حفظ القرآن والامامة

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع موراني
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

موراني

New member
إنضم
10/05/2004
المشاركات
1,236
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
ألمانيا
ورد في كتاب (الواضحة) لعبد الملك بن حبيب الأندلسي , الذي لم يزل في مرحلة الاخراج فسيطبع قريبا ,والذي يحتوي على ما وجدنا من كتب الصلاة وكتب الحج منه ,
ورد في الواضحة الحديث المشهور بالاسناد التالي :
وحدثني الأويسي عن اسماعيل بن عياش عن أبان عن أنس بن مالك أن رسول الله (ص) قال :
يؤمكم أقرؤكم , فان كانوا سواء فأفقهكم فان كانوا سواء فأقدمكم هجرة فان كانوا سواء فأقدمكم سنا .

هذا , ويتبين من خلال ألفاظ الحديث أن النبي قد خاطب أصحابه ولم يخاطب عامة الناس الذين من بعدهم بتوصية بهذا الحديث , بل تركز على المعاصرين له في أيامه ( وهذا قوله : فأقدمكم هجرة )
من المعلوم أن الحديث قد روي في عدة وجوه في الصحاح والسنن والمسندات فلا حاجة لنا للاشارة الى مواضعه في هذا المكان .

ما أريد أن أبرز في هذه السطور هو تعليق عبد الملك بن حبيب على هذا الحديث, كما يلي نصا :

قال عبد الملك : وانما قال رسول الله (ص) : يؤمكم أقرؤكم , لأن الحال كانت منهم كلهم صالحة , وكانوا أهل علم ومعرفة بدينهم , وكان حفظ من حفظ منهم القرآن زيادة زيادة منه في العمل على أصحابه . ثم انّ الناس ليس سواء في حفظ القرآن وبسمع العلم والعمل , فأولاهم اليوم بالامامة أحسنهم حالا في نفسه وأفضلهم معرفة بدينه .

لقد نظرت في كتب القدماء وبحثت عن تعاليقهم على هذا الحديث فلم أجد أحدا بلغ بتعليقه ما بلغه ابن حبيب في الواضحة من الدقة في توسيع معنى الحديث وفي تطبيقه في عصره , حتى ما جاء عند القاضي عياض في اكمال المعلم بفوائد مسلم ( ج 1 , ص 659 وما بعدها) لم يبلغ مبلغ ابن حبيب في تعليقه الذي يرجع الى النصف الأول من القرن الثالث الهجري .

تقديرا

موراني
 
شكراً لك على هذه العناية بكتب التراث الإسلامي ، ولا سيما مثل هذه الكتب المتقدمة . وأفهم من هذا أنكم تقومون بتحقيق هذا الكتاب ، وسيخرج قريباً إن شاء الله بتحقيقكم ؟
هناك مسألةلا أظنها تغيب عنكم بخصوص كتابة (ص) بعد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم . أتوقع أنكم تكتبون هذا في الملتقى فقط رغبة في الاختصار -وإن كنت لا أحبذ ذلك -، وأما في الكتاب المطبوع فتكتبونها كاملة كما هو المعروف والمشروع عند العلماء كما ذكر ذلك النووي رحمه الله وغيره .
فمثلاً قول عبدالملك :(قال عبد الملك : وانما قال رسول الله (ص) : يؤمكم أقرؤكم ...) . أظنها لديكم هكذا (قال عبد الملك : وانما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يؤمكم أقرؤكم ..) أو نحو ذلك .
وقد ذكر النووي أن المشروع كتابتها ولو لم تكن في الأصل المنقول عنه أو المحقق حالياً ، لأنها من باب الدعاء. وقد ذكر ذلك في مقدمة شرحه لصحيح مسلم فقال :(يستحب لكاتب الحديث إذا مر بذكر الله عز وجل أن يكتب (عز وجل) أو (تعالى) أو (سبحانه وتعالى) أو (تبارك وتعالى) أو (جل ذكره) أو (تبارك اسمه) أو (جلت عظمته) أو ما أشبه ذلك.
وكذلك يكتب عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم :(صلى الله عليه وسلم) بكمالهما ، لا رامزاً إليهما ، ولا مقتصراً على أحدهما.... ويَكتبُ كلَّ هذا وإن لم يكن مكتوباً في الأصل الذي ينقل منه ، فإن هذا ليس رواية وإنما هو دعاء). شرح مسلم 1/39

