حذف وإثبات الألف في الرسم القرآني (1-10)

العرابلي

New member
إنضم
10/04/2007
المشاركات
156
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الأردن
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات الألف هو الأكثر تداولا في الرسم
الألف حرف استعمل للدلالة على الامتداد المنفصل
حذف وإثبات ألف اسم الفاعل
صيغ اسم الفاعل من الفعل الماضي بزيادة ألف بعد الحرف الأول، وبكسر الحرف الثاني،
وسر زيادة الألف أن استعمال الألف هو للدلالة على الامتداد المنفصل، واسم الفاعل دال على صفة في ذات من قام بالفعل فيوصف بها، وهذه الصفة وصف بها بسبب فعل سابق قام به، وليس شرطًا أن يكرر الفعل بعد ذلك، فمن قتل مثلا؛ يصبح قاتلاً، وقد لا يكون منه فعل القتل إلا هذه المرة الوحيدة التي حمل بها هذه الصفة، ولا يكرر فعلها بعد ذلك، أو أن هذه الصفة ترتبط بالفاعل وتنفصل عنه في وقت أو أوقات؛ قلت أو كثرت؛ كمثل جالس، وآكل، وعابد.
والتي يقوم صاحبها بتكرار فعلها مما لا يرتبط بفطرة الناس والمبالغة فيه؛ فصيغة "فعَّال" هي الأنسب؛ كبقَّال، وخبَّاز، وحدَّاد، ونجَّار.
أما الصفات الدائمة فيستعمل لها صيغة "فعيل"؛ حيث حرف الياء المستعمل للدلالة على التحول والثبات أكثر صلاحًا من الألف، وتمثيلا للواقع؛ كرحيم، وحميد، وكريم، وقدير.
ولما كان أكثر أفعال الناس هي من الأفعال التي لا يرتبط الإنسان بها كثيرًا، وتكون عند الحاجة؛ كثر استعمال الألف في اسم الفاعل في تمثل حقيقة هذه الصفات، وهي متولدة من إشباع فتحة الحرف الأول الذي يمثل وجه الفعل، ففي امتداده انتقل بها الفعل من كونه حدثًا إلى اسم له صفة الاستمرار فوق زمن الحدث،
ووجود الألف يدل كذلك على أكثر من شيء؛ فهي تعطي المسمى اسمًا آخر له فوق ما يعرف به من اسم أو أسماء أخرى، وأن هذه الصفة غير مقصورة على أشخاص محددين؛ بل قد يحملها من الناس من لا يحصر عددهم، لكنهم يظلون قلة بين الناس.

ومجموع الكلمات التي في وسطها ألف في رواية حفص 2800 كلمة إلا بضع كلمات، ومكررة في القرآن أكثر من 16500 مرة.
ولذلك لا يمكن عرض هذا الكم الكبير
وسننتقي منه ما يدل على باقيه إن شاء الله تعالى
واختيارنا سيكون للكلمات التي كتبت بالحذف والإثبات​

الكلمة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم

حذف وإثبات ألف باسط
ورد اسم الفاعل "باسط" في القرآن ثلاث مرات؛ ثبتت الألف في موضع واحد، وحذفت في موضوعين؛
في قوله تعالى: (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَـاـسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَـاـلِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَـاـفِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلـاـلٍ (14) الرعد.
وفي قوله تعالى: (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَـاـسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوْ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا(18) الكهف.
في قوله تعالى: (لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَـاـلَمِينَ (28) المائدة.
الباسط كفيه للماء وإن أراد بذلك شيئًا فلا يرجع بشيء منه يمد نفسه به.
وبسط الكلب يديه لا لشيء يناله بهذا البسط، ويمنع بفعله هذا من امتداد ودخول الحيوانات إلى داخل الكهف.
فلأجل ان البسط لم يؤد إلى مد كان حذف الألف منهما.
أما في آية المائدة فالنفي لبسط اليد التي تمتد إليه وتناله بالقتل؛ فلأجل ذلك أثبتت الألف فيها.
وثبتت الألف في صيغة الجمع لأن البسط أدى إلى أخذ أنفس المتوفَين بهذا البسط ؛
في قوله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّـاـلِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَـاـئِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ ءاَيَـاـتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93) الأنعام.


الكلمة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف ساحر
ورد اسم الفاعل "ساحر" اثنتي عشرة مرة؛ ثبتت الألف في ثلاثة مواضع، وحذفت في تسعة مواضع؛
في قوله تعالى: (قَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَـاـحِرٌ عَلِيمٌ(109) الأعراف.
وفي قوله تعالى: (يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَـاـحِرٍ عَلِيمٍ(112) الأعراف.
(سحَّارٍ): قراءة حمزة، والكسائي، وخلف.
وفي قوله تعالى: (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرْ النَّاسَ وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَـاـفِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَـاـحِرٌ مُبِينٌ(2) يونس.
(لَسِحْرٌ): قراءة نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب.
وفي قوله تعالى: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَـاـحِرٍ عَلِيمٍ(79) يونس.
(سحَّارٍ): قراءة حمزة والكسائي وخلف.
وفي قوله تعالى: (قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَـاـحِرٌ عَلِيمٌ(34) الشعراء.
وفي قوله تعالى: (وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَـاـفِرُونَ هَذَا سَـاـحِرٌ كَذَّابٌ(4) ص.
وفي قوله تعالى: (إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَـاـمَـاـنَ وَقَـاـرُونَ فَقَالُوا سَـاـحِرٌ كَذَّابٌ(24) غافر.
وفي قوله تعالى: (فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَـاـحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ(39) الذاريات.
السحر سلب للعقل والتحكم بالنفس؛ فيرى المسحور غير ما يبصر، ويتصرف بغير ما يجب، وهي صفة سلب لا صفة زيادة وامتداد، فإذا جرى الاتهام بالسحر والكذب؛ فألف ساحر تسقط، وفي اتهام ملأ فرعون لموسى بالسحر سلب وصفه بالنبي المرسل، وعدم الإقرار له بالنبوة، أما إرسال فرعون الرسل، وبعثهم لجمع السحرة؛ فلأجل سلب موسى صفة الإعجاز الدالة على نبوته، ولا يوجد غيرهم ممن يصلح لذلك، ولم يتقرر بعد من الذي يغلب ويتفوق فيها على الآخر؛ فسقطت الألف فيها؛ لأجل سلب صفة النبوة، وليس وصفهم بالسحر هو لبيان الزيادة فيهم وامتداد القدرات لهم.
وأثبتت في قوله تعالى: (وَقَالُوا يَـاـأَيُّهَ السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ(49) الزخرف.
وفي قوله تعالى: (كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ(52) الذاريات.
فأما ثباتها في الزخرف فلأنهم أرادوا أن وصفه المدح له لا الذم؛ ليدع الله لهم بأن يبعد ما حل بهم.
وأما إثباتها في الذاريات فلأن قولهم يفيد أن الرسول ازداد صفة لم تكن به؛ إما أن يكون ساحرًا أو مجنونًا ...
وأثبتت في قوله تعالى: (وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَـاـحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) طه.
(كَيْدُ سِحْرٍ) قراءة: حمزة والكسائي وخلف.
وأما حذفها في قوله تعالى: (إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَـاـحِرٍ)؛ فلأجل الاستهانة بفعلهم، ولن تقوم له قيامة أمام لقف العصا له، ولذلك جاءت القراءة الأخرى (كَيْدُ سِحِرٍ)؛ لتشمل الاستهانة بالسحر وفاعله.
وأما ثباتها في الموضع الثاني من الآية: (وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى)؛ أي لا فلاح لهم في أي نوع من السحر يأتون به، مهما زادوا فيها، وتقلبوا في فنونها ... فلأجل ذلك ثبتت الألف فيه. فثبات الألف في هذه المواضع الثلاث لقصد الامتداد والزيادة التي كان يتصف بها الساحر.


وحذفت في "ساحران" تثنية "ساحر
في قوله تعالى: (قَالُوا إِنْ هـَاـذَانِ لَسَـاـحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمْ الْمُثْلَى(63) طه.
وصف السحرة موسى وهارون عليهما السلام بأنهما ساحران؛ لأنهما دخلا على فرعون معًا، وأرجئا إلى الموعد معًا، وهما يقفان في الساحة معًا، فسقطت ألف الاثنين (الثانية) في ساحران؛ الدالة على تميز بعضهما عن بعض في الوصف، وحذفت ألف الاثنين كذلك من هذان.
ولما كان الحديث عن التأثير السلبي عليهم منهما؛ بإخراجهم من أرضهم، والذهاب بطريقتهم المثلى؛ فسقطت ألف اسم الفاعل "الأولى" في ساحران.
ولما كان فعل موسى عليه السلام أكبر وأظهر؛ وهو المخاطب فيمن يبدأ، فلم يسوَّ بينهما في ذلك؛ أثبتت ألف الاثنين المفرقة بينهما في الدرجة والمنزلة؛ في"يريدان" و"يخرجاكم"، و"يذهبا".
وأثبتت ألف الاثنين؛
في قوله تعالى: (فَلَمَّا جَاءَهُمْ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَـاـفِرُونَ(48) القصص.
سحران تظاهرا فسرت بتفاسير كثيرة؛ ( التوراة والإنجيل)، أو(الإنجيل والقرآن)، أو(التوراة والقرآن)، على قراءة عاصم، والكسائي، وخلف ويعقوب.
والتفسير الأخير هو الأرجح لارتباط الكتابين بموسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام
والفرق كبير بين الكتابين في زمن النزول، واللسان الذي أنزل بهما، وتأثيرهما على المؤمنين بهما؛ فثبتت لذلك الألف فيها.
وعلى قراءة البقية؛ "سـاـحران" فالمقصودان هما؛ (موسى وهارون)، وقيل (موسى ومحمد)، عليهم الصلاة والسلام جميعًا،
فسقوط ألف اسم الفاعل (الأولى) منهما علامة على تعادلهما فيما وصفا به من السحر، وأن مراد قولهم الذم فيهما، وقد تظاهرا أي تعاونا على إسناد بعضهما لبعض مما يبين تميز كل منهما عن الآخر، وعلى ذلك أثبتت ألف الاثنين في "سـاـحران" وفي "تظاهرا"
والله تعالى أعلم.


الكلمة الثالثة
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف السامري
ورد اسم الفاعل "السامريّ" ثلات مرات؛ ثبتت ألف في موضعين، وسقطت في موضع واحد فقط:
في قوله تعالى: (قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمْ السَّامِرِيُّ(85) طه.
وفي قوله تعالى:(قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ(87) طه.
وفي قوله تعالى:(قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يـاـسَـاـمِرِيُّ(95) طه.
اسم السامري من مادة "سمر" والسمر هو السهر مع جمع في ظلمة الليل في غير مكانه، خلاف السهر في نفس المكان من ذهاب النوم؛ وذلك مما دلت عليه حروف الكلمتين، والاشتراك بينهما هو في التفلت من النوم وهذا من؛ (سين التفلت)، والتزام الصحو وعدم النوم مع مجيء الليل وهذا من؛ (راء الالتزام).
قال تعالى: (قَدْ كَانَتْ ءايَـاـتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَـاـبِكُمْ تَنكِصُونَ (66) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَـاـمِرًا تَهْجُرُونَ (67) المؤمنون.
واسمه دال على فعله، فهو قد تفلت وخرج من توحيد الله تعالى؛ ليظل في صحو في ظلمة الكفر والإشراك بالله مع من غواهم من بني إسرائيل.
وثبات ألف السامري في الآية الأولى والثانية لأجل فعله في مد عبادة قومه إلى عبادة غير الله عز وجل؛ فعبدوا العجل، وارتفاع شأنه في قومه، فثبتت ألف المد فيه لأجل ذلك.
وأما حذفها في الموضع الثالث؛ فلأجل أنه في موضع المساءلة على قبح عمله في إضلال قومه، وذلك بعد رجوع موسى عليه السلام إلى قومه، وبيان الضلال الذي وقعوا فيه، فسقطت لذلك الألف في اسمه بعد انكشاف أمره، وانتهاء ضلالته، وسقوط شأنه.
وكذلك سقطت ألف سامرًا؛ لأن هذا الحديث هو في الآخرة عن الدنيا بعد انتهائها، وتذكيرهم بسمرهم الذي أوردهم ما آلوا إليه من الخسران في الآخرة.


الكلمة الرابعة
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف شاهد
ورد اسم الفاعل "شاهد" سبع مرات؛ ثبتت ألف في أربعة مواضع، وسقطت في ثلاث مواضع؛

في قوله تعالى: (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنْ الْكَـاـذِبِينَ(26) يوسف
وفي قوله تعالى: (قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَاءِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّـاـلِمِينَ(10) الأحقاف
وفي قوله تعالى: (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ(3) البروج
وفي قوله تعالى: (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَـاـبُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنْ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ(17) هود.
شهد شاهد - في سورة يوسف - فأخذ بشهادته على امرأت العزيز.
وشهد شاهد - في سورة الحقاف - على كتاب الله فآمن واستكبر بقية بني إسرائيل عن الإيمان.
وشهد شاهد - في سورة البروج - يوم القيامة وأقيمت الحجة بشهادته على المشهود.
أما الشاهد في سورة هود ففيها أقوال؛ بأنه القرآن، أو رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفاته الدالة على صدقه، أو يوم القيامة، أو التوراة التي قبل القرآن؛ فالشاهد يتلو البينة، والتلاوة هي الاسترسال في القراءة وتتابعها، فثبتت ألف مدها لذلك في هذه المواضع الأربعة.
وكان مواضع الحذف فكانت في صفة الرسول صلى الله عليه وسلم؛
في قوله تعالى: (يَـاـأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَـاـكَ شَـاـهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا(45) الأحزاب.
وفي قوله تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَـاـكَ شَـاـهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا(8) الفتح.
وفي قوله تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَـاـهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً(15) المزمل.
فشهادة الرسول صلى الله عليه وسلم على من عاصره سواء كانت الشهادة بالإيمان بالله، أو بالكفر والشرك، وبعد ذلك تكون الأمة شهيدة على الناس في كل العصور؛ كل يشهد على من عاصره؛ فهذه الشهادة لئلا يكون للناس حجة على الله بعد الرسل، فشهادة عليه الصلاة والسلام قطع للحجة من قبل الناس بعدم العلم بما يريده الله سبحانه وتعالى؛ فلذلك سقطت ألف المد منها.
أما الشهادة فقد وردت (20) مرة، وقد حذف فيها فيها الألف جميعًا، لأن الشهادة مؤدها قطع الشك أو الكذب عن الشاهد او لمن شهد له.
وهي محذوف الألف في جمعها (3) مرات، وتحذف الألف الثانية التي هي علامة الجمع على القاعدة ان أفراد الجمع أو عناصره يتساوون بينهم، ولا تمايز بينهم إلا بوجود قرينة؛
كما في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَـاـدَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَـاـدَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّـاـدِقِينَ (6) النور


