تلخيص الحلقات الست من قصة إبراهيم عليه السلام في سورة الأنعام من برنامج (بينات)

إنضم
02/08/2016
المشاركات
223
مستوى التفاعل
5
النقاط
18
العمر
35
الإقامة
السعودية
تلخيص الحلقات الست من قصة إبراهيم عليه السلام في سورة الأنعام من برنامج (بينات).

مدارسة قرآنية متميزة, ومحاورة تفسيرية غزيرة الفوائد بين المشايخ الثلاثة (عبدالرحمن الشهري ومحمد الخضيري ومساعد الطيار) في هذه الحلقات الست من برنامج بينات في سورة الأنعام الآيات (74-90).
لخَّصتُ ما يَسَّرَ الله من أحكامها وهداياتها وفوائدها وإشاراتها.

رابطها:​

https://www.youtube.com/watch?v=-9-OffLWxJ0&t=566s

الحلقة الأولى:
ظاهر القرآن وضبطه الدقيق:
تَمَيُّزُ القرآنِ بالضبط الصحيح للأسماء والأنساب سواء كانت رجالا أم نساء أم أُمَمًا أم قُرًى, وأن القرآن مقدَّم على غيره عند الاختلاف, وهو من معاني هيمنة القرآن, فتصريح القرآن والسنة بكون آزر والد إبراهيم لا يُعَارَضُ بأقوال أخرى مثل أن اسمه (تارخ) فهذا الاسم الثاني إن صح قد يكون لقبا أو تغيرا في النطق مع الأجيال أو غير ذلك.
والأمر الآخر هو كون آزر والد إبراهيم وليس عمه, وبذلك صرحت الآيات ونصَّت الأحاديث.

مسألة حكم آباء الأنبياء وهل يقع منهم الكفر؟
نصوص القرآن والسنة تصرح بأن بعض آباء الأنبياء وقع منهم الكفر, وهذه أقدار الله وحكمته في ذلك, ومع أن بعض العلماء حاول نفي ذلك, وتأول النصوص الصريحة إلا أنه تأويل ظاهر التكلف, وليس في نصوص القرآن ما يوجب إيمان آباء الأنبياء.

أصول الشرك:
وقع قوم إبراهيم في الشركين: الشرك السماوي بالنجوم, والشرك الأرضي بالأصنام, وهما أصل كل شرك, وقد فنَّدَ إبراهيم الشرك السماوي في هذه القصة, وفنَّدَ الشرك الأرضي بتحطيم الأصنام.

الإيمان أعظم قضية:
مفاصلة إبراهيم عليه السلام لقومه وبراءته منهم تدل على أهمية قضايا الإيمان والكفر, وأنها أمور مفصلية, لا تفوقها قضية ولا يمكن تجاوزها بمفاهيم عصرية وفلسفات حديثة تتجاوزها وتذوِّبها وتؤولها تأويلات باردة, ويجب أن يكون هذا الأمر واضحا عند كل مسلم.

نَظَرٌ أم مناظرة؟
مسألة المجادلة الكبرى بين إبراهيم عليه السلام وقومه أهي نَظَرٌ وبحث عن الحق أم كان إبراهيم يعلم الحق لكنه أراد المناظرة والتنزل لهم؟ ولوازم هذين القولين, ويستمر الكلام في هذه المسألة في الحلقة القادمة.



الحلقة الثانية:
مراتب اليقين:
إبراهيم عليه السلام لما رأى الملكوت العظيم بلغ مرتبة عين اليقين, فلما ألقي في النار ورأى إحياء الطيور الأربعة التي قطعها بيده بلغ حق اليقين؛ لأنه خالط اليقين ولمسه بيده.

مناسبة:
لعل من أسباب سؤال إبراهيمَ عليه السلام ربَّه أن يرى كيف يحيي الموتى, أنه نَاظَرَ الملكَ النمرودَ, فادعى الملك أنه يحيي ويميت, على سبيل المجاز بطريق الإعدام والعفو عن المعدم, مع أن هذا ليس مراد إبراهيم عليه السلام, وبعد انتصار إبراهيم عليه السلام عليه في المناظرة وإفحامه, أراد إبراهيم معرفة كيفية الإحياء عند الله, وكأن ادِّعاءَ الملك أوقع في قلبه هذا السؤال.
ولهذا نجد قصة طلب إبراهيم كيفية الإحياء وذبح الطير جاءت بعد قصة النمرود في سورة البقرة, وبينهما قصة الرجل صاحب القرية والحمار.
وكلا القصتين تدور حول معنى واحد وهو الإحياء بعد الإماتة.

