الأستاذ محمد القادري رعاك الله وسلمك إليك بعض بحث كتبته في الآية الكريمة أتمنى أن تقرأه وإن كان طويلا وفقني الله وإياك والأخوة الفضلاء لكل خير
ﭧ ﭨ ﭽ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﭼ(
[1]).
المبحث الأول
بيان معنى الآية الكريمة :
قال الرازي رحمه الله : ( هذه الآية من المهمات التي يجب الاعتناء بالبحث عنها)(
[2]).
ولا شك أن بيان معناها مهم فهي تذكر ما جرى بين يوسف الصديق عليه السلام وبين امرأة العزيز ، وأن كل منهما هم بالآخر، لكن الله سبحانه وتعالى أقام برهانا حفظ بسببه نبيه من فعل القبيح ، هذا هو ظاهر الآية الكريمة ،وفي هذا الظاهر شبهة لمن يطعن في عصمة الأنبياء ، إذ كيف يهم نبي الله المعصوم بالفعلة الشنيعة؟
وإذا عرفنا معنى الهم وما المراد بهم كل واحد منهما زال ذلك الإشكال فأقول وبالله التوفيق:
الهم في اللغة :مصدر هممت. قال الطبري رحمه الله: ( معنى الهم بالشيء في كلام العرب : حديث المرء نفسه بمواقعته ما لم يواقع )(
[3]) ، وكذا قال ابن الجوزي رحمه الله(
[4]).
وفي النكت والعيون : ( أصل الهم حديث النفس حتى يظهر فيصير فعلاً، ومنه قول جميل(
[5])
هممت بهم من بثينة لو بدا
شفيت غليلات الهوى من فؤاديا)(
[6]).
وفي المفردات : الهم: ما هممت به في نفسك(
[7]).
وقال البغوي رحمه الله: الهم :هو المقاربة من الفعل من غير دخول فيه(
[8]).
وفي الكشاف : هم بالأمر إذا قصده وعزم عليه، ومنه قولك:لا أفعل ذلك ولا كيدا ولا هما ، أي: ولا أكاد أن أفعله كيدا ولا أهم بفعله هما(
[9]).
قال صاحب اللسان : تقول أهمني هذا الأمر، والهمة: ما هم به من أمر ليفعله(
[10]).
فالهم بالشيء : قصده والعزم عليه ، ومنه الهمام : وهو الذي إذا هم بالشيء أمضاه (
[11]).
قال الفيروزبادي رحمه الله :( الهمة : فعلة من الهم، وهو مبدأ الإرادة ،ولكن حصولها بنهاية الإرادة. والهم مبدؤها ، والهمة نهايتها(
[12]).
وفي فتح القدير ( هم بالأمر: إذا قصده وعزم عليه)(
[13]).
وأشار الآلوسي رحمه الله إلى أن الهم قد يستعمل بمعنى القصد والإرادة مطلقا ، أو بمعنى القصد الجازم والعقد الثابت(
[14]).
وذكر القاسمي رحمه الله : أن الهم يكون بمعنى القصد والإرادة ، ويكون فوق الإرادة ودون العزم إذا أريد به اجتماع النفس على الأمر والإزماع عليه، ويكون بمعنى العزم وهو القصد إلى إمضائه فهو أول العزيمة(
[15]).
مما سبق يتضح أن الهم نوعان ، وهذا ما نص عليه شيخ الإسلام رحمه الله حيث قال: (الهم: اسم جنس تحته نوعان ... هم خطرات، وهم إصرار)(
[16]).
هذا معنى الهم ، أما المراد به في الآية الكريمة فهو ما سنعرفه في المبحثين التاليين .
المبحث الثاني
المراد بقوله ﭽ ﭬ ﭭ ﭮﭼ
المراد بالهم هنا هم امرأة العزيز بمواقعة الفاحشة مع يوسف عليه السلام ، وهذا أمر واضح بدلالة النصوص ، وانتفاء المعارض الصارف للمعنى الظاهر.وشهد لذلك أدلة كثيرة منها:
قوله تعالى ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭼ(
[17]).
ففي هذه الآية الكريمة بيان أن سيدة البيت طلبت من أجيرها الطاهر يوسف أن يواقع الفاحشة معها ، وغلقت الأبواب لتستتر عن أعين البشر، فراودته وطلبت منه ما يكون من الرجال مع النساء ، وقالت له: هيت لك ، تعال وأقبل فقد تهيأت لك، فامتنع عما دعي إليه مستعيذا بالله راغبا في حسن المثوى والفوز بما عنده. وفي قوله ﭽ ﭨ ﭩ ﭪ ﭼما يدل على أن ما تدعوه إليه ظلم(
[18]).
ومن ذلك قوله تعالى ﭽ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﭼ(
[19]).
هذه الآية جاءت بعد آية ﭽ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭼ وفيها بيان أن يوسف عليه السلام فر هاربا فذهب يسابق سيدته نحو الباب، هو هارب منها وهي طالبة له ، هو هارب لطلب الطهارة والنزاهة، وهاربة هي لطلب الدنس والفحش ، هرب منها فأمسكت به من الخلف حتى انقد قميصه، وحضر السيد قرب الباب وشاهد الموقف ، فتغيرت بمشاهدته الأمور فانقلب العفيف متهما،والمراود حاكما، والسيد مصغيا ومنفذا(
[20]).
هكذا تبين هذه الآية فلقد كانت تلك السيدة راغبة وحريصة على بقائه معها لعلها تحصل على مرادها ، فلما رأت زوجها عند الباب ، وخافت الفضيحة عكست القضية ، وادعت مراودة يوسف لها.
ويدل على ذلك قوله تعالى ﭽ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﭼ(
[21]).
ففي تمزق قميص نبي الله يوسف عليه السلام من الدبر ما يدل على أن امرأة العزيز عازمة على الإمساك به وعدم تمكينه من الهروب ، لعلها تحصل منه على تحقيق ما همت به (
[22]).
ويدل عليه أيضا قوله تعالى عنها ﭽ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﭼ(
[23]).
في هذه الآية الكريمة تصريح من امراة العزيز عما همت به.
فقد وضحت بجلاء ، وصدعت بالحقيقة أمام الملأ،بعد أن هيأت من الأدلة ما يبرر فعلتها.
وهاهي توبخ اللائمات لها من النساء كيف يلمنها على ما حصل منها، كيف يلمنها على مراودتها لهذا الشاب الحسن الجميل ،كيف يلمنها ولا يلمن أنفسهن، لقد وجدت لها عذرا عند الناس فصدعت بقول الحق ، وبينت براءة يوسف ، واعترفت بعملها ومراودتها، وبينت نزاهة يوسف ، وطهارته ، وبعده عن مواطن الريب. شهدت على نفسها وكفى بها شهادة ﭽ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭼ(
[24]).
ومن الأدلة قوله تعالى ﭽ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﭼ(
[25]).
هذا اعتراف جماعي ببراءة يوسف عليه السلام وبعده عن مواقعة السوء، اعتراف من النسوة أولاً ، ثم من صاحبة الشأن ثانيا، لقد اعترفت تلك السيدة بفعلتها هنا بكل وضوح وصراحة كما اعترفت فيما سبق بذلك ،لقد اعترفت بفعلتها وأثبتت نزاهة يوسف عليه السلام وبراءته(
[26]).
ففي هذه الآيات دلالة واضحة على أن امرأة العزيز همت بفعل الفاحشة مع يوسف عليه السلام ، وحرصت على الظفر بمرادها وهيأت الأسباب، ولم يمنعها من ذلك إلا حفظ الله لنبيه يوسف عليه السلام وتمنعه وهروبه.
قال الطاهر بن عاشور رحمه الله : تأكيد همها بقد ولا القسم يفيد أنها عزمت عزما محققا(
[27]).
ومما يدل أيضا على أن هم امرأة العزيز كان هم عزم وإرادة أنه لا يوجد ما يصرف الهم الصادر منها لغير ذلك ، فيوسف عليه السلام أعطي من الحسن ما يبهر العقول،وكان شابا عزبا أسيرا في بلاد العدو، حيث لم يكن هناك أقارب ، أو أصدقاء فيستحي منهم إذا فعل الفاحشة، فإن كثيرا من الناس يمنعه من مواقعة القبائح حياؤه ممن يعرف،فإذا تغرب فعل ما يشتهيه، وكان أيضا خاليا لا يخاف مخلوقا ،وأجيرا عند المرأة، وهي امرأة منعمة لها سلطة ومكانة وليس لها دين يمنعها من ذلك، وزوجها في يدها قليل الغيرة، فما الذي يمنعها من تحقيق رغبتها و ولوعها بيوسف(
[28]).
وذكر أهل التفسير رحمهم الله أن همها هم قصد واعتقاد.
ففي تأويل مشكل القرآن : أنها همت منه بالمعصية هم نية واعتقاد(
[29]).
وذكر ابن الجوزي رحمه الله : أنها دعته إلى نفسها فترقت همتها إلى العزيمة فصارت مصرة على الزنا(
[30]).
وقال القرطبي رحمه الله : لا خلاف أن همها كان المعصية(
[31]).
وذكر البغوي(
[32])، وأبو السعود(
[33]) ، والنسفي (
[34]) والشنقيطي(
[35]) رحمهم الله أن همها هم عزم .
مما سبق يتضح أن هم امرأة العزيز هو الهم بفعل الفاحشة.
المبحث الثالث
بيان المراد بقوله ﭽ ﭰ ﭱ ﭼ
عرفنا فيما سبق هم امرأة العزيز وأنه هم قصد وإرادة لفعل الفاحشة، وليس المهم ذلك ، ولكن المهم معرفة الهم الذي صدر من نبي الله يوسف عليه السلام وهو النبي المعصوم فهل همه كهمها أم لا؟
هذا ما سأحاول توضيحه بإذن الله فقد نثر الكلام فيه نثرا فحرصت على جمعه ، وترتيبه، وتلمس الأدلة من سياق العبارات وتحديد الأقوال قدر المستطاع .وأهم ما قيل في هم يوسف عليه السلام ما يلي :
القول الأول: أن الهم الذي حصل من يوسف عليه السلام هو الهم بضربها أو أن ينالها بمكروه.
ومن أدلة ذلك قوله تعالى ﭽ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭼفالله قد صرف عن نبيه السوء والفحشاء، وعطف الفحشاء على السوء دليل على تغايرهما ، ولنفي التكرار ، ومن المعلوم أن المراد بالفاحشة الفعلة القبيحة ، فالسوء هو الإساءة إليها ليبعدها عما أرادت منه ، وقد صرفه الله عنه لأنه لو ضربها لجر التهمة إلى نفسه ، ولصدق الناس كل إدعاء قد تقوله.
قال ابن الجوزي رحمه الله : ( هم أن يضربها ويدفعها عن نفسه فكان البرهان الذي رآه من ربه أن الله أوقع في نفسه إن ضربها كان ضربه إياها حجة عليه، لأنها تقول : راودني فمنعته فضربني)(
[36]) .وكذا قال القرطبي(
[37])وابن كثير(
[38]) أيضا.
وقد رد العلماء رحمهم الله هذا القول ولم يرتضوه ، فالطبري رحمه الله عند تفسيره للآية قال: ( وأما آخرون ممن خالف أقوال السلف، وتأولوا القرآن بآرائهم، فإنهم قالوا في ذلك أقوالا مختلفة، فقال بعضهم: معناه : ولقد همت المرأة بيوسف ، وهم بها يوسف أن يضربها ،أو ينالها بمكروه لهمها به مما أرادته من المكروه لولا أن يوسف رأى برهان ربه ، وكفه ذلك عما هم به من أذاها)(
[39]).
وفي التسهيل قال ابن جزي رحمه الله : من جعل همها به من حيث مرادها ، وهمه بها ليدفعها ، بعيد لاختلاف سياق الكلام(
[40]).
وقال الشنقيطي رحمه الله : تأويل الهم بأنه هم بضربها، أو هم بدفعها عن نفسه كل ذلك غير ظاهر ، بل بعيد من الظاهر ولا دليل عليه(
[41]).
القول الثاني : أن همه عليه السلام هم بالعفة(
[42]).
وهذا مردود بأمرين
الأول : يفهم من هذا القول أن يوسف عليه السلام لم يكن عفيفا ، وأنه هم بالعفة وهذا باطل .
الثاني : لم أجد من ذكر هذا القول إلا الماوردي رحمه الله ،ولم يذكر دليلا عليه ، ولم يشر إليه أحد من المصنفين في التفسير غيره على حسب ما رأيت ، وكفى بإهمال العلماء له دليلا على بطلانه.
القول الثالث : أنه هم بالمرأة أن يتزوجها(
[43]).
وهذا القول نسبه ابن الجوزي رحمه الله لابن عباس رضي الله عنهما(
[44]).
وقد بين البغوي رحمه الله ضعفه فقال: ( وقيل:همت بيوسف أن يفترشها، وهم بها يوسف أي: تمنى أن تكون له زوجة، وهذا التأويل وأمثاله غير مرضية لمخالفتها أقاويل القدماء من العلماء الذين أخذ عنهم الدين والعلم)(
[45]).
ويضاف لقول البغوي رحمه الله أن يقال : كيف يهم يوسف بالزواج من امرأة معصومة بزوج يعلم أنها لا تحل له.
ويمكن أن يقال أيضا: الهم بالزواج ليس بإثم والتصريح به لا شيء فيه، والله قد بين أنه صرف عنه السوء والفحشاء ، والهم بالزواج لا يدخل في السوء ولا في الفحشاء.
القول الرابع : أنه هم بالفرار منها.
وهذا قول ضعيف كما ذكر ذلك ابن الجوزي رحمه الله حيث قال:( وهو قول مرذول ، أفتراه أراد الفرار منها فلما رأى البرهان أقام عندها)(
[46]).
ثم هو عليه السلام لم يهم بالفرار بل فر حقيقة ، وكذلك الهم بالفرار من المعاصي مما يمدح عليه، والآية تشير إلى أن يوسف عليه السلام هم بأمر لا يمدح عليه ، وأن الله أراه البرهان الذي بسببه عصم عن ذلك الهم ، وأن الذي عصم عنه سوء وفحشاء ، وليس الفرار من المعاصي حقيقة داخلا في السوء والفحشاء فكيف يدخل الهم بالفرار في ذلك.
القول الخامس : أنه عليه السلام قارب الهم ولم يهم .
ومثلوا لذلك بقول العرب: قتلته لو لم أخف الله، أي: قاربت أن أقتله(
[47]).
وهذا القول مردود فالآية صرحت بصدور الهم من يوسف ، وصرف اللفظ عن الظاهر يحتاج لدليل ولا دليل. ولذا لما أورد الشنقيطي رحمه الله هذا القول ذكر أنه غير ظاهر بل هو بعيد من الظاهر ولا دليل عليه(
[48]).
القول السادس : همه عليه السلام كهمها وهو الهم بالمعصية(
[49]).
ومن أدلة هذا القول ما يلي:
1 - قوله تعالى ﭽ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭼقالوا : الله قد ذكر أن الهم صدر من امرأة العزيز ومن نبيه يوسف عليه السلام ، وقد قامت القرائن ، والأدلة على أن هم امرأة العزيز كان الفاحشة ، وهم يوسف مشاكل له فهو مثله ومن جنسه.
قال ابن الجوزي رحمه الله : (لا يجوز في اللغة هممت بفلان ، وهم بي وأنت تريد اختلاف الهمين)(
[50]).
2 - أن هذا القول قال به طائفة من السلف.
وقد ساق ابن جرير رحمه الله(
[51]) روايات كثيرة عن السلف في بيان هم يوسف عليه السلام. وهي روايات غريبة ،ولولا أن المجال مجال بحث نحرص على جمع أطراف الموضوع لكي تتجلى الحقيقة، ولنا من العلماء الكبار والفضلاء الأخيار سلف حيث ذكروها، لولا ذلك لأعرضت عنها جملة وتفصيلا، ولكن سأذكر بعضا منها على استحياء وأعرض عن روايات كثيرة تؤدي نفس المعنى إلا أن فيها من العبارات ، والتفاصيل ما يؤذي الأذن، ويكدر الفؤاد ، خاصة وأنها تتعلق بنبي من أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام . فحسبنا الله ونعم الوكيل .ومن تلك الروايات ما يلي:
أن ابن عباس رضي الله عنهما سئل عن هم يوسف ما بلغ؟ قال :استلقت له وجلس بين رجليها وحل ثيابه أو ثيابها(
[52]) .
وعن مجاهد رحمه الله(
[53]) قال: حل السراويل حتى التبان ، واستلقت له(
[54]).
وقال ابن الجوزي رحمه الله : كان همه من جنس همها فلولا أن الله تعالى عصمه لفعل ،وإلى هذا المعنى ذهب الحسن (
[55]) وسعيد بن جبير(
[56]) والضحاك(
[57]) رحمهم الله. وهو قول عامة المفسرين المتقدمين ، واختاره من المتاخرين جماعة منهم ابن جرير رحمه الله(
[58]) ، واحتج من نصر هذا القول بأنه مذهب الأكثرين من السلف والعلماء الأكابر(
[59]).
وذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله: أن أقوال الناس ، وعباراتهم في هذا المقام مختلفة ، وأحال على ما ذكره الطبري من روايات عن السلف(
[60]).
وقال الزجاج رحمه الله : (والذي عليه المفسرون أنه هم بها ، وأنه جلس منها مجلس الرجل من المرأة إلا أن الله تفضل بأن أراه البرهان)(
[61]).
وقريبا من ذلك قال النحاس رحمه الله في إعراب القرآن(
[62]).
وفي فتح القدير قال الشوكاني رحمه الله: (والمعنى أنه هم بمخالطتها كما همت بمخالطته ، ومال كل واحد منهما إلى الآخر بمقتضى الطبيعة البشرية ، والجبلة الخلقية)(
[63]).
وممن ذكر هذا القول الواحدي رحمه الله فقد قال :(طمعت فيه وطمع فيها)(
[64]).
وقال البغوي رحمه الله : ( قال أبو عبيد القاسم بن سلام(
[65]): قد أنكر قوم هذا القول وقالوا: هذا لا يليق بحال الأنبياء، ، والقول ما قال متقدموا هذه الأمة، وهم كانوا أعلم بالله أن يقولوا في الأنبياء من غير علم)(
[66]).
وقال القرطبي رحمه الله : ( وقال أبو عبيد القاسم بن سلام وابن عباس ومن دونه لا يختلفون في أنه هم بها ، وهم أعلم بالله وبتأويل كتابه ، وأشد تعظيما للأنبياء من أن يتكلموا فيهم بغير علم)(
[67]).
3 -قوله تعالى:ﭽ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭼ(
[68])
في هذه الآية دليل أن النفس أمارة بالسوء ، وأن نفس يوسف غير برئة من الأمر بالسوء ، وما دام الأمر كذلك فغير بعيد أن يكون ما صدر منه من هم هو من السوء فيحمل على الهم بالفاحشة إذا الحديث عما جرى بينه وبينها يدور حول هذا.
وقد وردعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:
لما قال ﭽ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﭼ(
[69]) قال له جبريل : ولا حين هممت بها يا يوسف؟ فقال عند ذلك: ﭽ ﭒ ﭓ ﭔ ﭼ(
[70]).
4 - في أثبات ذلك في حق يوسف عليه السلام مثلا للمذنبين حتى لا يقنطوا من التوبة وعفو الله ، وليجدوا ، ويجتهدوا في العبادة كلما تذكروا ذلك.
روى عن الحسن رحمه الله أنه قال : إن الله عز وجل لم يذكر معاصي الأنبياء ليعيرهم بها ، ولكنه ذكر لكيلا تيئسوا من التوبة(
[71]).
وذكر ابن جرير رحمه الله : أن من ابتلي من الأنبياء بخطيئة فإنما ابتلاه الله بها ليكون على وجل من الله إذا ذكرها فيجد في طاعته إشفاقا منها ، ولا يتكل على سعة عفو الله ورحمته(
[72]).
وفي المحرر الوجيز : ( الحكمة في ذلك أن يكون مثلا للمذنبين ليروا أن توبتهم ترجع إلى عفو الله تعالى كما رجعت ممن هو خير منهم ، ولم يوبقه القرب من الذنب)(
[73]).
وذكر القرطبي رحمه الله : أن لزلة الأنبياء حكما منها : زيادة الوجل، وشدة الحياء بالخجل، والتخلي عن عجب العمل، والتلذذ بنعمة العفو بعد الأمل، وكونهم أئمة رجاء أهل الزلل(
[74]).
هذه هي الأدلة التي استدل بها أصحاب هذا القول وكل دليل منها لا يسلم من نقد.
فاستدلالهم بأن الهم ورد في الآية، وهو مقابل بهم امرأة العزيز فيكون من جنسه ونوعه لا يسلم لهم ، لأننا قد عرفنا أن الهم قسمان : هم قصد وعزم ، وهم خطرات ، واختيار أحد النوعين وجعله مرادا في الآية يحتاج لدليل، وقد قامت الأدلة على أن هم المرأة هو القصد والعزم ، وجعل هم يوسف من هذا النوع قادح في عصمة الأنبياء ولذا وقع الخلاف في الآية ، ولولا هذا المعارض القوي لما أطال الناس الكلام عليها و لسووا بين الهمين وانتهى الأمر ، هذا جانب.
وجانب آخر: في الرد على قولهم هذا أن يقال : بناء على قولكم يمكن أن يجعل هم المرأة تبعا لهم يوسف ،وينزل همه على القسم الثاني من الهم - وهو هم الخطرات - حتى لا يطعن بالأنبياء فتكون بذلك لم تقع فيما تلام عليه ، وأنتم وغيركم لا تقولون إلا أن هم المرأة : هو العزم ، والأدلة قد قامت على ذلك وبهذا ينخرم هذا الدليل.
وأما ما ورد عن السلف رحمهم الله فإن لكلامهم مهابة في النفس ، والتعامل معه يحتاج إلى روية، فهم أزكى قلوبا ،وأعمق فهما ،وأشد غيرة على مقام الأنبياء عليهم السلام، ولذا سأكتفي بإيراد ما قيل حول تلك الروايات المنقولة عنهم عليهم رحمة الله .
قال ابن الجوزي رحمه الله : (ولا يصح ما يروى عن المفسرين أنه حل السراويل وقعد منها مقعد الرجل ،فإنه لو كان هذا دل على العزم ،والأنبياء معصومون من العزم على الزنا)(
[75]).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ما ينقل من أنه حل سراويله ،وجلس مجلس الرجل من المرأة ،وأنه رأى صورة يعقوب عاضا على يده ،وأمثال ذلك فكله مما لم يخبر الله به ولا رسوله، وما لم يكن كذلك فإنما هو مأخوذ عن اليهود الذين هم من أعظم الناس كذبا على الأنبياء ،وقدحا فيهم ،وكل من نقله من المسلمين فعنهم نقله، لم ينقل من ذلك أحد عن نبينا صلى الله عليه وسلم حرفا واحدا)(
[76]).
وقال أيضا: ( وقد اتفق الناس على أنه لم تقع منه الفاحشة،ولكن بعض الناس يذكر أنه وقع منه بعض مقدماتها ،مثل ما يذكرون أنه حل السراويل، وقعد منها مقعد الخاتن ونحو هذا، وما ينقلونه في ذلك ليس هو عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا مستند لهم فيه إلا النقل عن بعض أهل الكتاب، وقد عرف كلام اليهود في الأنبياء وغضهم منهم، كما قالوا في سليمان [ عليه السلام] ما قالوا، وفي داود [ عليه السلام] ما قالوا، فلو لم يكن معنا ما يرد نقلهم لم نصدقهم فيما لم نعلم صدقهم فيه ، فكيف نصدقهم فيما قد دل القرآن على خلافه)(
[77]).
وقال ابن جزي رحمه الله : (من جعل هم المرأة وهم يوسف من حيث الفعل الذي أرادته ذكروا في ذلك روايات من جلوسه بين رجليها ، وحله التكة ، وغير ذلك مما لا ينبغي أن يقال به لضعف نقله ، ولنزاهة الأنبياء عن مثله)(
[78]).
وقال الآلوسي رحمه الله : وأما أقوال السلف فالذي نعتقده أنه لم يصح منها شيء عنهم ، لأنها أقوال متكاذبة يناقض بعضها بعضا مع كونها قادحة في بعض فساق المسلمين فكيف بالمقطوع لهم بالعصمة(
[79]).
وأورد الشنقيطي رحمه الله كثيرا من الروايات المنقولة عن السلف ثم بين أنها منقسمة إلى قسمين : قسم لم يثبت نقله عمن نقل عنه بسند صحيح - وهذا لا إشكال في سقوطه - ، وقسم ثبت عن بعض من ذكر عنه، ومن ثبت عنه منهم شيء من ذلك فالظاهر الغالب على الظن المزاحم لليقين أنه إنما تلقاه عن الإسرائيليات لأنه لا مجال للرأي فيه ،ولم يرفع منه قليل ولا كثير إلى النبي صلى الله عليه وسلم . وبهذا تعلم أنه لا ينبغي التجرؤ على القول في نبي الله يوسف عليه السلام بأنه جلس بين رجلي كافرة أجنبية يريد أن يزني بها، اعتمادا على مثل هذه الروايات(
[80]).
وأما استدلالهم بقوله ﭽ ﭒ ﭓ ﭔ ﭼ فهذا مردود أيضا فإن سياق الآيات يدل على أن ذلك من كلام امرأة العزيز وليس من قول يوسف،كما يدل القرآن على ذلك دلالة بينة لا يرتاب فيها من تدبر القرآن حيث قال تعالى ﭽ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﭼ(
[81])فهذا كله كلام امرأة العزيز ، ويوسف عليه السلام إذ ذاك في السجن لم يحضر لمقابلة الملك ، ولا سمع كلامه ولا رآه. ولكن لما ظهرت براءته في غيبته كما قالت امرأة العزيز:ﭽ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﭼ أي لم أخنه في حال مغيبه عني وإن كنت في حال شهوده راودته، فحينئذ قال الملك ﭽ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭼ وقد قال كثير من المفسرين: إن هذا من كلام يوسف ،ومنهم من لم يذكر إلا هذا القول ، وهو قول في غاية الفساد ، ولا دليل عليه ، بل الأدلة تدل على نقيضه . قاله شيخ الإسلام رحمه الله (
[82]).
وقال رحمه الله : (ما ذكر من قوله ﭽ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭼإنما يناسب حال امرأة العزيز لا يناسب حال يوسف ، فإضافة الذنوب إلى يوسف في هذه القضية فرية على الكتاب والرسول، وفيه تحريف للكلم عن مواضعه، وفيه الاغتياب لنبي كريم، وقول الباطل فيه بلا دليل، ونسبته إلى ما نزهه الله منه، وغير مستبعد أن يكون أصل هذا من اليهود أهل البهت، الذين كانوا يرمون موسى بما برأه الله منه ، فكيف بغيره من الأنبياء؟ وقد تلقى نقلهم من أحسن به الظن وجعل تفسير القرآن تابعا لهذا الاعتقاد)(
[83]).
وذكر رحمه الله أيضا : أن الذي ابتلى به يوسف عليه السلام كان من أعظم الأمور، وإن تقواه وصبره عن المعصية حتى - لا يفعلها مع ظلم الظالمين له، حتى لا يجيبهم - كان من أعظم الحسنات وأكبر الطاعات وإن نفس يوسف عليه الصلاة والسلام كانت من أزكى الأنفس ، فكيف أن يقول ﭽ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭼوالله سبحانه وتعالى يعلم أن نفسه بريئة ليست أمارة بالسوء ، بل نفس زكية من أعظم النفوس زكاء ، والهم الذي وقع كان زيادة في زكاء نفسه وتقواها ، وبحصوله مع تركه لتثبت له به حسنة من أعظم الحسنات التي تزكي نفسه(
[84]).
مما سبق يتبين لنا ضعف هذا القول.
القول السابع : لم يقع هم من يوسف عليه السلام.
ومن الأدلة على ذلك :
1 - أن هم يوسف عليه السلام الوارد في الآية جاء من باب المشاكلة فقط.
قال الآلوسي رحمه الله : إن التعبير عنه بالهم لمجرد وقوعه في صحبة همها في الذكر بطريق المشاكلة (
[85]).
2 – في الآية تقديم وتأخير فيكون المعنى: ﭽ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭼ ثم ينتهي الإخبار عنها ويبدأ الخبر عن يوسف بقوله: ﭽ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭼ فلولا رؤيته برهان ربه لهم بها ، ولكنه رأى البرهان فلم يهم بها. وهو كقول الله تعالىﭽ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ (
[86]).قال الزجاج رحمه الله : (والمعنى لولا أن رأى برهان ربه لأمضى ما هم به)(
[87]).
وجاء في التبيان : أن جواب لولا محذوف تقديره : لهم بها ، والوقف على ﭽ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭼ والمعنى: أنه لم يهم بها، وقيل التقدير: لولا أن رأى البرهان لواقع المعصية(
[88]).
قال صاحب اللسان:( سئل ثعلب(
[89]) عن قوله عز وجل: ﭽ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭼقال: همت زليخا بالمعصية مصرة على ذلك ، وهم يوسف عليه السلام بالمعصية ، ولم يأتها ولم يصر عليها فبين الهمتين فرق... قال أبو عبيدة: هذا على التقديم والتأخير كأنه أراد : ولقد همت به ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها)(
[90]).
وقد أشار الطبري والبغوي(
[91])وابن كثير(
[92]) رحمهم الله إلى ضعف هذا القول،وذلك أن العرب لا تقدم جواب لولا قبلها ، لا تقول : لقد قمت لولا زيد وهي تريد لولا زيد لقد قمت.
وذكر النحاس رحمه الله أن قوما قالوا في الآية على التقديم والتأخير ثم قال:وهذا القول عندي محال، ولا يجوز في اللغة ،ولا في كلام من كلام العرب، لا يقال: قام فلان إن شاء الله ، ولا قام فلان لولا فلان (
[93]).
وأورد ابن الجوزي رحمه الله هذا القول ، ثم نقل عن أهل العربية أنهم قالوا: تقديم جواب لولا عليها شاذ مستكره لا يوجد في فصيح كلام العرب (
[94]).
وقال القرطبي رحمه الله : (وأما يوسف[ عليه السلام ] فهم بها لولا أن رأى برهان ربه ، ولكن لما رأى البرهان ما هم ، وهذا لوجوب العصمة للأنبياء قال الله تعالى ﭽ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﭼفإذا في الكلام تقديم وتأخير أي : لولا أن رأى برهان ربه هم بها )(
[95]).
وأشار الآلوسي رحمه الله إلى أن ما روي لا يساعد عليه كلام العرب ، لأنه يقتضي كون الجواب محذوفا لغير دليل لأنهم لم يقدروا بناءا على ذلك الهم بها ، وكلام العرب لا يدل إلا على أن يكون المحذوف من معنى ما قبل الشرط لأنه الدليل عليه(
[96]).
وقال النسفي رحمه الله : (جواب لولا لا يتقدم عليها لأنه في حكم الشرط ، وله صدر الكلام)(
[97]).
وذهب أبو حيان رحمه الله إلى أن الهم لم يقع من يوسف عليه السلام ، ولكنه لم يجعل جواب لولا متقدما بل جعله محذوفا فقال : والذي أختاره أن يوسف عليه السلام لم يقع منه هم بها ألبتة، بل هو منفي لوجود رؤية البرهان، كما تقول: لقد قارفت لولا أن عصمك الله، ولا نقول إن جواب لولا متقدم عليها ...بل نقول إن جواب لولا محذوف لدلالة ما قبله عليه(
[98]).
واختار الشنقيطي رحمه الله هذا الوجه الذي اختاره أبو حيان وذكر أنه أجرى الأقوال على قواعد اللغة العربية (
[99]).
مما سبق يتضح أن هذا القول قد تباينت فيه أقوال أهل اللغة فبينما يجيزه البعض يرفضه آخرون .
القول الثامن : وقع هم من يوسف عليه السلام ولكنه هم خطرات لا عزم.
ومن أدلة هذا القول:
1 – قوله تعالى ﭽ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭼ
2 - قوله تعالى ﭽ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭼقال ابن الجوزي رحمه الله : واحتج على أن همته لم تكن من جهة العزيمة وإنما كانت من جهة دواعي الشهوة بقوله ﭽ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭼوقوله ﭽ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭼوكل ذلك إخبار ببراءة ساحته من العزيمة على المعصية(
[100]).
3 - أن هذا فيه إثبات للهم دون القدح بعصمة نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام ، والهم كما مر قسمان: هم العزم وهم الخطرات.وهو هنا هم خطرات ، وهذا لا يؤاخذ عليه العبد.
وذكر ابن الجوزي رحمه الله : أن يوسف عليه الصلاة والسلام عارضه ما يعارض البشر من خطرات القلب ، وحديث النفس من غير عزم ، فلم يلزمه هذا الهم ذنبا فإن الرجل الصالح قد يخطر بقلبه وهو صائم شرب الماء البارد فإذا لم يشرب لم يؤاخذ بما هجس في نفسه، وقد سئل سفيان الثوري(
[101]) أيؤاخذ العبد بالهمة ؟ فقال: إذا كانت عزما(
[102]).
قال الشنقيطي رحمه الله : المراد بهم يوسف بها خاطر قلبي صرف عنه وازع التقوى، وقال بعضهم: هو الميل الطبيعي والشهوة الغريزية المزمومة بالتقوى، وهذا لا معصية فيه لأنه أمر جبلي لا يتعلق به التكليف كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقسم بين نسائه فيعدل ثم يقول: ((اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك))(
[103]) يعني ميل القلب الطبيعي...وهم بني حارثة وبني سلمة بالفرار يوم أحد(
[104]) كهم يوسف هذا ، بدليل قوله ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭼ(
[105]) .
لأن قوله ﭽ ﭗ ﭘ ﭼ يدل على أن ذلك الهم ليس معصية لأن إتباع المعصية بولاية الله لذلك العاصي إغراء على المعصية(
[106]).
4- هذا القول يظهر رفعة نبي الله يوسف عليه السلام ، وما سبق من الأقوال تسعى لنفي قدح قد يرمى به ، وفرق كبير بين الأمرين، فنبي الله عليه السلام هم ولكن لم تتجاوز همته إلى المحظور فهو مثاب على ذلك ومأجور، يشهد لذلك الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل قال: (( إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة ، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبع مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة ، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة))(
[107]).
قال الآلوسي رحمه الله : من نظر في قوله سبحانه ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﭼرآه أفصح شاهد على براءته عليه السلام ، ومن ضم إليه قول إبليس ﭽ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﭼ(
[108])وجد إبليس مقرا بأنه لم يغوه ولم يضله عن سبيل الهدى ، كيف وهو عليه السلام من عباد الله تعالى المخلصين بشهادة الله تعالى ، وقد استثناهم من عموم لأغوينهم أجمعين(
[109]).
وذكر ابن تيمية رحمه الله (
[110]) أن يوسف صلى الله عليه وسلم هم هما تركه لله ولذلك صرف الله عنه السوء والفحشاء لإخلاصه ، فلم يصدر منه إلا حسنة يثاب عليها، وقال تعالى: ﭽ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﭼ(
[111]).
وقال رحمه الله : الهم الذي وقع منه عليه السلام فيه زيادة في زكاء نفسه وتقواها، وبحصوله مع تركه لله لتثبت له به حسنة من أعظم الحسنات التي تزكي نفسه(
[112]).
5 - هذا القول سالم من المعارضات بعكس غيره مما سبق بيانه من الأقوال ، فكل قول منها لم يسلم من اعتراض كما مر بيان ذلك.
6 - أن الله لم يعنف نبيه يوسف عليه السلام ، ولم يذكر عنه توبة وإنابة مما يدل على أن همه هم خطرات.
قال شيخ الإسلام رحمه الله : إن الله لم يذكر في كتابه عن نبي من الأنبياء ذنبا إلا ذكر توبته منه ، كما ذكر في قصة آدم ، وموسى وداود ، وغيرهم من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، ويوسف عليه الصلاة والسلام لم يذكر الله تعالى عنه في القرآن أنه فعل مع المرأة ما يتوب منه، أو يستغفر منه أصلا ، وقد اتفق الناس على أنه لم تقع منه الفاحشة ، والقرآن قد أخبر عن يوسف عليه السلام من الاستعصام ، والتقوى ، والصبر في هذه القضية ما لم يذكر عن أحد نظيره ، فلو كان يوسف عليه السلام قد أذنب لكان إما مصرا، وإما تائبا ، والإصرار من الأنبياء منتف فتعين أن يكون تائبا ، والله لم يذكر عنه توبة في هذا ، ولا استغفارا كما ذكر عن غيره من الأنبياء ، فدل ذلك على أن ما فعله يوسف عليه السلام كان من الحسنات المبرورة والمساعي المشكورة كما أخبر الله عنه بقوله تعالى ﭽ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﭼ(
[113]).
وقال عليه رحمة الله: يوسف عليه السلام لم يفعل ذنبا ذكره الله عنه ، وهو سبحانه وتعالى لا يذكر عن أحد من أنبيائه ذنبا إلا ذكر استغفاره من ذلك الذنب ولم يذكر عن يوسف عليه السلام استغفارا من هذه الكلمة ، كما لم يذكر عنه استغفارا من مقدمات الفاحشة ، فعلم أنه لم يفعل ذنبا في هذا ولا هذا ، بل هم هما تركه لله فأثيب عليه حسنة(
[114]).
وقال الرازي رحمه الله : إن الأكابر كالأنبياء متى صدرت عنهم زلة أو هفوة استعظموا ذلك واتبعوه بإظهار الندامة ، والتوبة والتخضع ، والتنصل، فلو كان يوسف عليه السلام أقدم على هذه الفاحشة المنكرة لكان من المحال أن لا يتبعها بذلك، ولو كان قد أتبعها لحكى ، وحيث لم يكن علمنا أنه ما صدر عنه في هذه الواقعة ذنب أصلا(
[115]).
7 - أن من نفى الهم عن نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام خالف النص الصريح في الآية، وما وجه به الآية لم يسلم له كما مر سالفا.ومن أثبته على غير هذا المعنى وقع في المحذور الشرعي، وقدح في عصمة النبي يوسف عليه السلام ،وعلى هذا القول يستقيم ظاهر الآية وينتفي المحذور وهذا هو المطلوب .
8 - في هذا القول تفريق بين الهمين. والإشكال الوارد على الآية نتيجته عدم التفريق بينهما ، فلما فرق بين معنييهما زال الإشكال.
قال ابن الجوزي رحمه الله : (فإن قيل فقد سوى القرآن بين الهمتين فلم فرقتم؟ فالجواب أن الاستواء وقع في بداية الهمة ثم ترقت همتها إلى العزيمة بدليل مراودتها ، واستلقائها بين يديه، ولم تتعد همته مقامها بل نزلت عن رتبتها وانحل معقودها بدليل هربه منها ، وقوله{معاذ الله} وعلى هذا تكون همته مجرد خاطر لم يخرج إلى العزم)(
[116]).
9 - أن هذا القول اختيار أكثر أهل التفسير والمحققين من العلماء.
قال البغوي رحمه الله :( قال بعض أهل الحقائق : الهم همان. هم ثابت إذا كان معه عزم وعقد و رضى ، مثل هم امرأة العزيز، والعبد مأخوذ به، وهم عارض وهو: الخطرة وحديث النفس من غير اختيار ولا عزم ، مثل هم يوسف عليه السلام، والعبد غير مأخوذ به ما لم يتكلم أو يعمل)(
[117]).
وكذا قال ابن عطية(
[118])، والقرطبي(
[119])و ابن جزي (
[120])، وابن كثير(
[121])وأبو السعود(
[122]) والنسفي(
[123]) ، والآلوسي(
[124]) ،والبيضاوي(
[125]) والشوكاني(
[126]) رحمهم الله.
وقال ابن العربي رحمه الله : إنما بين الله به حال يوسف من حين بلوغه بأنه آتاه العلم، وأتاه العمل بما علم، وخبر الله صادق،ووصفه صحيح ، وكلامه حق، فقد عمل يوسف عليه السلام بما علمه الله من تحريم الزنا ، وتحريم خيانة السيد ، أو الجار ، أو الأجنبي في أهله، فما تعرض لامرأة العزيز ، ولا أناب إلى المراودة بل أدبر عنها وفر منها حكمة خص بها ، وعملا بمقتضى ما علمه الله سبحانه ، وهذا يطمس وجوه الجهلة من الناس ، والغفلة من العلماء في نسبتهم إليه ما لا يليق ، وأقل ما اقتحموا من ذلك أنه هتك السراويل، وهم بالفتك فيما رأوه من تأويل وحاشا لله ما علمت عليه من سوء بل أبرئه مما برأه الله منه. وإنما الذي كان منه الهم وهو فعل القلب، فما لهؤلاء المفسرين لا يكادون يفقهون حديثا، ويقولون: فعل فعل والله إنما قال: هم بها(
[127]).
بهذا يتضح لنا أن هم يوسف عليه السلام هم خطرات ، وهذا لا يقدح في عصمته عليه السلام - كما مر معنا بيانه - بل يزيده رفعة وشرفا صلى الله عليه وسلم .
وهذا القول أرجح الأقوال وهو الذي يعول عليه والله أعلم.
وهو الموفق سبحانه للصواب فإن أصبت فيما رجحته فبتوفيقه وتسديده ،وإن كان الأمر على خلاف ما ذكرت فهو الكريم العفو الغفور نسأله الصفح والتجاوز وهو حسبنا ونعم الوكيل.
([1]) سورة يوسف الآية 24 .
([2]) مفاتيح الغيب 9 / 117.
([3]) جامع البيان 12 / 183.
([4]) انظر زاد المسير 4 /203 .
([5]) هو جميل بن عبد الله بن معمر القضاعي الشاعر . انظر الأعلام 2 / 134 .
([6]) النكت والعيون 3 / 24 .
([7]) انظر المفردات في غريب القرآن ص 545 .
([8]) انظر معالم التنزيل2 / 418 .
([9]) انظر الكشاف 2 / 248 .
([10]) انظر لسان العرب 12 / 620 .
([11]) انظر أنوار التنزيل 1 / 480.
([12]) بصائر ذوي التمييز 5 / 345 .
([13]) فتح القدير 3 / 19 .
([14]) انظر روح المعاني 12 / 213 .
([15]) انظر محاسن التأويل 9 / 212 .
([16]) دقائق التفسير 1 / 272.
([17]) سورة يوسف آية 23 .
([18]) انظر جامع البيان 12 / 178 ، الجامع لأحكام القرآن 9 / 162 .
([19]) سورة يوسف آية 25 .
([20]) انظر جامع البيان 12 / 192 ، الجامع لأحكام القرآن 9 / 170 .
([21]) سورة يوسف آية 28 .
([22]) انظر جامع البيان 12 / 196 ، الجامع لأحكام القرآن 9 / 175 .
([23]) سورة يوسف آية 32.
([24]) انظر جامع البيان 12 / 209 ، الجامع لأحكام القرآن 9 / 177 .
([25]) سورة يوسف أية51 .
([26]) انظر جامع البيان 12 / 236 ، الجامع لأحكام القرآن 9 / 206 .
([27]) انظر تفسير التحرير والتنوير 12 / 252 .
([28]) انظر دقائق التفسير 3 / 274 .
([29]) انظر تأويل مشكل القرآن ص 404 .
([30]) انظر زاد المسير 4 /204 .
([31]) انظر الجامع لأحكام القرآن 9 / 166 .
([32]) انظر معالم التنزيل 1 / 418 .
([33]) انظر إرشاد العقل السليم 4 / 265 ، روح المعاني 12 / 213 .
([34]) انظر تفسير النسفي 2 / 184 .
([35]) انظر أضواء البيان 2 / 59 .
([36]) زاد المسير 4 / 206 .
([37]) انظر الجامع لأحكام القرآن 9 / 166 .
([38]) انظر تفسير القرآن العظيم 2 / 474 .
([39]) جامع البيان 12 / 185.
([40]) انظر كتاب التسهيل لعلوم التنزيل2 / 117.
([41]) انظر أضواء البيان 3 / 68 .
([42]) انظر النكت والعيون 3 / 24 .
([43]) انظر زاد المسير 4 / 205،جامع البيان 9 / 166، تفسير القرآن العظيم 2 / 474 .
([44]) انظر زاد المسير 4 / 205 .
([45]) معالم التنزيل 2 / 418 .
([46]) زاد المسير 4 / 207 .
([47]) انظر الكشاف 2 / 249 ، تفسير النسفي 2 /217 .
([48]) انظر أضواء البيان 3 / 60
([49]) لقد رد هذا القول بعض المفسرين ووصفوا القائلين به بأوصاف لا تليق وفي عبارتهم قلة أدب في حق السلف. قال الرازي رحمه الله : ( نقول لهؤلاء الجهال الذين نسبوا إلى يوسف عليه السلام هذه الفضيحة : إن كانوا من أتباع الله فليقبلوا شهادة الله تعالى على طهارته ، وإن كانوا من أتباع إبليس وجنوده فليبقوا شهادة إبليس على طهارته ، ولعلهم يقولون : كنا في أول الأمر تلامذة إبليس إلى أن تخرجنا عليه فزدنا عليه في السفاهة )مفاتيح الغيب 9 / 119 ، وذكر صاحب المنار أن هذا القول قول الجمهور ،ثم انبرى يرد عليه ويبطله وأطال في ذلك معتمدا على الأدلة العقلية غالبا ، وذاكرا أن معولهم على روايات انخدعوا بها . فراجعه في تفسير المنار 12 / 280 .
([50]) زاد المسير 4 / 204 ، وهذا القول نسبه إلى ابن قتيبة .
([51]) انظر جامع البيان 12 /183 .
([52]) انظر جامع البيان 12 /183، فقد أورد الطبري الأثر بسند رجاله ثقات إلا أن قبيصة بن عقبة السوائي الراوي عن سفيان الثوري تكلم جماعة في سماعه من سفيان ، وقال فيه يحيى بن معين : ( ثقة في كل شيء إلا في حديث سفيان فليس بذاك القوي ، فإنه سمع منه وهو صغير ) وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء 10 / 131 بعد أن أورد ما قيل فيه : ( الرجل ثقة ، وما هو في سفيان كابن مهدي و وكيع ، وقد احتج به الجماعة في سفيان وغيره) . وسفيان الثوري روى بالعنعنة عن عبد الملك بن جريج ، وسفيان مع إمامته مدلس كما ذكر ابن حجر في كتابه النكت على كتاب ابن الصلاح 2 / 639 ، وكذلك عبد الملك بن جريج القرشي مدلس أيضا كما ذكر ابن حجر في المصدر السابق وقد روى بالعنعنة عن ابن أبي مليكة فلا بد من التصريح بالسماع وخاصة في أمر مهم كهذا .
([53]) هو مجاهد بن جبر المكي مولى السائب بن أبي السائب المخزومي، ويقال: مولى عبد الله بن السائب ، أكثر الرواية عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وعنه أخذ القرآن، والتفسير، والفقه، وروى عن أبي هريرة، وعائشة، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمرو ، وعبد الله بن عمر وغيرهما رضي الله عنهم وروى عنه خلق كثير ،قال يحيى بن معين، وطائفة: مجاهد ثقة، توفي رحمه الله سنة 103 هـ.
انظر ترجمته في الطبقات الكبرى 5 / 466 ، سير أعلام النبلاء 4 / 449 .
([54]) انظر جامع البيان 12 / 183 ، والرواية في سندها سفيان بن وكيع بن الجراح وقد تكلم فيه ،وتركه البعض كما في سير أعلام النبلاء 12 / 152 . وفيها أيضا الأعمش سليمان بن مهران وهو مع إمامته قد عرف بكثرة التدليس ، كما ذكر ابن حجر في النكت على كتاب ابن الصلاح 2 / 640 ولم يصرح بالسماع من مجاهد بل روى عنه بالعنعة .
([55]) هو أبو سعيد الحسن بن يسار البصري أدرك عددا من الصحابة رضي الله عنهم ، وروى عن عمران بن حصين، والمغيرة بن شعبة، وعبد الرحمن بن سمرة، وسمرة بن جندب، وأبي بكرة الثقفي، والنعمان بن بشير، وجابر، وجندب البجلي، وابن عباس، وعمرو بن تغلب، ومعقل بن يسار، والاسود ابن سريع، وأنس، وخلق من الصحابة رضي الله عنهم .كان رحمه الله عالما، رفيعا، فقيها، ثقة، حجة، مأمونا، عابدا، ناسكا، كثير العلم، فصيحا، جميلا، سيد أهل زمانه علما وعملا،توفي سنة 110 هـ .
انظر ترجمته في : الطبقات الكبرى 7 / 156 ، سير أعلام النبلاء 4 / 563 .
([56]) هو الإمام الحافظ المقرئ المفسر الشهيد،سعيد بن جبير الأسدي الوالبي مولاهم روى عن ابن عباس فأكثر وجود، وعن عبد الله بن مغفل، وعائشة، وعدي بن حاتم، وأبي موسى الأشعري ، وأبي هريرة، وأبي مسعود البدري ، وعن ابن عمر، وابن الزبير، والضحاك بن قيس، وأنس، وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم ، وكان رحمه الله من كبار العلماء، ثقة ثبتا فقيها ، قتله الحجاج سنة 95 هـ .
انظر ترجمته في : شذرات الذهب 1 / 108 ، تقريب التهذيب 1 / 292 .
([57]) هو الضحاك بن مزاحم الهلالي ، كان من أوعية العلم ، له باع في التفسير والقصص ، حدث عن أبي سعيد الخدري، وابن عمر، وأنس بن مالك رضي الله عنهم ، وليس بالمجود لحديثه، وهو صدوق في نفسه ، توفي سنة 102 هـ وقيل بعدها .
انظر ترجمته في : الطبقات الكبرى 6 / 300 ، سير أعلام النبلاء 4 / 598 .
([58]) لم ينص ابن جرير على اختيار هذا القول ومن عادته غالبا أن ينص على ما يراه الأولى أو ما يختاره ، وقد عرض لعدد من الأقوال ولم يرجح كما ذكره ابن الجوزي وعبارة الطبري في تفسيره 12 / 191 ( وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله جل ثناؤه أخبر عن هم يوسف وامرأة العزيز كل واحد منهما بصاحبه لولا أن رأى يوسف برهان ربه ، وذلك آية من آيات الله زجرته عن ركوب ما هم به يوسف من الفاحشة ، وجائز أن تكون تلك الآية صورة يعقوب وجائز أن تكون صورة الملك ...) فالطبري هنا يتحدث عن البرهان وليس عن الهم . وقد يفهم من قوله : زجرته عن ركوب ما هم به يوسف من الفاحشة أنه يختار ذلك ولكنه لم ينص عليه والله أعلم .
([59]) انظر زاد المسير 4 / 204 .
([60]) انظر تفسير القرآن العظيم 2 / 474 .
([61]) معاني القرآن وإعرابه 3 / 101.
([62]) إعراب القرآن 2 / 323 .
([63]) فتح القدير 3 / 19 .
([64]) الوجيز في تفسير الكتاب العزيز 1 / 402 .
([65]) هو الإمام الحافظ المجتهد ذو الفنون أبو عبيد القاسم بن سلام ، كان فاضلا ثقة ورعا مأمونا صاحب سنة ، صنف كتبا في أنواع العلوم ، وكان يقسم الليل أثلاثا فيصلي ثلثه، وينام ثلثه، ويصنف الكتب ثلثه توفى بمكة سنة 223 هـ .
انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 4 / 60 ، سير أعلام النبلاء 10 / 490 .
([66]) معالم التنزيل 2 /418 .
([67]) انظر الجامع لأحكام القرآن 9 / 167 ، روح المعاني 12 / 214 ، مفاتح الغيب 9 / 117 .
([68]) سورة يوسف الآية 53.
([69]) سورة يوسف الآية 52.
([70]) انظر جامع البيان 13 /1 ، معالم التنزيل 2 / 419 ، الجامع لأحكام القرآن 9 /166، وهذه الرواية ساق الطبري لها أسانيد كثيرة وفيها سماك بن حرب الذهلي تكلموا فيه ، وروايته عن عكرمة مضطربة وفي غير عكرمة صالح قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 5 / 238 : ( تجنب البخاري إخراج حديثه ، وقد علق له البخاري استشهادا به ، فسماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس نسخة عدة أحاديث ، فلا هي على شرط مسلم لإعراضه عن عكرمة ، ولا هي على شرط البخاري لإعراضه عن سماك ،ولا ينبغي أن تعد صحيحة لأن سماك إنما تكلم فيه من أجلها).
([71]) المصدر السابق 9 / 167 .
([72]) انظر جامع البيان 12 / 185 .
([73]) المحرر الوجيز 9 / 278 .
([74]) الجامع لأحكام القرآن 9 / 167.
([75]) زاد المسير 4 / 205 .
([76]) دقائق التفسير3 / 272 .
([77]) المصدر السابق 3 / 280.
([78]) كتاب التسهيل لعلوم التنزيل 2 / 117 .
([79]) انظر روح المعاني 12 / 217 .
([80]) انظر أضواء البيان 3 / 68 .
([81]) سورة يوسف الآيات (50 - 53 ) .
([82]) انظر دقائق التفسير 3 / 273 .
([83]) مجموع الفتاوى 15 / 149.
([84]) انظر المصدر السابق 15 / 139.
([85]) انظر روح المعاني 12 / 213 .
([86]) انظر جامع البيان 12 / 185 ، معالم التنزيل 2 / 418 .
([87]) معاني القرآن وإعرابه 3 / 101.
([88]) انظر التبيان في إعراب القرآن 2 / 51 .
([89]) هو العلامة المحدث إمام النحو أبو العباس أحمد بن يحيى بن يزيد الشيباني مولاهم ثقة حجة، دين صالح، مشهور بالحفظ توفي سنة 291 هـ .
انظر ترجمته في :معجم الأدباء 5 / 102 ، سير أعلام النبلاء 14 / 5.
([90]) لسان العرب12 / 620 .
([91]) انظر جامع البيان 12 / 185 ، معالم التنزيل 2 / 418 .
([92]) انظر تفسير القرآن العظيم 2 / 474.
([93]) انظر إعراب القرآن 2 / 323 .
([94]) انظر زاد المسير 4 / 206 .
([95]) الجامع لأحكام القرآن 9 / 166.
([96]) روح المعاني 12 / 214 .
([97]) تفسير النسفي 2 / 217.
([98]) انظر البحر المحيط 5 / 295 .
([99]) انظر أضواء البيان 3 / 60 .
([100]) انظر زاد المسير 4 / 205 .
([101]) هو شيخ الإسلام، إمام الحفاظ، سيد العلماء العاملين في زمانه، أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الإمام روى عن ست مئة شيخ، وروى عنه خلق كثير ، كان رأسا في الزهد، والتأله، رأسا في الحفظ، رأسا في معرفة الآثار، رأسا في الفقه، لا يخاف في الله لومة لائم، توفي سنة 261 هـ .
انظر ترجمته في : وفيات الأعيان 2 / 286 ، سير أعلام البلاء7 / 237 .
([102]) انظر زاد المسير4 /204 .
([103]) رواه أبو داود في سننه 2 / 601 كتاب النكاح ، باب في القسم بين النساء حديث رقم 2134 ، والنسائي في سننه 5 / 281 كتاب عشرة النساء ، باب ميل الرجل إلى بعض نسائه دون بعض حديث رقم 8891 ، وابن ماجة في سننه 1 / 634 كتاب النكاح ، باب القسمة بين النساء حديث 1971.
([104]) ورد في البخاري عن جابر رضي الله عنه قال نزلت هذه الآية فينا {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا} بني سلمة وبني حارثة وما أحب أنها لم تنزل والله يقول {والله وليهما}. انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري 7 / 357 كتاب المغازي . باب {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون}حديث 4051.
([105]) سورة آل عمران آية 122 .
([106]) انظر أضواء البيان 3 / 58 .
([107]) رواه البخاري انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري 11 / 323 كتاب الرقاق، باب من هم بحسنة أو بسيئة حديث 6491 .
([108]) سورة ص آية 82 - 83 .
([109]) انظر روح المعاني 12 / 215 .
([110]) انظر دقائق التفسير3 / 272.
([111]) سورة الأنعام آية 201 .
([112]) انظر دقائق التفسير 3 / 275 وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن ما حدث من يوسف عليه السلام فيه زكاء لنفسة ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر من السبعة الذين يظلهم الله في ظله رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله ، ويوسف لم تدعه فقط بل راودته وهيأت الأسباب وقد ذكر أنها كانت جميلة ، ولا شكأنها كانت ذات منصب ،ومع ذلك تمنع فله بذلك حسنات ولا نقص عليه. انظر دقائق التفسير 3 / 378 .
([113]) انظر مجموع الفتاوى 15 / 147، والآية رقم 90 من سورة يوسف .
([114]) انظر المصدر السابق 15 / 117.
([115]) انظر مفاتيح الغيب 9 / 119.
([116]) انظر زاد المسير 4 / 205 .
([117]) معالم التنزيل 2 / 419.
([118]) انظر المحرر الوجيز 9 / 278.
([119]) انظر الجامع لأحكام القرآن 9 / 167.
([120]) انظر كتاب التسهيل لعلوم التنزيل 2 / 117 .
([121]) انظر تفسير القرآن العظيم 2 / 474.
([122]) انظر إرشاد العقل السليم 4 / 266.
([123]) انظر تفسير النسفي 2 / 217.
([124])انظر روح المعاني 12 / 213 .
([125]) انظر أنوار التنزيل 1 / 480 .
([126]) انظر فتح القدير 3 / 19.
([127]) انظر أحكام القرآن 3 / 1082.