الكلمة الخامسة
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف صاحب وصاحبة
يطلق الصاحب على من لازم غيره، فالفرد هو الذي يصحب قومه، والضعيف الفقير هو الذي يصحب الغني، والمغلوب على أمره هو الذي يصحب من تملكه، ومن لازم مكانًا أو أرضًا بأي صفة كانت؛ كان صاحبها، كان إثبات ألف صاحب وحذفها يرجع إلى دلالة المعاني.
فقد ثبتت الألف في قوله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَـاـنًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَـاـمَى وَالْمَسَـاـكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَـاـنُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا(36) النساء
الصاحب هو المعاشر الذي تطول مرافقته واجتماعه وملازمته لصاحبه؛ كالصاحب بالجنب في هذه الآية، وهو الرفيق في السفر، وقيل الزوجة، والمطلوب مد يد الإحسان إليه؛ فثبتت لذلك الألف فيه.
وثبتت في قوله تعالى: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ(48) القلم.
لأن نداء صاحب الحوت - يونس عليه السلام - كان عندما لازم الحوت في بطنه دون موت، حتى نبذه الحوت وهو سقيم.
وثبتت في قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ(46) سبأ
وفي قوله تعالى: (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى(2) النجم
وفي قوله تعالى: (وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ(22) التكوير
فوصف الرسول صلى الله عليه وسلم بصاحبهم؛ لطول معاشرته لهم، ووجوده بينهم زمنًا طويلا، وتمسكه بطلب الهداية لهم، ولم يدع على عامتهم، ولو دعا لاستجيب له عندما جاءه ملك الجبال ليطبق جبلي مكة على من فيها؛ إذا أمره النبي عليه الصلاة والسلام، وامتدت صحبته لهم بعد ذلك على الإيمان به؛ فعلى ذلك كان ثبات ألف صاحبكم، وثبتت الألف كذلك في صاحبهم لنفس السبب؛
في قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ(184) الأعراف.
وأما ثباتها في قوله تعالى: (فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ(29) القمر.
فلأن هذه الصاحب دام صحبته لهم؛ بالاستجابة لهم فيما أقدم عليه من أشد الأمور خطرًا، وقد نهوا عن مس الناقة بسوء؛ لئلا يصيبهم عذاب عظيم. فكان فعله إيذانًا بوقوع العذاب الذي هلكوا فيه.
وحذفت الألف في قوله تعالى: (وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَـاـحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا (34) الكهف.
لأن صاحب الجنتين ينظر إلى صاحبه؛ نظرة العزيز المكثر إلى الضعيف المقل؛ الذي حرم من امتداد الرزق والولد، فلم يمد من الولد والرزق بمثل ما مد به؛ فعلى ذلك كان حذف الألف.
وعندما زاد عليه صاحبه بثبات إيمانه؛ فثبتت ألف المد فيه خلاف الأولى؛
في قوله تعالى: (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً(37) الكهف.
فحذف الألف في الأولى وإثباتها في الثانية؛ لا يأتي من اختلاف طرق الكتابة، ولا اختلاف تغير الكُتَّاب، وهي في قصة واحدة.
وحذفت في قوله تعالى: (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَـاـحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(40) التوبة
الصِّدِّيق رضي الله عنه؛ هو أطول الصحابة صحبة، ورفقة للرسول صلى الله عليه وسلم؛ قبل النبوة، وبعدها، وفي طريق الهجرة، وفي كل المواقف بعد الهجرة، ودامت شدة القرب بينهما حتى في القبور بعد الموت؛ ومنزلته رضي الله عنه هي دون منزلة الرسول صلى الله عليه وسلم وبعدها مباشرة، وكان الصديق شديد الخوف والحزن على الرسول صلى الله عليه وسلم وهما في الغار؛ بينما كان الرسول عليه الصلاة والسلام مطمئنًا ثابت الجأش؛ فعلى ذلك كان حذف الألف لما اعتراه من خوف وجزن على النبي صلى الله عليه وسلم.
وحذفت في قوله تعالى: (بَدِيعُ السَّمَـاـوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَـاـحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(101) الأنعام
وفي قوله تعالى: (وَأَنَّهُ تَعَـاـلَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَـاـحِبَةً وَلا وَلَدًا(3) الجن
الصاحبة لو كان لها وجود لما استقلت بنفسها، فهي تابعة لزوجها، فكيف إذا كانت في موضع نفي لوجودها؛ فعلى كان إسقاط الألف منها. وأسقطت كذلك؛
في قوله تعالى: (وَصَـاـحِبَتِهِ وَأَخِيهِ(12) المعارج
وفي قوله تعالى: (وَصَـاـحِبَتِهِ وَبَنِيهِ(36) عبس
لأنها مضافة إضافة تبعية، وهي في موضع التخلي عنها، والتضحية بها، فسقطت ألف المد فيها لأجل ذلك.
أما أصحاب فإن الألف قد سقطت فيها جميعًا؛ في (78) موضعًا، وذلك أن الجمع يلغي الفوارق بين الأفراد، وإن ثبتت هذه الفوارق، وتعددت المنازل؛ ثبتت ألفها؛
كما في قوله تعالى: (وَنَادَى أَصْحَـاـبُ الْجَنَّةِ أَصْحَـاـبَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا (44) الأعراف.
فنرى أن الألف؛ تثبت لعلة، وتحذف لعلة، وأن الرسم القرآني قائم على المعاني التي تعرف من سياق الآيات الواردة فيها.


