بشير عبدالعال
Member
تَحْرِيكُ الْجَنَانِ لِهِدَايَةِ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرِ الْقُرْآنِ شَهْرِ الْجِنَانَ
الْجُزْءُ الرَّابِعُ
الحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، ونَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، ونَعُوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أنفُسِنَا، وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ الله، فَلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ له، وأَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ الله، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عبدُه وَرَسُولُهُ".
طَلَبُ الْمَعُونَةِ أصلٌ في تَحْصِيلِهَا :
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، أَنَّ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ ، وَقَالَ : يَا مُعَاذُ ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ ، فَقَالَ : أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لاَ تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ تَقُولُ : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ ، وَشُكْرِكَ ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ إِلَّا أَنَّ أَبَا دَاوُدَ لَمْ يَذْكُرْ: قَالَ مُعَاذ وَأَنا أُحِبُّكَ. قال الشيخُ الألباني : صَحيحٌ
ويُمكن أن يَشملَ الأمرُ كلَّ صَلاةٍ – فَريضَةً أو نَافِلَةً .
قال العُثيمينُ رحمَه اللهُ في فَتح ذِي الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ بشرحِ بُلوغ المرام :
وفي الإعَانةِ على هَذهِ الأُمورِ إعَانةٌ عَلى ما فيه سَعَادةُ الإنسَانِ فِي الدُّنْيَا وَالآخَرَةِ ، وفي سُؤال العَبدِ ربه أن يُعينَه على ذَلكَ عُنوانٌ عَلى افتِقَارِه إلى رَبه، وأنَّه- سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - إن لم يُعنه فإنه لا يَسعَدُ ,وهو كَذلِك إذا لم يَمده اللهُ عَزَّ وجلَّ بِعَونه، فإنه إن وَكَله إلى نَفسِه وَكَله إلى ضَعفٍ وعَجزٍ وعَورةٍ، ولهذا قَرَنَ اللهُ الاستعانةَ بالعِبَادة فقال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وقال: { فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ } [هود: 23]. فلابُدَّ من استعَانةِ العَبدِ بِربه، فإن لَم يُعنه شُغلَ وعَجزَ عن إدراكِ العَملِ.
وفي قَوله: " وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ " لم يَقل: "على عِبَادَتِكَ "، لأن الإنسانَ قَد يَعبدُ ربَّه، ولَكن لا يَكونُ عَملُه حَسنًا إما لعَدمِ إخلاصِه، وإما لِعدمِ مُتابعته، والعَملُ لا يَكونُ حَسنًا إلا بأمرَينِ: بالإخلاصِ لله، والمُتابعة لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الدَّعْوَةُ إلَى اللهِ هِيَ المُجِيرُ مِنهُ عزّ وجَلَّ :
قوله تعالى :{ قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22) إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23)}
قال الطَّبري رحمَه اللهُ:
وَقَدْ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ مَعْنًى آخَرَ ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ (إِلاَّ) حَرْفَيْنِ ، وَتَكُونَ (لاَ) مُنْقَطِعَةً مِنْ (إِنْ) فَيَكُونَ مَعْنَى الْكَلاَمِ : قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ إِنْ لَمْ أُبَلِّغْ رِسَالاَتِهِ.
قال القرطبي رحمَه اللهُ:
(إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسالاتِهِ) فَإِنَّ فِيهِ الْأَمَانَ وَالنَّجَاةَ.
جاء في تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني رحمه الله :
قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ } ؛ أي لا يُنجِيني من عذاب الله إلاَّ أن أُبلِّغَ عن اللهِ ما أُرسلتُ به ، وبذلك أرجُو النجاةَ ، ونيلَ الكرامةِ.
قال البَغوي رحمَه اللهُ في تفسيره :
إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسالاتِهِ، فَفِيهِ الْجِوَارُ وَالْأَمْنُ وَالنَّجَاةُ، قَالَهُ الْحَسَنُ. قَالَ مُقَاتِلٌ: ذَلِكَ الَّذِي يُجِيرُنِي مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، يَعْنِي التَّبْلِيغَ.
قال ابن كثير رحمَه اللهُ:
{قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} أَيْ: لَا نَصِيرَ وَلَا مَلْجَأَ. وَفِي رِوَايَةٍ: لَا وَلِيَّ وَلَا مَوْئِلَ.وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلا بَلاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ} قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ: {لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا} {إِلا بَلاغًا} وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ: {لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ} أَيْ: لَا يُجِيرُنِي مِنْهُ وَيُخَلِّصُنِي إِلَّا إِبْلَاغِي الرِّسَالَةَ الَّتِي أَوْجَبَ أَدَاءَهَا عَلَيَّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [الْمَائِدَةِ: 67].
قال في التحرير والتنوير:
ورِسالاتِهِ: جَمْعُ رِسَالَةٍ، وَهِيَ مَا يُرْسَلُ مِنْ كَلَامٍ أَوْ كِتَابٍ فَالرِّسَالَاتُ بَلَاغٌ خَاصٌّ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ، فَالْمُرَادُ مِنْهَا هُنَا تَبْلِيغُ الْقُرْآنِ.
قال في الظِلال :
وهذه هي القولةُ الرهيبة ، التي تملأ القلبَ بجِدية هذا الأمر .. أمر الرسالة والدعوة .. والرسول - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُؤمر بإعلان هذه الحقيقةِ الكَبيرة .إنَّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ ، وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ ملجأ أو حماية ، إلا أن أبلغَ هذا الأمر ، وأؤدي هذه الأمانة ، فهذا هو المَلجأ الوحيدُ ، - وهذه هي الإجَارةُ المأمُونةُ.
إن الأمرَ ليس أمري ، وليس لي فيه شيء إلا التبليغ ، ولا مَفرَ لي من هذا التبليغ. فأنا مطلوبٌ به من الله ولن يُجِيرَنِي منه أحد ، ولن أجد من دونه ملجأ يَعصمني ، إلا أن أبلغ وأؤدي! يا للرهبة! ويا للروعة! ويا للجد! إنها ليست تطوعا يتقدم به صاحب الدعوة. إنما هو التكليفُ. التكليفُ الصارمُ الجازم ، الذي لا مَفر من أدائه. فالله من ورائه! وإنها ليست الًّلذة الذاتية في حَمل الهُدى والخير للناس. إنَّما هو الأمرُ العُلوي الَّذي لا يمكن التلفتُ عنه ولا الترددُ فيه! وهكذا يَتبين أمر الدعوةِ ويَتحددُ .. إنها تكليفٌ وواجبٌ. وراءه الهول ، ووراءه الجِد ، ووراءه الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ!
الْجُزْءُ الرَّابِعُ
الحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، ونَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، ونَعُوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أنفُسِنَا، وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ الله، فَلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ له، وأَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ الله، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عبدُه وَرَسُولُهُ".
طَلَبُ الْمَعُونَةِ أصلٌ في تَحْصِيلِهَا :
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، أَنَّ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ ، وَقَالَ : يَا مُعَاذُ ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ ، فَقَالَ : أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لاَ تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ تَقُولُ : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ ، وَشُكْرِكَ ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ إِلَّا أَنَّ أَبَا دَاوُدَ لَمْ يَذْكُرْ: قَالَ مُعَاذ وَأَنا أُحِبُّكَ. قال الشيخُ الألباني : صَحيحٌ
ويُمكن أن يَشملَ الأمرُ كلَّ صَلاةٍ – فَريضَةً أو نَافِلَةً .
قال العُثيمينُ رحمَه اللهُ في فَتح ذِي الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ بشرحِ بُلوغ المرام :
وفي الإعَانةِ على هَذهِ الأُمورِ إعَانةٌ عَلى ما فيه سَعَادةُ الإنسَانِ فِي الدُّنْيَا وَالآخَرَةِ ، وفي سُؤال العَبدِ ربه أن يُعينَه على ذَلكَ عُنوانٌ عَلى افتِقَارِه إلى رَبه، وأنَّه- سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - إن لم يُعنه فإنه لا يَسعَدُ ,وهو كَذلِك إذا لم يَمده اللهُ عَزَّ وجلَّ بِعَونه، فإنه إن وَكَله إلى نَفسِه وَكَله إلى ضَعفٍ وعَجزٍ وعَورةٍ، ولهذا قَرَنَ اللهُ الاستعانةَ بالعِبَادة فقال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وقال: { فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ } [هود: 23]. فلابُدَّ من استعَانةِ العَبدِ بِربه، فإن لَم يُعنه شُغلَ وعَجزَ عن إدراكِ العَملِ.
وفي قَوله: " وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ " لم يَقل: "على عِبَادَتِكَ "، لأن الإنسانَ قَد يَعبدُ ربَّه، ولَكن لا يَكونُ عَملُه حَسنًا إما لعَدمِ إخلاصِه، وإما لِعدمِ مُتابعته، والعَملُ لا يَكونُ حَسنًا إلا بأمرَينِ: بالإخلاصِ لله، والمُتابعة لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الدَّعْوَةُ إلَى اللهِ هِيَ المُجِيرُ مِنهُ عزّ وجَلَّ :
قوله تعالى :{ قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22) إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23)}
قال الطَّبري رحمَه اللهُ:
وَقَدْ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ مَعْنًى آخَرَ ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ (إِلاَّ) حَرْفَيْنِ ، وَتَكُونَ (لاَ) مُنْقَطِعَةً مِنْ (إِنْ) فَيَكُونَ مَعْنَى الْكَلاَمِ : قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ إِنْ لَمْ أُبَلِّغْ رِسَالاَتِهِ.
قال القرطبي رحمَه اللهُ:
(إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسالاتِهِ) فَإِنَّ فِيهِ الْأَمَانَ وَالنَّجَاةَ.
جاء في تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني رحمه الله :
قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ } ؛ أي لا يُنجِيني من عذاب الله إلاَّ أن أُبلِّغَ عن اللهِ ما أُرسلتُ به ، وبذلك أرجُو النجاةَ ، ونيلَ الكرامةِ.
قال البَغوي رحمَه اللهُ في تفسيره :
إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسالاتِهِ، فَفِيهِ الْجِوَارُ وَالْأَمْنُ وَالنَّجَاةُ، قَالَهُ الْحَسَنُ. قَالَ مُقَاتِلٌ: ذَلِكَ الَّذِي يُجِيرُنِي مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، يَعْنِي التَّبْلِيغَ.
قال ابن كثير رحمَه اللهُ:
{قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} أَيْ: لَا نَصِيرَ وَلَا مَلْجَأَ. وَفِي رِوَايَةٍ: لَا وَلِيَّ وَلَا مَوْئِلَ.وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلا بَلاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ} قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ: {لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا} {إِلا بَلاغًا} وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ: {لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ} أَيْ: لَا يُجِيرُنِي مِنْهُ وَيُخَلِّصُنِي إِلَّا إِبْلَاغِي الرِّسَالَةَ الَّتِي أَوْجَبَ أَدَاءَهَا عَلَيَّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [الْمَائِدَةِ: 67].
قال في التحرير والتنوير:
ورِسالاتِهِ: جَمْعُ رِسَالَةٍ، وَهِيَ مَا يُرْسَلُ مِنْ كَلَامٍ أَوْ كِتَابٍ فَالرِّسَالَاتُ بَلَاغٌ خَاصٌّ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ، فَالْمُرَادُ مِنْهَا هُنَا تَبْلِيغُ الْقُرْآنِ.
قال في الظِلال :
وهذه هي القولةُ الرهيبة ، التي تملأ القلبَ بجِدية هذا الأمر .. أمر الرسالة والدعوة .. والرسول - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُؤمر بإعلان هذه الحقيقةِ الكَبيرة .إنَّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ ، وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ ملجأ أو حماية ، إلا أن أبلغَ هذا الأمر ، وأؤدي هذه الأمانة ، فهذا هو المَلجأ الوحيدُ ، - وهذه هي الإجَارةُ المأمُونةُ.
إن الأمرَ ليس أمري ، وليس لي فيه شيء إلا التبليغ ، ولا مَفرَ لي من هذا التبليغ. فأنا مطلوبٌ به من الله ولن يُجِيرَنِي منه أحد ، ولن أجد من دونه ملجأ يَعصمني ، إلا أن أبلغ وأؤدي! يا للرهبة! ويا للروعة! ويا للجد! إنها ليست تطوعا يتقدم به صاحب الدعوة. إنما هو التكليفُ. التكليفُ الصارمُ الجازم ، الذي لا مَفر من أدائه. فالله من ورائه! وإنها ليست الًّلذة الذاتية في حَمل الهُدى والخير للناس. إنَّما هو الأمرُ العُلوي الَّذي لا يمكن التلفتُ عنه ولا الترددُ فيه! وهكذا يَتبين أمر الدعوةِ ويَتحددُ .. إنها تكليفٌ وواجبٌ. وراءه الهول ، ووراءه الجِد ، ووراءه الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ!