تنبيه مهم :

إنضم
11/01/2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
10
النقاط
38
العمر
67
الإقامة
الدوحة - قطر
ذكر بعض من كتب في علوم القرآن ، كالزرقاني في ( مناهل العرفان )، والقطان في ( مباحث في علوم القرآن ) نوعًا ثالثًا سماه : التفسير الإشاري[SUP] [1] [/SUP]؛ والحق أنه ليس قسمًا ثالثًا ، إنما هو تفسير بالرأي يجري عليه ما يجري على قسميه من القبول والرد ؛ وسمعت شيخنا د. محمد عبد المنعم القيعي – رحمه الله – ينكر أن يُعدَّ هذا نوعًا من أنواع التفسير ، ويقول : إنها مواجيد ، أي : معان يجدها قائلها في نفسه ، يحاول أن ينزلها على آيات القرآن .
ولذلك قال ابن القيم - رحمه الله : وتفسير الناس يدور على ثلاثة أصول : تفسير على اللفظ ، وهو الذي ينحو إليه المتأخرون ؛ وتفسير على المعنى ، وهو الذي يذكره السلف ؛ وتفسير على الإشارة والقياس ؛ وهو الذي ينحو إليه كثير من الصوفية وغيرهم ، وهذا لا بأس به بأربعة شرائط :
1 - أن لا يناقض معنى الآية .
2 - وأن يكون معنى صحيحًا في نفسه .
3 - وأن يكون في اللفظ إشعار به .
4 - وأن يكون بينه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم .
فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة كان استنباطًا حسنًا[SUP] ( [2] ) [/SUP].
وهذا التفسير هو المعروف بتفسير الصوفية ؛ وليتضح ما يتعلق بهذا المبحث أورد بعض جوانبه بإيجاز ؛ فأقول :
أصل كلمة ( تصوف ) :
قد وقع الاختلاف في أصل هذه الكلمة فقيل : إنها مشتقة من الصوف ، وذلك لأن الصوفية خالفوا الناس في لبس فاخر الثياب ، فلبسوا الصوف تقشفًا وزهدًا ؛ وقيل : إنه من الصفاء ، وذلك لصفاء قلب المريد ، وطهارة باطنه وظاهره عن مخالفه ربه ؛ وقيل : إنه مأخوذ من الصُفَّة ، التي يُنسب إليها فقراء الصحابة ، المعروفون بأهل الصُفَّة ؛ ويرى البعض أنه لقب غير مشتق ؛ قال القشيرى - رحمه الله : ولا يشهد لهذا الاسم اشتقاق من جهة العربية ، ولا قياس ، والظاهر أنه لقب ؛ ومَن قال باشتقاقه من الصفاء أو من الصُفَّة فبعيد من جهة القياس اللُّغوى .... قال : وكذلك من الصوف ، لأنهم لم يُختصوا به .

والتصوف ينقسم إلى قسمين أساسين :
تصوف نظري : وهو التصوف الذي يقوم على البحث والدراسة .
وتصوف عملي : وهو التصوف الذي يقوم على التقشف والزهد والتفاني في طاعة الله . وكل من القسمين كان له أثره في تفسير القرآن الكريم ، مما جعل التفسير الصوفي ينقسم أيضًا إلى قسمين : تفسير صوفي نظري ، وتفسير صوفي فيضي أو إشاري [SUP]( [3] ) [/SUP]... وللحديث صلة .
[1] انظر ( مناهل العرفان ) : 2 / 10 ، و ( مباحث في علوم القرآن ) ص 367 .
[2] انظر أقسام القرآن ص 50 .
[3] انظر ( التفسير والمفسرون ) للذهبي : 2 / 251 - 307 .
 
أمثلة للتفسير الصوفي النظري
قال ابن عربي في تفسيره لقوله تعالى : ] فَادْخُلِي فِي عِبَادِي . وَادْخُلِي جَنَّتِي [ [ الفجر : 29 ، 30 ] .. يقول : ] وَادْخُلِي جَنَّتِي [ التي هي ستري ، وليست جنتي سواك ، فأنت تسترني بذاتك الإنسانية ، فلا أُعرف إلا بك ، كما أنك لا تكون إلا بي ، فمَن عرفك عرفني ، وأنا لا أُعرف فأنت لا تُعرف ، فإذا دخلت جنته دخلت نفسك ، فتعرف نفسك معرفة أُخرى ، غير المعرفة التي عرفتها حين عرفتَ ربك بمعرفتك إياها ، فتكون صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت ، ومعرفة به بك من حيث هو ، لا من حيث أنت ، فأنت عبد رأيتَ ربًا ، وأنت ربٌّ لمن له فيه أنت عبد ، وأنت ربٌّ وأنت عبد لمن له في الخطاب عهد ... إلخ .
قال مقيده – عفا الله عنه : وهذه عقيدة الاتحادية الحلولية ، وهي كفر صراح ؛ وهو ما يعرف عند الحلولية بوحدة الوجود ؛ ولا يمكن أن يعتذر عن هذا الكلام بشيء من التعليل .
وعند قوله تعالى : ] مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ . بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ [ [ الرحمن : 19 ، 20 ] ، يقول : ] مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ [ بحر الهيولى الجسمانية ، الذي هو الملح الأُجاج ، وبحر الروح المجرد الذي هو العذب الفُرات ، ] يَلْتَقِيَانِ [ في الوجود الإنساني ، ] بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ [ هو النفس الحيوانية التي ليست في صفاء الروح المجرَّدة ولطافتها ، ولا في كثرة الأجساد الهيولانية وكثافتها ، ] لاَّ يَبْغِيَانِ [ لا يتجاوز أحدهما حده ، فيغلب على الآخر بخاصيته ، فلا الروح يجرد البدن ويخرج به ويجعله من جنسه ، ولا البدن يجسد الروح ويجعله ماديًا ... سبحان خالق الخلق القادر على ما يشاء .
وهذا كلام فلسفي ليس له علاقة بتفسير الآية ، لا ظاهرًا ولا باطنًا ؛ فهذا خطأ في الدليل والمدلول .
قال د. الذهبي بعد أن أورد أمثلة أخرى : التفسير الصوفي النظري تفسير يخرج بالقرآن - في الغالب - عن هدفه الذي يرمي إليه ؛ يقصد القرآن هدفًا معينًا بنصوصه وآياته ، ويقصد الصوفي هدفًا معينًا بأبحاثه ونظرياته ؛ وقد يكون بين الهدفين تنافر وتضاد ، فيأبى الصوفي إلا أن يُحوِّل القرآن عن هدفه ومقصده ، إلى ما يقصده هو ويرمى إليه ، وغرضه بهذا كله : أن يروِّج لتصوفه على حساب القرآن ، وأن يقيم نظرياته وأبحاثه على أساس من كتاب الله ، وبهذا الصنيع يكون الصوفي قد خدم فلسفته التصوفية ، ولم يعمل للقرآن شيئًا ، اللهم إلا هذا التأويل الذي كله شر على الدين ، وإلحاد في آيات الله [SUP][1] [/SUP].ا.هـ.
[1] انظر ( التفسير والمفسرون ) : 2 / 256 .
 
التفسير الصوفي الإشاري
يعرفه د. الذهبي - رحمه الله - بقوله : التفسير الفيضي أو الإشاري : هو تأويل آيات القرآن الكريم على خلاف ما يظهر منها ، بمقتضى إشارات خفية تظهر لأرباب السلوك ، ويمكن التطبيق بينها وبين الظاهر المراد [SUP][1] [/SUP].ا.هـ.
ويستدلون على فعلهم هذا بما روي عَنْ ابن مسعود t عَنْ رَسُولِ اللَّهِ e قَالَ : " أُنْزِلَالْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ ، وَلِكُلِّ آيَةٍ مِنْهَا ظَهْرٌ وَبَطْنٌ " [SUP][2] [/SUP]؛ وهو حديث ضعيف إسنادًا ؛ وإن كان أوله صحيحًا ، فأخره منكرًا ؛ فظهره ما ظهر تأويله وعرف معناه ، وبطنه ما خفي تفسيره وأشكل فحواه ، أو الظهر اللفظ ، والبطن المعنى ، أو الظهر التلاوة والرواية ، والبطن الفهم والدراية[SUP] [3] [/SUP]؛ وينقلون في ذلك آثارًا لا يصح غالبها أو كلها ، أو لا تدل على مرادهم مما يذهبون إليه في التفسير .
فأصل التفسير الصوفي : اعتقاد معان باطنة غير ما تدل عليه ظواهر القرآن ، وتنزيل القرآن عليها .
والمعتدلون منهم لا ينكرون ما تدل عليه الظواهر ، ويقولون في المعاني التي يتحدثون بها : إنها معان تكشف للبعض دون البعض ، وأما المغالون منهم فينكرون ظواهر المعاني ، ويدَّعون أن المراد هو ما ذهبوا إليه من التفسير .
وعلى فرض صحة الحديث فإن ظاهر القرآن - وهو المنزَّل بلسان عربي مبين - هو المفهوم العربي المجرَّد ؛ وباطنه هو مراد الله تعالى الذي يقصد إليه من وراء الألفاظ والتراكيب ، هذا هو خير ما يقال في معنى الظاهر والباطن ؛ وعلى ذلك فكل ما كان من المعاني العربية التي لا ينبني فهم القرآن إلا عليها داخل تحت الظاهر ؛ فالمسائل البيانية ، والمنازع البلاغية ، لا معدل لها عن ظاهر القرآن ، فإذا فهم الإنسان مثلاً الفرق بين ( ضَيِّق ) في قوله تعالى : ] فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْصَدْرَهُضَيِّقًاحَرَجًاكَأَنَّمَايَصَّعَّدُفِيالسَّمَآءِ [ [ الأنعام : 125 ] ، وبين ( ضائق ) في قوله تعالى : ] فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ [ [ هود : 12 ] ؛ وعرف أن ( ضيِّق ) صفة مشبهة ، دالة على الثبوت والدوام في حق مَن يُرد الله أن يضله ، وأن ( ضائق ) اسم فاعل ، يدل على الحدوث والتجدد ، وأنه أمر عارض له e ؛ إذا فهم الإنسان مثل هذا فقد حصل له فهم ظاهر القرآن .
إذن فلا يُشترط في فهم ظاهر القرآن زيادة على الجريان على اللِّسان العربي ، وعليه فكل معنى مستنبَط من القرآن ، غير جار على اللِّسان العربي ، فليس من تفسير القرآن في شيء ؛ ولا مما يُستفاد منه ، ولا مما يُستفاد به ، ومَن ادَّعى فيه ذلك فهو مبطل في دعواه .
أما المعنى الباطن ، فلا يكفى فيه الجريان على اللِّسان العربي وحده ، بل لا بد فيه مع ذلك من نور يقذفه الله تعالى في قلب الإنسان ، يصير به نافذ البصر سليم التفكير ؛ ومعنى هذا أن التفسير الباطن ليس أمرًا خارجًا عن مدلول اللَّفظ القرآني ، ولهذا اشترطوا لصحة المعنى الباطن شرطين أساسيين :
أولهما : أن يصح على مقتضى الظاهر المقرر في لسان العرب ، بحيث يجري على المقاصد العربية .
وثانيهما : أن يكون له شاهد نصًّا أو ظاهرًا ، في محل آخر يشهد لصحته من غير معارض[SUP][4] [/SUP].ا.هـ .

[1] انظر ( التفسير والمفسرون ) : 2 / 261 .
[2] البزار ( 2081 ) ، وأبو يعلى ( 5403 ) ، والطبراني في الكبير : 10 / 105 ( 10107 ) ، وابن حبان ( 75 ) ؛ وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة ( 2989 ) . والجزء الأول منه صحبيح .
[3] انظر ( فيض القدير ) للمناوي : 3 / 71 .
[4] انظر ( التفسير والمفسرون ) : 2 / 265 ، بشيء من التصرف .
 
أمثلة للتفسير الصوفي الإشاري
قال التستري عند تفسيره لقوله تعالى : ] وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ [ [ الأعراف : 148 ] : عجل كل إنسان مَا أقبل عَلَيه ، فأعرض به عن الله من أهل وولد ، ولا يتخلص من ذلك إلا بعد إفناء جميع حظوظه من أسبابه ، كما لم يتخلص عَبَدة العجل من عبادته إلا بعد قتل النفوس .
وقال عند قوله تعالى : ] وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ [ [ الصافات : 107 ] : إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما أحب ولده بطبع البشرية ، تداركه من الله فضله وعصمته ، حتى أمره بذبحه ، إذ لم يكن المراد منه تحصيل الذبح ، وإنما كان المقصود تخليص السر من حب غيره بأبلغ الأسباب ، فلما خلص السر له ، ورجع عن عادة الطبع ، فداه بذبح عظيم .
فهذه المعاني مقبولة بدون معارضة شرعية أو عقلية ؛ لكنها ليست هي المرادة من ظاهر النص وسياق الآيات .
وأما ما جاء بالتفسير المسمى بـ ( حقائق التفسير ) لأبي عبد الرحمن السلمي المتوفى 412 هـ .
فعند قوله تعالى : ] وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ [ [ الرعد : 3 ] ، قال السلمي : قال بعضهم : هو الذي بسط الأرض وجعل فيها أوتادًا من أوليائه ، وسادة من عبيده ، فإليهم الملجأ ، وبهم النجاة ، فمَن ضرب في الأرض يقصدهم فاز ونجا ، ومَن كان بغيته لغيرهم خاب وخسر .
وهذا كلام باطل لا دليل عليه ، وحمل ألفاظ القرآن العظيم عليه من أمحل المحال .
وعند قوله تعالى : ] أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً [ [ الحج : 63 ] ، قال : قال بعضهم : أنزل مياه الرحمة من سحائب القُربة ، وفتح إلى قلوب عباده عيونًا من ماء الرحمة ، فأنبتت فاخضرت بزينة المعرفة ، وأثمرت الإيمان ، وأينعت التوحيد ؛ أضاءت بالمحبة ، فهامت إلى سيدها ، واشتاقت إلى ربها فطارت بهمتها ، وأناخت بين يديه وعكفت ، فأقبلت عليه ، وانقطعت عن الأكوان أجمع ، لذاك آواها الحق إليه ، وفتح لها خزائن أنواره ، وأطلق لها الخير في بساتين الأُنس ، ورياض الشوق والقدس .
وهذا الكلام وإن كان يمكن قبوله ، لكنه ليس المراد من الآية يقينًا .
والسيوطي - رحمه الله - يذكر أبا عبد الرحمن السلمي في ( طبقات المفسرين ) ضمن من صَنَّف في التفسير من المبتدعة ، ويقول : وإنما أوردته في هذا القسم لأن تفسيره غير محمود[SUP] ( [1] ) [/SUP].ا.هـ .
والحافظ الذهبي - رحمه الله - يقول عن السلمي : كَذَا تُكُلِّمَ فِي السُّلَمِيّ مِنْ أَجل تَأَلِيفه كِتَاب ( حَقَائِق التَّفْسِيْر ) ، فَيَا ليتَه لَمْ يُؤلفه ؛ فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الإِشَارَات الحَلاَّجيَّة ، وَالشَّطَحَات البِسْطَامِيَّة ، وَتَصَوُّف الاَتحَادِيَّة ، فَواحُزْنَاهُ عَلَى غُرْبَة الإِسْلاَم وَالسُّنَّة ، قَالَ اللهُ تَعَالَى :
] وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيْمًا فَاتَّبعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيْلِهِ [ [ الأَنعَام : 135 ][SUP] ( [2] ) [/SUP]؛ وقال في موضع آخر : وَ ( حَقَائِقُه ) قرمطَة ، وَمَا أَظنُّه يَتَعَمَّدَ الكَذِّبَ ، بَلَى يَرْوِي عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الرَّازِيِّ الصُّوْفِيِّ أَباطيلَ ؛ وَعَنْ غَيْره ؛ قَالَ الإِمَامُ تَقِيُّ الدِّيْن ابْنُ الصَّلاَح فِي ( فتَاويه ) : وَجدتُ عَنِ الإِمَامِ أَبِي الحَسَنِ الوَاحِدِيّ المُفَسِّر - رَحِمَهُ اللهُ - أَنَّهُ قَالَ : صَنَّفَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ ( حَقَائِق التَّفْسِيْر ) ، فَإِنْ كَانَ اعتَقَدَ أَنَّ ذَلِكَ تَفْسِيْرٌ فَقَدْ كَفَرَ . قُلْتُ : وَاغَوثَاهُ ! وَاغُربتَاهُ[SUP] ( [3] ) [/SUP].ا.هـ .

وقال السبكي في ( طبقات الشافعية الكبرى ) : وَقَالَ شَيخنَا أَبُو عبد الله الذَّهَبِيّ : كَانَ ( يَعْنِي السّلمِيّ ) وافر الْجَلالَة ، لَهُ أَمْلَاك ورثهَا من أمه ، وورثتها هِيَ من أَبِيهَا ، وتصانيفه يُقَال : إِنَّهَا ألف جُزْء ، وَله كتاب سَمَّاهُ ( حقائق التَّفْسِير ) ليته لم يصنفه ؛ فَإِنَّهُ تَحْرِيف وقرمطة ، فدونك الْكتاب فسترى الْعجب .ا.هـ . قلت : لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يصف بالجلالة من يَدعِي فِيهِ التحريف والقرمطة ، وَكتاب ( حقائق التَّفْسِير ) الْمشَار إِلَيْهِ ، قد كثر الْكَلَام فِيهِ ، من قِبَل أَنه اقْتصر فِيهِ على ذكر تأويلات ومحال للصوفية ، ينبو عَنْهَا ظَاهر اللَّفْظ [SUP] ( [4] ) [/SUP].ا.هـ .
هذه أمثلة أردنا بذكرها توضيح طريقة القوم في التفسير ، وأقرب ما يقال فيما يمكن قبوله من كلامهم ما ذكرته عن شيخنا د. القيعي - رحمه الله : إنه مواجيد ، ولا علاقة له بتفسير كلام الله تعالى ؛ ولعل هذا هو الذي قصد ابن تيمية - رحمه الله - بقوله : وَأَمَّا الَّذِينَ يُخْطِئُونَ فِي الدَّلِيلِ لَا فِي الْمَدْلُولِ ، فَمِثْلُ كَثِيرٍ مِنْ الصُّوفِيَّةِ وَالْوُعَّاظِ وَالْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ ، يُفَسِّرُونَ الْقُرْآنَ بِمَعَانٍ صَحِيحَةٍ ؛ لَكِنَّ الْقُرْآنَ لَا يَدُلُّ عَلَيْهَا .
فالَّذِينَ يُخْطِئُونَ فِي الدَّلِيلِ لَا فِي الْمَدْلُولِ ، هم الذين يكون عندهم معنى صحيح ابتداء ، لكنهم يريدون أن يحملوا آية من القرآن عليه ، فيتكلفون ذلك بما يخرج عن المراد ؛ فيخطئون في جعل الآية دليلا ، وإن كان المدلول عليه صحيحًا ؛ أما إذا كان المدلول عليه فاسدًا ، فالخطأ إذًا في الدليل والمدلول معًا .
ومن أمثلة تفاسيرهم : ( حقائق التفسير ) لأبي عبد الرحمن السلمي الصوفي ( مخطوط ) ؛ و ( عرائس البيان في حقائق القرآن ) لمحمد الشيرازي ( مطبوع ) ، والتفسير المنسوب لابن عربي ( مطبوع ) .
[1] طبقات المفسرين ص 91 ، ونقل كلام الذهبي بتصرف ، ثم قال : ودونك الكتاب فسترى العجب .
[2] سير أعلام النبلاء : 13 / 442 - ط الرسالة .
[3] سير أعلام النبلاء : 17 / 255 - ط الرسالة .
[4] طبقات الشافعية الكبرى : 4 / 147 .
 
عودة
أعلى