وجه إبطال المعبودات السماوية (الكوكب والقمر والشمس):
في قوله :{فَلَمَّا أَفَل قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِين} يعني أنه استدل بهذا الأفول على أن هذه الكواكب ليست آلهة, وأن الإله الحق هو الذي لا يغيب عن شأن مخلوقاته وعن تدبير ملكه غفلةً أو عجزًا, وإلا كيف يكون سير هذا الكون وحركتة الدائبة وانتظامه العظيم.
فالكوكب والقمر سلطانهما في الليل ولا سلطان لهما في النهار, فهذه غفلة منهما وعدم إحاطة وعجز, والشمس سلطانها في النهار ولا سلطان لها في الليل فهذه غفلة منها وعدم إحاطة وعدم قيُّومية, وهذه الأوصاف لا تصلح للربوبية, فضلاً عن أن تصلح هذه الأجرام في ذاتها لشيء من الربوبية, وهو من باب التنزل والتدرج.
ومع غياب هذه الأجرام السماوية بقي الكون مُدَبَّرا ومنتظما, فدلَّ على أن له مدبرا لا يغفل عنه ولا يأفل, فأعلن براءته الكاملة من كل معبوداتهم التي يشركون بها مع الله سبحانه وتعالى، ثم أعلن توحيده فقال: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} فأنا لا أتجه في عبادتي ولا أعبد إلا الله سبحانه وتعالى الذي خلق هذه الكائنات التي أنتم تذعنون لها وتعبدونها من دونه جل وعلا وهذا هو اللائق بي وبكم، وقال: {حَنِيفًا} أي مائلاً عن الشرك قصداً إلى التوحيد؛ لأنَّ الحَنَفَ يأتي بمعنى الميل, فـ(حنيفاً) هنا بمعنى (مائلاً) عن الشرك إلى التوحيد قصداً, يعني: إرادةً وعمدًا.

استطراد:
في الحلقة ثناء على كتب جيفري لانج وهو برفسور في الرياضيات كان نصرانيا ثم ألحد ثم اهتدى إلى الإسلام عام ١٤٠٢هـ ١٩٨١م بعد مناقشات حول الإسلام مع طالب سعودي مبتعث يدعى محمود قنديل وأهداه الطالب نسخة من المصحف مترجمة فلما قرأها أسلم. ألف عدة كتب تجيب على حيرة الحائرين مثل: (حتى الملائكة تسأل) (حتى الخليل إبراهيم يريد أن يطمئن) (الصراع من أجل الإيمان) (ضياع ديني) وكلها مترجمة.
سيرته في ويكيبيديا
https://ar.wikipedia.org/wiki/جيفري_لانج
سيرته في موقع الألوكة
https://www.alukah.net/translations/0/99557/
تلخيصات لبعض كتبه في الأسفل
https://www.goodreads.com/book/show/9656387
له مقاطع عديدة في اليوتيوب, فما عليك إلا كتابة (جيفري لانج) أو (جيفري لاند) حتى تظهر لك.



الحلقة الثالثة:
استنباط فرق:
في قوله تعالى في قصة إبراهيم وقومه: {أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِين} صرح بذكر المفعول الثاني وهو (آلهة)؛ لأنهم مشركون, وهذا لإظهار قُبح وشناعة هذا الفعل أنه يُتخذ صنمٌ لا يعقِل ولا يسمع ولا يُبصر أن يُتخذ إلهًا، وأن هذا ضد العقل السليم وضد الفطرة السليمة.
أما في قصة بني إسرائيل والعجل فلم يذكر المفعول الثاني (آلهةً/إلهًا) في سبعة مواضع (البقرة51 و54 و92 و93 والنساء153 والأعراف148 و152) مثل قوله: {ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ} فلم يقل في موضع: ثم اتخذتم العجل إلهًا, والسبب أن بني إسرائيل لم يكونوا مشركين ووقعوا في هذا الأمر, يقول الشنقيطي -رحمه الله- فيما معناه: تتبعت ذلك فوجدت أنه كأنه يقول: هذا شيء يُستحيا من النطق به من قبحه وشناعته, وخصوصاً على بني إسرائيل هم أصلاً موحدون, وهم أتباع نبي, ومع ذلك وقعوا في هذه الورطة العظيمة, وفي هذه القباحة التي لا تُتَصور, فكأنه يقول: أتعفف عن ذكر ذلك لقبحه وشناعته.

*أهمية الإيمان العميق الراسخ عند المحاجة والمجادلة

*تخويف الكافرين والضالين لأهل الإيمان من معبوداتهم والتطير بهم, وجعلهم أي بلاء يصيب المؤمن أنه عقاب على مخالفته لهم, وأي بلاء يصيبهم هو بشؤم الداعية, وهذا ديدنهم في كل زمان ومكان.

قلب الشبهة على الخصم:
ردَّ إبراهيم عليه السلام تهديدهم له وقَلَبَه عليهم, فلما خوَّفوه بالأصنام والنجوم الجامدة التي لا تعقل, خوفهم بالإله الحق القدير العليم.
وفي هذا ملمح إلى أن كل شبهة أو حجة يتعلل بها أهل الباطل هي في الحقيقة حجة عليهم لمن تأمل.

*في تفسير الظلم بالشرك في قصة إبراهيم, نستفيد:
1-تفسير القرآن بالقرآن.
2-أهمية السياق الكبرى في فهم مفردات القرآن إذا احتملت أكثر من معنى في اللغة أو كان لها معنى عام.


*التوحيد أعظم سبب للأمن في الدنيا, ولكن النظرة المادية المجردة لا تعتد به أو تقلل من أثره وبركته, فإذا اختل التوحيد عند أمة اختلت أمورها.

*في قوله:{أُولَٰئِكَ} دلالة على رفعة شأنهم.
في قوله:{لَهُمُ الْأَمْنُ} كأنه أسلوب حصر بسبب التقديم والتأخير, فلم يقل: الأمن لهم.

الحفاظ على الإيمان من شر الشبهات والشكوك:
في قوله: { قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي الله وَقَدْ هَدَانِ} أن المؤمن ينبغي له إذا استقر الإيمان في نفسه أن يتجنب مواطن الشبهات بعد أن هداه الله سبحانه وتعالى وعرف الحق أن يلزمه، ولا يعرض نفسه لهذه الشبهات, فلا يجعل إيمانه بربه محلا للشك والتجربة, فإبراهيم هنا يقول الأمور أصبحت بالنسبة لي واضحة فلست أنا ممن يقع في هذه الشبهات وقد اتضح لي الحق.

الحلقة الرابعة:
*القوة الحقيقية والسلطان العظيم والرفعة العالية هي في الحجة والبرهان والدليل.

كيف تظهر الحجة:
إظهار الحجة لا يكفي فيها مجرد العلم, بل لا بد من توفيق الله, ولا بد من حكمة في تقديمها ورد الشبهات عليها, ولا بد أن يكون صاحبها على قدر من الديانة والصدق والإخلاص.
من الكتب الجيدة في جانب المجادلة القرآنية (مناهج الجدل في في القرآن/زاهر الألمعي) (ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان/ابن الوزير).
وتقدم أن سورة الإنعام في الاحتجاج للتوحيد, وقصة إبراهيم في حِجَاجه ودعوته وصبره هي قدوة لمن بعده من المجادلين بالتي هي أحسن.

مناسبة:
ذكر الله ذرية إبراهيم وما رزقه من الأبناء وكأن ذلك بعضُ جزاءِ الله له في الدنيا على دعوته وصبره, فبعدما كان وحيدا مهاجرا يجادل الأقوام بالتوحيد, بارك الله فيه وفي دعوته الصادقة الصالحة وفي ذريته, فأخرج من نسله أُمَمًا جعل فيهم النبوة والملك, فهو أبو الأنبياء, مع أنه رُزق بابنين فقط وعلى كِبَرٍ, لكن الله جعل البركة فيهما.

فائدة في مقاصد التقديم والتأخير من خارج السورة:
الترتيب في القرآن مقصود, لكن قد لا يظهر للقارئ في بعض الآيات.
في قول الله عز وجل :{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران110] لاحظ أنه قدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن الإيمان بالله, مع أن الإيمان بالله شرط أساس ولابد منه لخيرية الأمة, لكن ما الداعي لتأخيره؟
قال: لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أظهَرُ في بيان خيرية الأمة؛ لأن الإيمان قَدْرٌ مشترك بين كل المؤمنين, أما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الذي يُبرز خيرية الأمة على غيرها.

