حقيقة الوجود في اليوم الموعود {15}

إنضم
17/08/2004
المشاركات
27
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
(((دعوات لاتستجاب)))
اهل النار لايستجاب لهم ,دعواهم غير مسموعة ,ولا مجيب لدعائهم...! وفي النار حوار بين المعذبين وبين خزنة النار ,وهذا الحوار يصفه القرآن الكريم فيقول الله عزوجل :
((وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب *قالوا اولم تك تاتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين الا في ضلال*)) {المؤمن آية:49-50}
توضح لنا الآية الكريمة ان اهل النار طلبوا من خزنتها ان يخفف الله عنهم يوما من العذاب.
ما هو العذاب المخفف؟
ان اخف عذاب يصفه الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول:((ان اهون اهل النار عذابا يوم القيامة رجل في اخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه)) {رواه البخاري ومسلم واحمد والنسائي عن النعمان بن بشير}
اراد اهل النار هذا النوع من العذاب المخفف يوما واحدا بينما هم لابثين فيها احقابا .
يقول المفسرون عندما اراد اهل النار من الخزنة تخفيف يوم من العذاب بعد الف عام يكون الرد ((أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات))واجاب اهل النار ((قالوا بلى)).قال الخزنة لاهل النار ((فادعوا ))وهم يعلمون ان دعائهم لايستجاب وجاء قوله تعالى:((وما دعاء الكافرين الا في ضلال))
عندما ييأس اهل النار من الخزنة يبقون في النار الى ماشاء الله,ثم يطلبون رئيس الخزنة وهو (مالك) عليه السلام يسالونه بطلب جديد يصفه لنا القرآن الكريم بقول الله عزوجل ((ونادوا يامالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون))
{الزخرف آية:77}
مالك هو رئيس الخزنة.((ونادوا يامالك))ولم يأت اللفظ (وقالوا يامالك)لانهم لايعلمون اين رأسه.وكلمة نادى للبعيد,اما قال فهي للقريب...!
فلما يئسوا مما عند الخزنة نادوا مالكا وهو عليهم .وله مجلس في وسطها أي وسط النار,وهناك جسور تمر عليها ملائكة العذاب فهو يرى اقصاها كما يرى ادناها .
قال الاعمش نبئت ان بين دعائهم وبين اجابة مالك اياهم ..!! ألف عام .. {خرجه الترمذي }
وقال ابن عباس يقولون ذلك فلا يجيبهم الف سنة ثم يقول ((إنكم ماكثون)) {تفسير القرطبي}
اهل النار يطلبون الموت من مالك ((ليقض علينا ربك))فيجيبهم مالك:((إنكم ماكثون))لم يكتف بهذا بل أقام عليهم الحجة كما أقموها الخزنة عليهم:((لقد جئناكم بالحق ولكنَ اكثركمللحق كارهون)) {الزخرف آية:78}
الحجة دائما تقام على العصاة . اهل النار يقول تعالى:(( وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى )) {الزمر آية:71}
وحجة أ’خرى يقول تعالى:((ألم يأتكم نذير*قالوا بلى قد جاءنا نذير*)) {الملك آية:8-9}
لقد طلبوا التخفيف يوما واحدا ولم ’يستجب لهم..وطلبوا الموت ولم ’يستجب لهم ..وتأتي اللقطة الثالثة..ماذا يريدون..؟
يقول تعالى في وصف الحالة الثالثة:((والذين كفروا لهم نار جهنم لا ’يقضى عليهم فيموتوا ولا ’يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور*وهم يصطرخون فيها ربَنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكَر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير)) {فاطر آية:36-37}
هاتان الآيتان جمعتا معاني الآيتين في سورة المؤمن حيث طلب الكفار من الخزنة تخفيف يوم واحد ,كما جمعت معاني الآيتين في سورة الزخرف حيث طلب الكفار الموت من مالك ولم يستجب لطلبهم في الموضعين .لاتخفيف ولاموت,وفي الآيتين من سورة فاطرلايستجاب لهم في الطلب الثالث وهو:((ربنا اخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل)).
وفي هذه الآية طلبوا الخروج من النار ,وفي آية أخرى طلبوا الرجوع الى الدُنيا يقول تعالى :((ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا ياليتنا نردُ ولا نكذِب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين )) {الانعام آية:27}
هنا يتبين طلب اهل النار وتمنياتهم لو يرجعهم الله الى الدنيا فيعملوا صالحا ولايكذِبوا بآيات الله , وذلك عند رؤيتهم النار وقبل دخولهم اليها ,ولحظة سماعهم شهيقها وزفيرها .لكن الجواب لهذا الطلب أن الله لو ارجعهم الى الدنيا فسيعملون ذات العمل السيء ويكذِبوا الرسل ويعملوا المنكرات فقال الله عزوجل ((إنَََََهم لكاذبون ))
وخلاصة القول فإن هؤلاء يطلبون الآتي:
1:طلبوا التخفيف يوما واحدا ولم ’يجب طلبهم .
