تيسير التفسير "2" التفسير الموضوعى

إنضم
29/05/2007
المشاركات
490
مستوى التفاعل
3
النقاط
18
الإقامة
مصر
هاكم بحث متواضع ممكن يفيد إخوانى طلبة الدراسات العليا
وقد جمعته ليكون مقدة لكتاب وقلت لعل غيري ينتفع به فعجلت بنشره على أمل أن أعيد فيه وأزيد ولعل إخوانى يفيدوننى في هذا
لعلها لبنة تفيد في بناء هذا الصرح الذي ننشده ويتمناه علماء التفسير
أكررر عجلت بنشره قبل اتمامه تيسيرا لإخوانى لعل أحدهم يدعو لي بالهداية والقبول
التفسير الموضوعي
تمهيد : ينقسم التفسير باعتبارات مختلفة, فإذا نظرنا اعتبار المفسر لترتيب الآيات ومتابعة ألفاظه وجمله متابعة لا تخرجه عن نظمه في التلاوة و لا عن وضعه في المصحف ...فبملاحظة ترتيب التلاوة ورسم المصحف وُجد نوعان من التفسير هما التفسير التحليلي و الإجمالى وبملاحظة اتحاد الموضوع الواحد من الآيات المتفرقة... وجد نوع ثالث من التفسير هو التفسير الموضوعى[1], ويمكن رد أنواع التفسير إلى ضابط جامع يردها إلى نوعين اثنين:1- التفسير الموضعي,2- والتفسير الموضوعي.
فالتفسير الموضعي الذي يرجع فيه المفسر إلى موضع واحد من القرآن الكريم ,متتبعاً ترتيب الآيات في سورها.وهذا اللون قد يكون بالمأثور, أو بالرأي المحمود وقد يكون تحليلياً عند التفصيل, أو إجمالياً عند الاختصار وقد يكون مقارناً إذا اتبع المفسر طريق الموازنة,
و التفسير الموضوعي الذي يلتزم المفسر موضوعاً لا موضعاً بعينه...وقد تَدخُل ألوان التفسير السابقة لخدمة هذا الموضوع ...فإذا احتاج الموضوع إلى شرح مفردة وتراكيب بعض الآيات دخل التفسير التحليلي وإن احتاج إلى تقرير المعنى العام لبعض الآيات دخل التفسير الإجمالي وإن جاء برواية صحيحة دخل التفسير بالمأثور, وإن نظر المفسر في الموضوع, وتدبر جوانبه واستنبط منه استنباطاً علمياً بشروطه المقررة دخل الرأي المحمود, وبذلك تجتمع ألوان التفاسير جميعاً, وتتعاون ولا تتعارض ,وتأتلف لخدمة القرآن العظيم ولا تختلف[2].
تعريف التفسير الموضوعي
يتكون مصطلح التفسير الموضوعي من جزئين فهو" مركب تركيباً وصفياً"
فقبل تعريفه لابد من معرفة جزأيه : التفسير و الموضوعي
1- تعريف التفسير في اللغة تدور مادته حول : البيان والكشف والإيضاح.
وفي الاصطلاح " علم يُبحث فيه عن القرآن الكريم من حيث دلالته على مراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية"[3].
2- تعريف الموضوعي: الموضوعي نسبةٌ إلى الموضوع، والموضوعُ مشتقٌ من الوضع، وأصله من "وَضَعَ" الواو والضاد والعين: أصلٌ واحدٌ يدل على الخفض للشيء وحطه، وهو أعمُّ من الحطِ، وهو جعل الشيء في مكان ما، سواء كان ذلك بمعنى الحط والخفض، أو بمعنى الإلقاء والتثبيت في المكان، ومنه المَوْضِعُ، قال تعالى: (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِه).النساء: 46،والمائدة:13, ويقال: وضَعَتِ الحمل فهو موضوع، قال تعالى: (وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ). الغاشية:14، وقال(وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ) الرحمن :10.فهذا الوضع عبارة عن الإيجاد والخلقولكن ما علاقة ذلك بعلم التفسير الموضوعي ؟ يقول شيخنا العلامة الدكتور عبد الستار فتح الله سعيد مجيبا على هذا التساؤل : "الموضوع عند علماء التفسير: القضية التي تعددت أساليبها وأماكنها في القرآن ولها جهة واحدة تجمعها عن طريق المعنى الواحد أو الغاية الواحدة"[4]يقول-حفظه الله-: "وقد رجعتُ إلى القرآن الكريم فوجدتُ من معانيها: إيجابُ الشيء وإثباته في المكان، مثل (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْط).سورة الأنبياء، الآية 47، فيكون وصف التفسير "بالموضوعي" ملحوظاً فيه هذا المعنى؛لأن المفسر يثبت كل آية في موضعها من المعنى الكلي للقضية التي يبحثها.وبالتدقيق في كتب اللغة وجدت إشارةً إلى تصحيح إطلاق "الموضوع" على القضية الواحدة... ، يقال ناقة واضعة: إن رعت الحمض حول الماء ولم تبرح،فهي واضعة, أو بمعنى الإلقاء والتثبيت في المكان، ومنه المَوْضِعُ،وكذلك موضوعة[5].فعلى هذا يكون "الموضوع" هنا بمعنى الشيء الذي له صفةٌ معينة، وأُلزِمَ مكاناً معيناً، لا يبرحُهُ إلى غيره وهذا المعنى ملحوظٌ تماماً في تقييد التفسير "بالموضوعي" لأنه يُلزِمُ المفسر الارتباط بمعنى معين وصفة معينـة، لا يتعداها إلى غيرها حتى يفرغ من تفسير الموضوع الذي التزم به[6].
تعريفه اصطلاحاً
محاولة للتعريف بالحد قلت: ولأن التفسير الموضوعي يُعد قسيماً للتفسير التحليلي فمن الممكن أن نعتمد على تعريف التفسير التحليلي الذي تنطبق عليه شروط التعريف بوضع قيد يدل على التفسير الموضوعي خاصة فنقول :"معرفة مراد الله تعالى في موضوع قرآني بقدر الطاقة البشرية ",فقولنا موضوع قرآني قيد يخرج الكشف عن مراد الله في آية أو جملة أو نحو ذلك ولعل ذلك التعريف أقرب إلى الصواب لا سيما والحمد للله وجدته يشبه تعريف الدكتور عبدالجليل عبد الرحيم الذي عرفه بقوله " الكشف الكلي عن مراد الله عز وجل في قضية قرآنية حسب الطاقة البشرية"[7].

عرّفه شيخنا العلامة عبد الستار فتح الله سعيد، بقوله " علم يبحث في قضايا القرآن الكريم المتحدة معنى أو غاية، عن طريق جمع آياتها المتفرقة والنظر فيها، على هيئة مخصوصة، بشروط مخصوصة، لبيان معناها، واستخراج عناصرها، وربطها برباط جامع"[8].
قال أحدهم مستدركا علي شيخنا:هذا التعريف خص به لوناً واحداً للتفسير الموضوعي، ونقول : إن شيخنا رحمه الله له تحفظات على بقية الأقسام فخصه بالموضوع القرآني فقط دون السورة القرآنية والمصطلح القرآني.فلم يعدهما من التفسير الموضوعي؛ لأنه يريد أن يطبق القواعد العلمية المتفق عليها لاستخراج هذا العلم أما محاولة البعض بتكثير الأقسام وجمع المختلفات تحت عنوان واحد لعلم خاص فلا يستقيم هذا الأمر لا سيما وقد انحرف بعض الباحثين عن اتباع القواعد العلمية الصحيحة لدراسة التفسير الموضوعى في رسائلهم العلمية ,وكتب كل ما يريده ويقول هذا تفسير موضوعي!.وتهكم بهم الشيخ عبدالغنى الراجحى وقال بل موضوع تفسير وليس تفسيرا موضوعيا,بل جعل بعض الباحثين يرفض هذا العلم وبعضهم يستصعب تصوره فضلا عن الكتابة فيه .
كما استدرك البعض على هذا التعريف,قائلا إنه بيان لخطوات التفسير الموضوعي وليس تعريفا.
قلت من أنواع التعريف لدى المناطقة التعريف بالرسم وهو ما قام به شيخنا فأجاد وأفاد وتعريف بالحد وهو ما ذكرناه آنفاً وبذلك نكون عرفنا ذلك العلم بنوعي التعريف وهذا ما قام به علماء التفسير الذين عرفوا التفسير التحليلي عدة تعريفات منها تعريفات بالرسم وهى بيان كيفية تفسير القرآن ولم يعترض أحد على تلك التعريفات بل نقلوها وارتضوها .
تعريف ثان و عرفه الشيخ الدكتور مصطفى مسلم بقوله: " هو علم يتناول القضايا حسب المقاصد القرآنية من خلال سورة أو أكثر"[9].وتعقب هذا التعريف بأنه لا يخلو من غموض وغرابة فما المقاصد القرآنية وهل لها ما صدق معروف في علوم القرآن سابق على النظر الموضوعي حتى نجعلها معياراً ومستنداً يقوم عليه فهمنا للقضايا المفسرة موضوعيا ؟[10]. ويُستدرك عليه بأنه ذكر قسمين للتفسير الموضوعي وجعل منه مقاصد السور وهذا عند التأمل لا يعد من التفسير الموضوعي الذي يتمناه العلماء في ظهوره بتحديد خاص لا يختلط بغيره من الفنون ومن الممكن أن نعد هذا القسم"للسورة الواحدة" مما يدخل تحت علوم القرآن علم مقاصد السور حيث إن علماءنا كتبوا في هذا العلم باختصار كمقدمات لتفسير السورة و ندعوا الباحثين لتعميق الفهم والتدبر لما قالوه ويخرجوه لنا بأسلوب علمي جديد. ومع ذلك فلن يستطيع أحد أن يحجر على أحد ولن يستطيع أحد أن يلغى جهدا علميا قام به بعض العلماء ولكن الخلاف في الاسم ولا مشاحة في الاصطلاح فإن قام باحث ودرس موضوعا معينا في سورة ما و بذل جهده وتقيد بقواعد التفسير الموضوعي واستنتج من السورة ما نطلبه من التفسير الموضوعى فجزاه الله خيرا و نرى ذلك في كتابات بعض العلماء مثل عبد الحميد الفراهي في "نظام القرآن"، و العلامة محمد عبد الله دراز في "النبأ العظيم" والشهيد سيد قطب في "الظلال",أما إن حام حوله ولم يتمكن من إتمام ما زعم أنه سيكتب فيه فلا والحق أبلج ونحو ما نشير إليه ما تم في الإمارات من نشر ما يسمى بالتفسير الموضوعى لسور القرآن الكريم.ومن ينظر فيه يعلم أنه موضوع تفسيري بل هو أقرب إلى مقالات للتعريف بالسور القرآنية
فائدة وقلت لشيخنا العلامة الشيخ الدكتور عبد الستار فتح اللله سعي: إذن توافق على قولنا مثلا العلم من خلال تفسير سورة كذا قال هذا من أقسام التفسير "الوسيط أو الوجيز وقد ذكرته في المدخل ولكنه يعد ناقصا لعدم إحاطتنا بكل جوانب الموضوع مثلا عندما نتحدث عن نعيم الجنة فنتحدث عن نوعى النعيم الروحانى والجسماني فإذا قمنا بتفسير سورة "القيامة تفسيرا موضوعيا ممكن نخل بقسم من القسمين وهكذا . نعم هذا جائز ولكن له وقته ومقامه- بحث في مجلة موضوع خاص أو خطبة أو درس معين- أما دراسته من خلال كل القرآن فهو الأفضل


[1] التفسير الموضوعي في القرآن الكريم للدكتور أحمد السيد الكومي والدكتور محمد أحمد قاسم صـ6 المدخل إلى التفسير الموضوعي للقرآن الكريم للأستاذ الدكتور عبدالستار فتح الله سعيد صـ17 ,18 دار التوزيع والنشر الإسلامية بالقاهرة.

[2] المدخل إلى التفسير الموضوعي صـ18

[3] مناهل العرفان في علوم القرآن 2/3

[4] المدخل إلى التفسير الموضوعي صـ20

[5] المدخل إلى التفسير الموضوعي صـ19-21 ولسان العرب و معجم مقايس اللغة

[6]المدخل إلى التفسير الموضوعي صـ21-23

[7] منهج التفسير الموضوعي في القرآن صـ45

[8] المدخل إلى التفسير الموضوعي صـ 20

[9] مباحث في التفسير الموضوعي صـ16 د مصطفى مسلم دار القلم دمشق1421 -2000

[10] منهج التفسير الموضوعي في القرآن الدكتور سامر رشواني صـ44 دار الملتقى
 
فائدة: وإذا أردنا أن نوضح ما ذهب إليه المتساهلون في عد أنواع التفسير نجدهم قد جعلوها ثلاثة أنواع
(النوع الأول للتفسير الموضوعي للقرآن الكريم وهو الأصل الذي جعلنا له هذا البحث
(النوع الثاني) التفسير الموضوعي للسورة وهو الذي تحدثنا عنه عند تعريف الدكتور مصطفى مسلم
(النوع الثالث للتفسير الموضوعي للمصطلح القرآني)
ومضمونه : أن يختار الباحث لفظة أو مصطلحاً، تتكرر في القرآن كثيراً، فيتتبعها من خلال القرآن، ويأتي بمشتقاتها ويستخرج منها الدلالات واللطائف. وهذا قدر تناولها علماؤنا تحت عناوين أخر كالأشباه والنظائر أو مفردات القرآن أو كليات القرآن ثم إذا درس من خلال التفسير الموضوعي فما الفرق بينه وبين التفسير الموضوعي الأصلي مثل مصطلح الأمة فمن الممكن أن نقول الأمة في ضوء القرآن الكريم نذكر المباحث التي يمكن دراستها تحت هذا العنوان .
أما موضوع (المصطلح القرآني) فقد تحفّظ عليه بعض الباحثين ولم يرو إفراده كلون مستقل من ألوان التفسير الموضوعي، ورأى آخرون أن هناك خللاً في فهم المراد به، وأن بعض الباحثين في التفسير الموضوعي كتب فيه بناء على تصور غير صحيح. قلت ومما يعكر على هذا القسم موضوع الوجوه والنظائر فستجد أن للكلمة في القرآن وجوها فكيف تجعلها تحت موضوع واحد نعم ندرسها ونحلل معناها ونبين موقعها في كل جملة ودلالتها فيه ولكن اين هذا من لتفسير الموضوعي؟ولشيخنا حفظه الله ملاحظة على قول البعض "مصطلح قرآني " ومعنى مصطلح أي اصطلح قوم على كذا والقرآن كلام رب العالمين فيتساءل مع من اصطلح الله على هذا الأمر فلعلنا نقترح معا على اختيار عبارة غير موهمة
وله استدراك على القول بالوحدة الموضوعية للقرآن الكريم؛ لأن القرآن اشتمل على موضوعات شتى واهتم بقضايا عديدة انظر إلى سورة الكوثر مثلاً وتأمل كيف تنوعت الموضوعات التي تحدثت عنها
أقسام التفسير الموضوعى للقرآن الكريم:
أما شيخنا حفظه الله فقد جعل أقسامه التفسير الموضوعي العام وهو الذي يبحث في الموضوعات المرتبطة غاية و التفسير الموضوعي الخاص وهو الذي يبحث في الموضوعات المرتبطة معنى وغاية .ولعل الذين تناولوا ذكر الأقسام السابقة قلد بعضهم بعضا ولعل البعض مال للتساهل في الأمر كى لا يحجر على فكر الباقين ولكل وجهة
أهميته و أوجه الحاجة إليه:
هو كسائر العلوم لشرعية عامة وما يتعلق بدراسة القرآن الكريم خاصة له من الفض والشرف والحاجة إليه ما تلك العولوم و يزيد هو بخصوصيته الخاصة به
و أوجه الحاجة إلى التفسير الموضوعي ظاهرة من بيان أنه عبارة عن شرح الآيات القرآنية ذات الموضوع الواحد لأنه إذا كانت المباحث القرآنية متجلية للباحث بجميع نواحيها متجهة به إلى غايتها مبرزة إلى نواحي الحكمة في دعوة القرآن إليها كان ذلك النهج باعثا للمطلع عليه إلى أن يسلك الطريق الذي رسمه القرآن حيث كان واضح الغاية محدد النهاية بارزاً في تصويره جامعا لكل الأهداف في تحقيقه... و العصر الذي نعيش فيه، يحتاج إلى ذلك النوع من التفسير، حيث كان في سلوكه إدراك المقصود من أقرب الطرق، والوصول إلى الحقيقة بأسهل الوسائل خصوصاً أنه في عصرنا يثار كثير من الغبار في جو الأديان، فتنتشر المبادئ الشيوعية , وتحلق في سماء الإنسانية سحب الضلال والشبه, وليس يقوى على ذلك إلا سلاح قوي، واضح سهل، يمكن رجل الدين من الذود عن حياضه، والدفاع عن دعائمه وليس هذا إلا إلا بذلك النوع من التفسير حيث كان جامعا لشتات الموضوعات محيطا بأطرافها[1]
ونجمل أوجه الحاجة إليه في النقاط التالية:
1- إبراز إعجاز القرآن الكريم على وجه يلائم العصر، من خلال بيان شموله لكل هذه الموضوعات المتكاثرة مع وجازة لفظه، ومن خلال إظهار كمال كل موضع فيه على حدة، فمع أن القرآن الكريم نزل منجماً إلا أننا حين نجمع (نجوم الموضوع) معاً نجدها في غاية التوافق والتناسق.
2- الوفاء بحاجات هذا العصر إلى الدين: فالتفسير الموضوعي يقدم للبشرية بشكل عام حلولاً للمشكلات النفسية والاجتماعية والمعضلات الأخلاقية والاقتصادية، فهذا يتحقق بدراسات علمية جادة لموضوعات القرآن الكريم.
3. تأصيل الدراسات القرآنية والعلمية: إن جمع الآيات الكريمة جمعاً موضوعياً، وتفسيرها على هذا النمط، مع إحصاء الألفاظ، واستقصاء المعاني وتتبع تعدد الدلالات القرآنية في مواضعها وموضوعاتها، هذا اللون حين تنضج مباحثه، سيكون له أعظم الأثر في إبراز علوم قرآنية جديدة، ودفعها نحو التأصيل والاكتمال بإذن الله تعالى.
4. تصحيح مسار الدراسات القائمة: للتفسير الموضوعي مهمة بالغة في تصحيح الدراسات الدينية والعربية القائمة فعلاً، وإصلاح مسارها، وضبطها على معايير قرآنية جامعة


[1] التفسير الموضوعي للقرآن الكريم الأستاذ الدكتور أحمد السيد الكومي و الأستاذ الدكتور محمد أحمد القاسم صـ 19
 
نشأته
مصطلح التفسير الموضوعي لم يظهر عَلَمَاً على علم معين إلا في العصر الحديث حيث كانت تدرس هذه المادة التفسير بكلية أصول الدين بالقاهرة وقد أصل شيخنا بأن بدايات هذا العلم كانت قديمة جداً بل من الممكن أن نعد تفسير القرآن بالقرآن بداية أصيلة لبناء هذا العلم المشيد فما أجمل في مكان قد فصل في آخر، وما أطلق في آية قيد في أخرى، فالجمع بين الآيات التي تناولت قضية واحدة والجمع بين دلالاتها والتنسيق بينها كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه ،روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسر مفاتح الغيب في قوله تعالى: ((وعِندَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إلاَّ هُوَ ) فقال: مفاتح الغيب خمسة: ((إنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ويُنَزِّلُ الغَيْثَ ويَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ ومَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً ومَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). روى الشيخان عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية "الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ...)الأنعام: الآية 82 شق ذلك على أصحاب رسول الله فقالوا: يا رسول الله وأيُّنا لا يظلم نفسه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح:(إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ). لقمان: الآية 13. إنما هو الشرك. إذن المراد بالظلم في آية سورة الأنعام هو الشرك كما وضحت ذلك آية سورة لقمان.بهذا ندرك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع بين آيتين في موضوع واحد[1]فالرسول صلى الله عليه وسلم أول من استخدم التفسير الموضوعي حيث رد ما أشكل على الناس فهمه إلى ما ليس فيه إشكال، ففسر القرآن بالقرآن بنظرة شمولية لمعنى الظلم في القرآن، وهذا لون من ألوان التفسير الموضوعي.[2] قلت هذا دليل على جواز جمع الآيات وليس صريحا في بيان بداية التفسير الموضوعى ...
ومن هذا القبيل ما كان يلجأ إليه الصحابة رضوان الله عليهم من الجمع بين الآيات القرآنية التي يظن بها بعضهم التعارض فلعل ذلك مما يعد دليلا ً على صحة وأصالة هذا العلم[3].قلت هذا من التفسير الموضوعي بالمعنى العام
ومن الممكن أن نعد من بدايات ظهور هذا العلم ما كتب في مواضيع متخصصة مثل تفسير آيات الأحكام.وما كتب في موضوع الأشباه والنظائر حيث تدرس الكلمة القرآنية،في كل القرآن وما تدل عليه ومن ذلك بعض مواضيع علوم القرآن أحكام النسخ ومشكل القرآن. ونحوه أمثال القرآن،وكل تلك الكتب لا تعد حقيقة من التفسير الموضوعي بل دراسات لمواضيع قام مؤلفها بجمع الآيات بطريقة ما هي إلا أداة من أدوات التفسير الموضوعي وعنصر من عناصر المنهج فيه، وليس تفسيرا موضوعيا بحد ذاته,وإن اعتمد طريقة الاستقراء، فهذا التشابه الجزئي في المنهج لا يقتضي الاتفاق في مفهوم التفسير الموضوعي للقرآن،وهو المقصود بالتأصيل أساسا [4].ومن الممكن أن نرجع بنشأة التفسير الموضوعي أي ببيان اللبنات الأولى للتفسير الموضوعي إلى عهد مبكر جدا فقد قام الدكتور سامر الشرواني بتتبع أصوله التاريخية حيث وجد لها جذوراً ونماذج عند المعتزلة، فللجاحظ كتاب عن "النار" في القرآن، وكذلك بعض مصنفات التفسير الفقهي التي تعتمد الموضوع الفقهي أصلاً في الدرس القرآني، كتفاسير الشيعة لأحكام القرآن، مثل "فقه القرآن" للقطب الراوندي، وفي العصر الحديث نرى اهتمام المستشرقين بالتفسير الموضوعي كوسيلة لفهم القرآن، وترجع أولى هذه الدراسات إلى المستشرق الهولندي "فت" الذي نشر دراسة عام 1845 بعنوان:"محمد والقرآن"، وكذلك "دائرة معارف القرآن" التي كان القصد الأساسي فيها دراسة النص القرآني نفسه، ومثلت مدرسة المنار والمدرسة الإصلاحية، والاتجاه الأدبي في التفسير، أهم الحواضن للتفسير الموضوعي، ثم ظهرت أول رسالة علمية أكاديمية قدمها الشيخ الدكتور محمد محمود حجازي عام 1967 رسالة العالمية "الوحدة الموضوعية في القرآن الكريم" ثم تبعته عشرات الرسائل العلمية في جامعة الأزهر وغيرها تخدم هذا العلم علم التفسير الموضوعي
فهذا يدل على أن التفسير الموضوعي له جذور أصيلة
وفي عصرنا كانت البداية عام 1977م الموافق 1398هـ يقول الدكتور عبد الستار فتح الله سعيد " ثمَّ شاء الله تعالى أن تتجدد قصتي مع التفسير الموضوعي مرة أخرى حين أُسند إليَّ تدريس عدة موضوعات منه، فطفقتُ أبحث عن كتاب يكون كالمقدمة أو المدخل لهذا اللون لأجعله تأسيساً أو تمهيداً بين يدي دراسة الموضوعات فلم أظفر يومئذ بشيء ... واستعنت الله تعالى فكتبت يومئذ مقدمة يسيرة في بيان هذا اللون من التفسير أمليتها على الطلاب، ثم استفدت فوائد جمةً كنت أقيدها في أوراق متناثرة حين زاولت تدريس الموضوعات قال: "فرجعت إلى أوراقي المتناثرة تحثني رغبتي القديمة، وشرعت في البحث والتنقيب، وتطلبت ما يكون قد جدَّ من كتب في هذا الشأن، وقد تفضل أستاذنا وشيخنا العلامة الدكتور أحمد الكومي فأهداني بحثاً له بعنوان: "التفسير الموضوعي في القرآن الكريم" صدَّره بمقدمة أفاد فيها وأجاد، وحدّد بها المعالم الأولى لهذا الفن، وأبرز طريقته، وهو بحث لم يسبق إليه- فيما أعلم- بل أظنه الخطوة العلمية الأولى في هذا الباب" من كتاب المدخل للتفسير الموضوعى


[1] صحيح البخاري، كتاب التفسير

[2] مباحث في التفسير الموضوعي ا /د مصطفى مسلم صـ17الناشر: دار القلم

[3] مباحث في التفسير الموضوعي صـ18

[4] منهج التفسير الموضوعي في القرآن صـ74- 80 الدكتور سامر رشواني

[5] التفسير الموضوعي بين النظرية والتطبيق ص 39
 
بعض المؤلفات في التفسير الموضوعي
التفسير الموضوعي في القرآن الكريم للدكتور أحمد السيد الكومي والدكتور محمد أحمد قاسم ,
المدخل إلى التفسير الموضوعي للقرآن الكريم للأستاذ الدكتور عبدالستار فتح الله سعيد ,
مجاضرات في التفسير الموضوعي "عشرون محاضرة" للأستاذ الدكتور عبدالستار فتح الله سعيد ,
مباحث في التفسير الموضوعي للأستاذ الدكتور مصطفى مسلم .
دراسات في التفسير الموضوعي، للأستاذ الدكتور زاهر بن عواض الألمعي
دراسات في التفسير الموضوعي للأستاذ الدكتور أحمد العمري
والتفسير الموضوعي للقرآن في كفتي الميزان، للأستاذ الدكتور عبدالجليل عبدالرحيم
والتفسير الموضوعي بين النظرية والتطبيق للأستاذ الدكتور صلاح الخالدي).والمئات من الرسائل العلمية التي خصصت لدراسة موضوع ما فأغلبها به مقدمة تتعلق بالتفسير الموضوعي نظريا وتقوم بدراسة الموضوع تطبيقياً
كيف نكتب بحثا في التفسير الموضوعي
الخطوات التي وضعها الأستاذ الدكتور عبد الستار فتح الله سعيد
أولًا: المعرفة الدقيقة لمعنى التفسير الموضوعي الخاص .وفائدة ذلك أن الباحث يسير في إطار معين لا يتعداه .
ثانيًا: تحديد الموضوع القرآني المراد بحثه تحديدًا دقيقًا من حيث المعنى.فلابد أن يكون الموضوعُ قرآنيًا." لابد أن تبين المراد منه وتبين مرادفاته وما يتعلق به من الناحية اللغوية والاصطلاحية"
ثالثًا: اختيار عنوان له من ألفاظ القرآن الكريم ذاته، أو عنوان منتزع من صميم معانيه القرآنية. : فينبغي أن يراعي فيه ما يأتي:
أ- أن يكون لفظًا قرآنيًّا صريحًا أو مشتقًّا
ب- اختيار أجمع لفظ قرآنيٍّ عند تعدد الألفاظ؛ ليكون عنوانًا للبحث، ومحورًا يُدَارُ عليه الموضوع ابتداءً.
رابعًا: جمع الآيات الكريمة المتعلقة بالموضوع، والعناية باختيار جوامعها عند إرادة الاختصار.
خامسًا: تصنيفها من حيث المكي والمدني، وترتيبها من حيث زمن النزول ما أمكن.
سادسًا: فهم الآيات الكريمة بالرجوع إلى تفسيرها.
سابعًا: تقسيم الموضوع إلى عناصر مترابطة منتزعة من الآيات نفسها ورد الآيات إلى عناصرها وموضعها من البناء الكلي للموضوع، مع تفسير موجز لما يحتاج منها إلى تفسير.
ثامنًا: التقيُّد التام في كل هذه الخطوات بقواعد التفسير الموضوعي.
" ملخص ما سبق"
