مازن مطبقاني
New member
تسعى جامعتنا الحبيبة - جامعة الملك سعود - إلى تأكيد مكانتها وحضورها الدولي في أكثر من مجال ومن ذلك الحضور في المحافل الدولية من مؤتمرات وندوات ومحاضرات ودورات، ومن حق جامعتي عليّ أن أقدم شهادتي بأني ما طلبت الإذن لحضور مؤتمر إلاّ تمت الموافقة عليه عدا مؤتمرين فقط خلال السنوات الست الماضية.
ولكن هذا لا يكفي ففي الجامعة أساتذة لا يعرفون المؤتمرات ولا الندوات ولا الحضور الدولي سوى أن البحث عن مؤتمرات في دول سياحية أو جامعات تقبل أي نوعية من البحوث حتى لو كانت هزيلة -حضرت اثنين منها-وهم الذين أطلق عليهم الدكتور علي القرني في مقالته في رسالة الجامعة يوم السبت 8 جمادى الآخرة 1431هـ القوة الأولى، وركز في مقالته على القوة الثانية وهم طلاب الدراسات العليا. (1)
وأوافق الدكتور الرأي في أننا يجب أن نسعى إلى تشجيع طلاب الدراسات العليا وحثهم بل الاشتراط عليهم أن يحضروا مؤتمرات وندوات ويقدموا أوراقاً علمية في المحافل العلمية وكذلك النشر العلمي. ولكن الدكتور علي لم يفصل كثيراً في الوسائل التي تصل بنا إلى هذه المشاركة الفعالة. فأتساءل أولاً هل قام أعضاء هيئة التدريس الذين يتولون التدريس في الدراسات العليا بتدريب طلابهم وتعليمهم وتنويرهم لحضور المؤتمرات وكتابة البحوث لتنشر في مجلات علمية محكمة؟ ما زلت أذكر أحد زملائي وكان يدرس في جامعة أدنبرة بالمملكة المتحدة قد قدّم لهم أحد الأساتذة بعض التعليمات للحضور في المؤتمرات. ومن هذه النصائح أن الورقة التي تقدم في مؤتمر علمي يجب أن تلبي شروط البحث العلمي المحكم، كما تضمنت تلك الأوراق نصائح وتعليمات أخرى.
وعندما فكّرت في تقديم دورة في حضور المؤتمرات بحثت لدى الشيخ قوقل فوجدت عجباً من اهتمام الجامعات الغربية (الناطقة بالإنجليزية) بإعداد طلابها وأساتذتها لحضور المؤتمر حتى إن عدد الصفحات تجاوز المائة مليون صفحة. ومما وجدته مواد دراسية لطلاب الدراسات العليا عن تقديم بحوث وأوراق في المؤتمرات. كما أن هناك علماء غربيون قدموا دورات كاملة في فن حضور المؤتمرات وفوائد الحضور وما ينبغي أن يفيد منه الطالب أو الباحث من حضور المؤتمرات.
ولكني أتساءل أليس صحيحاً أن فاقد الشيء لا يعطيه؟ لن أسأل عن عدد المؤتمرات التي حضرها أساتذة الجامعة خلال عام وإن كان جميلاً أن تنشر كل كلية تقريرها السنوي –العلني-(كما تفعل مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن) فما نسبة حضور أساتذة الجامعة للمؤتمرات. مازلت أذكر أستاذاً في قسم التاريخ بجامعتنا (لم أكن قد التحقت بها يزعم أنه لم يحضر في حياته مؤتمراً واحداً حتى تم اختياره للمشاركة (حضوراً فقط) في المؤتمر الدولي الذي عقد في بودابست وكانت القضية سياسية أكثر منها علمية لدعم العلاقات بين المملكة والمجر بعد انهيار المعسكر الشيوعي وكان ذلك عام 1997م.
إن الاهتمام بطلاب الدراسات العليا يجب أن يرافقه ويزامنه اهتمام بحضور أعضاء هيئة التدريس للمؤتمرات العالمية الجادة القوية. وأود أن أذكر بعض النماذج عن غيابنا الكلي عن هيئات ومؤسسات عالمية مثل: رابطة علماء آسيا، وأزعم أنه لم يشارك فيها أستاذ سعودي واحد منذ نشأتها وهي رابطة عالمية قوية وقد عقدت مؤتمرها الأخير في المدينة العلمية الأكاديمية الثقافية دايجون في وسط كوريا الجنوبية، ولو سألت عن حضورنا في مراكز التفكير Think Tanks حول العالم مثل بروكنجز وكارينجي وغيرها لكان حضورنا قريباً من الصفر.
وليت الدكتور علي فصّل في مسألة حضور القوة الأولى( أعضاء هيئة التدريس) بأن حضور المؤتمر ليس مجرد تقديم ورقة في جلسة بطريقة مملة تتمثل في قراءة الورقة بطريقة بعيدة عن التأثير –ليس كل قراءة سيئة- أو عدم التفاعل مع الباحثين الآخرين. بل إن البعض يحضر الجلسة الافتتاحية وربما الحفلات ثم يقدم ورقته ويأتي في اليوم الختامي لتسلم شهادة الحضور وقد فعلها أحد الأساتذة أمامي، وأما الآخر فقد طلب مني أن أبعث لهم ورقة التوصيات لأنه كان يمارس السياحة والتسوق وحتى عندما أرسلتها له لم يكلف نفسه حتى بتقديم الشكر وكأنني أحد موظفيه. وقد ذكر الدكتور محمد الربيّع –وكيل جامعة الإمام سابقا- في كتاب نشرته جامعة الإمام عن البحث العلمي وكيفية أو مأساة حضور كثير من أعضاء هيئة التدريس السعوديين في المؤتمرات. – هل فعل شيئاً لإصلاح ذلك عندما كان مسؤولا؟_
نحن بحاجة إلى حضور المحافل الدولية ولكني أزعم أن حضورنا الحالي في مجال العلوم الاجتماعية ضعيف وهزيل ولا يكاد يكون له قيمة تذكر لأننا نفتقد القدرة على فهم حقيقة المؤتمرات والندوات وأهميتها.
وأعود إلى القوة الثانية وهم طلاب الدراسات العليا فأرجو أن تتضمن الدراسة وربما ضمن مادة مناهج البحث العلمي كتابة بحث ينشر في مجلة علمية محكمة وحضور مؤتمر أو أكثر قبل الحصول على الدكتوراه. ولنبدأ في تهيئة الأجواء والفرص للطلاب في جامعاتنا فكم ندوة أو مؤتمر عقد أي قسم من أقسام الجامعة في الكليات الأدبية أو الاجتماعية في السنوات الماضية وطلب من طلاب الدراسات العليا أن يقدموا بحوثاً فيها. (في الجامعات الغربية طلاب الدراسات العليا هم الذين يقومون بمعظم العمل في تنظيم مؤتمرات أقسامهم) وقد حضرت مؤتمرات في مؤسسات وهيئات غربية (مثلاً: الرابطة الألمانية لدراسات الشرق الأوسط المعاصرة والتوثيق قدم طلاب الدراسات العليا أكثر من خمسين في المائة من البحوث مما أزعج الأساتذة القدماء ) ولنبدأ بأن يكون لكل قسم ندوة كل أسبوعين (لا أقول أسبوعياً حتى لا يهرب الأساتذة قبل الطلاب مع أن بعض الجامعات الأمريكية لها ندوة أسبوعية تسمى ندوة الكيس البني- يحضر كل واحد ومعه غداءه في كيس) ثم لا بد أن يكون لكل قسم ندوة سنوية داخلية ومؤتمر دولي كل عامين أو ثلاثة.
وفي الختام أشكر الدكتور علي على تناوله هذه الموضوع الحيوي والمهم وأشير إلى اقتراح قدمته لعمادة التطوير لعقد دورات عن حضور المؤتمرات وأزعم أنها الدورة الأولى في الجامعات السعودية إن لم يكن العربية على الإطلاق فلماذا لا تأخذ تلك العمادة المبادرة؟ والله ولي التوفيق.
