جمالية حذف المفعول

إنضم
30/10/2004
المشاركات
342
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
السلام عليكم

عندما يراد التركيز على فعل الفاعل يحذف المفعول فيزدان النص جمالا


قال تعالى[color=990033](((ولما ورد ماء مدين وجد عليه امة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وابونا شيخ كبير فسقى لهما ثم تولى إلى الظل))[/color]
فلقد حذف المفعول في

1-يسقون(أغنامهم)

2-تذودان(أغنامهما)

3-لا نسقي(غنمنا)

4-فسقى لهما ((غنمهما))


من لديه نصوص أخرى فيها حذف للمفعول فليشارك


المصدر--دلائل الإعجاز للجرجاني156
 
ذكر السيوطي في كتابه الإتقان في علوم القرآن ما نصه :

( قاعدة في حذف المفعول اختصارًا واقتصارًا‏.‏

قال ابن هشام‏:‏ جرت عادة النحويين أن يقولوا بحذف المفعول اختصارًا واقتصارًا‏.‏

ويريدون بالاختصار الحذف لدليل ، ويريدون بالاقتصار الحذف لغير دليل ، ويمثلونه بنحو كلوا واشربوا ، أي : أوقعوا هذين الفعلين .

والتحقيق أن يقال‏:‏ يعني كما قال أهل البيان‏:‏ تارة يتعلق الغرض بالإعلام بمجرد وقوع الفعل من غير تعيين من أوقعه ومن أوقع عليه فيجاء بمصدره مسندًا إلى فعل كون عام ، فيقال حصل حريق أونهب .
وتارة يتعلق بالإعلام بمجرد إيقاع الفعل للفاعل فيقتصر عليهما ولا يذكر المفعول ولا ينوي إذ المنوي كالثابت ولا يسمى محذوفًا لأن الفعل ينزل لهذا القصد منزلة مالا مفعول له ومنه ‏{‏ربي الذي يحيي ويميت‏}‏ ‏{‏هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون‏}‏ ‏{‏كلوا واشربوا ولا تسرفوا‏}‏ ‏{‏وإذا رأيت ثم‏}‏ إذ المعنى‏:‏ ربي الذي يفعل الإحياء والإماتة وهل يستوي من يتصف بالعلم ومن ينتفي عنه العلم وأوقعوا الأكل والشرب وذروا الإسراف ، و إذا حصلت منك رؤية

ومنه ‏{‏ولما ورد ماء مدين‏ ...}‏ الآية ألا ترى أن عليه الصلاة والسلام رحمهما إذ كانتا على صفة الذياد وقومهما على السقي ، لا لكون مذودهما غنمًا وسقيهم إبلًا . وكذلك المقصود من لا نسقي : السقي لا المسقيّ . ومن لم يتأمل قدّر: يسقون إبلهم ، وتذودان غنمهما ، ولا نسقي غنمًا .

وتارة يقصد إسناد الفعل إلى فاعله ، وتعليقه بمفعوله فيذكَران ، نحو ‏{‏لا تأكلوا الربا‏}‏ ‏{‏ولا تقربوا الزنا‏}‏ وهذا النوع الذي إذا لم يذكر محذوفه قيل محذوف .

وقد يكون اللفظ ما يستدعيه فيحصل الجزم بوجوب تقديره نحو ‏{‏أهذا الذي بعث الله رسولًا‏}‏ ‏{‏وكل وعد الله الحسنى‏}‏ .

وقد يشتبه الحال في الحذف وعدمه نحو ‏{‏قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن‏}‏ قد يتوهم أن معناه نادوا فلا حذف أوسموا فالحذف واقع‏.‏ ) انتهى 2/821-822 بتحقيق مصطفى البغا .
 
