حجية تفسير الصحابي

محمد عزت

New member
إنضم
22/06/2003
المشاركات
13
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين و أصحابه الطاهرين الذين بلغوا عنه لمن بعدهم و حملوا هذا الدين و حملوه للناس فجازهم الله عنا خيراً
كنت قد قرأت كلاماً لفضيلة الشيخ بن العثميين في أصول التفسير عن منهج تفسير القرآن وكلامه في المرتبة الثالثة عن تفسير الصحابة رضوان الله عليهم و كنت قد سمعت من بعض العلماء عن منهج الحافظ بن كثير في التفسير و كيف التزم به في كتابة و عن تميز هذا المنهج الذي أعتمد فيه على التفسير بالمأثور بعد القرآن ومن ذلك أعتماده على تفسير الصحابة ومن بعدهم و أيضاً ينضم إلى ذلك كلام شيخ الإسلام بن تيمية و هو يتحدث عن التفسير بالنقل و ذكر أن النبي صلى الله عيه وسلم قد فسر القرآن كله للصحابة قال تعالى : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ) وذكر رحمه الله أن الصحابة فسروا القرآن للتابعين و تحدث عن قلة الاختلاف بين الصحابة في النفسير .
و قول الحاكم في التفسير من كتاب المستدرك : ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي و التنزيل عند الشيخين حديث مسند.
و لكن هناك من العلماء من قال : أننا لا نسلم أن تفسير الصحابي في حكم المرفوع إلا فيما كان من سبب نزول ونحوه , بل هو - في الغالب - فهم له في القرآن , كثيراً ما يعارضه غيره من الصحابة و لو كان كله مرفوع ما تعارض ولا أختلف
و كلام الإمام بن حزم و هو يرد على من أحتج بقول بن مسعود وغيره في أيه ( و من الناس من يشتري لهو الحديث ..........)
: لاحجة في هذا من وجوه أحدها : أنه لا حجة لأحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم

أنا محتار في هذا الأمر فهناك تفسيرات أجتمع عليها الصحابيان بن عباس و بن مسعود و خالفهم فيها بعض المتأخرين !!
فهل تفسير الصاحبي حجة و هل في المسألة خلاف بين العلماء و من منهم القألين بعدم حجيته ؟
أجيبوني جزاكم الله عني خيراً و خصوصاً بعد موضوع نقل بعض الحابة عن الإسرئليات الذي اثاره محمد الأمين
 
**هل تفسير السلف حجة؟**

بإمكاننا تقسيم تفسير الصحابي إلى الأقسام التالية:

1- التفسير الذي فيه غيبيات في العقيدة:

فهذا كله حجة قاطعة، لأنه لا يحل لأحد أن يحدث بغير حديث صحيح مرفوع.



2- التفسير الذي فيه أخبار الأمم السابقة وأخبار الفتن والملاحم وأشراط الساعة:

وهذا غالبه يكون حكمه حكم المرفوع. لكن قد يكون الصحابي قد أخذه من أهل الكتاب، فلا حجة فيه. ولا أعلم أنه ثبت عن صحابي قط أنه روى عن الإسرائيليات في التفسير ولم يُبيّن ذلك إلا عبد الله بن عباس، فقد أكثر من هذا الأمر. ولا أعرف لأحد من كبار الصحابة كعبد الله بن مسعود رواية عن أهل الكتاب.


3- التفسير الفقهي واللغوي:

هناك خلاف مشهور حول حجية تفسير الصحابي سواء الفقهي أم اللغوي. ومن الأدلة على أن أقوالهم غير مُلزِمة هو اختلافهم في التفسير والفقه. وقد ذكر ابن عبد البر في التمهيد (4|263) قصة خلافٍ بين ابن عباس وابن مخرمة ثم قال: «وفي هذا الحديث من الفقه: أن الصحابة إذا اختلفوا، لم تكن الحجة في قول واحدٍ منهم إلا بدليلٍ يجِبُ التسليم له من الكتاب أو السنة. ألا ترى أن ابن عباس والمسوّر بن مخرمة –وهما من فقهاء الصحابة وإن كانا من أصغرِهِم سِنّاً– اختلفا، فلم يكن لِواحدٍ منهما حُجة على صاحبه، حتى أدلى ابن عباس بالسنة ففلج».



كما أن التابعين كانوا يفتون بحضرة الصحابة. ولم يثبت عن صحابي أنها نهى تابعي عن الإفتاء بحضرتهم، بل كان بعض الصحابة يحيل على التابعين، مثل ابن عباس وتلميذه عطاء. فترى التابعي يخالف الصحابي أحياناً في التفسير والفقه، فلا يستدرك الصحابي عليه ويقول أنا على الصواب لأني أنا صحابي وأنت تابعي.



واتفق العلماء أن قول الصحابي أولى من غيره، وإن اختلفوا في حجيته. واتفقوا على أن ما أجمع عليه الصحابة من تفسير فهو ملزم لمن بعدهم. ولكن إثبات إجماع الصحابة عسيرٌ وصعب. ومن الأمثلة على الإجماع الثابت: أن عمر بن الخطاب t كان ينهى الإماء عن تغطية رؤوسهن ويضربهن على ذلك لأنهن يتشبهن بالحرائر. وفرض مثل هذا على الناس لا يكون في مسألة اجتهادية. بل لو كان كذلك لعارضه أحد الصحابة ممن يأبون ذلك على إمائهم، ولكان وصلنا هذا. فَلما لم يصِلنا قولٌ مخالفٌ له، ثبت الإجماع على أن آية الحجاب خاصة بالحرائر لا بالإماء.

4- أسباب نزول الآيات:

قلنا أن هناك خلاف مشهور في حجية قول الصحابي في المسائل الفقهية، أما في أسباب النزول فقول الصحابي حكمه حكم الحديث المسند المرفوع إلى رسول الله r. و إجماع الصحابة على تفسير آية هو حجةٌ قاطعة. و لذلك احتج ابن العباس بهذا على الخوارج.

قال الحاكم أبو عبد الله في التفسير، من كتاب المستدرك «ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين (أي البخاري ومسلم): حديثٌ مُسند». وقال في موضع آخر من كتابه: «هــــو عـــــنــــدنــــا فــــي حــــكـــم الـــمـــرفـــوع». وهو لا يقصد التفسير بالرأي بل يقصد أن قول الصحابي في سبب النزول حجة قاطعة لا يجوز العدول عنها. لأنه لا يحدِّث في ذلك إلا إذا صح عنده حديثاً مرفوعاً أو شهد سبب النزول بنفسه. فقول الصحابي في أسباب النزول ليس اجتهاداً منه، وإنما هو شهادة منه غير متعلقة بالرأي.

هذا كله عن تفسير الصحابة. أما تفسير التابعين فما بعدهم فلا ريب أنه ليس بحجة في دين الله. جاء في كتاب الإرشاد للخليلي (1|396): قال شعبة: «رأي التابعين من قِبَلِ أنفُسِهم ريحٌ لا يُعتمَدُ عليه، فكيف في كتاب الله؟!».
منقول من : هنـــــــــــا وهو موقع الأخ محمد الأمين الذي يكتب هنا في الملتقى .

وقد سبقت الإشارة إلى هذه المسألة هنـــــــــــا

ولابن القيم في كتابه إغاثة اللهفان تعليق على قول الحاكم : "ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي و التنزيل عند الشيخين حديث مسند"
قال ابن القيم : [color=006633](وهذا وإن كان فيه نظر فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير مَن بعدهم، فهم أعلم الأمة بمراد الله من كتابه، فعليهم نزل وهم أول من خوطب به من الأمة، وقد شاهدوا تفسيره من الرسول علماً وعملاً، وهم العرب الفصحاء على الحقيقة فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيل. )[/color]

وقد نص العلامة ابن باز رحمه الله على حكم تفسير الصحابي بقوله في فتوى عن حكم الغناء : ( قال ابن مسعود في تفسير الآيه: "والله الذي لا إله الا هو إنه الغناء" [color=0000FF]وتفسير الصحابي حجه وهو في المرتبه في التفسير لأن التفسير له ثلاث مراتب: تفسير القرآن بالقرآن، وتفسير القرآن بالسنه، وتفسير القرآن بأقوال الصحابه، حتى ذهب بعض أهل العلم إلا أن تفسير الصحابي له حكم الرفع ولكن الصحيح أنه ليس له حكم الرفع وإنما هو أقرب الأقوال إلى الصواب[/color].)

وأخيراً ؛ أذكر أن للشيخ مساعد الطيار تفصيل حسن حول تفسير الصحابي ذكره عند كلامه عن مصادر التفسير ، فلعله يذكره هنا أو يعلق بما يراه مناسباً .
 
إكمالاً لما ذكره أخي الشيخ ابو مجاهد أحب أن أبين مراد الحاكم في تفسير الصحابي فأقول :

ذكرَ الحاكمُ رأيهُ في حكم تفسير الصحابي في مَوضعينِ مِن مستدركه ( 1 /726 ) و ( 2 /284 ) واختار قَوْلَهُ الزركشيُّ في البرهان ( 2 / 174 ) .
وقد بيّن ابنُ القيمِ مُرَادَ الحاكمِ حيثُ قالَ :" أيْ أنّه في حُكْمِه في الاستدلال والاحتجاج ، لا أنّه إذا قالَ الصحابي في الآية قولاً فلنا أنْ نقول : هذا القولُ قولُ الرسولِ ، أو قالَ رسولُ الله . وله وجهٌ آخر ، وهو أنْ يكونَ في حكم المرفوع بمعنى أنّ رسول الله بيّنَ لهم معاني القرآنِ وفسَّرهُ لهم كما وصَفَهُ تعالى بقوله :{ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ } (النحل:من الآية44) ، فبَيَّنَ لهم القرآن بيانًا شافيًا ، وكانَ إذا أشْكَلَ على أحدٍ منهم معنىً سألهُ عنه فأوضَحهُ له ، فإذا نقلوا لنا تفسيرَ القرآنِ فتارةً ينقلونَ عنه بلفظه ، وتارةً بمعناه فيكونُ ما فَسَّرُوا بألفاظهم مِن بابِ الرواية بالمعنى ، كما يَرْوُونَ عنه السنّة تارةً بلفظها وتارةً بمعناها ، وهذا أحسنُ الوجهين والله أعلم " (إعلام الموقعين 4 / 117 ) .
وقالَ السيوطي معلقاً على قولِ الحاكم :" ما قالهُ الحاكمُ نازعهُ فيه ابن الصلاح ( معرفة علوم الحديث صـ 50 ) بأنّ ذلك مخْصوصٌ بما فيه سبب النزول أو نحوه ، مما لا مدخل للرأي فيه ثم رأيتُ الحاكم نفسه صرّح به في علوم الحديث ( صـ 20 ) فقالَ :" ومِن الموقوفاتِ تفسيرُ الصحابةِ وأمّا مَن يقولُ : إنّ تفسير الصحابة مسندٌ ، فإنّما يقول فيما فيه سببُ نُزولٍ ".
فقد خصَّص هنا وعمّمَ في المستدرك ، فاعْتَمِدِ الأول والله أعلم "( الإتقان في علوم القرآن 2 /1205 ) .
ولذا ينبغي اعتماد ما في كتابه معرفة علوم الحديث وتخصيص عموم كلامه في المستدرك ليتبين رأي الحاكم رحمه الله , إذ هو أولى من توجيه كلامه كما هو صنيع ابن القيم رحمه الله .
 
عودة
أعلى