: (3/ 250)) وليست الاستعاذة بآيةٍ من القرآن الكريم، وكلُّ ما ليس منه لا يأخذُ حكمه سواء من جهة التعبد أو الاستدلال إلاّ بدليل. ويُسر الاستعاذة في الصلاة ولا يجهر بها، قال ابن قدامة: «لا أعلم فيه خلافا»(٤- «المغني» لابن قدامة: (1/476)).
أمّا ترديد القراءة جماعيًا في حصة التلقين بصوتٍ واحدٍ على وجه التعبد فهو أمرُ محدَث لم يعرفه السلف الصالح، ثمّ إن القراءة الجماعية ينتفي فيها الاستماع والإصغاء المأمور بهما في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204]
هذا، ويجوز الاجتماعُ على قراءة القرآن، كلُّ واحدٍ بانفراده أو بطريق الإدارة، فإنّ ميزتها أنها تساعد على تعلّم القرآن وإتقان القراءة مع خلو هذه الطريقة من الإخلال بالاستماع المأمور به وتجردها من التشويش واختلاطِ الأصوات، وعلى هذا المعنى يحمل حديثُ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الله يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِم السَكِينَةُ وَغَشِيَتْهُم الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُم الملاَئِكَةُ وَذَكَرَهُم الله فِيمَنْ عِنْدَهُ»(٥- أخرجه مسلم كتاب «الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار»: (2/ 1242) رقم: (2699)، وأبو داود كتاب «الصلاة»، باب في ثواب قراءة القرآن: (1455)، وأحمد في «مسنده»: (2/ 252)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه) وحديثُ أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن معاوية رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال: «مَا أَجْلَسَكُمْ؟ قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ الله وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلإسْلاَمِ وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا، قَالَ: «آللهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلاَّ ذَاكَ» قَالُوا: وَالله مَا أَجْلَسَنَا إِلاَّ ذَاكَ، قَالَ: «أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ الله يُبَاهِي بِكُم الملاَئِكَةَ»(٦- أخرجه مسلم كتاب «الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار»: (2/ 1242)، رقم: (2701)، من حديث معاوية رضي الله عنه).
والعلمُ عندَ الله تعالى، وآخِرُ دعْوانَا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمينَ وصَلَّى الله على محمَّد وآلهِ وصحبهِ وإخوانهِ إلى يومِ الدينِ وسلَّمَ تسليمًا

الجزائر في: 30 من ذي الحجة 1430 ﮬ
الموافق ﻟ: 17 ديسمبر 2009م.


المصدر : الموقع الرسمي لشيخنا حفظه الله تعالى :
www.ferkous.com
 
يا أخانا الفاضل السلام عليكم
ليس في الاستعاذة شيء من أحكام التجويد الخاصة بالقرءان الكريم حتى يكون تجويدها ممنوعا بحجة أنها ليست من القرءان إجماعا فليس فيها إلا القدر اللغوي المشترك بين نطق العربية ونطق القرءان , فالعجب منك وأنت متخصص في التجويد كيف يمر عليك مثل هذا , إذا عذرالشيخ فركوس حفظه الله لعدم تخصصه في التجويد فقال هذه الفتوى فما عذرك أنت ؟
أتريدنا أن ننطق بلام اسم الله مفخمة , أم أن نرقق طاء الشيطان أم أن ننطق الجيم رخوة متفشية حتى لا نكون قد جودنا ما ليس بقرءان .
فتريث قبل النقل بارك الله فيك .
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم

أوّلاً :
قد وضعت هذه الفتوى قصد إثارة الموضوع وفتح النقاش فيه ولا أرى في ذلك بأساً

ثانياً : هل من لحن في الاستعاذة لحناً جلياً يلحقه الإثم ولو كان متعمّداً أوعالماً بالخطأ

ثالثاً : هل نصوص أئمّة الأداء الذين نقلوا لنا وصل التعوّذ بالبسملة يدلّ على أنّهم كانوا يتغنّون بالاستعاذة ، لضعف احتمال التغنّي بالبسملة دون الاستعاذة حال الوصل ؟

رابعاً : هل ثبوت الوجه عند أهل الأداء بالنصّ والأداء حجّة على الفقهاء والأصوليين لا سيما فيما لم يثبت في كتب الحديث ؟

خامساً : ألا ينبغي على الفقهاء والأصوليين إدراج ما ثبت عند أهل الأداء بالرواية ضمن المصادر التي يعتمدون عليها في تقرير الأحكام الشرعيّة. فالتكبير ، والتغنّي في الاستعاذة قد يكون أمراً مسلّماً عند أهل الأداء خلافاً للمحدّثين والفقهاء والأصوليين لاختلاف مصادر التي يعتمد كلّ واحد منهما.

أخي طارق : أفهمت الآن سبب نقلي لهذه الفتوى
 
جزاك الله خيرا لكن نسيت أن ترد علي السلام .
 
ما فهمت هذا التحذير أرجو التوضيح


افتح الرابط لتجد التحذير من الخطأ التالي:

تنبيه على خطأ شائع :
نسمع الكثير من المتكلمين والوعاظ يقولون : ( قال الله تعالى : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) !! وهذا خطأ واضح ؛ فالاستعاذة ليست من كلام الله ، وليست آية من القرآن بالإجماع ، وإنما أمر الله بها في قوله جل وعلا : ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) (النحل:98) .

ثم يليه كلام يتعلق بالمسألة التي عرضتها للنقاش هنا.

وفقك الله
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم

قال ابن الجزري في كتابه النشر : "قال ابن شيطا اعلم أنني قرأت على جميع شيوخنا في كل القراءات عن جميع الأئمة الفاصلين بالتسمية بين السورتين والتاركين لها عند ابتداء القراءة عليهم بالاستعاذة موصولة بالتسمية مجهوراً بهما سواء كان المبدوء به أول سورة أو بعض سورة قال ولا علمت أحداً منهم قرأ على شيوخه إلا كذلك، انتهى. وهو نص في وصل الاستعاذة بالبسملة كما سيأتي" (1/265).

أقول وبالله التوفيق :
إنّ وصل الاستعاذة بالبسملة يستلزم التغنّي بالاستعاذة ، لأنّه يُستبعد أن يُتغنّى بالبسملة دون الاستعاذة وصلاً إذ التفريق بينهما في التغنّي يحتاج إلى دليل ، ويُقوّي ذلك أنّ أهل الأداء ما نقلوا الخلاف في التغنّي بالبسملة مع اختلافهم في كونها آية بين كلّ سورتين ، فإن قُرِئت البسملة بالتغنّي عند من لم يعتبرها آية بين كلّ سورتين دلّ على جواز التغنّي بالاستعاذة.
وقد جرى العمل على ذلك عند أهل الأداء في جميع الأقطار ، ولم يرد من أقوال المتقدّمين ما ينقض هذا العمل ، بل أقاويلهم تتضمّن ما قلناه والعلم عند الله تعالى.

أمّا حكم تطبيق أحكام التجويد في الاستعاذة فليس واجباً شرعاً لعدم ترتّب العقاب على من لحن فيها لأنّها ليست قرءاناً ، ومن غيّر حرفاً منها لا يُعدّ محرّفاً للقرءان الكريم. ويدلّ على ذلك كثرة صيغ الواردة في الاستعاذة عن أهل الأداء ، ولكن من الضروري أن يُحافظ على الأداء الصحيح للاستعاذة إذ النطق الصحيح للحروف مطلوب لا سيما لمن كان في مقام الإقراء ، فلا أتصوّر ماهراً للقرءان يُفخّم الهمزة في {أعوذ} . وقد اعتنى أئمّة اللغة بهذا الجانب قبل أئمّة الأداء حفاظاً على النطق الصحيح للحروف العربية وحفاظاً على المعاني التي يُعبَّر عنها بالكلمات والتي بدورها تتركّب من الحروف. فإن كانت الحروف قويمة استقامت المعاني ، وإن حرّفت الحروف وتخالطت اختلطت المعاني.
 
عودة
أعلى