((وقال الَذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب )) {المؤمن آية:49}
2:طلبوا الموت من شدة العذاب الذي هم فيه فلم ’يجب طلبهم .
((ونادوا يامالك ليقض علينا ربُك قال انكم ماكثون )) {الزخرف آية:77}
3:طلبوا الرجوع الى الدنيا ليعملوا صالحا ولا ’يكذِبوا ولم ’يجب طلبهم.
((وهم يصطرخون فيها ربنا اخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير)) {فاطر آية:37}
وبعد هذه المطالب الثلاثة يأتي الجواب مخيِبا أمنياتهم فيقول العليم الحكيم:((بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردُوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون)) {الانعام آية 28}
كانت الحياة الدنيا كافية لهؤلاء :((أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر))اي الم نمدكم بأعمار؟ ولكنكم أعرضتم ولم تتفكروا خلال العمر وتسألوا أنفسكم ما هذه الكتب المقدَسة ؟
ومن هم هؤلاء الانبياء والمرسلون ؟
الم تتفكروا بمن خلقكم ؟
الم تسالوا انفسكم من خلق السماوات والارض وما بينهما ؟
ويقيم الله تعالى الحجة عليهم دائما فيقول:((وجاءكم النذير)) وهذه الحجة تاتي دائما لتكبت الكفار وتخرسهم فلا يستطيعون جوابا ..تبا لهم ..فالذي يعرض عن ذكر الله وعن المنهج الذي انزله على رسله وخاصَة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم إن الذي يعرض عن هذا ولم يتدبر بما انزل الله ولم يتفكر بمخلوقاته فهو اضل من الانعام .
((أرأيت من اتخذ الهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا*أم تحسب أن أكثرهم يسمعون او يعقلون إن هم إلا كالانعام بل أضل سبيلا*)) {الفرقان آية:43-44}
هؤلاء الشرذمة الكافرة تراها يوم القيامة في وضع لايحسد عليه :((ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا*ياويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا*لقد اضلَني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للانسان خذولا*)) {الفرقان آية:27-29}
نعود مرة ثانية الى الآيات من سورة فاطر لنرى معاني الالفاظ الرَائعة :((وهم يصطرخون فيها ))لم يقل الله عزوجل (يصرخون فيها)وسبب ذلك أن الصراخ مؤقت وهو ما يصدر نتيجة لشيء مخيف او مرعب . أما الاصطراخ فانه صراخ مستمر وبدون انقطاع مع الالم الفظيع المميت , وقد جاء الوصف الالهي هذا معبرا عن الحالة الفظيعة التي سيكونون عليها ((وهم يصطرخون فيها ))أي في جهنم ((فما أصبرهم على النار)) {البقرة آية:175}
روى البيهقي عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه أنه قال:لاهل النار خمس دعوات يجيبهم الله تعالى في اربعة منها فإذا كان في الخامسة لم يتكلموا بعدها أبدا :
((قالوا ربنا امتنا اثنتين واحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل الى خروج من سبيل ))
{المؤمن آية:11}
فيجيبهم الله عزوجل :((ذلكم بانه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير))
{المؤمن آية:12}
ثم يقولون :((ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون )) {السجدة آية:12}
فيجيبهم الله تعالى :((فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون))
{السجدة آية:14}
ثم يقولون :((ربنا اخرنا الى اجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل )) {ابراهيم آية:44}
فيجيبهم الله تعالى :((أولم تكونوا اقسمتم من قبل ما لكم من زوال )) {ابراهيم آية 44}
ثم يقولون :((ربنا اخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل )) {فاطر آية:37}
فيجيبهم الله تعالى :((أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظلمين من نصير ))
{فاطر آية:37}
ثم يقولون :((قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالِين * ربنا اخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون))
{المؤمنون آية:106-107}
فيجيبهم الله تعالى:((إخسؤوا فيها ولا تكلمون)) {المؤمنون آية:108}
فلا يتكلمون بعدها ابدا .. للانسان الضال دعوات في اوضاع مختلفة ورهيبة لا’يستجاب لها .
اولاها:عند الموت .ماذا يريد الضال عند الموت؟
يقول الله عزوجل :((حتَى إذا جاء أحدهم الموت قال ربِ ارجعونِ*لعلِي اعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون *)) {المؤمنون آية:99-100}
اراد هذا الضال عند الموت الرجوع الى الحياة الدنيا حتى يعمل صالحا لانه كان ضالا وظالما ولكن الجواب يأتي بالنفي ((كلا إنها كلمة هو قائلها )) ولا ينفع الندم ,وصورة اخرى وطلب اخر عند الموت يقول الله تعالى محذرا ((وانفقوا من ما رزقناكم من قبل ان يأتي أحدكم الموت فيقول ربِ لولا أخرتني الى أجل قريب فأصَدَق وأكن من الصَالحين *ولن يؤخِر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون )) {المنافقون آية:10-11}
الرفض مستمر بعدم الرجوع ,ويوم القيامة ربنا تعالى يجمع البشر في ساحة العرض ,والظالمين يرون جهنم تسعر لها شهيق وزفير ((وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي ))
{الشورى آية:45}
وهم يتمنون امنية الرجوع الى الدنيا حتى يعملوا صالحا ولا ينفع الطلب .يقول الله تعالى :((ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا ابصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ))
{السجدة آية:12}
في هذا الوضع وقبل دخولهم النار يقولون وهم في ذلة وخنوع ((ربنا ابصرنا ))اي أبصرنا الحق الذي كنا نكذب به ونصد الناس عنه ((وسمعنا ))اي سمعنا قول الحق الذي كنا نصم آذاننا عنه .
والطلب مستمر وهو الرجوع الى الدنيا ليعملوا صالحا ,ولكن هيهات لا رجوع الى دار الامتحان بعد الخروج منه ,
ولقطة اخرى في كتاب الله ((ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا ياليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين )) {الانعام آية:37}
الظالمون كانوا يكذبون بآيات الله وهم يعترفون بهذا ,وطلبوا الرجوع الى الدنيا ليعيدوا الامتحان ,والردُ يأتي بالرفض والتقريع ليجيبهم بهذه الآية يقول تعالى :((بل بدا لهم ماكانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون )) {الانعام آية:37} لقد جاءهم الردُ وأذهلهم وثبطهم لان الله عليم لو أرجعهم لعملوا نفس العمل ولكذَبوا بآيات الله ولضلُوا وأضلُوا , وإنهم لكاذبون ,
وآية اخرى تصف الظالمين وطلبهم الرجوع .يقول تعالى:((هل ينظرون الا تأويله يوم ياتي تاويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا او نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ماكانوا يفترون )) {الاعراف آية53}
اعترف الضالون بأحقية الرسل والايمان بالكتب ,فهل ينفع هذا ؟واعترافهم بأنهم كانوا مجرمين فلا شفيع يشفع لهم ولا رجوع الى قاعة الامتحان مرة اخرى ,إنهم (خسروا أنفسهم)ياللخسارة ,وعند دخولهم النار يتكرر الطلب للخروج من النار حتى يعملوا صالحا وهم لايعلمون أن الامتحان إنتهى ولم تبق سوى النتائج ,والنتائج لاتغيير فيها ولاتبديل .
يقول الله تعالى :((والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور*وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل )){فاطر آية:36-37}
هكذا الحال لاهل النار ,لاتخفيف ولاموت ولاخروج منها ولامجيب , آية أخرى تصف حالة أخرى لاهل النار يقول تعالى:((فكبكبوا فيها هم والغاوون*وجنود إبليس أجمعون*قالوا وهم فيها يختصمون* تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسوِيكم بربِ العالمين * وما أضلَنا إلا المجرمون *فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم*فلو أن لنا كرَة فنكون من المؤمنين* )) {الشعراء آية:93-102}
يختصمون في النار ويعترفون بأنهم ضالون ((فما تنفعهم شفاعة الشافعين )) ولا صديق حميم لان ((الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتَقين ))
لقد ارادوا الرجوع الى الدنيا وإعادة الامتحان ولكن هيهات للرجوع ...........................
___________________________________________________
يتبع ((( قرناء السوء)))
 
حقيقة الوجود في اليوم الموعود {16}

حقيقة الوجود في اليوم الموعود {16}

(((قرناء السوء)))
لقد حذر الله عزوجل الانسان من العصيان وأمره بالطاعة وحذره من الشيطان فقال تعالى ((إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا )) {فاطر آية:6}
ولقد بين الله تعالى في القرآن الكريم أن الناس صنفان ,منهم من عبد الله وأطاعه وعصى الشيطان ,ومنهم من عصى الرحمن وأطاع الشيطان ,وقد وصف القرآن هذين الصنفين من الناس فقال عزوجل:((وعندهم قاصرات الطرف عين * كأنَهنَ بيض مكنون * فأقبل بعضهم على بعض يتسائلون * قال قائل منهم إني كان لي قرين * يقول أإنَك لمن المصدِقين * أئذا متنا وكنَا ترابا وعظاما أئنَا لمدينون * قال هل انتم مطَلعون * فاطَلع فرآه في سوآء الجحيم * قال تالله إن كدتَ لتردين * ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين* أفما نحن بميتين *إلا موتتنا الاولى وما نحن بمعذَبين * إنَ هذا لهو الفوز العظيم * لمثل هذا فليعمل العاملون *))
{الصَآفَات آية:48-61}
الله تبارك وتعالى يعطينا دروسا ويبين لنا صورة كاملة عن يوم القيامة , وعن المؤمن الذي اراد قرين السوء في الحياة الدنيا أن يضلَه ويشككه بيوم الحساب ,
ذكر القرطبي في تفسيره رحمه الله : أراد بالقرين قرينه من الشياطين كان يوسوس إليه بإنكار يوم البعث والحساب ...
((فأقبل بعضهم على بعض يتسائلون )) أي جالسين على الأرائك يسأل أحدهم الآخر عن حياته التي عاشها في الدنيا , وما لقي فيها , قال أحدهم يصف الوساوس التي كانت تأتيه من القرين .((قال قائل منهم إني كان لي قرين))
والقرين له معنى آخر هو الصديق من الأنس كان ضآلَا ((يقول أئنك لمن المصدِقين *أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون * ))القرين يقول للمؤمن : أتصدِق بأنا بعد موتنا وبعد أن تصبح أجسادنا ترابا وعظاما سنحيا ونحاسب ؟؟؟ يأتي الردُ من الله تعالى ((قال هل أنتم مطَلعون * فاطَلع فرآه في سوآء الجحيم *))
الله أكبر...يارب كيف رآه وهو مع المليارات من الناس ؟؟؟
يقول القرطبي في تفسيره ,,,(قال) الله لاهل الجنة ((هل أنتم مطَلعون ))وقيل هو من قول المؤمن لإخوانه في الجنَة هل انتم مطلعون الى النار لننظر كيف حال ذلك القرين . تفسير القرطبي ..
وقال ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى ((هل انتم مطلعون * فاطَلع فرآه في )) إن في الجنة كوى ينظر أهلها منها إلى النار وأهلها .تفسير القرطبي ..
فلكل مؤمن قرين من الجن ,فيخاطب الله اصحاب الجنة جميعا بقوله تعالى :((هل أنتم مطَلعون )) أي هل تريدون أن يرى كلُ منكم قرينه ,والخطاب هنا بصيغة الجمع (هل أنتم ) والجواب جآء بصيغة المفرد ,إذ قام كل مؤمن ينظر إلى قرينه ليراه في سوآء الجحيم ((فاطَلع فرآه في سوآء الجحيم ))الخطاب لكل أهل الجنة , أما الرؤية فتكون إنفراديَة ...كل ينظر بعينيه ليرى قرينه في الجحيم .
قلنا إن النار فيها مليارات من البشر . فكيف يرى المؤمن ذلك القرين من بين تلك المليارات ؟؟
وجواب هذا إن الله أعطى للمؤمنين في الجنة إمتيازات فقال تعالى ((ولكم فيها ما تدَعون )) {فصِلت آية:31}
أي أعطيكم في الجنة كل ما تريدون لأني راض عنكم . فعندما يريد المؤمن في الجنة أن يرى أحدا من أهل النار فإن الله يخرجه من بين اهل النار ليراه ذلك المؤمن ويكلمه بما يريد .
وبدأ المؤمن الذي في الجنة يخاطب القرين بما كان يعتقد هذا القرين من الباطل وبما كان يوسوس له :
((قال تالله إن كدت لتردين * ولولا نعمة ربِي لكنت من المحضرين *))لقد أقسم يمينا (تالله) لو أطاع قرينه لكان من المحضرين أي في النار . ولولا نعمة الإيمان والإسلام مع معرفة الوساوس الشيطانية والإحتراز منها ومعرفتها لكان هذا المؤمن في النار مع القرين . وأخذ يناقشه بما كان يوسوس له هذا القرين قال:
((أفما نحن بميِتبن إلَا موتتنا الاولى وما نحن بمعذَبين ))هذا المؤمن ردَ الوسوسة ولم يأخذ بها وأخذ يناقش القرين الذي كان ينكر يوم القيامة والعذاب والحساب ...
هذا هو موقف المؤمن من كل الوساوس يتصدَى لها وينكرها وعندها فإنَ الله تبارك وتعالى يؤيد عبده المؤمن بعمله هذا باعتقاده الصحيح وتصدِيه للوساوس , وإن هذا هو الفوز العظيم كما يحث المؤمنين على هذا الاعتقاد والعمل الصالح . يقول تعالى:((إنَ هذا لهو الفوز العظيم *لمثل هذا فليعمل العاملون *))هنا المؤمن سلك الطريق الصحيح ..
وفي كتاب الله عزوجل لقطة بعكس هذا الوضع . إنسان أطاع القرين ونفَذ أوامر الشيطان ((وقال قرينه هذا ما لديَ عتيد * ألقيل في جهنم كل كفَار عنيد * منَاع للخير معتد مريب * الذي جعل مع الله الها آخر فألقياه في العذاب الشديد * قال قرينه ربَنا ما أطغيته ولكن كان قي ضلال بعيد * قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد * ما يبدَل القول لديَ وما أنا بظلَام للعبيد * )) {ق آية: 23-29}
(وقال قرينه ) هو الشيطان قُيِض له في قوله تعالى ((ومن يعش عن ذكر الرَحمن نقيِض له شيطانا فهو له قرين )) {الزخرف آية: 36}
((هذا ما لديَ عتيد )) هذا شيء لديَ وفي ملكتي عتيد لجهنم ,
والمعنى : أنَ ملكا يسوقه وآخر يشهد عليه وشيطانا مقرونا به يقول : قد أعتدته لجهنم وهيَأته لها بإغوائي وإضلالي ... تفسير الزمخشري
((ألقيا في جهنم كل كفَار عنيد ))أمر الملائكة أن يلقوا في النار كل كفَار معاند للحق متكبر.
((منَاع للخير معتد مريب )) منَاع للزكاة وعمل الخير . معتد أي ظالم متكبر مريب الذي لايؤمن بالله ومريب يرتاب في وجود الخالق شاكٌ وجاحد ,ودليل جحوده وكفره ((الَذي جعل مع الله الها آخر فألقياه في العذاب الشديد ))أشرك بالله وكفر . فجاء أمر الله للملائكة ألقياه في جهنم حتى يذوق العذاب الشديد هو وقرينه أي الشيطان . والذي أطاع الشيطان ونفَذ أوامره وطبَقها عمليا , وجاء القرين يعترض ولا ينفع اعتراضه ((قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد )) ..
أراد القرين أي الشيطان أن يخلِص نفسه بهذا الاعتذار وقال أنا ما أطغيته , ويأتي الردُ الحاسم من الله العليم :إخرس أيُها الرَجيم فأنت المخطط وهو المنفذ ((قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد )). إن الله عزوجل يقيم يوم القيامة محكمة العدل الالهيَة . فالاحكام قطعية ثبوتية لاظلم فيها . فلا محام ولا محكمة تمييز لان الاحكام لم تصدر إلا بعد الأدلَة الثبوتية . وقد نبَه الله تعالى بني آدم بعدم طاعة الشيطان فقال: (( إنَ الشيطان للإنسان عدوٌ مبين )) {يوسف آية: 5}
وقال تعالى :((يآأيُها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان )) {النور آية:21}
وقال تعالى :((إنَ الشيطان لكم عدوٌ فاتَخذوه عدوَا )) {فاطر آية:6}
هكذا جاءت الآيات القرآنية متظافرة تنبه الانسان من وساوس الشيطان وألاعيبه , وأمر المؤمنين أن يتخذوا الشيطان عدوَا .ولهذا لم يقبل الخالق العظيم إعتذار القرين عندما قال ماأطغيته فأجابه الله تعالى بقوله ((لاتختصموا لدي وقد قدمت اليكم بالوعيد ))لا عذر لاهل الباطل , ويوم القيامة يتبرأ الشيطان من أتباعه الذين اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ثم يلوم اتباعه :
((وقال الشيطان لما قضي الامر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فاخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان الا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيَ إني كفرت بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب اليم )) {إبراهيم آية:22}
هكذا يتبرأ الشيطان يوم القيامة من أتباعه لأنهم أشركوا بالله ولم يقل كلمة حق إلا في هذه الآية عندما قضي الأمر ..ويستمر الحكم الالهي :((ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد )) فما قاله الله تعالى وما وعد به لا يخلفه أبدا . ((وعدا علينا إنا كنَا فاعلين )) {الأنبياء آية:104}
____________________________________________________
يتبع (((الاعيب الشيطان ))) {17}
 
عودة
أعلى