مهند شيخ يوسف
New member
السلام عليكم ورحمة الله !
هذا بحث مختصر لطيف كتبه أحد الإخوان باجتهاده في ملتقى الصراط الخاص بطلاب العلم في فلسطين المحتلة (1948):
موضوعي اليوم يدور حول الملحظ الصوتي في فواصل الآيات القرآنية .. واخترتُ لكم بالتحديد فواصل سورة القيامة .. فهذه السورة تتألّف من أربعين آية قصيرة ، تدور معانيها حول موضوع رئيسيّ واحد هو يوم القيامة ..
ولقد استعمل القرآن طائفة من الألفاظ في فواصل هذه السورة ، واختار أصواتها بما يتناسب مع أصدائها ، فكانت دالّة على ذاتها بذاتها ..
فتأمّل معي اختتام كلّ آية من آيات مطلعها بالهاء الساكنة حين الوقف عليها :
القيامهْ ، اللوامهْ ، عظامهْ ، بنانهْ ، أمامهْ ، القيامهْ
تجد أنّها تحمل في طيّاتها معاني الآيات بدقّة متناهية .. فالوقف على الهاء الساكنة ، يوحي بالنَّفَس اللاهث المتقطّع السريع ، وهو يدلّ على مناخ يوم القيامة الذي ينبهر له البصر ، وتتقطّع له النفس وتلهث خوفاً وهلعاً ..
وتأمّل حرف الراء الساكنة حين الوقف عليه في الزمرة الثانية من الآيات :
البصرْ ، القمرْ ، المفرّْ ، وزرْ ، المستقرّْ ، أخّرْ
تجد أن ّهذا الحرف ينتج عنه ذبذبة اللّسان ، وهو بذلك يشبه حركة الركض السريع ، ممّا يوحي بمحاولة الركض للهرب من أهوال يوم القيامة ، كما أنّه يوحي بالاضطراب الشديد الذي يسود الكون في يوم القيامة ..
وعندما تصل السورة إلى حالة الاحتضار التي يقع فيها الكافر ، فإنّ الفاصلة تختتم بحرف القاف :
التراقي ، راق ، الفراق ، بالساق ، المساق
إنّ حرف القاف هذا يصدر من أعماق الحلق ، وهو بذلك يوحي بالضيق والاختناق ممّا يدلّ على حالة الاحتضار التي تتلجلج فيها الروح في الجسم ، وتُنتزع منه انتزاعاً .. ومن مراحل ذلك وصول الروح إلى الحلق حين يشعر المحتضر بالكرب العظيم لمفارقته لهذه الدنيا ، وبسبب التقريع الذي يسمعه من ملائكة الموت ، ومن صوت ضميره الذي يلومه ويخاطبه قائلاً : ها أنت تغادر حياتك فلا صدّقت ولا صلّيت ولكن كذّبت وتولّيت ، ثم ذهبت إلى أهلك تتمطّى "أولى لك فأولى" ..
وعندما تصل السورة إلى ذكر حالة الكافر في الدنيا من عدم استجابته إلى الدين الحقّ ، وإيثاره التكاسل والتباطؤ والإخلاد إلى الراحة البدنية على العمل الدؤوب والجهاد المتواصل ، تتغيّر الفاصلة إلى اللام المشدّدة ، أو الطاء المشدّدة الممدودتين ، بالألف بعدهما :
صلّى ، تولّى ، يتمطّى
وهذان الحرفان بما فيهما من تشديد ومدّ يدلاّن على التثاقل والتكاسل والإهمال للحقّ والإعراض عنه ..
وبالجملة فإنّ استخدام حروف الفاصلة بهذه الصورة للدلالة على معاني الآيات وتأكيدها ، هو توفيق بديع وسرّ عجيب من أسرار القرآن المجيد ..
والحمد لله رب العالمين ..
__________________
هذا بحث مختصر لطيف كتبه أحد الإخوان باجتهاده في ملتقى الصراط الخاص بطلاب العلم في فلسطين المحتلة (1948):
موضوعي اليوم يدور حول الملحظ الصوتي في فواصل الآيات القرآنية .. واخترتُ لكم بالتحديد فواصل سورة القيامة .. فهذه السورة تتألّف من أربعين آية قصيرة ، تدور معانيها حول موضوع رئيسيّ واحد هو يوم القيامة ..
ولقد استعمل القرآن طائفة من الألفاظ في فواصل هذه السورة ، واختار أصواتها بما يتناسب مع أصدائها ، فكانت دالّة على ذاتها بذاتها ..
فتأمّل معي اختتام كلّ آية من آيات مطلعها بالهاء الساكنة حين الوقف عليها :
القيامهْ ، اللوامهْ ، عظامهْ ، بنانهْ ، أمامهْ ، القيامهْ
تجد أنّها تحمل في طيّاتها معاني الآيات بدقّة متناهية .. فالوقف على الهاء الساكنة ، يوحي بالنَّفَس اللاهث المتقطّع السريع ، وهو يدلّ على مناخ يوم القيامة الذي ينبهر له البصر ، وتتقطّع له النفس وتلهث خوفاً وهلعاً ..
وتأمّل حرف الراء الساكنة حين الوقف عليه في الزمرة الثانية من الآيات :
البصرْ ، القمرْ ، المفرّْ ، وزرْ ، المستقرّْ ، أخّرْ
تجد أن ّهذا الحرف ينتج عنه ذبذبة اللّسان ، وهو بذلك يشبه حركة الركض السريع ، ممّا يوحي بمحاولة الركض للهرب من أهوال يوم القيامة ، كما أنّه يوحي بالاضطراب الشديد الذي يسود الكون في يوم القيامة ..
وعندما تصل السورة إلى حالة الاحتضار التي يقع فيها الكافر ، فإنّ الفاصلة تختتم بحرف القاف :
التراقي ، راق ، الفراق ، بالساق ، المساق
إنّ حرف القاف هذا يصدر من أعماق الحلق ، وهو بذلك يوحي بالضيق والاختناق ممّا يدلّ على حالة الاحتضار التي تتلجلج فيها الروح في الجسم ، وتُنتزع منه انتزاعاً .. ومن مراحل ذلك وصول الروح إلى الحلق حين يشعر المحتضر بالكرب العظيم لمفارقته لهذه الدنيا ، وبسبب التقريع الذي يسمعه من ملائكة الموت ، ومن صوت ضميره الذي يلومه ويخاطبه قائلاً : ها أنت تغادر حياتك فلا صدّقت ولا صلّيت ولكن كذّبت وتولّيت ، ثم ذهبت إلى أهلك تتمطّى "أولى لك فأولى" ..
وعندما تصل السورة إلى ذكر حالة الكافر في الدنيا من عدم استجابته إلى الدين الحقّ ، وإيثاره التكاسل والتباطؤ والإخلاد إلى الراحة البدنية على العمل الدؤوب والجهاد المتواصل ، تتغيّر الفاصلة إلى اللام المشدّدة ، أو الطاء المشدّدة الممدودتين ، بالألف بعدهما :
صلّى ، تولّى ، يتمطّى
وهذان الحرفان بما فيهما من تشديد ومدّ يدلاّن على التثاقل والتكاسل والإهمال للحقّ والإعراض عنه ..
وبالجملة فإنّ استخدام حروف الفاصلة بهذه الصورة للدلالة على معاني الآيات وتأكيدها ، هو توفيق بديع وسرّ عجيب من أسرار القرآن المجيد ..
والحمد لله رب العالمين ..
__________________