إتماماً للموضوع والفائدة فإن العلماء أصلوا قاعدة فقالوا : حذف المفعول مشعرٌ بالعموم النسبي , وقد تعرضت لهذا الموضوع في رسالتي أنقله بنصه :
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : حَذْفُ المعمولِ يُؤْذِنُ بِعُمومِ العاملِ (1 )
وفي مَوضعٍ آخر قال :" حَذْفُ المفعولِ يُفيد العُمومَ ".( 2)
عند تفسيره لقوله تعالى :{ وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَة}(آل عمران: من الآية15)
قال :" مُطهَّرةٌ مِن كُلِّ رِجْسٍ حِسِّيٍّ أو مَعنويٍّ ، فالحِسِّيُّ مثل البولِ ، والغائطِ ، والحيضِ ، والعَرَقِ المُنْتِنِ ، والمخَاطِ ، وما أشبهَ ذلكَ ، والمعنويُّ مثل الغِلِّ ، والحِقْـدِ ، والفُجورِ ، وكراهيةِ الزوجِ ، وما أشبهَ ذلكَ ، فالله أطْلَقَ وقال : { مُطَهَّرَة} ولم يَقُلْ : مِن كذا وكذا ،مِن أجلِ إفادةِ العمومِ ؛ لأنّ مِن القواعدِ المعروفةِ أنّ حَذْفُ المعمولِ يُؤْذِنُ بِعُمومِ العاملِ ، ولهذا أمثلةٌ كثيرةٌ ، مثلاً قوله تعالى للرسولِ  :{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى  وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى  وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى}(الضحى:6- 8) قال : { فَآوَى } ولم يَقُل : فآواكَ ، وقال : { فَهَدَى} ولم يَقُل : فَهدَاكَ ، وقال : { فَأَغْنَى} ولم يَقُل : فأغْنَاكَ ، بل حَذَفَ المعمولَ لِيُؤْذِنَ على عُمومِ العاملِ ، فالرسولُ  وَجَدَهُ رَبُّهُ يتيمًا فآواهُ ، ولكن ما آواه وحدهُ بل آواه وآوى به حتّى جعلهُ فئة لكلِّ مُؤمنٍ ، ضالاً فهداهُ وهَدَى بهِ ، عائلاً فأغناهُ وأغنى بهِ ، مِن أينَ للعربِ هذه الغنائمَ العظيمةِ التي ما فكّروا أنْ يَغنموها ، كيف يَغْنَمُ العربُ رعاةُ الشياه والإبلِ أرضَ فارسَ والرومِ إلاّ باتِّباعِ النبيِّ  وَدِينِهِ : المهِـمُّ أنّ هذه قاعدة معروفة مُقرَّرة وهو أنّ حَذَفَ المعمولَ يُؤْذِنُ بِعُمومِ العاملِ".(3 )
وعند تفسيره لقوله تعالى :{ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}(البقرة: من الآية216)
ذكر مِن فوائدها :" عُموم علم الله  ؛ لقولـه تعالى :{ وَاللَّهُ يَعْلَمُ }؛ فحـذفُ
المفعولِ يُفيد العمومَ ، كما قـال تعالى : {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى  وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى  وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى}(الضحى:6- 8) : كُلها مَحذوفةُ المفاعيلِ : آواكَ ، وآوَى بِكَ أيضاً ؛ وأغناكَ ، وأََغْنَى بِكَ ؛ وهَدَاكَ ، وهَدَى بِكَ ".(4 )
هذا ما قرَّرهُ الشيخُ رحمه الله في هذه القاعدةِ ، والأَوْلَى أنْ نُقيِّدَ ذلكَ بالعمـومِ النسبيِّ ، فنقولُ :حذفُ المفعـولِ يُفيد العمومَ النسبيَّ ، ومعنى العمومِ النسبيِّ أي : المعنى المناسب له ، كما نَصَّ على ذلكَ شيخُهُ السعديُّ رحمه الله فقال :" القاعدة الرابعة عشرة : حَذْفُ المتعلّقِ المعمولِ فيه : يُفيد تعميمَ المعنى المناسبِ له ".( 5)
ثم قال السعديُّ مُبيِّنًا أهمّية هذه القاعدةِ :" وهذه قاعدةٌ مفيدةٌ جدًّا ، متى اعتبرها الإنسانُ في الآياتِ القرآنية أكسبتهُ فوائدَ جليلة .
وذلكَ أنّ الفعلَ وما هو معناه متى قُيِّدَ بشيءٍ تَقَيَّدَ بهِ ، فإذا أطْلَقَهُ الله تعـالى ، وحَذَفَ المتعلّقَ كانَ القَصْدُ مِن ذلك َالتعميمُ . ويكونُُ الحذفُ هُنا أحسنَ وأفْيَدَ كثيرًا مِن التصريحِ بالمتعلّقاتِ وأجمعَ للمعاني النافعةِ " ثم ذكر أمثلةً لذلكَ .( 6)
وقال الشوكانيُّ رحمه الله :"ذكرَ علماءُ البيانِ أنّ حذفَ المتعلّقِ يُشْعِرُ بالتعميمِ ، نحوَ: زيدٌ يُعطِي ويَمْنَع ، ونحو قوله تعالى :{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ }(يونس:من الآية25) فينبغي أنْ يكونَ ذلكَ مِن أقسامِ العمومِ ، وإنْ لم يَذكُره أهلُ الأصولِ ".(7 )
[line]
( 1 ) تفسير سورة آل عمران صـ ( 87 ) .
( 2 ) تفسير سورة البقرة ( 3 / 50 ) ، تفسير سورة المائدة صـ ( 145 ) ، شرح القواعد الحسان صـ ( 49 ) القاعدة الرابعة عشرة .
( 3 ) تفسير سورة آل عمران صـ ( 87 ) .
( 4) تفسير سورة البقرة ( 3 / 50 ) .
( 5 ) القواعد الحسان صـ ( 39 ) . وانظر : شرح القواعد الحسان لابن عثيمين صـ ( 49 ) .
( 6 ) القواعد الحسان صـ ( 39 ) .
( 7) إرشاد الفحول ( 2/439 ) .
 
عودة
أعلى