تنكيس الهامة .. من آهات النفس اللوامة !

إنضم
16/04/2009
المشاركات
67
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
تَنْكِيْسُ الهَامَةِ
مِنْ آهَاتِ النَّفْسِ اللَّوَّامَةِ !



1-

الحمدُ للهِ أحمدُه حمداً كثيراً أنْ مَدَّ في العُمُرِ حتى كتابةِ هذه الأحرفِ ؛ لعلي أتداركُ الزَّمنَ بتَوْبة ، وأغسلُ أثرَ الحَوْبَة ، وبعدُ:
فاللهُ أجَلُّ مِنْ أن يُعْصى ، بل أن يُشغل العبدُ بسواه ، لكنَّه كَتبَ على عبدهِ الخطئيةَ ؛ علَّه ينكسرُ عَقِبَها انكسارةً هي خيرٌ من رجزه بالتسبيحِ !
فكمْ قد تلاشتْ صَوْلَةُ الطاعةِ من قلبِ عبدٍ موفَّقٍ بسببِ الذنب ؟!
وكم قد غابَ إدلالهُ بالإحسانِ ، وإزراؤه بالعُصَاةِ بسببِ الإثم ؟!

يعلمُ حقّاً افتقارَه ، وتعبَّدَه بأسماءِ اللهِ : العَفُوِّ ، الغَفُورِ ، الرَّحِيمِ ، اللطِّيفِ ، الرؤوفِ ، الحَلِيم ، .... إلخ .
وقد قال النبيُّ
sallah.gif
- كما في حديثِ أبي هريرةَ
radia.gif
في صحيح مسلمٍ - : (والذي نفسي بيده ، لو لم تذنبوا لذهبَ اللهُ بكم ، ولجاء بقومٍ يذنبون فيستغفرونَ اللهَ فيغفر لهم) .

اللهُ أكبرُ! ما أرحمه بعبادِه ، وقد قال:
start.gif
اللهُ لَطِيْفٌ بِعِبَادِهِ
end.gif
.

ولكنَّ الذَّنْبَ ذَنْبٌ ، والجِنايةَ جنايةٌ ، وإن غَفَرَها الله وتجاوزها عنها .
فإنَّ الوقوفَ بينَ يدي اللهِ غداً ، وتقريرَهُ عبدَه بما اقترفَ - مع ستره عليه في الدنيا ، ومغفرته له في الأخره - لحَرِجٌ وليسَ بالسَّهْلِ ، ولذلكَ كان يقولُ سَيِّدُ العارفينَ الفضيلُ : (واسوأتاه منكَ وإن عفوتَ!) .
فاللهمَّ سلِّمْ سلِّمْ .
___________

وهذهِ - إخوتي الفضلاء - بعضُ الخواطرِ والآهاتِ أكتبُها مُنَجَّمةً ؛ لعلَّ اللهَ ينفعُ بشيءٍ منها ، أُحَبِّرُها بمدادِ النَدَمِ - وما أكثرَ ما أدَّعي النَّدمَ فيبينُ نَدَمَ وقتٍ فحسب - ، وأُخْرِجُها من قَلِبٍ طالما تجرَّأ ؛ فتجرَّعَ ، وكُلِّي رجاءٌ أن تأخذوا العِبْرَةَ ، ولا تكونوا ككاتِبِ هذه الأسطر ، فما أفلحَ من تشبَّهَ بمتمرِّد!

_________
إنْ تغفرِ اللهمَّ تغفرْ جَمّاً ** وأيُّ عَبْدٍ لكَ ما ألمَّا ؟!

السبت 29/6/1431 هـ
 

2-

لا أرى حالي إلاَّ كما وصفَ أبو المظفَّرِ ابنُ البَلِّ [ت: 611] نَفْسَهُ ؛ فقال :

يَتُوبُ عَلَى يَدِي قَوْمٌ عُصَاةٌ * أَخَافَتْهُم مِنَ البَارِي ذُنُوبُ
وَقَلْبِي مُظْلِمٌ مِنْ طٌولِ مَا قَدْ * جَنَى فَأَنَا عَلَى يَدِ مِنْ أَتُوبُ؟
كَأَنِّيْ شَمْعَةٌ مَا بَيْنَ قَوْمٍ * تُضِيءُ لَهُم وَيَحْرِقُهَا اللَّهِيبُ
كَأَنِّيْ مِخْيَطٌ يَكسُو أُنَاساً * وَجِسْمِي مِنْ مَلاَبِسِه سَليبُ

اللهمَّ ارزقني توبةً نصوحاً .
 

3-
ومن العجيبِ أنْ يحتاجَ الإنسانُ للتذكيرِ بحقِّ والدَيْهِ ، وهما أصلُ وجودِهِ!

اللهمَّ اغفر لي عُقُوْقِي وتقصِيري مع والدَيَّ ، وارزقني بِرَّهما على الوجهِ الذي يرضيكَ عنِّي .
 
4-

أيْ خَلِيْلُ :


أتضحكُ أيُّها العاصي ** ومثلُك بالبكا أحرى ؟!
وبالحزنِ الطويلِ على الــَّ **ذي قدمتَه أولى
نسيتَ قبيحَ ما أسلفـ ** تَ ، والرحمنُ لا يَنْسَى
فبادِرْ أيُّها المسكينُ ** قَبْلَ حُلولِ ما تخشى
بإقلاعٍ وإخــلاصٍ ** لعلَّ اللهَ أن يَرضى
 

يَتُوبُ عَلَى يَدِي قَوْمٌ عُصَاةٌ * أَخَافَتْهُم مِنَ البَارِي ذُنُوبُ

وَقَلْبِي مُظْلِمٌ مِنْ طٌولِ مَا قَدْ * جَنَى فَأَنَا عَلَى يَدِ مِنْ أَتُوبُ؟
كَأَنِّيْ شَمْعَةٌ مَا بَيْنَ قَوْمٍ * تُضِيءُ لَهُم وَيَحْرِقُهَا اللَّهِيبُ
كَأَنِّيْ مِخْيَطٌ يَكسُو أُنَاساً * وَجِسْمِي مِنْ مَلاَبِسِه سَليبُ
يضيء القلب بالتعظيم حتى يظن الناس من فرط أذوب
فآنئذٍ يتوب على يديّ و حالي حال مفتقرٍ يؤوب
فدع عنك المواعظ يا عزيزي و سافر في جماعتنا تصيبُ
icon7.gif
؟!
 
بارك الله فيك .

5-
قال الضَّحَّاكُ : "أدركتُ أقواماً يستحيون من اللهِ في سَوَادِ هذا اللَّيْلِ مِنْ طُوْلِ الضَّجْعَة" !
[مختصر منهاج القاصدين (ص85)]

أيْ خليلُ :
ليتَها كانتْ ضَجْعَةً فحسب ، قد لا تأثم عليها ؛ فكيفَ إن هوَّنتَ عَسْفَ الليالي بالخطايا والأوزار ؟!
فأيُّ الفريقَيْنِ أحقُّ بالحياء ؟!
يا مَنْ تَمَجَّنَ مهلاً ** قد طالَ منكَ المجونُ
هَوَّنتَ عَسْفَ الليالي ** هَوَّنتَ ما لا يهونُ !
 
6-
" متى رأيتَ قَلْبَكَ لا يحضُرُ في الصَّلاةِ ؛ فاعلمْ أنَّ سبَبَه ضَعْفُ الإيمانِ ، فاجتهدْ في تقويتِه " . [مختصر منهاج القاصدين (ص39)]

أيْ خليلُ :

تبني وتهدمُ في الصَّلاةِ ، وتبيعُ وتشتري ، وتتزوَّجُ وتطلِّقُ ، وتأكلُ وتشربُ ، وتركبُ وتنزلُ ، وتؤلِّفُ وتطبعُ ، وتتصلُ وتحادِث ، وينظر لك النَّاسُ وكأنَّك ممن قال الله فيهم :
start.gif
الذين هم في صلاتهم خاشعون
end.gif
!

فما أحراكَ بتفتيشِ قلبِكَ ، وإصلاحِ نفسِكَ ؛ فضعفُ الخشوعِ في "الصلاة" ضعفٌ في الإيمان ولابدّ !

فإن أقررتَ بذلكَ = فأصلِحْ نفسَك .

وإن تلاعبتَ ، وتأوَّلتَ ، وقلتَ : قد جهَّزَ عمرُ الفاروقُ جيشَ العُسرَةِ - وهو يصلِّي - فدونكَ أخبارُ الفاروقِ : كانَ يعادُ إذا تأثَّرَ بآية ، ويبكي ويشتدُّ بكاؤه في الصلاة!

فأينَ الثرى من الثريّا ؟!
 
7 -

كم ذا أغالط ُعمري ** كأنني لستُ أدري
أغفلتُ ذاك الذي كا ** نَ في مُقَدَّمِ عمري
ولم أزلْ أتمادى ** حتى تصرَّمَ دهري
من لي اذا صرتُ رهناً ** بالذنبِ في رَمْسِ قبري
بأيِّ عُذْرٍ أُلاقي ** ربِّي ليَقبَلَ عُذْري ؟!
فليتَ شِعْري متى أُدْ ** رِكُ المُنَى ليتَ شِعْري !
 
8 -

ولكنَّ الذَّنْبَ ذَنْبٌ ، والجِنايةَ جنايةٌ ، وإن غَفَرَها الله وتجاوزها عنها .
فإنَّ الوقوفَ بينَ يدي اللهِ غداً ، وتقريرَهُ عبدَه بما اقترفَ - مع ستره عليه في الدنيا ، ومغفرته له في الأخره - لحَرِجٌ وليسَ بالسَّهْلِ ، ولذلكَ كان يقولُ سَيِّدُ العارفينَ الفضيلُ : (واسوأتاه منكَ وإن عفوتَ!) .
يا حَسْرَةَ العاصينَ يومَ معادِهم ** ولَوْ انَّهمْ سِيْقُوا إلى الجَنَّاتِ
لو لمْ يَكُنْ إلاَّ الحَيَاءُ مِنَ الذي ** سَتَرَ الذُّنُوبَ لأكثروا الحَسَرَاتِ
 
نفع الله بك
كلمات مؤثرات، ومواعظ زاجرات..
وحبذا لو جمَّلتها وأصَّلتها بالآيات البينات؛ "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ . قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ" [يونس : 57 ، 58]
 
نفع الله بك
كلمات مؤثرات، ومواعظ زاجرات..
وحبذا لو جمَّلتها وأصَّلتها بالآيات البينات؛ "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ . قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ" [يونس : 57 ، 58]

سدَّدك الله وقوَّاك أبا مجاهد .
واستدراكٌ صائبٌ ، فنعم العظةُ القرآن ، غير أنَّ تأويلي لما فعلتُ ؛ أنَّ كلَّ ما كتبتُه هو إيضاحٌ وتطبيقٌ لقوله تعالى : ((( ولا أقسم بالنَّفسِ اللوَّامة ))) على تفسيرٍ من تفسراتها .
وكلُّ ما أكتبُ يمكن إدراجه في عمومِ آياتِ النظر والمحاسبة ، وليس من بابِ تدبُّرِ الآي .
لا حرمنا الله لذيذَ فوائدك ، ولا العشاءَ من موائدك :)
زمزمة حاد وخفخفة مناد ، مع شفقة الداعي الحاني ، ومنهج الدعوة الرباني ، زجرت النفوس عن رجزها ، ودفعتها لنفعها ، وقرعتها لرفعها . فشكر الله لك هذه الألفاظ التي تشهد عذوبة مطبوعها بكرم ينبوعها ، وتدل مَعانيها على فضل مُعانيها .
والذهن قام معظماً لقدومها
وتعانقا فأملها تقبيلا
والعين نادت أسكنوها أسودي
فعسى يكون لحبر تلك خليلا

أكرمكَ الله أبا عبد الله ، وجزاكَ خيراً لحسن منطقك ، ووفورِ أدبك ، وصبرك على وعدتُك به .
وما تغني العُذُوبةُ يومَ حشرٍ ** إذا جاءَ الكتابُ بما يَشِينُ ؟!
عفوك ربِّي .
وخذ هذه :


9 -
قال عليُّ بن نصرٍ: رأيتُ الخليلَ بنَ أحمدَ في المنامِ فقلتُ لهُ: ما فعلَ ربُّك بِكَ؟
قالَ: غَفَرَ لي.
قلتُ: بم نجوتَ؟
قالَ: بـ(لا حولَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ العَليِّ العظيمِ).
قلتُ: كيف وجدتَ علمكَ؟ -أعني العَرُوضَ والأدبَ والشِّعر-.
قال: وجدتُه هباءً منثُورَاً ! .
وقالَ هلالُ بنُ العلاءِ:
سَيبلى لسانٌ كانَ يُعْربُ لفظَه=فيا ليتَه في وقْفَةِ العَرْض يَسلمُ
وما يَنفعُ الإِعرابُ إِن لم يكنْ تُقَى=وما ضرَّ ذا التقوَى لسانٌ معجمُ

من بستان العارفين للنووي
 
10 -
قال محمد بن واسع –رحمه الله-:
(لو كان للذنوب ريحٌ ؛ ما جلسَ إليَّ أحدٌ) !
سير أعلام النبلاء (11/148)

إيهٍ يا ابنَ واسع!
بلغتَ من مقاماتِ الإيمانَ ما بلغتَ ، وأدركتَ من الفضائلِ ما خُلِّدَ به ذكرك ، ثم تقول ما وَصَلَنا ؟!
وأنتَ الذي سمَّاك الحَسَنُ (زَيْن القُرَّاء)
إذن ، فما ذا يقول ذو الغَدَرَاتِ تلو الغَدَرَات ، والفَجَرَاتِ يعقبها الفَجَرَات ؟!
ما أحلمك ربِّي بمن عصاك !

 
عودة
أعلى