بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين..وعلى آله الطاهرين..ورضي الله تعالى عن صحابته
الكرام.
أما بعد....فإن من الآيات التي قصَر أهل العلم في توضيحها وشرح معانيها آية سورة النور55(
في هذه الآية الكريمة أحد عشرة فعلا منها ستة تعود لله سبحانه وهي(وعد،
ليستخلفنهم،استخلف،ليمكنن،ارتضى،ليبدلنهم) وخمسة تعود للذين آمنوا وهي(آمنوا،عملوا،يعبدونني،يشركون،كفر) فستة اكثر
من خمسة...فكأنما رب العزة يقول لعباده عليكم خمسة وعلي ستة...والخمسة التي تعملونها هينة بسيطة...أٌعطيكم عليها
عز الدنيا والآخرة!!!وانما قلت قصر أهل العلم لإن في الآية أمرا عظيما على أهل العلم ان يشرحوه ويٌشبعوه بحثا وتأصيلا
فإذا بهم يٌفسروا الآية بصفحة او صفحتين!!!
قلت ان في الآية أمر عظيم ألا وهو عبادة الله تعالى العبادة الصحيحة الخالية من أعظم الذنوب وهو الشرك...فما من ذنب
يحرص الشيطان ان يوقع ابن آدم فيه مثل الشرك لإنه يعلم ان الشرك من أعظم الذنوب ومن أعظم الظلم...فهذا عدونا قد
بارزنا ليوقعنا بالشرك أفلا نتسلح إليه بالعلم لكي لانقع بفخه...ومن العلم أن نهتم بهذه الآية ونفسرها بالقليل بعشرة صفحات
لا بصفحة او صفحتين!!!....والله تعالى أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...ذكروا في سبب نزول الآية(وعد الله الذين آمنوا...)النور55
ان رجلا من الصحابة سأل رسول الله اللهم صلِ عليه وآله قال-يارسول الله أبد الدهر
نحن خائفون هكذا اما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع عنا السلاح فقال رسول الله-(لن
تصبروا الا يسيرا حتى يجلس الرجل منكم في الملإ العظيم محتبيا ليست فيه حديدة)
والمقصود في الحديدة-السلاح لإنه يصنع من الحديد.
وقال بعض السلف-خلافة ابي بكر وعمر اللهم ارض عنهما حق في كتاب الله تعالى
ثم تلا هذه الآية...بل ان رواية عن الامام مالك قال عن الآية-نزلت في أبي بكر
وعمر...وفي رواية عن الضحاك-هذه الآية تتضمن خلافة ابي بكر وعمر وعثمان
وعلي...والى هذا القول ذهب ابن العربي في أحكامه واختاره وقال-قال علماؤنا هذه
الآية دليل على خلافة الخلفاء الاربعة وان الله تعالى استخلفهم ورضى امانتهم.....
واضاف القرطبي على هذا القول فقال-هذه الحال لم تختص بالخلفاء الاربعة...بل
شاركهم جميع المهاجرين بل وغيرهم...الا ترى الى إغزاء قريش المسلمين في أٌحد
وغيرها وخاصة الخندق......ثم ان الله تعالى رد الكافرين لم ينالوا خيرا وأمن المؤمنين
وأورثهم أرضهم وديارهم وأموالهم وهو المراد بقوله تعالى(ليستخلفنهم في الارض).
والله تعالى اعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين....اما بعد...ولابن عاشور في التحرير إلتفاتة لطيفة حيث قال- وجملة ( يعبدونني ) حال من ضمائر الغيبة المتقدمة ، أي : هذا الوعد جرى في حال عبادتهم إياي . وفي هذه الحال إيذان بأن ذلك الوعد جزاء لهم ، أي وعدتهم هذا الوعد الشامل لهم والباقي في خلفهم ; لأنهم يعبدونني عبادة خالصة عن الإشراك .
وعبر بالمضارع لإفادة استمرارهم على ذلك تعريضا بالمنافقين إذ كانوا يؤمنون ثم ينقلبون .
وجملة ( لا يشركون بي شيئا ) حال من ضمير الرفع في ( يعبدونني ) تقييدا للعبادة بهذه الحالة ; لأن المشركين قد يعبدون الله ولكنهم يشركون معه غيره . وفي هاتين الجملتين ما يؤيد ما قدمناه آنفا من كون الإيمان هو الشريطة في كفالة الله للأمة هذا الوعد .
والإشارة في قوله : ( بعد ذلك ) إلى الإيمان المعبر عنه هنا بـ يعبدونني لا يشركون بي شيئا والمعبر عنه في أول الآيات بقوله : وعد الله الذين آمنوا ، أي : ومن كفر بعد الإيمان وما حصل له من البشارة عليه ، فهم الفاسقون عن الحق .
وصيغة الحصر المأخوذة من تعريف المسند بلام الجنس مستعملة مبالغة للدلالة على أنه الفسق الكامل .
[ ص: 289 ] ووصف الفاسقين له رشيق الموقع ، ; لأن مادة الفسق تدل على الخروج من المكان من منفذ ضيق . )إنتهى قلت-ان هذه الآية شاملة للزمان وللمكان بمعنى انها تصدق على كل من جاء بشرطها ففي اي مكان وفي اي زمان يٌعبد الله تعالى ولايٌشرك به فإن الله سبحانه ينصر أهل التوحيد ويٌمكن لهم ويٌعزهم أبى من أبى ورضي من رضي.....لهذا من الممكن القول ان
هذه الآية صدقت على الصحابة اللهم أرض عنهم وصدقت على شيخ الاسلام ابن تيمية عندما حشَد الناس ودعاهم الى جهاد
المغول....وكذلك تصدق على دعوة الامام محمد بن عبد الوهاب عندما انتشرت دعوته في نجد وما حولها.....وفي تفاسير الشيعة
ان هذه الآية تشير الى الامام المهدي وهو صحيح لإنه سيدعو الى الدين الحق دين التوحيد فلا شك ان الآية ستصدق على المهدي
وأعوانه....والله تعالى أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...اما بعد...فيبدو ان العلامة الرازي قد أهتم بهذه الآية العظيمة
وأعطاها بعض ما تستحقه ولكم المهم من تفسيره للآية الكريمة(وعد الله.....)النور55
(اعلم أن تقدير النظم بلغ أيها الرسول وأطيعوه أيها المؤمنون، فقد وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات أي الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح أن يستخلفهم في الأرض فيجعلهم الخلفاء والغالبين والمالكين كما استخلف عليها من قبلهم في زمن داود وسليمان عليهما السلام وغيرهما، وأنه يمكن لهم دينهم وتمكينه ذلك هو أن يؤيدهم بالنصرة والإعزاز ويبدلهم من بعد خوفهم من العدو أمنا بأن ينصرهم عليهم فيقتلوهم ويأمنوا بذلك شرهم، فيعبدونني آمنين لا يشركون بي شيئا ولا يخافون {ومن كفر} أي من بعد هذا الوعد وارتد {فأولئك هم الفاسقون}.واعلم أن هذه الآية مشتملة على بيان أكثر المسائل الأصولية الدينية فلنشر إلى معاقدها:
المسألة الأولى: قوله تعالى: {وعد الله الذين ءامنوا منكم} يدل على أنه سبحانه متكلم لأن الوعد نوع من أنواع الكلام والموصوف بالنوع موصوف بالجنس، ولأنه سبحانه ملك مطاع والملك المطاع لا بد وأن يكون بحيث يمكنه وعد أوليائه ووعيد أعدائه فثبت أنه سبحانه متكلم. المسألة الثانية: الآية تدل على أنه سبحانه يعلم الأشياء قبل وقوعها خلافا لهشام بن الحكم، فإنه قال لا يعلمها قبل وقوعها ووجه الاستدلال به أنه سبحانه أخبر عن وقوع شيء في المستقبل إخبارا على التفصيل وقد وقع المخبر مطابقا للخبر ومثل هذا الخبر لا يصح إلا مع العلم. المسألة الثالثة: الآية تدل على أنه سبحانه حي قادر على جميع الممكنات لأنه قال: {ليستخلفنهم فى الارض وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا} وقد فعل كل ذلك وصدور هذه الأشياء لا يصح إلا من القادر على كل المقدورات. المسألة الرابعة: الآية تدل على أنه سبحانه هو المستحق للعبادة لأنه قال {يعبدوننى}، وقالت المعتزلة الآية تدل على أن فعل الله تعالى معلل بالغرض لأن المعنى لكي يعبدوني وقالوا أيضا الآية دالة على أنه سبحانه يريد العبادة من الكل، لأن من فعل فعلا لغرض فلا بد وأن يكون مريدا لذلك الغرض. المسألة الخامسة: دلت الآية على أنه تعالى منزه عن الشريك لقوله: {لا يشركون بى شيئا} وذلك يدل على نفي الإله الثاني، وعلى أنه لا يجوز عبادة غير الله تعالى سواء كان كوكبا كما تقوله الصابئة أو صنما كما تقوله عبدة الأوثان. المسألة السادسة: دلت الآية على صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لأنه أخبر عن الغيب في قوله: {ليستخلفنهم فى الارض وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا} وقد وجد هذا المخبر موافقا للخبر ومثل هذا الخبر معجز، والمعجز دليل الصدق فدل على صدق محمد صلى الله عليه وسلم . المسألة السابعة: دلت الآية على أن العمل الصالح خارج عن مسمى الإيمان، خلافا للمعتزلة لأنه عطف العمل الصالح عن الإيمان والمعطوف خارج عن المعطوف عليه.
المسألة الثامنة: دلت الآية على إمامة الأئمة الأربعة وذلك لأنه تعالى وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الحاضرين في زمان محمد صلى الله عليه وسلم وهو المراد بقوله ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وأن يمكن لهم دينهم المرضي وأن يبدلهم بعد الخوف أمنا، ومعلوم أن المراد بهذا الوعد بعد الرسول هؤلاء لأن استخلاف غيره لا يكون إلا بعده ومعلوم أنه لا نبي بعده لأنه خاتم الأنبياء، فإذن المراد بهذا الاستخلاف طريقة الإمامة ومعلوم أن بعد الرسول الاستخلاف الذي هذا وصفه إنما كان في أيام أبي بكر وعمر وعثمان لأن في أيامهم كانت الفتوح العظيمة وحصل التمكين وظهور الدين والأمن ولم يحصل ذلك في أيام علي رضي الله عنه لأنه لم يتفرغ لجهاد الكفار لاشتغاله بمحاربة من خالفه من أهل الصلاة فثبت بهذا دلالة الآية على صحة خلافة هؤلاء، فإن قيل الآية متروكة الظاهر لأنها تقتضي حصول الخلافة لكل من آمن وعمل صالحا ولم يكن الأمر كذلك.
نزلنا عنه، لكن لم لا يجوز أن يكون المراد من قوله: {ليستخلفنهم} هو أنه تعالى يسكنهم الأرض ويمكنهم من التصرف لا أن المراد منه خلافة الله تعالى ومما يدل عليه قوله: {كما استخلف الذين من قبلهم} واستخلاف من كان قبلهم لم يكن بطريق الإمامة فوجب أن يكون الأمر في حقهم أيضا كذلك.
نزلنا عنه، لكن ههنا ما يدل على أنه لا يجوز حمله على خلافة رسول الله لأن من مذهبكم أنه عليه الصلاة والسلام لم يستخلف أحدا وروي عن علي عليه السلام أنه قال أترككم كما ترككم رسول الله.
نزلنا عنه، لكن لم لا يجوز أن يكون المراد منه عليا عليه السلام والواحد قد يعبر عنه بلفظ الجمع على سبيل التعظيم كقوله تعالى: {إنا أنزلناه فى ليلة القدر} (القدر: 1) وقال في حق علي عليه السلام: {والذين * يقيمون الصلواة ويؤتون الزكواة وهم راكعون} (المائدة: 55) نزلنا عنه، ولكن نحمله على الأئمة الإثني عشر والجواب عن الأول أن كلمة من للتبعيض فقوله: {منكم} يدل على أن المراد بهذا الخطاب بعضهم وعن الثاني: أن الاستخلاف بالمعنى الذي ذكرتموه حاصل لجميع الخلق فالذكور ههنا في معرض البشارة لا بد وأن يكون مغايرا له. وأما قوله تعالى: {كما استخلف الذين من قبلهم} فالذين كانوا قبلهم كانوا خلفاء تارة بسبب النبوة وتارة بسبب الإمامة والخلافة حاصلة في الصورتين وعن الثالث: أنه وإن كان من مذهبنا أنه عليه الصلاة والسلام لم يستخلف أحدا بالتعيين ولكنه قد استخلف بذكر الوصف والأمر بالاختيار فلا يمتنع في هؤلاء الأئمة الأربعة أنه تعالى يستخلفهم وأن الرسول استخلفهم، وعلى هذا الوجه قالوا في أبي بكر يا خليفة رسول الله، فالذي قيل إنه عليه السلام لم يستخلف أريد به على وجه التعيين وإذا قيل استخلف فالمراد على طريقة الوصف والأمر وعن الرابع: أن حمل لفظ الجمع على الواحد مجاز وهو خلاف الأصل وعن الخامس: أنه باطل لوجهين: أحدهما: قوله تعالى: {منكم} يدل على أن هذا الخطاب كان مع الحاضرين وهؤلاء الأئمة ما كانوا حاضرين الثاني: أنه تعالى وعدهم القوة والشوكة والنفاذ في العالم ولم يوجد ذلك فيه فثبت بهذا صحة إمامة الأئمة الأربعة وبطل قول الرافضة الطاعنين على أبي بكر وعمر وعثمان وعلى بطلان قول الخوراج الطاعنين على عثمان وعل)...وهنا مسألة أرغب بالتساؤل
عنها وهي ان معنى الآية ان من يعبد الله تعالى وحده فإنه سبحانه يٌمكن له فإذا غيَر وبدل فإن الله تعالى يٌذله ويٌسلط عليه أعدائه وهذا نجده
كثيرا في التاريخ الاسلامي وقد دندن عليه سيد قطب رحمه الله تعالى كثيرا في الظلال حيث قال-لو رسمنا رسما بيانيا لتقدم المسلمين وعزتهم
مع مدى تمسكهم بدينهم وتوحيدهم سنجد ان عندما يتمسكون بدينهم فإنهم ينتصرون على أعدائهم ويتقدمون الامم والعكس بالعكس...انتهى.
وهذا نجده مثلا في سقوط الدوله العباسية...ففي رواية عن صاحب الموصل(وفي وقتها كان شبه مستقل عن الدولة)انه قد جاءه رسولان
في يوم واحد الاول من هولاكو قائد المغول ويٌريد شراء السلاح من الموصل....والثاني من الخليفة العباسي(قبل السقوط) وهو يطلب من
حاكم الموصل ان يٌرسل له بعض من أٌشتهر بالغناء!!!وهنا يقول حاكم الموصل-(فتيقنت ان بغداد ستسقط بيد هولاكو)!!!
فانظروا...ياكرام ان الخليفة العباسي قد أتخذ من هواه وشهواته آلها يعبده من دون الله تعالى.....فأذله الله سبحانه وسلط عليه هولاكو
فاعتبروا ياأٌولي الابصار.....والسلام عليكم.