فهد الوصيفر
New member
- إنضم
- 10/10/2010
- المشاركات
- 8
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذا تقييم لكتاب:
أولاً: الجانب الفني:
1- عنوان الكتاب: أسباب اختلاف المُفسرين في تفسير آيات الأحكام.
وهنا قد يقول قائل: هل هناك فرقٌ بين أسباب الاختلاف في تفسير آيات الأحكام وغيرها مِن الآيات؟
أقول: قد بيّن الباحث أنّه جعل مجال البحث في آيات الأحكام فقط, بمعنى أنّه أراد تضييق الدائرة لنفسه وتقييد بحثه, وأن
يكون نظره في تفسير آيات الأحكام المتعلقة بأفعال المكلفين – الفقهيّة - فقط, ومرجعه الكتب التي اعتنت بذلك, ويستنبط
أسباب الاختلاف مِن خلالها, وقد ذكر الباحث أنَّ أسباب الخلاف في تفسير آيات الأحكام تنطبق إلى حدٍّ كبير على أسباب
الخلاف في غيرها مِن الآيات, وبيّن أنّ النظر في تفسير جميع الآيات واسع ويطول؛ وعلى هذا فإنه فاتته أسباب أخرى نتيجة
تضييقه لدائرة بحثه, ولا عتْب عليه دامه بيّن منهجه في البحث.
لذا يُمكن أن يُقال: لو أنَّ الباحث وَسَمَ بحثه بــ(أسباب اختلاف المفسرين مِن خلال تفسير آيات الأحكام) لكان أدق
وأدلّ على المقصود.
2- اسم المؤلف: الدكتور/عبد الإله حُوري الحُوري.
3- دار الطباعة والنشر: دار النوادر.
4- رقم الطبعة: الطبعة الأولى 1429هـ -2008م.
5- حجم الكتاب وعدد صفحاته: مقاس الورق (24× 17) وعدد الصفحات (478).
6- مستوى الطباعة ونوع الخط والورق: ممتاز.
7- مستوى التجليد: ممتاز.
ثانياً: خطّة الكتاب:
1- خلاصة هدف الكتاب: هو بيان الأسباب التي أدت إلى اختلاف المفسرين عموماً, وخاصة في آيات الأحكام, مما يجعل القارئ على بيّنة مِن مآخذ أقوالهم واختياراتهم, وأن يلتمس العُذر لهم, وكذا بيان الدوافع التي تحملهم على هذا الاختلاف.
2- فهرس المحتويات:
مقدمة
منهج البحث
الدراسات السابقة
خطة البحث
التمهيد
تحرير الألفاظ
موقف الشريعة الإسلامية مِن الاختلاف
لمحة عن تاريخ التفسير الفقهي
الفصل الأول: الأسباب التي ترجع إلى المُفسر
مقدمة
المبحث الأول: مذهب المُفسر الفقهي وأثره في اختلاف المفسرين
المبحث الثاني: المذهب العقدي للمفسر وأثره في اختلاف المفسرين
المبحث الثالث: عصر المفسر وأثره في اختلاف المفسرين
الفصل الثاني: أسباب النزول وأثرها في اختلاف المفسرين
الفصل الثالث: القراءات وأثرها في اختلاف المفسرين
الفصل الرابع: قرينة السياق وأثرها في اختلاف المفسرين
الفصل الخامس: احتمال العموم والخصوص وأثره في اختلاف المفسرين
الفصل السادس: احتمال الحقيقة والمجاز وأثره في اختلاف المفسرين
الفصل السابع: الإجمال وأثره في اختلاف المفسرين
الفصل الثامن: احتمال الإطلاق والتقييد وأثره في اختلاف المفسرين
الفصل التاسع: مفهوم المخالفة وأثره في اختلاف المفسرين
الفصل العاشر: حروف المعاني وأثرها في اختلاف المفسرين
الفصل الحادي عشر: الحديث الشريف وأثره في اختلاف المفسرين
الخاتمة
الفهارس العامة
3- أهم المسائل التي حُررت في الكتاب: هو أثر المذهب العقدي للمفسر في تفسير آيات الأحكام, وهو ملحظ دقيق أبرزه
–جزاه الله خيراً-؛ ذلك أنَّ المعلوم والمشهور أنَّ المذهب العقدي للمفسر أثره يكون على الآيات المتعلقة بالأحكام الاعتقادية
فحسب, ويُغفل عن أنَّ مِن أسباب الخلاف في الأحكام وآيات الأحكام هو المذهب العقدي, وهو إن كان بشكل أقل, لكنه
موجود, والباحث لم يُكثر مِن الأمثلة في هذا الباب, فقد جاء بثلاثة أمثلة اثنان منها للشيعية الإماميّة, ولو اعتاض عنهم بغيرهم
مِن أصحاب المذاهب الأخرى لكان أولى.
ثالثاً: مزايا الكتاب وسلبياته:
1-السلامة مِن الأخطاء المطبعية والإملائية:توجد عنده أخطاء مطبعية وإملائية بشكل قليل جداً.
وأما بالنسبة لعلامات الترقيم لم تحظ بعناية جيدة مِن المؤلف فيما يظهر, فمثلاً الجمل الدعائية لا يميزها في أثناء الكلام في الغالب, وكذا بعض النقول فاته تمييزها في أولها, وأما آخرها فإنه يميزها بعزوه لها, كذلك علامة التنوين فإنه لا يُثبتها في الغالب, كذلك يوجد بعض الأخطاء في الصف والذي وقفت عليه في موضع واحد في ص (167) س (3, 4) فصلهما وهما متصلين.
2- الفئة المستهدفة بالكتاب, ومدى تحقيق هدف الكتاب: هم طُلاّب العلم عموماً, وطُلاّب علم التفسير والفقه خصوصاً, وأهل الاختصاص فيهما.
أما مدى تحقيق هدف الكتاب: فإنَّ الباحث بذل جهداً طيّباً حقق مِن خلاله هدفه مِن هذا البحث.
3-جوانب التجديد في الكتاب: هو جمعه لهذه الأسباب وتطبيق الأمثلة عليها وبيان ثمرة الخلاف المترتبة على هذه الأسباب, وكذا تقسمه لأسباب الاختلاف؛ إلى أسباب بحسب الدوافع, وأسباب بحسب المُختلف فيه, وأسباب ترجع إلى المُفسر, ومسائل خلافية كان لها أثر في الاختلاف بين المفسرين, وإن كان قد يدخل بعضها في بعض, لكن تفصيلها وإبرازها كان جيداً.
4- الاستطرادات في الكتاب ومدى مناسبتها: توجد بعض الاستطرادات التي قد يراها الباحث ليست كذلك وأنها ضرورية,
فهذا مما تختلف فيه وجهات النظر, لكن الذي أراه أنه استطرد في بعض الأحيان عند التمهيد للمسائل الخلافية التي كان لها أثر
في اختلاف المفسرين, وإن كان بعضها قد تكون الحاجة ماسة إليه؛ فمِن الاستطرادات التي لا أرى حاجة لها: نقلٌ عن القرطبي في
ص: (180) في سبعة أسطر ونصف, وقد يوجهه الباحث ويُخالفني في هذا, لكن هذا ما ظهر لي, والله أعلم.
5- لغة الكتاب ومناسبتها للفئة المستهدفة: جيدة ومناسبة في الجملة.
6- مستوى التوثيق العلمي في الكتاب: جيد, لكن لي عليه ملحوظة, وهي أنه ذكر في المقدمة أنَّ تخريجه للأحاديث سيقتصر فيه
على ذكر الكتاب والباب دون ذكر رقم الحديث أو رقم الجزء والصفحة؛ لأنها تختلف مِن طبعة إلى أخرى, وأما اسم الكتاب
والباب ثابت في كل الطبعات.
قلتُ: هذا ليس مطلقاً, فإنَّ بعض الكتب وإن اختلفت الطبعات تتفق في الرقم للحديث في الغالب, ويُقابله أنه في بعض الطبعات
قد تختلف الكتب والأبواب لاختلاف النّسخ, ثم إنَّ في كتابة الرقم أو رقم الجزء والصفحة أيسر وأسرع في الوصول للمعلومة,
خاصة إذا بينت مواصفات النسخة في الحاشية أو في المصادر في آخر الكتاب. ثم إنَّ الباحث لم يطرد ذلك, فقد كتب في بعض
المواطن رقم الجزء والصفحة لبعض كتب الحديث, وكان كتابة رقم الحديث أولى وأيسر في الوصول للمعلومة مع اختلاف
الطبعات؛ كما في ص: (306).
7- نوعية النقول مِن المصادر وحجمها ومناسبتها: جيدة ومفيدة مِن حيث الجملة.
8- حواشي الكتاب ومناسبتها: مناسبة مِن حيث الجملة, إلا أنه في بعض المواضع -فيما يظهر لي- أنه أثقلها بما لا حاجة له فيما
يتعلق بموضوع وصلب البحث, إنما هو يتعلق بالتمهيد ونحوه, فمثلاً عندما يَختار تعريفاً لمصطلح معيّنٍ, يَسرد في الحاشية بقيّة
التعاريف أو أكثرها, كما في ص (219, 283, 287), كذلك التراجم للأعلام كان بإمكانه أن يُوجز أكثر فيها.
9- طول الكتاب أو قصره بالنسبة للموضوع: مناسب مِن حيث الجملة.
10- التكرار في الكتاب: يوجد في بعض المواضع؛ منها: نقلٌ لابن عبد السلام في ص (192), وقد تقدم ص (188).
ومنها: نقل عن ابن الجوزي ص (322), تقدم معناه, فلا حاجة لذكره.
ومنها: بعض الأمثلة كررها في أكثر مِن مبحث تحت موضوعات مختلفة, ولو أنه جاء بأمثلة جديدة لكان أكثر إثراءاً لبحثه,
ومن الأمثلة التي تكررت في ص (77, 206, 214).
11- أوهام الكتاب العلمية: لم أقف وأتنبه له على شيء مِن الأوهام, بل كانت عنده دقة جيدة.
12- المباحث أو المسائل الضعيفة في الكتاب: لم أقف على مباحث ضعيفة في الكتاب, بل كانت مباحثه جيدة ومفيدة في الجملة,
إلا أنه في مبحث: عصر المفسر وأثره في اختلاف المفسرين, ركّز على قضية الأعراف واختلافها مِن زمان إلى آخر, وكان عرضه
لها جيداً ودقيقاً ومفيداً, لكنه أغفل جوانب أخرى تتعلق بعصر المُفسر, ولها أثر كبير على المُفسر, وهي بيئته العامة والخاصة في
جوانب متعددة ومهمة.
13- إيجابيات أخرى:
أ- وصف الباحث للمنهج الذي سيلكه في الكتاب كان جيداً وقد تقيّد به في الغالب.
ب- عناية الباحث بعد ذكر الأمثلة أن يذكر أثر الخلاف المترتب على السبب المذكور.
ت- بيّن الباحث قضية مهمة وهي أننا لا نستطيع أن نجزم في كثير من الآيات –التي ظهر لنا أن مفسرها قد حملها على مذهبه
الفقهي- أن المفسر قد دفعه تعصبه المذهبي لما ذهب إليه, وذلك لأنّ الإنسان إذا نشأ في وسط معين ألِف هذا الوسط, وطول
الإلف يجعل النفس تميل إلى ما ألفته, ومن هنا نستطيع القول بأن ميل كثير من المفسرين في تفسير آيات الأحكام لمذاهبهم
الفقهية إنما هو من هذا الباب (ص 46).
ث- تمهيده للفصول والأسباب كان جيداً, ويُعطي تصوراً واضحاً للسبب وأثره.
ج- توجد عند الباحث دقة وعناية بتحرير بعض المسائل, والعناية ببعض المحترزات في التعاريف للمصطلحات وغيرها.
14- سلبيات أخرى:
أ- عندما تكلّم الباحث على الدراسات السابقة, لم يذكر سوى دراسة أ.د/ سعود بن عبد الله الفنيسَان, في رسالته
للدكتوراه, بعنوان: (اختلاف المفسرين: أسبابه وآثاره), ولي على الباحث في كلامه عدة وقفات –آمل أن يتسع لي صدر
الباحث معها-:
الأولى: أنّه ذكر ما يُؤخذ على الرسالة فقط, ولم يُبيّن ما تميّزت به ومدى تحقيقه لهدف البحث.
الثانية: لم يذكر الباحث الجوانب أو المباحث التي استفادها مِن بحث الدكتور, خاصة وأنّ الباحث لم يذكر في الدراسات
السابقة إلا رسالته, فلا شك أنّه قد أفاد منها ولو بعض الشيء كعناصر أو أسباب أو نحو ذلك, بل إنّ الباحث لم يذكر
رسالة الدكتور ضمن فهرس المصادر, وأستبعد أنه لم يستفد منها شيئاً؟.
الثالثة: أنّ المأخذ الذي ذكره الباحث على بحث الدكتور, في الحقيقة مأخذٌ لا يُقبل, وبيان ذلك: أنَّ الباحث ذكر أنَّ
الدكتور لم يجعل مُنطلقه في البحث كتب التفسير, وأنّه وضع أسباباً مُتصورة ثم بحث لها عن أمثلة في كتب التفسير.
أقول: إنَّ هذه دعوى تحتاج إلى دليل بيّن, فهل ذكر هذا الدكتور في مقدمة بحثه؟, إذ كيف لم يجعل كتب التفسير منطلقه
وبحثه إنما في أسباب اختلافهم؟
ثم إنّ أسباب الاختلاف بين العلماء في جميع علوم الشريعة تتفق كثيراً, وتزيد في بعض الفنون على بعض الشيء اليسير, ولذا
فإنّ أسباب الاختلاف بين العلماء التي ذكرها الدكتور وذكرها الباحث واحدة في الغالب, وهي موجودة في كلام أهل
العلم قبلهما؛ كما في رسالة تقي الدين (رفع الملام), فأكثر الأسباب قد ذكرها ابن تيمية في رسالته, وذكرها قبله ابن حزم
في بعض كتبه, لكنّ الشأن هو في تحليل هذه الأسباب ودراستها وتنزيلها على الأمثلة, وبيان الثمرة المترتبة عليها وعلى
معرفتها, وقد يستنبط بعض أهل العلم أسباباً أخرى لم يُسبق إليها تجد فيها العمق والدقة, فيُكمّل بها جهود مَن سبقه مِن
العلماء.
والمقصود أنه على فرض أنَّ الدكتور وضع أسباباً متصورة, فهذا قد يكون له وجهه.
ثم كون الباحث استظهر أنّ الدكتور لم يجعل كتب التفسير منطلقه بأنه تتبع كتب التفسير التي رجع إليها الدكتور فوجد أنها
لم تزد عن أحد عشر تفسيراً, والمواضع التي رجع فيها إلى هذه التفاسير قليلة.