تصويب:
ليس من الصواب المفاضلة بين لفظتَيْ (الصالح) و(المصلح) في القرآن, والزعم أن المصلح خير من الصالح, والجزم بذلك, بل كل كلمة في القرآن لها دلالتها في سياقها, والوصف بالصلاح منقبة عظيمة, وللعلم فأكثر الأنبياء وصفوا بـ(الصالحين) وقلما وصفوا في القرآن بـ(المصلحين) على وجه خاص, فدل على أن (الصالح) لها معنى أوسع مما يتصوره بعض الناس, قال تعالى: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران46] وقال تعالى: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [الشعراء83] وغيرها من الآيات.
نعم, إذا استُعمِلَ هذا المعنى -وهو فَضْلُ المصلح على الصالح- في خارج القرآن بين الناس في حديثهم, وصار عُرْفًا بينهم فلا بأس به, لكن لا نفسر القرآن بهذا العرف.

الإيمان والتسليم:
ذكر الله في القرآن بعض الأنبياء مثل اليسع وذي الكفل, والأخبار عنهم تكاد تكون قليلة شحيحة جداً مما يدل على أن الله سبحانه وتعالى خلّد أسماءهم في الأنبياء وإن لم نعرف قصصهم على سبيل التفصيل, فنحن لم نُطالب بأن نعرف تفاصيل قصصهم, ولكن نحن مطالبون بأن نؤمن بهم؛ لأن الله ساقهم مساق الأنبياء، فهذه قاعدة لنا ونحن نقرأ القرآن حينما يذكر لنا هؤلاء الأعلام والأسماء، أننا لسنا مطالبين بأكثر مما هو وارد في القرآن, فإِنْ عرفنا شيئاً من أخبارهم من غير القرآن فهذا خير، وإن لم نعرف فيكفينا الإيمان بهم.

خطورة الشرك:
فظاعة الشرك وشناعته فهؤلاء الأنبياء الكرام على مالهم من النعمة عند الله والفضل والمكانة, وعظيم ما قاموا به من الدعوة والصبر والمحاجة, لو أشركوا لَبَطَلَ كلُّ عملهم ولم تَبْقَ منه حسنة واحدة على الإطلاق, فكيف بغير الأنبياء.

الحلقة الخامسة:

الحذر من الشرك وعدم أمنه:
لنتأملْ حَذَرَ إبراهيم عليه السلام من الشرك وعدم الأمن منه في دعائه: {واجنبني وبنيَّ أن نعبد الأصنام} [إبراهيم35] فبدأ بطلب العصمة منه لنفسه ثم ثنَّى بأبنائه, وهو قد طَعَنَ في السن وبنى البيتَ وأنعم الله عليه بالرسالة وبالذرية النبوية ورأى ملكوت ربه, وهو إبراهيم الذي لم يعبد الأصنام وهو فتى قبل النبوة مع خصومة والده له وكثرة الدواعي لموافقة قومه, فإذا لم يعبدها في صباه فهو أبعد عنها في شيخوخته بعدما سلف من نعم الله عليه, ومع ذلك لم يأمن الوقوع فيه.
فخوفه حقيقي وليس تحصيل حاصل, ولا كلامًا يقوله من دون أصل في قلبه, فمن يأمن الشركَ بعد إبراهيم؟!

دعاء الوالدين في هداية الأبناء:
من خصال إبراهيم عليه السلام كثرة دعائه لربه حتى تميز بذلك, ومن ذلك دعاؤه لأبنائه بالهداية والاستقامة على التوحيد وإلحاحه على ذلك في عدة آيات, ووصيته لهم بذلك, تحصينًا لهم بين البشرية المشركة جميعا سوى أسرته وأسرة لوط عليهما السلام, وهذا يبين أهمية دعاء الوالدين للأبناء خاصة إذا كانوا في بيئة يُخْشَى عليهم منها.

عبرة:
إبراهيم الوحيد المهاجر الذي لم يجد بلدا يؤويه حتى توجه بأمر الله إلى وادٍ غير ذي زرع.
صارت الأديان السماوية الثلاثة تَدَّعِيه مع الصابئة –والمسلمون أصدقهم- وأَضْحَت شعوبٌ وأعراق تتفاخر بالانتساب إليه, وتنازعت بلدانٌ في شرف نسبته إليهم أو مروره عليهم, وهو مصداق قوله: {وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} [الشعراء84].