الكلمة السادسة​
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف طائف
وردت طائف في القرآن الكريم مرتين؛ الأولى بالحذف، والثانية بالإثبات؛
في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَـاـئِفٌ مِنْ الشَّيْطَـاـنِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ(201) الأعراف.
وفي قوله تعالى: (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ(19) القلم.
في الموضع الأول؛ انقطع أثر مس الطائف من الشيطان بتذكر المصاب به، فأبصر بهذا التذكير، فسقطت لذلك الألف فيها لقطع مس الشيطان عنه.
وفي الموضع الثاني؛ دام أثرة الطائف الذي أرسل على الجنة؛ بأن أصبحت الجنة كالصريم، فثبتت لذلك ألف المد فيها.
فأثر الطائف من الشيطان منقطع.
وأثر الطائف من الله مستمر ودائم.


الكلمة السابعة
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف ظالم
الظالم هو الذي مد نفسه بحق غيره أو حوله إلى غيره، وعلى ذلك فقد ثبتت ألف ظالم في المواضع الخمسة التي ذكر فيها الظالم المفرد المذكر؛
في قوله تعالى: (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا (75) النساء.
وفي قوله تعالى: (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35) الكهف.
وفي قوله تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَـاـلَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً(27) الفرقان.
وفي قوله تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَـاـبَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) فاطر.
وفي قوله تعالى: (وَبَـاـرَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَـاـقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ (113) الصافات.
أما القرى الظالمة فد وردت أربع مرات؛ أثبتت ألفها في ثلاث مواضع؛ وحذفت في موضع واحد؛
وفي قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَـاـلِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ(102) هود
وفي قوله تعالى: (وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا ءاخَرِينَ(11) الأنبياء
وفي قوله تعالى: (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـاـهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ(45) الحج
وفي قوله تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ(48) الحج
وكم من قرية كانت ظالمة أي قائمة بالظلم وكأين من قرية أمليت لها أو أهلكناها وهي ظالمة أي كانت على الظلم فاعلة له أي هي مدت عبادتها إلى غير الله فأشركت به وعصت أمره فأهلكها لذلك ثبتت ألف المد فيها ولولا هذا المد في الظلم لما هلكت.
أما آية هود ففيها شرط إذا أخذ القرى وهي ظالمة فهذه القرى لم تتعين ولا تؤخذ بأخذ أليم شديد حتى تكون ظالمة فقيام الظلم فيها ليس محققًا وإنما هو تمثيل لما يكون بما قد كان فسقطت ألف المد منها في هذا الموضع فقط.
أما الظالمون بصيغة الجمع؛ فقد ورد (33) مرة مرفوعًا، و(91) مرة منصوبًا أو مجرورًا؛ وقد أسقطت الألف على قاعدة تساوي أفراد الجميع، إلا إذا وردت قرينة بخلاف ذلك؛
كما في قوله تعالى: (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَـاـلِمُونَ (51) البقرة
وفي قوله تعالى: (وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّـاـلِمِينَ (35) البقرة
وأثبتت ألف الظالمين في موضعين وحيدين مضافين؛
في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّـاـهُمُ الْمَلـاـئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَـاـهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا (97) النساء.
وفي قوله تعالى: (الَّذِينَ تَتَوَفَّـاـهُمُ الْمَلـاـئِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) النحل.
والعلة في ثبات الألف؛ أن ظلم الظالمين الذين تتوفاهم الملائكة قائم فيهم وقت الوفاة، وأنه لم يكن هناك تساو بينهم في زمن الوفاة، ولا مكان الوفاة، فكل واحد منهم له زمنه ومكانه الذي يتوفى فيه. فهم متفرقون في أزمنة كثيرة، وأماكن متباعدة كثيرة، وعلى ذلك كان إثبات الألف في هذين الموضعين من صيغ الجمع فقط.
وحذفت الألف في اسم الفاعل بصيغة المبالغة (ظلاَّم) في أربع مواضع،
في قوله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلـاـئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَـاـرَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلَّـاـمٍ لِّلْعَبِيدِ (51) الأنفال.
وفي قوله تعالى: (ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَـاـمَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّـاـمٍ لِّلْعَبِيدِ (10) الحج.
وفي قوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَـاـلِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـاـمٍ لِّلْعَبِيدِ (46) فصلت.
وفي قوله تعالى: (قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّـاـمٍ لِّلْعَبِيدِ (29) الحديد.
في هذه المواضع نفي بوقوع الظلم من الله عز وجل، والظلم إنقاص للحق وصرفه لغير صاحبه ومن لا يستحقه؛ لذلك سقطت ألف المد منها لأن هذه الصفة ساقطة من صفات الله تعالى، وجيء بها انفيها،
وكل هذه الآيات تعلقت بيوم القيامة؛ يوم يكون الحساب العظيم، وينتهي أمر حساب الناس فيه، ويعرف كل واحد ما له وما عليه، أي عند الانتهاء من الحساب وتقدير الأعمال، وبعد ذلك إما إلى جنة وإما إلى نار.
وأثبت ألفه في موضع واحد فقط؛
في قوله تعالى: (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ (182) آل عمران.
أما ثباتها في آل عمران فلأن الحديث فيها في زمن الدنيا؛ فقد جاء قبلها (لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمْ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ(181) آل عمران؛ فقد سمع الله قولهم ذلك في الدنيا، وكتابة قولهم في الدنيا، وقتلهم الأنبياء في الدنيا، ونقول ذوقوا عذاب الحريق هو انتقال إلى التهديد والوعيد، ثم كمل التهديد والوعيد بشدة ذلك بما قدمت يداك، وأن الله ليس بظلام للعبيد، فالنفي هنا تطلب نفيًا دائمًا مستمرًا؛ لأن الدنيا لم تنته بعد، للناس في الدنيا لم ينته وقيام الآخرة، وحساب الناس، وعقاب الله للكافرين لم يأت بعد؛ فثبتت لذلك ألف المد فيها؛ لأنه نفي للظلم في زمن من مضى، وزمن من حضر، وزمن من سيأتي بعد ذلك إلى قيامة الساعة.
ومن مادة ظلم؛ "ظلمات"؛ وقد وردت في (23) موضعًا، وجميعها بحذف الألف على قاعدة تساوي أفراد الجمع بينهم، ما لم ترد قرينة على خلاف ذلك؛
كما في قوله تعالى: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَـاـتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ (17) البقرة.
والله تعالى أعلم.


الكلمة الثامنة
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف عال
في قوله تعالى: (فَمَا ءامَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلإيِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنْ الْمُسْرِفِينَ(83) يونس.
وفي قوله تعالى: (وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَاءِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30)مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنْ الْمُسْرِفِينَ(31) الدخان
العالي هو من زادت منزلته في قومه، وعلى من حوله؛ بسبب ملكه، أو قوته.
والعلو الفردي في الأرض غير المنضبط يدل على الإفساد فيها؛ كما كان عليه فرعون؛ لأنه يطمس كل من نازعه، أو خشي من منازعته له في ملكه، وعلى هذه الزيادة والامتداد في الملك والقوة لمن علا؛ ثبتت ألف عال.
وعلو المؤمنين على أهل الكفر هو من اجتماعهم على الإيمان بالله وطاعته، فينالون نصر الله ومعونته على أعدائهم؛
قال تعالى: (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (139) آل عمران.
وأثبتت ألف عالية مع التأنيث في صفة الجنة؛
في قوله تعالى: (فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ(22) الحاقة.
وفي قوله تعالى: (فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ(10) الغاشية.
والجنة عالية في منزلتها ومكانها، فهي أعلى من النار ومن موقف الحساب، غير الكرامة التي هي لأهلها بالأمن والتنعم بالخيرات التي فيها، ورضوان من الله أكبر، وفوق كل ذلك، فعلى ذلك كان ثبات الألف فيها.
وقد سقطت ألف عاليها؛
في قوله تعالى: (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَـاـلِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ(82) هود.
وفي قوله تعالى: (فَجَعَلْنَا عَـاـلِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ(74) الحجر.
وذلك أن عالي قرية قوم لوط عليه السلام تراجعت فأصبحت سافل القرية، وسافل القرية زاد وارتفع فصار عاليها؛ فما زاد ثبتت ألفه، وما تراجع وانخفض سقطت ألفه؛ وعلى ذلك كان سقوط ألف عاليها، وثبات ألف سافلها.
وحذفت كذلك ألف عاليهم؛
في قوله تعالى: (عَـاـلِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَـاـهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا(21) الإنسان.
وقرأ نافع وأبو جعفر وحمزة: عالِيْهِم بتسكين الياء وكسر الهاء.
عاليهم بمعنى فوقهم، ولو كان القول عليهم؛ لأفاد الإخبار عما يلبسون، ولكن الله تعالى بقوله: عاليهم؛ بين أثر لباسهم عليهم، فجعله اسم فاعل لما أضاف لهم من جمال وهيئة، وهذا الأمر لهم وحدهم لا يمتد لغيرهم، وما غيرهم إلا في النار، وقد قطعت لهم ثياب من نار، ويصب من فوق رؤوسهم الحميم، نعوذ بالله من ذلك؛ فسقطت ألف عاليهم لأن هذا خاص بهم ولا يمتد إلى غيرهم، ولا يولد فيهم كبرياء ترفعهم على من معهم، وكل من معهم في الجنة مثلهم في الثياب والهيئة.


الكلمة التاسعة
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف عامل وعاملة
ذكر عامل في أربعة مواضع؛ ثبتت ألف في موضع واحد فقط؛
في قوله تعالى: (قُلْ يَـاـقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَـاـقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّـاـلِمُونَ(135) الأنعام.
والعامل هو صاحب العمل ومن قام به، والحساب يقدر على ما كان منه من عمل؛ فالعاقبة تكون لمن ثبت عمله، وقُبل عند الله تعالى، فأدى ذلك له امتدادًا في الآخرة، وعلى ذلك ثبتت ألفه.
وحذف ألف عامل في ثلاثة مواضع؛
في قوله تعالى: (وَيَـاـقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَـاـمِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَـاـذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ(93) هود.
وفي قوله تعالى: (قُلْ يَـاـقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَـاـمِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ(39) مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ (40) الزمر.
ويعود حذفها في هذين الموضعين؛ لإرادة التبليغ بثباته على العمل، وليس الامتداد فيه؛ لأن الامتداد فيه والزيادة عليه لا يعنيهم شيئًا، وأن أعمالهم لن تجلب لهم إلا الخزي والعذاب.
وحذفت في قوله تعالى: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَـاـمِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ (195) آل عمران.
ويرجع الحذف إلى أن العمل يظل محفوظًا عند الله تعالى ولا يضيع منه شيء، بينما صاحب العمل ينساه في حياته من بُعد العهد به، أو بسبب كبر سنه، وسيفارقه بالموت، وعلى ذلك كان حذف ألفه.
وثبتت ألف عاملة بالتأنيث؛
في قوله تعالى: (عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ(3) الغاشية.
النفس العاملة الناصبة هي التي قد أطالت السير والدأب في عملها، ناصبة نفسها من طول التطواف في النار بين نار وحميم آن، وصعود جبال فيها ونزول منها، ومحاولة دائمة للخروج من النار؛ على شدة ما تلاقي من التعب والإرهاق؛ فثبتت ألفها لعدم توقف العمل منها.
العامل هو من يقوم بعمل لجلب خير له، أو دفع شر عنه، لذلك لا يوصف الله سبحانه وتعالى بأنه يعمل، ولا يليق ذلك به عز وجل، .ويوصف بأنه يفعل؛ لأن الفعل هو من بالإرادة.
وحذفت ألف "عاملون" بالجمع في حالة الرفع في أربعة مواضع؛ على قاعدة عدم تمايز أفراد الجمع إلا بقرينة تدل على خلاف ذلك، لأن الجمع وحدهم وساوى بينهم؛
في قوله تعالى: (وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَـاـمِلُونَ(121) هود.
وفي قوله تعالى: (بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَـاـلٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَـاـمِلُونَ (63) المؤمنون.
وفي قوله تعالى: (لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ العَـاـمِلُونَ (61) الصافات.
وفي قوله تعالى: (وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي ءاذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَـاـمِلُونَ (5) فصلت.
وكذلك كان حذف ألف "العاملين" في أربعة مواضع في حالة الجر؛
في قوله تعالى: (أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّـاـتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْـاـهَرُ خَـاـلِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَـاـمِلِينَ (136) آل عمران.
وفي قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَـاـتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَـاـكِينِ والْعَـاـمِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَـاـرِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(60) التوبة.
وفي قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـاـلِحَـاـتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنْ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَـاـرُ خَـاـلِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَـاـمِلِينَ (58) العنكبوت.
وفي قوله تعالى: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنْ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَـاـمِلِينَ(74) الزمر.
ومن هذه المادة؛ "أعمال" جمع "عمل"، وقد وردت (41) مرة بالإضافة إلى ضمير متصل ودون إضافة.
وقد حذفت الألف في الجميع على القاعدة أن الجمع يلغي تمايز أفراده ويوحدهم يلغي الفوارق بينهم بدخولهم في الجمع، أو الاندراج تحت حكم واحد، وعلى ذلك تسقط منه الألف؛
كما في قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَـاـلَهُمْ (9) محمد.


الكلمة العاشرة
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف قادر
ورد وصف الله تعالى بأنه قادر في سبع مواضع؛ ثبتت ألف في أربعة منها؛
في قوله تعالى: (وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ ءايَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ ءايَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (37) الأنعام.
وفي قوله تعالى: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَـاـتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ(65) الأنعام.
وفي قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَـاـوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّـاـلِمُونَ إِلاَّ كُفُورًا(99) الإسراء.
وفي قوله تعالى: (إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ(8) الطارق.
في هذه المواضع الأربعة وصف تقريري من الله تعالى لنفسه؛
بأنه قادر على أن ينزل آية،
وأنه قادر على أن يبعث علينا عذابًا،
وأنه قادر على أن يخلق مثلنا،
وأنه قادر على أن يرجع الإنسان بعد موته؛
فقدرة الله تعالى مستمرة فيه وله، فمتى شاء فعل كل ذلك؛
فلقيام القدرة فيه سبحانه وتعالى ثبتت ألفه.
وحذفت ألف "قادر" في ثلاثة مواضع؛
في قوله تعالى: (أَوَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَـاـوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَـاـدِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلـَّاـقُ الْعَلِيمُ (81) يس.
وفي قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَـاـوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَـاـدِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(33) الأحقاف.
وفي قوله تعالى: (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَـاـدِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى(40) القيامة.
في هذا المواضع تذكير من الله تعالى بقدرة له سابقة بخلقه للسموات والأرض اللتين هما أعظم من خلق الإنسان.
وتذكيرهم بأنه خلق الإنسان من نطفة ثم من علقة ثم سواه إنسانًا كاملاً
فكيف يعجز عن خلق مثلهم؟!، أو يعجز عن إحياء الموتى بعد أن أوجدهم من عدم؟!.
هذه التذكير بصفة لله ثابتة له سبحانه وتعالى، دل عليها ما قد عرفوه من خلق السموات والأرض، وخلق الإنسان من نطفة ثم من علقة، فالحديث هو عن أمر سابق
وكان الاستفهام في هذه المواضع استنكارًا وتقريعًا لمن أنكر قدرة الله تعالى على إحياء الموتى، أو خلق الله أمثالهم، وعلى المجيب أن يقرر.
والرد على هذا الإنكار؛ بلى هو الخلاق العليم، وبلى هو على كل شيء قدير، وبلى هو القادر على إحياء الموتى ... فمن السنة أن يقول القارئ والسامع بلى، أو سبحانك وبلى، أو سبحانك فبلي؛ جواب إقرار بقدرة الله؛
فلما كان السؤال فيه طلب الإقرار بما علموه من قدرة الله تعالى، وجعل تقرير ذلك إليهم؛ حذفت الألف، وفي ذلك إنكار شديدة عليهم، وأشد مما لو ثبتت الألف على ان الإقرار من الله تعالى سواء أقروا بذلك أم لم يقروا.
والله تعالى أعلم.
 
((مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَـاـمِرًا تَهْجُرُونَ (67) )) المؤمنون.
عومل الجمع معاملة اسم الجمع (سامراً) : بالإفراد ؛ لعله لأن السمر لا يكون إلا جماعة . فصح إفراده كما يصح إفراد الضمير على اسم الجمع .
 
((فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ(29))
لعل التعبير بالصاحب في الآية الكريمة ؛ لبيان أنه من التسعة الرهط الذين كانوا يفسدون في الأرض ولا يصلحون .
وإلا لقيل : فنادوا أحدهم .
لكنه صاحَبهم في الإفساد ، فظهر أنه من التسعة .
 
((أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى (39))
لعل من معاني : (فسوّى) أي : سوّى سبحانه بين أوقات تكوّن النطفة في الرحم وتكوّن العلقة وتكوّن المضغة ، أربعين يوماً لكل منها .
وهذا ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم .

فإن قيل : وهل في القرآن ما يشير إلى عدد الأيام ؟
فالجواب : في سورة البقرة يقول سبحانه : ((والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً))
قال بعض السلف : لأنّ الحمل إنما يتبين بعد ذلك . أربعين للنطفة وأربعين للعلقة وأربعين للمضغة ، ثم ينفخ الروح في العشر .
 
موضوع رائع أحسنت يا أخي الاستاذ العرابلي وبوركت على هذا الطرح الجميل
 
بارك الله فيك يا اخي على هذا الموضوع القيم واسال الله لك التوفيق
 
عودة
أعلى