أقول: هذا الكلام غير دقيق, وليس دليلاً معتبراً على ما توصل إليه, ذلك أنه ما الذي يضير الباحث الذي رسم لنفسه
منهجاً يسير عليه أن يُقيد حدود بحثه في عدد من التفاسير يرى أنها من أجمع التفاسير وأكثرها عناية بذكر الخلاف, بل هي
كذلك-كما بيّنها الباحث في الحاشية-, كما أنَّ الباحث أيضاً قد قيّد بحثه بآيات الأحكام, وقد ذكر الدكتور في مقدمته أنّه
آثر الاختصار غير المخل على التطويل الممل.
ثم في قول الباحث إنّ المواضع التي رجع إليها الدكتور في هذه التفاسير قليلة, دعوى بدون دليل, ذلك أنّه لا يلزم الباحث
أن يذكر جميع المواضع التي رجع إليها في مصادره, هذا لا يقول به أحد, لكن حسبه أن يذكر المواضع التي نقل عنها أو
يحتاج إليها.
ثم إنّ مما ينبغي مراعاته أنّ الدكتور قد كتب بحثه في وقت لم تطبع فيه كثير من الكتب, فقد ناقش رسالته عام 1402هـ,
كذلك أنَّ موضوعه لم يُسبق إليه على سبيل الاستقلال, فهو بكر كما ذكر في مقدمته.
وأيضاً فإنَّ هذه الرسالة الجامعيّة قد خضعت لأشراف عالمٍ جليلٍ هو الشيخ/عبد الرزاق عفيفي رحمه الله, وقد أفاد منه
الدكتور كثيراً في بحثه كما ذكر, لذا فالتقليل مِن شأن هذه الرسالة غير مقبول.
وفي الختام أقول: إنّ الذي حملني على الإطالة في هذا الموضع: أن أذكّر نفسي وإخواني الباحثين أنّ مِن جميل أخلاق طالب
العلم أن لا يُقلل مِن جهود إخوانه ليُبرز جهده على حسابهم, بل الواجب عليه أن يُثني عليها خيراً-خاصة ما بذل فيها
جهد واضح وكان الباحث ممن عُرف بطلب العلم-, وأيضاً أن يُبين جوانب النقص التي سيكملها ويستدركها ويترك
القارئ يعرف ويُدرك ما تميّز به البحث عن غيره.
الرابعة: أنّ الباحث لم يستقصي الكتب التي أُلفت في موضوعه غير بحث الدكتور/سعود, فقد ألّف الأستاذ الدكتور/محمد بن
عبد الرحمن الشايع, كتاباً بعنوان: (أسباب اختلاف المفسرين) طبع في مكتبة العبيكان عام 1416هـ-كما أفادني شيخنا
الدكتور/عبد الرحمن الشهري, وفقه الله-, وأجده كتاباً مفيداً موجزاً-في 150 صفحة- قد أتى على أهم الأسباب ومثّل
لها, وقد ذكر المؤلفات في أسباب الاختلاف قبله, وهذا ما فات الباحث هنا.
ومع ذلك فإنّ الباحث -جزاه الله خيراً- زاد أشياء مفيدة ومهمة عليهما.
ب- ذكر الباحث أقوال الشيعة الإماميّة مع مصاف أقوال العلماء الكبار-علماء أهل السنة مِن المفسرين وغيرهم-, وأفرد لهم
أمثلة في بعض المباحث كما في ص (54, 63, 66), وفي نظري أنَّ الأولى عدم ذكر أقوالهم وآرائهم في مقام الاعتداد بها في
كتب أهل السنة؛ حتى لا يُشعر بأنها أقوال معتبرة, ذلك أنه كما لا يخفى أنه مذهب قائم على الهوى نسأل الله السلامة
والعافية, قال الدكتور/محمد حسين الذهبي رحمه الله: (فغالب ما في كتب الإماميّة الإثني عشرية في تأويل الآيات وتنزيلها،
وفي ظهر القرآن وبطنه، استخفاف بالقرآن والكريم، ولعب بآيات الذكر الحكيم, وإذا كان لهم في تأويل الآيات وتنزيلاتها
أغلاط كثيرة، فليس مِن المعقول أن تكون كلها صادرة عن جهل منهم، بل المعقول أنّ بعضها قد صدر عن جهل منهم,
والكثير منها صدر عمداً عن هوى ملتزم) (التفسير والمفسرون 2/30)
وأما أن يُذكر مذهبهم لبيان شُبهه والرد عليها فهذا لا إشكال فيه, والله أعلم.
ومما أُنبه عليه أنّه توجد عند الباحث بعض المسائل التي قد يُخالفه فيها غيره مِن العلماء, لكن هذا ما أداه إليه اجتهاده, ولا
عتْب عليه إن كان قد قال بقوله واختياره أحد مِن أهل العلم ممن سبق, والمقصود مِن هذه الكتابة تقييم الكتاب فحسب.
هذا ما يسّر الله تعالى تقييده خلال قراءتي وتصفحي لهذا الكتاب النافع, فإن وُفّقت فمِن الله, وإن أخطأت فمِن نفسي
والشيطان.
والله أسأل أن يرزقني والباحث والقارئ العلم النافع والعمل الصالح, وأن يهدينا للحق وإلى صراطه المستقيم بمنه وكرمه آمين.
أما بعد: فهذا تقييم لكتاب:
وفق نقاط معينة, آمل مِن خلالها أن يكون لدى القارئ الكريم تصور مبدئي عن هذا الكتاب المفيد:
أولاً: الجانب الفني:
1- عنوان الكتاب: أسباب اختلاف المُفسرين في تفسير آيات الأحكام.
وهنا قد يقول قائل: هل هناك فرقٌ بين أسباب الاختلاف في تفسير آيات الأحكام وغيرها مِن الآيات؟
أقول: قد بيّن الباحث أنّه جعل مجال البحث في آيات الأحكام فقط, بمعنى أنّه أراد تضييق الدائرة لنفسه وتقييد بحثه, وأن
يكون نظره في تفسير آيات الأحكام المتعلقة بأفعال المكلفين – الفقهيّة - فقط, ومرجعه الكتب التي اعتنت بذلك, ويستنبط
أسباب الاختلاف مِن خلالها, وقد ذكر الباحث أنَّ أسباب الخلاف في تفسير آيات الأحكام تنطبق إلى حدٍّ كبير على أسباب
الخلاف في غيرها مِن الآيات, وبيّن أنّ النظر في تفسير جميع الآيات واسع ويطول؛ وعلى هذا فإنه فاتته أسباب أخرى نتيجة
تضييقه لدائرة بحثه, ولا عتْب عليه دامه بيّن منهجه في البحث.
لذا يُمكن أن يُقال: لو أنَّ الباحث وَسَمَ بحثه بــ(أسباب اختلاف المفسرين مِن خلال تفسير آيات الأحكام) لكان أدق
وأدلّ على المقصود.
2- اسم المؤلف: الدكتور/عبد الإله حُوري الحُوري.
3- دار الطباعة والنشر: دار النوادر.
4- رقم الطبعة: الطبعة الأولى 1429هـ -2008م.
5- حجم الكتاب وعدد صفحاته: مقاس الورق (24× 17) وعدد الصفحات (478).
6- مستوى الطباعة ونوع الخط والورق: ممتاز.
7- مستوى التجليد: ممتاز.
ثانياً: خطّة الكتاب:
1- خلاصة هدف الكتاب: هو بيان الأسباب التي أدت إلى اختلاف المفسرين عموماً, وخاصة في آيات الأحكام, مما يجعل القارئ على بيّنة مِن مآخذ أقوالهم واختياراتهم, وأن يلتمس العُذر لهم, وكذا بيان الدوافع التي تحملهم على هذا الاختلاف.
2- فهرس المحتويات:
مقدمة
منهج البحث
الدراسات السابقة
خطة البحث
التمهيد
تحرير الألفاظ
موقف الشريعة الإسلامية مِن الاختلاف
لمحة عن تاريخ التفسير الفقهي
الفصل الأول: الأسباب التي ترجع إلى المُفسر
مقدمة
المبحث الأول: مذهب المُفسر الفقهي وأثره في اختلاف المفسرين
المبحث الثاني: المذهب العقدي للمفسر وأثره في اختلاف المفسرين
المبحث الثالث: عصر المفسر وأثره في اختلاف المفسرين
الفصل الثاني: أسباب النزول وأثرها في اختلاف المفسرين
الفصل الثالث: القراءات وأثرها في اختلاف المفسرين
الفصل الرابع: قرينة السياق وأثرها في اختلاف المفسرين
الفصل الخامس: احتمال العموم والخصوص وأثره في اختلاف المفسرين
الفصل السادس: احتمال الحقيقة والمجاز وأثره في اختلاف المفسرين
الفصل السابع: الإجمال وأثره في اختلاف المفسرين
الفصل الثامن: احتمال الإطلاق والتقييد وأثره في اختلاف المفسرين
الفصل التاسع: مفهوم المخالفة وأثره في اختلاف المفسرين
الفصل العاشر: حروف المعاني وأثرها في اختلاف المفسرين
الفصل الحادي عشر: الحديث الشريف وأثره في اختلاف المفسرين
الخاتمة
الفهارس العامة
3- أهم المسائل التي حُررت في الكتاب: هو أثر المذهب العقدي للمفسر في تفسير آيات الأحكام, وهو ملحظ دقيق أبرزه
–جزاه الله خيراً-؛ ذلك أنَّ المعلوم والمشهور أنَّ المذهب العقدي للمفسر أثره يكون على الآيات المتعلقة بالأحكام الاعتقادية
فحسب, ويُغفل عن أنَّ مِن أسباب الخلاف في الأحكام وآيات الأحكام هو المذهب العقدي, وهو إن كان بشكل أقل, لكنه
موجود, والباحث لم يُكثر مِن الأمثلة في هذا الباب, فقد جاء بثلاثة أمثلة اثنان منها للشيعية الإماميّة, ولو اعتاض عنهم بغيرهم
مِن أصحاب المذاهب الأخرى لكان أولى.
ثالثاً: مزايا الكتاب وسلبياته:
1-السلامة مِن الأخطاء المطبعية والإملائية:توجد عنده أخطاء مطبعية وإملائية بشكل قليل جداً.
وأما بالنسبة لعلامات الترقيم لم تحظ بعناية جيدة مِن المؤلف فيما يظهر, فمثلاً الجمل الدعائية لا يميزها في أثناء الكلام في الغالب, وكذا بعض النقول فاته تمييزها في أولها, وأما آخرها فإنه يميزها بعزوه لها, كذلك علامة التنوين فإنه لا يُثبتها في الغالب, كذلك يوجد بعض الأخطاء في الصف والذي وقفت عليه في موضع واحد في ص (167) س (3, 4) فصلهما وهما متصلين.
2- الفئة المستهدفة بالكتاب, ومدى تحقيق هدف الكتاب: هم طُلاّب العلم عموماً, وطُلاّب علم التفسير والفقه خصوصاً, وأهل الاختصاص فيهما.
أما مدى تحقيق هدف الكتاب: فإنَّ الباحث بذل جهداً طيّباً حقق مِن خلاله هدفه مِن هذا البحث.
3-جوانب التجديد في الكتاب: هو جمعه لهذه الأسباب وتطبيق الأمثلة عليها وبيان ثمرة الخلاف المترتبة على هذه الأسباب, وكذا تقسمه لأسباب الاختلاف؛ إلى أسباب بحسب الدوافع, وأسباب بحسب المُختلف فيه, وأسباب ترجع إلى المُفسر, ومسائل خلافية كان لها أثر في الاختلاف بين المفسرين, وإن كان قد يدخل بعضها في بعض, لكن تفصيلها وإبرازها كان جيداً.
4- الاستطرادات في الكتاب ومدى مناسبتها: توجد بعض الاستطرادات التي قد يراها الباحث ليست كذلك وأنها ضرورية,
فهذا مما تختلف فيه وجهات النظر, لكن الذي أراه أنه استطرد في بعض الأحيان عند التمهيد للمسائل الخلافية التي كان لها أثر
في اختلاف المفسرين, وإن كان بعضها قد تكون الحاجة ماسة إليه؛ فمِن الاستطرادات التي لا أرى حاجة لها: نقلٌ عن القرطبي في
ص: (180) في سبعة أسطر ونصف, وقد يوجهه الباحث ويُخالفني في هذا, لكن هذا ما ظهر لي, والله أعلم.
5- لغة الكتاب ومناسبتها للفئة المستهدفة: جيدة ومناسبة في الجملة.
6- مستوى التوثيق العلمي في الكتاب: جيد, لكن لي عليه ملحوظة, وهي أنه ذكر في المقدمة أنَّ تخريجه للأحاديث سيقتصر فيه
على ذكر الكتاب والباب دون ذكر رقم الحديث أو رقم الجزء والصفحة؛ لأنها تختلف مِن طبعة إلى أخرى, وأما اسم الكتاب
والباب ثابت في كل الطبعات.
قلتُ: هذا ليس مطلقاً, فإنَّ بعض الكتب وإن اختلفت الطبعات تتفق في الرقم للحديث في الغالب, ويُقابله أنه في بعض الطبعات
قد تختلف الكتب والأبواب لاختلاف النّسخ, ثم إنَّ في كتابة الرقم أو رقم الجزء والصفحة أيسر وأسرع في الوصول للمعلومة,
خاصة إذا بينت مواصفات النسخة في الحاشية أو في المصادر في آخر الكتاب. ثم إنَّ الباحث لم يطرد ذلك, فقد كتب في بعض
المواطن رقم الجزء والصفحة لبعض كتب الحديث, وكان كتابة رقم الحديث أولى وأيسر في الوصول للمعلومة مع اختلاف
الطبعات؛ كما في ص: (306).
7- نوعية النقول مِن المصادر وحجمها ومناسبتها: جيدة ومفيدة مِن حيث الجملة.
8- حواشي الكتاب ومناسبتها: مناسبة مِن حيث الجملة, إلا أنه في بعض المواضع -فيما يظهر لي- أنه أثقلها بما لا حاجة له فيما
يتعلق بموضوع وصلب البحث, إنما هو يتعلق بالتمهيد ونحوه, فمثلاً عندما يَختار تعريفاً لمصطلح معيّنٍ, يَسرد في الحاشية بقيّة
التعاريف أو أكثرها, كما في ص (219, 283, 287), كذلك التراجم للأعلام كان بإمكانه أن يُوجز أكثر فيها.
9- طول الكتاب أو قصره بالنسبة للموضوع: مناسب مِن حيث الجملة.
10- التكرار في الكتاب: يوجد في بعض المواضع؛ منها: نقلٌ لابن عبد السلام في ص (192), وقد تقدم ص (188).
ومنها: نقل عن ابن الجوزي ص (322), تقدم معناه, فلا حاجة لذكره.
ومنها: بعض الأمثلة كررها في أكثر مِن مبحث تحت موضوعات مختلفة, ولو أنه جاء بأمثلة جديدة لكان أكثر إثراءاً لبحثه,
ومن الأمثلة التي تكررت في ص (77, 206, 214).
11- أوهام الكتاب العلمية: لم أقف وأتنبه له على شيء مِن الأوهام, بل كانت عنده دقة جيدة.
