تكامل المنهج المعرفي في العلوم الشرعية وأهميته لطلاب علم التفسير

إنضم
22/05/2010
المشاركات
381
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
مصر
بسم1

مقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
وبعد: فإن علم القرآن العظيم: هو أرفع العلوم قدرا، وأجلها خطرا، وأعظمها أجرا، وأشرفها ذكرا([1])، وإن أحق ما صرفت إلى علمه العناية، وبلغت في معرفته الغاية، ما كان لله في العلم به رضا، وللعالم به إلى سبيل الرشاد هدى، وإن أجمع ذلك لباغيه، كتاب الله الذي لا ريب فيه، وتنزيله الذي لا مرية فيه، الفائز بجزيل الذخر وسنى الأجر تاليه، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد([2]).

- أهمية الموضوع .
إن الثقافة المتكاملة الآخذة بطرف من كل علوم هذا العصر = تجعلك أبصر بالحق، وأفقه بالباطل، وأعرف بالناس، وتزيد عدتك التي تعتد بها، وكثير من أبوابها يزيدك فقهًا بالدين، ويعين على التفكير الإبداعي ونقل الأفكار من حقل إلى حقل، وأقل رتبها شيئًا ما يكون كالنومة لا يعسر إعداد نية لها، وليس الخبر كالمعاينة وقد يعسر على صاحب الوجد أن يصف الصبابة وصفًا يحقق ما في نفسه في نفس سامعه فاطلب = تجد .
وإن المفسر لا بد له من الاطلاع على محفز لاستكمال عدته المعرفية، واقتحام المصاعب، وركوب الصعب والذلول للوصول إلى مبتغاه ومن هنا كان هذا البحث .

- مشكلة البحث .
تكمن مشكلة البحث في إبراز ما يحتاج إليه طالب علم التفسير من العلوم على تشعبها، وكثرة مناهجها، ولذا فقد أخرجت من البحث العلوم التي تختص بالقرآن من حيث هو، كالتجويد والقراءات، ورسم المصحف وعد آيه، وعلوم القرآن، وأصول التفسير، ومناهج المفسرين .. إلى غير ذلك إذ هي من خاصة علوم المفسر، وهي صالحة للبحث المفرد .
كذلك فإن طالب علم التفسير المعاصر لا يكفيه أن يطلع على العلوم الشرعية - على كثرة تشعبها - فحسب، بل يلزمه أيضًا أن يطلع على العلوم الإنسانية لا سيما مع استخدامها من قبل أقوام كمدخل للطعن - زعموا - في القرآن وعلومه، لكنها تحتاج كذلك إلى بحث مفرد، ولذا فقد استبعدها الباحث. وعطفًا على ذلك فقد اختار الباحث أن يبحث في أهمية العلوم الشرعية، لضيق الوقت، وقلة الاستقراء اللازم للكتابة في الحاجة للعلوم الإنسانية مع قلة صفحات البحث المحدد من قبل الجهات المنظمة. ومن مشكلات البحث قلة طرح الأمثلة على هذا الموضوع الكبير، ولذلك اعتمد الباحث الإشارة إلى مثال أو مثالين في المتن، والإحالة على المصادر لمزيد من الاطلاع .

- أهداف البحث .
للبحث أهداف أجملها في نقاط:
1- بيان أهمية العلوم الشرعية وأنها إخوة لعلات .
2- بيان التقاطع الكائن بين تلك العلوم مع علم التفسير .
3- ضرب أمثلة من خلال كتب التفسير على أهمية تلك العلوم .
وقد بحثت ذلك عبر مقدمة، وفصلين، في الفصل الأول، كسرته إلى مبحثين، تحدثت في المبحث الأول عن مفهوم التفنن، وفي المبحث الثاني عن مفهوم التخصص، وفي الفصل الثاني تحدثت عن أهمية العلوم الشرعية، فتحدثت عن أهمية علم العقيدة، ثم تحدثت عن أهمية علوم الحديث، فعلوم الفقه وأصوله، فالعربية وفنونها، لأخلص إلى خاتمة تحتوي على أهم النتائج والتوصيات . هذا، ولم يكن ذلك البحث غائبًا عن علمائنا، فقد بحثوه في كتبهم من خلال مبحث ((شروط المفسر وآدابه))([3])، ولذلك قال النووي - رحمه الله - في بيان أهمية جمع الآلات للمفسر: ((ويحرم تفسيره بغير علم، والكلام في معانيه لمن ليس من أهلها، والأحاديث في ذلك كثيرة والاجماع منعقد عليه. وأما تفسيره للعلماء، فجائز حسنٌ، والاجماع منعقد عليه، فمن كان أهلا للتفسير، جامعا للأدوات حتى التي يعرف بها معناه، وغلب على ظنه المراد = فسره إن كان مما يدرك بالاجتهاد كالمعاني والأحكام الجلية والخفية والعموم والخصوص والإعراب وغير ذلك، وإن كان مما لا يدرك بالاجتهاد كالأمور التي طريقها النقل، وتفسير الألفاظ اللغوية = فلا يجوز الكلام فيه إلا بنقل صحيح من جهة المعتمدين من أهله، وأما من كان ليس من أهله لكونه غير جامع لأدواته، فحرام عليه التفسير، لكن له أن ينقل التفسير عن المعتمدين من أهله.))([4]).
وعلى ذلك، أقول: ما هذا الجهد إلا استمداد مما كتبوه، وإبراز لما حرروه، والله أسأل أن يتقبل هذا الجهد إنه خير مسؤول، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله والحمد لله رب العالمين .



[1])) مقدمة تفسير الإمام ابن جزي، (1/10).
[2])) جامع البيان، للطبري: (1/7).
[3])) انظر: البرهان في علوم القرآن: (2/194)، والإتقان في علوم القرآن: (6/2274)، والزيادة والإحسان: (7/410)، وعلوم القرآن بين الإتقان والبرهان: (330 - 342)، وشرح مقدمة ابن جزي: (81)، والمفسر شروطه وآدابه ومصادره (رسالة جامعية) لأحمد قشيري سهيل . ولعل أول من ذكر عنه تقنين العلوم التي يحتاج إليه المفسر، هو الإمام يحيى بن سلام البصري (ت 200)، يقول يحيى بن سلام (ت 200): ((وَلَا يعرف الْقُرْآن إِلَّا من عرف اثْنَتَيْ خصْلَة: الْمَكِّيّ وَالْمَدَنِي، والناسخ والمنسوخ، والتقديم وَالتَّأْخِير، والمقطوع والموصول، وَالْخَاص وَالْعَام، والإضمار والعربية.))، تفسير ابن أبي زمنين: (1/144) . وأشهر من اشتهر عنه ذلك من المتأخرين الإمام الراغب الأصفهاني (ت 502) في مقدمة تفسيره: (1/37).
[4])) التبيان في آداب حملة القرآن: (165).
 
ما شاء الله... موضوع قيم... اخي الفاضل عمرو الشروقاوي...وفقك الله و سدد خطاك... ان شاء الله اقرأ البحث بهدوء و اكتب ما يتسر لي عنه.
 
موضوع أكثر من رائع.. في الحقيقة وضعت يدك على الجرح, ولامست المعاناة خاصة فيما يتعلق بضعف العناية باللغة العربية في الكليات الشرعية, المفترض أن تسير بخط موازي في كل مراحل طلب العلم الشرعي,, فكلما ازداد الطالب عمقا احتاج آلات تساعده على ذلك.
ياليت لو يعاد النظر في مناهج اللغة العربية في الكليات الشرعية, فكم نحن بحاجة إلى تلك اللفتة.
 
