أبو عبد الرحمن المدني
New member
- إنضم
- 19/07/2003
- المشاركات
- 268
- مستوى التفاعل
- 1
- النقاط
- 18
وإن كان حديث الجمعة غير مختص بهذا اليوم تحديداً غير أني آثرت أن يكون الحديث حديثه , فاستوقفته و حاولت أن استنطقه وطلبت منه أن يحدثني عن نفسه وأي يوم هو ؟
أجابني متعجباً : ألا تعلم أني خير الأيام وأفضلها وقد خصني الله بتلك الصلاة العظيمة " صلاة الجمعة " ورتب لحضورها والاستعداد لها من الأجور ما لم يرتبه لصلاة أخرى ؟!!!
قلت: ليس عن هذا أسألك, ولكن حدثني عن سر هذا الاختصاص وعظيم هذا الفضل من بين سائر الأيام ؟ فأجابني وقد افتر ثغره عن ابتسامة حاول إخفاءها : إنما يكمن هذا الفضل وهذا الاختصاص في تنوع أحواله وتجدد أسراره , ولو كان لهذا الاختصاص سر محدد لما انطوى على هذا الفضل العظيم , وأنت ... نعم أنت من يستخرج أسراره ويسبر أغواره , ثم انصرف وقد آذنت شمسه بالمغيب.
فجلست أتأمل وأتفكر في هذا اليوم وأيّ حديث يمكن استنباطه , تأملت في ساعاته ودقائقه , في حركات الغادين والرائحين , في سكنات العباد والمتخشعين , في وعظ الخطباء وجميل صوت القارئين , فإذا حديثه ماتع شيق ..
إنه حديث الهداية : فالعبد يحمد ربه أن جعله الله من هذه الأمة التي هديت لهذا اليوم , ويسأله أن يكون هادياً مهدياً , ويكون لهَجُه وذكره : { الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله } , إنه يوم الهداية كما جاء في صحيح مسلم وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا فكان لليهود يوم السبت وكان للنصارى يوم الأحد فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة فجعل الجمعة والسبت والأحد وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة المقضى لهم قبل الخلائق », فهل أدركنا رحمة الله بنا أن هدانا لهذا اليوم ؟
حديث الجمعة: حديث بداية الخلق , وحديث الابتلاء والعمل , وحديث الجزاء والحساب : فعند الفجر تسمع قوله تعالى : { ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (6) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ }... الخ فإذا هي قد أخذت بمجامع قلبك فذكرتك نعمة الله عليك بهذا الخلق العظيم , ونبهتك بحقيقة الابتلاء , وأوقفتك على الجزاء.
وما تكاد تنتهي من مواعظ هذه السورة حتى تنقلك سورة الإنسان في حديث مجمل بليغ عن بداية الخلق وحقيقة الابتلاء إلى فضاء رحب فسيح فتحلّق بك في بلاد الأفراح , إنه حقاً يوم البدء والانتهاء والعمل والابتلاء , عن أبى هريرة أن النبى
صلى الله عليه وسلم قال: « خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة , فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها ولا تقوم الساعة إلا فى يوم الجمعة » رواه مسلم .
حديث الجمعة : حديث الثبات في الفتن والمخرج من المحن , حديث النجاة من الدجال والعصمة منه : حيث يأوي أحدنا إلى الكهف ينشر له ربه من رحمته ويهيّئ له من أمره مرفقاً , وما أحوجنا في هذه الأيام ومع اشتداد المكر الكبّار في كثير من بلدان أهل الإسلام أن نأوي إلى الكهف , يقول د. عصام العويد حفظه الله : " في كل سبعة أيام تأوي إليها لتأمن من غوائل الفتن .. سورة افتتحت بالوسيلة العظمى للنجاة من كل فتنة "القرآن " واختتمت بالحسنة العظمى التي لا يبقى معها أثر لأي فتنة " التوحيد " وبينهما أربع فتن كبار : فتنة الدين ونجاتها , والمال ونجاتها , والعلم ونجاتها , والسلطة ونجاتها , هي كهفك من الفتن فأوِ إليها ينشر لك ربك من رحمته"
حديث الجمعة : حديث ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وشمائله وفضائله : كيف وقد أُمِرنا بالإكثار من الصلاة عليه في هذا اليوم , ولله ما أجمل قول ابن القيم : "ورسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الأنام، ويوم الجمعة سيد الأيام، فللصلاة عليه في هذا اليوم مزية ليست لغيره، مع حكمة أخرى وهي أن كل خير نالته أمته في الدنيا والآخرة فإنما نالته على يده، فجمع الله لأمته بين خيري الدنيا والآخرة، فأعظم كرامة تحصل لهم فإنما تحصل يوم الجمعة، فإن فيه بعْثَهم إلى منازلهم وقصورهم في الجنة، وهو يوم المزيد لهم إذا دخلوا الجنة، وهو يوم عيد لهم في الدنيا، ويومٌ فيه يسعفهم الله تعالى بطلباتهم وحوائجهم، ولا يرد سائلهم، وهذا كله إنما عرفوه وحصل لهم بسببه وعلى يده، فمن شكره وحمده، وأداء القليل من حقه صلى الله عليه وسلم أن نكثر من الصلاة عليه في هذا اليوم وليلته " ا.هـ. (زاد المعاد 1/376).
حديث الجمعة ذو شجون وفنون , حديث يطهر الأرواح ويلهب المشاعر , ويحفز الجوارح .
إنه حديث متجدد , تجدد حدوثه ودورانه , وتجدد لقائنا في هذه الزاوية , كل جمعة تلقي عليك بجميل كلامها , وجليل حديثها.