12- المباحث أو المسائل الضعيفة في الكتاب: لم أقف على مباحث ضعيفة في الكتاب, بل كانت مباحثه جيدة ومفيدة في الجملة,
إلا أنه في مبحث: عصر المفسر وأثره في اختلاف المفسرين, ركّز على قضية الأعراف واختلافها مِن زمان إلى آخر, وكان عرضه
لها جيداً ودقيقاً ومفيداً, لكنه أغفل جوانب أخرى تتعلق بعصر المُفسر, ولها أثر كبير على المُفسر, وهي بيئته العامة والخاصة في
جوانب متعددة ومهمة.
13- إيجابيات أخرى:
أ- وصف الباحث للمنهج الذي سيلكه في الكتاب كان جيداً وقد تقيّد به في الغالب.
ب- عناية الباحث بعد ذكر الأمثلة أن يذكر أثر الخلاف المترتب على السبب المذكور.
ت- بيّن الباحث قضية مهمة وهي أننا لا نستطيع أن نجزم في كثير من الآيات –التي ظهر لنا أن مفسرها قد حملها على مذهبه
الفقهي- أن المفسر قد دفعه تعصبه المذهبي لما ذهب إليه, وذلك لأنّ الإنسان إذا نشأ في وسط معين ألِف هذا الوسط, وطول
الإلف يجعل النفس تميل إلى ما ألفته, ومن هنا نستطيع القول بأن ميل كثير من المفسرين في تفسير آيات الأحكام لمذاهبهم
الفقهية إنما هو من هذا الباب (ص 46).
ث- تمهيده للفصول والأسباب كان جيداً, ويُعطي تصوراً واضحاً للسبب وأثره.
ج- توجد عند الباحث دقة وعناية بتحرير بعض المسائل, والعناية ببعض المحترزات في التعاريف للمصطلحات وغيرها.
14- سلبيات أخرى:
أ- عندما تكلّم الباحث على الدراسات السابقة, لم يذكر سوى دراسة أ.د/ سعود بن عبد الله الفنيسَان, في رسالته
للدكتوراه, بعنوان: (اختلاف المفسرين: أسبابه وآثاره), ولي على الباحث في كلامه عدة وقفات –آمل أن يتسع لي صدر
الباحث معها-:
الأولى: أنّه ذكر ما يُؤخذ على الرسالة فقط, ولم يُبيّن ما تميّزت به ومدى تحقيقه لهدف البحث.
الثانية: لم يذكر الباحث الجوانب أو المباحث التي استفادها مِن بحث الدكتور, خاصة وأنّ الباحث لم يذكر في الدراسات
السابقة إلا رسالته, فلا شك أنّه قد أفاد منها ولو بعض الشيء كعناصر أو أسباب أو نحو ذلك, بل إنّ الباحث لم يذكر
رسالة الدكتور ضمن فهرس المصادر, وأستبعد أنه لم يستفد منها شيئاً؟.
الثالثة: أنّ المأخذ الذي ذكره الباحث على بحث الدكتور, في الحقيقة مأخذٌ لا يُقبل, وبيان ذلك: أنَّ الباحث ذكر أنَّ
الدكتور لم يجعل مُنطلقه في البحث كتب التفسير, وأنّه وضع أسباباً مُتصورة ثم بحث لها عن أمثلة في كتب التفسير.
أقول: إنَّ هذه دعوى تحتاج إلى دليل بيّن, فهل ذكر هذا الدكتور في مقدمة بحثه؟, إذ كيف لم يجعل كتب التفسير منطلقه
وبحثه إنما في أسباب اختلافهم؟
ثم إنّ أسباب الاختلاف بين العلماء في جميع علوم الشريعة تتفق كثيراً, وتزيد في بعض الفنون على بعض الشيء اليسير, ولذا
فإنّ أسباب الاختلاف بين العلماء التي ذكرها الدكتور وذكرها الباحث واحدة في الغالب, وهي موجودة في كلام أهل
العلم قبلهما؛ كما في رسالة تقي الدين (رفع الملام), فأكثر الأسباب قد ذكرها ابن تيمية في رسالته, وذكرها قبله ابن حزم
في بعض كتبه, لكنّ الشأن هو في تحليل هذه الأسباب ودراستها وتنزيلها على الأمثلة, وبيان الثمرة المترتبة عليها وعلى
معرفتها, وقد يستنبط بعض أهل العلم أسباباً أخرى لم يُسبق إليها تجد فيها العمق والدقة, فيُكمّل بها جهود مَن سبقه مِن
العلماء.
والمقصود أنه على فرض أنَّ الدكتور وضع أسباباً متصورة, فهذا قد يكون له وجهه.
ثم كون الباحث استظهر أنّ الدكتور لم يجعل كتب التفسير منطلقه بأنه تتبع كتب التفسير التي رجع إليها الدكتور فوجد أنها
لم تزد عن أحد عشر تفسيراً, والمواضع التي رجع فيها إلى هذه التفاسير قليلة.
