جماليات مقدمة تفسير الطبري
القارئ لمقدمة تفسير الطبري، وكتب التفسير التراثية، يجد أن هذه المقدمات لكتب التفاسير لم تكن مجرد مقدمة يُعرِّف فيها المُفسر بمنهجه في التفسير وطريقته في التبيين، بل يجد أن مقدمات التفاسير هي لطائف أدبية، وتراكيب إبداعية، تستقطب العقل وتمتع الفكر، وتهف إلى الإقناع والإمتاع معاً.ومقدمة تفسير الطبري بصفة عامة قد جمعت وشملت مواضيع متعددة فتحدث فيها الطبري عن صفات الله (عز وجل) وعن صفات الرسل(عليهم الصلاة والسلام) واستشهد فيها بالآيات القرآنية الكريمة، كما تحدث فيه عن صفات البشر، وبين هدف إرسال الرسل، وغير ذلك الكثير مما جاء في مقدمة تفسير الطبري، فأصبحت مقدمة كتابه عبارة عن موضوع شامل متكامل يُذكر البشر بأساسيات التدين، ويجمع لهم في مقدمته موجزاً دينياً للفكر الإسلامي عن الدين والرسل والقرآن والرسول والمعجزة وهف العلم بصفة عامة.
وتمثل منهج الطبري في مقدمته بالآتي:
1ـ البدء بالبسملة.
2ـ العمل الذي سوف يقوم به، هو بركة من عند الله، وأمر من الله.
3ـ توضيح السَنة التي بدأ فيها هذا الأمر، (وهي سنة 306هـ).
4ـ ذكر (الحمد لله)، بعد بيان بركة هذا العمل .
5ـ بيان تأثير دلائل وآيات الله عز وجل على أولي الألباب.
6ـ التحدث عن بعض صفات الله عز وجل.
7ـ الاستشهاد بآيات قرآنية كريمة في المقدمة .
8ـ التحدث عن صفات البشر.
9ـ بيان هدف إرسال الله للرسل.
10ـ التحدث عن رسل الله عز وجل .
أـ تأييد الله للرسل بالمعجزات.
ب ـ الرسل سفراء وأمناء على الوحي .
ج ـ تفضيل الله للرسل بعضهم على بعض.
د ـ تفضيل الله لسيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) .
هـ ـ بيان ما حدث للرسل السابقين وما تعرضوا له.
وـ حمد الله على الإيمان بالله واتباعنا لرسولنا.
زـ الصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
11ـ استخدام المؤلف لتركيب (أما بعد).
12ـ بيان ما خص الله به أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) .
13ـ بيان ما خص الله به نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم) .
14ـ تضمين آيات قرآنية كريمة خلال كلام المؤلف.
15ـ بيان قوة معجزة الرسول (صلى الله عليه وسلم)
16ـ حفظ الله عز وجل لكتابه الكريم والمعجزة الباقية.
17ـ بيان أهمية القرآن الكريم في تقويم حياة الإنسان
18ـ الدعاء بالتوفيق في إصابة التفسير .
19ـ إخبار الناس أن غاية العلم هو خدمة كتاب الله.
20ـ بيان منهج التفسير الذي يتبعه في كتابه.
21ـ الدعاء.
22ـ بيان أول ما سيبدأ به في كتابه.
وهاك تفسيراً لهذا المنهج الذي سار عليه الطبري في مقدمته:
1ـ البدء بالبسملة.
إذا نظرنا إلى مقدمة الطبري في تفسيره فإنه يبدأ بقوله: (بسم الله الرحمن الرحيم).
2ـ العمل الذي سوف يقوم به، هو بركة من عند الله، وأمر من الله.
ويخبر الطبري أن هذا العمل هو (بركة من الله وأمر) فيبدأ بالبسملة، لكي لا يكون عمله ناقصاً مقطوعاً، ثم يبين أن كل ما جاء في هذا التفسير هو (بركة من الله وأمر) .
3ـ توضيح السَنة التي بدأ فيها هذا الأمر، (وهي سنة 306هـ).
ثم يقول :( قرئ على أبي جعفر محمد بن جرير الطَّبري في سنة ست وثلثمئة، قال:).
4ـ ثم ذكر (الحمد لله)، بعد بيان بركة هذا العمل .
بعد ذلك يحمد الله، ويثني عليه، يقول:( الحمد لله ).
5ـ بيان تأثير دلائل وآيات الله عز وجل على أولي الألباب.
ثم يبين أن الحجة للألباب هي بدائع الحكمة، وأن لطائف هذه الحجة أخرست العقول. وعجائب الصنع قطعت أعذار الملحدين، وأن أدلة وجود الله وآياته أسمعت العالمين من خلال ألسنتها التي تتحدث بها، والتي تشهدا أن الله عز وجل واحداً.يقول:( الحمد لله. الذي حَجَّت الألبابَ بدائعُ حِكَمه، وخَصَمت العقولَ لطائفُ حُججه وقطعت عذرَ الملحدين عجائبُ صُنْعه، وهَتفتْ في أسماع العالمينَ ألسنُ أدلَّته، شاهدةٌ أنه الله الذي لاَ إله إلا هو)
6ـ التحدث عن بعض صفات الله عز وجل.
ثم يظهر الثناء على الله(عز وجل) بذكر صفات الله سبحانه وتعالى،يقول: (أنه الله الذي لاَ إله إلا هو، الذي لاَ عِدْلَ له معادل ولا مثلَ له مماثل، ولا شريكَ له مُظاهِر، ولا وَلدَ له ولا والد، ولم يكن له صاحبةٌ ولا كفوًا أحدٌ؛ وأنه الجبار الذي خضعت لجبروته الجبابرة، والعزيز الذي ذلت لعزّته الملوكُ الأعزّة، وخشعت لمهابة سطوته ذَوُو المهابة، وأذعنَ له جميعُ الخلق بالطاعة طوْعًا وَكَرْهًا، كما قال الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه)
فيصف الله عز وجل بأنه لا مثيل له ، ولا شريك له في الظاهر ولا شريك له في الخفاء، ولا ولد ولا والد، ولا صاحبة له ولا زوجة، وليس له مثيل وليس له كفئ. فهو الجبار العزيز.
7ـ الاستشهاد بآيات قرآنية كريمة في المقدمة
يستشهد المؤلف في مقدمته بآيات قرآنية كريمة منها: { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ } [سورة الرعد: 15].
وفي مكان آخر من مقدمته يستشهد بالآية القرآنية الكريمة التالية: ({ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ } [سورة النساء: 165])
وفي مكان آخر من مقدمته يستشهد بالآية القرآنية الكريمة التالية: { مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ } [سورة المؤمنون: 33-34]
وفي مكان آخر من مقدمته يستشهد بالآية القرآنية الكريمة التالية { يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [سورة المائدة: 16].
8ـ التحدث عن صفات البشر
ثم تحدث المؤلف في مقدمته عن صفات البشر الناقصة المحتاجة، يقول:( فكل موجود إلى وَحدانيته داع، وكل محسوس إلى رُبوبيته هاد، بما وسَمهم به من آثار الصنعة، من نقص وزيادة، وعجز وحاجة، وتصرف في عاهات عارضة، ومقارنة أحداث لازمة، لتكونَ له الحجة البالغة.)
9ـ بيان هدف إرسال الله للرسل
ثم يبين المؤلف هدف إرسال الله للرسل، يقول المؤلف: (ثم أرْدف ما شهدتْ به من ذلك أدلَّتُه، وأكد ما استنارت في القلوب منه بهجته، برسلٍ ابتعثهم إلى من يشاء من عباده، دعاةً إلى ما اتضحت لديهم صحّته، وثبتت في العقول حجته، { لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ } [سورة النساء: 165])
10ـ التحدث عن رسل الله عز وجل
بعد ذلك يبدأ المؤلف حديثاً مفصلاً عن الرسل ، في العناصر التالية:
أـ تأييد الله للرسل بالمعجزات:
يوضح المؤلف أن الله أرسل مع الرسل ما يؤيد صدقهم،يقول:
(وليذَّكَّر أولو النهي والحلم. فأمدَّهم بعوْنه، وأبانهم من سائر خلقه، بما دل به على صدقهم من الأدلة، وأيدهم به من الحجج البالغة والآي المعجزة، لئلا يقول القائل منهم (1) { مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ } [سورة المؤمنون: 33-34] )
ب ـ الرسل سفراء وأمناء على الوحي :
يوضح المؤلف أن الرسل سفراء الله وأمناء على وحيه، يقول المؤلف في مقدمته:(فجعلهم سفراءَ بينه وبين خلقه، وأمناءه على وحيه، واختصهم بفضله، واصطفاهم برسالته).
ج ـ تفضيل الله للرسل بعضهم على بعض:
ثم يوضح المؤلف أفضلية بعض الرسل على بعض ودرجات كل واحد منهم، ودرجة قربه من الله عز وجل ، يقول: (ثم جعلهم -فيما خصهم به من مواهبه، ومنّ به عليهم من كراماته- مراتبَ مختلفة، ومنازل مُفترقة، ورفع بعضهم فوق بعض درجات، متفاضلات متباينات. فكرَّم بعضهم بالتكليم والنجوى، وأيَّد بعضهم برُوح القدس، وخصّه بإحياء الموتى، وإبراء أولى العاهة والعمى).
د ـ تفضيل الله لسيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)
ثم يوضح المؤلف تفضيل الله عز وجل لسيدنا محمد(صلى الله عليه وسلم)، يقول المؤلف:( وفضَّل نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم، من الدرجات بالعليا، ومن المراتب بالعُظمى. فحباه من أقسام كرامته بالقسم الأفضل وخصه من درجات النبوّة بالحظ الأجزَل، ومن الأتباع والأصحاب بالنصيب الأوفر. وابتعثه بالدعوة التامة، والرسالة العامة، وحاطه وحيدًا، وعصمه فريدًا، من كل جبار عاند، وكل شيطان مارد حتى أظهر به الدّين، وأوضح به السبيل، وأنهج به معالم الحق، وَمَحق به منار الشِّرك. وزهق به الباطلُ، واضمحل به الضلالُ وخُدَعُ الشيطان وعبادةُ الأصنام والأوثان مؤيدًا بدلالة على الأيام باقية، وعلى الدهور والأزمان ثابتة، وعلى مَرِّ الشهور والسنين دائمة، يزداد ضياؤها على كرّ الدهور إشراقًا، وعلى مرّ الليالي والأيام ائتلاقًا، خِصِّيصَى من الله له بها دون سائر رسله)
هـ ـ بيان ما حدث للرسل السابقين وما تعرضوا له
ثم يوضح المؤلف أن سائر الرسل أرسلوا إلى أناس وأمم بأعينهم، فيقول:( خِصِّيصَى من الله له بها دون سائر رسله -الذين قهرتهم الجبابرة، واستذلَّتهم الأمم الفاجرة، فتعفَّتْ بعدهم منهم الآثار، وأخملت ذكرهم الليالي والأيام- ودون من كان منهم مُرْسلا إلى أمة دون أمة، وخاصّة دون عامةٍ، وجماعة دون كافَّة.)
وـ حمد الله على الإيمان بالله واتباعنا لرسولنا.
ثم يثني المؤلف على الله بالحمد له على الإيمان واتباع رسولنا الكريم، فيقول:(فالحمدُ لله الذي كرمنا بتصديقه، وشرّفنا باتِّباعه، وجعلنا من أهل الإقرار والإيمان به وبما دعا إليه وجاء به،)
زـ الصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
يقول المؤلف: ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أزكى صلواته، وأفضلَ سلامه، وأتمَّ تحياته).
وفي مكان آخر من المقدمة يقول المؤلف:( وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما.)
11ـ استخدام المؤلف لتركيب (أما بعد).
يقول المؤلف:( ثم أما بعد)
12ـ بيان ما خص الله به أمة محمد (صلى الله عليه وسلم)
ثم تحدث الملف عن الاختصاصات التي خص الله بها أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) يقول المؤلف:(وشرَّفهم به على سائر الأمم من المنازل الرفيعة، وحباهم به من الكرامة السنية، حفظَه ما حفظ عليهم -جلّ ذكره وتقدست أسماؤه- من وحيه وتنزيله، الذي جعله على حقيقة نبوة نبيهم صلى الله عليه وسلم دلالة).
13ـ بيان ما خص الله به نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم)
ثم تحدث المؤلف عن الاختصاصات التي خص الله بها نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم) يقول المؤلف: (وعلى ما خصه به من الكرامة علامةً واضحة، وحجةً بالغة، أبانه به من كل كاذب ومفترٍ، وفصَل به بينهم وبين كل جاحد ومُلحِد، وفرَق به بينهم وبين كل كافر ومشرك)
14ـ تضمين آيات قرآنية كريمة خلال كلام المؤلف.
حيث ضمن المؤلف كلامه بكلمات من آيات القرآن الكريم دون أخذ الآية مأخذ الاستشهاد بل بتضمين كلماتها، يقول المؤلف: (الذي لو اجتمع جميعُ من بين أقطارها، من جِنِّها وإنسها وصغيرها وكبيرها، على أن يأتوا بسورة من مثله لم يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا)
حيث ضمّن المؤلف ما جاء في سورة البقرة: 23، ويونس: 38، والإسراء: 88.
وضمن في قول آخر آية 2 من سورة البقرة ، حيث قال:(وأن أجمعَ ذلك لباغيه كتابُ الله الذي لا ريب فيه).
وضمن كذلك آية سورة فصلت 42 حيث قال في موضع آخر:(الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيلٌ من حكيم حَميد).
15ـ بيان قوة معجزة الرسول (صلى الله عليه وسلم)
ثم يبين المؤلف قوة معجزة الرسول (صلى الله عليه وسلم) فيقول: (فجعله لهم في دُجَى الظُّلَم نورًا ساطعًا، وفي سُدَف الشُّبَه شهابًا لامعًا (4) وفي مضَلة المسالك دليلا هاديًا، وإلى سبل النجاة والحق حاديًا، { يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [سورة المائدة: 16].
16ـ حفظ الله عز وجل لكتابه الكريم والمعجزة الباقية:
ثم يتحدث المؤلف عن حفظ الله لكتابه الكريم، يقول المؤلف: (حرسه بعين منه لاَ تنام، وحاطه برُكن منه لاَ يضام، لاَ تَهِي على الأيام دعائمه، ولا تبيد على طول الأزمان معالمه).
17ـ بيان أهمية القرآن الكريم في تقويم حياة الإنسان
بعد ذلك يوضح المؤلف أهمية القرآن الكريم في تقويم حياة الإنسان بصفة عامة، يقول المؤلف: (ولا يجوز عن قصد المحجَّة تابعه ولا يضل عن سُبُل الهدى مُصَاحبه. من اتبعه فاز وهُدِى، ومن حاد عنه ضلَّ وغَوَى، فهو موئلهم الذي إليه عند الاختلاف يَئِلون، ومعقلهم الذي إليه في النوازل يعقلون وحصنهم الذي به من وساوس الشيطان يتحصنون، وحكمة ربهم التي إليها يحتكمون، وفصْل قضائه بينهم الذي إليه ينتهون، وعن الرضى به يصدرون، وحبله الذي بالتمسك به من الهلكة يعتصمون.
18ـ الدعاء بالتوفيق في إصابة التفسير
ثم يدعو المؤلف بأن يوفقه الله عز وجل في إصابة الهدف الذي يسعى إليه ، يقول:(اللهم فوفقنا لإصابة صواب القول في مُحْكَمه ومُتَشابهه، وحلاله وحرامه، وعامِّه وخاصِّه، ومجمَله ومفسَّره، وناسخه ومنسوخه، وظاهره وباطنه، وتأويل آية وتفسير مُشْكِله. وألهمنا التمسك به والاعتصام بمحكمه، والثبات على التسليم لمتشابهه. وأوزعنا الشكر على ما أنعمتَ به علينا من حفظه والعلم بحدوده. إنك سميع الدعاء قريب الإجابة).
ثم يصلي المؤلف علي سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) ، مرة أخرى فيقول:(وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما).
19ـ إخبار الناس أن غاية العلم هو خدمة كتاب الله.
ثم يوضح المؤلف للناس هدف العلوم المختلفة وأنها جميعها يجب أن تخدم كتاب الله عز وجل، يقول: (اعلموا عبادَ الله، رحمكم الله، أن أحقَّ ما صُرِفت إلى علمه العناية، وبُلِغت في معرفته الغاية، ما كان لله في العلم به رضًى، وللعالم به إلى سبيل الرشاد هدى، وأن أجمعَ ذلك لباغيه كتابُ الله الذي لا ريب فيه، وتنزيله الذي لا مِرْية فيه، الفائزُ بجزيل الذخر وسنىّ الأجر تاليه، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيلٌ من حكيم حَميد).
20ـ بيان منهج التفسير الذي يتبعه في كتابه.
بعد ذلك يأتي المؤلف إلى الهدف من مقدمته وهو بيان المنهج الذي سوف يتبعه في تفسيره، يقول: (ونحن - في شرح تأويله، وبيان ما فيه من معانيه- منشئون إن شاء الله ذلك، كتابًا مستوعِبًا لكل ما بالناس إليه الحاجة من علمه، جامعًا، ومن سائر الكتب غيره في ذلك كافيًا. ومخبرون في كل ذلك بما انتهى إلينا من اتفاق الحجة فيما اتفقت عليه منه واختلافها فيما اختلفت فيه منهُ. ومُبيِّنو عِلَل كل مذهب من مذاهبهم، ومُوَضِّحو الصحيح لدينا من ذلك، بأوجز ما أمكن من الإيجاز في ذلك، وأخصر ما أمكن من الاختصار فيه).
21ـ الدعاء
بعد ذلك يته المؤلف بالدعاء إلى الله عز وجل بأن يكون هذا العمل مما يقرب لمحبة الله سبحانه وتعالى ، يقول:(والله نسألُ عونه وتوفيقه لما يقرب من محَابِّهِ، ويبْعد من مَساخِطه. وصلى الله على صَفوته من خلقه وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا).
22ـ بيان أول ما سيبدأ به في كتابه
ينهي المؤلف مقدمته ببيان أول ما سيبدا به كتابه، يقول:(وأولُ ما نبدأ به من القِيل في ذلك: الإبانةُ عن الأسباب التي البدايةُ بها أولى، وتقديمها قبل ما عداها أحْرى. وذلك: البيانُ عما في آي القرآن من المعاني التي من قِبَلها يدخل اللَّبْس على من لم يعان رياضةَ العلوم العربية، ولم تستحكم معرفتُه بتصاريف وجوه منطق الألسُن السليقية الطبيعية).
وبذلك فإن مقدمة الطبري لتفسيره مقدمة جامعة جمع فيها كل ما يتعلق بالإسلام من توضيح هدف المعجزة وهدف إرسال الرسل، وما تعرضوا له ، وكذلك أفضلية بعضهم على بعض وتفضيل الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) وتفضيل أمته، وفظ الله تعالى لكتابه الكريم، وهدف هذا الكتاب تقويم حياة الإنسان.
فمقدمة الطبري في تفسيره جامعة لمعظم تعاليم الإسلام التي يجب على الإنسان معرفتها.