ـــ الحواشي ــــ
(1) كان عنوان مقالتي عند نشرها (وحتى القوة الأولى أين هي يا دكتور علي؟) ثم عدلتها هنا في الملتقى إلى العنوان المكتوب مراعاة للملتقى .
ولكن هذا لا يكفي ففي الجامعة أساتذة لا يعرفون المؤتمرات ولا الندوات ولا الحضور الدولي سوى أن البحث عن مؤتمرات في دول سياحية أو جامعات تقبل أي نوعية من البحوث حتى لو كانت هزيلة -حضرت اثنين منها-وهم الذين أطلق عليهم الدكتور علي القرني في مقالته في رسالة الجامعة يوم السبت 8 جمادى الآخرة 1431هـ القوة الأولى، وركز في مقالته على القوة الثانية وهم طلاب الدراسات العليا. (1)
وأوافق الدكتور الرأي في أننا يجب أن نسعى إلى تشجيع طلاب الدراسات العليا وحثهم بل الاشتراط عليهم أن يحضروا مؤتمرات وندوات ويقدموا أوراقاً علمية في المحافل العلمية وكذلك النشر العلمي. ولكن الدكتور علي لم يفصل كثيراً في الوسائل التي تصل بنا إلى هذه المشاركة الفعالة. فأتساءل أولاً هل قام أعضاء هيئة التدريس الذين يتولون التدريس في الدراسات العليا بتدريب طلابهم وتعليمهم وتنويرهم لحضور المؤتمرات وكتابة البحوث لتنشر في مجلات علمية محكمة؟ ما زلت أذكر أحد زملائي وكان يدرس في جامعة أدنبرة بالمملكة المتحدة قد قدّم لهم أحد الأساتذة بعض التعليمات للحضور في المؤتمرات. ومن هذه النصائح أن الورقة التي تقدم في مؤتمر علمي يجب أن تلبي شروط البحث العلمي المحكم، كما تضمنت تلك الأوراق نصائح وتعليمات أخرى.
وعندما فكّرت في تقديم دورة في حضور المؤتمرات بحثت لدى الشيخ قوقل فوجدت عجباً من اهتمام الجامعات الغربية (الناطقة بالإنجليزية) بإعداد طلابها وأساتذتها لحضور المؤتمر حتى إن عدد الصفحات تجاوز المائة مليون صفحة. ومما وجدته مواد دراسية لطلاب الدراسات العليا عن تقديم بحوث وأوراق في المؤتمرات. كما أن هناك علماء غربيون قدموا دورات كاملة في فن حضور المؤتمرات وفوائد الحضور وما ينبغي أن يفيد منه الطالب أو الباحث من حضور المؤتمرات.
ولكني أتساءل أليس صحيحاً أن فاقد الشيء لا يعطيه؟ لن أسأل عن عدد المؤتمرات التي حضرها أساتذة الجامعة خلال عام وإن كان جميلاً أن تنشر كل كلية تقريرها السنوي –العلني-(كما تفعل مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن) فما نسبة حضور أساتذة الجامعة للمؤتمرات. مازلت أذكر أستاذاً في قسم التاريخ بجامعتنا (لم أكن قد التحقت بها يزعم أنه لم يحضر في حياته مؤتمراً واحداً حتى تم اختياره للمشاركة (حضوراً فقط) في المؤتمر الدولي الذي عقد في بودابست وكانت القضية سياسية أكثر منها علمية لدعم العلاقات بين المملكة والمجر بعد انهيار المعسكر الشيوعي وكان ذلك عام 1997م.
إن الاهتمام بطلاب الدراسات العليا يجب أن يرافقه ويزامنه اهتمام بحضور أعضاء هيئة التدريس للمؤتمرات العالمية الجادة القوية. وأود أن أذكر بعض النماذج عن غيابنا الكلي عن هيئات ومؤسسات عالمية مثل: رابطة علماء آسيا، وأزعم أنه لم يشارك فيها أستاذ سعودي واحد منذ نشأتها وهي رابطة عالمية قوية وقد عقدت مؤتمرها الأخير في المدينة العلمية الأكاديمية الثقافية دايجون في وسط كوريا الجنوبية، ولو سألت عن حضورنا في مراكز التفكير Think Tanks حول العالم مثل بروكنجز وكارينجي وغيرها لكان حضورنا قريباً من الصفر.
وليت الدكتور علي فصّل في مسألة حضور القوة الأولى( أعضاء هيئة التدريس) بأن حضور المؤتمر ليس مجرد تقديم ورقة في جلسة بطريقة مملة تتمثل في قراءة الورقة بطريقة بعيدة عن التأثير –ليس كل قراءة سيئة- أو عدم التفاعل مع الباحثين الآخرين. بل إن البعض يحضر الجلسة الافتتاحية وربما الحفلات ثم يقدم ورقته ويأتي في اليوم الختامي لتسلم شهادة الحضور وقد فعلها أحد الأساتذة أمامي، وأما الآخر فقد طلب مني أن أبعث لهم ورقة التوصيات لأنه كان يمارس السياحة والتسوق وحتى عندما أرسلتها له لم يكلف نفسه حتى بتقديم الشكر وكأنني أحد موظفيه. وقد ذكر الدكتور محمد الربيّع –وكيل جامعة الإمام سابقا- في كتاب نشرته جامعة الإمام عن البحث العلمي وكيفية أو مأساة حضور كثير من أعضاء هيئة التدريس السعوديين في المؤتمرات. – هل فعل شيئاً لإصلاح ذلك عندما كان مسؤولا؟_
نحن بحاجة إلى حضور المحافل الدولية ولكني أزعم أن حضورنا الحالي في مجال العلوم الاجتماعية ضعيف وهزيل ولا يكاد يكون له قيمة تذكر لأننا نفتقد القدرة على فهم حقيقة المؤتمرات والندوات وأهميتها.
وأعود إلى القوة الثانية وهم طلاب الدراسات العليا فأرجو أن تتضمن الدراسة وربما ضمن مادة مناهج البحث العلمي كتابة بحث ينشر في مجلة علمية محكمة وحضور مؤتمر أو أكثر قبل الحصول على الدكتوراه. ولنبدأ في تهيئة الأجواء والفرص للطلاب في جامعاتنا فكم ندوة أو مؤتمر عقد أي قسم من أقسام الجامعة في الكليات الأدبية أو الاجتماعية في السنوات الماضية وطلب من طلاب الدراسات العليا أن يقدموا بحوثاً فيها. (في الجامعات الغربية طلاب الدراسات العليا هم الذين يقومون بمعظم العمل في تنظيم مؤتمرات أقسامهم) وقد حضرت مؤتمرات في مؤسسات وهيئات غربية (مثلاً: الرابطة الألمانية لدراسات الشرق الأوسط المعاصرة والتوثيق قدم طلاب الدراسات العليا أكثر من خمسين في المائة من البحوث مما أزعج الأساتذة القدماء ) ولنبدأ بأن يكون لكل قسم ندوة كل أسبوعين (لا أقول أسبوعياً حتى لا يهرب الأساتذة قبل الطلاب مع أن بعض الجامعات الأمريكية لها ندوة أسبوعية تسمى ندوة الكيس البني- يحضر كل واحد ومعه غداءه في كيس) ثم لا بد أن يكون لكل قسم ندوة سنوية داخلية ومؤتمر دولي كل عامين أو ثلاثة.
وفي الختام أشكر الدكتور علي على تناوله هذه الموضوع الحيوي والمهم وأشير إلى اقتراح قدمته لعمادة التطوير لعقد دورات عن حضور المؤتمرات وأزعم أنها الدورة الأولى في الجامعات السعودية إن لم يكن العربية على الإطلاق فلماذا لا تأخذ تلك العمادة المبادرة؟ والله ولي التوفيق.
ـــ الحواشي ــــ
(1) كان عنوان مقالتي عند نشرها (وحتى القوة الأولى أين هي يا دكتور علي؟) ثم عدلتها هنا في الملتقى إلى العنوان المكتوب مراعاة للملتقى .