وشكراً لأخي الكريم : الشيخ فهد الجريوي مشرف هذه الزاوية أن أتاح لي المجال
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المدينة المنورة
الجمعة 2/8/1433هــ
أجابني متعجباً : ألا تعلم أني خير الأيام وأفضلها وقد خصني الله بتلك الصلاة العظيمة " صلاة الجمعة " ورتب لحضورها والاستعداد لها من الأجور ما لم يرتبه لصلاة أخرى ؟!!!
قلت: ليس عن هذا أسألك, ولكن حدثني عن سر هذا الاختصاص وعظيم هذا الفضل من بين سائر الأيام ؟ فأجابني وقد افتر ثغره عن ابتسامة حاول إخفاءها : إنما يكمن هذا الفضل وهذا الاختصاص في تنوع أحواله وتجدد أسراره , ولو كان لهذا الاختصاص سر محدد لما انطوى على هذا الفضل العظيم , وأنت ... نعم أنت من يستخرج أسراره ويسبر أغواره , ثم انصرف وقد آذنت شمسه بالمغيب.
فجلست أتأمل وأتفكر في هذا اليوم وأيّ حديث يمكن استنباطه , تأملت في ساعاته ودقائقه , في حركات الغادين والرائحين , في سكنات العباد والمتخشعين , في وعظ الخطباء وجميل صوت القارئين , فإذا حديثه ماتع شيق ..
إنه حديث الهداية : فالعبد يحمد ربه أن جعله الله من هذه الأمة التي هديت لهذا اليوم , ويسأله أن يكون هادياً مهدياً , ويكون لهَجُه وذكره : { الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله } , إنه يوم الهداية كما جاء في صحيح مسلم وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا فكان لليهود يوم السبت وكان للنصارى يوم الأحد فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة فجعل الجمعة والسبت والأحد وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة المقضى لهم قبل الخلائق », فهل أدركنا رحمة الله بنا أن هدانا لهذا اليوم ؟
حديث الجمعة: حديث بداية الخلق , وحديث الابتلاء والعمل , وحديث الجزاء والحساب : فعند الفجر تسمع قوله تعالى : { ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (6) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ }... الخ فإذا هي قد أخذت بمجامع قلبك فذكرتك نعمة الله عليك بهذا الخلق العظيم , ونبهتك بحقيقة الابتلاء , وأوقفتك على الجزاء.
وما تكاد تنتهي من مواعظ هذه السورة حتى تنقلك سورة الإنسان في حديث مجمل بليغ عن بداية الخلق وحقيقة الابتلاء إلى فضاء رحب فسيح فتحلّق بك في بلاد الأفراح , إنه حقاً يوم البدء والانتهاء والعمل والابتلاء , عن أبى هريرة أن النبى
صلى الله عليه وسلم قال: « خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة , فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها ولا تقوم الساعة إلا فى يوم الجمعة » رواه مسلم .
حديث الجمعة : حديث الثبات في الفتن والمخرج من المحن , حديث النجاة من الدجال والعصمة منه : حيث يأوي أحدنا إلى الكهف ينشر له ربه من رحمته ويهيّئ له من أمره مرفقاً , وما أحوجنا في هذه الأيام ومع اشتداد المكر الكبّار في كثير من بلدان أهل الإسلام أن نأوي إلى الكهف , يقول د. عصام العويد حفظه الله : " في كل سبعة أيام تأوي إليها لتأمن من غوائل الفتن .. سورة افتتحت بالوسيلة العظمى للنجاة من كل فتنة "القرآن " واختتمت بالحسنة العظمى التي لا يبقى معها أثر لأي فتنة " التوحيد " وبينهما أربع فتن كبار : فتنة الدين ونجاتها , والمال ونجاتها , والعلم ونجاتها , والسلطة ونجاتها , هي كهفك من الفتن فأوِ إليها ينشر لك ربك من رحمته"
حديث الجمعة : حديث ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وشمائله وفضائله : كيف وقد أُمِرنا بالإكثار من الصلاة عليه في هذا اليوم , ولله ما أجمل قول ابن القيم : "ورسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الأنام، ويوم الجمعة سيد الأيام، فللصلاة عليه في هذا اليوم مزية ليست لغيره، مع حكمة أخرى وهي أن كل خير نالته أمته في الدنيا والآخرة فإنما نالته على يده، فجمع الله لأمته بين خيري الدنيا والآخرة، فأعظم كرامة تحصل لهم فإنما تحصل يوم الجمعة، فإن فيه بعْثَهم إلى منازلهم وقصورهم في الجنة، وهو يوم المزيد لهم إذا دخلوا الجنة، وهو يوم عيد لهم في الدنيا، ويومٌ فيه يسعفهم الله تعالى بطلباتهم وحوائجهم، ولا يرد سائلهم، وهذا كله إنما عرفوه وحصل لهم بسببه وعلى يده، فمن شكره وحمده، وأداء القليل من حقه صلى الله عليه وسلم أن نكثر من الصلاة عليه في هذا اليوم وليلته " ا.هـ. (زاد المعاد 1/376).
حديث الجمعة ذو شجون وفنون , حديث يطهر الأرواح ويلهب المشاعر , ويحفز الجوارح .
إنه حديث متجدد , تجدد حدوثه ودورانه , وتجدد لقائنا في هذه الزاوية , كل جمعة تلقي عليك بجميل كلامها , وجليل حديثها.
وشكراً لأخي الكريم : الشيخ فهد الجريوي مشرف هذه الزاوية أن أتاح لي المجال
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المدينة المنورة
الجمعة 2/8/1433هــ