محمد محمود إبراهيم عطية
Member
سنة من سنن الله تعالى ماضية في التغيير نجدها في آيتين من القرآن العظيم ؛ الأولى : قوله تعالى : ] إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ [ [ الرعد : 11 ] فيخبر Y عن هذه السنة الماضية في خلقه ، وهي أنه تعالى لا يزيل نعمة أنعم بها على قوم من عافية وأمن ورخاء ، بسبب إيمانهم وصالح أعمالهم ، حتى يغيروا ما بأنفسهم من طهارة وصفاء بسبب ارتكابهم للذنوب وغشيانهم للمعاصي ، نتيجة الإعراض عن كتاب الله ، وإهمال شرعه ، وتعطيل حدوده ، والانغماس في الشهوات ، والضرب في سبيل الضلالات.
فهل وعى الناس سبب تغيير النعم ، أم أن البعض لا يزال في غيه ، يظن أن النعم تُجلب بالمعاصي ، والخروج عن حدود الشرع ؟
قال صاحب ( أضواء البيان ) : بيَّن تعالى في هذه الآية الكريمة ، أنه لا يغير ما بقوم من النعمة والعافية ، حتى يغيروا ما بأنفسهم من طاعة الله جل وعلا ؛ والمعنى : أنه لا يسلب قومًا نعمة أنعمها عليهم ، حتى يغيروا ما كانوا عليه من الطاعة والعمل الصالح ، وبيَّن هذا المعنى في مواضع أخر كقوله : ] ذَلِكَبِأَنَّاللَّهَلَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [ [ الأنفال : 53 ].ا.هـ .
وهذه هي الآية الثانية ؛ وتغيير النعمة تبديلها بنقمة بالسلب لها أو تعذيب أهلها ؛ فقوله تعالى : ] ذَلِكَ [ إشارة إلى العذاب الذي حلَّ بمن ذكرهم قبل هذه الآية ، بسبب ذنوبهم وكفرهم : ] فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ [ [ الأنفال : 52 ] ، أي : ذلك الأخذ بسبب أعمالهم التي تسببوا بها في زوال نعمتهم ، وذلك جرى على سنة الله أنه لا يسلب نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ؛ وفي الآية – كما يقول الشيخ الجزائري - إشارة إلى ما أنزله من عذاب على الأمم المكذبة الكافرة الظالمة ، وإلى بيان سنته في عباده وهي أنه تعالى لم يكن من شأنه أن يغير نعمة أنعمها على قوم كالأمن والرخاء ، أو الطهر والصفاء ، حتى يغيروا هم ما بأنفسهم بأن يكفروا ويكذبوا ، ويظلموا أو يفسقوا ويفجروا ، وعندئذ يغير تلك النعم بنقم ، فيحل محل الأمن والرخاء الخوف والغلاء ، ومحل الطهر والصفاء الخبث والشر والفساد ؛ هذا إن لم يأخذهم بالإبادة الشاملة والاستئصال التام.
قال ابن تيمية - رحمه الله : وهذا التغيير نوعان ؛ أحدهما : أن يبدو ذلك فيبقى قولا وعملا يترتب عليه الذم والعقاب .
والثاني : أن يغيروا الإيمان الذي في قلوبهم بضده من الريب والشك والبغض ، ويعزموا على ترك فعل ما أمر الله به ورسوله ، فيستحقون العذاب هنا [ النوع الثاني ] على ترك المأمور ، وهناك [ النوع الأول ] على فعل المحظور .
وكذلك ما في النفس مما يناقض محبة الله والتوكل عليه والإخلاص له والشكر له يعاقب عليه ؛ لأن هذه الأمور كلها واجبة ، فإذا خلَّى القلب عنها واتصف بأضدادها استحق العذاب على ترك هذه الواجبات.ا.هـ .
ففي هذه الآية وعيد شديد وإنذار رهيب قاطع بأنه إذا انحرف الآخذون بالدين والمنتمون إليه عن جادته المستقيمة ، ومالوا مع الأهواء ، وتركوا التمسك بآدابه وسنته القويمة ؛ حل بهم ما ينقلهم إلى المحن والبلايا ، ويفرق كلمتهم ، ويوهي قوتهم ، ويسلط عدوهم؛ قاله القاسمي رحمه الله في تفسيره .
وأشار القرطبي – رحمه الله – أن الآية الأولى تدل على أن الله لا يغير ما بقوم حتى يقع تغيير ؛ إما منهم أو من الناظر لهم ، أو ممن هو منهم بسبب ؛ كما غير الله بالمنهزمين يوم أحد بسبب تغيير الرماة بأنفسهم .. فليس معنى الآية أنه ليس ينزل بأحد عقوبة إلا بأن يتقدم منه ذنب ، بل قد تنزل المصائب بذنوب الغير ؛ كما قال e وقد سئل : أنهلك وفينا الصالحون ؟! قال : " نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ " ؛ وروى ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي قال : أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أن قل لقومك : إنه ليس من أهل قرية ولا أهل بيت يكونون على طاعة الله فيتحولون منها إلى معصية الله ، إلا حوَّل الله عنهم ما يحبون إلى ما يكرهون ؛ ثم قال : إن تصديق ذلك في كتاب الله : ] إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [.
إنها رسالة لا بد أن تصل إلى الجميع : غيروا ما بأنفسكم إلى الخير ، يغير الله ما بأحوالكم ، عالجوا القلوب من أمراضها ، يصلح الله الأبدان والأحوال .
فهل وعى الناس سبب تغيير النعم ، أم أن البعض لا يزال في غيه ، يظن أن النعم تُجلب بالمعاصي ، والخروج عن حدود الشرع ؟
قال صاحب ( أضواء البيان ) : بيَّن تعالى في هذه الآية الكريمة ، أنه لا يغير ما بقوم من النعمة والعافية ، حتى يغيروا ما بأنفسهم من طاعة الله جل وعلا ؛ والمعنى : أنه لا يسلب قومًا نعمة أنعمها عليهم ، حتى يغيروا ما كانوا عليه من الطاعة والعمل الصالح ، وبيَّن هذا المعنى في مواضع أخر كقوله : ] ذَلِكَبِأَنَّاللَّهَلَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [ [ الأنفال : 53 ].ا.هـ .
وهذه هي الآية الثانية ؛ وتغيير النعمة تبديلها بنقمة بالسلب لها أو تعذيب أهلها ؛ فقوله تعالى : ] ذَلِكَ [ إشارة إلى العذاب الذي حلَّ بمن ذكرهم قبل هذه الآية ، بسبب ذنوبهم وكفرهم : ] فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ [ [ الأنفال : 52 ] ، أي : ذلك الأخذ بسبب أعمالهم التي تسببوا بها في زوال نعمتهم ، وذلك جرى على سنة الله أنه لا يسلب نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ؛ وفي الآية – كما يقول الشيخ الجزائري - إشارة إلى ما أنزله من عذاب على الأمم المكذبة الكافرة الظالمة ، وإلى بيان سنته في عباده وهي أنه تعالى لم يكن من شأنه أن يغير نعمة أنعمها على قوم كالأمن والرخاء ، أو الطهر والصفاء ، حتى يغيروا هم ما بأنفسهم بأن يكفروا ويكذبوا ، ويظلموا أو يفسقوا ويفجروا ، وعندئذ يغير تلك النعم بنقم ، فيحل محل الأمن والرخاء الخوف والغلاء ، ومحل الطهر والصفاء الخبث والشر والفساد ؛ هذا إن لم يأخذهم بالإبادة الشاملة والاستئصال التام.
قال ابن تيمية - رحمه الله : وهذا التغيير نوعان ؛ أحدهما : أن يبدو ذلك فيبقى قولا وعملا يترتب عليه الذم والعقاب .
والثاني : أن يغيروا الإيمان الذي في قلوبهم بضده من الريب والشك والبغض ، ويعزموا على ترك فعل ما أمر الله به ورسوله ، فيستحقون العذاب هنا [ النوع الثاني ] على ترك المأمور ، وهناك [ النوع الأول ] على فعل المحظور .
وكذلك ما في النفس مما يناقض محبة الله والتوكل عليه والإخلاص له والشكر له يعاقب عليه ؛ لأن هذه الأمور كلها واجبة ، فإذا خلَّى القلب عنها واتصف بأضدادها استحق العذاب على ترك هذه الواجبات.ا.هـ .
ففي هذه الآية وعيد شديد وإنذار رهيب قاطع بأنه إذا انحرف الآخذون بالدين والمنتمون إليه عن جادته المستقيمة ، ومالوا مع الأهواء ، وتركوا التمسك بآدابه وسنته القويمة ؛ حل بهم ما ينقلهم إلى المحن والبلايا ، ويفرق كلمتهم ، ويوهي قوتهم ، ويسلط عدوهم؛ قاله القاسمي رحمه الله في تفسيره .
وأشار القرطبي – رحمه الله – أن الآية الأولى تدل على أن الله لا يغير ما بقوم حتى يقع تغيير ؛ إما منهم أو من الناظر لهم ، أو ممن هو منهم بسبب ؛ كما غير الله بالمنهزمين يوم أحد بسبب تغيير الرماة بأنفسهم .. فليس معنى الآية أنه ليس ينزل بأحد عقوبة إلا بأن يتقدم منه ذنب ، بل قد تنزل المصائب بذنوب الغير ؛ كما قال e وقد سئل : أنهلك وفينا الصالحون ؟! قال : " نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ " ؛ وروى ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي قال : أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أن قل لقومك : إنه ليس من أهل قرية ولا أهل بيت يكونون على طاعة الله فيتحولون منها إلى معصية الله ، إلا حوَّل الله عنهم ما يحبون إلى ما يكرهون ؛ ثم قال : إن تصديق ذلك في كتاب الله : ] إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [.
إنها رسالة لا بد أن تصل إلى الجميع : غيروا ما بأنفسكم إلى الخير ، يغير الله ما بأحوالكم ، عالجوا القلوب من أمراضها ، يصلح الله الأبدان والأحوال .