تنبيهات الإمام المقرئ الزبيدي (ت:848 هـ) على أخطاء بعض التالين للقرآن الكريم

إنضم
11/03/2009
المشاركات
1,240
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
الرياض- حضرموت
وكان من عادة الإمام المقرئ عثمان النَّاشري الزبيدي –رحمه الله- ت: 848 هـ( شارح الدُّرَّة ) في مؤلفاته أن ينبِّه على الأخطاء الشَّائعة عند بعض التالين لكتاب الله تعالى، وسأورد هنا جملةً من الأخطاء التي نبَّه عليها في كتبه المخطوطة التي لم تطبع بعدُ، ومنها:
1) في قوله تعالى: ﴿ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيْقُ أَفْتِنَا ﴾ سورة يوسف:46 :
قال –رحمه الله-: «وسمعتُ من يُبدل الهمزة واواً في قوله تعالى ﴿ أَيُّهَا الصِّدِّيْقُ أَفْتِنَا ﴾ بيوسف، فليحترز القارئ عن ذلك ويحقق الهمزة « ([1]).
2) في امتناع وجه من الأوجه بين السورتين:
قال –رحمه الله- في أثناء حديثه عن البسملة: «لا يجوز للقارئ أن يصلَ آخر السُّورةِ ويقف عليها لأنَّ البسملة للمستأنفة « ([2]).
3) حاجة جميع النَّاس إلى معرفة باب المد والقصر:
قال –رحمه الله-: «هذا الباب جميع النَّاس محتاج إلى معرفته، وهو كثير الدَّور، وقلَّ مَنْ يتقنه، وها أنا أبينه بياناً شافياً إن شاء الله تعالى« ([3]).
4) لا يجوز قصر المتصل:
قال –رحمه الله- في أثناء حديثه عن سبب المدِّ وداعيه: «فإن كان الدَّاعي همزاً فقد يكون متصلاً، فلا يجوز قصره، نحو﴿ هَـآؤُمُ اقْرَؤُا ﴾ .... « ([4]).
وقال –رحمه الله-: « النوع الأوَّل: المدُّ فيه لازمٌ لا يجوز قصره، وهو يسمَّى المتصل، نحو ﴿ أُوْلَئِك ﴾و﴿ هَـآؤُمُ ﴾.....« ([5]).
قلتُ: وهذه الكلمة يخطئُ فيها بعض التالين لكتاب الله تعالى، فيظنُّ أن المدَّ فيها من المنفصل الحكمي مثل ﴿ هَـؤُلَآءِ ﴾ فيعاملها مثلها، والفرق بينهما: أنَّ كلمة ﴿ هَـآؤُمُ ﴾ من قبيل المدِّ المتصل، لأنَّها كلمة واحدة، وهي اسم فعلٍ بمعنى خذ، فليست الهاء للتنبيه، وأمَّا كلمة ﴿ هَـؤُلَآءِ ﴾ فهي من قبيل المدِّ المنفصل، فالهاء للتنبيه، و"أُلَآءِ" كلمة أخرى، - والله أعلم-.
5) لا يجوز مد كلمة ﴿ مَعَايِش ﴾:
قال –رحمه الله-: «لا يجوز مد ﴿ مَعَايِش ﴾ في الأعراف والحجر، لأنَّ الذي بعد الألف ياءٌ أصلية لا همزٌ وبالله التوفيق« ([6]).
6) العناية بباب الهمزتين من كلمة:
قال –رحمه الله-: «هذا الباب والذي يليه من أهم ما يعتني به النَّبيه، ومن أجاد النطق في ذلك ساعة من نهار فهم هذا، وهو يتعيَّن على كلِّ قارئ أن يعلم ما يلزمه في قراءته « ([7]).
7) في كيفية التسهيل في قوله تعالى: ﴿ ءامنتم ﴾ لقالون والدوري:
قال –رحمه الله-: «وأمَّا ﴿ ءَامَنْتُم ﴾ في الأعراف وطه والشعراء فاتفقا أيضاً على همزةٍ محققةٍ بعدها همزةٍ مسهلةٍ بين الهمزة والألف وبعد المسهلة ألفٌ، وهذا قريب جداً يُدرك بأدنى مشافهة وإدمان، وقد كان التسهيل للعرب طبعاً، وإن كنَّا نتكلَّفه وبالتكرار يُدرك، وكثيرٌ من النَّاس بل كلُّهم إلا المعتني لهذا الشأن يقرأ هذه اللفظة بهمزة واحدة على الخبر، وذلك إنَّما يصحُّ لحفص « ([8]).
وقال –رحمه الله-: «وكيفية التسهيل أن تنطق بهمزة محققة بعدها همزة مسهلة بعد الهمزة والألف، وذلك يدرك بالمشافهة والإدمان« ([9]).
وقال –رحمه الله-: «والتسهيل عبارة عن جعل المسهَّل بين الهمزة وبين الحرف الذي منه حركتها« ([10]).
8) الحذر من إخفاء الميم السَّاكنة عند الفاء والواو:
قال –رحمه الله-: «إذا سكنت الميم ووقع بعدها فاءٌ أو واو نحو ﴿ وَهُمْ فِيْ غَفْلَةٍ ﴾ و﴿ وَلَا الضَّالِّيْنَ ﴾ فليحفظ القارئ، فيظهر الميم فإنه ربَّما أخفي، ولا شعور به، وإن وقع بعد الميم باء نحو ﴿ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾ فيجوز الإظهار والإخفاء، والله أعلم« ([11]).
9) التنبه إلى إظهار الجيم عند القاف:
قال –رحمه الله-: «تنبيه: ينبغي للقارئ أن يجتهد في إظهار الجيم عند القاف من قوله تعالى ﴿ أَخْرِجْ قَوْمَكَ ﴾ بسورة إبراهيمu « ([12]).
10) الحذر من إخفاء النون والتنوين عند الغين والخاء:
قال –رحمه الله-: «وينبغي للقارئ أن يتحفظ من إخفائهما عند الخاء والغين، نحو ﴿ ءَامَنَهُم مِّنْ خَوفٍ ﴾ و﴿ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللهِ ﴾ على أنَّ الإخفاء عندهما قراءة أبي جعفر أحد القُرَّاء العشرة« ([13]).
11) أخطاء في تطبيق الإمالة:
قال –رحمه الله-: «فكثير من النَّاس يقرأ الإمالة بالكسرة الخالصة، فيقول في ﴿ النَّارِ ﴾: النير، وفي ﴿ النَّاسِ ﴾: النَّيس، وذلك خطأ فاحشٌ فليجتنب، ويجب على مَنْ لم يُحسن أن يتعلَّم ذلك ويشافهه أربابه، إن أراد تحقيق الرِّواية، وإلا فليعتدل إلى الفتح، فالعدول إلى قراءةٍ صحيحة أهون من الخطأ المحض، ومن أفحش ما سمعتُ أنَّ بعضهم يكسر النون والهاء من ﴿ النَّهَارِ ﴾ « ([14]).
12) ترقيق الرَّاء وتفخيمها:
قال –رحمه الله-: «اعلم وفقنا الله وإياك أنَّي تأملتُ ألفاظ الناس بالراءات، فوجدتُ أهل التهايم يجوزون معظمها بالطبع وبقي عليهم مواضع يحتاجون فيها إلى النقل، وكثيرٌ من أهل الجبال ترقق الراء مطلقاً، وذلك لا يجوز في القرآن العظيم، وقد أشرتُ إلى ما يؤدي إلى معرفة ذلك« ([15]).
13) تكرير الرَّاء:
قال –رحمه الله-: «تنبيه: أخذ علينا مشايخنا بترك تكرير الرَّاء باللسان، وذلك أنَّك إذا قلتَ: ﴿ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ ﴾ فلا تترك لسانك تضطرب بالرَّاء بل اضغطها في مخرجها، لأنك إذا فعلتَ ذلك كنتَ لافظاً في موضع الراء الواحدة راءات كثيرة، والله أعلم« ([16]).
14) الراء السَّاكنة:
قال –رحمه الله-: «وأمَّا الرَّاء السَّاكنة فيحتاج القارئ إلى التبين فيها إذ هي لا تجري على قانون واحدٍ ..... « ([17]).
15) تنبيهات في الوقف على بعض الكلمات:
قال –رحمه الله-: «تنبيه: ﴿ تَرَآءَا الجَمْعَانِ ﴾ يوقف عليه بألف بعد الرَّاء، وبعد الألف همزة، وبعد الهمزة ألف، فيقول: ﴿ تَرَآءَا ﴾ على وزن تَفَاعَل « ([18]).
قال –رحمه الله-: «تنبيه: ﴿ لَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِيْنَ ﴾ بيوسف، و﴿ إِذاً ﴾ حيث حلَّ، و﴿ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ﴾، الوقف على الثلاثة بالألف « ([19]).

([1]) ينظر: الهداية إلى تحقيق الرِّواية صـ12. ( مخطوط)
([2]) ينظر: درة الناظم في رواية حفص عن عاصم صـ8، والهداية إلى تحقيق الرِّواية صـ7 .
([3]) ينظر: الهداية إلى تحقيق الرِّواية صـ8.
([4]) ينظر: درة الناظم في رواية حفص عن عاصم صـ9، (مخطوط).
([5]) ينظر: الهداية إلى تحقيق الرِّواية صـ8 ( مخطوط ).
([6]) ينظر: الهداية إلى تحقيق الرِّواية صـ9 ( مخطوط ). وقال شيخه الإمام محمَّد بن الجزري: «والياء: فليعتن بإخراجها محركة بلطف ويسر خفيفة نحو: ترين و لاشية، ومعايش، وليحترز من قلبها فيهما همزة« النشر:1/224، وقال: «ومثال ما نقله ثقة ولا وجه له في العربية ولا يصدر مثل هذا إلا على وجه السهو والغلط وعدم الضبط، ويعرفه الأئمة المحققون والحفاظ الضابطون، وهو قليل جداً بل لا يكاد يوجد وقد جعل بعضهم منه رواية خارجة عن نافع (معائش) بالهمز« النشر: 1/16.
([7]) ينظر: الهداية إلى تحقيق الرِّواية صـ9 ( مخطوط ).
([8]) ينظر: الهداية إلى تحقيق الرِّواية صـ10 ( مخطوط ).
([9]) ينظر: درة الناظم في رواية حفص عن عاصم صـ9.
([10]) ينظر: الهداية إلى تحقيق الرِّواية صـ10 ( مخطوط ).
([11]) ينظر: الهداية إلى تحقيق الرِّواية صـ16-17 ( مخطوط ).
([12]) ينظر: الهداية إلى تحقيق الرِّواية صـ17 ( مخطوط ).
([13]) ينظر: الهداية إلى تحقيق الرِّواية صـ17-18 ( مخطوط )، يقول الإمام أبو عمرو الدَّاني –في كلامه عن حروف الإظهار :وإنَّما بُيِّنَتِ النون والتنوين عند هذه الحروف لبعد المسافة التي بينهما وبينهنَّ، إلا أنَّ بيانهما عندهنَّ على ضربين: بتعمُّلٍ وغير تعمُّلٍ، والتي يُتعمَّلُ بيانهما عندهنَّ ثلاثة: الهمزة والغين والخاء، لأنه متى لم يتعمَّلْ عندهنَّ ولم يُتكلَّف انقلبت حركةُ الهمزة عليهما وسقطت من اللفظ، وخَفَيا عند الغين والخاء، لأنَّ ذلك قد يستعملُ فيهنَّ «. ينظر: التحديد في الإتقان والتجويد صـ111. «
([14]) ينظر: الهداية إلى تحقيق الرِّواية صـ22.
([15]) ينظر: الهداية إلى تحقيق الرِّواية صـ23.
([16]) ينظر: الهداية إلى تحقيق الرِّواية صـ25.
([17]) ينظر: الهداية إلى تحقيق الرِّواية صـ23.
([18]) ينظر: الهداية إلى تحقيق الرِّواية صـ30.
([19]) ينظر: الهداية إلى تحقيق الرِّواية صـ30.
 
ماشاء الله جزاكم الله خيرا شيخنا أبا إسحاق على رفع هذه التنبيهات المفيدة.
 
عودة
أعلى