الإخلاص ذو آثار عظيمة بعد الممات:
إبراهيم أخلصه الله لنفسه حتى أنه امتحنه بأبيه وولده, ولم يَرَ إبراهيم في حياته كثيرًا مما وعده الله به وما سأله لذريته, فإنه تحقق بعده.
فلا يَيْأَسِ الإنسان المخلص إذا لم يَرَ أثرا كبيرا لدعوته وكتبه ودروسه, فربما يكون الأثر العظيم بعد حياته, ولعل الله زَوَى ذلك عن العبد ليكون أَدْعَى له إلى الإخلاص والافتقار, وحمايةً له من العُجْب والاغترار لو رأى ذلك في حياته.
وكم مِن عالم لم يُكتَبْ له القبول الواسع والصيت الذائع والانتفاع العظيم من علمه إلا بعد وفاته, مثل: الراغب الأصبهاني والنووي وابن تيمية والبيقوني, فلعل الله أخلصهم, إذ لو رأوا ذلك لربما فُتِنُوا.

سرد أسماء الأنبياء:
هذا الموضع من القرآن (الأنعام 83-86) هو أكثر موضع سُرِدَت فيه أسماء الأنبياء (18نبيًّا) فتأمل ذلك مع موضوع السورة وهو الاحتجاج للتوحيد, فإن الأنبياء خير من قام به ودعا إليه.

القدوات:
البحث في سير العظماء هو شأن العقلاء في كل أمة, والأنبياء رأس العظماء, فعلينا إبراز هذه القدوات ونشرها والتعريف بها؛ حتى لا يُتَّخَذَ الجهلةُ قدوات.

تصويب:
التجديد ليس المراد به الإتيان بجديد لا من جهة اللغة كتصريف واشتقاق, ولا من جهة إرادة الشارع، التجديد هو إرجاع الشيء إلى حالته الأولى لما كان جديدا بإبعاد ما أصابه, وهذا هو التجديد في الدين.

الحلقة السادسة:

*في قوله تعالى: (فبهداهم اقتده) ولم يقل: فبهم اقتده, إشارةٌ إلى أنَّ سببَ كونِهم قدوةً هو هدايتهم الكاملة واستقامتهم التامة.
وأما مَن دون الأنبياء فَيُقتدَى بهم فيما وافقوا الحق.

سُمُوُّ الأنبياء والدعاة:
تَتَابَعَ تصريحُ الأنبياء عليهم السلام بعدم طلب الأجر والمال من الخلق ثمنًا للحق والهدى كما في قوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ}, وفي هذا منهج للعالِم والداعية أن لا يتكسب من دعوته, ولا يتطلب المناصب وغيرها بطريق مباشر أو غير مباشر, وأنْ لا يشترط على غيره تكاليف مالية, إلا ما كان من نفقات السفر ونحو ذلك إِنْ لم يملك ثمنها, فهذا هو منهج الأنبياء.

فائدة:
كلمة (العالَمِين) تأتي في القرآن على معنيين:
1-جميع المخلوقات.
2-المكلفون باتباع الرسالة.
ويحدد السياق أحدهما, وقد يجتمع المعنيان في موضع, مثل قوله تعالى:
{إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ* لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ* وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير27-29]
الأولى: المكلفون من الإنس والجن.
الثانية: جميع الخلق.

لفتة:
سُئِلَ الشيخ عبدالرحمن الشهري في سورة الشعراء: لَمَّا ذَكَرَ الله قصص الأنبياء, كل نبي يقول: {قل لا أسألكم عليه أجرا} ما عدا إبراهيم وموسى عليهما السلام, ولم يقولا ذلك أيضا في سائر القرآن.
فتأمل الشيخ في ذلك فوجد أن زعيمَ الخصوم لكليهما رجلٌ له نفقة ومعروف على النبي, بغض النظر عن كفره وعن قصده من تربيته, فأما إبراهيم فقد تزعم مخاصمته والده الذي ربَّاه في صغره وأنفق عليه, وأما موسى فقد تزعم عداوته فرعون الذي رباه في قصره وأنفق عليه, فكان من الأدب عدم قول ذلك لِمَا سَلَفَ منهما, خاصة من الأنبياء ذوي المروءة التامة, الذين يحفظون المعروف مِمَّنْ كان.
وهي محاولة جيدة في اللفتة لكن لا يُجْزَمُ بصحتها, والله أعلم بمراده.

هذا ما انتهيتُ إليه, والحلقات جديرة بالمشاهدة, وقد فرَّغَ أحد المواقع نصوصها كاملة من غير اختصار لمن أراد الاطلاع عليها على هذا الرابط:
https://rehabtanzyl.blogspot.com/sea...date=false&m=1
تمت
ولله الحمد

كتبه/ يوسف بن محمد بن بدوي آل سند الكثيري
أبو عبدالملك
الرياض
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى