حديث ابن مسعود :( من قرأ حرفا من كتاب الله ...) بين الرفع والوقف

إنضم
04/04/2003
المشاركات
172
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

فبناء على طلب أخي الكريم الشيخ : أبي مجاهد العبيدي – وهو أحد المشرفين على هذا المنتدى – مراجعة حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف " .

أقول وبالله التوفيق :
حديث ابن مسعود هذا يرويـه عنه جماعـة من الرواة واختلف عليه فيه وقفا ورفعا كما يلي :
1-رواية الرفع :
رواها عنه محمد بن كعب القرظي ، أخرجها : الترمذي (2910) والبيهقي في شعب الإيمان 4/548 (1831) وابن مندة في (الرد على من يقول الم حرف )ص 54 رقم (14) .
كلهم من طريق محمد بن كعب عن ابن مسعود مرفوعـا إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

2-رواية الوقف :
رواها عن ابن مسعود جماعة منهم :

أ-أبو الأحوص .
أخرجها ابن المبارك في الزهد (808) والطبراني 9/ 140 وابن أبي شيبة 10/462 والدارمي2/308 والحاكم 1/566 .
وأبو الأحوص ثقة ، وهي أقوى الروايات ويعضدها مايأتي .

ب-قيس بن السكن .
أخرجها ابن أبي شيبة 10/461 وابن مندة رقم(15) .
وقيس ثقة من رجال مسلم ثبت سماعه من ابن مسعود .

ج-أبو عبيدة بن عبدالله بن مسعود عن أبيه موقوفا .
أخرجها عبدالرزاق 3/367 والطبراني 9/139
وهو ثقة لكن لايصح سماعه من أبيه .

د- علقمة أو الأسود عن ابن مسعود موقوفا
أخرجها ابن أبي شيبة 10/462 وفيه :( كان له بكل حرف عشر حسنات ومحو عشر سيئات )
وعلقمة والأسود كلاهما ثقة ، لكن في الإسناد إليهما مقال .

هـ - أبو البختري الطائي عن ابن مسعود موقوفا .
أخرجها الآجري في ( أخلاق حملة القرآن ) ص 17
وهو ثقة ثبت لكن روايته عن ابن مسعود مرسلة .

و- القاسم بن عبدالرحمن عن ابن مسعود موقوفا
أخرجها ابن مندة في (الرد على من يقول الم حرف )ص 57 بلفظ :" أما إني لست ممن يزعم أن بكل آية عشر حسنات ولكن أزعم أن بكل حرف من حروف المعجم عشر حسنات "
والقاسم لم يدرك ابن مسعود .

ز- يسير أو أسير بن عمرو عن ابن مسعود موقوفا
أخرجها ابن مندة في (الرد على من يقول الم حرف ) ص 58
ويسير صدوق ، لكن في سندها السري بن عاصم متروك واتهمه بعضهم .

وهذ الروايات الخمس (ج – ز) لاتخلو من مقال وضعف في أفرادها لكنها تتقوى برواية أبي الأحوص الأولى .

أما رواية الرفع فسندها حسن إن ثبت سماع محمد بن كعب من ابن مسعود وهو مختلف فيه ، فأثبته أبو داود وصححه العلائي في (جامع التحصيل)ص 268 ونفاه آخرون .
والحديث رواه البخاري في (التاريخ الكبير ) 1/216 بسنده إلى محمد بن كعب قال : سمعت عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره . قال البخاري :لاأدري حفظه أم لا ؟
وبالرجوع إلى ترجمة محمد بن كعب نجد أن ولادته في سنة 40 هـ أي بعد وفاة ابن مسعود بثمان سنين , واختلف في سنة وفاته على خمسة أقوال تنحصر بين 108 – 129 هـ وعمره 78 سنة ، وعلى أقل الأقوال نجعل وفاته سنة 108 هـ فيكون مولده سنة 30 هـ أي كان عمره حين وفاة ابن مسعود سنتين فيبعد أن يتحمل عنه في هذا السن .

وقول الشيخ الجديع في تحقيقه لكتاب ابن مندة :"جميع ماقيل في وفاته وعمره أقوال متقاربة وأي ذلك كان الصواب فإنه ولد قطعا بعد موت عبدالله بن مسعود " متعقب بأن أبا نعيم وابن أبي شيبة والترمذي وغيرهم نصوا على أن وفاته كانت سنة 108 هـ فيكون ولد قبل موت ابن مسعود لكن بحيث لايمكنه التحمل منه .
وعليه تكون روايته عنه مرسلة ، ويترجح رواية الوقف ومن مرجحاتها الكثرة كما سبق . فاجتمع في رواية الرفع : الانقطاع ومخالفة الأكثر .
والحديث ساقه الألباني رحمه الله في الصحيحة 2/267 بالرفع قال : وإسناده جيـد وقد خرجته في تعليقي على الطحاوية ص 201 ط الرابعة .
والطبعة التي عندي هي الثامنة وليس فيها فهرس للأحاديث ، ولم أجد الحديث في فهرس طبعة التركي والأرناؤوط .
وصححه في التعليق على المشكاة 1/659 .
وصححه مرفوعا من المتأخرين أيضا الشيخ :عبدالقادر الأرناؤوط في تعليقه على جامع الأصول 8/498 .
بينما رجح الوقف الشيخ : عبدالله الجديع في بحث مسهب في تحقيقه لكتاب ( الرد على من يقول الم حرف) لابن مندة ،وهو أوسع من تكلم على الحديث فيما أعلم .
وأنبه أخيرا أنه حتى على القول بترجيح الوقف فإن هذا مما لا مجال للرأي فيه فيكون من المرفوع الحكمي .
والله أعلم
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
جزاك الله خيراً يا أبا عبدالعزيز على هذا العلم النافع ، والترتيب البديع الذي لا يستغرب من مثلكم. وهكذا فتكن التحريرات والفوائد.
 
[align=justify]ويبقى النظر في معنى "الحرف" في الحديث، وما المراد به؟[/align][align=justify]

وقد كنت كتبت بياناً مختصرا في هذه المسألة في رسالة الماجستير، ونصه:

( الحرف في الأصل : الطرف والجانب والحدّ ، فحرف الشيء طرفه ، ومنه حرف الجبل ، والسيف والسفينة لأطرافها ، وحروف الهجاء : أطراف الكلمة ، والحروف العوامل في النحو : أطراف الكلمات الرابطة لبعضها ببعض([1]) .

وأمَّا كلمة حرف في الاصطلاح فلها عدة إطلاقات :

فهي تطلق على حرف الهجاء في اصطلاح الكاتبين والقارئين ، وتطلق على الكلمة غير المستقلة بالمعنى التي تربط بين الاسم والفعل أو بين الاسم والاسم في اصطلاح النحويين ، مثل على وعن ونحوهما ، وتطلق على كل كلمة تقرأ على وجوه متعددة من القرآن في اصطلاح علماء القراءات ، تقول : هذا في حرف ابن مسعود أي في قراءة ابن مسعود([2]) .

وأمَّا معنى الحرف في عرف الشارع فهو الكلمة لا حرف الهجاء ، ولذلك فإن لفظة { حرف } من الألفاظ التي شاع لها معنى غير المعنى المراد بها شرعاً([3]) .

فالمشهور الشائع عند أكثر الناس عندما يسمعون - مثلاً - حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه : { من قرأ القرآن ، فله بكل حرف عشر حسنات ، أما إني لا أقول ( الم ) حرف ، لكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف }([4]) أن معنى الحرف هنا حرف الهجاء ، ويبنون على هذا الفهم أن قراءة كلمة ( الحمد ) مثلاً يحصل القارئ لها على خمسين حسنة لأن له بكل حرف عشر حسنات ، وهذا فهم خاطيء وإن كان هو المشهور عند أكثر الناس .

والصحيح أن معنى { الحرف } في هذا الحديث هو { الكلمة } .

قال ابن الجزري([5]) - رحمه الله - : ( وقد سألت شيخنا شيخ الإسلام ابن كثير - رحمه الله تعالى - : ما المراد بالحرف في الحديث ؟ فقال : الكلمة ، لحديث ابن مسعود - رضي الله عنه - : { من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات ، لا أقول ( الم ) حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف } .

وهذا الذي ذكره هو الصحيح ، إذ لو كان المراد بالحرف حرف الهجاء لكان ألف بثلاثة أحرف ، ولام بثلاثة ، وميم بثلاثة ، وقد يَعْسُر على فهم بعض الناس فينبغي أن يتفطن له ، فكثير من الناس لايعرفه )([6]) ا هـ . )

الحواشي والتعليقات
----------------------------
([1]) انظر : تهذيب اللغة للأزهري 5/12 ، 13 ، ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس 2/42 ، ولسان العرب لابن منظور 3/127 ، 128 ، وانظر كذلك : مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني ص 228 ، وعمدة الحفاظ للسمين الحلبي 1/453 .
([2]) انظر : تهذيب اللغة ولسان العرب في المواضع السابقة ، وانظر : كتاب الأحرف السبعة ومنزلة القراءات منها للدكتور حسن ضياء الدين عتر ص 120 .
([3]) انظر : كتاب الحقيقة الشرعية في تفسير القرآن العظيم والسنة النبوية لمحمد عمر بازمول ص 78 .
([4]) أخرجه الترمذي في كتاب فضائل القرآن ، باب : ماجاء فيمن قرأ حرفاً من القرآن ماله من الأجر رقم [2910] 5/161 من حديث عبدالله بن مسعود ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه ، وقال الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم [2327] 3/9 : صحيح . وقد قرر الدكتور خالد أن الصحيح وقفه.
([5]) هو : محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف ، أبو الخير ، شمس الدين الدمشقي ، المشهور بابن الجزري شيخ الإقراء في زمانه ، ومن حفاظ الحديث ، من كتبه : النشر في القراءات العشر ، ومنجد المقرئين ، وطيبة النشر في القراءات العشر ، وغيرها كثير ، توفي سنة 833 هـ . انظر : الأعلام للزركلي 7/45 ، 46 .
([6]) النشر في القراءات العشر لابن الجزري 2/453 - 454 ، وانظر : تقرير ذلك في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 12/103 - 113 . [/align]
 
فضلُ الله أوسعُ يا أبا مجاهد رعاك الله وجزاك خيراً .
ألا ترى أن القطع بأنَّ الحرف في الحديث ليس حرف الهجاء قابلٌ للنقاش ، فالحديث ليس قاطعاً - في نظري - بأنه ليس المقصود حرف الهجاء كما فهم ابن كثير رحمه الله . ولعله أيده كما تقول ابن تيمية وغيره . فهل من بيان أوسع لمثلي حول هذه النقطة وفقك الله ؟
 
لاثراء الحوار...
قال الشيخ الفاضل ابو مجاهد وفقه الله وسلمه:

وأمَّا معنى الحرف في عرف الشارع فهو الكلمة لا حرف الهجاء
.

وعليه :
فمعنى قول ابن مسعود ((من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات ))
فله بكل كلمة عشر حسنات هذا معنى متبادر وظاهر وهو الذي يفهم بناء على ما سبق .
السؤال : لم قال ابن مسعود بعد ذلك :
((لا أقول ( الم ) حرف )) ؟
قاله لدفع توهم .
والتوهم الذي يُراد دفعه في الظاهر هو المعنى المتبادر السابق ذكره.
ولاسيما مع ملاحظة ان الحديث سيق لبيان عظم اجر قارئ القران وهذا الاجر وهو ان بكل كلمة عشر حسنات مفهوم ظاهر من كلام ابن مسعود ان بكل حرف عشر حسنات ولكن لعل ظاهر الكلام ان ابن مسعود اراد اثبات اجر اعظم من الذي يتبادر الى الذهن . ولذلك تراه فصل وقال : الف حرف ولام حرف وميم حرف . ولو كان على ما رجحه الشيخ ابو مجاهد لم يكن داع لهذا التفصيل .
لعلكم شيخنا الفاضل تتأملون في هذا وتفيدوننا .

 
جزاكم الله خيرا
ولعل هذا هو موطن الاشكال ..
هل تمثيل ابن مسعود رضي الله عنه ب ((الم )) بسبب التوهم في خصوص الحروف المقطعة
وعليه فجوابكم واضح .
ام ان الكلام كان لتوضيح المعنى ووقع التمثيل ب ((الم)) عرضا .
لاشك ان المعنى الثاني اعم .
و (( الم )) من حيث الرسم حرف واحد - فلعل التمثيل به وقع من هذه الحيثية -
ومن حيث نطق البشر ثلاثة احرف .
والله أعلم .
 
معذرة فقد ظننت المذكور ردا فاذا هو رابط لموضوع جميل للشيخ ابي طارق .
[FONT=&quot]ولكن يبقى الرد كما هو ولعله يوضح موضع الاشكال[/FONT][FONT=&quot] .[/FONT]
 
عودة
أعلى