وأما قولكم :(هذا , ويتبين من خلال ألفاظ الحديث أن النبي قد خاطب أصحابه ولم يخاطب عامة الناس الذين من بعدهم بتوصية بهذا الحديث , بل تركز على المعاصرين له في أيامه ( وهذا قوله : فأقدمكم هجرة )أهـ.
فكما تعلم أن القاعدة الأصولية :(العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) قاعدة معتبرة ، ولذلك ستجد شراح الحديث قد ذهبوا إلى أن هذا الخطاب من النبي صلى الله عليه وسلم يشمل المهاجرين في عهده وبعده إلى اليوم ، ومن ذلك قول صاحب عون المعبود في شرح الحديث :( فليؤمهم أقدمهم هجرة ) ‏هذا شامل لمن تقدم هجرة سواء كان في زمنه صلى الله عليه وسلم أو بعده كمن يهاجر من دار الكفر إلى دار الإسلام . وأما حديث " لا هجرة بعد الفتح " فالمراد به الهجرة من مكة إلى المدينة ، أو لا هجرة بعد الفتح فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح وهذا لا بد منه للجمع بين الأحاديث ).
وقال الإمام الخطابي كلام جيد حول هذا الحديث ، يقول :
( وذلك أنه صلى الله عليه وآله وسلم جعل مِلاك أمر الإمامة القراءة ، وجعلها مقدمة على سائر الخصال المذكورة معها. والمعنى في ذلك أنهم كانوا قوماً أميين لا يقرءون ، فمن تعلم منهم شيئا من القرآن ، كان أحق بالإمامة ممن لم يتعلمه ؛ لأنه لا صلاة إلا بقراءة إذ كانت القراءة من ضرورة الصلاة ، وكانت ركناً من أركانها صارت مقدمة في الترتيب على الأشياء الخارجة عنها ، ثم تلا القراءة بالسنة وهي الفقه ومعرفة أحكام الصلاة وما سنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيها وبينه من أمرها ، وأن الإمام إذا كان جاهلا بأحكام الصلاة ربما يعرض فيها من سهو ويقع من زيادة ونقصان أفسدها وأخدجها ، فكان العالم بها الفقيه فيها مقدماً على من لم يجمع علمها ولم يعرف أحكامها .
ومعرفة السنة وإن كانت مؤخرة في الذكر وكان القراءة مبتدأة بذكرها فإن الفقيه العالم بالسنة إذا كان يقرأ من القرآن ما تجوز به الصلاة أحق بالإمامة من الماهر بالقراءة إذا كان مختلفاً عن درجته في علم الفقه ومعرفته السنة.
وإنما قدم القارئ في الذكر لأن عامة الصحابة إذا اعتبرت أحوالهم وجدت أقرأهم أفقههم به.
وقال ابن مسعود : كان أحدنا إذا حفظ سورة من القرآن لم يخرج عنها إلى غيرها حتى يحكم علمها ويعرف حلالها وحرامها أو كما قال.
فأما غيرهم ممن تأخر بهم الزمان فإن أكثرهم يقرءون ولا يفقهون فقراؤهم كثير والفقهاء منهم قليل.
وأما قوله عليه السلام :(فإن استووا في السنة فأقدمهم هجرة) فإن الهجرة قد انقطعت اليوم -هذا رأي الخطابي - ، إلا أن فضيلتها موروثة ، فمن كان من أولاد المهاجرين أو كان في آبائه وأسلافه من له قدم في الإسلام أو سابقة فيه أو كان آباؤه أقدم إسلاما فهو مقدم على من لم يكن لآبائه سابقة أو كانوا ممن بنى العهد بالإسلام ، فإذا كانوا متساوين في هذه الحالات الثلاثة فأكبرهم سناً مقدم على من هو أصغر سنا لفضيلة السن ، ولأنه إذا تقدم أصحابه في السن فقد تقدمهم في الإسلام فصار بمنزلة من تقدمت هجرته.
وعلى هذا الترتيب توجد أقاويل أكثر العلماء في هذا الباب :
قال عطاء بن أبي رباح : يؤمهم أفقههم ، فإن كانوا في الفقه سواء فأقرؤهم ، فإن كانوا في الفقه والقراءة سواء فأسنهم .
وقال مالك : يتقدم القوم أعلمهم ، فقيل له : أقرؤهم ؟ فقال : قد يقرأ من لا يُرضى.
وقال الأوزاعي : يؤمهم أفقههم .
وقال الشافعي . إذا لم تجتمع القراءة والفقه والسن في واحد قدموا أفقههم إذا كان يقرأ من القرآن ما يكتفي به في الصلاة ، وإن قدموا أقرأهم إذا كان يعلم من الفقه ما يلزمه في الصلاة فحسن.
وقال أبو ثور : يؤمهم أفقههم إذا كان يقرأ القرآن وإن لم يقرأه كله.
وكان سفيان الثوري وأحمد بن حنبل وإسحاق يقدمون القراءة قولا بظاهر الحديث) . انتهى كلام الخطابي
 
عبد الرحمن الشهري المحترم , جزاكم الله خيرا لما تفضلتم بتوضيحه والتعليق الحسن المفيد عليه !

نعم , يطبع الكتاب قريبا بتحقيقي ويشمل على كل لوحات على الرق التي وجدناها في المكتبة العتيقة بالقيروان من الكتابين الصلاة والحج .
أما التصلية فهي اختصار مني في هذا الموضع فقط فأعتذر لهذا التقصير . أما المخطوط وتجد فيه التصلية كاملة كما تجدها كذلك أيضا : (صلى الله عليه) .
وكذلك أيضا : ( عائشة زوج النبي عليه السلام ) . في هذه المواضع جاء في النص المحقق كما جاء في الأصل , فربما أخالفكم في هذه المسألة الا أنني مرتبط بالأصل فلا يجوز لي أن أضيف اليه شيئا . وبعض الأحيان لا يذكر المؤلف ( أو الناسخ) التصلية على الاطلاق . لقد لاحظت هذه المظاهر المتعلقة بالتصلية وعدم ذكرها (!) في عدة مخطوطات بالقيروان , فلا ليس لي أن أتدخل فيه هذا الأمر باعتباري محققا .

فكما تعلم أن القاعدة الأصولية (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) قاعدة معتبرة

فأجيب : نعم , هذا كله صحيح كما جاء فيما تفضلتم بذكره عن صاحب عون المعبود وعن الخطابي , الا أن عبد الملك بن حبيب في منتصف القرن الثالث لم يعلم بهذه القاعدة المتأخرة عليه , بل قال في شرحه ما جاء ذكره في هذه المشاركة .

أما قول مالك : وقال مالك : يتقدم القوم أعلمهم ، فقيل له : أقرؤهم ؟ فقال : قد يقرأ من لا يُرضى
فذكره ابن حبيب لفظا في هذا الباب من الكتاب , كما يذكر بعد ذلك الألحان في قراءة القرآن وعيوبها .

كما جاء ذلك أيضا عند يحيى بن عمر الكناني على أوراق متفرقة التي قد تعود الى كتابه في البدعة :
قال :
ولقد بلغني عن كثير ممن لا علم لهم أنهم بالوا (بفتح اللام) في هذه الأصوات المحدثة التي جاء النهي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه رضي الله عنهم والتابعين وتابعيهم بما قد اقتصصناه عنهم في كتابنا هذا الحديث الذي جاء :
ْزينوا القرآن بأصواتكم ,
فأخطؤوا في تفسيره , والحديث كما أحدثك به .
فتأوّل من لا علم له في هذه الأحاديث على غير تأويلها وظنوا أن تفسيرها ما أحدثوا
في القرآن من أصوات الغناء والحداء حتى صاروا من فتنتهم في ذلك , يزنوا أصواتهم تلك وزنا ويعلم ذلك بعضهم بعضا كتعليم المغنيات أصوات الغناء وحتى صاروا يسمون لآي القرآن أصوات مختلفة : لآية كذا صوت كذا , ولآية كذا صوت كذا .
وهذا حدث عظيم في الاسلام .
وانما تفسير (زينوا القرآن بأصواتكم ) أن يرتل القاريء قراءته
(وقد حكينا قراءته في اول هذا الكتاب) , حرفا حرفا كما كان النبي عليه السلام يقرأ بالترتيل كما أمره الله جل ذكره .
وقد حكينا قراءته في أول هذا الكتاب , ثم فسر ذلك أصحابه من بعده . (انتهى)

أنظر أيضا هذا الرابط :

http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=231&highlight=%E3%E6%D1%C7%E4%ED

هذا , فأنظر ما جمع ابن أبي زيد القيرواني من الشروح لهذا الحديث المذكور أعلاه في كتاب النوادر والزيادات , ج 1 , ص 280 الى 283 في باب (في الامامة ومن هو أحق بها ) , حيث يذكر ما جاء في الواضحة لابن حبيب عند غيره من القدماء في المذهب المالكي .

تقديرا


موراني
 
عودة
أعلى