أقول: هذا الكلام غير دقيق, وليس دليلاً معتبراً على ما توصل إليه, ذلك أنه ما الذي يضير الباحث الذي رسم لنفسه
منهجاً يسير عليه أن يُقيد حدود بحثه في عدد من التفاسير يرى أنها من أجمع التفاسير وأكثرها عناية بذكر الخلاف, بل هي
كذلك-كما بيّنها الباحث في الحاشية-, كما أنَّ الباحث أيضاً قد قيّد بحثه بآيات الأحكام, وقد ذكر الدكتور في مقدمته أنّه
آثر الاختصار غير المخل على التطويل الممل.
ثم في قول الباحث إنّ المواضع التي رجع إليها الدكتور في هذه التفاسير قليلة, دعوى بدون دليل, ذلك أنّه لا يلزم الباحث
أن يذكر جميع المواضع التي رجع إليها في مصادره, هذا لا يقول به أحد, لكن حسبه أن يذكر المواضع التي نقل عنها أو
يحتاج إليها.
ثم إنّ مما ينبغي مراعاته أنّ الدكتور قد كتب بحثه في وقت لم تطبع فيه كثير من الكتب, فقد ناقش رسالته عام 1402هـ,
كذلك أنَّ موضوعه لم يُسبق إليه على سبيل الاستقلال, فهو بكر كما ذكر في مقدمته.
وأيضاً فإنَّ هذه الرسالة الجامعيّة قد خضعت لأشراف عالمٍ جليلٍ هو الشيخ/عبد الرزاق عفيفي رحمه الله, وقد أفاد منه
الدكتور كثيراً في بحثه كما ذكر, لذا فالتقليل مِن شأن هذه الرسالة غير مقبول.
وفي الختام أقول: إنّ الذي حملني على الإطالة في هذا الموضع: أن أذكّر نفسي وإخواني الباحثين أنّ مِن جميل أخلاق طالب
العلم أن لا يُقلل مِن جهود إخوانه ليُبرز جهده على حسابهم, بل الواجب عليه أن يُثني عليها خيراً-خاصة ما بذل فيها
جهد واضح وكان الباحث ممن عُرف بطلب العلم-, وأيضاً أن يُبين جوانب النقص التي سيكملها ويستدركها ويترك
القارئ يعرف ويُدرك ما تميّز به البحث عن غيره.
الرابعة: أنّ الباحث لم يستقصي الكتب التي أُلفت في موضوعه غير بحث الدكتور/سعود, فقد ألّف الأستاذ الدكتور/محمد بن
عبد الرحمن الشايع, كتاباً بعنوان: (أسباب اختلاف المفسرين) طبع في مكتبة العبيكان عام 1416هـ-كما أفادني شيخنا
الدكتور/عبد الرحمن الشهري, وفقه الله-, وأجده كتاباً مفيداً موجزاً-في 150 صفحة- قد أتى على أهم الأسباب ومثّل
لها, وقد ذكر المؤلفات في أسباب الاختلاف قبله, وهذا ما فات الباحث هنا.
ومع ذلك فإنّ الباحث -جزاه الله خيراً- زاد أشياء مفيدة ومهمة عليهما.
ب- ذكر الباحث أقوال الشيعة الإماميّة مع مصاف أقوال العلماء الكبار-علماء أهل السنة مِن المفسرين وغيرهم-, وأفرد لهم
أمثلة في بعض المباحث كما في ص (54, 63, 66), وفي نظري أنَّ الأولى عدم ذكر أقوالهم وآرائهم في مقام الاعتداد بها في
كتب أهل السنة؛ حتى لا يُشعر بأنها أقوال معتبرة, ذلك أنه كما لا يخفى أنه مذهب قائم على الهوى نسأل الله السلامة
والعافية, قال الدكتور/محمد حسين الذهبي رحمه الله: (فغالب ما في كتب الإماميّة الإثني عشرية في تأويل الآيات وتنزيلها،
وفي ظهر القرآن وبطنه، استخفاف بالقرآن والكريم، ولعب بآيات الذكر الحكيم, وإذا كان لهم في تأويل الآيات وتنزيلاتها
أغلاط كثيرة، فليس مِن المعقول أن تكون كلها صادرة عن جهل منهم، بل المعقول أنّ بعضها قد صدر عن جهل منهم,
والكثير منها صدر عمداً عن هوى ملتزم) (التفسير والمفسرون 2/30)
وأما أن يُذكر مذهبهم لبيان شُبهه والرد عليها فهذا لا إشكال فيه, والله أعلم.
ومما أُنبه عليه أنّه توجد عند الباحث بعض المسائل التي قد يُخالفه فيها غيره مِن العلماء, لكن هذا ما أداه إليه اجتهاده, ولا
عتْب عليه إن كان قد قال بقوله واختياره أحد مِن أهل العلم ممن سبق, والمقصود مِن هذه الكتابة تقييم الكتاب فحسب.
هذا ما يسّر الله تعالى تقييده خلال قراءتي وتصفحي لهذا الكتاب النافع, فإن وُفّقت فمِن الله, وإن أخطأت فمِن نفسي
والشيطان.
والله أسأل أن يرزقني والباحث والقارئ العلم النافع والعمل الصالح, وأن يهدينا للحق وإلى صراطه المستقيم بمنه وكرمه آمين.
وكتبه الفقير إلى عفو ربه/فهد بن عبد اللطيف الوصيفر
التعديل الأخير: