حديث الجمعة: قصة شاب بين حياتين: النصرانية ثم الإسلام

إنضم
11/03/2009
المشاركات
1,240
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
الرياض- حضرموت
بسم الله الرحمن الرحيم​
إنَّ مما يفرح العبد المسلم أن يرى إقبال العباد على دين الله والدخول فيه طوعاً، وقد زاملني أحد الإخوة ممن هم حديثو العهد بالإسلام، فطلبتُ منه أن يحدِّثني بخبره قبل إسلامه وبعده، وهو ممن يدرس الآن بمرحلة الماجستير في الدراسات الإسلامية، ولعل قصته هذه تكون حافزاً لبعضنا لينشط في الدعوة إلى الله وطلب العلم.
مولده وأصل عائلته:
أخبرني أنه من مواليد 12/3/1980م، من أصل عائلة يونانية، هاجرتْ من "اليونان" إلى "ألبانيا" قبل نهاية الحرب العالمية الثانية سنة 1943م، وكان عمر والده عشر سنوات، وكان جدُّه له مكانة في الكنيسة في "اليونان" وكانت صلة العائلة بالكنيسة صلة قوية من قبل، وبعدُ.
التعلُّق بالكنسية من الصغر:
كان صاحبنا هذا يذهب إلى الكنيسة مع والدته كلَّ أحد وهو ابن خمس سنوات قبل الابتدائية، ثم دخل الابتدائية وعمره ست سنوات ونصف، ثم أكمل المتوسطة، وبعدها زادت رغبته في الكنيسة، وكان في بيتهم صنماً يدعونه.
نشاط الصيف في الكنيسة:
وكانت تقام الدورات الصيفية في الكنيسة لتعلم النصرانية وحفظ شيئاً من الإنجيل، وكذلك الجولات في المناطق المجاورة للدعوة للديانة النصرانية، وكان عمره في ذلك الوقت ثلاثة عشر سنة، وكان يشارك في هذه الأنشطة.
بعض أعماله في الكنيسة:
وكان صاحبنا هذا يلبس الصليب –والعياذ بالله- ويمشي أمام القسيس ويجهِّز مكانه، ويشربون الخمر، ويقولون: هو دم عيسى عليه السَّلام.
فأي حياة يعيشها هؤلاء.
الخروجات الدعوية:
وفي يوم من الأيَّام خرجوا برفقة القسيس للدعوة إلى منطقة أكثرها مسلمون لكنهم جهلة فقراء، وكانت طريقتهم في الدعوة أنهم يسألون عن حاجة النَّاس، ويوزِّعون لهم الهدايا من الملابس والأحذية والفلوس، وهدايا الأطفال، وكان دعمهم المادي قويًّا جدًّا، ثمَّ بنى لهم القسيس كنيسة وجعل فيها بعض الفصول الدراسية وروضة للأطفال، وأرسل لهم داعية معلِّمًا، وكان صاحبنا يقول: إنَّ هذه المنطقة أكثرهم مسلمون فمن سيقوم على الكنيسة ؟!
وبعد أربعة أشهر ذهبوا لزيارة الكنيسة وإذا بها ممتلئة بالنَّاس، وكان عمر صاحبنا هذا سبعة عشر سنَّة تقريباً نهاية المرحلة الثانوية.
فانظر يا رعاك الله إلى نشاط القوم وهم على تلك الديانة الباطلة فماذا قدَّمنا نحن لديننا، والمسلمون بحاجة إلى تعليمهم أمور دينهم اليسيرة مثل سورة الفاتحة وغير ذلك.
قدوم وفد من سويسرا:
وبعد أن أنهى صاحبنا المرحلة الثانوية قدم وفدٌ من سويسرا في إجازة الصيف وطلبوا طلبة جيدين للدراسة في سويسرا –لأنَّ دعم الكنيسة يصل من هناك- واختاروا ثلاثة من الطلبة منهم صاحبنا إلا أنَّ والديه رفضوا لأنَّهم لا يريدون الغربة والبعد عن أولادهم، وذهب صاحباه.
وإذا أراد الله للعبد خيراً هيَّأ له أسبابه. ولك أن تتأمل معي في جهود هؤلاء في العناية بتعليم دينهم ونشره واختيار الجيدين لذلك.
دخول المعهد وأحداث الحادي عشر من سبتمبر:
وبعد إنهاء مرحلة الثانوية ورفض والديه سفره إلى سويسرا دخل المعهد في العاصمة الألبانية، وكان التدريب هناك على القسيس، وكانوا يأتون بالقساوسة من إيطاليا وألمانيا وسويسرا، وجلس به سنتين.
وفي هذا الوقت وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر، واستغلَّ ذلك القساوسة في الطعن في الإسلام، وأنهم يقتلون النَّاس، ويدخلون عليهم بعض الأفكار ضد المسلمين.
وبدأت الأسئلة تراود صاحبنا، فيسأل في بعض إشكاليات الإنجيل فيكون الجواب: لا تعجل سيأتي الجواب في موضعه، وهكذا.
بداية التأثر بالإسلام:
في إجازة الصيف سنة 2002م ذهب يلعب الكورة مع زملائه، وكان الملعب قريباً من مدرسة إسلامية، وقريب منها بئر للشرب، فلمَّا أنهوا اللعب ذهبوا ليشربون، فسمع صاحبنا صوتاً من نافذة المدرسة الإسلامية هذه، وإذا به طفل عمره حوالي 13 سنة يقرأ القرآن الكريم، ولم يتذكر صاحبنا أي سورة كان يقرأها لكنَّ صوته كان جميلاً، فبدأ قلبه يتحرَّك والعين تدمع، فضحك منهم زملاؤه بسبب بكائه، فقال لهم: سمعتُ صوتاً أثَّر عليَّ.
فرآهم مدرس بهذه المدرسة فقال لهم: لو أردتم التعرف على الإسلام تفضلوا للمدرسة. فقالوا: لا نريد.
ثم رجعوا إلى بيوتهم، ومازال صوت القرآن يتردد في أذن صاحبنا وعمره حوالي 22 سنة أو 23 سنة.
وإنَّ لكتاب الله تأثيراً على القلوب ولو كانت غير مسلمة، وهذا شيء معروف والتاريخ شاهد على هذا.
التفكير في الدخول في الإسلام:
ومن هذه اللحظة وهو يفكِّر في الإسلام في بيته وفي نفسه، ثم التقى بشباب من أصحابه، وقال لهم: ما رأيكم ندرس عن الإسلام أكثر ؟ فقالوا: ما تقول يا فلان ؟! فتركهم.
ثم ذهب معه اثنان منهم إلى المسجد، وكان في وسط المدينة، والتقوا بإمام المسجد، وقالوا له: نحن ثلاثة من النَّصارى نريد التَّعرف على الإسلام، وأرادوا منه كتباً عن الإسلام.
فأعطاهم مصحفاً مترجماً بلغتهم، وكذلك الأصول الثلاثة مترجماً، وقال: اقرأوا هذه ثم تعالوا.
وأخذ هذه الكتب يقرأ فيها سرًا في خفية من أهله، وكان يفكِّر في الأحرف العربية المكتوبة بها الآيات، ويقول: متى ستأتي اليوم التي سيقرأ بهذه الأحرف.
فلمَّا قرأ سورة الفاتحة ووصل إلى قوله تعالى ((ولا الضَّالين)) وقرأ تفسيرها، أخذ يفكِّر في نفسه: كيف النصارى ضالين ؟! وقبلها ((إيَّاك نعبد)) فقال: المسلمون لهم رب واحد ونحن لنا ثلاثة: رب وابن والروح، ووجد في القرآن أشياء كثيرة، ولما وصل سورة المائدة في قوله تعالى: ((اليوم أكملتُ لكم دينكم...)) بدأ جسمه يهتز ويعرق ويتفكَّر.
وفي يوم الأحد ذهب إلى الكنيسة وطرح على القسيس هذه الأسئلة: لماذا المسلمون يدعون رباً واحداً ونحن ندعوا ثلاثة ؟! الله اختار الإسلام ديناً ورضيه، وكان القسيس يغضب عليه، ويقول له: من أين جئتَ بهذا ؟ لا تسألني مرَّة أخرى بمثل هذا، سيأتي معنا هذا.
ثم التقى بزملائه الاثنين فقال له أحدهم: وجدتُ أشياء خلاف ما يقولون لنا في الكنيسة.
ثم ذهب صاحبنا إلى المسجد وطلب منهم كتاباً في التعرف على النبي صلى الله عليه وسلم فأعطوه "الرحيق المختوم" للمباركفوري رحمه الله مترجم، فقرأ فيه، وجاءه الشك أكثر فأكثر في دين النَّصارى، والتقى بزميليه وأخبرهم بما وجد، واستشارهم في الدخول في الإسلام، وقال لهم: ندعوا ربنا أن يهدينا للصواب.
وكان خلال هذه الفترة انقطع عن الكنيسة قصداً ليتفرَّغ في قراءة هذه الكتب، وأصبح عندما يدخل الكنيسة يشعر بظلام.
عجباً لدين النصارى فيه تناقض ولكنه الكبر والعناد يمنعهم من الدخول في الإسلام، ولك أن تتأمل معي كم من أجر سيحصل عليه الشيخ المباركفوري على كتابه هذا مع أنه كتبه في إحدى المسابقات، لكن إذا علم الله صدق العبد في الكتابة كتب له القبول.
الرؤيا المنامية قبل إسلامه:
ثم دعا ربَّه صادقاً في دعائه أن يهديه الطريق الصَّحيح، ثم رأى رؤية : رأى شخصاً أبيضاً ولم يرَ رأسه، يقول له: أعطني يدك، أنت على طريق الحق، الإسلام هو النور في هذه الحياة، وأنَّ الله قد قبل دعوتك.
وفجأة استيقظ وأثَّرت فيه هذه الرؤية، فأخبر زملاؤه فضحكوا منه، فقال لهم: أنا سأتبع الإسلام. ثم ذهب إلى المسجد، وقال لإمام المسجد: أريد أن أدخل الإسلام، ففرح به الإمام ثم أعلن إسلامه أمام النَّاس بالمسجد، وهذا سنة 2003م ثم ذهب بيته ولم يخبر أهله بالخبر.
ما أسعدها من لحظات، عندما يتحوَّل الرجل من الكفر إلى الإسلام.
إعلان إسلامه أمام أهله:
وبعد انقطاعه من الكنيسة جاء القسيس للبيت واستقبله الأهل، وسأل عن سبب غياب ابنهم عن الكنيسة، فنادوا الابن، فخرج إليهم، ولم يمدَّ لهم يده للسلام، فقال له القسيس: لماذا غبتَ عن الكنيسة ؟ فقال له: تريدون الحقيقة أم الكذب ؟
فقال: أنت لا تكذب.
فقلتُ له: يا أيها القسيس يا أبي يا أمي يا أخوتي –وكانوا كلهم مجتمعون- السبب في عدم ذهابي إلى الكنيسة أنني قرأتُ عن الإسلام.
فقال له القسيس: كيف تقرأ عن الإسلام بدون إذني ؟!
فقال: من أنت حتى يستأذن منك، هذه حريَّة.
فغضب والده.
ثم قال لهم: أخبركم بأنني دخلتُ في الإسلام، وأصبحتُ مسلماً، وتركتُ دينكم، والسبب في دخولي الإسلام أمران:
1) الشكوك في التي لم أجد لها جواباً.
2) الكلام الذي تقولونه عن الإسلام ليس صحيحاً.
ثم قال: وأنا أدعوك يا قسيس لهذا الدين الحق، والله يقول: ((غير المغضوب عليهم ولا الضَّالين)) وأنتم أهل الضلال. الدين الذي اختاره الله لهذه الأمة هو الإسلام ولن يقبل ديناً سواه، وأنا كنتُ في ضلال، فأدعوك للإسلام، يا أبي أدعوك للإسلام، ويا أمي أدعوك للإسلام، ويا إخوتي أدعوكم للإسلام، نحن ندعوا الصليب، والله يقول: ((ادعوني أستجب لكم.
فغضب القسيس غضباً شديداً وخرج من البيت.
وغضب والده، فطرده من البيت ثلاثة أشهر، فقضاها عند خاله،حتى اشتاقت له أمه فأرجعته إلى بيتهم.
وخلال هذه المدَّة كان يقضي يومه بالمسجد.
إنه الإيمان إذا وقر في القلب هان أمامه كلَّ شيء، وصغر عنده كل من سوى الله.
خبر صاحبيه:
ثم التقى بصاحبيه -الذَين رافقاه إلى المسجد للتعرف على الإسلام- وسألهم: ما شأنكم ؟ قالوا: قريباً نخبرك فما زلنا نقرأ عن الإسلام.
فكان يجلس في المسجد وقتاً طويلاً يقرأ عن الإسلام لوحده، وتقام هناك دروس لكنه لا يحضرها بسبب أنه لا يفهمها.
وبعد أيام قليلة التقى بصاحبيه، وأخبروه أنَّ القسيس غضبان غضباً شديداً عليه.
ثم قال له أحدهم: بعد أن قرأتُ عن الإسلام أصبح عندي ميل للدخول فيه.
ثم بعد يوم جاءه المسجد، وقال له: أريد الدخول في الإسلام.
فأعلن إسلامه أمام النَّاس وتعانقا. ثم وضَّح السَّلام والتحية، ودخل المعهد الإسلامي في بلده، ثم هاجر إلى الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، ودرس بكلية الدعوة وأصول الدِّين ثم رجع إلى بلده داعياً إلى الله وإلى دينه.
وهذا الشخص أوَّل رجل يسلم على يد صاحبنا.
وأمَّا صاحبه الآخر: فذهب إلى سويسرا مبتعثاً من الكنيسة لدراسة النصرانية.
((إنَّك لا تهدي من أحببتَ ولكنَّ الله يهدي من يشاء))، ولئن يهدي بك الله رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم.
أهله بعد رجوعه إليهم وسفره للدراسة:
بعد رجوعه من بيت خاله إلى بيت أهله أصبح يدعو أهله إلى الإسلام، فأصبحت أخته عندها رغبة في الإسلام، وتقرأ مع أمها عن الإسلام سراً.
وفي هذه الفترة تمَّ قبوله للدراسة في إحدى الجامعات السعودية، ومازال حتى الآن، وهو الآن بمرحلة الماجستير، وقد لوالدته دور في تمويله في تذاكر السَّفر إلى المملكة مع أنها كانت على النصرانية.
وفي هذه المدَّة أسلمت أخته ووالدته وأخوه الأكبر، وأمَّا والده فتوفي في سنة 1424 هـ، ولم يسلم بعدُ، فمات على النصرانية –والعياذ بالله-.
أسأل الله له التوفيق والسداد في حياته، والثبات على دينه حتى الممات

هذه القصة أحداثتها كتبتها مباشرة بلا واسطة عن صاحبها، واختصرتها هنا قدر الإمكان، حكاها لي وعيونه تدمع وتبكي


كتبه: أبو إسحاق الحضرمي
حضرموت -غيل باوزير
25 رجب 1433 هـ
 
جزاك الله خيراً أخي الفاضل على مشاركتنا هذه القصة فهي مؤثرة بالفعل لعلنا نأخذ منها العبر ونحمد الله تعالى على أننا مسلمين ثم نجتهد بالتعرف على ديننا أكثر ولا نتواكل على أننا خلقنا مسلمين في عائلة مسلمة وفي بلد مسلم فكل هذا لا يغني عنا شيئاً إذا قصرنا في فهم ديننا والدعوة إليه كلٌ من مكانه وفي دائرته ومحيطه وبحسب إمكاناته.
اللهم اهدنا إلى صراطك المستقيم واهدنا للحق واجعلنا هداة مهتدين يا رب وثبّت اللهم إخواننا الذين يدخلون في هذا الدين وأعزّ الاسلام والمسلمين.
 
بارك الله فيك يا أبا إسحاق على هذا السرد اللطيف ، وأسأل الله لنا وله الثبات على الإسلام حتى نلقاه غير مبدلين ولا مغيرين . والهداية للاستقامة نعمة عظيمة من الله نسأل الله من فضله .
 
شكر الله لكم مروركم وتعليقكم جميعاً
وأعتذر عن ورود بعض الأخطاء المطبعية وتأخر رفعه بسبب الضعف الشديد للانترنت عندنا بحضرموت هذه الأيام، وكثرة انقطاع التيَّار الكهربائي.
فقد كتبتها واختصرتها والحال كما ذكرتُ أسأل الله تعالى أن يعفو عني وعنكم
 
عودة
أعلى