حديث وعلاقته بعلم التفسير

إنضم
11/01/2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
67
الإقامة
الدوحة - قطر
رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم من طريق شُعْبَةَ ، عَنْ أَبِى عَوْنٍ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرِو ، ابْنِ أَخِي الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، عَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَهْلِ حِمْصَ ، مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَالَ : " كَيْفَ تَقْضِى إِذَا عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ ؟ "، قَالَ أَقْضِى بِكِتَابِ اللَّهِ ؛ قَالَ : " فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ ؟ " ؛ قَـالَ : فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ e ؛ قَالَ : " فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَلاَ فِي كِتَابِ اللَّهِ ؟ " ؛ قَالَ : أَجْتَهِدُ رَأْيِي وَلاَ آلُو ؛ فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ e صَدْرَهُ ، وَقَالَ : " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللَّهِ " [SUP][1] [/SUP].
وجوَّد إسناده شيخ الإسلام ابن تيمية[SUP] [2] [/SUP]، وتبعه ابن كثير في مقدمة تفسيره ؛ ومداره على الحارث بن عمرو ابن أخي المغيرة بن شعبة ، وهو مجهول ؛ وفيه جهالة أصحاب معاذ t ؛ فالحديث ضعيف إسنادًا ، لكن معناه صحيح بلا ريب [SUP][3] [/SUP]؛ وله شاهد عن ابن مسعود t عند ابن أبي شيبة من طريق الأعمش ، عن عمارة ، عن عبد الرحمن بن يزيد قال : أكثروا على عبد الله ذات يوم ، فقال : يا أيها الناس قد أتى علينا زمان لسنا نقضي ، ولسنا هناك ؛ ثم إن الله قد رأى من الأمر ما ترون ، فمن عرض له منكم قضاء بعد اليوم ، فليقض بما في كتاب الله ، فإن جاءه أمر ليس في كتاب الله ، فليقض بما قضى به نبيه e ؛ فإن جاءه أمر ليس في كتاب الله ، ولم يقض به نبيه ، فليقض بما قضى به الصالحون ، فإن أتاه أمر ليس في كتاب الله ، ولم يقض به رسول الله e ، ولم يقض به الصالحون ، فليجتهد برأيه ، ولا يقول : إني أرى ، وإني أخاف ، فإن الحلال بيِّن ، والحرام بيِّن ، وبين ذلك أمور متشابهات ، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك[SUP] [4] [/SUP]؛ وله شاهد آخر عن ابن عباس رواه ابن أبي شيبة من طريق ابن عيينة ، عن عبيد الله بن أبي يزيد ، قال : كان ابن عباس إذا سئل عن الأمر وكان في القرآن ، أخبر به ؛ وإن لم يكن في القرآن ، فكان عن رسول الله e أخبر به ، فإن لم يكن ، فعن أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما ، فإن لم يكن ، قال فيه برأيه[SUP] ( [5] ) [/SUP].

قَالَ ابْن الْقيم - رحمه الله : وَقد أقرَّ النَّبِيُّ e معَاذًا عَلَى اجْتِهَاد رَأْيه فِيمَا لم يجد فِيهِ نصًا عَن الله وَرَسُوله ... ثم ذكر الحديث ؛ ثم قال : فَهَذَا حَدِيث وَإِن كَانَ عَن غير مسمين ، فهم أَصْحَاب معَاذ ، فَلَا يضرُّهُ ذَلِك ؛ لِأَنَّهُ يدل عَلَى شهرة الحَدِيث ، وَأَن الَّذِي حدَّث بِهِ الْحَارِث بن عَمْرو عَن جمَاعَة من أَصْحَاب معَاذ ، لَا وَاحِد مِنْهُم ، وَهَذَا أبلغ فِي الشُّهْرَة من أَن يكون عَن وَاحِد مِنْهُم لَو سمي ، كَيفَ وشهرة أَصْحَاب معَاذ بِالْعلمِ وَالدّين وَالْفضل والصدق بِالْمحل الَّذِي لَا يخفي ؟ وَلَا يعرف فِي أَصْحَابه مُتَّهم وَلَا كَذَّاب وَلَا مَجْرُوح ، بل أَصْحَابه من أفاضل الْمُسلمين وخيارهم ، لَا يشك أهل الْعلم بِالنَّقْلِ فِي ذَلِك ، كَيفَ وَشعْبَة حَامِل لِوَاء هَذَا الحَدِيث ؟ وَقد قَالَ بعض أَئِمَّة الحَدِيث : إِذا رَأَيْت شُعْبَة فِي إِسْنَاد حَدِيث فاشدد يَديك بِهِ ؛ قَالَ أَبُو بكر الْخَطِيب : وَقد قيل : إِن عبَادَة بن نسي رَوَاهُ عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم عَن معَاذ ، وَهَذَا إِسْنَاد مُتَّصِل ، وَرِجَاله معروفون بالثقة .
عَلَى أَن أهل الْعلم قد نقلوه وَاحْتَجُّوا بِهِ ، فوقفنا بذلك عَلَى صِحَّته عِنْدهم ، كَمَا وقفنا عَلَى صِحَة قَول رَسُول الله e َ: " لَا وَصِيَّة لوَارث " ، وَقَوله فِي الْبَحْر : " هُوَ الطّهُور مَاؤُهُ ، الْحل ميتَته " ، وَقَوله : " إِذا اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ فِي الثّمن ، والسلعة قَائِمَة ، تحَالفا ،وترادا البيع " ، وَقَوله : " الدِّيَة عَلَى الْعَاقِلَة " ؛ وَإِن كَانَت هَذِه الْأَحَادِيث لَا تثبت من جِهَة الْإِسْنَاد ، وَلكنهَا لما تلقتها الكافة عَن الكافة غنوا بِصِحَّتِهَا عِنْدهم عَن طلب الْإِسْنَاد لَهَا ؛ فَكَذَلِك حَدِيث معَاذ لما احْتَجُّوا بِهِ جَمِيعًا غنوا عَن طلب الْإِسْنَاد لَهُ[SUP] [6] [/SUP]. ا.هـ .
قال مقيده - عفا الله عنه : كرر الحافظ أبو عمر بن عبد البر - رحمه الله - في ( الاستذكار ) و ( التمهيد ) أن استفاضة الحديث أقوى من الإسناد ؛ فقال : أجمع العلماء على القول بأن " لَا وَصِيَّة لوَارث " ، وعلى العمل بذلك قطعًا منهم على صحة هذا الحديث ، وتلقيًا منهم له بالقبول ؛ فسقط الكلام في إسناده[SUP] [7] [/SUP].ا.هـ .
وصفوة القول أن الحديث ضعيف إسنادًا ، فابن القيم - رحمه الله - وإن كان لكلامه وجه في رفع جهالة أصحاب معاذ ، فهو لم يتكلم عن جهالة الحارث ابن عمرو ؛ ولكن - كما تقدم – الحديث معناه صحيح ، ويشهد له ما أوردته من قول ابن مسعود وابن عباس y ، وقد تلقاه العلماء بالقبول .
علاقة الحديث بعلم التفسير :
استدل به ابن كثير تبعًا لشيخه – رحمهما الله – على صحة الاجتهاد في التفسير إذا لم يوجد تفسير للآية في القرآن أو السنة ؛ وهو أمر يتعلق بعلم أصول التفسير .


[1] رواه أحمد : 5 / 230 ، 236 ، 242 ، وأبو داود ( 3592 ) ، والترمذي ( 1327) وأعلَّه ؛ ورواه الطيالسي ( 559 ) ، وابن أبي شيبة ( 22988 ، 29100 ) ، والدارمي ( 170 ) ، وغيرهم .
[2] ( مجموع الفتاوى ) : 13 / 364 .
[3] قال ابن الجوزي في ( العلل المتناهية ) : 2 / 758 ، 759 : هذا حديث لا يصح ؛ وإن كان الفقهاء كلهم يذكرونه في كتبهم ، ويعتمدون عليه ؛ ولعمري وإن كان معناه صحيحًا ، إنما ثبوته لا يعرف ؛ لأن الحارث بن عمرو مجهول ، وأصحاب معاذ من أهل حمص لا يعرفون ، وما هذا طريقه فلا وجه لثبوته .ا.هـ . وانظر تلخيص الحبير : 4 / 182 ( 2076 ) .
[4] ابن أبي شيبة ( 22991 ) ، ورواه أيضًا ( 22992 ) ؛ وإسناده صحيح ؛ فعبد الرحمن بن يزيد هو ابن قيس النخعي أبو بكر الكوفي من تلامذة ابن مسعود ؛ وهو ثقة ، كما في ( تهذيب التهذيب ) : 21 / 300 مطبعة دائرة المعارف النظامية - الهند - الطبعة الأولى ، 1326هـ . وعمارة هو ابن عمير الكوفي ؛ ثقة كما في ( تهذيب التهذيب ) : 22 / 421 .
[5] ابن أبي شيبة ( 22994 ) ؛ وإسناده صحيح ، فعبيد الله بن يزيد هو المكي ، ثقة كما في ( تهذيب التهذيب ) : 22 / 57 .
[6] إعلام الموقعين : 1 / 202 ، 203 .
[7] الاستذكار : 7 / 265 ؛ وانظر التمهيد : 23 / 422 ؛ 24 / 290 ، 24 / 438 .
 
عودة
أعلى