عبدالكريم عزيز
New member
يقول الله تعالى في سورة البقرة :
[ وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ{101} وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ{102} وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ{103} ]
ذكر في الآيات هاروت وماروت . فما هي حقيقتهما ؟
هنا أهتدي إلى نتيجة واحدة ، ليس تشهيا ولكن اعتمادا على سياق الآيات وما جاء من تفسير خاص بالمأثور :
يقول الطبري في تفسيره : جامع البيان في تفسير القرآن :
[ يعنـي بقوله: { واتّبَعُوا ما تَتْلُوا الشّياطِينُ } الفريق من أحبـار الـيهود وعلـمائها الذين وصفهم الله جل ثناؤه بأنهم نبذوا كتابه الذي أنزله علـى موسى وراء ظهورهم، تـجاهلاً منهم وكفراً بـما هم به عالـمون، كأنهم لا يعلـمون. فأخبر عنهم أنهم رفضوا كتابه الذي يعلـمون أنه منزل من عنده علـى نبـيه صلى الله عليه وسلم، ونقضوا عهده الذي أخذه علـيهم فـي العمل بـما فـيه، وآثروا السحر الذي تَلَتْه الشياطين فـي ملك سلـيـمان بن داود فـاتبعوه وذلك هو الـخسار والضلال الـمبـين. ]
ويقول ابن كثير في تفسيره :
[ قال ابن جرير فتأويل الآية على هذا { وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ } من السحر، وما كفر سليمان، ولا أنزل الله السحر على الملكين، ولكن الشياطين كفروا، يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت، فيكون قوله: ببابل هاروت وماروت من المؤخر الذي معناه المقدم، قال: فإن قال لنا قائل: كيف وجه تقديم ذلك؟ قيل: وجه تقديمه أن يقال: { وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ } من السحر، وما كفر سليمان، وما أنزل الله السحر على الملكين، ولكن الشياطين كفروا، يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت، فيكون معنياً بالملكين جبريل وميكائيل عليهما السلام؛ لأن سحرة اليهود فيما ذكرت كانت تزعم أن الله أنزل السحر على لسان جبريل وميكائيل إلى سليمان بن داود، فأكذبهم الله بذلك، وأخبر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن جبريل وميكائيل لم ينزلا بسحر، وبرأ سليمان عليه السلام مما نحلوه من السحر، وأخبرهم أن السحر من عمل الشياطين، وأنها تعلم الناس ذلك ببابل، وأن الذين يعلمونهم ذلك رجلان: اسم أحدهما هاروت، واسم الآخر ماروت، فيكون هاروت وماروت على هذا التأويل ترجمة عن الناس، ورداً عليهم.]
ويقول الطبري :
[ وإن كان قوله «هاروت وماروت» ترجمة عن الناس الذين فـي قوله: { وَلَكِنَّ الشّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّـمُونَ النّاسَ السِّحْرَ } فقد وجب أن تكون الشياطين هي التـي تعلـم هاروت وماروت السحر، وتكون السحرة إنـما تعلـمت السحر من هاروت وماروت عن تعلـيـم الشياطين إياهما.]
ويقول ابن كثير :
[ { وَمَآ أُنزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ } قال: ما أنزل الله على جبريل وميكائيل السحر، قال ابن أبي حاتم: وأخبرنا الفضل بن شاذان، أخبرنا محمد بن عيسى، أخبرنا يعلى، يعني ابن أسد، أخبرنا بكر، يعني ابن مصعب، أخبرنا الحسن بن أبي جعفر: أن عبد الرحمن بن أبزى كان يقرؤها: { وما أنزل على المَلِكين داود وسليمان } وقال أبو العالية: لم ينزل عليهما السحر . ]
استنتاج :
1- السحر لم ينزل على الملَكين : جبريل وميكائيل ، ولم ينزل على الملِكين داود وسليمان .
2- أصل السحر من الشياطين
3- أول مكان انتشر فيه السحر هو بابل
4- هاروت وماروت رجلان كانا مقيمين ببابل تعلما السحر من الشياطين وعلماه الناس بعد ذلك ، وكانا يحذران الذين يتعلمون السحر على أيديهما ، على أنه عمل يؤثر على عقيدة ممارسه لأنه يؤدي به إلى الكفر .
5- أحبار اليهود بتفضيلهم السحر على الوحي خسروا وضلوا .
والله أعلم وأحكم
[ وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ{101} وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ{102} وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ{103} ]
ذكر في الآيات هاروت وماروت . فما هي حقيقتهما ؟
هنا أهتدي إلى نتيجة واحدة ، ليس تشهيا ولكن اعتمادا على سياق الآيات وما جاء من تفسير خاص بالمأثور :
يقول الطبري في تفسيره : جامع البيان في تفسير القرآن :
[ يعنـي بقوله: { واتّبَعُوا ما تَتْلُوا الشّياطِينُ } الفريق من أحبـار الـيهود وعلـمائها الذين وصفهم الله جل ثناؤه بأنهم نبذوا كتابه الذي أنزله علـى موسى وراء ظهورهم، تـجاهلاً منهم وكفراً بـما هم به عالـمون، كأنهم لا يعلـمون. فأخبر عنهم أنهم رفضوا كتابه الذي يعلـمون أنه منزل من عنده علـى نبـيه صلى الله عليه وسلم، ونقضوا عهده الذي أخذه علـيهم فـي العمل بـما فـيه، وآثروا السحر الذي تَلَتْه الشياطين فـي ملك سلـيـمان بن داود فـاتبعوه وذلك هو الـخسار والضلال الـمبـين. ]
ويقول ابن كثير في تفسيره :
[ قال ابن جرير فتأويل الآية على هذا { وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ } من السحر، وما كفر سليمان، ولا أنزل الله السحر على الملكين، ولكن الشياطين كفروا، يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت، فيكون قوله: ببابل هاروت وماروت من المؤخر الذي معناه المقدم، قال: فإن قال لنا قائل: كيف وجه تقديم ذلك؟ قيل: وجه تقديمه أن يقال: { وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ } من السحر، وما كفر سليمان، وما أنزل الله السحر على الملكين، ولكن الشياطين كفروا، يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت، فيكون معنياً بالملكين جبريل وميكائيل عليهما السلام؛ لأن سحرة اليهود فيما ذكرت كانت تزعم أن الله أنزل السحر على لسان جبريل وميكائيل إلى سليمان بن داود، فأكذبهم الله بذلك، وأخبر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن جبريل وميكائيل لم ينزلا بسحر، وبرأ سليمان عليه السلام مما نحلوه من السحر، وأخبرهم أن السحر من عمل الشياطين، وأنها تعلم الناس ذلك ببابل، وأن الذين يعلمونهم ذلك رجلان: اسم أحدهما هاروت، واسم الآخر ماروت، فيكون هاروت وماروت على هذا التأويل ترجمة عن الناس، ورداً عليهم.]
ويقول الطبري :
[ وإن كان قوله «هاروت وماروت» ترجمة عن الناس الذين فـي قوله: { وَلَكِنَّ الشّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّـمُونَ النّاسَ السِّحْرَ } فقد وجب أن تكون الشياطين هي التـي تعلـم هاروت وماروت السحر، وتكون السحرة إنـما تعلـمت السحر من هاروت وماروت عن تعلـيـم الشياطين إياهما.]
ويقول ابن كثير :
[ { وَمَآ أُنزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ } قال: ما أنزل الله على جبريل وميكائيل السحر، قال ابن أبي حاتم: وأخبرنا الفضل بن شاذان، أخبرنا محمد بن عيسى، أخبرنا يعلى، يعني ابن أسد، أخبرنا بكر، يعني ابن مصعب، أخبرنا الحسن بن أبي جعفر: أن عبد الرحمن بن أبزى كان يقرؤها: { وما أنزل على المَلِكين داود وسليمان } وقال أبو العالية: لم ينزل عليهما السحر . ]
استنتاج :
1- السحر لم ينزل على الملَكين : جبريل وميكائيل ، ولم ينزل على الملِكين داود وسليمان .
2- أصل السحر من الشياطين
3- أول مكان انتشر فيه السحر هو بابل
4- هاروت وماروت رجلان كانا مقيمين ببابل تعلما السحر من الشياطين وعلماه الناس بعد ذلك ، وكانا يحذران الذين يتعلمون السحر على أيديهما ، على أنه عمل يؤثر على عقيدة ممارسه لأنه يؤدي به إلى الكفر .
5- أحبار اليهود بتفضيلهم السحر على الوحي خسروا وضلوا .
والله أعلم وأحكم