جوانب خفية من سيرة شيخنا الدكتور مساعد الطيار -حفظه الله-

ضيف الله الشمراني

ملتقى القراءات والتجويد
إنضم
30/11/2007
المشاركات
1,508
مستوى التفاعل
4
النقاط
38
الإقامة
المدينة المنورة
قال الدكتور : محمد بن عبد العزيز الخضيري:
من الرجال من تهابه إذا قابلته، فإذا اقتربت منه وجدته سمحاً قريباً هيناً ليناً، وعرفت أن الهيبة رداء قد نزل عليه فزانه، ولم يكتس به ولا تكلفه.
وكانت هذه أول مرة عرفت بها أخي وحبيبي الشيخ أبا عبد الملك مساعد بن سليمان الطيار الشريف القرشي، وكان ذلك عام 1409 عندما تقدم للإعارة في قسم الدراسات القرآنية بكلية المعلمين، وكنت سبقتُه إليها ببضعة أشهر، لكني جئت من كلية الشريعة التي تعني بتخريج الفقهاء، وجاء من كلية أصول الدين من قسم القرآن وعلومه، وكان متشبعاً بعلمه، شغوفاً به، حريصاً على جمع الفرائد والفوائد، يفني جُلَّ وقته فيه، لا يدعه لغيره إلا قليلاً، فوجد مثلي ضالته في مثله، رجل يبذل علمه بلا حدود، ويفتح بابه بلا قيود، ولا يتعب من البحث، ولا يمل من كثرة الواردين والسائلين والمستفيدين، مع سماحة، وطيب نفس، وحسن خلق، وحلم تام، وعلم جم، وقلة تكلف.
ما أعظم فضل الله عليَّ به، فالأصحاب في كل زمان هم العملة الأعز، والمطلب النادر "والناس كإبل مئة لا تكاد تجد فيها راحلة".
تزاملنا في الدراسات العليا، فلم تشقّ علي الدراسة؛ لمصاحبتي هذا العلم الفذ، وكنت متخوفاً من دخول علم لا عهد لي به، ولكن الله سبحانه منّ علي بهذه التحفة.
وكنا نمضي الأوقات الطويلة نتدارس ونتجاذب أطراف الحديث، ونأنس بالعلم وتقليب المسائل والتفقد في الكتاب العزيز.
آه، ما أحلاها من ساعات في مكتبتك العامرة يا أبا عبد الملك، أسأل الله أن تكون شاهدة في موازين الحسنات.
أما في الكلية فلا تراه مع طلابه إلا كأخ أكبر، حنون شفيق، حريص على إفادة طلابه، لا يقهرهم، ويصبر على ثقل أفهامهم ؛ ولذا يحبونه ويألفونه، ويفضون إليه بأسرارهم ويفخرون بالتتلمذ عليه.
وأما مع زملائه في القسم فلا تراه إلا مُقَدَّراً مُحْتَرَماً، لكنه يأبى أن يظهر بأكثر مما هو عليه، وأن يتشبع بما لم يُعطَ، قد استوعب دقائق التخصص، وعرف الجديد، وكاد أن يحيط بالقديم من المؤلفات والمخطوطات، ولذا أول من يذهب إليه عند السؤال والبحث أبو عبد الملك.
من أكثر الأشياء التي أعجبتني فيه: تركيزه على تخصصه وتدقيقه فيه، والإقلال من الانشغال بغيره، وإذا كنتُ معه في رحلة أو مجلس فجاءه سؤال في الفقه أو الفرائض أحال السؤال عليّ وكأنه لم يسمعه، وإذا جاء السؤال عن القرآن وعلومه سكتنا جميعاً لنسمع التقرير والتحرير، وهذا الذي ذكرتُه نابعٌ من خصلة طبيعية فيه، وهي الإتقان والإحسان في كل أمر، حتى في صنع الطعام والشراب، فله شاي خاص، ويصنعه بأدوات خاصة مع تمام الأناقة والذوق، وينتقي أطايب التمر والطعام فلا يخطئ، ولا يقع إلا على الطيب.
وكذا هو في هندامه وسيارته ومجلسه ومكتبته عندما يكتب بحوثه يجوِّدها ويرقّمها ويضبطها بالشكل و (إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه). (وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
يفكّك المسائل، ويحلل الألفاظ، وينقد ويقارن، ولا تمر عليه المعلومة مروراً عابراً، ولا يسلّم لها إلا بعد تمحيص وتدقيق، وغالب من تكون هذه من طبيعته؛ تجده منقبضاً حاداً عند النقاش، شديداً على الخصوم، يغضب عند الحوار، إلا ما كان من شيخنا الدكتور مساعد فإنه واسع الصدر في الدرس، حليم على المخالف، لا يكاد يحمل على من يخالفه، ويتيح الفرصة لمن يحاوره حتى يقضيَ حاجته، ثم يجيبه بلطف وتأن وحلم مع علم.
كنتُ حريصاً على أن يظهر في وسائل الإعلام، وكان حريصاً على ألا يظهر؛ خشية أن يسرق الناس منه وقته، ولكن الله قدَّر ويسّر فغلبتُه، ولما ظهر بدا للكثير ممن لا يعرفونه قدره ومنزلته فتجمّع عليه الطلاب وشداة العلم، وفتح لهم صدره، وبذل علمه، ولذا أصبحت الاتصالات لا تتوقف، والرسائل النصية تتوالى، والدورات وخصوصاً في الصيف لا تنقطع، وقد تستمر معظم الإجازة وهو قائم بها حريص عليها، ينتقل من بلدة إلى أخرى ومن مسجد إلى مسجد، يبذل علمه للسائلين لا يبغي به إلا الأجر من رب العالمين. نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله أحداً.
أما طلاب الدراسات العليا فهو من نعم الله عليهم، يجيب أسئلتهم، ويقرأ بحوثهم، وينقدها، ويقترح عليهم الموضوعات ويراجع لهم الخطط بلا منة ولا أذى، بل بكل انبساط وسرور، لا ينتظر من أحد شكراً ولا أجراً.
وما عرفتُه إلا باراً بوالديه وبأمه بشكل خاص، حَسن التعامل مع إخوانه وأخواته يقدّرهم ويقدّرونه، لا تراه معهم إلا كالأب الحنون الشفيق، يقضي حاجاتهم، ويسرع في تلبيتها.
ولشدة انقطاع الشيخ وملازمته للعلم الذي أحبه لم ينشغل بالخطابة، وإلقاء الكلمات والمحاضرات، بل ولا يرغب في إلقاء الدروس إلا بطريقة التعليم والمحاورة والإفهام، كما لم ينشغل بالكتابة في غير علوم القرآن، فقد وقف نفسه على هذا العلم وحطَّ رحاله عنده.
وقد فتح الله عليه مع أخيه الشيخ د/ عبد الرحمن الشهري، بموقع أهل التفسير الذي أقاماه وقاما عليه خير قيام، فلا نعرفُ حتى قيام هذه الساعة موقعاً متخصصاً في علم من العلوم الشرعية قد قام به وجَمَع الدارسين من أهله من أقطار الأرض، وبغير كلل ولا حيدة =غير هذا الموقع.
وهذه فرصة سانحة ساقها الله لأبي عبد الملك، فصار يطلّ على أهل التخصص في الأرض ببحوثه وإجاباته وحُكمه بين المخالفين من خلال هذا الموقع المبارك.
واليوم نفرح جميعاً بافتتاح هذا الموقع المبارك الذي يجمع علم هذا الشيخ القرشي الألمعي ويصله بمحبيه، ويتيح الفرصة للناس؛ لينهلوا من علمه ويستفيدوا من معارفه، فلله الحمد وله المنة والفضل.
وأخيراً وقبل أن أضع رحلي في هذه المقالة العجلى أعلم أن حديث المحب عن حبيبه قد يعتريه الإطراء والمبالغة لكني -والله يعلم- لم أذكر إلا ما علمتُ، وتركتُ الكثير مما لا يتسع له المقال ولم تسعف به الذاكرة، والله المستعان وعليه التكلان.
محمد بن عبد العزيز الخضيري،،،

المصدر:
موقع الدكتور مساعد بن سليمان الطيار
 
جزا الله شيخنا محمد الخضيري خيرا على هذه المعالم في شيخنا أبي عبد الملك والتي تظهر لك في سماعك و تعاملك مع الشيخ فالشيخ يأسرك في تواضعه وخلقه و حيائه، مع أدب جم مع المخالف فتراه إذا انتقد أحدا لا يكاد يذكر اسم من ينتقده إلا نادرا و إن ذكره يترحم عليه و يثني عليه
والشيخ من أكثر الناس سعة للصدر مع طلابه ، فلم أجلس إلى شيخ يفتح النقاش في درسه لطلابه و يصبر على أسئلتهم و مناقشتهم مثل الشيخ مساعد حفظه الله، ووالله إنه لشرف لي أن أكون أحد تلاميذه ، حفظه الله و رفع درجته و أسبغ عليه فضله و منته
 
لفتة جميلة أشكرك أخي الحبيب عليها، وما قال الشيخ محمد إلا حقا وهو جزء مما عرفناه من الشيخ وفقه الله وبارك فيه.
ولولا علمي بكراهيته للإطراء لذكرت أموراً، وللشيخ علينا حق العلم وحق آل البيت .. وحقوقا أخرى كل بحسبه.
 
الحديث عن الشيخ المفسر مساعد الطيار عذب وطري ، وله مذاق خاص ، وقلما من شارك أو كتب أو قرأ أو درس في علوم القرآن والتفسير والتجويد والقراءات وأصول التفسير إلا وقد التهم من الدرر التي ينثرها ، والكنوز التي يخرجها ، والنفائس التي التقطها ، وقد تبعثرت واختلطت بعض الأوراق ، عندما نشر وذكر تحريرات علمية وتقريرات تفسيرية كنت قديما أعتبرها مسلمات ويقينيات عندي ..! مثل : تاريخ التفسير ، الرأي المحمود والرأي المذموم ، الإعجاز العلمي وغيرها الكثير ..
ومما يتميز به الشيخ عن غيره : هي القراءة النقدية ، والعمل الذهني ، فلا تمر معلومة إلا وهو يقلبها في ذهنه ، ويحركها في عقله ، ولا تكاد تسلم منه ولايسلم منها حتى تكاد أن تشفق عليها ، ثم بعد ذلك يمضغها ، فإن أعجبته أخرجها ، وزينها ، ونمقها ، كمن يزين العروس في حفلة زفافها ، فيزفها بين طلبة العلم وأهل التحقيق فتبقى تلك الدرة ترقص طربا وفرحا بين الأعيان ، وتعلق متبخترة في الأذهان ..وأحيانا يبتلعها فتظل حبيسة عنده سنوات عجاف ، ينقب وينقح ويبحث وينقد ثم لا يخرجها إلا بعد اكتمال الحجج والبرهان ..!


وكان بودي أن تكون الترجمة فيها من الإسهاب والإطناب ، فحق الشيخ علينا واجب وآكد ، ولا تكفي الإشارة بعجالة واقتضاب ,,
 
التعديل الأخير:
بسم الله الرحمن الرحيم
ما تفضل به إخواني وما قالوه عن الشيخ لا شك أنه صواب
ولكن الذي نعلمه من سنة النبي صلى الله عليه وسلم أن التمادح هو الذبح ،ثم. هو فتنة للممدوح والحي لا تؤمن عليه الفتنة
أقول هذا وأنا أشهد الله أني أحب الشيخ مساعد -حفظه الله - ولكن ما موقفه لما يقرأ أمثال هذا المدح وهذا الإطراء ؟!
علينا أيها الإخوة ألا نعين الشيطان على إخواننا ومشايخنا وإذا رأينا منهم ما يسرنا ويعجبنا أن ندعو لهم بظهر الغيب
والله الموفق
 
عودة
أعلى