أشرف الملاحمي
New member
- إنضم
- 27/02/2009
- المشاركات
- 35
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 6
بسم الله الرحمن الرحيم
حقيقة اليقين
محاولة تأصيلية
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد..... عندما تخط الاقلام وتصرح الألسن وتنشر وسائل الاعلام على اختلافها خبراً اوفكرة عن موضوع معين فأن الناس يتلقون ذلك غالباً بعقلية المصدق وقليلاً منهم من يتلقاه بعقلية المحلل الباحث عن الحقيقة.
وعندما يتعلق الخبر باتجاهٍ يوافق هوى المستمع او القارئ فانه يتردد كثيراً في التحقق من صحته ومصداقيته ، لاعتبارات نفسية وثقافية وعوامل تربوية اسهمت في تنشئته وتكوينه على هذه الصيغة . ومن هنا ننطلق اليوم للتعرف على مفهوم اليقين من مصدره الأساس ، لنرى ان طلب الحقيقة والتماسها والحصول عليها بطرق موثوقة ، كل ذلك من المفاهيم التي نص عليها كتاب الحقيقة واليقين(القرآن الكريم) وقد تدرج القرآن تدرجاً موضوعياً في شرح مراتب اليقين بطريقةٍ مبسطة وبلاغيةٍ على اعلى صور البلاغة والاعجاز في آن واحد ، وذلك عندما تحدث في سور الواقعة والحاقّة والتكاثر عن اليقين والذي هو عكس الظن ، (أنظر الى قوة تصور الخليل ان هجم به الظن على اليقين) وذلك في قصة ابراهيم الخليل عندما بحث عن الحقيقة وارد التخلص من آثارالشك باليقين فقال(... ربي أرني كيف تحيي الموتى...) وقد رتب القرآن مراتب اليقين بطريقةٍ اعجازية تحليلية منطقية ، كانت قد بدأت باليقين وأصله يقن: اليقين :العلم وازاحة الشك وتحقيق الامر وقد أيقن يوقن ايقاناً فهو موقنُ ويقن وييقن يقيناً فهويقينٌ ، واليقين نقيض الشك والعلم نقيض الجهل تقول علمتُهُ يقيناً: وفي التنزيل العزيز(وانه لحق اليقين) (أضاف الحق الى اليقين وليس من اضافة الشيئ الى نفسه لأن الحق هو غير اليقين إنما هو خالصه واصحُهُ فجر مجرى اضافة البعض الى الكل) ونعود الى التدرج الذي تحدثنا عنه في بداية موضوعنا فقد قال تعالى في سورة التكاثر (كلا لوتعلمون علم اليقين) أي لو تعلمون حق العلم لما الهاكم التكاثر عن طلب الاخرة وقيل معنى لو تعلمون علم اليقين اي لوتعلمون اليوم في الدنيا علم اليقين فيما امامكم مما وصفت لترون الجحيم بعيون قلوبكم فان علم اليقين يريك الجحيم وعن عين اليقين في نفس هذه السورة وفي قوله تعالى (ثم لترونّها عين اليقين) هي الرؤية التي هي نفس اليقين فأن علم المشاهدة اعلى مراتب اليقين ، ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم الذي الهاكم والخطاب مخصوص بكل من الهاه دنياه عن دينه وقد قال تعالى في سورة الواقعة(ان هذا لهو حق اليقين) يقول تعالى ذكره ان هذا الذي اخبرتكم به ايها الناس من الخبر عن المقربين واصحاب اليمين وعن المكذبين الضآلين وما اليه صائرة أمورهم (لهو حق اليقين) يقول لهو الحق من الخبر اليقين لاشك فيه ونحو الذي قلنا في ذلك قال اهل التأويل واخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة (رضي الله عنه) في قوله:(ان هذا لهو حق اليقين) قال ان الله عزوجل ليس تاركاً احداً من خلقه حتى يقفه على اليقين من هذا القرآن فأما المؤمن فأيقن في الدنيا فنفعه ذلك يوم القيامة واما الكافر فأيقن يوم القيامة فلاينفعه اليقين وعن قوله تعالى في سورة التكاثر(وانه لحق اليقين) لليقين الذي لاريب فيه ، حيث لايمكن ان يتطرق اليه الشك لامن قريب ولامن بعيد.
لقد علمنا القرآن الكريم بطرحه لمفهوم اليقين وفق هذه الصيغ وعلى هذه المراتب كيف نتثبت من الخبر وكيف نرتب بشكل موضوعي ومنطقي درجات مصداقية مايرد علينا من اخبار ومعلومات على اختلافها ممايدور في حياتنا اليومية ، فبدأ بعلم اليقين وهو الخبر الموثوق ، ثم عين اليقين وهي المشاهدة العيانية للحدث ، ثم حق اليقين وهي ان تعيش الحدث بنفسك وتتلمس مفاصله بشكلٍ مباشر وهذا التقسيم في اصله هو للامام محمد متولي الشعراوي(رحمه الله) وقد خالف البيضاوي في تفسيره لعين اليقين الذي اعتبره الامام البيضاوي اعلى مراتب اليقين بينما ذهب الشعراوي الى ان حق اليقين هو اعلى المراتب واني لاذهب مذهب الامام الشعراوي في ذلك لاعتبارات منها ان الحق يعرف بالمعايشة والملامسة حسياً او معنوياً وان الزيغ قد يقع في الابصار كما يدعي اهل الزيغ والضلالة من اصحاب الناريوم القيامة لو كان إدعاءً لكن وقوعه قائم الإحتمال . قال تعالى (أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ ) ، لكنه لايقع في البصيرة ولا عند الملامسة بعين القلب أو بالملامسة الحسية حيث عندها فقط يزول اي احتمالٍ للشك والزيغ وقد كان مثال الامام الشعراوي في هذا التدرج في النار التي أجمع اكثر اهل التفسير على انها المراد من وعيد الله عزوجل بعذاب الناروالذي كنى عنه باليقين ، فقال (رحمه الله) علم اليقين ان يخبرك من لايُشَك في صدقه ولم يعهد عنه الكذب ان النارتحرق وتؤلم وعين اليقين ان ترى شخصا يمد يده الى النار فتحرقه وتكويه فيتألم فترى ذلك بام عينك وذلك هو عين اليقين ،وحق اليقين ان تضع انت يدك في النار فتكويك وتتالم جراء ذلك ، وذلك هو حق اليقين الذي لايحتمل الشعور به شك ولاتشكيك .
وبعد هذه المقدمة التفصيلية عن اليقين واذا ما أردنا ان نطابق هذا المفهوم على واقع الأمة اليوم وما تعيشه من من احداث ، فأننا سنتمكن قطعا من معرفة بعض الحقائق التي يسعى الكثيرون الى طمسها او التعتيم عليها بما يملكون من وسائل ، و سنتمكن لاشك من التثبت من صحة الكثير من الاخبار التي تردنا الينا يوميا على مافيها من تناقض وعموميات وماهو مفبركٌ منها لاظهار الحقيقة على خلافها وما هو صحيح وموثوق ومنطقي ، و مثالاً على ذلك فعندما نقلب صفحات التاريخ على اختلاف مراحله ومصادره وعلى اختلاف ازمنته وامكنته التي يصف لنا احداثها ، نرى بانه ما من إحتلالٍ على وجه الارض الاوقد واجه مقاومة من نوعٍ ما وعلى درجات متفاوته من الشدة ، من قبل الشعوب التي وقع عليها الإحتلال . ان هذه الحقيقة تمكننا من ان نضع تصوراً أولياً عن اي شخص او جهةٍ تقول بعدم وجود مقاومةٍ في هذا البلد او ذاك نهائياً لانه بذلك يلغي يقيناً من اليقينيات التاريخية التي تقع ضمن دائرة علم اليقين ، ذلك ان التاريخ وكما يذكر لنا اهل الاحترف من المؤرخين لايكذب في