القارئ لمقدمة تفسير الطبري، وكتب التفسير التراثية، يجد أن هذه المقدمات لكتب التفاسير لم تكن مجرد مقدمة يُعرِّف فيها المُفسر بمنهجه في التفسير وطريقته في التبيين، بل يجد أن مقدمات التفاسير هي لطائف أدبية، وتراكيب إبداعية، تستقطب العقل وتمتع الفكر، وتهف إلى الإقناع والإمتاع معاً.ومقدمة تفسير الطبري بصفة عامة قد جمعت وشملت مواضيع متعددة فتحدث فيها الطبري عن صفات الله (عز وجل) وعن صفات الرسل(عليهم الصلاة والسلام) واستشهد فيها بالآيات القرآنية الكريمة، كما تحدث فيه عن صفات البشر، وبين هدف إرسال الرسل، وغير ذلك الكثير مما جاء في مقدمة تفسير الطبري، فأصبحت مقدمة كتابه عبارة عن موضوع شامل متكامل يُذكر البشر بأساسيات التدين، ويجمع لهم في مقدمته موجزاً دينياً للفكر الإسلامي عن الدين والرسل والقرآن والرسول والمعجزة وهف العلم بصفة عامة.
وتمثل منهج الطبري في مقدمته بالآتي:
1ـ البدء بالبسملة.
2ـ العمل الذي سوف يقوم به، هو بركة من عند الله، وأمر من الله.
3ـ توضيح السَنة التي بدأ فيها هذا الأمر، (وهي سنة 306هـ).
4ـ ذكر (الحمد لله)، بعد بيان بركة هذا العمل .
5ـ بيان تأثير دلائل وآيات الله عز وجل على أولي الألباب.
6ـ التحدث عن بعض صفات الله عز وجل.
7ـ الاستشهاد بآيات قرآنية كريمة في المقدمة .
8ـ التحدث عن صفات البشر.
9ـ بيان هدف إرسال الله للرسل.
10ـ التحدث عن رسل الله عز وجل .
أـ تأييد الله للرسل بالمعجزات.
ب ـ الرسل سفراء وأمناء على الوحي .
ج ـ تفضيل الله للرسل بعضهم على بعض.
د ـ تفضيل الله لسيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) .
هـ ـ بيان ما حدث للرسل السابقين وما تعرضوا له.
وـ حمد الله على الإيمان بالله واتباعنا لرسولنا.
زـ الصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
11ـ استخدام المؤلف لتركيب (أما بعد).
12ـ بيان ما خص الله به أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) .
13ـ بيان ما خص الله به نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم) .
14ـ تضمين آيات قرآنية كريمة خلال كلام المؤلف.
15ـ بيان قوة معجزة الرسول (صلى الله عليه وسلم)
16ـ حفظ الله عز وجل لكتابه الكريم والمعجزة الباقية.
17ـ بيان أهمية القرآن الكريم في تقويم حياة الإنسان
18ـ الدعاء بالتوفيق في إصابة التفسير .
19ـ إخبار الناس أن غاية العلم هو خدمة كتاب الله.
20ـ بيان منهج التفسير الذي يتبعه في كتابه.
21ـ الدعاء.
22ـ بيان أول ما سيبدأ به في كتابه.
وهاك تفسيراً لهذا المنهج الذي سار عليه الطبري في مقدمته:
1ـ البدء بالبسملة.
إذا نظرنا إلى مقدمة الطبري في تفسيره فإنه يبدأ بقوله: (بسم الله الرحمن الرحيم).
2ـ العمل الذي سوف يقوم به، هو بركة من عند الله، وأمر من الله.
ويخبر الطبري أن هذا العمل هو (بركة من الله وأمر) فيبدأ بالبسملة، لكي لا يكون عمله ناقصاً مقطوعاً، ثم يبين أن كل ما جاء في هذا التفسير هو (بركة من الله وأمر) .
3ـ توضيح السَنة التي بدأ فيها هذا الأمر، (وهي سنة 306هـ).
ثم يقول :( قرئ على أبي جعفر محمد بن جرير الطَّبري في سنة ست وثلثمئة، قال:).
4ـ ثم ذكر (الحمد لله)، بعد بيان بركة هذا العمل .
بعد ذلك يحمد الله، ويثني عليه، يقول:( الحمد لله ).
5ـ بيان تأثير دلائل وآيات الله عز وجل على أولي الألباب.
ثم يبين أن الحجة للألباب هي بدائع الحكمة، وأن لطائف هذه الحجة أخرست العقول. وعجائب الصنع قطعت أعذار الملحدين، وأن أدلة وجود الله وآياته أسمعت العالمين من خلال ألسنتها التي تتحدث بها، والتي تشهدا أن الله عز وجل واحداً.يقول:( الحمد لله. الذي حَجَّت الألبابَ بدائعُ حِكَمه، وخَصَمت العقولَ لطائفُ حُججه وقطعت عذرَ الملحدين عجائبُ صُنْعه، وهَتفتْ في أسماع العالمينَ ألسنُ أدلَّته، شاهدةٌ أنه الله الذي لاَ إله إلا هو)
6ـ التحدث عن بعض صفات الله عز وجل.
ثم يظهر الثناء على الله(عز وجل) بذكر صفات الله سبحانه وتعالى،يقول: (أنه الله الذي لاَ إله إلا هو، الذي لاَ عِدْلَ له معادل ولا مثلَ له مماثل، ولا شريكَ له مُظاهِر، ولا وَلدَ له ولا والد، ولم يكن له صاحبةٌ ولا كفوًا أحدٌ؛ وأنه الجبار الذي خضعت لجبروته الجبابرة، والعزيز الذي ذلت لعزّته الملوكُ الأعزّة، وخشعت لمهابة سطوته ذَوُو المهابة، وأذعنَ له جميعُ الخلق بالطاعة طوْعًا وَكَرْهًا، كما قال الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه)
فيصف الله عز وجل بأنه لا مثيل له ، ولا شريك له في الظاهر ولا شريك له في الخفاء، ولا ولد ولا والد، ولا صاحبة له ولا زوجة، وليس له مثيل وليس له كفئ. فهو الجبار العزيز.
7ـ الاستشهاد بآيات قرآنية كريمة في المقدمة
يستشهد المؤلف في مقدمته بآيات قرآنية كريمة منها: { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ } [سورة الرعد: 15].
وفي مكان آخر من مقدمته يستشهد بالآية القرآنية الكريمة التالية: ({ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ } [سورة النساء: 165])
وفي مكان آخر من مقدمته يستشهد بالآية القرآنية الكريمة التالية: { مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ } [سورة المؤمنون: 33-34]
وفي مكان آخر من مقدمته يستشهد بالآية القرآنية الكريمة التالية { يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [سورة المائدة: 16].
8ـ التحدث عن صفات البشر
ثم تحدث المؤلف في مقدمته عن صفات البشر الناقصة المحتاجة، يقول:( فكل موجود إلى وَحدانيته داع، وكل محسوس إلى رُبوبيته هاد، بما وسَمهم به من آثار الصنعة، من نقص وزيادة، وعجز وحاجة، وتصرف في عاهات عارضة، ومقارنة أحداث لازمة، لتكونَ له الحجة البالغة.)
9ـ بيان هدف إرسال الله للرسل
ثم يبين المؤلف هدف إرسال الله للرسل، يقول المؤلف: (ثم أرْدف ما شهدتْ به من ذلك أدلَّتُه، وأكد ما استنارت في القلوب منه بهجته، برسلٍ ابتعثهم إلى من يشاء من عباده، دعاةً إلى ما اتضحت لديهم صحّته، وثبتت في العقول حجته، { لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ } [سورة النساء: 165])
10ـ التحدث عن رسل الله عز وجل
بعد ذلك يبدأ المؤلف حديثاً مفصلاً عن الرسل ، في العناصر التالية:
أـ تأييد الله للرسل بالمعجزات:
يوضح المؤلف أن الله أرسل مع الرسل ما يؤيد صدقهم،يقول:
(وليذَّكَّر أولو النهي والحلم. فأمدَّهم بعوْنه، وأبانهم من سائر خلقه، بما دل به على صدقهم من الأدلة، وأيدهم به من الحجج البالغة والآي المعجزة، لئلا يقول القائل منهم (1) { مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ } [سورة المؤمنون: 33-34] )
ب ـ الرسل سفراء وأمناء على الوحي :
يوضح المؤلف أن الرسل سفراء الله وأمناء على وحيه، يقول المؤلف في مقدمته:(فجعلهم سفراءَ بينه وبين خلقه، وأمناءه على وحيه، واختصهم بفضله، واصطفاهم برسالته).
ج ـ تفضيل الله للرسل بعضهم على بعض:
ثم يوضح المؤلف أفضلية بعض الرسل على بعض ودرجات كل واحد منهم، ودرجة قربه من الله عز وجل ، يقول: (ثم جعلهم -فيما خصهم به من مواهبه، ومنّ به عليهم من كراماته- مراتبَ مختلفة، ومنازل مُفترقة، ورفع بعضهم فوق بعض درجات، متفاضلات متباينات. فكرَّم بعضهم بالتكليم والنجوى، وأيَّد بعضهم برُوح القدس، وخصّه بإحياء الموتى، وإبراء أولى العاهة والعمى).
د ـ تفضيل الله لسيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)
ثم يوضح المؤلف تفضيل الله عز وجل لسيدنا محمد(صلى الله عليه وسلم)، يقول المؤلف:( وفضَّل نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم، من الدرجات بالعليا، ومن المراتب بالعُظمى. فحباه من أقسام كرامته بالقسم الأفضل وخصه من درجات النبوّة بالحظ الأجزَل، ومن الأتباع والأصحاب بالنصيب الأوفر. وابتعثه بالدعوة التامة، والرسالة العامة، وحاطه وحيدًا، وعصمه فريدًا، من كل جبار عاند، وكل شيطان مارد حتى أظهر به الدّين، وأوضح به السبيل، وأنهج به معالم الحق، وَمَحق به منار الشِّرك. وزهق به الباطلُ، واضمحل به الضلالُ وخُدَعُ الشيطان وعبادةُ الأصنام والأوثان مؤيدًا بدلالة على الأيام باقية، وعلى الدهور والأزمان ثابتة، وعلى مَرِّ الشهور والسنين دائمة، يزداد ضياؤها على كرّ الدهور إشراقًا، وعلى مرّ الليالي والأيام ائتلاقًا، خِصِّيصَى من الله له بها دون سائر رسله)
هـ ـ بيان ما حدث للرسل السابقين وما تعرضوا له
ثم يوضح المؤلف أن سائر الرسل أرسلوا إلى أناس وأمم بأعينهم، فيقول:( خِصِّيصَى من الله له بها دون سائر رسله -الذين قهرتهم الجبابرة، واستذلَّتهم الأمم الفاجرة، فتعفَّتْ بعدهم منهم الآثار، وأخملت ذكرهم الليالي والأيام- ودون من كان منهم مُرْسلا إلى أمة دون أمة، وخاصّة دون عامةٍ، وجماعة دون كافَّة.)
وـ حمد الله على الإيمان بالله واتباعنا لرسولنا.
ثم يثني المؤلف على الله بالحمد له على الإيمان واتباع رسولنا الكريم، فيقول:(فالحمدُ لله الذي كرمنا بتصديقه، وشرّفنا باتِّباعه، وجعلنا من أهل الإقرار والإيمان به وبما دعا إليه وجاء به،)
زـ الصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
يقول المؤلف: ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أزكى صلواته، وأفضلَ سلامه، وأتمَّ تحياته).
وفي مكان آخر من المقدمة يقول المؤلف:( وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما.)
11ـ استخدام المؤلف لتركيب (أما بعد).
يقول المؤلف:( ثم أما بعد)
12ـ بيان ما خص الله به أمة محمد (صلى الله عليه وسلم)
ثم تحدث الملف عن الاختصاصات التي خص الله بها أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) يقول المؤلف:(وشرَّفهم به على سائر الأمم من المنازل الرفيعة، وحباهم به من الكرامة السنية، حفظَه ما حفظ عليهم -جلّ ذكره وتقدست أسماؤه- من وحيه وتنزيله، الذي جعله على حقيقة نبوة نبيهم صلى الله عليه وسلم دلالة).
13ـ بيان ما خص الله به نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم)
ثم تحدث المؤلف عن الاختصاصات التي خص الله بها نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم) يقول المؤلف: (وعلى ما خصه به من الكرامة علامةً واضحة، وحجةً بالغة، أبانه به من كل كاذب ومفترٍ، وفصَل به بينهم وبين كل جاحد ومُلحِد، وفرَق به بينهم وبين كل كافر ومشرك)
14ـ تضمين آيات قرآنية كريمة خلال كلام المؤلف.
حيث ضمن المؤلف كلامه بكلمات من آيات القرآن الكريم دون أخذ الآية مأخذ الاستشهاد بل بتضمين كلماتها، يقول المؤلف: (الذي لو اجتمع جميعُ من بين أقطارها، من جِنِّها وإنسها وصغيرها وكبيرها، على أن يأتوا بسورة من مثله لم يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا)
حيث ضمّن المؤلف ما جاء في سورة البقرة: 23، ويونس: 38، والإسراء: 88.
وضمن في قول آخر آية 2 من سورة البقرة ، حيث قال:(وأن أجمعَ ذلك لباغيه كتابُ الله الذي لا ريب فيه).
وضمن كذلك آية سورة فصلت 42 حيث قال في موضع آخر:(الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيلٌ من حكيم حَميد).
15ـ بيان قوة معجزة الرسول (صلى الله عليه وسلم)
ثم يبين المؤلف قوة معجزة الرسول (صلى الله عليه وسلم) فيقول: (فجعله لهم في دُجَى الظُّلَم نورًا ساطعًا، وفي سُدَف الشُّبَه شهابًا لامعًا (4) وفي مضَلة المسالك دليلا هاديًا، وإلى سبل النجاة والحق حاديًا، { يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [سورة المائدة: 16].
16ـ حفظ الله عز وجل لكتابه الكريم والمعجزة الباقية:
ثم يتحدث المؤلف عن حفظ الله لكتابه الكريم، يقول المؤلف: (حرسه بعين منه لاَ تنام، وحاطه برُكن منه لاَ يضام، لاَ تَهِي على الأيام دعائمه، ولا تبيد على طول الأزمان معالمه).
17ـ بيان أهمية القرآن الكريم في تقويم حياة الإنسان
بعد ذلك يوضح المؤلف أهمية القرآن الكريم في تقويم حياة الإنسان بصفة عامة، يقول المؤلف: (ولا يجوز عن قصد المحجَّة تابعه ولا يضل عن سُبُل الهدى مُصَاحبه. من اتبعه فاز وهُدِى، ومن حاد عنه ضلَّ وغَوَى، فهو موئلهم الذي إليه عند الاختلاف يَئِلون، ومعقلهم الذي إليه في النوازل يعقلون وحصنهم الذي به من وساوس الشيطان يتحصنون، وحكمة ربهم التي إليها يحتكمون، وفصْل قضائه بينهم الذي إليه ينتهون، وعن الرضى به يصدرون، وحبله الذي بالتمسك به من الهلكة يعتصمون.
18ـ الدعاء بالتوفيق في إصابة التفسير
ثم يدعو المؤلف بأن يوفقه الله عز وجل في إصابة الهدف الذي يسعى إليه ، يقول:(اللهم فوفقنا لإصابة صواب القول في مُحْكَمه ومُتَشابهه، وحلاله وحرامه، وعامِّه وخاصِّه، ومجمَله ومفسَّره، وناسخه ومنسوخه، وظاهره وباطنه، وتأويل آية وتفسير مُشْكِله. وألهمنا التمسك به والاعتصام بمحكمه، والثبات على التسليم لمتشابهه. وأوزعنا الشكر على ما أنعمتَ به علينا من حفظه والعلم بحدوده. إنك سميع الدعاء قريب الإجابة).
ثم يصلي المؤلف علي سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) ، مرة أخرى فيقول:(وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما).
19ـ إخبار الناس أن غاية العلم هو خدمة كتاب الله.
ثم يوضح المؤلف للناس هدف العلوم المختلفة وأنها جميعها يجب أن تخدم كتاب الله عز وجل، يقول: (اعلموا عبادَ الله، رحمكم الله، أن أحقَّ ما صُرِفت إلى علمه العناية، وبُلِغت في معرفته الغاية، ما كان لله في العلم به رضًى، وللعالم به إلى سبيل الرشاد هدى، وأن أجمعَ ذلك لباغيه كتابُ الله الذي لا ريب فيه، وتنزيله الذي لا مِرْية فيه، الفائزُ بجزيل الذخر وسنىّ الأجر تاليه، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيلٌ من حكيم حَميد).
20ـ بيان منهج التفسير الذي يتبعه في كتابه.
بعد ذلك يأتي المؤلف إلى الهدف من مقدمته وهو بيان المنهج الذي سوف يتبعه في تفسيره، يقول: (ونحن - في شرح تأويله، وبيان ما فيه من معانيه- منشئون إن شاء الله ذلك، كتابًا مستوعِبًا لكل ما بالناس إليه الحاجة من علمه، جامعًا، ومن سائر الكتب غيره في ذلك كافيًا. ومخبرون في كل ذلك بما انتهى إلينا من اتفاق الحجة فيما اتفقت عليه منه واختلافها فيما اختلفت فيه منهُ. ومُبيِّنو عِلَل كل مذهب من مذاهبهم، ومُوَضِّحو الصحيح لدينا من ذلك، بأوجز ما أمكن من الإيجاز في ذلك، وأخصر ما أمكن من الاختصار فيه).
21ـ الدعاء
بعد ذلك يته المؤلف بالدعاء إلى الله عز وجل بأن يكون هذا العمل مما يقرب لمحبة الله سبحانه وتعالى ، يقول:(والله نسألُ عونه وتوفيقه لما يقرب من محَابِّهِ، ويبْعد من مَساخِطه. وصلى الله على صَفوته من خلقه وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا).
22ـ بيان أول ما سيبدأ به في كتابه
ينهي المؤلف مقدمته ببيان أول ما سيبدا به كتابه، يقول:(وأولُ ما نبدأ به من القِيل في ذلك: الإبانةُ عن الأسباب التي البدايةُ بها أولى، وتقديمها قبل ما عداها أحْرى. وذلك: البيانُ عما في آي القرآن من المعاني التي من قِبَلها يدخل اللَّبْس على من لم يعان رياضةَ العلوم العربية، ولم تستحكم معرفتُه بتصاريف وجوه منطق الألسُن السليقية الطبيعية).
وبذلك فإن مقدمة الطبري لتفسيره مقدمة جامعة جمع فيها كل ما يتعلق بالإسلام من توضيح هدف المعجزة وهدف إرسال الرسل، وما تعرضوا له ، وكذلك أفضلية بعضهم على بعض وتفضيل الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) وتفضيل أمته، وفظ الله تعالى لكتابه الكريم، وهدف هذا الكتاب تقويم حياة الإنسان.
فمقدمة الطبري في تفسيره جامعة لمعظم تعاليم الإسلام التي يجب على الإنسان معرفتها.