يصور لنا الشيخ الكومي هذا العلم في كلمات موجزة ببيان طريقة الكتابة فيه فيقول -رحمه الله-النوع الثالث: أن يعمد الباحث والناظر في القرآن إلى الآيات التي تتصل بموضوع واحد فيجمعها ويجعلها نصب عينيه وموجودة بين يديه،ثم يقلب الطرف في أنحائها ويجعل الفكر في جوانبها، ويكون منها الموضوع الذي تتصل به ثم يعمد إلي جوانب ذلك الموضوع ويجعله في إطار متناسب وهيكل متناسق، ملونا لنواحيه مبرزا لمراميه، حتى يكون هيكلا متكاملا الأجزاء تام البنيان قائم الأركان، فإن أعوزه كمال ذلك الموضوع إلي حديث جاءت به السنة حتى يكمل له هيكله ويتم له صرحه جاء به[1] وعلى ذلك ينجلي للقارئ بموضع الآية الهدف الذي يقصد القرآن إليه، والمعنى الذي يعول عليه وبهذا يستكشف القارئ للقرآن هدايته ويبرز للناس من مواضع القرآن ما جاء به لأداء مهمته ورسالته.
تنبيهات هامة
من القواعد المهمة في هذا العلم
1- الالتزام التام بعناصر القرآن: الغرض من التفسير الموضوعي هو إبراز موضوع قرآني بعينه، مرتبط بعناصر القرآن وحدها، وكل كلام سواها يذكر في تفسيرها عرضًا، لا غرضًا.فيجب على الباحث في التفسير الموضوعي أن يلتزم بالعناصر التي استخرجها من النظر في الآيات الكريمة، ولا يصح أن يضيف عنصرًا للموضوع من أي مصدر غير القرآن الكريم، لا السنة النبوية أو اللغة أو ما تقتضيه القسمة العقلية ... ونحو ذلك.كذلك لا يطوي عنصرًا من القرآن بأي حجة يتصورها -ولو كانت دعوى الدفاع عن القرآن-
تنبيه 2-: وظيفة السنة النبوية الشريفة في التفسير الموضوعي شارحة ومبينة:
يأتي الباحث بالحديث النبوي شارحًا ومبينًا للنص القرآني، ولا يصح أن يأتي به ليكون منشئًا لعنصر من عناصر الموضوع القرآني؛ لذلك لا نصنف عناصر الموضوع من حديث نبوي -ما دمنا في إطار الموضوع القرآني وفي مجال التفسير الموضوعي لهذه العناصر بذاتها من غير زيادة عليها- حتى تتحدد موضوعات القرآن مستقلة.ويعلم القارئ حدود ما أنزل الله على رسوله من القرآن المتلوّ المتعبد بلفظه وبتلاوته، وهذا أيضًا ما يقتضيه التحرير العلمي الدقيق؛ من وجوب التقيد بقيود الموضوع المراد بحثه،فإنه إن قال مثلًا: "العلم في القرآن" تقيَّدَ في عناصره وأمثاله بالقرآن فقط، وتأتي السنة النبوية تفسيرًا لمعاني العناصر والآيات الكريمة، لا منشئة -كما قلنا- وإن قال الباحث: "العلم في الكتاب والسنة" تقيد في عناصره بالأصلين؛ الكتاب والسنة، وإن قال: "العلم في الإسلام" ضمَّ إليهما أقوال الصحابة والتابعين، وإن أطلق فقال: "بحث في العلم"، أضاف إلى ذلك ما شاء من مصادر التاريخ والفلسفة ومذاهب الفكر وهكذا.
ونفس الأمر من باب أولى ينطبق هذا الشرط على كلام الصحابة والتابعين شارحة فقط تذكر عرضا لا أصلاً[2].وميزة التفسير الموضوعى أن منطلق الدراسة هو آيات القرآن الكريم لا غير، وإن ذكر شيء من غير القرآن في الموضوع فيذكر من باب الاعتضاد لا الاعتماد وعلى الباحث أن يتجنب خلال بحثه التعرض للأمور الجزئية في تفسير الآيات فلا يُغرقَ الباحثُ في الجزئيات التحليلية،فلا يـذكـر القراءات، ووجوه الإعراب ونحو ذلك إلا ما يحتاج إليه في الموضوع إلا بمقدار ما يخدم الموضوع ويتصل به اتصالاً أساسياً مباشراً


[1] لا غنى عن الرجوع إلى السنة النبوية ولكن ليس من قبيل تأسيس باب في الموضوع فلا نجعل عنوانا رئيسياً فعلى هذا يسمى مثلا العلم أو التقوى في القرآن والسنة ولا يسمى العلم أو التقوى في القرآن لذا استدرك شيخنا العلامة الشيخ بأننا لا نذكر السنة هنا إلا استشهادا وإلا فقل الموضوع الفلاني في القرآن والسنة


[2] المدخل صـ70
 
بعض ما تذكرته من حديثي مع شيخنا العلامة الشيخ الدكتور عبدالستار
عن كلمة مصطلح قرآنى قلت له الرازى يقول عادة القرآن ممكن ينفع نقوله بدلا من مصطلح فقال لا استسيغه أيضا
لأن معنى العادة التعود على الشيء يعنى لم يكن من شأنه ثم اعتاده كما أنه لم يوصف به الله تعالى فلا نقل عادة الله كذا بل قل سنة الله كذا
ممكن نقول منهج القرآن وطريقة القرآن أو سنن القرآن وهى كلمات قرآنية
لابد من أخذ الكلمة من القرآن نفسه
قال حفظه الله :وما قام به الشيخ الدكتور فرحات جهد مشكور ولكنه ممكن أن يكون مقدمة للموضوع في التفسير الموضوعى فغير ممكن أن ندرس كلمة من غير بيان الموضوع كله فهو لبنة من لبنات التفسير الموضوعى
ولابد من تخير الكلمات القرآنية
كتب أحدهم مرادفا للجهاد كلمة الصراع بين كذا وكذا
لابد من ذكر كلمة الجهاد ففيه بذل الجهد وتحمل المشقة لإعلاء كلمة الله ...
و كلمة مقاومة لا تغني عن الجهاد
ومنهم من ستخدم كلمة ضريبة بدلا من كلمة الزكاة و كلمة ضريبة فيه نوع من فرض من قِبل البشر ولكن كلمة زكاة فيها معنى النماء وتدل أن تشريعها من عند الله
و أقول لإخوانى :فعلى الباحث أن يدقق في اختيار الكلمات وكذا التأدب في ذكر العنوان قرأت عناوين غريبة مثل الغرور في القرآن الأفضل أن نقول محاربة القرآن للغرور ذم القرآن للغرور موقف القرآن من الغرور الغرور في ضوء القرآن ونحو ذلك والله الموفق نسألكم الدعاء بالهداية والثبات
 
عودة
أعلى