حكم إحياء ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان ( دراسة مقارنة )

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
إنضم
20/12/2006
المشاركات
49
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
حكم إحياء ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان ( دراسة مقارنة )
عبد الفتاح بن صالح قُدَيش اليافعي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وأتباعه وبعد :
فيقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( إن لله في أيام دهره لنفحات ألا فتعرضوا لنفحات الله ) ومن حكمة الله أن فضل بعض الليالي على بضع ليغتنمها ذوو الألباب , ومن الليالي الفاضلة التي ينبغي اغتنامها ليلتا العيد وليلة النصف من شعبان , وهذه بحث موجز في حكم قيام تلك الليالي وقد جعلته على ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : أقوال الفقهاء وأهل العلم في ذلك
المبحث الثاني : الأحاديث الواردة في فضل ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان
المبحث الثالث : فوائد متممة تتعلق بليلة النصف من شعبان

المبحث الأول
أقوال الفقهاء وأهل العلم في ذلك
- ذهب جماهير أهل العلم إلى استحباب إحياء ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان وقد اتفقت المذاهب الأربعة على ذلك
- وجمهور أهل العلم على استحباب الاجتماع لإحياء تلك الليالي , وكره بعض أهل العلم الاجتماع واستحبوا الإحياء بدون اجتماع
- والذين استحبوا الاجتماع جمهورهم استحبوا الجماعات الخاصة في البيوت ونحوها دون الجماعات العامة في المساجد , وبعضهم استحب الجماعات العامة في المساجد كما هو في التراويح

وهذه بعض أقوال أهل العلم من المذاهب الأربعة :
من أقوال الحنفية :
قال ابن نجيم في البحر الرائق 2/56 : ( ومن المندوبات إحياء ليالي العشر من رمضان وليلتي العيدين وليالي عشر ذي الحجة وليلة النصف من شعبان كما وردت به الأحاديث وذكرها في الترغيب والترهيب مفصلة , والمراد بإحياء الليل قيامه وظاهره الاستيعاب ويجوز أن يراد غالبه
ويكره الاجتماع على إحياء ليلة من هذه الليالي في المساجد قال في الحاوي القدسي ولا يصلي تطوع بجماعة غير التراويح وما روي من الصلوات في الأوقات الشريفة كليلة القدر وليلة النصف من شعبان وليلتي العيد وعرفة والجمعة وغيرها تصلى فرادى انتهى ) اهـ
وفي درر الحكام لمنلا خسرو 1/117: ( ومن المندوبات إحياء ليال العشر الأخير من رمضان وليلتي العيدين وليالي عشر ذي الحجة وليلة النصف من شعبان
والمراد بإحياء الليل قيامه وظاهره الاستيعاب ويجوز أن يراد غالبه ويكره الاجتماع على إحياء ليلة من هذه الليالي في المساجد ) اهـ
وفي شرح الحصكفي 2/25 : ( وإحياء ليلة العيدين والنصف من شعبان والعشر الأخير من رمضان والأول من ذي الحجة ويكون بكل عبادة تعم الليل أو أكثره ) اهـ
وفي حاشية ابن عابدين عليه 2/25 : ( مطلب في إحياء ليالي العيدين والنصف وعشر الحجة ورمضان :
( قوله وإحياء ليلة العيدين ) الأولى ليلتي بالتثنية : أي ليلة عيد الفطر , وليلة عيد الأضحى ( قوله والنصف ) أي وإحياء ليلة النصف من شعبان .
( قوله والأول ) أي وليالي العشر الأول إلخ . وقد بسط الشرنبلالي في الإمداد ما جاء في فضل هذه الليالي كلها فراجعه . قوله (ويكون بكل عبادة تعم الليل أو أكثره )...
[ تتمة ] أشار بقوله فرادى إلى ما ذكره بعد في متنه من قوله ويكره الاجتماع على إحياء ليلة من هذه الليالي في المساجد , وتمامه في شرحه , وصرح بكراهة ذلك في الحاوي القدسي .
قال : وما روي من الصلوات في هذه الأوقات يصلى فرادى غير التراويح ) اه

من أقوال المالكية :
في المدخل لابن الحاج 1/ 232 : ( { فصل } وينبغي للحاج أن يحيي ليلة العيد بالصلاة . وقد كان عبد الله بن عمر يقوم تلك الليلة كلها وكذلك غيره . وقد استحب العلماء ذلك في جميع الأقطار . لما ورد في الحديث { من أحيا ليلتي العيد أحيا الله قلبه يوم تموت القلوب }
وذلك بشرط أن لا يكون في المساجد ولا في المواضع المشهورة كما يفعل في رمضان , بل كل إنسان في بيته لنفسه ولا بأس أن يأتم به بعض أهله وولده ) اهـ
وفي التاج والإكليل 2/574 : ( وندب إحياء ليلته ) روى أبو أمامة : { من أحيا ليلتي العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب } ) اهـ
وفي مواهب الجليل 2/193: ( وندب إحياء ليلته ) : قال في جمع الجوامع للشيخ جلال الدين السيوطي { من أحيا ليلتي العيدين وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب } قال : رواه الحسن بن سفيان عن ابن كردوس عن أبيه
ولفظ آخر { : من أحيا ليلة الفطر وليلة الأضحى لم يمت قلبه يوم تموت القلوب } قال رواه الطبراني عن عبادة بن الصامت

ولفظ آخر { : من أحيا الليالي الأربع وجبت له الجنة ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر } رواه الديلمي وابن عساكر وابن النجار عن معاذ
ولفظ آخر { : من قام ليلة العيد محتسبا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب } رواه ابن ماجه وقال الدارقطني المحفوظ أنه موقوف على مكحول انتهى .
وقال ابن الفرات : استحب إحياء ليلة العيد بذكر الله تعالى والصلاة وغيرها من الطاعات للحديث { من أحيا ليلة العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب } وروي مرفوعا وموقوفا وكلاهما ضعيف لكن أحاديث الفضائل يتسامح فيها . ) اهـ
وفي الفواكه الدواني 1/275 : ( وندب إحياء ليلته وغسل بعد الصبح وتطيب وتزين وإن لغير مصل ومشي في ذهابه وفطر قبله في الفطر وتأخيره في النحر , وإنما استحب إحياء ليلة العيد لقوله صلى الله عليه وسلم : { من أحيا ليلة العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب } وفي حديث : { من أحيا الليالي الأربع وجبت له الجنة } وهي : ليلة الجمعة وليلة عرفة وليلة الفطر وليلة النحر
ومعنى لم يمت قلبه لم يتحير عند النزع ولا على القيامة , وقيل لم يمت في حب الدنيا والإحياء يحصل بالذكر والصلاة ولو في معظم الليل ) اهـ
وفي حاشية الدسوقي 1/399 : ( قوله وندب إحياء ليلته ) أي لقوله عليه الصلاة والسلام { من أحيا ليلة العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب } ومعنى عدم موت قلبه عدم تحيره عند النزع والقيامة بل يكون قلبه عند النزع مطمئنا , وكذا في القيامة والمراد باليوم الزمن الشامل لوقت النزع ووقت القيامة الحاصل فيهما التحير
( قوله وذكر ) من جملة الذكر قراءة القرآن ( قوله ويحصل بالثلث الأخير من الليل ) واستظهر ابن الفرات أنه يحصل بإحياء معظم الليل وقيل يحصل بساعة , ونحوه للنووي في الأذكار وقيل يحصل بصلاة العشاء والصبح في جماعة , وقرر شيخنا أن هذا القول والذي قبله أقوى الأقوال فانظره ) اهـ

من أقوال الشافعية :
في الأم للإمام الشافعي 2/264: ( العبادة ليلة العيدين :
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء قال : " من قام ليلة العيد محتسبا لم يمت قلبه حين تموت القلوب " .
قال الشافعي : وبلغنا أنه كان يقال : إن الدعاء يستجاب في خمس ليال في ليلة الجمعة , وليلة الأضحى , وليلة الفطر , وأول ليلة من رجب , وليلة النصف من شعبان
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال رأيت مشيخة من خيار أهل المدينة يظهرون على مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العيد فيدعون ويذكرون الله حتى تمضي ساعة من الليل , وبلغنا أن ابن عمر كان يحيي ليلة جمع , وليلة جمع هي ليلة العيد لأن صبيحتها النحر
قال الشافعي : وأنا أستحب كل ما حكيت في هذه الليالي من غير أن يكون فرضا ) اه
وفي البدع والحوادث لأبي شامة ص 44: ( قال الإمام ابن الصلاح في فتوى له : ... وأما ليلة النصف من شعبان فلها فضيله واحياؤها بالعبادة مستحب ولكن على الانفراد من غير جماعة ... ) اهـ
وفي المجموع للنووي 5/36 : ( قال أصحابنا : يستحب إحياء ليلتي العيدين بصلاة أو غيرها من الطاعات ( واحتج ) له أصحابنا بحديث أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم { من أحيا ليلتي العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب } وفي رواية الشافعي وابن ماجه : " { من قام ليلتي العيدين محتسبا لله تعالى لم يمت قلبه حين تموت القلوب } رواه عن أبي الدرداء موقوفا , وروي من رواية أبي أمامة موقوفا عليه ومرفوعا كما سبق , وأسانيد الجميع ضعيفة ...
واستحب الشافعي والأصحاب الإحياء المذكور , مع أن الحديث ضعيف , لما سبق في أول الكتاب أن أحاديث الفضائل يتسامح فيها , ويعمل على وفق ضعيفها
والصحيح أن فضيلة هذا الإحياء لا تحصل إلا بمعظم الليل , وقيل تحصل بساعة , ويؤيده ما سبق في نقل الشافعي عن مشيخة المدينة , ونقل القاضي حسين عن ابن عباس أن إحياء ليلة العيد أن يصلي العشاء في جماعة , ويعزم أن يصلي الصبح في جماعة والمختار ما قدمته والله أعلم ) اهـ
وفي روضة الطالبين 2/75 : ( ويستحب استحبابا متأكدا إحياء ليلتي العيد بالعبادة قلت وتحصل فضيلة الإحياء بمعظم الليل وقيل تحصل بساعة وقد نقل الشافعي رحمه الله في الأم عن جماعة من خيار أهل المدينة ما يؤيده ونقل القاضي حسين عن ابن عباس أن إحياء ليلة العيد أن يصلي العشاء في جماعة ويعزم أن يصلي الصبح في جماعة والمختار ما قدمته
قال الشافعي رحمه الله وبلغنا أن الدعاء يستجاب في خمس ليال ليلة الجمعة والعيدين وأول رجب ونصف شعبان قال الشافعي وأستحب كل ما حكيته في هذه الليالي والله أعلم ) اهـ
وفي مغني المحتاج للشربيني 1/591 : ( ويسن إحياء ليلتي العيد بالعبادة من صلاة وغيرها من العبادات لخبر { من أحيا ليلتي العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب } رواه الدارقطني موقوفا قال في المجموع : وأسانيده ضعيفة , ومع ذلك استحبوا الإحياء لأن الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال كما مرت الإشارة إليه
ويؤخذ من ذلك كما قال الأذرعي عدم تأكد الاستحباب , قيل : والمراد بموت القلوب شغفها بحب الدنيا , وقيل الكفر , وقيل الفزع يوم القيامة
ويحصل الإحياء بمعظم الليل كالمبيت بمنى , وقيل بساعة منه , وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بصلاة العشاء جماعة والعزم على صلاة الصبح جماعة , والدعاء فيهما وفي ليلة الجمعة وليلتي أول رجب ونصف شعبان مستجاب فيستحب كما صرح به في أصل الروضة ) اهـ
وفي نهاية المحتاج للرملي 2/397: ( ويستحب إحياء ليلتي العيد بالعبادة ولو كانت ليلة جمعة من صلاة وغيرها من العبادات لخبر { من أحيا ليلة العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب }
والمراد بموت القلوب شغفها بحب الدنيا أخذا من خبر { لا تدخلوا على هؤلاء الموتى ؟ قيل من هم يا رسول الله ؟ قال : الأغنياء } وقيل الكفرة أخذا من قوله تعالى { أومن كان ميتا فأحييناه } أي كافرا فهديناه . وقيل الفزع يوم القيامة أخذا من خبر { يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا , فقالت أم سلمة : , أو غيرها واسوأتاه , أتنظر الرجال إلى عورات النساء والنساء إلى عورات الرجال ؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : إن لهم في ذلك اليوم شغلا لا يعرف الرجل أنه رجل ولا المرأة أنها امرأة }
ويحصل الإحياء بمعظم الليل وإن كان الأرجح في حصول المبيت بمزدلفة الاكتفاء فيه بلحظة في النصف الثاني من الليل . وعن ابن عباس يحصل إحياؤهما بصلاة العشاء جماعة والعزم على صلاة الصبح جماعة , والدعاء فيهما وفي ليلة الجمعة وليلتي أول رجب ونصف شعبان مستجاب فيستحب ) اهـ

من أقوال الحنابلة :
في الفتاوى الكبرى لابن تيمية 2/262 ومجموع الفتاوى 23/131 : ( مسألة : في صلاة نصف شعبان ؟ .
الجواب : إذا صلى الإنسان ليلة النصف وحده ، أو في جماعة خاصة كما كان يفعل طوائف من السلف ، فهو أحسن . وأما الاجتماع في المساجد على صلاة مقدرة . كالإجتماغ على مائة ركعة ، بقراءة ألف : قل هو الله أحد دائما . فهذا بدعة ، لم يستحبها أحد من الأئمة . والله أعلم ) اهـ
وفي مجموع الفتاوي لابن تيمية 23/132 : ( وأما ليلة النصف فقد روى فى فضلها أحاديث وآثار ونقل عن طائفة من السلف أنهم كانوا يصلون فيها فصلاة الرجل فيها وحده قد تقدمه فيه سلف وله فيه حجة فلا ينكر مثل هذا وأما الصلاة فيها جماعة فهذا مبنى على قاعدة عامة فى الاجتماع على الطاعات والعبادات ) اهـ
وقال بن رجب الحنبلي في لطائف المعارف ص 263: ( وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام كخالد بن معدان ومكحول و لقمان بن عامر و غيرهم يعظمونها و يجتهدون فيها في العبادة و عنهم أخذ الناس فضلها و تعظيمها و قد قيل أنه بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان اختلف الناس في ذلك فمنهم من قبله منهم وافقهم على تعظيمها منهم طائفة من عباد أهل البصرة و غيرهم ...
واختلف علماء أهل الشام في صفة إحيائها على قولين :
أحدهما : أنه يستحب إحياؤها جماعة في المساجد كان خالد بن معدان و لقمان بن عامر و غيرهما يلبسون فيها أحسن ثيابهم و يتبخرون و يكتحلون و يقومون في المسجد ليلتهم تلك و وافقهم إسحاق بن راهوية على ذلك و قال في قيامها في المساجد جماعة : ليس ببدعة نقله عنه حرب الكرماني في مسائله
و الثاني : أنه يكره الإجتماع فيها في المساجد للصلاة و القصص و الدعاء و لا يكره أن يصلي الرجل فيها لخاصة نفسه و هذا قول الأوزاعي إمام أهل الشام و فقيههم و عالمهم و هذا هو الأقرب إن شاء الله تعالى ...
و لا يعرف للإمام أحمد كلام في ليلة نصف شعبان و يتخرج في استحباب قيامها عنه روايتان من الروايتين عنه في قيام ليلتي العيد فإنه في رواية لم يستحب قيامها جماعة لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه و استحبها في رواية لفعل عبد الرحمن بن يزيد بن الأسود و هو من التابعين
فكذلك قيام ليلة النصف لم يثبت فيها شيء عن النبي صلى الله عليه و سلم و لا عن أصحابه و ثبت فيها عن طائفة من التابعين من أعيان فقهاء أهل الشام ) اهـ
وفي كشاف القناع للبهوتي 1/467 : ( ولا يقومه كله ) لقول عائشة رضي الله عنها {ما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قام ليلة حتى الصباح } قال في الفروع : وظاهر كلامهم : ولا ليالي العشر , فيكون قول عائشة أنه أحيا الليل أي كثيرا منه أو أكثره ويتوجه بظاهره احتمال ويخرج من ليلة العيد ويحمل قولها الأول : على غير العشر , أو لم يكثر ذلك منه واستحبه شيخنا وقال قيام بعض الليالي كلها مما جاءت به السنة ( إلا ليلة عيد ) لحديث { من أحيا ليلة العيد أحيا الله قلبه يوم تموت القلوب } رواه الدارقطني في علله وفي معناها : ليلة النصف من شعبان كما ذكره ابن رجب في اللطائف ) اهـ
وفي كشاف القناع أيضا 1/444: ( وأما ليلة النصف من شعبان ففيها فضل وكان ) في ( السلف من يصلي فيها , لكن الاجتماع لها لإحيائها في المساجد بدعة ا هـ وفي استحباب قيامها ) أي ليلة النصف من شعبان ( ما في ) إحياء ( ليلة العيد هذا معنى كلام ) عبد الرحمن بن أحمد ( بن رجب ) البغدادي ثم الدمشقي ( في ) كتابه المسمى ( اللطائف ) في الوظائف . ويعضده حديث { من أحيا ليلتي العيدين وليلة النصف من شعبان , أحيا الله قلبه يوم تموت القلوب } رواه المنذري في تاريخه بسنده عن ابن كردوس عن أبيه قال جماعة وليلة عاشوراء وليلة أول رجب وليلة نصف شعبان ) اهـ
وفي غذاء الألباب للسفاريني 2/506 : ( في قول الناظم رحمه الله تعالى وخذ بنصيب ... إلى آخره إشارة إلى أنه لا يطلب قيام كل الليل . قال علماؤنا : ولا يقومه كله إلا ليلة عيد . هذه عبارة الإقناع .
وقال في الفروع : ولا يقوم الليل كله خلافا لمالك في رواية ذكره بعضهم قال وقل من وجدته ذكر المسألة . وقد قال الإمام أحمد رضي الله عنه : إذا نام بعد تهجده لم يبن عليه أثر السهر .
وفي الغنية : يستحب ثلثاه والأقل سدسه , ثم ذكر أن قيام الليل كله عمل الأقوياء الذين سبقت لهم العناية فجعل لهم موهبة . وقد روي أن عثمان قامه بركعة يختم فيها . قال وصح عن أربعين من التابعين , ومراده وتابعيهم
وظاهر كلامهم لا يقومه كله ولا ليالي العشر , فيكون قول عائشة رضي الله عنها { أحيا الليل } أي كثيرا منه أو أكثره . قال ويتوجه بظاهره احتمال وتخريج من ليلة العيد , ويكون قولها ما علمت { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ليلة حتى الصباح أي غير العشر أو لم يكثر ذلك منه } . قال واستحبه شيخنا وقال : قيام بعض الليالي كلها مما جاءت به السنة ) اهـ

آثار عن السلف في ذلك إضافة إلى ما تقدم:
في التلخيص الحبير للحافظ ابن حجر : 2/160 : ( روى الخلال - في كتاب فضل رجب له - من طريق خالد بن معدان قال : خمس ليال في السنة من واظب عليهن رجاء ثوابهن وتصديقا بوعدهن أدخله الله الجنة : أول ليلة من رجب يقوم ليلها ويصوم نهارها , وليلة الفطر , وليلة الأضحى , وليلة عاشوراء , وليلة نصف شعبان . ) اهـ
وفي التلخيص الحبير للحافظ ابن حجر : 2/160 : ( روى الخطيب في غنية الملتمس بإسناد إلى عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى عدي بن أرطاة : " عليك بأربع ليال في السنة , فإن الله يفرغ فيهن الرحمة : أول ليلة من رجب , وليلة النصف من شعبان , وليلة الفطر , وليلة النحر ) اهـ
ومصنف ابن ابي شيبة 2/291 : ( من كان يقوم ليلة الفطر : حدثنا حفص عن الحسن بن عبيد الله قال كان عبد الرحمن بن الأسود يقوم بنا ليلة الفطر ) اهـ
وفي البر والصلة للمروزي ص 33 : ( حدثنا الحسين بن الحسن قال سمعت ابن المبارك يقول : بلغني أنه من أحيا ليلة العيد أو العيدين لم يمت قلبه حين تموت القلوب ) اهـ
وقال بن رجب الحنبلي في لطائف المعارف ص 263: ( روى سعيد بن منصور حدثنا أبو معشر عن أبي حازم و محمد بن قيس عن عطاء بن يسار قال : ما من ليلة بعد ليلة القدر أفضل من ليلة النصف من شعبان ينزل الله تبارك و تعالى إلى السماء الدنيا فيغفر لعباده كلهم إلا لمشرك أو مشاحن او قاطع رحم ) اهـ
وقال بن رجب الحنبلي في لطائف المعارف ص 263: ( روي عن كعب قال : إن الله تعالى يبعث ليلة النصف من شعبان جبريل عليه السلام إلى الجنة فيأمرها أن تتزين و يقول : إن الله تعالى قد اعتق في ليلتك هذه عدد نجوم السماء و عدد أيام الدنيا و لياليها و عدد ورق الشجر وزنة الجبال و عدد الرمال ) اهـ
لفت نظر :
مما سبق يتبين لنا أن جماهير أهل العلم وعليه المذاهب الأربعة على استحباب قيام ليلة مزدلفة لأنها ليلة عيد الأضحى خلافا لابن القيم حيث قرر في الهدي أن المشروع عدم قيامها ولو بالوتر مستدلا بعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم !!!

المبحث الثاني
الأحاديث الواردة في فضل ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان
أولا : أحاديث فضل ليلتي العيد :

1-حديث أبي أمامة رضي الله عنه :
في سنن ابن ماجه 1/567 : ( حدثنا أبو أحمد المرار بن حموية ثنا محمد بن المصفى ثنا بقية بن الوليد عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من قام ليلتي العيدين محتسبا لله لم يمت قلبه يوم تموت القلوب ) اهـ
في خلاصة البدر المنير لابن الملقن 1/230 : ( حديث من أحيى ليلتي العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب , ذكره الدارقطني في علله من رواية مكحول عن أبي أمامة قال ورواه ثور عن مكحول وأسنده معاذ بن جبل والمحفوظ أنه موقوف عن مكحول ...
قلت : رواه ابن ماجه هكذا من رواية أبي أمامة مرفوعا وليس فيه إلا عنعنة بقية ) اهـ
وفي الفروع لابن مفلح 1/509 : ( روى ابن ماجة عن أبي أحمد المزار بن حمويه عن محمد بن مصفى عن بقية عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي أمامة مرفوعا من قام ليلتي العيدين محتسبا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب رواية بقية عن أهل بلده جيدة وهو حديث حسن إن شاء الله تعالى ) اهـ
2-حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه :
في المعجم الأوسط للطبراني 1/57 : ( حدثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حيان قال حدثنا حامد بن يحيى البلخي قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن رجل وهو عمر بن هارون البلخي عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبادة بن الصامت أن رسول الله قال : من صلى ليلة الفطر والأضحى لم يمت قلبه يوم تموت القلوب لم يرو هذا الحديث عن ثور إلا عمر بن هارون تفرد به جرير ) اهـ
قال الهيثمي 2/430 : ( رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه عمر بن هارون البلخي والغالب عليه الضعف وأثنى عليه ابن مهدي وغيره ولكن ضعفه جماعة كثيرة والله أعلم .) اهـ
وذكره الديلمي في مسنده 3/619
وقال ابن حجر في التلخيص الحبير 2/160 : ( ورواه الحسن بن سفيان من طريق بشر بن رافع , عن ثور , عن خالد , عن عبادة بن الصامت , وبشر متهم بالوضع ) اهـ
3-حديث أبي الدرداء رضي الله عنه :
في الأم للإمام الشافعي 1/384 : ( أخبرنا إبراهيم بن محمد قال : أخبرنا ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن أبي الدرداء قال : من قام ليلة العيد محتسبا لم يمت قلبه حين تموت القلوب .
قال الشافعي : وبلغنا أنه كان يقال : إن الدعاء يستجاب في خمس ليال : في ليلة الجمعة ، وليلة الأضحى ، وليلة الفطر ، وأول ليلة من رجب ، وليلة النصف من شعبان .
أخبرنا إبراهيم بن محمد قال : رأيت مشيخة من خيار أهل المدينة يظهرون على مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العيد ، فيدعون ، ويذكرون الله ، حتى تمضي ساعة من الليلة . وبلغنا أن ابن عمر كان يحيي ليلة جمع ، وليلة جمع هي ليلة العيد ، لأن صبيحتها النحر ) اهـ
ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في السنن 3/319
4-حديث ابن عمر رضي الله عنه :
في مصنف عبد الرزاق 4/317 ومن طريقه البيهقي في الشعب 3/342 وفضائل الأوقات ص 311 : ( قال عبد الرزاق وأخبرني من سمع البيلماني يحدث عن أبيه عن بن عمر قال :خمس ليال لا ترد فيهن الدعاء ليلة الجمعة وأول ليلة من رجب وليلة النصف من شعبان وليلتي العيدين ) اهـ
وهذا موقوف لكن له حكم الرفع لأنه لا يقال من قبيل الرأي
5-حديث كردوس رضي الله عنه :
قال ابن الجوزي في العلل المتناهية 2/562 : ( انا أبو بكر محمد بن عبيد الله الزاغوني قال نا طراد أبن محمد قال اخبرنا هلال بن محمد فيما اذن لنا ان نرويه عنه ان علي بن محمد المصري حدثهم قال حدثنا يحيى بن عثمان هو أبن صالح قال [ نا ] يحيى بن بكر قال نا المفضل بن فضالة عن عيسى بن ابراهيم القرشي عن سلمه بن سليمان الجزري عن مروان بن سالم عن أبن كردوس عن ابيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من احيى ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت فيه القلوب
قال المؤلف : هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه آفات أما مروان بن سالم فقال احمد ليس بثقة وقال النسائي والدارقطني والازدي متروك وأما سلمة بن سليمان فقال الازدي هو ضعيف واما عيسى فقال يحيى [ ليس ] بشيء ) اهـ
وقال الحافظ في الإصابة 5/580 : ( كردوس غير منسوب ذكره الحسن بن سفيان وعبدان المروزي وابن شاهين وعلى بن سعيد وغيرهم في الصحابة وأخرجوا من طريق مروان بن سالم عن بن كردوس عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحيا ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب ومروان هذا متروك متهم بالكذب ) اهـ
وقال في التلخيص الحبير (2/160) : ( روى ابن الأعرابي في معجمه , وعلي بن سعيد العسكري في الصحابة من حديث كردوس نحو حديث أبي أمامة , وفي إسناده مروان بن سالم , وهو تالف ) اهـ
وذكره الديلمي في مسنده 3/619
6-حديث عائشة رضي الله عنه :
في مسند الفردوس للديلمي 5/274 : ( عن عائشة : ينسخ الله الخير في أربع ليال نسخا ليلة الأضحى والفطر وليلة النصف من شعبان تنسخ فيها الآجال والأرزاق ويكتب فيها الحج وفي ليلة عرفة إلى الآذان ) اهـ
قوله ( ينسخ الله الخير في أربع ليال نسخا )كذا في نسختي من الديلمي وفي كنز العمال : ( يسح الله عز وجل من الخير في أربع ليال سحا ... الديلمي - عن عائشة ) اهـ
وفي الدر المنثور : ( وأخرج الخطيب عن عائشة : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " يفتح الله الخير في أربع ليال ، ليلة الأضحى والفطر ، وليلة النصف من شعبان ، ينسخ فيها الآجال والأرزاق ويكتب فيها الحاج ، وفي ليلة عرفة إلى الأذان " .) اهـ
7-حديث أبي أمامة بن سهل رضي الله عنه :
في مسند الديلمي 2/196 : ( عن أبي أمامة : خمس ليال لا ترد فيها دعوة أول ليلة من رجب وليلة النصف من شعبان وليلة الجمعة وليلتي العيدين ) اهـ
قال الحافظ في التلخيص الحبير (2/160) : ( وفيه حديث ذكره صاحب مسند الفردوس من طريق إبراهيم بن أبي يحيى , عن أبي معشر , عن أبي أمامة - هو ابن سهل - مرفوعا ) اهـ
قال المناوي في فيض القدير 3/455 : ( ابن عساكر ) في تاريخه ( عن أبي أمامة ) ورواه عنه أيضا الديلمي في الفردوس فما أوهمه صنيع المصنف من كونه لم يخرجه أحد ممن وضع لهم الرموز غير سديد ورواه البيهقي من حديث ابن عمر وكذا ابن ناصر والعسكري , قال ابن حجر : وطرقه كلها معلولة ) اهـ
8- حديث معاذ رضي الله عنه :
في فيض القدير 6/39 : ( من أحيا الليالي الأربع وجبت له الجنة ) وهي ( ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر ) أي ليلة عيد الفطر وليلة عيد النحر ...( ابن عساكر ) في تاريخه ( عن معاذ ) بن جبل
قال ابن حجر في تخريج الأذكار : حديث غريب وعبد الرحيم ابن زيد العمي أحد رواته متروك اهـ
وسبقه ابن الجوزي فقال : حديث لا يصح وعبد الرحيم قال يحيى : كذاب والنسائي : متروك ) اهـ
قال الحافظ في التلخيص الحبير (2/160) :( وذكره صاحب الفردوس من حديث معاذ بن جبل )

ثانيا : الأحاديث في فضل ليلة نصف شعبان :
1-حديث عائشة رضي الله عنها :
في سنن الترمذي : 3/ 116: ( عن عائشة قالت : فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فخرجت فإذا هو بالبقيع فقال أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله قلت يا رسول الله إني ظننت أنك أتيت بعض نسائك
فقال إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب ) اهـ
قال الترمذي بعد روايته : ( وفي الباب عن أبي بكر الصديق وحديث عائشة لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث الحجاج وسمعت محمدا يضعف هذا الحديث وقال يحيى بن أبي كثير لم يسمع من عروة والحجاج بن أرطاة لم يسمع من يحيى بن أبي كثير ) اهـ
ورواه ابن ماجه 1/444 وأحمد 6/238 وابن أبي شيبة 6/108
وفي أسنى المطالب للبيروتي ص 84 : ( قال الدارقطني : إسناده مضطرب غير ثابت )اهـ
لكن للحديث طريق أخرى في فضائل الأوقات للبيهقي ص 128 قال : ( حدثنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو حعفر محمد بن صالح بن هانئ قال حدثنا إبراهيم بن إسحاق الغسيلي قال حدثنا وهب بن بقية قال أخبرنا سعيد بن عبد الكريم الواسطي عن أبي النعمان السعدي عن أبي الرجاء العطاردي عن أنس بن مالك قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزل عائشة رضي الله عنها في حاجة فقلت لها أسرعي فإني تركت رسو الله صلى الله عليه وسلم يحدثهم عن ليلة النصف من شعبان فقالت يا أنيس اجلس حتى أحدثك بحديث ليلة النصف من شعبان وإن تلك الليلة كانت ليلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
قال يا حميراء أما تعلمين أن هذه الليلة ليلة النصف من شعبان إن لله في هذه الليلة عتقاء من النار بقدر شعر غنم كلب قلت يا رسول الله وما بال شعر غنم كلب قال لم يكن في العرب قبيلة قوم أكبر غنما منهم لا أقول ستة نفر مدمن خمر ولا عاق لوالديه ولا مصر على زنا ولا مصارم ولا مصور ولا قتات ) اهـ
2-حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه :
في سنن ابن ماجه 1/444 اه وشعب البيهقي 3/379 ومصنف عبد الرزاق رقم 7923 : ( عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول ألا من مستغفر لي فأغفر له ألا مسترزق فأرزقه ألا مبتلي فأعافيه ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر ) اهـ
قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء 203/1: ( إسناده ضعيف )
وقال البوصيري في مصباح الزجاجة 2/10 : ( هذا إسناد فيه ابن أبي سبرة واسمه أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة قال أحمد وابن معين يضع الحديث )
3-حديث أبي موسى رضي الله عنه :
في سنن ابن ماجه 1/445 : (حدثنا راشد بن سعيد بن راشد الرملي ثنا الوليد عن بن لهيعة عن الضحاك بن أيمن عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقة إلا لمشرك أو مشاحن ) اهـ
4-حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما :
في مسند أحمد 2/176 : ( عن عبد الله بن عمرو ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يطلع الله عز وجل إلى خلقة ليلة النصف من شعبان فيغفر لعباده الا لاثنين مشاحن وقاتل نفس ) اهـ
قال الهيثمي في المجمع 8/126: رواه أحمد وفيه ابن لهيعة، وهو لين الحديث وبقية رجاله وثقوا ) اهـ
وصححه أحمد شاكر في تحقيقه لمسند الإمام أحمد
5-حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه :
في معجم الطبراني الكبير 20/ 189 وحلية أبي نعيم 5/195 : ( عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يطلع الله إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن ) اهـ
وصححه ابن حبان 12/481 قال الهيثمي في المجمع 8/126: رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجالهما ثقات
6-حديث أبي ثعلبة رضي الله عنه :
في معجم الطبراني 22/223 : ( عن أبي ثعلبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يطلع الله على عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر للمؤمنين ويمهل الكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه ) اهـ
قال الهيثمي 8/127 : رواه الطبراني وفيه الأحوص بن حكيم وهو ضعيف
7-مرسل كثير بن مرة رضي الله عنه :
في مسند الحارث 1/ 423: ( عن كثير بن مرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ان ربكم يطلع ليلة النصف من شعبان إلى خلقه فيغفر لهم كلهم الا أن يكون مشركا أو مصارما ) اه
ورواه ابن أبي شيبة 6/108 بلفظ : ( إن الله ينزل ليلة النصف من شعبان فيغفر فيها الذنوب إلا لمشرك او مشاحن ) اه ورواه عبد الرزاق موقوفا 4/316
قال المنذري : رواه البيهقي وقال هذا مرسل جيد ) اه على أن كثير بن مرة قيل عنه إنه صحابي
8-حديث الوضين بن عطاء رضي الله عنه :
في مسند إسحاق 3/981 : ( أخبرنا عبد الرزاق أنا إبراهيم بن عمر الأنباري أنه سمع الوضين بن عطاء يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يطلع ليلة النصف من شعبان فيغفر الذنوب لأهل الأرض إلا لمشرك أو مشاحن وله في تلك الليلة عتقاء عدد شعر مسوك غنم كلب ) اهـ
9-حديث أبي بكر رضي الله عنه :
في مسند البزار 1/157: ( وقد روى مصعب بن أبي ذئب عن القاسم بن محمد عن أبيه أو عمه عن أبي بكر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : : إذا كان ليلة النصف من شعبان ينزل الله تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا فيغفر لعباده إلا ما كان من مشرك أو مشاحن لأخيه ) اهـ
قال البزار بعد روايته : ( هذه الأحاديث التي ذكرت عن محمد بن أبي بكر عن أبيه في بعض أسانيدها ضعف ، وهي عندي والله أعلم مما لم يسمعها محمد بن أبي بكر من أبيه لصغره ، ولكن حدث بها قوم من أهل العلم فذكرنا وبينا العلة فيها ) اه
ورواه المروزي في مسند أبي بكر 1/171 : حدثنا احمد بن علي قال حدثنا احمد بن عيسى المصري قال حدثنا ابن وهب قال اخبرني عمرو بن الحارث ان عبد الملك بن عبد الملك حدثه عن المصعب بن ابي ذئب عن القاسم بن محمد عن ابيه او عن عمه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ينزل الله تبارك وتعالى ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لكل نفس إلا إنسانا في قلبه شحناء أو مشرك بالله عز وجل
وهو في شعب البيهقي 3/380 وفي التوحيد لابن خزيمة برقم 90
وقال الهيثمي في المجمع 8/126 : ( رواه البزار وفيه عبد الملك بن عبد الملك ، ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يضعفه ، وبقية رجاله ثقات )اهـ
وفي العلل المتناهية لابن الجوزي 2/556 : ( هذا حديث لا يصح [ ولا ] يثبت قال ابن حبان : عبد الملك يروي ما لا يتابع عليه ويعقوب بن حميد قال يحيى والنسائي ليس بشيء ) اهـ
10-حديث ابن عباس رضي الله عنه :
في مسند الديلمي 1/149 : ( عن ابن عباس إن الله عز وجل يلحظ إلى الكعبة في كل عام لحظة وذلك في ليلة النصف من شعبان فعند ذلك يحن إليها قلوب المؤمنين ) اهـ
11-حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه :
في فضائل الأوقات للبيهقي 1/124 والشعب 3/383: ( أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل ببغداد قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز قال حدثنا أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل ببغداد قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز قال حدثنا صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان ليلة النصف من شعبان نادى مناد هل من مستغفر فأغفر له هل من سائل فأعطيه فلا يسأل أحد شيئا إلا أعطي لا زانية بفرجها أو مشرك ) اهـ
12 -حديث أنس رضي الله عنه :
في كنز العمال : ( أربع لياليهن كأيامهن وأيامهن كلياليهن يبر الله فيهن القسم ويعتق فيهن النسم ويعطي فيهن الجزيل ليلة القدر وصباحها وليلة عرفة وصباحها وليلة النصف من شعبان وصباحها وليلة الجمعة وصباحها . ( الديلمي - عن أنس ) ) اهـ
13-حديث أبي هريرة رضي الله عنه :
في كشف الأستار 2/435-336 : ( عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان ليلة النصف من شعبان ، يغفر الله لعباده ، إلا لمشرك أو مشاحن ) اهـ
قال الهيثمي 8/126: رواه البزار وفيه هشام بن عبد الرحمن ولم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات.
14-حديث عوف بن مالك رضي الله عنه :
في كشف الأستار 2/436 : ( عن عوف بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يطلع الله تبارك وتعالى على خلقه ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لهم كلهم ، إلا لمشرك ، أو مشاحن )
قال الهيثمي 6/126 : رواه البزار، وفيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وثقه أحمد بن صالح ، وضعفه جمهور الأئمة، وابن لهيعة لين وبقية رجاله ثقات ) اهـ
15-حديث علي آخر :
أخرج البيهقي عن علي قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة النصف من شعبان قام ، فصلى أربع عشرة ركعة ثم جلس بعد الفراغ ، فقرأ بأم القرآن أربع عشرة مرة ، وقل هو الله أحد أربع عشرة مرة ، وقل أعوذ برب الفلق أربع عشرة مرة ، وقل أعوذ برب الناس أربع عشرة مرة ، وآية الكرسي مرة ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم ) الآية فلما فرغ من صلاته سألته عما رأيت من صنيعه ؟
قال : " من صنع مثل الذي رأيت ، كان له ثواب عشرين حجة مبرورة ، وصيام عشرين سنة مقبولة ، فإذا أصبح في ذلك اليوم صائما كان له كصيام سنتين سنة ماضية وسنة مستقبلة "
قال البيهقي : يشبه أن يكون هذا الحديث موضوعا وهو منكر وفي رواته مجهولون ) اهـ
16-حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق في فضل ليلتي العيد
17-حديث كردوس رضي الله عنه السابق في فضل ليلتي العيد
18-حديث عائشة رضي الله عنها السابق في فضل ليلتي العيد
19-حديث أبي أمامة بن سهل رضي الله عنه السابق في فضل ليلتي العيد
20- حديث عائشة رضي الله عنها الآخر الآتي في نسخ الآجال
21- مرسل راشد بن سعد الآتي في نسخ الآجال

فهذه أكثر من عشرين حديثا في فضل ليلة النصف من شعبان , وهذه الأحاديث بعضها حسن وبعضها ضعيف وبعضها موضوع وهي بلا شك تتقوى بمجموعها كما قال ذلك طائفة من أهل العلم قال صاحب تحفة الأحوذي 3/365: ( اعلم أنه قد ورد في فضيلة ليلة النصف من شعبان عدة أحاديث مجموعها يدل على أن لها أصلا فمنها ... فهذه الأحاديث بمجموعها حجة على من زعم أنه لم يثبت في فضيلة ليلة النصف من شعبان شيء والله تعالى أعلم ) اهـ
وقال المناوي في فيض القدير 2/317 : ( قال المجد ابن تيمية : ليلة نصف شعبان روي في فضلها من الأخبار والآثار ما يقتضي أنها مفضلة ومن السلف من خصها بالصلاة فيها وصوم شعبان جاءت فيه أخبار صحيحة ) اهـ
وقال ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم ص 302 : ( ومن هذا الباب ليلة النصف من شعبان فقد روى في فضلها من الأحاديث المرفوعة والآثار ما يقتضي أنها ليلة مفضلة وأن من السلف من كان يخصها بالصلاة فيها وصوم شهر شعبان قد جاءت فيه أحاديث صحيحة ...
لكن الذي عليه كثير من أهل العلم أو أكثرهم من أصحابنا وغيرهم على تفضيلها وعليه يدل نص أحمد لتعدد الأحاديث الواردة فيها وما يصدق ذلك من الآثار السلفية وقد روى بعض فضائلها في المسانيد والسنن وإن كان قد وضع فيها أشياء أخر ) اهـ
وفي السُّنَّة لعبد الله بن الإمام أحمد1 / 273 : ( عن عبَّاد بن العوام قال : قدم علينا شريك فسألناه عن الحديث : إنَّ الله ينزل ليلة النصف من شعبان ، قلنا : إنَّ قوماً ينكرون هذه الأحاديث
قال : فما يقولون ؟ قلنا : يطعنون فيها
قال : إنَّ الذين جاءوا بهذه الأحاديث هم الذين جاءوا بالقرآن ، وبأنَّ الصلوات خمس، وبحج البيت ، وبصوم رمضان ، فما نعرف الله إلا بهذه الأحاديث ) اهـ
وقد صحح الألباني حديث فضل ليلة النصف في السلسلة الصحيحة برقم 1144 وفي صحيح ابن ماجه 1/233 ، وفي تحقيق السُّنَّة لابن أبي عاصم ص 509 وما بعدها . ولو فرض أن في الباب حديثا واحدا ضعيفا لجاز العمل به في فضائل الأعمال وللفقير بحث في العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال وهو فصل في كتاب التمذهب .
من يضعف تلك الأحاديث :
ومع ذلك فمن أهل العلم من لم يصحح أحاديث فضل ليلة النصف من شعبان ولعلهم لم يطلعوا على جميع الطرق والشواهد ففي أسنى المطالب للبيروتي ص 84 : قال ابن دحية : لم يصح في ليلة نصف من شعبان شيء ، ولا نطق بالصلاة فيها ذو صدق من الرواة ، وما أحدثه إلا متلاعب بالشريعة المحمدية ، راغب في زي المجوسية ) اهـ
وفي عمدة القاري 11/208: وكان بين الشيخ تقي الدين بن الصلاح والشيخ عز الدين بن عبد السلام في هذه الصلاة مقاولات فابن الصلاح يزعم أن لها أصلا من السنة وابن عبد السلام ينكره ) اهـ
وقال الطرطوشي في الحوادث والبدع : روى ابن وضاح عن زيد بن أسلم : ما أدركنا أحداً من مشايخنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى النصف من شعبان ولا يلتفتون إلى حديث مكحول ولا يرون لها فضلاً على ما سواها ) اهـ
وفي روح المعاني للألوسي 5 / 111 : ( وفي البحر قال الحافظ أبو بكر بن العربي : لا يصح فيها شيء ولا نسخ الآجال فيها . قال الآلوسي : ولا يخلو من مجازفة والله تعالى أعلم ) اهـ
وقال ابن تيمية اقتضاء الصراط المستقيم 302 : ( ومن العلماء من السلف من أهل المدينة وغيرهم من الخلف من أنكر فضلها وطعن في الأحاديث الواردة فيها كحديث إن الله يغفر فيها لأكثر من عدد شعر غنم بني كلب وقال لا فرق بينها وبين غيرها ) اهـ
وقال بن رجب الحنبلي في لطائف المعارف ص 263: ( وأنكر ذلك أكثر علماء الحجاز منهم عطاء و ابن أبي مليكة و نقله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن فقهاء أهل المدينة و هو قول أصحاب مالك و غيرهم و قالوا : ذلك كله بدعة ) اهـ

المبحث الثالث :
فوائد متممة تتعلق بليلة النصف من شعبان
الفائدة الأولى :
إن قيل : إنه قد جاء في الأحاديث أن الله تعالى ينزل إلى سماء الدنيا في كل ليلة فما ميزة هذه الليلة إذن
فالجواب : هو ما قال العراقي كما في فيض القدير 2/317 : ( قال الزين العراقي : مزية ليلة نصف شعبان مع أن الله تعالى ينزل كل ليلة أنه ذكر مع النزول فيها وصف آخر لم يذكر في نزول كل ليلة وهو قوله فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب وليس ذا في نزول كل ليلة ولأن النزول في كل ليلة مؤقت بشرط الليل أو ثلثه وفيها من الغروب ) اهـ
وفي مواهب الكريم المنَّان في فضل ليلة النصف من شعبان لنجم الدين الغيطي ص 105 : ( ... أبو حاتم الرازي بسنده عن عبد العزيز بن أبي داود !! قال : نظر عطاء إلى جماعة في المسجد الحرام ليلة النصف من شعبان ، فقال : ما هذه الجماعة ؟ ، قالوا : هذا النميري يزعم أنّ الله - عزَّ وجل - ينزل هذه الليلة إلى سماء الدنيا ، فيقول : هل من داع فأستجيب له ؟ هل من سائل فأعطيه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ .
فقال عطاء : زيادة على النّاس هذا في كل ليلة في السنة كلها .
قال الحافظ أبو موسى المديني : وقول عطاء هذا صحيح ، غير أن تخصيص ذكر النزول في هذه الليلة يقتضي تأكيداً ، إمَّا في تكثير الرحمة كما تقدَّم ، أو زيادة زمانه
يعني كما في الحديث المتقدم إنَّ الله ينزل فيها لغروب الشمس )بخلاف بقية الليالي ، فحين يبقى ثلث الليل الآخر ) اهـ

الفائدة الثانية :
ذهب طائفة من أهل العلم إلى أن تحول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة كان في ليلة النصف من شعبان ففي صحيح ابن حبان 4/617 : ( قال أبو حاتم رضي الله عنه : صلى المسلمون إلى بيت المقدس بعد قدوم المصطفى صلى الله عليه وسلم المدينة سبعة عشر شهرا وثلاثة أيام سواء وذلك أن قدومه صلى الله عليه وسلم المدينة كان يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول وأمره الله جل وعلا باستقبال الكعبة يوم الثلاثاء للنصف من شعبان فذلك ما وصفت على صحة ما ذكرت ) اهـ
وفي التمهيد لابن عبد البر 8/55 : ( وقال أبو إسحاق الحربي : ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة في ربيع الأول فصلى إلى بيت المقدس تمام سنة ) إحدى ( عشرة ) وصلى من سنة ثنتين ستة أشهر ثم حولت القبلة في رجب
وقال موسى بن عقبة وإبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن عبدالرحمن بن عبدالله بن كعب بن مالك : أن القبلة صرفت في جمادى
وقال الواقدي :إنما صرفت صلاة الظهر يوم الثلاثاء في النصف من شعبان ) اهـ
والقول بأن القبلة تحولت في نصف شعبان هو : قول محمد بن حبيب وطائفة من السلف وهو الذي رجحه النووي في الروضة وذكر الطبري في تاريخه 180/2 أنَّه قول الجمهور الأعظم

الفائدة الثالثة :
وردت أحاديث وآثار كثيرة في أن ليلة النصف من شعبان تكتب فيها الأعمال والآجال والأرزاق ونحوها ومن تلك الأحاديث :
1-حديث عائشة :
في مسند الديلمي 5/274 : ( عن عائشة : ينسخ الله الخير في أربع ليال نسخا ليلة الأضحى والفطر وليلة النصف من شعبان تنسخ فيها الآجال والأرزاق ويكتب فيها الحج وفي ليلة عرفة إلى الآذان ) اهـ
2-حديث آخر لعائشة :
في فضائل الأوقات للبيهقي 1/126 : ( حدثنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثني أبو صالح خلف بن محمد ببخارى قال حدثنا صالح بن محمد البغدادي الحافظ قال حدثنا محمد بن عباد قال حدثني حاتم بن إسماعيل المدني عن النضر بن كثير عن يحيى بن سعد عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت لما كانت ليلة النصف من شعبان ...
قالت فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قائما وقاعدا حتى أصبح
فقال يا عائشة : هل تدرين ما في هذه الليلة قالت ما فيها يا رسول الله فقال فيها يكتب كل مولود من بني آدم في هذه السنة وفيها أن يكتب كل هالك من بني آدم في هذه السنة وفيها ترفع أعمالهم وفيها تنزل أرزاقهم ) اهـ
3-أثر ابن عباس :
في تفسير البغوي 1/227 : ( روى أبو الضحى عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن الله يقضي الأقضية في ليلة النصف من شعبان، ويسلمها إلى أربابها في ليلة القدر ) اهـ
وهذه له حكم الرفع لأنه لا يقال من قبيل الرأي
4-أثر عكرمة :
في تفسير ابن جرير 11/222 : ( حدثنا الفضل بن الصباح ، والحسن بن عرفة ، قالا : ثنا الحسن بن إسماعيل البجلي ، عن محمد بن سوقة ، عن عكرمة قال : في ليلة النصف من شعبان ، يبرم فيه أمر السنة ، وتنسخ الأحياء من الأموات ، ويكتب الحاج فلا يزاد فيهم أحد ، ولا ينقص منهم أحد .) اه
وذكر السيوطي في الدر المنثور : أنه أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
5-أثر عطاء بن يسار :
ففي مصنف عبد الرزاق 4/317 : ( عبد الرزاق عن بن عيينة عن مسعر عن رجل عن عطاء بن يسار قال تنسخ في النصف من شعبان الآجال حتى أن الرجل ليخرج مسافرا وقد نسخ من الأحياء إلى الأموات ويتزوج وقد نسخ من الأحياء إلى الأموات ) اهـ
وفي الدر المنثور : ( أخرج ابن أبي الدنيا ، عن عطاء بن يسار قال : إذا كان ليلة النصف من شعبان دفع إلى ملك الموت صحيفة ، فيقال اقبض من في هذه الصحيفة ، فإن العبد ليفرش الفراش وينكح الأزواج ويبني البنيان وإن اسمه قد نسخ في الموتى .) اهـ
6-مرسل راشد بن سعد :
في المجالسة للدينوري (303/3) : ( عن راشد بن سعد أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : إنَّ اللهَ تبارك وتعالى يَطَّلِعُ إلى عباده ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لخلقه كلِّهم ؛ إلا المشركَ والمُشَاحِنَ ، وفيها يوحي اللهُ تبارك وتعالى إلى مَلَكِ الموت لقبض كلِّ نَفْسٍ يريدُ قبضَها في تلك السنة ) اهـ
وفي كنز العمال : ( عن عطاء بن يسار قال :إذا كان ليلة النصف من شعبان نسخ الملك من يموت من شعبان إلى شعبان وإن الرجل ليظلم ويتجر وينكح النسوان وقد نسخ اسمه من الأحياء إلى الأموات ما من ليلة بعد ليلة القدر أفضل منها ينزل الله إلى السماء الدنيا فيغفر لكل أحد إلا لمشرك أو مشاحن أو قاطع رحم . ) اه
وهناك أحاديث وآثار كثيرة فيها أن ما سبق ذكره من كتابة الآجال والأرزاق ونحوها يكون في شعبان من غير تحديد بليلة النصف فمنها :
1-حديث عائشة :
في تاريخ ابن عساكر 61/250 : ( أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد الفقيه أنا القاضي أبو منصور محمد بن أحمد ابن علي نا أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ نا محمد بن أحمد بن علي نا أبو عوانة موسى بن يوسف بن موسى القطان نا محمد بن عتبة الكندي نا محمد بن عبيد النخعي نا مهاجر الصايغ عن عطاء بن يسار عن عائشة قالت :لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر أكثر صياما منه في شعبان لأنه ينسخ فيه أرواح الأحياء في الأموات حتى إن الرجل يتزوج وقد رفع اسمه فيمن يموت ) اهـ
وذكر السيوطي في الدر المنثور : أنه أخرجه ابن مردويه وابن عساكر وقال : وأخرج أبو يعلى ، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله ، فسألته ؟ قال :" إن الله يكتب فيه كل نفس مبتة تلك السنة ، فأحب أن يأتيني أجلي وأنا صائم " ) اهـ
وفي الدر المنثور أيضا : ( أخرج الخطيب وابن النجار ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله حتى يصله برمضان ولم يكن يصوم شهرا تاما إلا شعبان ، فقلت يا رسول الله : إن شعبان لمن أحب الشهور إليك أن تصومه ؟
فقال : " نعم يا عائشة إنه ليس نفس تموت في سنة إلا كتب أجلها في شعبان ، فأحب أن يكتب أجلي وأنا في عبادة ربي وعمل صالح "
ولفظ ابن النجار " يا عائشة إنه يكتب فيه ملك الموت ومن يقبض ، فأحب أن لا ينسخ اسمي إلا وأنا صائم " ) اهـ
2-حديث آخر لعائشة :
روى الخطيب في تاريخ بغداد 4 /437: ( عن عائشة رضي الله عنها من حديث طويل ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : ( يَا عائشة ! إنَّه ليس نَفْسٌ تموتُ في سنة إلا كُتِبَ أجلُهَا في شعبان ، وأُحِبُّ أن يُكْتَبَ أجلي وأنا في عبادة ربِّي وعمل صالح ) ورواه أبو يعلى 312/8
3-حديث أبي هريرة :
في فردوس الديلمي برقم2410وتفسير ابن جرير 109/25 وشعب البيهقي 386/3 : ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان ، حتى أن الرجل لينكح ويولد له ، وقد خرج اسمه في الموتى ) اهـ
4-حديث المغيرة بن الأخنس :
في تفسير ابن جرير 11/222 : ( حدثني عبيد بن آدم بن أبي إياس ، قال : ثنا أبي ، قال : ثنا الليث ، عن عقيل بن خالد ، عن ابن شهاب ، عن عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى إن الرجل لينكح ويولد له وقد خرج اسمه في الموتى . ) اهـ
وفي تفسير البغوي 1/227 : ( أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو منصور السمعاني ، حدثنا أبو جعفر الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثني الليث، حدثني عقيل، عن ابن شهاب ، أخبرني عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان، حتى إن الرجل لينكح ويولد له ولقد أخرج اسمه في الموتى )اهـ وذكر السيوطي في الدر المنثور : أنه أخرجه البيهقي في شعب الإيمان
5-أثر عطاء بن يسار :
في مصنف ابن أبي شيبة 2/346 : ( حدثنا يزيد قال أخبرنا المسعودي عن المهاجر أبي الحسن عن عطاء بن يسار قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر أكثر صياما منه في شعبان وذلك أنه تنسخ فيه آجال من يموت في السنة ) اهـ

هذا آخر المطاف والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سدينا محمد وآله وصحبه وأتباعه
عبد الفتاح بن صالح قديش اليافعي
اليمن – صنعاء
ذو الحجة / 1426هـ
بريد إلكتروني : [email protected]
 
من أقوال أهل العلم في إحياء ليلتي العيد والنصف من شعبان

من أقوال أهل العلم في إحياء ليلتي العيد والنصف من شعبان

قال الحافظ ابن رجب : (وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام كخالد بن معدان ومكحول ولقمان بن عامر وغيرهم يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادات ، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها ، وقد قيل إنه بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية ، فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان اختلف الناس في ذلك، فمنهم من قبله ووافقهم على تعظيمها، منهم طائفة من عبّاد أهل البصرة وغيرهم ، وأنكر ذلك أكثر علماء الحجاز منهم عطاء وابن أبي مليكة ونقله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن فقهاء أهل المدينة ، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم ، وقالوا ذلك كله بدعة .
واختلف علماء أهل الشام في صفة إحيائها على قولين :

أحدهما : أنه يستحب إحياؤها جماعة في المساجد ، كان خالد بن معدان ، ولقمان بن عامر ، وغيرهما يلبسون فيها أحسن ثيابهم ويتبخرون ويكتمون ويقومون في المسجد ليلتهم تلك ، ووافقهم إسحاق بن راهويه على ذلك ، وقال في قيامها في المساجد : ليس ذلك ببدعة . نقله عنه حرب الكرماني في مسائله .
والثاني : أنه قول الأوزاعي إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم ، وهذا هو الأقرب إن شاء الله تعالى .ا.هـ ."- يراجع : لطائف المعارف ص (144) "
فالحاصل أن جمهور العلماء اتفقوا على كراهة الاجتماع في المساجد ليلة النصف من شعبان للصلاة والدعاء ، فإحياء ليلة النصف من شعبان في المساجد على سبيل المداومة كل سنة ، أو كل فترة بدعة محدثة في الدين.

وأما صلاة الإنسان فيها لخاصة نفسه في بيته ، أو في جماعة خاصة فللعلماء فيه قولان :

الأول : أن ذلك بدعة وهو قول أكثر علماء الحجاز ومنهم عطاء وابن أبي مليكة، ونقل عن فقهاء أهل المدينة، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم .
الثاني : أنه لا يكره صلاة الإنسان لنفسه في بيته ، أو في جماعة خاصة ،- في ليلة النصف من شعبان - .
وهو قول الأوزاعي ، واختيار الحافظ ابن رجب ، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية .

والذي يترجح عندي – والله أعلم – ما ذهب إليه أصحاب القول الأول – أن ذلك بدعة - .

ويمكن الجواب عن قول أصحاب الثاني – القول بعدم الكراهة – بعدة وجوه منها :

الوجه الأول : أنه ليس هناك دليل على فضل هذه الليلة ، ولم يثبت- حسب اطلاعي المحدود- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أحياها ،ولا عن أحد من أصحابه- رضوان الله عليهم -،ولا عن التابعين- رحمة الله عليهم- عدا من اشتهر عنهم تفضيلها وأحياؤها وهم الثلاثة الذين ذكرهم ابن رجب – ولو فعلوه لاستشهد بفعلهم من فضلها وأحياها ، وإنما هو أمر محدث بعدهم ، فهو أمر مبتدع ، وليس له أصل من الكتاب أو السنة أو الإجماع .

قال أبو شامة : ( وقال الحافظ أبو الخطاب بن دحية – في كتاب ما جاء في شهر شعبان : قال أهل التعديل والتجريح : ليس في فضل ليلة النصف من شعبان حديث صحيح ) .ا.هـ .

وذكر ابن رجب ( أن قيام ليلة النصف من شعبان لم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ، وثبت فيها عن طائفة من التابعين من أعيان فقهاء أهل الشام ) .

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز : ( وقد ورد في فضلها -ليلة النصف من شعبان- أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها، وأما ما ورد في فضل الصلاة فيها فكله موضوع كما نبه على ذلك كثير من أهل العلم) .ا.هـ.

الوجه الثاني : أن الحافظ ابن رجب وهو الذي نقل تفضيل بعض التابعين لهذه الليلة وإحياءهم لها في المساجد ذكر أن مستندهم في ذلك ما بلغهم من آثار إسرائيلية ، ومتى كانت الآثار الإسرائيلية مستنداً ؟!.
وذكر أيضاً أن الناس أخذوا عنهم فضلها وتعظيمها فمتى كان عمل التابعي حجة ؟! .

الوجه الثالث : أن العلماء المعاصرين للقائلين بفضل ليلة النصف من شعبان قد أنكروا عليهم ذلك ، ولو كان للمفضلين دليل لاحتجوا به على المنكرين عليهم ، ولكن لم ينقل عنهم ذلك ، لاسيما وأن من المنكرين عليهم عطاء بن أبي رباح الذي كانت إليه الفتيا في زمانه . والذي قال فيه ابن عمر -رضي الله عنهما - : تجمعون لي المسائل وفيكم ابن أبي رباح .

الوجه الرابع : أن قوله صلى الله عليه وسلم : (( إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لجميع خلقه ، إلا لمشرك أو مشاحن)) .

ليس فيه دليل على تخصيص ليلة النصف من شعبان بفضل من دون الليالي الأخرى، لأنه ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له)) . فاطلاعه سبحانه وتعالى على خلقه ، وغفرانه لهم ، ليس متوقف على ليلة معينة في السنة ، أو ليالي معدودة .

الوجه الخامس : أن من اختار القول بأنه لا يكره صلاة الإنسان فيها لخاصة نفسه ، لم يدعم اختياره بالدليل ، ولو كان هناك دليل لذكره ، ومن أنكر ذلك استدل بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) وعموم الأحاديث والآثار الدالة على النهي عن البدع والتحذير منها .

قال الشيخ ابن باز-رحمه الله-:( وأما ما اختاره الأوزاعي -رحمه الله- من استحباب قيامها للأفراد ، واختيار الحافظ ابن رجب لهذا القول فهو غريب وضعيف،لأن كل شيء لم يثبت بالأدلة الشرعية كونه مشروعاً لم يجز للمسلم أن يحدثه في دين الله، سواء فعله مفرداً أو في جماعة ، وسواء أسره أو أعلنه لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) . وغيره من الأدلة الدالة على إنكار البدع والتحذير منها ) .ا.هـ .

وقال أيضاً بعد أن ذكر جملة من الآيات والأحاديث وكلام أهل العلم حول ما ورد في ليلة النصف من شعبان:

ومما تقدم من الآيات والأحاديث وكلام أهل العلم، يتضح لطالب الحق أن الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلاة أو غيرها، وتخصيص يومها بالصيام بدعة منكرة عند أكثر أهل العلم ، وليس له أصل في الشرع المطهر ، بل هو مما حدث في الإسلام بعد عصر الصحابة – رضي الله عنهم - ، ويكفي طالب الحق في هذا الباب وغيره قول الله عز وجل:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} .وما جاء في معناها من الآيات ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) وما جاء في معناه من الأحاديث ، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( لا تختصموا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تختصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن تكون في صوم يصومه أحدكم )) فلو كان تخصيص شيء من الليالي بشيء من العبادة جائزا ، لكانت ليلة الجمعة أولى من غيرها ، لأن يومها هو خير يوم طلعت عليه الشمس بنص الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فلما حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من تخصيصها بقيام من بين الليالي ، دل ذلك على أن غيرها من الليالي من باب أولى لا يجوز تخصيص شيء منها بشيء من العبادة ، إلا بدليل صحيح يدل على التخصيص ، ولما كانت ليلة القدر وليالي رمضان يشرع قيامها والاجتهاد فيها ، نبه صلى الله عليه وسلم على ذلك وحث الأمة على قيامها ، وفعل ذلك بنفسه ،كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه)) فلو كانت ليلة النصف من شعبان، أو ليلة أول جمعة من رجب، أو ليلة الإسراء والمعراج يشرع تخصيصها باحتفال أو شيء من العبادة لأرشد النبي صلى الله عليه وسلم الأمة ولم يكتموه عنهم ، وهم خير الناس، وأنصح الناس بعد الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- ، ورضي الله عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم-وأرضاهم ، وقد عرفت آنفاً من كلام العلماء أنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه – رضي الله عنهم – شيء في فضل ليلة أول جمعة من رجب ، ولا في فضل ليلة النصف من شعبان ، فعلم أن الاحتفال بهما بدعة محدثة في الإسلام ، وهكذا تخصيصها بشيء من العبادة بدعة منكرة .... ا.هـ .-
والله أعلم – وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبيناً محمد وآله وصحبه أجمعين .

ا
لمرجع :البدع الحولية

إعداد
عبد الله بن عبد العزيز بن أحمد التويجري

هذا الكتاب رسالة علمية تقدم بها المؤلف لنيل درجة الماجستير في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قسم العقيدة ، ومنح صاحبها درجة الماجستير بتقدير ممتاز عام 1406هـ



إحياء ليلتي العيد


حديث كردوس رضي الله عنه :قال ابن الجوزي في العلل المتناهية 2/562 : ( انا أبو بكر محمد بن عبيد الله الزاغوني قال نا طراد أبن محمد قال اخبرنا هلال بن محمد فيما اذن لنا ان نرويه عنه ان علي بن محمد المصري حدثهم قال حدثنا يحيى بن عثمان هو أبن صالح قال [ نا ] يحيى بن بكر قال نا المفضل بن فضالة عن عيسى بن ابراهيم القرشي عن سلمه بن سليمان الجزري عن مروان بن سالم عن أبن كردوس عن ابيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من احيى ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت فيه القلوب
قال المؤلف : هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه آفات أما مروان بن سالم فقال احمد ليس بثقة وقال النسائي والدارقطني والازدي متروك وأما سلمة بن سليمان فقال الازدي هو ضعيف واما عيسى فقال يحيى [ ليس ] بشيء ) اهـ
وقال الحافظ في الإصابة 5/580 : ( كردوس غير منسوب ذكره الحسن بن سفيان وعبدان المروزي وابن شاهين وعلى بن سعيد وغيرهم في الصحابة وأخرجوا من طريق مروان بن سالم عن بن كردوس عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحيا ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب ومروان هذا متروك متهم بالكذب ) اهـ


قال الشيخ الألباني رحمه الله في العمل بالحديث الضعيف في كتابه الثمر المستطاب في فقه السنّة والكتاب:
[والذي أعتقده وأدين الله به أن الحق في هذه المسألة مع العلماء الذين ذهبوا إلى ترك العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال وذلك لأمور :
أولا : أن الحديث الضعيف لا يفيد إلا الظن اتفاقا والعمل بالظن لا يجوز لقوله تعالى : { إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا } [ النجم / 28 ] وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إياكم والظن فإنه أكذب الحديث )
ثانيا : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا باجتناب الرواية عنه إلا ما علمنا صحته عنه فقال : ( اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم ) ومن المعلوم أن رواية الحديث إنما هي وسيلة للعمل بما ثبت فيه فإذا كان عليه الصلاة و ينهانا عن رواية ما لم يثبت عنه فمن باب أولى أن ينهى عن العمل به . وهذا بين واضح
ثالثا : أن فيما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم غنية عما لم يثبت ،...فإن هذا الحديث الصحيح بعمومه يغني عن الحديث الضعيف].
وذكر شروط العمل به وعدم التساهل حتى في فضائل الأعمال
ومن أراد التوسع في هذه المسألة _ العمل بالحديث الضعيف_ فليطلع على كتاب للشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله في كتاب مطبوع له اسمه:((الحديث الضعيف وحكم الاحتجاج به)) وفصل في المسألة .
 
جزاكم الله خيرا
وتبقى المسألة خلافية يسيرة
والجمهور على استحباب الاحياء
 
الشيخ عبد الفتاح اليافعي له منهج غريب جداً بالنسبة إليَّ بحسب ما تيسَّر لي من الوقوف على بعض كتابته في بعض المنتديات ، وبحسب معرفتي ببعض من جلس إليه ، أو بعض من تأثر به ، وبعض من يعرفه قبل أن ينتهج هذا المنهج ، فقد كان من أهل السنة ، وبعد ذهابه إلى قطر لا أدري كيف تغيَّر ، وقد اطلعتُ على مقال لأحد الإخوة بعنوان ( شهادتي على الشيخ عبد الفتاح اليافعي ) للأخ خالد الحدرمي ، وهاك هو :

الحمدُ لله ربِّ العالمين ، والصلاةُ والسلامُ على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه .. وبعد
فقد كثُر الكلامُ بين طلبة العلم وغيرهم عن حقيقة منهج الشيخ عبد الفتاح اليافعي وعقيدته ، بين نافٍ أن يكون صوفيّاً أشعرياً ومثبتٍ لذلك ، حتى آل الأمرُ إلى حدّ التكذيب بين الطرفين ، ويعود السبب في نظري إلى إفراط الشيخ في استخدام التورية ، وامتناعه عن التصريح بحقيقة دعوته ومنهجه بقولٍ فصلٍ يقطع التخرّص والخصومة .

وقد طلب مني بعضُ الإخوان أن أدليَ بشهادتي في تلك المسائل ؛ بحكم علاقتي به ، وموافقتي السابقة له ، فرأيتُ ذلك واجباً عليّ لا يجوز لي الإخلال به ، غير أنّي راسلت الشيخ مخبراً له بواقع الحال ، وطالباً منه أن يقطع هو في المسألة ببيانٍ صريحٍ واضحٍ يوضِّح فيه منهجَه وعقيدتَه . فأجابني بقوله :

بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ / خالد الحدرمي رعاكم الله

السلام عليكم وبعد :
فقل ما ترى أنه يقربك إلى الله لا إلى خلقه
وأرجو أن تنقل الصورة متكاملة من غير زيادة أو نقص أو تبديل وتذكر أنها شهادة ستسأل عنها بين يدي الله ( ستكتب شهادتهم ويسألون )

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد والرشاد

أخوكم /عبد الفتاح اليافعي

فاستعنت اللهَ تعالى في كتابة هذه الشهادة التي لستُ معنيّاً فيها بذكر بما يراه من مآخذ آرائه وأدلتها ، أو الردِّ عليها وإبطالها ، ولا ما قد ذكره في أبحاثه المنشورة في النت ( إلا ما رأيته على خلاف الواقع ) ؛ بل غاية هذه الشهادة : ذكرُ حقيقة أقواله مجرّدة ؛ فصلاً للمهاترات الكلاميّة ، وقطعاً للتخرّص ، وإبراءً للذمة ، ونصحاً للأمة ، فيحيى بعدها من حيّ عن بيّنة ، ويهلك من هلك عن بيّنة .

فأقول والله على ذلك شهيد :

أما الأشعرية ؛ فهو أشعريٌّ يوافق الأشاعرة في أصول العقائد المشهورة ، ولا يخرج فيها عن أحد أقوالهم ، فهو يصحّح القول بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه ، ولا فوق ولا تحت ، ولا يمين ولا شمال ، ويجوِّز تأويلاتهم للصفات ، وإن كان يختار لنفسه التفويض ، ويقول بالكلام النفسي ، وبخلق القرآن الذي بين أيدينا على نحو ما يقرره ويفصّل فيه أكثر الأشاعرة في هذه المسألة ، وينفي الصفات الاختيارية التي يسمونها بحلول الحوادث ، ويوافقهم في مسائل الإيمان ، والتحسين والتقبيح ، والكسب .. وغير ذلك .

وأما الصوفية ؛ فهو صوفيٌّ على طريقة من يراهم ( أهل الاعتدال ) منهم ، وينكر القول بالوحدة ، والحلول والاتحاد ، ويوافق الصوفيةَ في أغلب ما عدا ذلك أو يصحّح لهم ، ويدافع عنهم ؛ خصوصاً في المسائل الفقهية الخلافية ، أو مسائل البدع والمحدثات ، كالتّوسل بالذوات ، أو التّبرك بالصالحين وبقبورهم ، أو الموالد والسماع الصوفي ، أو الأذكار والأوراد الخاصة بهم .. ونحو ذلك .

وأما الاستغاثة بالنبيّ أو الوليّ الميت ودعاؤه ونداؤه والطلب منه على الصفة المعروفة المشهورة بين الصوفية وغيرهم ، والتي عليها مدار كلام العلماء ؛ فهي جائزة عنده ، ولا يكون منها شركاً إلا ما كان ملازماً لاعتقاد أن يكون المدعو إلهاً من دون الله أو شريكاً معه .
وأما الموالد والسماع ؛ فهو يجيز ذلك ويشارك في فعله ومزاولته .

وأما علاقته بعمر بن حفيظ ؛ فتربطه به علاقةُ احترامٍ ومودةٍ وزيارة ، وقد اتخذه شيخاً له في التربية والسلوك على الطريقة المعروفة عند الصوفية بين المريد وشيخه ، ويشاركه زيارة نبي الله هود عليه السلام في حضرموت .

وأما شيخ الإسلام ابن تيمية ؛ فهو يثني عليه في الجملة ، ويترحّم عليه ، ولا يرضى قول غلاة الأشاعرة والمتصوِّفة بتكفيره ، وأما الحكم على عينه بأنه مجسّم ، فله بحثٌ في ذلك ذكر النصوص الدالة على التجسيم في زعمه ، والنصوص الدالة على نقيض ذلك ، ورجّح الأخير من باب حسن الظن به ، وأما مذهبه في الصفات فيلزم منه التجسيم عنده ، ويسمي مذهبه في كثيرٍ من مسائل الصفات بمذهب المجسِّمة ، ولا يراه داخلاً في أهل الحق من أهل السنة والجماعة .

وأما من يسمّيهم بالسلفية أو الوهابية ومن اعتقد عقائدهم في مسائل الصفات ، والتوحيد والشرك ؛ فليسوا جميعاً عنده من أهل السنة والجماعة إلا على المصطلح الذي يقابل الشيعة فقط .

وأما علاقته بجماعة الإخوان المسلمين ؛ فليس هو إخوانياً ، ولا يحب الانتماءَ إليهم ، ولا يرتضي كثيراً من منهجيتهم في الدعوة إلى الله تعالى .

وأما أبحاثه وكتبه ، فقد قرأت معظمها المنشورَ منها وغير المنشور ، وهي في الأكثر الغالب تتعلق بالمسائل الفرعيّة الخلافية بين من يسميهم بالسلفية من جهة ، والصوفية ومقلِّدة المذاهب من جهة أخرى ، وهو يميل في غالبها إن لم يكن جميعها إلى الجهة الثانية ، وينشرها بطريقة الدراسة الفقهية المقارنة .

وأما أبحاثه في العقائد والإلهيات ؛ فقليلة ، وهو – في نظري – قصير الباع فيها يعتمد على جمع الأقوال دون تحريرٍ لأصل المسألة ، ويتلقّف أقوال الأشاعرة في الغالب على جهة التسليم ، مع تقصيرٍ وتفريطٍ في البحث والنظر في كتب مخالفيهم وحججهم وأدلتهم ، ومدى موافقتها لمنهج السلف أو مخالفته ، حتى أن المنصِف المطّلع على كلامه في بعض تلك المسائل العقائدية ؛ ليحكم بعدم تأهّله لاختيار أحد القولين بطريق النظر والاستدلال ، فضلاً عن الدعوة إليه أو اتهام مخالفه والحكم عليه .

وأما المؤسسة والداعمين لها ؛ فهو يعتزم إقامتها ، ولا أعلم أحداً إلى الآن تبنى دعمها ، غير أنه عرض ذلك على علي الجفري، فوعده خيراً .

وأما دعوته للاجتماع والتقريب والاعتدال في الحكم على المخالف ؛ فهو يردِّد ذلك في مجالسه الخاصة والعامة ، وسمعته يكثر الدعاء به ، حتى كان ذلك عندي من أعجب المفارقات مع ما تقدّم من آرائه ونظرته للمخالفين له ، ومنهجيّتة في الدعوة إلى تلك الدعوة .

هذا ما حضرني وقت كتابة هذه الشهادة ، والله أسأل أن يجعلها خالصةً لوجهه الكريم ، وأن يصلح أحوال المسلمين ، ويجمع كلمتهم على الحق والهدى والرشاد الذي كان عليه سلف هذه الأمة وأئمتها .


وصلى الله وسلّم على سيدنا وحبيبنا محمدٍ وعلى آله وصحبه .


وكتبه
خالد علي جابر الحدرمي

منقول من :
المجلس اليمني
http://www.ye1.org/vb/showthread.php?t=185545
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
عودة
أعلى