فضلا عما ذكر في المداخلات السابقة من كون ذلك:
مظنة لامتهان القرآن الكريم.
ولمنافاته حرمة القرآن وما نزل لأجله.
إلى جانب أنها يمكن أن تتلى في أماكن قضاء الحاجة.
ولربما كره المتصل سماعها في بعض الأوقات.
كما أن هذه الآيات لا تسمع كاملة، بل قد تقطع على موضع يقبح الوقوف عليه.
إضافة إلى جميع هذا يقال:
إن انتباه المتَّصل عليه محصور حال الاتصال بالمُتصل من هو؟ بما يَجعلُه بعد ذلك غير منتبه، ولا مبال بما يُسمع من القرآن الكريم، وهذا خلاف المقصد الذي به أجاز الشيخ رحمه الله ذلك، ألا وهو الاستفادة من سماع الآيات، كما أنه مناف لعموم قوله تعالى {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}.
كما أن جواز ذلك فيه جواز جعل القرآن الكريم وسيلة للتنبيه على أمر دنيوي، وقد ذكر بعض الفقهاء كالنووي في التبيان، وغيرِه -أي غير التبيان-، وغيرِه -أي غير النووي-، كراهة قراءة القرآن الكريم لقصد تنبيه الآخرين إلى ما هم عليه من أحوال الدنيا، كم يقرأ قوله تعالى {خذ الكتاب بقوة} لمن أبصر مصحفا سيقع، أو يُعبث به، لتنبيه الجالس بجواره.
أو أن يرد على مستأذن بقوله تعالى {ادخلوها بسلام آمنين}، وغير ذلك.
وآخر كلام الشيخ رحمه الله عند قوله "وعلى الشخص إقفال الجوال إذا دخل به المراحيض وبيوت التخلي" دال على ما ذلك من امتهان للقرآن الكريم والأذكار باتخاذها في تلك المواضع، فإذا اتفقنا على ذلك فيقال:
إقفال الجوال في كل مرة غير متحصل إلا من مستذكر، واستدامة ذلك غير متأكدة.
ويتأزم الحال ما إن رن الهاتف حال قضاء الحاجة وذلك يشوش الحال، وهو مناف لمقصد قوله صلى الله عليه وسلم في حديث بول الأعرابي في المسجد (دعوه لا تزرموه)، فيخشى على من كان على تلك الحال أن يضطرب فيصيب ثوبه أو بدنه بشيء من النجاسة.
كما أن قوله صلى الله عليه وسلم (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) قاض بضرورة ترك هذا الأمر رأسا حذرا من الوقوع في ما يحظر، وترك الشبهات مما يصون العرض والدين لقوله صلى الله عليه وسلم (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه).
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين.