تواتر القراءات ومجرد سؤال حول مذهب ابن حزم!

إنضم
22/09/2008
المشاركات
35
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الموقع الالكتروني
www.way2jannah.com
السلام عليكم
قال الإمام أبو ابراهيم بن عمر الجعبري :" الشرط واحد وهو صحة النقل ويلزم الآخران"(انظر فضلا: النشر ج1)
وقال ابن الجزري : وقد شرط بعض المتأخرين التواتر في هذا الركن ولم يكتف فيه بصحة السند وزعم أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر وأن ما جاء مجئ الآحاد لايثبت به قرآن وهذا مما لايخفى ما فيه فإن التواتر إذا ثبت لا يحتاج فيه إلى الركنين الأخيرين من الرسم وغيره إذا ما ثبت من أحرف الخلاف متواترا عن النبي صلى الله عليه وسلم وجب قبوله وقطع بكونه قرآنا سواء وافق الرسم أم خالفه "
قلت : وقد كان ابن الجزري قد اشترط التواتر لصحة القراءة في كتابه المنجد ..والسبب في تراجعه –في كتاب النشر- هو أنه ألف كتاب منجد المقرئين وعمره 23 سنة وألف النشر وعمره 48سنة(تاريخ القراءات واتجاهات القراء لصبري الأشوح)
***
في المقابل نجد الإمام النويري يقول :" عدم اشتراط التواتر قول حادث مخالف لإجماع الفقهاء والمحدثين وغيرهم؛ (تنبه فهذه الدعوى مخالفة لدعوى ابن الجزري ومعاكسة لها) لأن القرآن عند الجمهور من أئمة المذاهب الأربعة هو ما نقل بين دفتي المصحف نقلا متواترا, وكل من قال بهذا الحد اشترط التواتر كما قال ابن الحاجب, وحينئذ فلا بد من التواتر عند الأئمة الأربعة, صرح بذلك جماعات كابن عبد البر وابن عطية والنووي والزركشي والسبكي والإسنوي والأذرعي وعلى ذلك أجمع القراء, ولم يخالف من المتأخرين إلا مكي2 وتبعه بعضهم انتهى ملخصا"(إتحاف الفضلاء البشر لابن البناء).
قلت : كما هو واضح من كلام النويري فكل من عرف القرآن بأنه المكتوب بين دفتي المصحف المنقول إلينا بالتواتر فقد لزمه اشتراط التواتر في القراءات واطراح كل ما ثبت بطريق آحاد.ولايخفاك ان هذا الحد هو المختار عند جماهير أهل العلم من كل الإختصاصات.
لكن ما هو التواتر ؟!
يقول الشيخ عبد الله الجديع منتقدا من اشترط العدد للتواتر : "فإن قلنا : التواتر رواية الخبر بطريق يفيد العلم,واكتفينا بهذا التعريف لكان اصح .ثم تراعى السباب التي يخلص بها إلى هذه النتيجة. وهذه الأسباب هي المعبر عنها بالقرائن التي تحتف بالخبر كصدق الناقل أو موافقه غيره له مع امتناع الإتفاق بينهم على الكذب والغلط" (المقدمات الأساسية في علوم القرآن).
قلت : و المعنى اللغوي للتواتر يشير إلى تتابع الرواة برواية الفرد عن الفرد يأتي الواحد في ‘ثر الآخر دون انقطاع"(السابق) . وعلى هذا الأساس يمكن أن تكون أخبار ما قد وصلت إلينا عن طريق رواية فرد واحد عن واحد ولها حكم التواتر لقرينة الصدق والعدالة ...
وعليه فلن يكون هناك خلاف مؤثر بين من اشترط التواتر ومن لم يشترطه وخاصة وأنه حتى من اشترط التواتر "العددي" يرى أن هناك مالم يتواتر كابن الحاجب الذي يرى تواتر القراءات في الفرش وعدم تواترها في الأصول وقد اضطر ابن الجزري –يوم أن كان يدافع عن التواتر- إلى موافقته في عدم تواتر جزئيات من الأصول وأبو شامة الذي يرى تواتر ما اتفق القراء عليه وعدم تواتر انفرادات كل واحد منهم (تاريخ القراءات واتجاهات القراء) ومع ذلك قبلوا مالم يتواتر حسب نظرتهم واعتبروه من القرآن !!
------------------------------
قلت : وقد اشار شيخنا الحسن العلمي إلى شئ من هذا يوم أن قال بان شرط القراءات التواتر فاعترضت بقول ابن الجزري في النشر .فأشار-لاحقا- إشارات مهمة في هذا الباب وكان مما وعاه صدري : أن القراءات في مجمل الحكم الوصفي المتعلق بها متواترة مع عدم إنكار خروج جزئيات عن هذا الطابع الكلي ومن نظر في البناء الإشتراطي لعلماء القراءات تأكد عنده أن شرطا يكمل أخر أو يؤكده أو يتظافر معه على الغاية .قال –حفظه الله- : الأصل هو الشرط المتعلق بالسند والشرطان الآخران مؤكدان , وفي المقابل أيضا فإن موافقة الرسم والعربية طريق موصل لشرط السند –أحسبه ألمح إلى : لابد أو: إلا فيما نذر-
-------------------------------------
قلت : ما هو رأي ابن حزم-قدس الله سره- في هذا الجدل ؟
وأنا العبد الضعيف لايمكنني الجزم بمذهبه مالم يصرح به في أحد كتبه , وببالغ الأسى تلاحق أذهاننا حادثة إحراق كتبه وفقدان معظمها ومن ضمنها كتبه في القراءات , وهذه فاجعة في حق العلم لضياع وجهة نظر خبير محقق في هذا المبحث كان من الممكن أن تحل إشكالا علميا قد طالت مدة الصراع حوله...
بادئ ذي بدء أقول مذهب ابن حزم في معنى التواتر موافق لتعريف الجمهور القائم على اشتراط العدد –ولو من غير تعيين- برهانه :
ما قال في النبذة :" فأما القرآن فمنقول نقل الكواف والتواتر وأما السنة فمنها ما جاء متواترا ومنها خبر الآحاد العدل عن مثله وقد يقع فيه العدل عن العدلين وعن الثلاثة والثلاثة عن الواحد"
وقال في الإحكام :" لا كما يظنه أهل الجهل أنه ألف بعد موت النبي (ص) ولو كان ذلك ما كان القرآن منقولا نقل الكافة.
ولا خلاف بين المسلمين واليهود والنصارى والمجوس أنه منقول عن محمد"
فهل يذهب ابن حزم إلى أن مالم يتواتر لا يعتد به ؟ أو أنه يرى أن القراءات السبعة كلها قد تواترت فرشا وأصولا-كما هو ظاهر كلامه-؟
أجدني أميل للرأي الثاني لقوله رحمه الله في الفصل : أما قولهم إننا مختلفون في قراءة كتابنا فبعضنا يزيد حروفاً وبعضنا يسقطها فليس هذا اختلافاً بل هو اتفاق منا صحيح لأن تلك الحروف وتلك القراآت كلها مبلغ بنقل الكواف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها نزلت كلها عليه فأي تلك القراآت قرأنا فهي صحيحة وهي محصورة كلها مضبوطة معلومة لا زيادة فيها ولا نقص فبطل التعلق بهذا الفصل ولله تعالى الحمد وأما قولهم أنه قد روى بأسانيد صحاح عن طائفة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن التابعين الذي نعظم ونأخذ ديننا عنهم أنهم قرأوا وفي القرآن قراآت لا نستحل نحن القراءة بها فهذا حق ونحن وإن بلغنا الغاية في تعظيم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضوان الله عليهم وتقربنا إلى الله عز وجل بمحبتهم فلسنا نبعد عنهم الوهم والخطأ ولا نقلدهم في شيء مما قالوه إنما نأخذ عنهم ما أخبرونا به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو عندهم بالمشاهدة والسماع لما ثبت من عدالتهم وثقتهم وصدقهم وأما عصمتهم من الخطأ فيما قالوه برأى وبظن فلا نقول بذلك ولو أنكم أنتم فعلتم كذلك بأحباركم وأساقفتكم الذين بينكم وبين الأنبياء عليهم السلام ما عنفناكم بل كنتم على صواب وهدى متبعين للحق المنزل مجانبين للخطاء المهمل لكن لم تفعلوا هكذا بل قلدتموهم في كل ما شرعوه لكم فهلكتم في الدنيا والآخرة وتلك القراآت التي ذكرتم إنما هي موقوفة على الصاحب أو التابع فهي ضرورة وهم من الصاحب والوهم لا يعري منه أحد بعد الأنبياء عليهم السلام أو وهم ممن دونه في ذلك وأما قولهم أن مصحف عبد الله بن مسعود خلاف مصحفنا فباطل وكذب وإفك مصحف عبد الله بن مسعود إنما فيه قراءته بلا شك وقراءته هي قراءة عاصم المشهورة عند جميع أهل الإسلام في شرق الدنيا وغربها نقرأ بها كما ذكرنا وبغيرها مما قد صح أنه كله منزل من عند الله تعالى فبطل تعلقهم بهذا والحمد لله رب العالمين وأما قولهم إن طائفة من علمائنا الذين أخذنا عنهم ديننا ذكروا أن عثمان بن عفان رضي الله عنه إذ كتب المصحف الذي جمع الناس عليه أسقط ستة أحرف من الأحرف المنزلة واقتصر على حرف منها فهو مما قلنا وهو ظن ظنه ذلك القائل أخطأ فيه وليس كما قال بل كل هذا باطل ببرهان كالشمس وهو أن عثمان رضي الله عنه لم يك إلا وجزيرة العرب كلها مملوءة بالمسلمين والمصاحف والمساجد والقراء يعلمون الصبيان والنساء وكل من دب وهب واليمن كلها وهي في أيامه مدن وقرى والبحرين كذلك وعمان كذلك وهي بلاد واسعة مدن وقرى وملكها عظيم ومكة والطايف والمدينة والشام كلها كذلك والجزيرة كذلك ومصر كلها كذلك والكوفة والبصرة كذلك في كل هذه البلاد من المصاحف والقراء ما لا يحصي عددهم إلا الله تعالى وحده فلو رام عثمان ما ذكروا ما قدر على ذلك أصلاً وأما قولهم أنه جمع الناس على مصحف فباطل ما كان يقدر على ذلك لما ذكرنا ولا ذهب عثمان قط إلى جمع الناس على مصحف كتبه إنما خشي رضي الله عنه أن يأتي فاسق يسعى في كيد الدين أو أن يهم وأهم من أهل الخير فيبدل شيئاً من المصحف يفعل ذلك عمداً وهذا وهماً فيكون اختلاف يؤدي إلى الضلال فكتب مصاحف مجتمعاً عليها وبعث إلى كل أفق مصحفاً لكي إن وهم واهم أو بدل مبدل رجع إلى المصحف المجتمع عليه فانكشف الحق وبطل الكيد والوهم فقط وأما قول من قال أبطل الأحرف الستة فقد كذب من قال ذلك ولو فعل عثمان ذلك أو أراده لخرج عن الإسلام ولما مطل ساعة بل الأحرف السبعة كلها عندنا قائمة كما كانت مثبوتة في القراآت المشهورة المأثورة والحمد لله رب العالمين "
وقال في الإحكام" والقراءات التي كانت على عهد رسول الله (ص) باقية كلها كما كانت، لم يسقط منها شئ، ولا يحل حظر شئ منها قل أو كثر.
قال الله تعالى: * (إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه) "

انتظر الإستفادة والتوجيه من المشايخ على احر من الجمر.
 
عودة
أعلى