كتبت خادمة الفرقان:
ياليت لو يعاد النظر في مناهج اللغة العربية في الكليات الشرعية.
الفاضلة خادمة الفرقان:
احترم رايك، لكن الا تعتقدي ان من أراد طلب العلم و خاصة العلم الشرعي و أخص من ذلك علوم تتعلق بالقران التي من اجلها علم التفسير عليه ن يبذل جهد ذاتي لتعزيز علمه و لا ينتظر من الاخرين ان يرسموا له خطط في طلب العلم التي ربما تناسبه او لا تناسبه.
الحمد لله اهل العلم متوافرون، وسائل الاتصال الحديثة و الانترنت وفر كثير من البدائل للبحث و السؤال.
لا اقول هذا الكلام تقليلا من دور الكليات الشرعية و غيرها، لكن من ينتظر من الاخرين سينتظر الكثير، و ربما اذا جاء ما انتظره لن يجده يناسبه.
طلب العلم و ليس الشهادات ينبع من الذات و هذا بعد طلب العون الكريم يحتاج الى همه و صبر و الاعتماد على النفس المقرون باخذ الطرق النافعة في طلب العلم من سؤال اهل العلم و غيره.
وفقنا الله لما يحب و يرضى.
 
حياك الله وبارك فيك..

نعم أتفق معك تماماً , ومهما كان للكليات الشرعية من دور كبير فهي إنما تعطي مفاتيح ,والعالم بلا شك هو من يبني نفسه بنفسه , فالعلم بحر و أكبر من أن يحصر في سنوات معدودة وشهادات محددة.
ولكن الإشكال في هذه المسألة من عدة وجوه يصعب حصرها الآن, وزبدة القول أن كثير من طلاب العلم وخاصة في المناطق النائية عن المدن التي تقام فيها الدورات العلمية ,تكون الكلية هي النواة الأولى لطلب العلم عنده, فهي بذلك ترسم له منهجية يعتبرها أساساً يبني عليه شيئا فشيئاً, فإذا كان فيها قصور في بعض المناهج لاعجب في أن ينعكس على منهجيته هو التي رسمها لنفسه.
من جانب آخر لابد من تأهيل طلاب الكليات الشرعية في هذا الباب تأهيلاً لائقاً بتخصصهم لأن ذلك سيعود على الطلاب الذين يتخرجون على أيديهم في المستقبل.
أيضاً العناية بعلوم اللغة العربية, وإبراز كنوزها, يعمل على تحسين المخرجات في هذا الجانب, والله مما يؤلم حقيقة أن نرى طالب علم أعجمي يتحدث بفصاحة , بينما طالب شريعة عندنا يُرى عليه من الأخطاء ما لايغتفر إطلاقاً !! و والله إني لا أبالغ بل أتكلم من واقع رأيته مع أسفي.
أما مسألة أننا سننتظر كثيراً: ماقصدته هو للأجيال القادمة بإذن الله , وكون الإنسان رأى قصوراً في جانب ما قد تخطاه؛ لايعني أنه لايسعى إلى تحسينه ؛ بالعكس كثير من المناهج المطورة التي استفدنا منها كانت عبارة عن فكرة ممن هم قبلنا ؛ أحسوا بأهميتها فأهدوها لنا.

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
 
بسم1
جزاك الله خير على الموضوع المهم جدا، وهو كما ذكرت ياتي في باب شروط المفسر، وايضا في مقدمات التفاسير تاصيلا للمنهجية وتفصيلا للعلوم التخصصية، اما مسالة الاولية في التقنين فلإن كان يحيى بن سلام اول من قنن فلعله كذلك، لكن بطريق الجمع للشروط، اما الاشارة لافرادها فكان منذ عهد الصحابة في كلام محفوظ للامام علي عليه السلام في معرفة الناسخ والمنسوخ، وكذا لابن عباسرضي الله عنهما في انواع علوم القران من محكم ومتشابه، ولمجاهد ومالكرحمها الله في شرط العربية.
ملاحظة: الرابط لا يعمل.
 
عودة
أعلى