أحبتي ،، سبق وأن طـُرح موضوع "علم مقاصد السور" طرحاً نظرياً ، والآن أود أن أطرحه تطبيقاً عملياً ، وقد وجدت من التطبيقات العملية في هذا العلم من كلام السلف وكذا عن المحققين من أهل العلم شيئا ليس بالقليل ، وعن غيرهم أيضاً .
فأذكر ما وقفت عليه ، ثم أرجو من الإخوة الفضلاء التذييل عليه أو الاستدراك بالتعقب والتصويب ونحو ذلك ، سواء بما وقفوا عليه من كلام أهل العلم ،أو بما أداه إليه اجتهادهم ، فإنما هي مباحثة بين أهل الفن .
علماً بأن اختلاف الأنظار في هذا العلم باب واسع ، والجزم بشيء منه ليس بالأمر الهين ، لكنها غلبة ظن قد تبلغ اليقين بالقرائن .
ولو لم يكن من هذا العلم إلا اضطرار صاحبه لكثرة التدبر في السورة وآياتها لكفاه فضلا ، كيف وقد ارتقى درجاته أئمة من السلف والخلف ، زادني الله وإياكم علما وعملا بكتابه العظيم .
ولعلي أنبه على محذور في طريقة اثنين من أهل العلم :
أما الأول : فالبقاعي رحمه الله فقد تتبعت مقاصده وقرنتها بما جاء عن السلف فما وجدته يوافقهم إلا في النادر جدا .
وأما الثاني : فالمحقق النحرير ابن عاشور فليست طريقته طريقة أهل المقاصد ، وإنما في الغالب يسرد موضوعات السورة سردا ، وليس هذا هو المراد كما هو ظاهر فيما ستقرأ من كلام السلف ومن سار على طريقتهم ، وفقنا الله جميعا لهداه .
وأبدأها بذكر مقصد ثلاثين سورة ، وقد تجمع لدي مجموعة أخرى لعلي أذكرها لاحقا بإذن الله :
1) سورة الفاتحة : هي أم القرآن ، جمعت علوم القرآن كاملة على جهة الإجمال ، بل هي أم الكتب السماوية قاطبة .
مقصودها جمع علوم القرآن بحيث تكون كالمقدمة لكتاب الله ، والفاتحة لجميع مقاصده وأغراضه ، ولذا أخرج البخاري( ) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : أم القرآن : هي السبع المثاني والقرآن العظيم .
ولذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : وقد جاء مأثورا عن الحسن البصري رواه ابن ماجه وغيره : أن الله أنزل مائة كتاب و أربعة كتب جمع علمها في الأربعة ، وجمع علم الأربعة فى القرآن ، وجمع علم القرآن فى المفصل ، وجمع علم المفصل فى أم القرآن ...( ).
2) سورة البقرة : سمعت معالي الشيخ صالح آل الشيخ يقول : هي في الضرورات الخمس ، ولشيخ الإسلام كلام طويل في ما اشتملت عليه السورة ، وأن آخر آيتين منها تضمنتا مقصود السورة كاملة .
3) سورة النساء : هي في الضعفاء ووجوب العدل في شأنهم . وقد خبرت ذلك مرارا ، ودارست فيه عددا من أهل العلم وكلهم رأوا ذلك فليحرر .
4) سورة المائدة : هي في العهود والمواثيق وقد نص العلامة الشيخ عبدالرزاق عفيفي على ذلك في شريط مطول له في بيان مقصودها .
5) سورة الأنعام : هي في توحيد الألوهية ، ذكر ذلك ابن عاشور والسعدي وجماعة وهو ظاهر لمن تأمل السورة .
6) سورة براءة : وهي في المنافقين .
عن سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس سورة التوبة قال التوبة قال بل هي الفاضحة ما زالت تنزل ومنهم ومنهم حتى ظنوا أن لا يبقى منا أحد إلا ذكر فيها( ).
قال سفيان بن عيينة : هذه السورة نزلت في المنافقين( ). وقال القرطبي : هذه السورة نزلت في المنافقين وبالسيف( ).
7) سورة الأنفال : وهي سورة بدر .
عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : سورة الأنفال ؟ قال : تلك سورة بدر( ).
قال ابن العربي : قوله تعالى : {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (17) سورة الأنفال ، هي من توابع ما تقدم وروابطه فإن السورة هي سورة بدر كلها( ).
وقال الثعالبي : ولا خلاف أن هذه السورة نزلت في شأن بدر وأمر غنائمه( ).
8) سورة يوسف : في تفريج الكربات ذكر ذلك شيخ الإسلام .
9) سورة النحل : و تسمى سورة النعم .
عن قتادة في قوله {وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً } إلى قوله {كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ} (81) سورة النحل ، قال : ولذلك هذه السورة تسمى سورة النعم( ).
قال الإمام ابن تيمية : سورة النحل و تسمى سورة النعم كما قاله قتادة و غيره( ). وقال العلامة السعدي : هذه السورة تسمى سورة النعم فإن الله ذكر في أولها أصول النعم وقواعدها وفي آخرها متمماتها ومكملاتها( ).
وقاله الزمخشري وابن عطية وابن الجوزي والقرطبي وغيرهم .
10) سورة الكهف : في الفتن وكيف النجاة منها ؟ وقد مكث دهرا في تتبع مقصودها .
11) سورة طه : وهي سورة الكتب المنزلة .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : (فصل) سورة طه مضمونها تخفيف أمر القرآن وما أنزل الله تعالى من كتبه فهي سورة كتبه كما أن مريم سورة عباده ورسله .
ثم علل لذلك فقال : افتتحها بقوله (ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) إلى قوله (تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلا) ثم ذكر قصة موسى ونداء الله له ومناجاته إياه وتكليمه له ... ثم ذكر قصة آدم لأنها أول النبوات ....( ). إلى آخر كلامه رحمه الله .
12) سورة مريم : وهي سورة رحمة الله لأوليائه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : سورة طه مضمونها تخفيف أمر القرآن وما أنزل الله تعالى من كتبه فهي سورة كتبه كما أن مريم سورة عباده ورسله( ).
وقد تكرر فيها اسم (الرحمن) في اثنتي عشرة آية ، وهذا ما لم يقع في أي سورة أخرى من القرآن ، وكذا تكرر ذكر الرحمة في السورة كثيراً ، ويكفي في ذلك مطلعها {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا} (2) سورة مريم ، فهي سورة رحمة الله لأوليائه( ).
13) سورة الأنبياء : وهي سورة الذكر الذي تنزل على الأنبياء جميعاً ، أي ما اتفقت عليه الأديان السماوية .
قال شيخ الإسلام : سورة الأنبياء سورة الذكر ، وسورة الأنبياء الذين عليهم نزل الذكر . ثم علل لذلك فقال : افتتحها بقوله (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث) الآية وقوله (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) وقوله (لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم) وقوله (هذا ذكر من معي وذكر من قبلي) وقوله (وذكرى للمتقين) وقوله (وهذا ذكر مبارك) وقوله (ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر) .. .( )
14) سورة الحج : قال شيخ الإسلام : تضمنت منازل المسير إلى الله بحيث لا يكون منزلة ولا قاطع يقطع عنها . الفتاوى (ج 15 / ص 266) .
قلت : وهذا ظاهر من اسمها ، فالحج لغة : هو القصد إلى معظم ، ومن أعظم من الله ؟
15) سورة العنكبوت : وهي في الفتنة والابتلاء .
وقد بسط مقصودها وأوضحه أتمَّ إيضاح شيخنا الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ : في محاضرة بعنوان " "مقاصد السور وأثره في فهم التفسير" .
16) سورة الأحزاب : في الموقف عند الشدائد ، ذكر ذلك لي د محمد الربيعة ، فخبرت السورة فظهر لي كما قال ، والعلم عند الله .
17) سورة ص : وهي سورة الخصومات .
يقول ابن القيم : ... وإذا أردت زيادة إيضاح هذا فتأمل ما اشتملت عليه سورة ص من الخصومات المتعددة فأولها خصومة الكفار مع النبي أجعل الآلهة لها واحد إلى أخر كلامهم ثم اختصام الخصمين عند داود ثم تخاصم أهل النار ثم اختصم الملأ الأعلى في العلم وهو الدرجات والكفارات ثم مخاصمة إبليس واعتراضه على ربه في أمره بالسجود لآدم ثم خصامة ثانيا في شأن بنيه حلفه ليغوينهم أجمعين إلا أهل الإخلاص منهم فليتأمل اللبيب الفطن هل يليق بهذه السورة غير (ص)( ).
18) سورة ق : سورة القوة والعلو .
يقول ابن القيم عن سورة ق : .. والسورة مبنية على الكلمات القافية ، من ذكر القرآن وذكر الخلق وتكرير القول ومراجعته مرارا والقرب من ابن آدم وتلقي الملكين قول العبد وذكر الرقيب وذكر السائق والقرين والإلقاء في جهنم والتقدم بالوعيد وذكر المتقين وذكر القلب والقرون والتنقيب في البلاد وذكر القيل مرتين وتشقق الأرض وإلقاء الرواسي فيها وبسوق النخل والرزق وذكر القوم وحقوق الوعيد ولو لم يكن إلا تكرار القول والمحاورة ، وسر آخر : وهو أن كل معاني هذه السورة مناسبة لما في حرف القاف من الشدة والجهر والعلو والانفتاح( ).
19) سورة القمر : وهي سورة إظهار الهيبة .
20) سورة الرحمن : وهي سورة إظهار الرحمة .
يقول الرازي : ذكر الله تعالى في السورة المتقدمة ــ أي سورة القمر ــ (فكيف كان عذابى ونذر) غير مرة ، وذكر في السورة ــ أي سورة الرحمن ــ (فبأى ءالاء ربكما تكذبان) مرة بعد مرة ، لما بينا أن تلك السورة سورة إظهار الهيبة وهذه السورة سورة إظهار الرحمة( ).
21) سورة الواقعة : عن مسروق قال : من سره أن يعلم علم الأولين والآخرين وعلم الدنيا والآخرة فليقرأ سورة الواقعة( ).
22) سورة القلم : في الأخلاق .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : فصل : سورة ن ؛ هي سورة الخلق الذي هو جماع الدين الذي بعث الله به محمدا ، قال الله تعالى فيها (و إنك لعلى خلق عظيم)( ).
23) سورة الصف : نزلت في الجهاد ، وهذا ظاهر .
24) سورة التكوير : في صفة يوم القيامة .
25) سورة الانفطار : في صفة يوم القيامة .
26) سورة الانشقاق : في صفة يوم القيامة .
هذه السور الثلاث في وصف يوم القيامة ، لكن لكل واحدة منها وصف مغاير لما في أختها ، ولذا قال كما عند أحمد والترمذي عن ابن عمر قال : قال رسول الله : من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأى عين فليقرأ (إذا الشمس كورت) ، و (إذا السماء انفطرت) ، و (إذا السماء انشقت)( ).
فأمر بقراءتها جميعاً ، فتأمل الفرق بينها .
27) سورة الليل : قال ابن عباس : إني لأقول إن هذه السورة نزلت في السماحة والبخل( ). وتبعه شيخ الإسلام على ذلك .
وهذا ظاهر لمن تأمل آياتها .
28) سورة الكافرون : وهي سورة الإخلاص الثانية ، أو سورة التوحيد العملي الإرادي .
يقول ابن القيم عن سورتي الكافرون والإخلاص : وقد جمع سبحانه وتعالى هذين النوعين من التوحيد في سورتي الإخلاص وهما : سورة (قل يا أيها الكافرون) المتضمن للتوحيد العملي الإرادي ، وسورة (قل هو الله أحد) المتضمنة للتوحيد العلمي الخبري ، فسورة (قل هو الله أحد) فيها بيان ما يجب لله تعالى من صفات الكمال وبيان ما يجب تنزيهه من النقائص والأمثال ، وسورة (قل يا أيها الكافرون) فيها إيجاب عبادته وحده لا شريك له والتبريء من عبادة كل ما سواه ولا يتم أحد التوحيدين إلا بالآخر( ).
29) سورة الإخلاص : هي صفة الرحمن ، وهي في التوحيد العلمي الخبري .
فعن عائشة أن النبي بعث رجلا على سرية وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم بـ (قل هو الله أحد) فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي ، فقال : سلوه لأي شيء يصنع ذلك ؟ فقال : لأنها صفة الرحمن ، وأنا أحب أن أقرأ بها ، فقال النبي : أخبروه أن الله يحبه( ).
يقول الرازي : اعلم أن كثرة الألقاب تدل على مزيد الفضيلة ، والعرف يشهد لما ذكرناه ، فأحدها : سورة التفريد ، وثانيها : سورة التجريد ، وثالثها : سورة التوحيد ، ورابعها : سورة الإخلاص( ).
وتلحظ أم الأسماء كلها تدور على توحيد الله ، وسبق كلام ابن القيم قريباً عن سورتي الكافرون والإخلاص .
30) سورة الفلق : نزلت في إزالة الشرور الظاهرة أو الخارجية , وكيفية التعوذ منها كما أن الله جعل النهار بضيائه يفلق ظلمة الليل ؛ فهو قادر أن يفلق هذه الشرور الظاهرة ويخرج منها الخير .
31) سورة الناس : نزلت في إزالة الشرور الباطنة أو الداخلية ، وكيفية التعوذ منها ، وهذه الشرور باطنة فناسبها الاستعاذة بهذه الصفات (رب الناس ، ملك الناس، إله الناس) .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض كلامه عن سورة الناس : فكانت هذه السورة للشر الصادر من العبد ، و أما الشر الصادر من غيره فسورة الفلق فإن فيها الاستعاذة من شر المخلوقات عموما وخصوصا ، و الله أعلم( ).
وأوضح ذلك ابن القيم بما لا مزيد عليه فقال :
" وهذه السورة ــ أي سورة الناس ــ مشتملة على الاستعاذة من الشر الذي هو سببه الذنوب والمعاصي كلها ، وهو الشر الداخل في الإنسان ، الذي هو منشأ العقوبات في الدنيا والآخرة ، (فسورة الفلق) تضمنت الاستعاذة من الشر الذي هو ظلم الغير له بالسحر والحسد ، وهو شر من خارج ، (وسورة الناس) تضمنت الاستعاذة من الشر الذي هو سبب ظلم العبد نفسه ، وهو شر من داخل ، فالشر الأول : لا يدخل تحت التكليف ولا يطلب منه الكف عنه لأنه ليس من كسبه ، والشر الثاني : في سورة الناس يدخل تحت التكليف ويتعلق به النهي ، فهذا شر المعائب والأول شر المصائب ، والشر كله يرجع إلى العيوب والمصائب ولا ثالث لهما ، فـ (سورة الفلق) تتضمن الاستعاذة من شر المصيبات ، و (سورة الناس) تتضمن الاستعاذة من شر العيوب التي أصلها كلها الوسوسة( ).
وهذا قليل من كثير وإلا فمن تدبر في كتاب الله ثم نظر في كلام أهل العلم وجد مزيداً على ذلك أضعافا مضاعفة ، والعلم عند الله .
وانتظر ما تجدون به على أخيكم في شهر الجود سددكم الله ،،،
قال ابن عباس ، ومجاهد، وأبو العالية، والضحاك ، وغير واحد: إنها أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم نُعِي إليه . (تفسير ابن كثير)
أخرج البخاري وغيره عن ابن عباس قال : كان عمر يدخلني وأشياخ بدر ، فقال له عبد الرحمن بن عوف : لم تدخل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله فقال : إنه ممن قد علمتم ، فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم وما رأيته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني ، فقال : ما تقولون في قوله : { إذا جاء نصر الله والفتح } حتى ختم السورة فقال بعضهم : أمرنا الله أن نحمده ونستغفره إذا جاء نصر الله وفتح علينا وقال بعضهم : لا ندري وبعضهم لم يقل شيئاً فقال لي يا ابن عباس : أكذاك تقول؟ قلت : لا . قال : فما تقول؟ قلت : [overline]هو أجل رسول الله أعلمه الله [/overline]{ إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون } والفتح فتح مكة ، فذلك علامة أجلك { فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً } فقال عمر : ما أعلم منها إلا ما تعلم .[/align]
سورة المؤمنون كما يقول فضيلة شيخنا الدكتور/ عبد الله الحكمة:
جاءت لتقرير أنّ الفلاحَ مختصٌّّ بالمؤمنين وهو قرين الإيمان , ولا يجتمع مع الكفر بحال , حيث بدأها الله بقوله (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) وختمها بقوله (إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ).
يقول الشيخ الدكتور/ عبد الله الحكمة - حفظه الله - :
من مناسبات أسماء السور لمضامينها في القرآن , التناسبُ البيِّنُ بين اسم سورة الكهف ومضمونها , إذ الكهفُ من شأنه سترُ وحماية من بداخله من الريح والمطر والشمس وغيره , وهذه السورة بيّن الله فيها أسباب الوقاية من فتَـن: الصحبة
و العلم والسلطان والمال وغيرها.
سورة نوح
في هذه السورة منظومة متكاملة في منهج الدعوة إلى الله تعالى ويضيء لهذا الفهم افتتاحية السورة الكريمة بكلمة أرسلنا وتحديد أركان الرسالة:
المرسل بكلمة(إنا)
والرسول بكلمة (نوحاً)
والمرسل إليه (قومه)
والرسالة بقوله (أن أنذر قومك)
وإذا لاحظنا أن البيان القرآني ذكر على لسان سيدنا نوح عليه السلام لفظة (دعا) بمشتقاتها لأكثر من مرة في قوله تعالى: (قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ثم إني دعوتهم جهارا)
أدركنا أن مراد السورة الكريمة هو الدعوة.
ثم إن السورة الكريمة تعرض لنا كيفية تعامل نوح مع قومه، وآليات دعوته وتعرض لنا ردود أفعالهم ومدى استجابتهم للدعوة مما يجعلها نموذجاً متكاملاً في الدعوة
والله أعلم
ولأجل ذا اختُصَّتْ مِن بين السبع الطوال بنزولها جملة واحدة والله أعلم
***
سورة الحشر : سورة بني النضير قال سعيد بن جبير : قلت لابن عباس : سورة الحشر ؟ قال : قل سورة النضير
***
سورة المجادلة : سورة النجوى ، فأولها مناجاة المجادِلة مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم مناجاة اليهود ، ثم مناجاة المؤمنين بعضهم بعضا ، ثم مناجاتهم أو مناجاة اليهود أو المنافقين النبي صلى الله عليه وسلم ( مُدارَسَة لا تقريرا )
في هذه السورةِ أيضاً أرشد اللهُ المؤمنين إلى الحفـاظ على الصورة العامة للمسلمين وللإسـلام , وأن لا يدفعهم استفزازُ العدو أو قدرتهم عليه للقيام بأي تصرفٍ يجلبُ المعرة للمسلمين وللإسـلام .
قال الله تعالى (وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) والمعنـى كما قال المفسرون:
وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ مختلطون بالمشركين في مساكنهم لا تعرفون أعيانهم وفي قتلهم معرةٌ وشمـاتةٌ بالمسلمين لما كف أيديكم عنهم .
وهذا منهجٌ رباني للمسلم لا ينبغي أن يحيد عنه , بحيثُ يبقى كالجبل الأشم , لا تستخفهُ التوافه أو تستفزهُ الملمات.
الجزم بأن لكل سورة من سور القرآن مقصد تختص به ويميزها عن غيرها كلام يفتقر إلى دليل وفيه شيء من التكلف.
ولكن أقول إن كل سورة تخدم الأغراض الأربعة الرئيسة للقرآن وهي:
*تعريف الخلق بخالقهم.
*تعريف الخلق بالغاية من وجودهم.
*تعريف الخلق بمصيرهم الذي هم سائرون إليه.
*تعريف الخلق بالمنهج الذي يجعلهم يحققون من خلاله الغاية التي خلقوا من أجلها.
والله أعلى وأعلم وأحكم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
بالنسبة لهذا الموضوع قال الشيخ مساعد الطيار " حفظه الله " في كتابه المحرر في علوم القرآن :
" تختلف السور من حيث الطول والقصر ، وغالباً ما تكون السور القصيرة ذات موضوع واحدٍ ، وغالباً ما يكون اسم السورة دالاً على موضوعها ، وذلك شأن سور قصار المفصل من جزء عم .
وإذا طالت السورة فإنها قد تكون ذات موضوع واحدٍ يتعدد طرحه من خلال سياقات متنوعة ، وقد تكون ذات موضوعات متعددة ، ويمكن التمثيل لكل نوع بما يأتي:
1ـ سورة الصمد ، موضوعها الإخلاص.
2ـ سورة النبأ ، موضوعها البعث ، وقد تعدد طرح موضوع البعث من خلال سياقات السورة.
3ـ سورة عبس ، فيها موضوعات متعددة:
ـ حال المقبل على الإسلام والمعرض عنه (1ـ10).
ـ بيان منزلة القرآن ( 11ـ 16).
ـ بيان شدة كفر الكافر (17 ـ 23).
ـ الاستلال على البعث (24 ـ 33).
ـ أحوال الناس يوم القيامة (34 ـ 42).
وقد يظهر لبعض المتدبرين لمثل هذه السور التي تتعدد موضوعاتها خيط رفيع يجمعها في موضوع واحدٍ ، وهو ما اصطلح بعض المعاصرين على تسميته بمصطلح ( الوحدة الموضوعية) أو (مقصد السورة) ويمكن استنباطه من خلال النظر في :
ـ اسم السورة.
ـ موضوعات السورة.
ـ ملابسات السورة.
ـ تفسير السورة الإجمالي.
ولا شك أن البحث في موضوع الوحدة الموضوعية شائقٌ ، إلا أنه مظنّة للتكلف ، والقول على الله بغير علم ..... " إلى آخر كلامه حفظه الله.
" بتصرف يسير".
ومن أراد المزيد فليراجع كتاب الشيخ ففيه كلام نفيس .
أحسنت أيها المبارك ، وأخوك يوافقك على هذا خصوصا من جهة التطبيق على كل سورة ، لا التنظير المطلق فقد نختلف في تقريره .
لكني أنبه هنا أيضا أن حرمان النفس من هذا العلم القرآني السلفي المُحْكَم إذا لاحت دلائله ، وأسفرت براهينه ، والذي تناوله المحققون من المفسرين سلفا وخلفا ، هو حرمان لها مما يزيدها بصيرة بالقرآن .
وقد تباحثنا كثيرا في هذا الملتقى بخصوص هذا العلم وأدلته .
وأؤكد على كلمة د. مساعد الطيار ـ حفظه الله ـ في قوله " ولا شك أن البحث في موضوع الوحدة الموضوعية شائقٌ ، إلا أنه مظنّة للتكلف ، والقول على الله بغير علم ..... "
أما فائدته : فنور مُجلِي ، وأما خطره فتقولٌ على الله مُردي ،
وأسعد الناس به من استند فيه إلى جبل محقق ،
أو أطال المدارسة مع أهل الفن فتوافقت رؤاهم على مقصد واحد ،
[align=center][align=center]سورة النحل هي سور النعم ، وبتأملها من فاتحتها إلى خاتمتها ، وما ذكر الله فيها من النعم التي لم تذكر مجتمعة في سورة واحدة ؛ يظهر أن أعظم نعم الله العظيمة = نعمة القرآن الكريم ، وحبل الله المتين ، فيقول الله [آية:٤٤] : {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} ، ويقول [آية:٦٤]: {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} ، ويقول [آية:٨٩]: {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين} ، ويقول [آية:١٠٢] : {قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين}.
فهل نتدبر ونحن نشكر الله على نعمائه هذه النعمة العظيمة ، والمنة الكريمة؟!
وهلا كان ذلك دافعا لزيادة التعلق بكلام ربنا ، والاعتصام به ؛ تلاوة وعملا وتأملا ودعوة؟!
{وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم} [آية:١٨][/align][/align]
سورة الإسراء نقل لي بعض الأخوة عن الشيخ الشعراروي رحمه الله أن سورة الإسراء تتحدث عن القرآن
فنظرت فإدا بها
1- وءاتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى
2- إن هدا القرآن يهدي
3- ولقد صرفنا في هدا القرآن
4-وإدا قرأت القرآن
5-وإن كادوا ليفتنونك عن الدي أوحينا إليك
6- وننزل من القرآن ماهو شفاء
7-ولئن شئنا لندهبن بالدي اوحي إليك
8-قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتو بمثل هدا القرآن
9-ولقد صرفنا للناس في هدا القرآن
10-وقرءانا فرقناه
11- ولاتجهر بصلاتك (قرائتك)
واعتدر عن الدال واختها لعطل في الجهاز
مارأيكم في كتاب خواطر قرآنية أ- عمرو خالد
فقد كتب في موضوعات السور وأعجبني
من موضوعات السور التي ذكرها
سورة الحجر حفظ الله لدينه
مريم توريث الدين للأبناء
سورة يونس الإيمان بالقضاء والقدر
وهل يوجد ملاحظات على هذا الكتاب أفيدوني بارك الله فيكم
جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم؛ ربما هذا أحد طرق الوصول إلى التدبر الذي هو الغاية من إنزال القرآن؛ قال تعالى:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ} قال ابن القيم-رحمه الله-في مدارج السالكين : ( تدبر القرآن هو تحديق ناظر القلب إلى معانيه وجمع الفكر على تدبره وتعقله وهو المقصود بإنزاله لا مجرد تلاوته بلا فهم ولا تدبر ). وهذه مشاركتي أسأل الله أن ينفع الجميع بها؛ مقصد سورة الكافرون؛ يقول ابن القيم في كتابه القيم " بدائع الفوائد " متحدثا عن سورة "الكافرون" : مقصود السورة براءته من دينهم ومعبودهم؛ هذا هو لبها ومغزاها وجاء ذكر براءتهم من دينه ومعبوده بالقصد الثاني مكملا لبراءته ومحققا لها؛ فلما كان المقصود براءته من دينهم بدأ به في أول السورة ثم جاء قوله:{ لكم دينكم } مطابقا لهذا المعنى أي لا أشارككم في دينكم ولا أوافقكم عليه بل هو دين تختصون أنتم به لا أشرككم فيه أبدا فطابق آخر السورة أولها فتأمله" .
هي سورة الإنسان والزمن (الدهر) فإذا أردت أن تخطط لحياتك لتحقق أعلى المكتسبات في أقل الأزمنة ، فاعرف عن نفسك أربعة :
1- امكاناتها ، قدراتها ، نقاط القوة والضعف فيها . 2- ثم حدد نقطة النهاية (الغاية) قبل تحديد البداية . 3- وسائلك الواجبة والمكملة ، وضرورة تنوعها . 4- التحديات والعوائق ، وكيف تتغلب عليها ؟ هكذا رتبتها السورة التي ترسم لنا منهجاً منظِماً لحياتنا ، وتذكرنا به (صبيحة كل جمعة)
هي سورة الإنسان والزمن (الدهر) فإذا أردت أن تخطط لحياتك لتحقق أعلى المكتسبات في أقل الأزمنة ، فاعرف عن نفسك أربعة :
1- امكاناتها ، قدراتها ، نقاط القوة والضعف فيها . 2- ثم حدد نقطة النهاية (الغاية) قبل تحديد البداية . 3- وسائلك الواجبة والمكملة ، وضرورة تنوعها . 4- التحديات والعوائق ، وكيف تتغلب عليها ؟ هكذا رتبتها السورة التي ترسم لنا منهجاً منظِماً لحياتنا ، وتذكرنا به (صبيحة كل جمعة)
ليتك يأ أبا عبدالرحمن تفردُها بِمَوضوعٍ مفصلٍ مستقلٍّ حتى يأخذَ الحديثُ حولَها مداه بارك الله فيك وفي علمك . وقد كنتُ اقترحت على أحد الأصدقاء المعنيين بمثل هذا الأمر إفراد السور الخاصة بيوم الجمعة (السجدة - الإنسان - الكهف - الأعلى - الغاشية) بمؤلف مختصر يكون تذكيراً بمعاني ومقاصد تلك السور وسبب تخصيص يوم الجمعة بها ، ولا شك أنها باب من العلم لم أجد من خَصَّهُ بِمؤلَّفٍ مفردٍ.
شكر الله لكم جميعاً على هذا الموضوع القيم وأرجو تثبيته حتى لا يضيع بين المشاركات فهو موضوع نافع عند تدارس القرآن الكريم وبالأخص نحن مقبلون على شهر القرآن.