بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله.
سُئِلَ العلاَّمة ابنُ بازٍ -رحمه الله-:
هل يجوزُ التَّكلُّم بالقرآن؟ فمثلاً: إذا سلَّم بعضُ النَّاس بقوله: ﴿سَلامٌ قَوْلًا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ﴾؛ كما فَعَلَتِ المرأةُ في القصَّة الَّتي حكاها عبد الله بنُ المبارَك.
فأجاب بقوله:
المعروف عند أهل العلم أنَّه لا ينبغي اتِّخاذ القرآن بدلاً مِنَ الكلام، بل الكلام له شأن، والقرآن له شأن، وأقلُّ أحوالِه الكراهةُ. وعليه أن يُسلِّم السَّلامَ العاديَّ، هكذا كان النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- يفعل وأصحابه -رضي الله عنهم-؛ يقول: " وعليكم السَّلام ورحمة الله وبركاته "، " سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته "، وهكذا، يستعمل العبارات المُعتادة في تحيَّة إخوانه. [ " فتاوى إسلاميَّة " (4/38) - جمع وترتيب/ المسند ].
وقال العلاَّمة ابنُ عثيمين -رحمه الله- في " الشَّرح الممتع " (6/531):
( وقد سمعنا أنَّ واحدًا من النَّاس قال: أنا لن أتكلم بكلام الآدميِّين أبدًا، لا أتكلَّم إلاَّ بكلام الله، فإذا دَخَلَ إلى بيته، وأراد مِنْ أهله أن يشتروا طعامًا؛ قال: ﴿فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ﴾ [الكهف: 19] .
وقد قال أهل العلم: يحرم جعل القرآن بدلاً مِنَ الكلام، وأنا رأيت زَمَن الطَّلبِ قصَّةً في جواهر الأدب، عنِ امرأةٍ لا تتكلَّم إلاَّ بالقرآن، وتعجَّب النَّاس الَّذين يُخاطِبونها، فقال لهم مَن حولها: لها أربعون سنة لم تتكلَّم إلاَّ بالقرآن، مخافةَ أن تزلَّ فيغضب عليها الرَّحمن.
نقول: هي زلَّتِ الآن، فالقرآن لا يُجعلُ بدلاً مِنَ الكلام، لكن لا بأس أن يستشهدَ الإنسان بالآية على قضيَّةٍ وَقَعَتْ؛ كما يُذكر عن النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه كان يخطب، فخرجَ الحسن والحُسَين يمشيان ويعثران بثيابٍ لهما، فنَزَل فأخذهما، وقال صدق الله: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ [التغابن: 15]، فالاستشهاد بالآيات على الواقعة إذا كانت مطابقةً تمامًا لا بأس به ) انتهى.
وقد وَقَفْتُ في " تلبيس إبليس " علَى ما يُشبِهُ قصَّة المرأة المذكورة:
قال ابنُ عقيلٍ: كان أبو إسحاقَ الخزَّاز صالحًا، وهو أوَّلُ مَن لقَّنني كتابَ اللهِ، وكانَ مِنْ عادتِهِ الإمساكُ عَنِ الكلام في شَهْر رَمَضان، فكان يُخاطِبُ بآيِ القُرآن فيما يَعْرِضُ إليه مِنَ الحوائجِ، فيقول في إذْنِهِ: ﴿ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ﴾، ويقول لابنه في عشيَّة الصَّوم: ﴿مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا﴾، آمِرًا لَهُ أن يشتريَ البَقْلَ! فقلتُ لَهُ: هذا الَّذي تعتقدُهُ عبادةً هُو معصيةٌ. فصَعُبَ عَلَيهِ، فقلتُ: إنَّ هذا القرآنَ العزيزَ أُنزِلَ في بيانِ أحكامٍ شَرْعِيَّةٍ، فَلا يُسْتَعملُ في أغراضٍ دُنيويَّةٍ، وما هذا إلاَّ بمثابةِ صَرِّكَ السِّدْرَ والأُشْنانَ في وَرَقِ المُصْحَفِ، أو توسُّدِك لَهُ! فهَجَرَنِي، ولَمْ يُصْغِ إلى الحُجَّةِ. انتهى.
الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله.
سُئِلَ العلاَّمة ابنُ بازٍ -رحمه الله-:
هل يجوزُ التَّكلُّم بالقرآن؟ فمثلاً: إذا سلَّم بعضُ النَّاس بقوله: ﴿سَلامٌ قَوْلًا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ﴾؛ كما فَعَلَتِ المرأةُ في القصَّة الَّتي حكاها عبد الله بنُ المبارَك.
فأجاب بقوله:
المعروف عند أهل العلم أنَّه لا ينبغي اتِّخاذ القرآن بدلاً مِنَ الكلام، بل الكلام له شأن، والقرآن له شأن، وأقلُّ أحوالِه الكراهةُ. وعليه أن يُسلِّم السَّلامَ العاديَّ، هكذا كان النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- يفعل وأصحابه -رضي الله عنهم-؛ يقول: " وعليكم السَّلام ورحمة الله وبركاته "، " سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته "، وهكذا، يستعمل العبارات المُعتادة في تحيَّة إخوانه. [ " فتاوى إسلاميَّة " (4/38) - جمع وترتيب/ المسند ].
وقال العلاَّمة ابنُ عثيمين -رحمه الله- في " الشَّرح الممتع " (6/531):
( وقد سمعنا أنَّ واحدًا من النَّاس قال: أنا لن أتكلم بكلام الآدميِّين أبدًا، لا أتكلَّم إلاَّ بكلام الله، فإذا دَخَلَ إلى بيته، وأراد مِنْ أهله أن يشتروا طعامًا؛ قال: ﴿فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ﴾ [الكهف: 19] .
وقد قال أهل العلم: يحرم جعل القرآن بدلاً مِنَ الكلام، وأنا رأيت زَمَن الطَّلبِ قصَّةً في جواهر الأدب، عنِ امرأةٍ لا تتكلَّم إلاَّ بالقرآن، وتعجَّب النَّاس الَّذين يُخاطِبونها، فقال لهم مَن حولها: لها أربعون سنة لم تتكلَّم إلاَّ بالقرآن، مخافةَ أن تزلَّ فيغضب عليها الرَّحمن.
نقول: هي زلَّتِ الآن، فالقرآن لا يُجعلُ بدلاً مِنَ الكلام، لكن لا بأس أن يستشهدَ الإنسان بالآية على قضيَّةٍ وَقَعَتْ؛ كما يُذكر عن النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه كان يخطب، فخرجَ الحسن والحُسَين يمشيان ويعثران بثيابٍ لهما، فنَزَل فأخذهما، وقال صدق الله: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ [التغابن: 15]، فالاستشهاد بالآيات على الواقعة إذا كانت مطابقةً تمامًا لا بأس به ) انتهى.
وقد وَقَفْتُ في " تلبيس إبليس " علَى ما يُشبِهُ قصَّة المرأة المذكورة:
قال ابنُ عقيلٍ: كان أبو إسحاقَ الخزَّاز صالحًا، وهو أوَّلُ مَن لقَّنني كتابَ اللهِ، وكانَ مِنْ عادتِهِ الإمساكُ عَنِ الكلام في شَهْر رَمَضان، فكان يُخاطِبُ بآيِ القُرآن فيما يَعْرِضُ إليه مِنَ الحوائجِ، فيقول في إذْنِهِ: ﴿ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ﴾، ويقول لابنه في عشيَّة الصَّوم: ﴿مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا﴾، آمِرًا لَهُ أن يشتريَ البَقْلَ! فقلتُ لَهُ: هذا الَّذي تعتقدُهُ عبادةً هُو معصيةٌ. فصَعُبَ عَلَيهِ، فقلتُ: إنَّ هذا القرآنَ العزيزَ أُنزِلَ في بيانِ أحكامٍ شَرْعِيَّةٍ، فَلا يُسْتَعملُ في أغراضٍ دُنيويَّةٍ، وما هذا إلاَّ بمثابةِ صَرِّكَ السِّدْرَ والأُشْنانَ في وَرَقِ المُصْحَفِ، أو توسُّدِك لَهُ! فهَجَرَنِي، ولَمْ يُصْغِ إلى الحُجَّةِ. انتهى.