توجيه لمعنى (آمين)

إنضم
08/02/2009
المشاركات
614
مستوى التفاعل
0
النقاط
16

فسرت ( آمين) بأنها اسم من اسماء الله تعالى.
قال أبو علي الفسوي: أراد هذا القائل أن في (آمين) ضميراً لله تعالى؛ لأن معناه استجب.
مفردات الراغب ص: 16.
 
القول بأن آمين اسم من أسماء الله تعالى ، ليس عليه دليل ، إذ أسماء الله تعالى ليست بالاجتهاد ، والتوجيه فرع صحة النقل ، وقول الفسوي لم يأت له ما يؤيده .
ومعنى ( آمين ) عند أكثر أهل العلم : اللهم استجب لنا ؛ و" آمين " من أسماء الأفعال موضوع موضع الاستجابة ، كما أن ( صه ) موضوع موضع السكوت ؛ وفيه لغتان : المد على وزن فاعيل كياسين ، والقصر على وزن يمين ، والمد أشهر . قال الجوهري وجمهور أهل اللغة : آمين في الدعاء يمد ويقصر . قالوا : وتشديد الميم خطأ . ا.هـ . وهذا يرد على من زعم أن القصر في " آمين " لغة شاذة ، بل قال ابن العربي في ( أحكام القرآن ) : والقصر أفصح وأخصر ، وعليها من الخلق الأكثر . ا.هـ . لكن يرد الجملة الأخيرة ما قاله ابن حجر في ( الفتح ) : وهي بالمد والتخفيف في جميع الروايات ، وعن جميع القراء . ا.هـ . وقال النووي في ( المجموع ) : أفصحهما وأشهرهما وأجودهما عند العلماء بالمد بتخفيف الميم ، وبه جاءت روايات الحديث ( [1] ) .
قال الشوكاني في ( التحفة ) : والتأمين : طلب الإجابة من الرب سبحانه واستنجازها ؛ فهو تأكيد لما تقدم من الدعاء ، وتكرير له ، وقد ورد في الصحيح ما يرشد إليه . ا.هـ ( [2] ) .
قلت : يشير لما رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنِ النَّبِيِّ e قَالَ : " إِذَا أَمَّنَ الْقَارِئُ فَأَمِّنُوا ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُؤَمِّنُ ، فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ " ، هذا لفظ البخاري ، وبوب له ( باب التأمين ) من كتاب الدعوات ( [3] ) . قال الحافظ في ( الفتح ) : والمراد بالقارئ هنا : الإمام إذا قرأ في الصلاة ( أي الفاتحة ) ، ويحتمل أن يكون المراد بالقارئ أعم من ذلك .
وورد في التأمين مطلقا أحاديث منها حديث عائشة مرفوعا : " مَا حَسَدَتْكُمُ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى السَّلَامِ وَالتَّأْمِينِ " رواه ابن ماجة ( [4] ) وصححه ابن خزيمة ، وأخرجه ابن ماجة أيضا من حديث ابن عباس بلفظ : " مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى آمِينَ فَأَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ آمِينَ " ( [5] ) ، وأخرج الحاكم عن حبيب بن مسلمة الفهري سمعت رسول الله e يقول : " لَا يَجْتَمْعُ مَلَأٌ فَيَدْعُو بَعْضُهُم ، ويُؤَمْنُ بَعْضُهُم ، إِلَا أَجَابَهُم اللهُ تَعَالَى " ( [6] ) ، ولأبي داود من حديث أَبِي زُهَيْرٍ النُّمَيْرِيِّ t : وَقَفَ النَّبِيُّ e عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَلَحَّ فِي الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ : " أَوْجَبَ إِنْ خَتَمَ " فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : بِأَيِّ شَيْءٍ يَخْتِمُ ؟ قَالَ : " بِآمِينَ " فَأَتَاه الرَّجُلَ فَقَالَ : اخْتِمْ يَا فُلَانُ بِآمِينَ وَأَبْشِرْ . وكان أبو زهير يقول : آمين مثل الطابع على الصحيفة ( [7] ) . ا.هـ . والعلم عند الله تعالى .

[1] - انظر تهذيب الأسماء واللغات : 3 / 11 ، 12 ، وأحـكام القرآن : 1/ 12 ، وفتح الباري : 2 / 306 ( الريان للتراث ) ، والمجموع : 3 / 370 .

[2] - تحفة الذاكرين : 38 ، 39 .

[3] - البخاري ( 6402 ) ، ومسلم ( 410 ) ؛ ورواه النسائي ( 925 ، 926 ) ، وابن ماجة ( 851 ، 852 ) .

[4] - ابن ماجة ( 856 ) ، ورواه البخاري في الأدب المفرد ( 988 ) وإسناده صحيح .

[5] - رواه ابن ماجة ( 857 ) ، وفيه طلحة بن عمرو الحضرمي المكي ، متروك كما في ( التقريب ) .

[6] - المستدرك : 3 / 347 وصححه ، ورواه الطبراني في الكبير : 4 / 21 ( 3536 ) ، عن عبد الله المقري عن ابن لهيعة ، وقد سمع منه قبل احتراق كتبه ، فالحديث صحيح .

[7] - رواه أبو داود ( 938 ) وأورده الحافظ هنا مختصرا ، ورواه الطبراني في الدعاء ( 218 ) ، وفيه صبيح بن محرز المقرائي ، وثقه ابن حبان ، وقال الحافظ في التقريب : مقبول . وانظر فتح الباري : 11 / 200 .
 
عودة
أعلى