تيسير التفسير(أدوات التفسير)

إنضم
29/05/2007
المشاركات
481
مستوى التفاعل
3
النقاط
18
الإقامة
مصر
قبل الحديث عن أدوات التفسير نعرف بأحد أفضل كتب هذا الفن ألا وهو كتاب دراسات لأسلوب القرآن الكريم للعلامة محمّد عبدِالخالقِ عضيمةَ
المؤلف الأستاذُ الدكتورُ محمّدُ بنُ عبدِالخالقِ بنِ عليِّ بنِ عضيمةَ؛ وكانَ – رحمَه اللهُ تعالى – يكتبُ اسمَه دائماً: محمدُ عبدِالخالقِ عضيمةَ ، فيظنُّ من لا يعرفُ الشيخَ أنَّ اسمَه مركَّبٌ من محمدٍ وعبدِالخالقِ، كما جرَتْ عادةُ بعضِ المعاصرينَ من إضافةِ اسمِ محمَّدٍ إلى أسمائِهم تبرُّكاً، وكانَ الشيخُ يضيقُ بمن يكاتبُه باسمِ الشيخِ عبدِالخالقِ عضيمةَ، فيحذفُون محمَّداً ظنّاً منهم أنَّ هذا الأمرَ منطبقٌ عليه، - رحمَه اللهُ تعالى - .
ولدَ في تاريخِ 4/1 /1328هـ الموافق 15/1/1910م بقرية خباطة من قرى تابعه لمركز قطور محافظة الغربية
مؤلفاته رسالة العالمية أبو العبَّاسِ المبرّدُ وأثرُه في علومِ العربيّةِ زمنها اللبابُ من تصريفِ الأفعالِ ومنها المغني في تصريفِ الأفعالِ
دراساتٌ لأسلوبِ القرآنِ الكريمِ مكث أكثرَ من خمسةٍ وعشرين عاماً لعمَل هذا الكتابِ،
يقولُ الشيخُ – رحمَه اللهُ تعالى - : " قدمْنا مكةَ المكرَّمةَ في صفر سنةَ 1366هـ يناير 1947م، وتسلَّمْنا أعمالَنا ووجدتُني مكلَّفاً بدراسةِ كتابِ "الدروسِ النحويَّةِ" للأستاذِ حفني ناصف وزملائِه، كنتُ أجلسُ في الحرمِ من العصرِ إلى العشاءِ، فرأيتُ أنَّه لا بدَّ لي من قراءةٍ تصلُني بمادّتي التي تخصَّصْتُ فيها، وانقطعْتُ لها، وإلا فقدْتُ كثيراً من معلوماتِ النحوِ، شأنُ كلِّ العلومِ النظريَّةِ ، إذا لم يكنْ صاحبُها على صلةٍ بها بالقراءةِ فَقَدَ كثيراً من مسائلِها. ومَرَّ بخاطرِي أنَّ كثيراً من النحويينَ ألَّفُوا كتبَهم بمكةَ: أبو القاسمِ الزجاجيُّ ألَّفَ كتابَه "الجملَ" بمكةَ، وكانَ كلما انتهى من بابٍ طافَ حولَ البيتِ.
هذذا وقد حصل على جائزةِ الملكِ فيصلٍ العالميّةِ للدراساتِ الإسلاميّةِ عن كتاب "دراساتٍ لأسلوبِ القرآنِ الكريمِ" لعامِ 1403هـ.
وفاته قدم رحمه الله من سفره ووقع له حادث يومِ الثلاثاء 7/4/1404هـ بعد وصولِه القاهرةَ زنزفي يوم 9/4/1404هـ الموافق 12/1/1984م رحمه الله رحمة واسعة ".
ملخص من
https://ar.wikipedia.org/wiki/محمد_عبد_الخالق_عضيمة
 
كلمة العلامة محمود شاكر عن كتاب دراسات لأسلوب القرآن الكريم
قال رحمه الله :وحروف المعاني التي يتناولها هذا القسم الأول من جمهرة علم القرآن العظيم[1] ، أصعب أبواب هذه الجمهرة؛ لكثرتها وتداخل معانيها. فقل أن تخلو آية من القرآن العظيم من حرف من حروف المعاني.أما المشقة العظيمة، فهي في وجوه اختلاف مواقع هذه الحروف من الجمل؛ ثم اختلاف معانيها باختلاف مواقعها، ثم ملاحظة الفروق الدقيقة التي يقتضيها هذا الاختلاف في دلالته المؤثرة في معاني الآيات وهذا وحده أساس علم جليل من علوم القرآن العظيم.
وسترى في هذا القسم العمل المتقن الذي تولاه أستاذنا الجليل، مواضع كثيرة من الاستدراك على النحاة منذ سيبويه إلى ابن هشام ولكن ليس معنى هذا أن نبخس الشيوخ الأوائل نصيبهم من التفوق الهائل الذي يذهل العقول، ولكن معناه أن الأساس الذي أسسوه في أزمنتهم المتطاولة كان ينقصه هذا الحصر الدقيق لكل ما في القرآن العظيم من حروف المعاني، وكان هذا الحصر خارجًا يومئذ عن طاقتهم، فإن الذي أعان عليه هو الطباعة التي استحدثت في زماننا. والناظر في كتب القدماء لا يخطئه أن يرى أنهم قاموا بحصر غير تام، بيد أن هذا القدر الذي قاموا به هو في ذاته عمل فوق الجليل وفوق الطاقة.ويظن أستاذنا الشيخ عضيمة أن الأوائل قد شغلهم الشعر عن النظر في شواهد القرآن العظيم، وأظن أن الذي تولاه أستاذنا في حصر هذه الأشياء في القرآن العظيم، وتنزيلها في منازلها من أبواب علم النحو وعلم الصرف، وعلم أساليب اللغة، مقدمة فائقة الدلالة، لعمل خر ينبغي أن تتولاه جماعة منظمة في حصر ما في الشعر الجاهلي والإسلامي من حروف المعاني، ومن تصاريف اللغة، ومن اختلاف الأساليب ودلالتها. والذي ظن الأستاذ أن القدماء قد فرغوا هممهم له، هو في الحقيقة ناقصٌ يحتاج إلى تمامٍ، وتمامه أن يهيء الله للناس من يقوم لهم في الشعر بمثل ما قام به هو في القرآن العظيم.وإذا تم هذا كما أتم الشيخ عمله في القرآن العظيم، فعسى أن يكون قد حان الحين للنظر في «إعجاز القرآن» نظرًا جديدًا، لا يتيسر للناس إلا بعد أن يتم تحليل اللغة تحليلاً دقيقًا قائمًا على حصر الوجوه المختلفة لكل حرف من حروف المعاني، وتصاريف اللغة. لأن هذه الحروف
وهذه التصاريف، تؤثر في المعاني، وتؤثر في الأساليب، وتحدد الفروق الدقيقة بين عبارة وعبارة وأثرها في النفس الإنسانية وأثر النفس الإنسانية فيها، وفي دلالاتها.
وإذا كان أستاذنا الجليل قد تواضع فظن أنه قد وضع أساسًا علميًا ثابتًا للحكم على أساليب القرآن، وموقعها من النحو والصرف، فإني أظن أنه قد فات ذلك وسبقه، فهيأ لنا أساسًا جديدًا للنظر في «إعجاز القرآن» نظرة جديدة تخرجه من الحيز القديم، إلى حيز جديد يعين على إنشاء «علم بلاغة» مستحدث. فإنه مهما اختلف المختلفون في شأن «البلاغة» فالذي لا يمكن أن يدخله الاختلاف هو أن تركيب الكلام على أصول النحو والصرف، هو الذي يحدث في كلام ما ميزة يفوق بها كلامًا آخر. وهذا لا يتيسر معرفته إلا بتحليل اللغة وتحليل مفرداتها وأدواتها، وروابطها، التي هي حروف المعاني، عمل لا ينتهي فيه إلى غاية، إلا بعد الحصر التام للغة وتصاريفها، ولا سيما حروف المعاني، وبعد معرفة أثر هذه الفروق في تفضيل كلام على كلام. انتهى باختصار يسير جدا


[1] (موسوعة أو دائرة معارف كما ذكر الشيخ واقترح شيخنا الدكتور عبدالستار كلمة مبسوطة )،
 
الهمزة وأسرارها
قال ابن هشام: وَأَعْنِي بِالْأَدَوَاتِ الْحُرُوفَ وَمَا شَاكَلَهَا مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالْأَفْعَالِ وَالظُّرُوفِ.اعْلَمْ أَنَّ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ مِنَ الْمُهِمَّاتِ الْمَطْلُوبَةِ لِاخْتِلَافِ مَوَاقِعِهَا وَلِهَذَا يَخْتَلِفُ الْكَلَامُ وَالِاسْتِنْبَاطُ بِحَسَبِهَا
)عدد الحروف عدها بعضهم أكثر من مائة .( أحادي، وثنائي، وثلاثي، ورباعي، وخماسي)
الهمزة :حرف غير عامل (مهمل)،ولا محل له من الإعراب يكون للاستفهام، وللنداء. وما عدا هذين، من أقسام الهمزة، فليس من حروف المعاني.
أسرارها أنها
1- حرف مشترك: يدخل على الأسماء والأفعال، جواز حذفها و أَنَّهَا ترد لطلب التَّصَوُّر نَحْو أَزِيد قَائِم أم عَمْرو ولطلب التَّصْدِيق نَحْو أَزِيد قَائِم وَ(هل) مُخْتَصَّة بِطَلَب التَّصْدِيق نَحْو هَل قَامَ زيد وَبَقِيَّة الأدوات مُخْتَصَّة بِطَلَب التَّصَوُّر نَحْو من جَاءَك وَمَا صنعت وَكم مَالك وَأَيْنَ بَيْتك وَمَتى سفرك [1]
* تدخل على الْإِثْبَات كَمَا تقدم وعَلى النَّفْي نَحْو “ألم نشرح لَك صدرك” “أَو لما أَصَابَتْكُم مُصِيبَة) ألم " دخلت علي النفي وهو لم وهذا استفهام تقريري يفيد النفي
ونفي النفي إثبات . كأن الله يقول له قد شرحنا لك صدرك
2-وهي أصل أدوات الاستفهام. ولأصالتها استأثرت بأمور، منها تمام التصدير بتقديمها على الفاء والواو وثم، في نحو " أفلا تعقلون "، " أو لم يسيروا "، " أثم إذا ما وقع ". وكان الأصل في ذلك تقديم حرف العطف على الهمزة، لأنها من الجملة المعطوفة. لكن راعوا أصالة الهمزة، في استحقاق التصدير، فقدموها بخلاف هل وسائر أدوات الاستفهام. هذا مذهب الجمهور.وذهب الزمخشري إلى تقدير جملة، بعد الهمزة، لائقة بالمحل، ليكون كل واحد من الهمزة وحرف العطف في موضعه. والتقدير: أتجهلون فلا تعقلون؟ " العطف علي مقدر فقوله " أفلم ينظروا " فيقول "أفعميتم فلم تنظروا " وقوله أفلم يسيروا في الأرض " أقعدتم فلم تسيروا في الأرض " ونحو ذلك. وضعف بعدم اطراده، إذا لا يمكن في نحو " أفمن هو قائم على كل نفس "، وبأن فيه حذف جملة معطوف عليها، من غير دليل. قيل: وقد رجع إلى مذهب الجماعة في سورة الأعراف.فالخلاصة :عند سيبويه الهمزة مقدمة من تأخير لأنها لها الصدارة وعند الزمخشري : لا يوجد تقديم من تأخير فهو عطف علي مقدر اعترض ابو حيان وابن هشام عليه:فالزمخشري جعل العطف على جملة مقدرة "أمكثوا فلم يسيروا " فإن قوبل بتقديم بعض المعطوف " وهو الهمزة " فقد يقال إنه أسهل وعند سيبويه يقول إنه مقدم من تأخير والتقديم من تأخير أسهل من دعوى حذف جملة
3-الهمزة يسئل بها عن كل شيء في الجملة. - يطلب بها تصور كل ما في الجملة كما يطلب بها التصديق- و تكثر الاعتبارات في صياغة الجملة الداخلة عليها وتدق حتى تحتاج إلى حذر ووعى في استعمالها,والكشف عنها كشف عن حكم, ينطوى عليها منطق هذا اللسان[2].يقول د أبو موسى بعد تطوافه بين أبيات شعرية أخذ يتأمل فيها أسرار الاستفهام بالهمزة وسر تقديمها ونظم البيت الذي يتأمله قال "وهكذا علينا أن نجد في التقاط أطياف المعانى واختلافها لاختلاف أطراف الخيوط الموصولة بالهمزة وهذا الطريق كما ترى وعر مسلكه ولكننا لا نجد طريقا غيره يهدينا إلى ذوق رحيق الكلمة التى هى أهم بنية في الأدب[3].
* ص206 من أسرار الاستفهام بالهمزة. أن المسئول عنه بها هو ما يليها.وهذا الالتزام ضرورى لأنه يسئل بها عن كل شيئ في الجملة وبالتالى فكل شيئ في الجملة صالح لأن يسئل عنه " فلولا هذا الالتزام لالتبس مراد المتكلمين بها فلو قيل أزيدا لقيت؟ ولم يكن هذا من عُرف لسانهم لما كان هناك وجه لمعرفة مراد السائل هل يسأل عن الفعل ما هو؟ أم عن المفعول من هو؟ أم عن الفاعل أم عن النسبة؟ فالالتزام بهذا يمنع اللبس
وإذا كان موضع الشك هو ما يلى الهمزة فبقية الجملة لا شك فيها فإذا قلت أزيدا أكرمت؟ اقتضى ذلك أنك تشك في المفعول فقط,وأنك تعلم أنه كان منه إكرام ولك أن تردف أم عليا؟ولا تقل أم أهنت؟لأنه يعنى أنك تشك في الفعل ما هو؟وقد بينت بإيلائك الهمزة كما أن السؤال عن الفاعل يقتض بالضرورة معرفة فعل معين حتى يقال في الجواب الذي فعله فلان ولا يعقل السؤال عن فاعل والفعل غير محدد فلا يقال أأنت شربت ماء؟ لأنه لا وجه لتحديده فهل يقول أنا الذي شرب ماء وكيف يخص نفسه بشرب ماءأي ماء والذين يشربون الماء بهذا العموم كثير. واضح أن السؤال عن الفاعل يعنى معرفة الفعل وهذا يعنى بالضرورة أنه معين وإذا أردت أن تسأل هل شرب ماء قلت أشربت ماء؟ "الضوابط المستخلصة في هذا الباب ضوابط فكر "[4]
1- فإذا بدأت في الاستفهام بالفعل (أَفَعلْتَ كذا؟) كان السؤالَ عن الفعل وكان غَرضُكَ أنْ تَعْلم وُجودَه.
2- وإِذا بدأْتَ بالاسم فقلتَ: (أأَنْتَ فعلتَ؟)كان السؤالَ عن الفاعل، مَنْ هوَ؟ [5].
تكملة :وهذا المعنى قائم في الهمزة، إذ هي كانت للتقرير(الاستفهام التقريري (هو أن تطلب من المخاطب أن يقرَّ بِما يُسأَلُ عنه نفياً أو إثباتاً) تَقريرٌ بفعلٍ قد كان، وإنكارٌ له لِمَ كان، وتوبيخٌ لفاعِلِه عليه. )ففى المختصر للسعد(والتقرير) أي حمل المخاطب على الإقرار بما يعرفه و الجائه إليه بشرط أن يذكر بعد الهمزة ما حمل المخاطب على الإقرار به"تقرير المخاطب بما يعلمه من مضمون الحكم- تقول أضربت زيدا في تقريره بالفعل وأأنت ضربت في تقريره بالفاعل وأزيدا ضربت في تقريره بالمفعول. وقد يقال التقرير بمعنى التحقيق والتثبيت فيقال أضربت زيدا بمعنى انك ضربته البتة[6] مثال ذلك قولُه تعالى، “أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيم”الأنبياء: 62. لا شبْهةَ في أنَّهم لم يقولوا ذلك له عليه السلامُ وهم يُريدون أنْ يُقِرَّ لهم بأَنَّه قد تم كَسْرُ الأصنام، ولكنْ أن يقر بأنه الذي كسرها؛لأن ذلك الفعل معلوم عندهم، فقد شاهدوه رأي العين، لذا قالوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا”، والاستفهام إنما يكون عن شيء لا يعلم وإنما غرضهم الإقرار بأن ذلك حدث منه، وقوله عليه السلام في الجواب: “بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا” ولو كان التقريرُ بالفعلِ لَكانَ الجوابُ: "فَعلْتُ، أوْ: لم أَفْعَل" فهذا استفهام تقريرى" لفعل قد كان" و إنكارى له،لم كان، وتوبيخ لفاعله علي ذلك الفعل[7].فالسؤال عن الفاعل أأنت أم غيرك . تقول أأنت أكرمت زيدا أم عمرو؟ ولا تقل أأنت أكرمت زيدا أم عمرا لا يقولها عربي أبدا.لأنه هكذا يكون الشك في المفعول بل الشك في الفاعل .ولا تقل أأنت أكرمت زيدا أم أهنته؟ فيكون الشك في الفعل وهذا غير صحيح.

[1] “ والإدراك بلا حكم تصور ، وبحكم تصديق “. إدراك الماهية من غير حكم عليها يسمى تصوراً ، وهو حصول صورة الشيء في الذهن ، ومع الحكم يسمى تصديقاً . وإنما سمي التصور تصوراً لأخذه من الصورة ، لأنه حصول صورة الشيء في الذهن ، لأنه لَمْ يَحْصُلْ سِوَى صُورَةِ الشَّيْءِ فِي الذِّهْنِ وسمي التصديق تصديقاً ؛ لأن فيه حكماً يصدق فيه أو يكذب ،

[2] دلالات التراكيب صـ 206

[3] دلالات التراكيب صـ 230

[4] دلالات التراكيب صـ205 ,206

[5] ففي لدلائل (فقولُك: (أَبَنَيْتَ الدارَ التي كنتَ على أنْ تَبْنِيهَا؟ أَقُلْتَ الشِّعرَ الذي كان في نفسكَ أن تقولَهُ؟ أفَرَغْتَ من الكتابِ الذي كنتَ تَكتُبُه؟). تبدأ في هذا ونحْوهِ بالفعل، لأنَّ السؤالَ عنِ الفعلِ نفْسهِ، والشكَّ فيه، لأنَّك متردِّدٌّ في وجود الفعل وانتفائه، مُجوِّزٌ أَنْ يكونَ قد كانَ، وأنْ يكونَ لم يَكُنْ. وتقول: (أأَنْتَ بَنَيْتَ هذهِ الدارَ؟ أأنْتَ قلتَ هذا الشعرَ؟ أأَنتَ كتبْتَ هذا الكتاب؟) فتَبْدأ في ذلك كله بالاسم. ذلك لأنك لم تَشُكَّ في الفعل أنه كانَ. كيفَ، وقد أشرْتَ إلى الدار مَبْنية، والشِّعر مَقُولاً والكتابِ مكتوباً؟ وإنما شكَكْتَ في الفاعل مَنْ هو.ولو قلتَ: (أأَنْتَ بَنيتَ الدارَ التي كنتَ على أنْ تبنيها؟ أَأَنْتَ قلتَ الشعرَ الذي كان في نفسك أن تَقولَه؟ أأَنْتَ فرغْتَ من الكِتاب الذي كنتَ تكْتُبه؟) خرَجْتَ من كلام الناس. وكذلك لو قلْتَ: (أبَنَيْتَ هذه الدارَ؟ أَقلت هذا الشعرَ؟ أَكتبتَ هذا الكتابَ؟) قلْتَ ما ليس بقولِ ذاك، لِفَساد أنْ تقولَ في الشيء المُشَاهَدِ الذي هو نُصْبُ عينيكَ: أَموجودٌ أم لا؟ومما يُعلَمُ به ضرورةً، أنه لا تكونُ البدايةُ بالفعل كالبداية بِالاسم، تقولُ: "أقلتَ شعراً قط؟ "، "أرأيتَ اليومَ إِنساناً؟ "، فيكونُ كلاماً مستقيماً. ولَو قلتَ: "أأنتَ قلت شعرًا قط؟ "، "أأنت رأيت إنسانًا"، أحلت1، وذاك أَنه لا مَعْنى للسؤالِ عن الفاعلِ مَنْ هو في مثلِ هذا، لأنَّ ذلك إِنما يُتَصوَّر إِذا كانتِ الإشارةُ إِلى فعلٍ مخصوصٍ نَحْوَ أَنْ تقولُ: "مَنْ قال هذا الشعر؟ "، و "من بنى هذا الدار؟ " و "من أتاك اليوم؟ "، و "من أذن لك من الذي فعلتَ؟ "، وما أشبَه ذلك مما يُمكنُ أن يُنَصَّ فيه على مُعَيَّنٍ. فأمَّا قيلُ شعرٍ على الجملة، ورؤيةُ إنسانٍ على الإِطلاق، فمُحَالٌ ذلك فيه، لأَنه ليس مما يُخْتصُّ بهذا دون ذاكَ حتى يُسْأَلَ عن عينِ فاعلهِ.


[6] المختصر صـ137

[7] دلائل الإعجاز و الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور المؤلف: أبو الفتح، نصر الله بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الجزري، ضياء الدين، المعروف بابن الأثير (المتوفى: 637هـ)صـ114 المحقق: مصطفى جواد الناشر: مطبعة المجمع العلمي 1375هـ و دلالات التراكيب صـ224 ’225
 
حبذا التيسير، ولعل المزيد في المسائل اللغوية المستعصية الشائكة آتي، وسنفرح بتهوين ما يستشكل على العرب قبل العجم في المشترك النحوي والتضمين والتضمير والإضمار والحذف والإسقلال ونحوها..
 
بوركت أخى الكريم شايب زاوشثتي
أظن أن الموضوع يحتاج لقراءة مرة تلو الأخرى فمن الأمثلة تحتاج مدة طويلة من التفكير والقياس على أمثلة أخرى لفمهما ولعلك قرأت كلمة شيخ البلاغة محمد أبو موسى أن كل هذا يحتاج للفكر
وبصراحة هذه محاضرة لطلاب الفرقة الأولى بقسم التفسير كلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر كما بنت ذلك على صفحتى بالفيس وشكرا لمروركم الكريم
 
تابع همزة الاستفهام معانيها
وَتَخْرُجُ عَنِ الِاسْتِفْهَامِ الْحَقِيقِيِّ فَتَأْتِي لِمَعَانٍ أخر(التسوية و الإنكار والتوبيخ والتقرير..)، بحسب المقام، والأصل في جميع ذلك معنى (الاستفهام).
الأول: التسوية: نحو " سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم ". قال بعض النحويين: لما كان المستفهم يستوي عنده الوجود والعدم، وكذا المسوي، جرت التسوية بلفظ الاستفهام. وتقع همزة التسوية بعد سواء، وليت شعري[1]، وما أبالي، وما أدري.
الثاني: التقرير: وهو توقيف المخاطب على ما يعلم ثبوته أو نفيه. نحو قوله تعالى " أأنت قلت للناس: اتخذوني ".التقرير بما يعرفه المخاطب من مضمون الكلام إيجابا أو سلبا "أأنت قلت" فالمراد والله أعلم التقرير بما يعرفه من أنه لم يقل لهم هذا وليس المراد التقرير بما دخلت عليه الهمزة لأنه صلوات الله عليه لم يقل لهم ذلك[2]"ألست بربكم" المقرر به ليس مما يلي الهمزة بل شيئ في نفس المخاطب حول هذا الحكم المذكور هو اعتقاده فيه فقد تكون الجملة مثبتة والتقرير بالنفي كما في آية المائدة وقد يكون العكس كما في آية الاعراف وكثير من البلاغيين يعده من باب الإنكار الذي يبطل النفى فيعود بالأسلوب إلى الإثبات"الم نشرح صدرك" أي شرحنا لك صدرك[3] وأكثر الصور التى تدخل فيها الهمزة على حرف النفى يفيد الاثبات ومنها ما لايفيد ذلك وَمن جِهَة إِفَادَة هَذِه الْهمزَة نفي مَا بعْدهَا لزم ثُبُوته إِن كَانَ منفيا لِأَن نفي النَّفْي إِثْبَات وَمِنْه ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ )الزمر:36) أى الله كاف عبده، لأن نفي النفي إثبات. وَلِهَذَا عطف ووضعنا “على” ألم نشرح لَك صدرك لما كَانَ مَعْنَاهُ شرحنا وَمثله ألم يجدك يَتِيما فآوى ووجدك ضَالًّا فهدى “ألم يَجْعَل كيدهم فِي تضليل وَأرْسل عَلَيْهِم طيرا أبابيل” [4]" أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا"محمد:24 النفي باق مع الهمزة المراد التشهير و الإنكار بمعنى ما كان ينبغي أن يكونوا على هذه الغفلة التى يجهلون بها ما في هذا الكتاب من دلالة لا تخفى على متدبر
وقد يكون الإنكار لعدم وقوع الفعل وتوبيخا على نفيه" أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا"النساء:75.أي كانت واسعة فلم تهاجروا فيها[5].
أنواع الاستفهام الإنكاري ص230 دلالات
الاستفهام الإنكاري الإبطالي "إنكار تكذيبي" : ما بعد الاستفهام غير واقع و مدعيه كاذب وهو لم يقع أصلا، فاستحق الإبطال.فمعنى النفي أي(لم يكن) إن كان الفعل ماضيا و(لا يكون) إن كان مضارعا.وهو أن يكون الإنكار (ننكر )أَنْ يكونَ الفعلُ قد كانَ مِنْ أَصْله(يعني ينكر وقوع الفعل أصلا) ومثالُه قولُه تعالى “أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا” [الإسراء: 40]، وقولُه: عزَّ وجلَّ: “أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِين، مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ” [الصافات: 153، 154]، فهذا رَدٌّ على المشركينَ وتكذيبٌ لهم أي لم يكن شيء من ذلك "لم يصطفي" ولا يجوز أن يكون للتوبيخ لأنه لم يقع أصلا ولو قيل للتوبيخ يعنى أنه اصطفى وهذا شرك والعياذ بالله, استفهاما إنكاريا تكذيبيا لم يكن "اصطفى"أي لم يكن اصطفاء
الثَّالِث الْإِنْكَار التوبيخي: مَا بعْدهَا وَاقع وَأَن فَاعله ملوم نَحْو “أتعبدون مَا تنحتون” فهنا وقعت العبادة منهم ووقع اللوم والعقاب عليهم “أغير الله تدعون” “أئفكا آلِهَة دون الله تُرِيدُونَ” “أتأتون الذكران” “أتأخذونه بهتانا”فهو هنا واقع وفاعله ملوم
التقرير والإنكار التوبيخي و الإنكار التكذيبي ما ينبغى أن يكون همزة الانبغاء
( الفرق بين الإنكار التكذيبي والإنكار التوبيخي؟ أن التوبيخي يكون على فعل قد حصل أو على وشك الحصول أما التكذيبي:على فعل لم يحصل أو لن يحصل)
فإذا كان الفعل مضارعاً فالقول في ذلك أنك إذا قلت (أنفعل كذا) لم يخل من أن تريد الحال أو الاستقبال، فإن أردت الحال كان المعنى شبيهاً بالماضي، وإن أردت الاستقبال كان المعنى إذا بدأت بالفعل أنك تعمد إلى إنكار الفعل نفسه، وتزعم إنه لا يكون، أو إنه لا ينبغي أن يكون.فإن بدأت بالاسم فقلت (أأنت تفعل) أو قلت (أهو يفعل) كنت موجها للإنكار إلى نفس المذكور وأبيت أن يكون بمثابة من يجيء منه الفعل، وعلى هذا جاء قوله تعالى (أنلزمكموها وأنتم لها كارهون).
الثالث: التوبيخ: نحو " أأذهبتم طيباتكم، في حياتكم الدنيا ".في قراءة
وقد اجتمع التقرير والتوبيخ في قوله تعالى " ألم نر بك فينا وليداً ".
الرابع: التحقيق: نحو قول جرير:
ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين، بطون راح
الخامس: التذكير: نحو " ألم يجدك يتيماً فآوى ".
وذكر بعض النحويين أن التقرير هو المعنى الملازم للهمزة، في غالب هذه المواضع المذكورة، وأن غيره من المعاني، كالتوبيخ والتحقيق، والتذكير، ينجر مع التقرير.

[1] لَيْتَ شِعْرِي أَي ليت علمي أَو ليتني علمت، وليتَ شِعري من ذلك أَي ليتني شَعَرْتُ،

[2] دلالات التراكيب صـ225

[3] دلالات صـ231

[4] دلالات ص،232 المغنى

[5] دلالات ص،235
 
" أَرَأَيْتَ "أى "أخبرني"
قال أبو حيان: "وإذا قلت " أَرَأَيْتَكَ " فالهمزة دخلت على رَأَيْتَ فإمَّا أن يكون بمعنى أعلمتك، أو بمعنى أخبرني" وسواء أكانت "أَرَأَيْتَ " منقولة من " أَرَأَيْتَ" بمعنى عَرَفْتَ أم بمعنى أبصرت أم بمعنى عَلِمْتُ[1] فإنها في أصلها جملةٌ خبريَّةٌ ، ثم تحوَّلت بعد النقل ، وبعد أن لازمتها همزة الاستفهام إلى جملة إنشائية لها معنى جديد وهي "أخبرني" وهي مع ذلك لا تدل على استفهام ، ولا تحتاج إلى جواب.
" أَرَأَيْتَكَ" يحتاج إلى مفعولين - إذا كان بمعنى أخبرني - الأوَّل الاسم المنصوب بعدها، والثاني جملة الاستفهام. ومبنى التركيب وإن كان على الاستخبار عن الرؤية قلبية كانت أو بصَرية لكنّ المرادَ به الاستخبارُ عن مُتعلَّقِها أي أخبروني[2] قال المحقق التفتازانيّ انما وضع الاستفهام عن العلم أو عن رؤية البصر عن الاستخبار لأن الرؤية بالبصر سبب للعلم والعلم سبب للإخبار فوضع السبب موضع المسبب[3]
ما إعراب التاء في " أَرَأَيْتَكَ" ؟ فى إعرابها ثلاثة مذاهبَ مشهورة،
1- قيل التاء فاعل والكاف حرف خطاب تُبَيِّن أحوالَ التاء، كما تُبَيِّنه إذا كانت ضميراً " هذا قولُ البصريِّين ".
2- و قيل التاء حرف خطاب والكاف هي الفاعل، واستعير ضميرُ النصبِ في مكان ضمير الرفع، و هذا القول الثاني "قول الفراء".
3- و قيل التاءُ فاعلٌ ، والكاف ضمير في موضع المفعول الأول " قولُ الكسائي"
أما الكاف : حرف خطاب، بمنزلة الكاف في : "ذَلِكَ" ، و"هُنَالك" ، جيء به لتأكيد الخطاب, لا محلَّ له من الإعراب قال الآلوسي:والمختار عند كثير من المحققين ما ذهب إليه البصريون من جعل كم هنا(أَرَأَيْتَكُم) وكذا سائر اللواحق حرف خطاب [4] فالتاء ضمير الفاعل ؛ لأنَّه محكومٌ بفاعليّة "التاء" في غير هذا الفعل بإجماع، ولم يُعْهَدْ ذلك في الكاف ، ثم إنَّ الكاف يُسْتَغْنى عنها بخلاف التاء فكانت التاء أولى بالفاعليَّة ، فبهذا يكون الكاف حرفَ خطاب.أمَّا "التاء" في "أَرَأَيْتَكَ" فلا يجوز أن يكون للخطاب ؛ لأنَّه لا يجوز أن يلحق الكلمة علامتان للخطاب .لذلك أفردت التاء في جميع الأحوال ، وجعلت على لفظ واحد ثابت ، وجُعل التغيُّر في الكاف ، لَيدُلَّ على اختلاف أحوال الفاعل إفراداً وتثنية وجمعاً وتذكيراً وتأنيثاً.و"أَرَأَيْتَكَ" هذه تاؤها تكون موحَّدةً مفتوحةً دائماً للمفرد والمثنى والجمع مذكَّراً كان ، أو مؤنَّثاً إن اتصلت بها الكاف في حين أنَّ الكاف تتغير بتغير المخاطب فتقول : أَرَأَيْتَكَ زيداً ما صنَع ؟ وللمرأة "أَرَأَيْتَكِ زيداً ما فَعَل ؟ وأَرَأَيْتَكُما ، وأَرَأَيْتَكُمْ ، وأَرَأَيْتَكُنَّ بفتح التاء البتة ومما هو جدير بالإشارة إليه أنَّ بقاء التاء مفتوحة في " أَرَأَيْتَكَ" بمعنى أخبرني أمرٌ جائز ، لا واجب.

[1] والطريف في الموضوع هو إطلاق الرؤية، وإرادة الإخبار ؛ إذ الرؤية سببٌ للإخبار كما هو معلوم ، وكذلك جعل الاستفهام ، بمعنى الأمر ولعلَّ الجامع بين الاستفهام والأمر في أسلوب "أَرَأَيْتَ" كونهما طلباً ."
أَرَأَيْتَ ) وفروعــه دراسـة لغويـةد . عبدالله بن حمد الدايـل قسم اللغة العربية بكلية المعلمين في الرياض

[2] إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (3/ 132)

[3] التفسير المظهري (3/ 235)

[4] روح المعاني سورة الأنعام
 
أحسنت صنعا سيدي الدكتور البطاوي، إذ قمت إلى الأهم تبدأ به؛ ولا شك أن الموضوع في حاجة إلى المعاودة والتبصر، لنتفطّن فنفقه. وإني أرى أن التسلسل الرشيد في تقريب فن التفسير هو أن يستهل بتيسير مفاتيح اللغة بواسطة إستعجال التركيز على مهارات التحليل وإنساء الحشوية المتونية إلى حين. والذي يدل على تلك الحاجة إلى التفكير هو أن المسألة اللغوية في التركيب والبناء مسألة لها قابلية للنظر المنطقي، كما هو الحال مع الذي تقدم أعلاه عن الهمزة.

وَتَخْرُجُ عَنِ الِاسْتِفْهَامِ الْحَقِيقِيِّ فَتَأْتِي لِمَعَانٍ أخر(التسوية و الإنكار والتوبيخ والتقرير..)، بحسب المقام، والأصل في جميع ذلك معنى (الاستفهام). الأول: التسوية: نحو " سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم ". قال بعض النحويين: لما كان المستفهم يستوي عنده الوجود والعدم، وكذا المسوي، جرت التسوية بلفظ الاستفهام. وتقع همزة التسوية بعد سواء، وليت شعري، وما أبالي، وما أدري.

ومثل هذا يقال: " حسب المقام " و " حسب السياق " فينتقل مباشرة إلى علم المعاني ولمّا يفهمني التركيب، فأقول له: يا أستاذ، لو كنت أدرك المقام لم أكن لأجلس هاهنا وأتعلم مبادئ الآلة التي توصلني إليه، فهكذا يتحول الدرس اللغوي إلى محفوظات وكأن الذي يرجى تسمية الهمزة أهمزة تسوية هي أم همزة قندهار ؟ إذن لابد من تبيين المسمى ووظيفته وموقعه ونحوهما في الجملة. أو يقول لك مثلا: " علي-هم " جار ومجرور، ويتدخّل الآخر مستفهما: " لكن قيل لي (إسم فعل) ؟" وهكذا .. فأعود إليه: فليكن يحمورا، آأستاذ، فذو يهمني: ماذا تفعل هنا ؟!! ثم يلاحظ زيادة المتغيبين ولم ينته بعد من باب علامات الإعراب إذ إختلطت الأوراق عند الحضور فهنا الألف يرفع به المثنى وبه أيضا تنصب الاسماويات (الستة "حب فخذه") ويسأل وحق له أن يسأل "ماذا يجري؟ هذه لغة القرءان". طريقة في التدريس جافة جامدة أكل عليها الدهر وشرب، يا أستاذ.

وقلما تجد من يذكر لك " لما كان المستفهم يستوي عنده الوجود والعدم، وكذا المسوي، جرت التسوية بلفظ الاستفهام " على سبيل المثال، فيقول لك تفكّر، بدل إحفظ وأخواتها. وعندما يقول لك " الأصل الإستفهام" فهو يخترع في الوقت ذاته تمرينا مناسبا لمقولته تلك، فابحث عن أدوات إستفهامية أخرى وضعها هناك ولاحظ ما الذي يطرأ على التركيب؛ وإن قيل لك هي للتسوية فاستجلب غيرها، أو حول الجملة من حالة لأخرى، وهكذا.

قال الإمام الجرجاني في الدلائل:
وليس الحَمْلُ على المعنى، وتَنزيلُ الشيءِ منزلةَ غيرِه، بعَزيزٍ في كلامِهم، وقَدْ قالوا: "زيدٌ أضرِبْه"، فأجازوا أن يكونَ مثالُ الأمر في موضعِ الخَبر، لأنَّ المعنى على النَّصب نحوُ: "اضرب زيد" ووضَعوا الجملةَ، من المبتدأ والخبر موضعِ الفعل والفاعل في نحوِ قولِهِ تعالى: {أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ} [الأعراف: 193]، لأنَّ الأصْلَ في المعادلة أن تكونَ الثانيةُ كالأُولى نحو: "أدعَوْتموهم أم صَمَتُّمْ". (ص 219 محمود محمد شاكر)

وهكذا يكون الكلام وإلا فلا؛ ولنلاحظ طلب إعمال التفكر، عندما تقول الأصل في المعادلة كذا فأنا أسأل وأبحث عن العاطف المعادل وربما خرجت للحظة إلى مجال آخر:
أ + 5 = 6
ونقل الثابت (5+ مثلا) من طرف لآخر يستدعي تغيير القيمة فتصير (5-).
أ = 5 - 6
فهكذا " أأنذرتهم أم لم تنذرهم " فإن كانت لم هنا للنفي فالهمزة هناك للإثبات، والعكس صحيح؛ وهكذا يمكن لي فهمها، بمعزل عن التسمية. وهذا مجرد مثال، وجزاك الله خيرا.
 
بارك الله فيك أخى الكريم (شايب زاوشثتى)
وما تفضلتم به قام به العلماء المحققون مثل ابن هشام
ألف أولا قطر الندى في النحو والصرف
ثم ألف شذور الذهب
ثم ألف أوضح المسالك
من أنفس شروح ألفية ابن مالك،
ثم ألف مغنى اللبيب
فلكل مرحلة تعليمية فكرها وعقلها لها ما يخصها وهذا تسلسل عجيب مفيد رحمه الله فإن اقتدينا به نستطيع أن يكون لدينا ما نتمناه من جيل يفخر به الزمان
ولما وجدت احتياج إخوانى طلاب الدراسات العليا في التفسير لمثل هذا التوضيح ولعلك تطلع على مواضيعى في هذا الملتقى تجد ما يسر بإذن الله تعالى وطبعا لن نختصر ولن نحذف لأننا مرتبطون بمنهج نسير عليه فنأخذ بأيديهم ونتعاون على فهم المنهج ولكل وجهة بارك الله فيك وزادك فهما وعلما
 
من أدوات التفسير
أل :على ثَلَاثَة أوجه:أَحدهَا أَن تكون اسْما مَوْصُولا بِمَعْنى الَّذِي وفروعه وَهِي الدَّاخِلَة على أَسمَاء الفاعلين والمفعولين قيل وَالصِّفَات المشبهة وَلَيْسَ بِشَيْء لِأَن الصّفة المشبهة للثبوت فَلَا تؤول بِالْفِعْلِ وَلِهَذَا كَانَت الدَّاخِلَة على اسْم التَّفْضِيل لَيست مَوْصُولَة بِاتِّفَاق وَقيل هِيَ فِي الْجَمِيع حرف تَعْرِيف وَلَو صَحَّ ذَلِك لمنعت من إِعْمَال اسْمِي الْفَاعِل وَالْمَفْعُول كَمَا منع مِنْهُ التصغير وَالْوَصْف وَقيل مَوْصُول حرفي وَلَيْسَ بِشَيْء[1] لِأَنَّهَا لَا تؤول بِالْمَصْدَرِ وَرُبمَا وصلت بظرف أَو بجملة اسمية أَو فعلية فعلهَا مضارع وَذَلِكَ دَلِيل على أَنَّهَا لَيست حرف تَعْرِيف
وَالثَّانِي أَن تكون حرف تَعْرِيف
وَهِي نَوْعَانِ عهدية وجنسية وكل مِنْهُمَا ثَلَاثَة أَقسَام
فالعهدية إِمَّا أَن يكون مصحوبها معهودا ذكريا نَحْو (كَمَا أرسلنَا إِلَى فِرْعَوْن رَسُولا فعصى فِرْعَوْن الرَّسُول) وَنَحْو فِيهَا مِصْبَاح الْمِصْبَاح فِي زجاجة الزجاجة كَأَنَّهَا كَوْكَب دري وَنَحْو اشْتريت فرسا ثمَّ بِعْت الْفرس وعبرة هَذِه أَن يسد الضَّمِير مسدها مَعَ مصحوبها أَو معهودا ذهنيا نَحْو إِذْ هما فِي الْغَار وَنَحْو أَو معهودا حضوريا
الْوَجْه الثَّالِث أَن تكون زَائِدَة وَهِي نَوْعَانِ لَازِمَة وَغير لَازِمَة فَالْأولى كَالَّتِي فِي الْأَسْمَاء الموصولة على القَوْل بِأَن تَعْرِيفهَا بالصلة وكالواقعة فِي الْأَعْلَام بِشَرْط مقارنتها لنقلها كالنضر والنعمان وَاللات والعزى أَو لارتجالها كالسموأل أَو لغلبتها على بعض من هِيَ لَهُ فِي الأَصْل كالبيت للكعبة وَالْمَدينَة لطيبة والنجم للثريا وَهَذِه فِي الأَصْل لتعريف الْعَهْد
أل ) الجنسية : ثلاثة أنواع :
1ـ التي لبيان الحقيقة والماهية ، وضابطها : أنها التي لا تخلفها ( كل ) ، مثل قوله ( وجعلنا من الماء كل شيء حي ) فلا يصح أن تقول : كل ماء .
2ـ التي لاستغراق الجنس حقيقة ، فتكون بمعنى شمول أفراد الجنس ، وضابطها : أنها تخلفها ( كل ) ، مثل قوله وخلق الإنسان ضعيفا أي : كل إنسان .
3ـ التي لاستغراق الجنس مجازا ، لشمول صفات الجنس مبالغة ، مثل : أنت الرجل والرجال قليل ، أي : أنت جامع لخصائص جميع الرجال وكمالاتهم . اسم الجنس ما وضع لأن يقع على شيء وعلى ما أشبهه كالرجل فإنه موضوع لكل فرد خارجي على سبيل البدل من غير اعتبار تعينه
التعريفات:علم الجنس ما وضع لشيء بعينه ذهنا كأسامة فإنه موضوع للمعهود في الذهن
اسم الجنس النكرة، أن اسم الجنس نكرة لفظا ومعنى. أما معنى فلعدم اختصاصه بواحد معين، وأما لفظا فلانه تسبقه "أل" فيعرف بها، ولانه لا يبتدأ به ولا تجيء منه الحال. وأما علم الجنس فهو نكرة من حيث معناه، لعدم اختصاصه، معرفة من حيث لفظه، فله أحكام العلم اللفظية


[1] وبذلك تعلم خطأ ما في الإتقان فلعله لم يكتب ليس بشئ
 
فائدة
اعراب {أَرَاغِبٌ أَنتَ}: يجوز فيه وجهان،

أحدُهما: أَنْ يكون "راغبٌ" مبتدأً لاعتمادِه على همزةِ الاستفهام، و "أنت" فاعلٌ سَدَّ مَسَدَّ الخبر. هذا ما رجحه أبو حيان
والثاني: أنه خبر مقدمٌ، و "أنت" مبتدأ مؤخر
قال السمين ورُجِّح الأولُ بوجهين، أحدهما: أنه ليس فيه تقديمٌ ولا تأخير؛ إذ رتبهُ الفاعلِ التأخيرُ عن رافعِه.-الفاعل هنا أنت سد مسد الخبر فهو متأخر عن المبتدأ راغب -

والثاني أنه لا يلزم فيه الفصلُ بين العاملِ و معمولِه بما ليس معمولاً للعامل؛ وذلك لأنَّ {عَنْ آلِهَتِي} متعلقٌ بـ "راغِبٌ"، فإذا جُعل "أنت" فاعلاً فقد فُصِل بما هو كالجزءِ من العامل، بخلافِ جَعْلِه خبراً فإنه أجنبي إذ ليس معمولاً لـ "راغبٌ". لأن راغب خبر والخبر لايعمل في المبتدأ على الصحيح وجملة "يا إبراهيم" مستأنفة في حيز القول،[1]

[1] البحر 6/183 الدر المصون 10/140
 
فائدة
*- الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْكَمَالِ قَالَ سِيبَوَيْهِ تَكُونُ لَامُ التَّعْرِيفِ لِلْكَمَالِ تَقُولُ زَيْدٌ الرَّجُلُ تُرِيدُ الْكَامِلَ فِي الرُّجُولِيَّةِ، وَكَذَلِكَ هِيَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا قُلْت " الرَّحْمَنُ " أَيْ الْكَامِلُ فِي مَعْنَى الرَّحْمَةِ وَالْعَلِيمُ أَيْ الْكَامِلُ فِي مَعْنَى الْعِلْمِ، وَكَذَلِكَ تَتِمَّةُ الْأَسْمَاءِ فَلَيْسَتْ لِلْعُمُومِ وَلَا لِلْعَهْدِ وَلَكِنْ لِلْكَمَالِ [1]


[1] حاشية الجمل = فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب (5/ 290)
 
عودة
أعلى