جملته . وكذلك يذكر لنا التأريخ انه ما من خائن او عميلٍ او متعاونٍ مع المحتل الاوقد خسر وخاب ولحقه عارُ ما اقترفت يداه في نهاية المطاف مهما احرز من مكاسب مادية في ظل الاحتلال . وكذلك فأنك لاتجد معتدياً الاولعدوانه واحتلاله نهاية وغالباً ماتكون مأساوية له ولمن تبعهُ من الغاوين ، وهذا باختصار من علوم اليقين التاريخية والتي هي موثوقةً باعتبار ماذكر عن مصداقية جملة التأريخ وباعتبار المشاهدات العيانية لابآئنا واجدادنا في الماضي القريب . وعن عين اليقين وماعاصرناه في جيلنا هذا من هزائم نكراء للروس في افغانستان وللاميركان في الصومال وللعدو الصهيوني في بعض اجزاء فلسطين واطرافها والتي من المؤسف انهم لم يتعلموا من دروسها شيئاً ولعل قادم الدروس سيكون ابلغ لهم علهم يتعلمومن منها شياً ، كل ذلك يقع في دائرةِ عين اليقين والمشاهدات التي لايستطيع ان ينكرها عاقل بادنى درجات العقل الانساني . وأما عن حق اليقين فان بامكاننا ان نسال عنه من اكتووا بناره من جنود الإحتلال وقادته الميدانيين الذي تتعالى صرخاتهم يوما بعد آخر عن ظرورة الانسحاب من العراق وافغانستان ومايرووه عن ان الحرب هناك خاسرة ولاطائل من اعطاء المزيد من الخسائر قبل الاضطرارالى (سحب جنودنا من على اسطح المباني في المناطق الخضراء) على حد تعبيرهم وان المعارك هناك لن تحسم عسكرياً ولابدمن حل سياسي ولابد من حوار مع المقاومة (التي انكروا وجودها بادئ الامر) وان خسائر حلف الناتو في افغانستان والامريكان والبريطانيين في العراق اصبحت الناطق الرسمي بأسم هزيمتهم التي لاحت بوادرها في الافق للأحمق قبل العاقل ، وان تقهقر الكيان الصهيوني ومغازلته لرموز العمالة في فلسطين المحتلة ليس الاتعبيراً خجولاً عن حق اليقين الذي لمسوه على يد المقاومة الاسلامية الباسلة على اختلاف عناوينها ورموزها .
وهكذا يمكن للباحث عن الحقيقة ان يصل اليها اذا ما عرف أولاً كيف يميز بين السراب والحقيقة ومن ثم يرتب حقيقة القين على مراتبها الصحيحة ووفق مفهومها القرآني المعجِز ، ان يتوصل الى اليقين على اعلى صوره ومراتبهِ وبأخصر الطرق واسلمها بعيداً عن الضنون والانفعالات والاوهام والعواطف المبالغ بها احياناً والتي تحمل صاحبها على تلقي اشارات خاطئة تبتعد به عن الحقيقة.
كما ان مفهوم اليقين قد ارتبط بالايمان بالله عز وجل ارتباطا لم يدع جراء الاقتصار عليه من قبل الكثير من الدعاة الى الله ، مجالا لاستعماله في ابواب اخرى كالباب الذي اشرنا اليه اليوم ولاشك أن مكمن الترابط قائمٌ ايظاً في ان اليقين بالحقيقة سواءَ كانت حقيقة الايمان او حقيقة الخبر، يريح المتيقن راحة لايشعر بها سواه .
نسال الله تعالى ان يرزقنا الهداية واليقين لايحرمنا بفضله شفاعة سيد المرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم).
وآخردعوانا ان الحمد لله رب العالمين
أشرف الملاحمي – العراق
14- ربيع الأول-1430هـ
الموافق11-3-209م
حقيقة اليقين
محاولة تأصيلية
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد..... عندما تخط الاقلام وتصرح الألسن وتنشر وسائل الاعلام على اختلافها خبراً اوفكرة عن موضوع معين فأن الناس يتلقون ذلك غالباً بعقلية المصدق وقليلاً منهم من يتلقاه بعقلية المحلل الباحث عن الحقيقة.
وعندما يتعلق الخبر باتجاهٍ يوافق هوى المستمع او القارئ فانه يتردد كثيراً في التحقق من صحته ومصداقيته ، لاعتبارات نفسية وثقافية وعوامل تربوية اسهمت في تنشئته وتكوينه على هذه الصيغة . ومن هنا ننطلق اليوم للتعرف على مفهوم اليقين من مصدره الأساس ، لنرى ان طلب الحقيقة والتماسها والحصول عليها بطرق موثوقة ، كل ذلك من المفاهيم التي نص عليها كتاب الحقيقة واليقين(القرآن الكريم) وقد تدرج القرآن تدرجاً موضوعياً في شرح مراتب اليقين بطريقةٍ مبسطة وبلاغيةٍ على اعلى صور البلاغة والاعجاز في آن واحد ، وذلك عندما تحدث في سور الواقعة والحاقّة والتكاثر عن اليقين والذي هو عكس الظن ، (أنظر الى قوة تصور الخليل ان هجم به الظن على اليقين) وذلك في قصة ابراهيم الخليل عندما بحث عن الحقيقة وارد التخلص من آثارالشك باليقين فقال(... ربي أرني كيف تحيي الموتى...) وقد رتب القرآن مراتب اليقين بطريقةٍ اعجازية تحليلية منطقية ، كانت قد بدأت باليقين وأصله يقن: اليقين :العلم وازاحة الشك وتحقيق الامر وقد أيقن يوقن ايقاناً فهو موقنُ ويقن وييقن يقيناً فهويقينٌ ، واليقين نقيض الشك والعلم نقيض الجهل تقول علمتُهُ يقيناً: وفي التنزيل العزيز(وانه لحق اليقين) (أضاف الحق الى اليقين وليس من اضافة الشيئ الى نفسه لأن الحق هو غير اليقين إنما هو خالصه واصحُهُ فجر مجرى اضافة البعض الى الكل) ونعود الى التدرج الذي تحدثنا عنه في بداية موضوعنا فقد قال تعالى في سورة التكاثر (كلا لوتعلمون علم اليقين) أي لو تعلمون حق العلم لما الهاكم التكاثر عن طلب الاخرة وقيل معنى لو تعلمون علم اليقين اي لوتعلمون اليوم في الدنيا علم اليقين فيما امامكم مما وصفت لترون الجحيم بعيون قلوبكم فان علم اليقين يريك الجحيم وعن عين اليقين في نفس هذه السورة وفي قوله تعالى (ثم لترونّها عين اليقين) هي الرؤية التي هي نفس اليقين فأن علم المشاهدة اعلى مراتب اليقين ، ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم الذي الهاكم والخطاب مخصوص بكل من الهاه دنياه عن دينه وقد قال تعالى في سورة الواقعة(ان هذا لهو حق اليقين) يقول تعالى ذكره ان هذا الذي اخبرتكم به ايها الناس من الخبر عن المقربين واصحاب اليمين وعن المكذبين الضآلين وما اليه صائرة أمورهم (لهو حق اليقين) يقول لهو الحق من الخبر اليقين لاشك فيه ونحو الذي قلنا في ذلك قال اهل التأويل واخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة (رضي الله عنه) في قوله:(ان هذا لهو حق اليقين) قال ان الله عزوجل ليس تاركاً احداً من خلقه حتى يقفه على اليقين من هذا القرآن فأما المؤمن فأيقن في الدنيا فنفعه ذلك يوم القيامة واما الكافر فأيقن يوم القيامة فلاينفعه اليقين وعن قوله تعالى في سورة التكاثر(وانه لحق اليقين) لليقين الذي لاريب فيه ، حيث لايمكن ان يتطرق اليه الشك لامن قريب ولامن بعيد.
لقد علمنا القرآن الكريم بطرحه لمفهوم اليقين وفق هذه الصيغ وعلى هذه المراتب كيف نتثبت من الخبر وكيف نرتب بشكل موضوعي ومنطقي درجات مصداقية مايرد علينا من اخبار ومعلومات على اختلافها ممايدور في حياتنا اليومية ، فبدأ بعلم اليقين وهو الخبر الموثوق ، ثم عين اليقين وهي المشاهدة العيانية للحدث ، ثم حق اليقين وهي ان تعيش الحدث بنفسك وتتلمس مفاصله بشكلٍ مباشر وهذا التقسيم في اصله هو للامام محمد متولي الشعراوي(رحمه الله) وقد خالف البيضاوي في تفسيره لعين اليقين الذي اعتبره الامام البيضاوي اعلى مراتب اليقين بينما ذهب الشعراوي الى ان حق اليقين هو اعلى المراتب واني لاذهب مذهب الامام الشعراوي في ذلك لاعتبارات منها ان الحق يعرف بالمعايشة والملامسة حسياً او معنوياً وان الزيغ قد يقع في الابصار كما يدعي اهل الزيغ والضلالة من اصحاب الناريوم القيامة لو كان إدعاءً لكن وقوعه قائم الإحتمال . قال تعالى (أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ ) ، لكنه لايقع في البصيرة ولا عند الملامسة بعين القلب أو بالملامسة الحسية حيث عندها فقط يزول اي احتمالٍ للشك والزيغ وقد كان مثال الامام الشعراوي في هذا التدرج في النار التي أجمع اكثر اهل التفسير على انها المراد من وعيد الله عزوجل بعذاب الناروالذي كنى عنه باليقين ، فقال (رحمه الله) علم اليقين ان يخبرك من لايُشَك في صدقه ولم يعهد عنه الكذب ان النارتحرق وتؤلم وعين اليقين ان ترى شخصا يمد يده الى النار فتحرقه وتكويه فيتألم فترى ذلك بام عينك وذلك هو عين اليقين ،وحق اليقين ان تضع انت يدك في النار فتكويك وتتالم جراء ذلك ، وذلك هو حق اليقين الذي لايحتمل الشعور به شك ولاتشكيك .
وبعد هذه المقدمة التفصيلية عن اليقين واذا ما أردنا ان نطابق هذا المفهوم على واقع الأمة اليوم وما تعيشه من من احداث ، فأننا سنتمكن قطعا من معرفة بعض الحقائق التي يسعى الكثيرون الى طمسها او التعتيم عليها بما يملكون من وسائل ، و سنتمكن لاشك من التثبت من صحة الكثير من الاخبار التي تردنا الينا يوميا على مافيها من تناقض وعموميات وماهو مفبركٌ منها لاظهار الحقيقة على خلافها وما هو صحيح وموثوق ومنطقي ، و مثالاً على ذلك فعندما نقلب صفحات التاريخ على اختلاف مراحله ومصادره وعلى اختلاف ازمنته وامكنته التي يصف لنا احداثها ، نرى بانه ما من إحتلالٍ على وجه الارض الاوقد واجه مقاومة من نوعٍ ما وعلى درجات متفاوته من الشدة ، من قبل الشعوب التي وقع عليها الإحتلال . ان هذه الحقيقة تمكننا من ان نضع تصوراً أولياً عن اي شخص او جهةٍ تقول بعدم وجود مقاومةٍ في هذا البلد او ذاك نهائياً لانه بذلك يلغي يقيناً من اليقينيات التاريخية التي تقع ضمن دائرة علم اليقين ، ذلك ان التاريخ وكما يذكر لنا اهل الاحترف من المؤرخين لايكذب في جملته . وكذلك يذكر لنا التأريخ انه ما من خائن او عميلٍ او متعاونٍ مع المحتل الاوقد خسر وخاب ولحقه عارُ ما اقترفت يداه في نهاية المطاف مهما احرز من مكاسب مادية في ظل الاحتلال . وكذلك فأنك لاتجد معتدياً الاولعدوانه واحتلاله نهاية وغالباً ماتكون مأساوية له ولمن تبعهُ من الغاوين ، وهذا باختصار من علوم اليقين التاريخية والتي هي موثوقةً باعتبار ماذكر عن مصداقية جملة التأريخ وباعتبار المشاهدات العيانية لابآئنا واجدادنا في الماضي القريب . وعن عين اليقين وماعاصرناه في جيلنا هذا من هزائم نكراء للروس في افغانستان وللاميركان في الصومال وللعدو الصهيوني في بعض اجزاء فلسطين واطرافها والتي من المؤسف انهم لم يتعلموا من دروسها شيئاً ولعل قادم الدروس سيكون ابلغ لهم علهم يتعلمومن منها شياً ، كل ذلك يقع في دائرةِ عين اليقين والمشاهدات التي لايستطيع ان ينكرها عاقل بادنى درجات العقل الانساني . وأما عن حق اليقين فان بامكاننا ان نسال عنه من اكتووا بناره من جنود الإحتلال وقادته الميدانيين الذي تتعالى صرخاتهم يوما بعد آخر عن ظرورة الانسحاب من العراق وافغانستان ومايرووه عن ان الحرب هناك خاسرة ولاطائل من اعطاء المزيد من الخسائر قبل الاضطرارالى (سحب جنودنا من على اسطح المباني في المناطق الخضراء) على حد تعبيرهم وان المعارك هناك لن تحسم عسكرياً ولابدمن حل سياسي ولابد من حوار مع المقاومة (التي انكروا وجودها بادئ الامر) وان خسائر حلف الناتو في افغانستان والامريكان والبريطانيين في العراق اصبحت الناطق الرسمي بأسم هزيمتهم التي لاحت بوادرها في الافق للأحمق قبل العاقل ، وان تقهقر الكيان الصهيوني ومغازلته لرموز العمالة في فلسطين المحتلة ليس الاتعبيراً خجولاً عن حق اليقين الذي لمسوه على يد المقاومة الاسلامية الباسلة على اختلاف عناوينها ورموزها .
وهكذا يمكن للباحث عن الحقيقة ان يصل اليها اذا ما عرف أولاً كيف يميز بين السراب والحقيقة ومن ثم يرتب حقيقة القين على مراتبها الصحيحة ووفق مفهومها القرآني المعجِز ، ان يتوصل الى اليقين على اعلى صوره ومراتبهِ وبأخصر الطرق واسلمها بعيداً عن الضنون والانفعالات والاوهام والعواطف المبالغ بها احياناً والتي تحمل صاحبها على تلقي اشارات خاطئة تبتعد به عن الحقيقة.
كما ان مفهوم اليقين قد ارتبط بالايمان بالله عز وجل ارتباطا لم يدع جراء الاقتصار عليه من قبل الكثير من الدعاة الى الله ، مجالا لاستعماله في ابواب اخرى كالباب الذي اشرنا اليه اليوم ولاشك أن مكمن الترابط قائمٌ ايظاً في ان اليقين بالحقيقة سواءَ كانت حقيقة الايمان او حقيقة الخبر، يريح المتيقن راحة لايشعر بها سواه .
نسال الله تعالى ان يرزقنا الهداية واليقين لايحرمنا بفضله شفاعة سيد المرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم).
وآخردعوانا ان الحمد لله رب العالمين
أشرف الملاحمي – العراق
14- ربيع الأول-1430هـ
الموافق11-3-209م